تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الرد على من أبطل الشرائع بدعوى الضرر والضرار والرد على الدروز والنجدية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2025
    المشاركات
    81

    افتراضي الرد على من أبطل الشرائع بدعوى الضرر والضرار والرد على الدروز والنجدية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذا شىء كتبته فى مسألة في الزرع بغير إذن صاحب الأرض من الرد على ابن أبى شيبة فى رده على أبى حنيفة وقد احتج أحمد بن حنبل رحمه الله ومن أخذ بقوله فى هذه المسألة على قول عامة أهل العلم بالنهى عن الضرر والضرار ولم يكن فى الذى احتجوا به حجة ونقلت كلام الشافعى ومن وافقه من أهل العلم وذكرت احتجاج الدروز فى استحلالهم الزنا على المسلمين بالنهى عن الضرر والضرار والحث على العدل والإنصاف وموافقة النجدية إياهم وخلافهم للمسلمين. ثم أعدت نشره هنا للفائدة.

    قال الشافعى رحمه الله: "ولو اغتصبه أرضا فغرسها نخلا أو أصولا أو بنى فيها بناء أو شق فيها أنهارا كان عليه كراء مثل الأرض بالحال الذي اغتصبه إياها وكان على الباني والغارس أن يقلع بناءه وغرسه فإذا قلعه ضمن ما نقصَ القلعُ الأرضَ حتى يرد إليه الأرض بحالها حين أخذها ويضمن القيمة بما نقصها. قال: وكذلك ذلك في النهر وفي كل شيء أحدثه فيها لا يكون له أن يثبت فيها عرقا ظالما وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «ليس لعرق ظالم حق» ولا يكون لرب الأرض أن يملك مال الغاصب، ولم يُمَلِّكْه إياه كان ما يَقْلَعُ الغاصبُ منه ينفعه أو لا ينفعه؛ لأن له منع قليل ماله كما له منع كثيره، وكذلك لو كان حفر فيها بئرا كان له دفنها وإن لم ينفعه الدفن وكذلك لو غصبه دارا فزوقها كان له قلع التزويق وإن لم يكن ينفعه قلعه، وكذلك لو كان نقل عنها ترابا كان له أن يرد ما نقل عنها حتى يوفيه إياها بالحال التي غصبه إياها عليها لا يكون عليه أن يترك من ماله شيئا ينتفع به المغصوب كما لم يكن على المغصوب أن يبطل من ماله شيئا في يد الغاصب.
    فإن تأول رجل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا ضرر ولا ضرار» فهذا كلام مجمل لا يحتمل لرجل شيئا إلا احتمل عليه خلافه، ووجهه الذي يصح به: أن لا ضرر في أن لا يحمل على رجل في ماله ما ليس بواجب عليه، ولا ضرار في أن يمنع رجل من ماله ضررا ولكل ما له وعليه. فإن قال قائل: بل أحدث للناس في أموالهم حكما على النظر لهم، وأمنعهم في أموالهم على النظر لهم قيل له - إن شاء الله تعالى - أرأيت رجلا له بيت يكون ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع في دار رجل له مقدرة أعطاه به ما شاء مائة ألف دينار أو أكثر وقيمة البيت درهم أو درهمان، وأعطاه مكانه دارا مع المال أو رقيقا هل يجبر على النظر له أن يأخذ هذا الكثير بهذا القليل؟ أو رأيت رجلا له قطعة أرض بين أراضي رجل لا تساوي القطعة درهما فسأله الرجل أن يبيعه منها ممرا بما شاء من الدنيا هل يجبر على أن يبيع ما لا ينفعه بما فيه غناه؟ أو رأيت رجلا صناعته الخياطة فحلف رجل أن لا يستخيط غيره ومنعه هو أن يخيط له فأعطاه على ما الإجارة فيه درهم مائة دينار أو أكثر أيجبر على أن يخيط له؟ .
    أو رأيت رجلا عنده أمة عمياء لا تنفعه أعطاه بها ابن لها بيت مال هل يجبر على أن يبيعها؟ فإن قال لا يجبر واحد من هؤلاء على النظر له. قلنا: وكل هؤلاء يقول إنما فعلت هذا إضرارا بنفسي وإضرارا للطالب إلي حتى أكون جمعت الأمرين فإن قال، وإن أضر بنفسه وضار غيره فإنما فعل في ماله ما له أن يفعل. قيل: وكذلك حافر البئر في أرض الرجل والمزوق جدار الرجل وناقل التراب إلى أرض الرجل إنما فعل ما له أن يفعل ومنع ما له أن يمنع من ماله" (الأم 3/255)

    والذى قال الشافعى فى تأويل ما يُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: «لا ضرر ولا ضرار» كما قال إن شاء الله ومعناه أن لا يجوز لأحد أن يمنع غيره من حقه لأن هذا ضرر محرم وإذا أضر أحد بغيره فليس لمن وقع عليه الضرر أن يرجع على المضار له بأكثر من حقه لأنه هذا هو الضرار. فلو أن رجلا مات وترك ابنين أحدهما غنى والآخر فقير غارم فالميراث بينهما نصفان فإن قال الفقير أنا محتاج إلى المال وأخى غنى عنه فزيدونى فى نصيبى لأسد دينى وأدفع حاجتى قيل له ليس ذلك لك وهذا الضرر الذى نهى عنه الله ورسوله ولو أن الغنى قال إنى لغنى عن هذا المال وما لى به حاجة إلا أنى أحب أن أغيظك لم يجبر على دفع شىء من نصيبه إليه.

    وقد حرم الله تبارك تعالى قتل النفس التى حرم إلا بالحق ثم أجاز لولى المقتول ظلما أن يقتل قاتله فقال سبحانه: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}

    فلو أن رجلا صالحا اختصم مع رجل فاسق له ابن فاسق بينه وبين أبيه خصومة وعداوة فقتله الصالح ظالما ثم تاب وندم وسأل الفاسقَ ابنَ الرجل الفاسق أن يعفو عنه وأشار عليه أهل العلم والصلاح أن يعفو عنه لفضل العفو ولما فيه من المصلحة فأبى الابن الفاسق أن يعفو عنه وقال لم أكن أشد فرحا منى بقتل أبى للعداوة التى كانت بينى وبينه وإنى لأعلم أن خيرا لى أن أعفو عنه ولكنى أحب أن أراه يقتل فإن ذلك له ولا يملك أحد أن يجبره على العفو لأن الله قد جعل له أن يقتل القاتل بدم أبيه ولو كان بينه وبين أبيه عداوة.

    وفى قول من أجاز الصلح على الدم بأكثر من الدية أن الابن الفاسق لو قال للقاتل إنى ليس بى حاجة إلى قتلك ولقد كنت أشد حرصا منك على قتل أبى ولكنك سبقتنى إليه غير أنى لا أعفو عنك إلا أن تعطينى كذا وكذا وسمى مالا عظيما يبلغ ديات فإن أديته إلى عفوت عنك وإلا قتلتك فلم يقدر القاتل على أدائه فإن لولى المقتول أن يقتله. وليس فى شىء من هذا ضرر ولا ضرار.

    ولكن لو منعه السلطان من قتل قاتل أبيه للمصلحة كان ذلك عين الضرر لأنه منعه حقا قد أعطاه الله سبحانه وتعالى إياه.

    وقد أجمع أهل العلم على أن الرجل إذا أدى لامرأته حقها من المهر والنفقة والجماع فإن له أن يمسكها ويحبسها لنفسه على ما أحبت وكرهت ولو كان أبغض الناس إليها ولو بذلت له كل أموال الدنيا ولا يملك أن يفتكها منه أب ولا ولى ولا سلطان لقول الله تبارك وتعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} وقال سبحانه: {فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} وقال عز وجل: {فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} وقال: {أمسك عليك زوجك} وقال: {وبعولتهن أحق بردهن} ومعنى الإمساك أن المرأة إذا أرادت أن تفارق وأراد الرجل حبسها لنفسه فذلك له كما قال الله تعالى فى الزانيات: {فأمسكوهن فى البيوت} يعنى فاحبسوهن فإن أردن أن يخرجن لم يملكن ذلك حتى تخرجوهن.

    وكل هذا مما أجمع عليه أهل العلم وأجمعوا أن الطلاق والخلع حق الرجل لأن الله تبارك وتعالى خاطبه بالطلاق والخلع ولم يخاطبها بشىء من ذلك فقال: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} وقال: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء} وقال: {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} فهذا فى الطلاق وقال فى الخلع: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله} ولم يقل: ولا يحل لكن.

    ولهذا قال أهل العلم إن للرجل أن يخلع امرأته بغير علمها وبغير رضاها كما له أن يطلقها بغير علمها وبغير رضاها وهذا قول مالك والشافعى وأحمد وأبى حنيفة وعامة أهل العلم وكذلك أقول. فإذا كان الرجل مبغضا لامرأته وهو يؤدى إليها حقها وكانت مبغضة له ناشزة عليه مريدة فراقه باذلة له أضعاف مهرها على فراقه إياه وهو ممتنع عن الفراق حابس لها على نفسه ليغيظها بذلك فإن ذلك حلال جائز ولا يملك أحد أن يجبره على فراقها وهذا كله إجماع أهل العلم لا يختلفون فى ذلك.

    قال الشافعى: "وهكذا زوجته لو كانت ناشزة منه عاصية له عظيمة البهتان وترميه بالقذف قد سقته سما لتقتله وضربته بالحديد لتقتله فأفلت من ذلك وبقيت ممتنعة منه وامتنع من فراقها إضرارا لها، ثم مات فأوصى لها لم تجز وصيته؛ لأنها وارث" (الأم 4/119)

    ومعنى قوله: "وامتنع من فراقها إضرارا لها" أنه لما علم أنها تكرهه وتحب غيره وتريد أن تنكحه أمسكها لنفسه ليغيظها ببقائها محبوسة على رجل تكرهه وممنوعة من رجل تحبه.

    قال الشافعى: "فمن ذلك من ملك زوجة سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عليه أن يخيرها في المقام معه أو فراقها له وله حبسها إذا أدى إليها ما يجب عليه لها وإن كرهته وأمر الله عز وجل رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخير نساءه فقال {قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها} إلى قوله {أجرا عظيما}" (الأم 5/150)
    وقد كان خيار نساء النبى صلى الله عليه وسلم مرة واحدة.

    قال الشافعى: "وإن خلع أبو الصبي أو المعتوه أو وليه عنه امرأته أو أبا امرأته فالخلع باطل والنكاح ثابت، وما أخذا من المرأة أو وليها على الخلع فهو مردود كله وهي امرأته بحالها وكذلك إن كان مغلوبا على عقله أو غير بالغ فخالع عن نفسه فهي امرأته بحالها، وكذلك سيد العبد إن خالع عن عبده بغير إذنه لأن الخلع طلاق فلا يكون لأحد أن يطلق عن أحد أب ولا سيد ولا ولي ولا سلطان إنما يطلق المرء عن نفسه أو يطلق عليه السلطان بما لزمه من نفسه إذا امتنع هو أن يطلق وكان ممن له طلاق وليس الخلع من هذا المعنى بسبيل" (الأم 5/214)

    قال ابن القاسم صاحب مالك: "في المرأة الناشز تقول: لا أصلي ولا أصوم ولا أتطهر من جنابة فلا يجبر الزوج على فراقها وإن شاء سافر وحل له ما أخذ منها مما قل أو كثر" (النوادر والزيادات 5/256)

    قال الخلال: "أخبرني الحسن بن الهيثم أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم قال: سئل أبو عبد الله عن رجل يهودي وتحته يهودية أسلم الزوج؟
    قال: هذا تكون امرأته. قيل له: فإن أبت؟ قال: يضرب رأسها" (أحكام أهل الملل 258)

    قال حرب: "سألت أحمد، قلت: رجل زوج بنته، وهي صغيرة، فلما أدركت قالت: لا أرضى. قال: ليس لها ذلك.
    وسئل إسحاق عن رجل زوج بنته، وهي صغيرة بكر، فلم ترض، وصاحت وضجت حتى سمع الجيران صراخها؟
    قال: إذا زوجها الأب وهي بكر جاز عليها رضيت أم كرهت، وإن كانت ثيبا فزوجها الأب، فإنه لا يجوز إلا برضاها واستئمارها" (مسائل حرب 40)

    فإذا كان الأب إذا زوجها وهى صغيرة لم ترض لم تملك أن تفارق إذا بلغت وكان النكاح صحيحا عند عامة أهل العلم فكيف بالبالغة التى نكحت برضاها؟

    قال عبد الله: "سألت أبي عن جارية زوجها أبوها وهي صغيرة، فلما كبرت تزوجت زوجا آخر؟
    فقال: يفرق بينهما، وترد إلى الذي زوجها أبوها.
    قلت لأبي: فإن كان دخل بها؟
    قال: لها المهر مما استحل من فرجها.
    قلت لأبي: فإن كان ولدت منه؟
    قال: يلزمه الولد، قال: وترد إلى زوجها الأول" (مسائل عبد الله 1189)

    قال صالح: "قلت: الرجل يزوج ابنه وهو صغير، فإذا كبر قال: لا أريد؟
    قال: ليس له ذاك، عقد الأب عليه عقد.
    قلت: فالجارية الصغيرة يزوجها أبوها؟
    قال: ليس بين الناس في هذا اختلاف؛ ليس لها أن ترجع" (مسائل صالح 1175)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2025
    المشاركات
    81

    افتراضي رد: الرد على من أبطل الشرائع بدعو الضرر والضرار والرد على الدروز والنجدية

    وقد خالف المسلمين فى أنكحتهم الدروز الكفرة الفجرة وأخذ بقولهم النجدية وقالوا ليس بين المرأة وزوجها عقد يلزمها وإنما هى بمنزلة الزانية واحتجوا بالنهى عن الضرر والضرار وهذا الحديث لا يثبت بسند متصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح موقوفا عن بعض الصحابة. واعلم أن أهل العلم لا يستعملون هذا الحديث إلا فى مسائل قليلة جدا كبعض مسائل القسمة ومسائل ليس فيها نص من كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول متقدم عمل به أهل العلم.

    وقد غلا بعض الناس فى الأخذ بهذا الحديث جدا حتى أنكر الشرائع لأنها بزعمه تضر بالناس ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    فيقال لهؤلاء الجهلة أتباع حمزة بن على لعنه الله وملأ قبره نارا وجعله فى الدرك الأسفل من النار: إن الذى زعمتم من احتجاجكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كما زعمتم وإنما الضرر أن تمنع غيرك من حقه فإذا نشزت المراة على زوجها وأرادت فراقه فهى مانعة إياه حقه فى إمساكها وهذا هو الضرر وله أن يدفع عن نفسه الضرر بأن يضربها على نشوزها حتى تمتنع عن سؤاله الطلاق وله أن يمسكها لنفسه على ما أحبت وكرهت.

    فإن احتج باطنى قرمطى درزى جاهل بقول الله تبارك وتعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} فقال إن الله قد أمر عند الشقاق ببعث الحكمين وقد قال بعض أهل العلم إن للحكمين أن يطلقا بغير رضا من الزوج ولهما أن يأخذا من مال المرأة لزوجها بغير رضا منها.

    قيل له إن شاء الله تعالى إنما الشقاق أن يَدَّعِىَ الرجل على امرأته أنها تظلمه وتفترى عليه ولا تطيعه فى ما أوجب الله سبحانه له عليها ويأبى أن يعفو عنها و يسألُ السلطانَ أن يوفيه حقه منها وليس معه بينة على ظلمها إياه ولا يكون شقاقا أيضا حتى تدعى المرأة كذلك على زوجها أنه يظلمها ويضربها ويفترى عليها ويمنعها حقها سوى النفقة والوطء وليس معها بينة على ظلمه إياها وتأبى أن تعفو عنه وتسألُ السلطانَ أن يوفيها حقها منه فحينئذ يبعث الحكمين ليجتهدا فى معرفة الظالم منهما من المظلوم فإن كان الزوج ظالما سألاه أن يرجع عن ظلمه فإن أبى فرقا بينه وبينه وإن كانت هى الظالمة خَيَّرَاه بين أن يمسكها على نشوزها أو يأخذا له من مالها ويفرقا بينهما. وهذا كله سوى التفريق بغير إذن الزوجين قول عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وعبد الله بن عباس وشريح وسعيد ين جبير وهو قول مالك وأصحابه والشافعى وأصحابه وأحمد وأصحابه وأبى حنيفة وأصحابه والطحاوى وابن جرير الطبرى وابن قدامة ولا أعلم فيه خلافا بين أهل العلم.

    فإن كان مع أحد الزوجين بينة أو أقر صاحبه بظلمه لم يُبعث الحكمان وقُضى لصاحب البينة ببينته ولا تملك المرأة الطلاق للضرر خلافا لابن الهندى وخليل.

    وإن ادعى الرجل ولم تدع المرأة أو ادعت على زوجها لكنها عفت عنه ولم تسأل حقها لم يبعث السلطان حكمين وقيل له إن كانت ناشزة عليك كما تقول فلك أن تضربها ضربا غير مبرح.

    وإن ادعت المرأة ولم يدع الرجل أو ادعى عليها لكنه عفا عنها ورضى أن يمسكها على نشوزها لم يبعث السلطان حكمين. فإن تكررت دعوى المرأة الضرر فإن الفقهاء يقولون إن السلطان يسكنهما بجوار قوم صالحين ليعرفوا حالهما أو يجعل معهما أمينة فإذا تبين أن الرجل ظالم لها عزره ونهاه عن ظلمه وأجبره أن يوفيها حقها ولا يملك أن يطلق عليه وإنما ذلك بيد الحكمين عند من قال بذلك. وإن كانت المرأة هى الظالمة عزرها لكذبها على زوجها وترد إليه صاغرة ذليلة.

    وإذا قال الرجل إنى أكره امرأتى وأريد ما أعطيتها من المال لأفارقها لم يلتفت إليه السلطان وقيل له إن النكاح عقد قد لزمك فى مالك فلا يدفعه عنك بغضك امرأتك فإن شئت أمسكت وإن شئت طلقت ولم تأخذ من مالها شيئا.

    وإذا قالت المرأة إنى أكره زوجى وأريد فراقه وأرد إليه ماله قيل لها إن النكاح عقد قد لزمك فى نفسك فلا يدفعه عنك بغضك زوجك ولا تملكين أن تفارقيه ولو كان أبغض الناس إليك. وهذا فرق ما بين المنكوحة والزانية وذلك أن النكاح عقد يلزم المرأة فى نفسها فلا تملك أن تفارق أبدا والزانية ليس بينها وبين خدنها عقد فتقيم معه متى شاءت وتفارقه إذا كرهته.

    وإذا قالت المرأة إن زوجى أضر بى ضررا لا أعرفه أو لا يوصف أو شيئا من هذه السفاهات أو قالت إن أباه أو أمه أو إخوته أو أبناءه قد أضروا بى لم يكن على زوجها فى كل ذلك شىء لأنه إما أضر بها غيره أو أنها ادعت ضررا غير موجود كمن قال لى على فلان مال لا أدرى كم هو ولا كيف صار لى عليه.

    والنجدية يتأولون قول الله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} فيقولون معناه: إذا أرادت المرأة الطلاق فابعثوا اثنين للتطليق.

    وهذه سفاهة منكرة وقرمطة ظاهرة وتحريف لكلام الله سبحانه وتعالى وزعمهم أن له باطنا يخالف ما علمه المسلمون من ظاهره وهذا صنيع الباطنية من القرامطة والإسماعيلية والدروز نعوذ بالله من صنيعهم.

    قال الملحد الكافر حمزة بن على رأس الدروز عليه لعنة الله: "فيجب أن يعلموا ساداتي أن شروط الرضى والتسليم ليس تجرى مجرى غيرها من الزواج. لأن الرضى والتسليم شيء من أمور الباري سبحانه فمن نقضها فقد خالف أمر مولانا جل ذكره. والذع توحيه شروط الديانة أنه إذا تسلم أحد الموحدين بعض أخواته الموحدات فيساويها بنفسه؛ وينصفها من جميع ما في يده. فإن أوجب الحال‏ فرقة بينهم فأيهم كان المتعدى على الآخر فإن كانت المرأة خارجة عن طاعة زوجها وعلم أن فيه القوة والإنصاف لها وكان لا بد للمرأة من فرقة الرجل فله من جميع ما تملكه النصف إذا عرفوا الثقات تعديها عليه وإنصافه لها. وإِن عرفوا الثقات أنه محيف عليها وخرجت من تحت ضرورة خرجت بجميع ما تملکه وليس له معها شيء في مالها. وإن كانت هى المخالفة له وليس تدخل من تحت طريقته فله النصف من جميع ما تملكه ولو أنه ثوبها الذي في عنقها. وإن اختار الرجل فرقتها باختياره بلا ذنب لها إليه فلها النصف من كل ما يملكه من ثوب ورحل وفضة وذهب ودواب وما حاطته يده لموضع الإنصاف والعدل.
    فليتحققوا السادة هذه المكاتبة ويعملوا بها وبهذا الشرط. فهكذا يجرى الحال بالعدل والإنصاف"

    وسبب ذلك أن حمزة الملعون نظر إلى أنكحة المسلمين فرأى أنها عقود ملك يملك فيها الرجل بضع امرأته فلا تملك أن تفارقه فيكون المهر عليه والطلاق والخلع بيده فاستقبح ذلك قبحه الله وأراد أن يسوى بين الرجل والمرأة فجعل الفرقة بيدها كهى بيده لأن هذا عنده هو العدل والإنصاف فبطل أن يكون النكاح عقدا ولهذا قال هذا الملعون: "أن شروط الرضى والتسليم ليس تجرى مجرى غيرها من الزواج" يعنى أن الزواج ليس بعقد لازم يلزم المرأة فى نفسها بل لها أن تفارق متى شاءت ولهذا رماهم المسلمون باستحلال الزنا لأن المرأة منهم إذا أحبت غير زوجها رفعت أمرها إلى قاضيهم ففرق بينها وبين زوجها ونكحت غيره وهذا كله زنا لا يحل. النكاح الأول والثانى كلاهما زنا لأنه ليس واحد منهما بعقد ملك لازم.

    وبقول هذا الكافر رأس الدروز أخذ النصارى بعد أن تركوا دينهم فابتدعوا النكاح المدنى الذى هو نكاح الدروز ولا يعدو أن يكون زنا.

    وقول النجدية أشنع من قول الدروز لأنهم زعموا أن الزنا حلال وزادوا فقالوا إن المرأة خير من الرجل وذلك أن الرجل يعطيها المهر من ماله فإذا طلقها ذهبت بنفسها وماله وزيادة متعة ثم ما ابتدعوه من نفقة الحاضنة ومسكن الحاضنة وإذا فارقته عندهم لم تعطه شيئا سوى ماله الذى كان أعطاها ولم تعطه شيئا من مالها فهذا زعمهم أن المرأة خير من الرجل ونسأل الله العافية.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •