تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 31 من 31

الموضوع: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي



    ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا﴾ :

    قال سعيد بن جبير: يعملون بالذنوب، وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه: قال: ذنبٌ آخر، يعملون به.

    . ﴿وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا﴾
    عجيب شأن بعض المذنبين!
    يمشون على الأرض مطمئنين، وكأنهم أخذوا صِكّا من السماء بهذه المغفرة!

    . ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا﴾ :
    هذه توبة سابقة التجهيز!
    يأكلون الحرام، ويقولون: سنستغفر الله وسيغفر!

    . ﴿عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى﴾:
    والعرَض: الأمر الذي يزول ولا يدوم، ويراد به هنا المال، والأدنى: من الدنو بمعنى الأقرب، لأن متاع الدنيا عاجل قريب، أو من دنو الحال وسقوطها ،
    وفي استخدام اسم الإشارة (هذا) إيماءة إلى تحقير هذا الذي رغبوا فيه.

    . ﴿عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى﴾:
    هذه الآية نزلت في المرتشين، فقد كان قضاة بني إسرائيل يأخذون الرشوة في الأحكام للتسهيل على العوام.



    . من أبرز صفات المصلحين وعلامات صدقهم: الاستمساك بالكتاب مع إقامة الصلاة، وتأمل:
    (والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين)

    . ﴿واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها):
    ما قرأت آية في الانتكاس وعدم الثبات أشد من هذه الآية.

    . ﴿ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى اﻷرض واتبع هواه﴾:
    قال ابن الجوزي: بالله عليك يا مرفوع القدر بالتقوى: ﻻ تبع عزها بذل المعاصي .

    . القرآن يرفع صاحبه، والهوى يضعه
    (ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه).

    . (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث)
    الضال على علم: إن زجرته لم يرتدع (هلك)، وإن تركته بلا نصح (هلك)، كالكلب إن طُرِد كان لاهثا، وإن ترك كان لاهثا.
    . قال ابن قتيبة: كل لاهث إنما يكون من إعياء أو عطش إلا الكلب، فإنه يلهث في حال راحته وحال تعبه؛ وفي حال الري وحال العطش.
    ووجه التشابه: حال صاحب الهوى في لهثه خلف هواه.

    . (كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث):
    ليس معنى تحمل من وضع الأحمال عليه؛ إذ الكلاب لا يحمل عليها، بل المعنى: تزجره وتطرده.

    . (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا):
    كل من له قلب لا يفقه به الحق، وعين لا تبصر الحق، وأذن لا تسمع الحق،
    فهو (كالأنعام بل هم أضل)، وسر أنهم أضل من اﻷنعام أن اﻷنعام لو كان لديها عقل لفقهت به!

    ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )
    قال القرطبي موضِّحا: أي اطلبوا منه بأسمائه، فيطلب بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحيم ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رازق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتاح افتح لي، يا تواب تب علي، وهكذا.

    . (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).
    قال ابن القيم: وهو مرتبتان: إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثاني: دعاء طلب ومسألة.

    . (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) :
    قال سفيان الثوري: نُسبِغ عليهم النعم، ونمنعهم الشكر.

    . (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين
    ما يضرك إن تولى كل الناس عنك ، إن تولى الله أمرك أيها العبد الصالح.

    . ﴿ وهو يتولّى الصالحين ﴾
    والفعل المضارع فيه دلالة على سريان قانون نُصرة الله للصالحين على مر العصور.

    . (إن وليي الله الذي نزل الكتاب)
    ذكرالله الكتاب مع الولاية، وكأنها إشارة إلى أن ولاية الله لك على قدر صلتك بالقرآن.



    . كثيرا ما تبصر العين ويعمى القلب:
    (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون)

    . (وأعرض عن الجاهلين) :
    (وأعرض) عنهم بعينك فلا تنظر إليهم، (وأعرض) عنهم بقلبك فلا يقذفون فيه بالهموم.

    . (وأعرض عن الجاهلين):
    كثير من الوقت الضائع في الجدل كان دواؤه ألا تتورط فيه من البداية.

    . (وأعرض عن الجاهلين):
    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيجذب نحوك دائما من يكابره ويجهل عليك.

    . ﴿ خُذِ ٱلْعَفْوَ ﴾
    وذلك مثل قبول الاعتذار والعفو والمساهلة وترك البحث عن الأشياء والتغافل.

    . إذا لم يعترض طريقَ المصلحين جاهلٌ ومعاند فإصلاحهم مشكوك فيه؛ فإن الله تعالى قال لنبيه
    (وأعرض عن الجاهلين).

    . قيل لسفيان بن عيينة : قد استنبطتَ من القرآن كل شيء ؛ فأين المروءة فيه ؟
    قال : في قوله: ( خُذ العفو وأمُر بالعُرف وأعرض عن الجاهلين ).



    . (إن الذين (اتقوا) إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا):
    حين تتعثر وتخطئ لم يسلبك الله صفة التقوى، فسبحان من يمدحك ولو أخطأت.

    . ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون):
    رحمة الله حولك في كل مكان، وتُنال بأيسر الطرق: وماذا أيسر من الإنصات؟

    . ﴿وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون﴾:
    رحمة الله قريبة من المستمع للقرآن فكيف بالعامل به؟!

    . المشتاق لسماعِ القرآن مرحوم ؛ والذي ينفر من القرآن محروم !
    ﴿ وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون ﴾

    . ﴿وإذا قرئ القرآن (فاستمعوا له وأنصتوا) لعلكم (ترحمون)﴾:
    كلما زاد حضور قلبك وحسن إنصاتك، كلما زاد نصيبك من رحمة الله.

    . أذكار الصباح والمساء كفيلة بأن تُخرِج العبد من وصف (الغافلين)
    (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين).


    ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ﴾:
    من أعظم علامات الإيمان: التأثر بكلام الله تعالى.

    . ﴿زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون):
    كلما زاد إيمانك زاد توكلك !

    . ﴿وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا﴾:
    نية جديدة احتسبها كلما قرأت القرآن: أن تكون سببا في زيادة إيمان غيرك.

    . ﴿وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾:
    عندما يقع لك ما لا تحب، فتفاءل، فلعله الطريق إلى ما تحب كما حدث يوم بدر.

    . ﴿إذ (تستغيثون) ربكم (فاستجاب) لكم﴾:
    حاجتك للإجابة هي كحاجة الغريق للغوث والحياة.

    . ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم﴾:
    لو استغنى أحد عن الدعاء لكان جيش الصحابة الذين كان فيهم خاتم الأنبياء المؤيد بالوحي.



    . ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾
    إياك أن تظن النصر بسبب الملائكة التي تنزلت، وإنما هم مجرد سبب، ولو شاء الله لنصرهم دون ملائكة.

    . ﴿إذ يوحي ربك إلى الملائكة: أني معكم﴾:
    ومنهم جبريل صاحب الستمائة جناح، كل جناح منها يسد الأفق، يقاتل يوم بدر بشرا مهازيل، ومع ذلك يحتاج معية الله، وإلا انهزم!

    . ﴿فثبتوا الذين آمنوا﴾:
    مهما بلغ إيمان العبد، فإنه يحتاج إلى تثبيت الرب، ووسيلة التثبيت هنا كانت الملائكة!

    . ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾:
    ما رميت بنفسك لكن رميت بنا، فكان منك يا محمد قبض التراب وإرساله من يدك، وكان التبليغ والإصابة من الله.

    . ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾
    رمى قبضة من التراب فأصاب جميع الوجوه، وقال له فى موضع آخر: ﴿ليس لك من الأمر شىء﴾،
    وقال في ثالثة: ﴿ولله ما فى السموات وما فى الأرض﴾، فإذا كان الملك ملكه، والأمر أمره، والحكم حكمه،
    فكيف يغتر أحد بقوته أو ييأس من ضعفه؟!
    . قال صاحب الكشاف: يعنى أن الرمية التي رميتها- يا محمد- لم ترمها أنت على الحقيقة، لأنك لو رميتها ما بلغ أثرها إلا ما يبلغه أثر رمي البشر، ولكنها كانت رمية الله، حيث أثرت ذلك الأثر العظيم.. فأثبت الرمية لرسول الله ﷺ لأن صورتها وجدت منه، ونفاها عنه، لأن أثرها الذي لا تطيقه البشر هو فعل الله عز وجل.


    
    . ﴿فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم﴾:
    لا تنسب لنفسك أي خير، فلولا الله ما ركع راكع ولا سجد ساجد.
    
    . ﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنا﴾:
    البلاء الاختبار ، فيختبرهم مرة بالنعم ليُظهِر شكرهم أو كفرانهم، ويختبرهم أخرى بالمحن ليُظهِر صبرهم أو جزعهم.

    . ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴾:
    ‏قال السعدي: «مضعف كل مكر وكيد يكيدون به الإسلام وأهله، وجاعل مكرهم محيقا بهم».

    . ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾:
    قال أبو جهل حين التقى القوم في بدر: اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا نعرفه، فأحنه- أي فأهلكه- الغداة، فكان المستفتح.

    . أعظم العقوبات ألا تنتفع بالعظات:
    ﴿ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم﴾.

    . ﴿ ولَو عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ..﴾
    نصيبنا من الانتفاع بوحي السماء عظيم بقدر (الخير) الذي في قلوبنا.

    ﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾
    أنت لا تملك قلبك، فاستعن بمن يملكه كي يثبِّته على الحق.

    . ﴿استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم﴾:
    تعريف الميت بموجب هذه الآية هو من لم يستجب لأمر الله ورسوله، وعلى قدر الاستجابة تكون الحياة.

    . ﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾:
    في الحديث: «مثل القلب في سرعة تقلبه كريشة ملقاه بأرض فلاة، تقلبها الرياح ظهرا لبطن». صحيح الجامع رقم: 2365

    . (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه):
    لا تأمن على قلبك أبدا.

    . ﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾
    سمع عمر رجلا يقول:
    اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه، فحُل بيني وبين معاصيك أن أعمل بشئ منها.

    ﴿لنخرجنك يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾[الأعراف: 88]:
    في الآية ما يدُلُّ على صعوبة مفارقة الأوطان؛ إذ قرَنوا ذلك بالعَوْدة إلى الكفر.



    . ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾[الأعراف: 90]:
    أحيانا تكون نصيحة البعض ذبحا لدينك، فاختر أصحابك وناصحيك.

    . ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾[الأعراف: 90]:
    ما أقبح الإضلال بعد الضلال، إفساد بعد فساد.

    . ﴿فاخذتهم الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾[الأعراف: 91]:
    الرجفة التي أصابت أهل مدين زلزلة الأرض بهم + صواعق خرجت من ظلة أي سحابة، كما في سورة الشعراء: ﴿فأخذهم عذاب يوم الظلة﴾، وقد عبَّر عن الرجفة في سورة هود بالصيحة، فتكون الرجفة هي الزلزال، والصيحة هي الصاعقة.

    . ﴿
    فاخذتهم الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾[الأعراف: 91]:
    الجزاء من جنس العمل!
    كما أرجفوا شعيبا وأصحابه وتوعدوهم بالجلاء، أخذتهم رجفة الله.

    . ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾
    أبدلناهم بالشدة رخاء حتى عفوا أي كثرت أموالهم وأولادهم، والمقصود أن الله نوَّع الله عليهم صنوف البلاء، فأخذهم بالشدة فلم يزدجروا، ثم بالرخاء فلم يشكروا، فأخذهم الله بالعذاب.

    . ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ﴾[الأعراف: 95]:
    خاطبهم الله بما يفهمون، وبلغتهم التي بها يتكلمون، فالسيئة حسب ما يظن أكثر الناس هي الشدة، والحسنة هي النعمة، وليس هذا صحيحا عند أصحاب الآخرة.



    . ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ﴾[الأعراف: 95]:
    صحِّح مفاهيمك!
    النعمة المطلقة هي التي لا عقوبة معها، والبلاء المطلق هو الذي لا ثواب عليه.

    ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ﴾[الأعراف: 95]:
    عقوبة الاستدراج!
    أراد الله تنبيههم بالشدة إعلاما بأن سلب النعمة علامة غضب الله عليهم، فلما ازدادوا بالشدة كفرا ردَّهم إلى حالتهم الأولى من النعمة إمهالا واستدراجا، فازدادوا إعراضا.

    . ﴿ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾[الأعراف: 95]:
    تدل الآية على أن قوم شعيب أُهلِكوا بعذاب الاستئصال لما لم يقبلوا نصح نبيِّهم، فدلَّ على وجوب قبول النصح في الدين.

    ﴿وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ﴾[الأعراف: 95]:
    أهل الغفلة يتعاملون مع الشدة على أنها حدث عارض، ليس له سبب، وأما أهل اليقظة فيرونها رسائل ربانية، إما تنبيها أو تهذيبا أو تطهيرا.

    . ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾[الأعراف: 96]:
    ليست العبرة بالنِّعمة، وإنما العبرة بالبركة، لذا لم يقل عن النعمة ضاعفنا، لكن قال: بارَكْنا.

    . ﴿وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[الأعراف: 96]:
    الأخذ بالعقوبة نعمة مِن الله، لأنها تُظهِر عدالته سبحانه؛ ولو لم يؤاخذ الله المفسدين بإفسادهم، لأغرى ذلك غير المفسدين بالفساد، لكن عقوبة الله للمفسد تردعه وتردع غيره من الزلل.

    . ﴿تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾ [الأعراف : 101]:
    طريق الضلالة واحد، يجتمع عليه أهل الضلال في كل عصر ومصر، والطبع على القلوب صفة من سبقت بالشقاء قسمته، وحقت بالعذاب عليه كلمته.


  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    ﴿تِلْكَ القرى﴾ [الأعراف : 101]:
    التكرار للاعتبار، فقد كرَّر الله ذكر القرى التي أهلكها حتى صارت للسامعين كأنها حاضرة مشاهَدَة، وصالحة لأن يشار إليها بالبنان.

    . ﴿تِلْكَ القرى﴾ [الأعراف : 101]:
    المقصود بالقرى الأقوام الخمسة الذين وصفهم الله فيما سبق من آيات، وهم: قوم نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب.

    . ﴿تِلْكَ القرى﴾ [الأعراف : 101]:
    الهدف من اسم الإشارة زيادة إحضار القرى المهلكة في أذهان السامعين،
    ليعتبر الغافلون بمصارع القوم السابقين، ويروا أنهم في العناد والضلال سواء، فيعودوا إلى الحق قبل نزول العذاب.

    . ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الأعراف : 102]:
    نقض العهد مع الله مهلك، وكلنا أخذ الله منا العهد، ونحن في صلب أبينا آدم في عالم الذر.
    أوطان؛ إذ قرَنوا ذلك بالعَوْدة إلى الكفر.

    . لا يقبل الله أن ينقض عبدٌ عهده مع عبد مثله ولو كان مشركا:
    ﴿إِلاَّ الذين عَاهَدتُّم مِّنَ المشركين ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فأتموا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ﴾ [التوبة: 4]،
    فكيف بنقض العهد مع الله؟!


    . ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [الأعراف : 105]:
    (الحاء والقاف والقاف) في لغة العرب تدل على الثبوت وعدم الاضمحلال، والمعنى: واجب عليَّ قول الحق،
    ومجعول قول الحق حقا عليَّ، فرسالتي حق لا شك فيها، لأني رسول ثابت في ديوان المرسلين.

    . ﴿قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ﴾ [الأعراف : 106]:
    خطاب التشكيك!
    عبَّر بحرف ﴿إن﴾ المفيد للشك، للإعلام أنه ليس معتقدا في صدق موسى عليه السلام.

    . ﴿قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾[الأعراف : 110]:
    نصحهم لفرعون بالتأخير دليل أن فرعون تقدم بأمر آخر، وهو الهَمُّ بقتل موسى، فنصحوه: أخِّره حتى ينكشف للناس حاله، فكان التأخير خيرا وفتحا.. لفرعون تدبير، ولله تدبير غالب!

    . ﴿قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾[الأعراف : 115]:
    لعله أدب!
    قال القرطبي: «تأدَّبوا مع موسى عليه السلام، فكان ذلك سبب إيمانهم».
    أوطان؛ إذ قرَنوا ذلك بالعَوْدة إلى الكفر.

    . ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾[الأعراف : 115]:
    أو ثقة في الفوز!
    وكأنهم يقولون: في كلتا الحالتين نحن واثقون من الفوز عليك، فأرح نفسك من الآن، واستسلم لنا مقدَّما.


    . ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾[الأعراف : 121-122]:
    قال الإمام الرازي: «لما قالوا: آمنا برب العالمين، قال لهم فرعون: إياي تعنون، فلما قالوا: رب موسى، قال: إياي تعنون؛ لأني أنا الذي ربيت موسى، فلما قالوا: وهارون، زالت الشبهة».

    . ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ﴾ [الأعراف : 131]:
    الشقاء أن يلاحظ العبد إحسان الله عليه بعين الاستحقاق لا الإنعام.

    . ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف : 131]:
    قال الفراء: «وقد تشاءمت اليهود بالنبي ﷺ بالمدينة، فقالوا: غلت أسعارنا وقلَّت أمطارنا مذ أتانا».

    . ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف : 133 ]:
    عناد بعض الكفار حال بينهم وبين الإيمان، ولو أتيتهم بألف دليل فما لإيمانهم من سبيل، وهؤلاء يستوي عندهم نزول الآيات وعدمها.

    . ﴿فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف : 133 ] :
    ﴿لك﴾ شخصنة القضية من علامات البلية!

    . ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ [الأعراف :135]:
    الإيمان النفعي أو المصلحي!
    الرجز اسم من أسماء الطاعون، وقد سأل بنو إسرائيل موسى أن يرفع عنهم الطاعون في مقابل إيمانهم، فدعا الله فارتفع، فنكثوا عهدهم ولم يؤمنوا.


    ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف :139]:

    قال الرازي: «أجمع كل الأنبياء عليهم السلام على أن عبادة غير الله تعالى كفر، سواء اعتقد في ذلك الغير كونه إلها للعالم، أو اعتقدوا فيه أن عبادته تقرِّبهم إلى الله تعالى».

    ﴿قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف :139]:
    توبيخ.. كان الواجب أن تخصوا الله بمزيد الإقبال، كما خصَّكم بمزيد الإنعام والإفضال.

    . ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: 144]:
    قال الرازي:
    «وإنما قال: ﴿اصطفيتك على الناس﴾ ولم يقل على الخلق؛ لأن الملائكة قد تسمع كلام الله من غير واسطة كما سمعه موسى عليه السلام».
    . كيف اصطفاه على الناس برسالاته مع أن غيره من الأنبياء ساواه في الرسالة؟
    خصَّه من دون الناس بالكلام مع الله من غير واسطة.

    ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ [الأعراف: 145]:
    تمثيل لحالة العزم على العمل بما في الألواح من الأوامر والنواهي، بمنتهى الجد والحرص دون تأخير ولا تساهل ولا انقطاع عند المشقة أو الملل. لنتامل هكذا مع القرآن.

    . ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ [الأعراف: 145]:
    الأمر للرسول، لكن يدخل فيه كل من بلَّغ رسالته، واقتصر الأمر على الرسول لأن من اقتدى به سار على هديه.

    . ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾ [الأعراف: 145]:

    شعار المرسلين: أصلح نفسك، وادعُ غيرك.


    . ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الأعراف 153 ]:
    قال القشيري: «وفارقٌ بين الإمهال والإهمال، والحق سبحانه يمهل، ولكنه لا يهمل، ولا ينبغى لمن يذنب، ثم لا يؤاخَذ فى الحال أن يغترَّ بالإمهال».

    . ﴿وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا﴾[الأعراف 153 ]:
    عمل السيئات يخدش الإِيمان، لذا أمره الله بعدها بتجديد إيمانه.

    . ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾:
    المحبة اقتداء لا ادعاء! أثبِت صدق اتباعك لنبيك، بأن تقتفي أثره في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.



    . ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 157]:
    كل ما نفع الخلق هو طيب أحله الله، وكل ما ضرَّهم فهو خبيث حرَّمه الله، لأن الله أرحم بالعباد وأعلم بنفعهم وضرهم من أنفسهم.

    ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المبطلون﴾ [الأعراف : 173 ]:
    تدل الآية على فساد التقليد في الدين، وتدل على أن الله تعالى أقام الحجة على الناس، فبعدها لم يبق لأحد عذر في الكفر أو الشرك.

    ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف : 183]:
    تكررت هذه الآية في القرآن –لأهميتها- مرتان، هنا في سورة الأعراف، والثانية في سورة القلم، لتكون بمثابة تهديد للمجرمين، وتسلية للمؤمنين.

    ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف : 183]:
    لماذا سماه كيدا؟!
    قال البيضاوي: «وإنما سماه كيدا لأن ظاهره إحسان، وباطنه خذلان».

    ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف : 183 ]:
    لم وصف الله كيده بالمتين؟!
    ليلقي الرعب في قلوب المجرمين، فكيده قوي أي لا إفلات منه لمن كاده الله.



    ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف : 185 ]:

    تعجب من رب العالمين من إعراض بعض الخلق عن التفكر في هذا الملك العظيم، الذي خلقه ليستدلوا به عليه، فأعرضوا عنه.

    . ﴿وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم﴾ [الأعراف : 185]:
    لو تفكروا في دنو الأجل واقتراب الموت، لبادروا الأجل وأحسنوا العمل.

    . ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ [الأعراف : 186]:
    الحرمان من الهداية له سبب! مع أن ضلالهم قدرٌ رباني، لكن السبب فيه هو الضال نفسه، فقد بادر بالتكذيب، ولم يتفكر في عظمة النبي ﷺ، ولا نظَرَ في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله، ولم يتفكر يوما في اقتراب موته، فحكم الله عليه بالحرمان من الهداية وأضله، جزاء وفاقا.

    . ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ [الأعراف : 187]:
    عن ابن عباس أن قوما من اليهود قالوا: يا محمد، أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا. إنا نعلم متى هي، وكان ذلك امتحانا منهم، مع علمهم أن الله تعالى قد استأثر بعلمها.

    . ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾ [الأعراف : 187]:
    أطلق على يوم القيامة ساعة إما لأنها تقع بغتة، أو لسرعة الفراغ فيها من الحساب، أو لأن يوم القيامة على طوله قدره يسير عند الله تعالى.



    . ﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ [الأعراف: 189-190]:
    عادة الإنسان جحود النعمة، ومن جحد نعمة الخالق،
    هل يراعي جناب الخلق؟!

    . ﴿وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُ مْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ﴾ [الأعراف: 193]:
    الإقناع العقلي!
    يستوي دعاؤكم إياهم وبقاؤكم على صمتكم، فلن يتغير حالكم في الحالين، كما لن يتغير حالهم لأنهم جماد.

    . ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لَكُمْ﴾ [الأعراف: 194]:
    أطلق على الأصنام لفظ عِباد- مع أنها جماد- وفق اعتقادهم فيها تبكيتا لهم وتوبيخا.

    . ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾[الأعراف: 200]:
    سيرتعد شيطانك خوفا من استعاذتك إن واظبت عليها وأكثرت منها، وكلما حضر فيها قلبك، ازداد بُعْد الشيطان عنك.

    . ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾[الأعراف: 200]:
    للاستعاذة تأثير وقائي ضد التأثر بوساوس الشيطان، لذا وجبت المواظبة عليها في أكثر الأحوال.



    . ﴿ إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾[الأنفال : 2 ]:
    قال هنا: ﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ وقال في آية أخرى: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾، فكيف الجمع بينهما؟
    والجواب: الاطمئنان يكون انشراح الصدر بذكر الله، والوجل يكون من خوف العقوبة، والمؤمن -أثناء سيره إلى الله- يتقلب بين الحالتين.

    . ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾[الأنفال : 3 ]:
    دائما يقترنان في القرآن، لأن كلاهما فيه بذل وتضحية، فالصلاة تقتطع جزءا من وقتك للوقوف بين يدي الله، والزكاة تقتطع جزءا من مالك.

    . ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الأنفال : 13]:
    المؤمنون سيف الله يعاقب الله من عاداه، فمن عقاب الله تسليط أوليائه على أعدائه.

    . ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾[الأنفال : 14]:
    ما أهون عذاب الدنيا!
    سماه ذوقا، لأن الذوق معرفة طعم اليسير ليُعرَف به حال الكثير، فعاجل ما حصل لهم من عذاب الدنيا كالذوق القليل إذا قورِن بالعذاب العظيم المُعَدُّ لهم في الآخرة.
    ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾[الأنفال : 14]:
    للعصاة عقوبتان، معجَّلٌ بنقد، ومؤخَّرٌ بوعد.

    ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾[الأنفال : 21 ]:
    من فقد سماع التدبر والاتعاظ كان بمنزلة الأصم الذي لا يسمع أصلا! وكم منا اليوم من فتح أذنيه وقد ضيَّع مفاتيح قلبه!

    . ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾[الأنفال : 22 ]:
    صورة من أقبح الصور، لكنها صورة حقيقية للمحرومين من الهداية كما تبدو في مرآة الوحي الإلهي.

    . ﴿الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾[الأنفال : 22 ]:
    ما أسوأ حال غير المهتدين!
    فإن الأصم الأبكم إذا كان له عقل ربما فهم بعض الأمور، أما إذا كان مع صممه وبكمه فاقد العقل، فقد بلغ أسوء حال.




    . ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾[الأنفال : 22 ]:
    ليس المجنون من فقد عقله، بل من فقد قلبه!

    . ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾[الأنفال : 26 ]:
    دوام الحال من المحال، والصغير لابد له أن يكبر، والضعيف لابد أن يقوى، والخائف حتما إلى أمان.

    . ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾[الأنفال: 28]:
    المال فتنة إذا كان عن الله يشغلكم، والأولاد فتنة إذا كنتم لأجلهم قصَّرتم فى حقِّ الله وفرَّطتم.

    . ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾[الأنفال: 28]:
    في الحديث: «الولد ثمرة القلب، وإنه مجبنة ومبخلة محزنة». صحيح الجامع رقم: 7160
    أي أن حب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الآثام، وعلى الجبن والبخل والحزن.



    . ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾[الأنفال: 32]:
    قد أجيب دعاؤهم!
    قال عطاء: «قائل ذلك النضر بن الحارث، ولقد أُنزِل في النضر بضع عشرة آية، فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر».

    . ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَ هَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾[الأنفال : 36 ]:
    وعد من الله بإحباط أعمال الكافرين وسعيهم في الدنيا والآخرة.

    . ﴿وقاتلوهم حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾[الأنفال: 39]:
    أي قتال المسلم هدفه ألا يقع شرك أو إضلال يفتن المؤمنين عن دينهم، وقد أثبت التاريخ أن الجهاد شرعه الله لرفع الأذى والفتنة عمن يعتنقون دينه وشريعته.

    . ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾[الأنفال: 40]:
    إن سألتَ: من للمسلمين يتولى أمرهم؟ وقد تخلى عنهم القريب والبعيد، وتكالب عليهم من كل حدب وصوب كل عدو شديد؟!
    جاءك الجواب الرباني: الله مولى المؤمنين
    ﴿نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.




  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    الجزء العاشر


    (ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد):

    لم يتواعدوا فغنموا، وهكذا فضل الله يأتي من غير ميعاد.

    . (ويقللكم في أعينهم):

    ما الغرض من تقليل المؤمنين في أعين الكفار؟
    قللهم في أعينهم قبل اللقاء، ثم كثرهم فيما بعده، ليجترؤوا عليهم، ثم تفجؤهم الكثرة، فيبهتوا وتنكسر شوكتهم، حين يرون ما لم يكن في حسبانهم.

    . من أعظم أسباب الثبات في الأزمات كثرة ذكر الله:

    ﴿إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا﴾.

    . إذا كنت مأمورا بالذكر الكثير في أشد الأحوال،

    فكيف ترى تفريطك في الذكر عند أيسر الأحوال!
    (إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا).

    . ما تنازع قوم إلا وحلَّ بهم الفشل واستخف بهم الجميع

    (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

    . ﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ ﴾:

    دائما يتعجَّب المنافقون من ثقة المؤمنين وحسن ظنهم بربهم، وتفاؤلهم مع قلة عددهم وعتادهم.

    . ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بأنفسهم﴾:

    وكما قيل:إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم
    . قال ابن القيم:

    «فما حُفِظت نعمة الله بشيء قط مثل طاعته، ولا حصلت فيها الزيادة بمثل شكره، ولا زالت عن العبد نعمة بمثل معصيته لربه».


    . ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )

    الله سيجبر كسركم أيها المؤمنون مهما تكن قوتكم، ما دمتم قد بذلتم (ما استطعتم).

    . ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )

    تتناول كل قوة علمية، وبدنية، ومهنية، وسياسية، وإدارية، وتشمل كل مسلم مهما يكن تخصصه.

    . (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم):

    أول شروط النصر الألفة بين المؤمنين، لا التنازع بينهم وتراشق الاتهامات.

    . ﴿فإن حسبك الله﴾:

    كل هذا العالم لن يكفينا ما أهمنا وأغمَّنا، كفاية الله وحدها تشعرنا بالاكتفاء.

    . ﴿وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم﴾

    محبة القلب لا تُشترى بكل كنوز الأرض.

    . ﴿اﻵن (خفف) الله عنكم وعلم أن فيكم (ضعفا)﴾:

    المشقة تجلب التيسير، وبقدر ما فيك من الضعف، يرسل الله إليك التخفيف.


    . ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلوبكمْ خَيرا يُؤْتِكُم خَيْرا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُم﴾:

    الخير مغناطيس في القلب يجذب إليه كل ألوان الخير!

    . ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلوبكمْ خَيرا يُؤْتِكُم خَيْرا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُم﴾:

    تأكد أن ما فاتك أو أصابك سيعوِّضك الله عنه وزيادة، مادام الخير يملأ قلبك.

    . رزق العبد على قدر نيته:

    ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم).

    . ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلوبكمْ خَيرا يُؤْتِكُم خَيْرا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُم﴾:

    إن فاتك شيء وحزنت عليه، فتدبر هذه الآية، واستبشِر بها.

    . ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلوبكمْ خَيرا يُؤْتِكُم خَيْرا﴾:

    تفقَّد قلبك لتعلم من أين جاءك الحرمان؟!

    . [ إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ]

    مصدر الخير القلب، فلو استطعنا أن نغرس فيه الخير لانهمرت علينا الخيرات من رب الأرض والسماوات.

    (و إن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل):
    من ضَيَّع حقّ الله، فهو لغيره أضيَع!
    . كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يكتب إلى الآفاق:
    أهمُّ أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع.

    . ‏﴿وإن يريدوا خيانتك فقد (خانوا الله) من قبل (فأمكن منهم)﴾
    مَن خان ربه ودينه وأمته سيُمكِّن الله من رقبته ولو بعد حين.

    من أسباب الفتن عدم نصرة المظلوم ، فقد أمر الله بنصره وموالاته، ثم قال:
    (إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

    . براءة دون بسملة:
    عبِّر بقوة عن براءتك من الكفر وأهله دون مجاملات على حساب العقيدة.

    . ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ﴾:
    أعلَم الله الكافر أنه لا يُعجِزه،
    فكيف غاب هذا عن مؤمن يؤمن بالله؟!

    . ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾:
    كل بوّابات الخير تنفتح لك مع التوبة.


    . ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾:
    أصل البشارة في الخير، ولكن ذُكِرتْ هنا من باب التهكم، أي أبشروا بما ينتظركم من العذاب الأليم.

    . ﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾:
    ترصُّد أعداء الدين من أهمِّ سِمات المؤمنين.

    . قال تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا المشرِكين﴾، ثم قال : ﴿فَإِنْ تابوا...فإخوانكم في الدّين﴾:
    باب عظيم مهجور من أبواب الإيمان.
    في الحديث: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل». صحيح الجامع رقم: 2539

    . ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾:
    آمن بها الصحابة غيبا، وعرفناها اليوم في مذابح المسلمين شهادة.. صدق الله .. صدق الله .. صدق الله.

    . ﴿يرضونكم بأفواههم﴾:
    بعض الكلمات تنزع فتيل القنبلة وتعني انتهاء المعركة.

    . ﴿وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾:
    الطعن في الدين يوصل صاحبه إلى إمامة الكفر، فليحذر الطاعنون في ديننا اليوم!


    . ﴿أَتخشونهم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ﴾:
    تتصارع في كل قلب قوتان، كلما عظمت خشية الخالق قلَّت خشية المخلوق، والعكس صحيح.

    . قال سفيان الثوري لأصحابه يوما: لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان،
    أكنتم تتكلمون بشيء؟
    قالوا: لا،
    قال: فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله!
    ﴿أتخشونهم فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ﴾.

    . ﴿ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾:
    خشيتك لله على قَدْر إيمانك به.

    . ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾:
    وشفاء صدور قوم مؤمنين يستلزم شفاء صدور كل المؤمنين؛ لأن المؤمنين جسد واحد، ويستلزم كذلك غيظَ صدور أعداء الدين.
    . المراد بالقَوْمِ المؤمنين هنا خزاعة حيث تمالأ عليهم الكفار وقتّلوهم في الحرم، فاستنجدوا بالنَّبيِّ ﷺ، فكان ذلك سبب فتح مكة.

    . ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾:
    غيظ القلوب مرض دفين يفتك بالقلب والجسد، وسبب غيظ المؤمنين هو بغي الكفار وقتلهم المسلمين، وشفاء هذا الغيظ لا يكون إلا بالتمكن من الأعداء، فينشرح الصدر، ويزول ما فيه من غضب.

    املأ قلبك اليوم غيظاً على الطغاة والمجرمين، فيوما ما سيتحقق وعد الله لعباده:
    (ويُذهب غيظ قلوبهم!).


    ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾:
    ضعَّف البعض إسناد حديث: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان»، لكن معناه صحيح، وتشهد له هذه الآية.

    . ﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ الله﴾:
    ليس المراد بقصر الخشية هنا على الله أنهم لا يخافون شيئا غير الله، فإنهم قد يخافون الأسد ويخافون العدو،
    ولكن المعنى: إذا تردد الحال بين خشية الله وخشية غيره قدَّموا خشية الله، فالقصر هنا عند تعارض خشيتين.

    . ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ﴾:
    مهما بلغ عملك الخيري والتطوعي، فلن يجاري أبدا الإيمان بالله والجهاد في سبيله.

    . ﴿ويوم حنين إذ (أعجبتكم) كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شيئا﴾:
    أغلِق شبابيك قلبك كي لا يتسلل إليه العُجب بمال أو علم أو سلطان، فكل ذلك لن يغني عنك بين يدي الله شيئا!
    . نصرة الله للعبد موقوفة على عدم رؤية العبد لنفسه، فالمنصور من عصمه الله عن توهّم قدرته، ولم يكله إلى تدبيره وسطوته،
    وأقامه مقام الافتقار إليه متبرئا من حوله وقوته، فيأخذ الله بيده، ويخرجه عن تدبيره، ويوقفه على حسن تدبيره.

    . ﴿إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا﴾:
    شيئا !!
    إن أصغر شيء في هذا الكون لا ينجح في إنجاز شيء دون إرادة الحق سبحانه.


    . ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا﴾:
    هذا قانون التولي والتخلي! إذا قلت يا رب تولاك، وإذا قلت: أنا أنا.. تخلى عنك!

    . ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾:
    قال الحسن البصري: «هكذا يقع ذنب المؤمن من قلبه»، فقيِّم إيمانك!

    . عون الله للمؤمنين يكفي مع القلة، والعُجب يلغي أثر الكثرة:
    ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا﴾.

    . ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين﴾:
    السكينة من أعظم القوت الذي يُنعِم به (المقيت) على قلوب المؤمنين، وهو كفيل بترجيح كفَّتك في كل معارك الحياة.

    . ﴿وَأَنْزَل جُنودًا لمْ تَرَوْها﴾:
    هناك رحمات خفية ومعونات غير مرئية تتدفق عليك من الله دون أن تشعر، فقط إن تخليتَ عن حولك وقوتك إلى حوله وقوته.

    . ﴿ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين﴾:
    من علامات المؤمن: السَّكينة عند البلاء.

    . ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾:
    كيف نخاف فقرا، وقد وعدنا أكرم الأكرمين بالغنى!

    . ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾:
    غِناك وفقرك بيد الله وحده، فكيف تُذِلُّ نفسك لغيره؟!

    . ﴿ إنَّما المشركون نَجَسٌ﴾:
    ارتبط وصفهم بالنجاسة بصفة الإشراك، فعلمنا أنها نجاسة معنوية نفسانية، وليست نجاسة ذاتية مادية.

    . ﴿إنَّما المشركونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾:
    النهى وإن كان موجها للمشركين، إلا أن المقصود منه نهى المؤمنين عن تمكينهم من ذلك.

    . ﴿بَعْدَ عامِهِمْ هذا﴾:
    العام الذي حصل فيه النداء بالبراءة من المشركين وعدم طوافهم بالمسجد الحرام، وهو العام التاسع من الهجرة.

    . ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ﴾:
    ليس معنى الآية أن يصير الناس جميعا مسلمين، لكن يظل كُلٌّ على دينه أو كفره، ولا يجدون حلاً لمشاكلهم إلا في الإسلام.

    . ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾:
    تصور سخيف أن يظنوا أن أفواههم التي تنفخ كافية لإطفاء أعظم نور، ذهبت أنفاسهم، وما زاد النور إلا توهجا.

    ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾:
    قال الخطيب الإدريسي:
    «إن الإسلام إذا حاربوه اشتدّ، وإذا تركوه امتدّ، والله بالمرصاد لمن يصُدّ، وهو غني عمن ارتدّ، وبأسه عن المجرمين لا يُردّ، وإن كان العدو قد أعدّ، فإن الله لا يعجزه أحد، فجدِّد الإيمان جدِّد، ووحِّد الله وحِّد، وسدِّد الصفوف سدِّد».

    ﴿إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾:
    قال الله (كثيرا)، فالتعميم خطأ، والدقة مطلوبة، فكن دقيقا في اختيار كلماتك وعباراتك.

    . ﴿ والذين يكنزون الذهب والفضة﴾:
    قال العلماء: كل مال -مهما كثر- تؤدى زكاته ليس بكنز، وأي مال -مهما صغر- لا تؤدّى زكاته فهو كنز.

    . ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾:
    ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، وقد سُمِّيَت بذلك لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها.

    ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾:
    أعظم الظلم ظلم النفس، ويقع بمعصية الله وترك طاعته.


    . ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾:
    قال قتادة: «إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواه، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، وكأن الله يُعظِّم من أمره ما شاء».

    . ﴿فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾:
    ظلمكم لأنفسكم هو إضرار منكم بأنفسكم، ولن تضروا الله شيئا، فكل ما أمر الله به تحريماً وتحليلا هو لصالحكم، وكل عصيان له يضركم.

    . ﴿وَقاتِلُوا المشركين﴾:
    قال القشيري: «ولا سلاح أمضى على العدوّ من تبرّيك (تبرؤك) عن حولك وقوّتك».

    . استعمال الحيلة لفعل شيء محرم أو الفرار من واجب هو تلاعب بالدين، مثل تلاعب المشركين بتأخير اﻷشهر الحرم ليقترفوا الحرام:
    ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.

    . ﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾:
    لا يُضعِف القلب ويكبِّله عن بلوغ معالي الأمور إلا الانجذاب لسفولة الأرض.

    ‏النفير في القرآن نوعان:
    للجهاد ﴿انْفِروا في سَبيلِ الله﴾، وللعلم: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ﴾، فلا عزة بغير جهاد، ولا جهاد إلا بعلم.

    . ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾:
    أتظنون أن جهادكم هو الذي ينصر محمدا ودينه؟
    كلا؛ فالله ناصره بأيسر وسيلة وأهون سبب، كما نصره يوم الهجرة برجل واحد! هو أبو بكر على قريش كلها.

    . الصاحب بحق هو الذي يخفف عنك الأحزان، ويشعرك عند خوفك بالأمان:
    ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾

    ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾
    لم يقل : ﻻ تحزن ، فأنا رسول الله وإني معك، بل تبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته.

    . ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ﴾:
    بعض الرحمات الإلهية مرهونة بكلمة واحدة ترددها بيقين، لتنهمر السكينة بغزارة!

    . ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾:
    ولو فقدت كل شي، يكفيك أن الله معك، وسيعوِّضك.

    . ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾:
    ليست المعية العامة بالعلم والإحاطة، فهذه تشمل كل الخلق، بل معية التأييد والنصرة، وهذه لا تشمل إلا المؤمنين الذين استجلبوها بطاعة الله وموافقة أمره.

    . ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾:
    منهج رباني في التخفيف عن المكروبين، لا يتضمن الاستغراق في تفاصيل المشكلات، بل يقوّي النفس على المشكلات بالاستعانة برب الأرض والسماوات.


  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾:
    هل الحزن شعار الإيمان؟!
    كلا ..
    قال ابن القيم:
    «اعلم أن الحزن من عوارض الطريق، وليس من مقامات الإيمان ولا من منازل السائرين، ولهذا لم يأْمر الله به فى موضع قط، ولا أثنى عليه، ولا رتَّب عليه جزاء ولا ثوابا، بل نهى عنه فى غير موضع».

    . ﴿إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ (لا تَحْزَنْ) إِنَّ (اللَه مَعَنَا)﴾
    أعظم صحبة هي التي تخفف عنك أعباء الحياة بتذكيرك دوما بالله.

    . ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ﴾:
    المنافق قصير النفَس، والصدق لا يُختَبر إلا في الأعمال طويلة المدى.

    . ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ﴾:
    حديث يشبه هذه الآية! قال رسول الله ﷺ في المتخلفين عن صلاة الجماعة: «لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء».
    وهو توبيخ لمن زهد في صلاة الجماعة، ولو وجد في صلاة الجماعة شيئا من الدنيا –ولو كان حقيرا- لحضرها.


    . ﴿عَفا الله عَنْكَ﴾:
    المراد بالعفو ليس عن الذنب، فهو المعصوم، ولكن عدم مؤاخذته ﷺ في تركه الأوْلى والأفضل، والأفضل كان ألا يأذن للمنافقين بالتخلف عن الجهاد.

    . ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾:
    ما أجمل أن تستفتح العتاب بأجمل الكلمات!
    لتستميل قلب من تُعاتِب!

    . ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾:
    من علامات التوفيق وأمارات السابقين الاستعداد للطاعة قبل دخول وقتها.

    . ﴿لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾:
    عُدَّة هنا نَكِرة،لتفيد الإطلاق أيْ أيَّ عُدَّة، فالذي لا يبذل أي نوع من الاستعداد دنيء الهمة، وليس في قلبه خير.

    . ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾:
    إذا أعاقتك الصوارف عن زيارة بيت الله، فخف أن يكون الله قد كره لقاءك فثبَّطك!

    . ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾:
    كثرة التكاسل عن الطاعات علامة مخيفة، توحي بأن العبد مطرود من رحاب الله، وعليه أن يعود فورا.

    . ﴿كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾:
    أسقِط هذه الآية على صلاة الفجر، وعالج بها كسلك وتسويفك!

    . ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾:
    تشكو عدم القيام لصلاة الفجر، وأنت كل يوم تنام متأخرا، ولا تضبط منبِّهك ليوقظك!. ويحك! من عزَم على شيء من الخير، فعلامة صدقه أن يبذل له أسبابه.

    . ﴿يهلِكونَ أَنْفُسَهُم﴾:
    هلاكنا ليس بالجهاد، بل في ترك الجهاد، وليس بأن نموت في سبيل الله، بل بأن نحيا في خدمة الدنيا.

    ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾:
    هم مؤمنون يصغون لأقوال المنافقين، أو مجموعة من المنافقين بين المؤمنين يسمعون لأصحابهم المنافقين ويؤيدون أقوالهم، إن مجرد سماعك للإشاعة هو جزء من خطة المنافق.

    . قلب الحقائق عن طريق بلاغة اللسان من أبرز صفات النفاق:
    ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ﴾.

    . ﴿ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ﴾:
    لا تنس الماضي الأسود لأعداء دينك، ولا تحرق سجلاتهم الملطخة بالخيانة، ستفيدك يوم القصاص.

    ﴿وإن جهنم لمحيطة بالكافرين﴾:
    لا فرار مهما حاولوا، وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها.

    . من علامات المنافق أن يفرح بسلامة دنياه ولو خسر دينه:
    ﴿وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾.

    ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾:
    كلما نقص يقينك بهذه الآية، زاد منسوب الخوف في قلبك.

    . ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾:
    لنا لا علينا، فالمصيبة خيرٌ لك لا عليك!

    . ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ﴾:
    قل لي بربِّك: كيف تنكسر أمة يرى أبناؤها أنهم رابحون في كل الأحوال؟!

    . ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ [التوبة:16]:
    تحكيم غير شرع الله جريمة! قال ابن القيم: «ولا وليجةَ أعظَم ممَّن جعل رجُلًا بِعَينِه مُختارا على كلامِ الله وكلام رسوله وكلامِ سائر الأمَّة، يُقَدِّمُه على ذلك كُلِّه، ويَعْرِضُ كتابَ اللهِ وسُنَّة رسوله وإجماع الأمة على قوله، فما وافَقَه منها قَبِلَه؛ لِمُوافَقتِه لقوله، وما خالفه منها تلطَّفَ في ردِّه، وتطَلَّبَ له وُجوهَ الحِيَلِ، فإن لم تكُنْ هذه وليجة، فلا ندري ما الوليجة؟!».

    . ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ﴾[التوبة:21]:
    ثلاثة في مقابل ثلاثة!قال الآلوسي: «ذكر أبو حيان أنه- تعالى- لما وصف المؤمنين بثلاث صفات الإيمان والهجرة، والجهاد بالنفس والمال، قابلهم على ذلك بالتبشير بثلاث: الرحمة، والرضوان، والجنة».

    ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾[التوبة:22]:
    قال ﷺ: «ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا». صحيح الجامع رقم: 8164

    . ﴿وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوه َا﴾:
    خَصَّ الأموال المُقتَرَفة أي المكتسبة بالذِّكر؛ لأنَّها أحب إلى أهلها، وصاحبها أشَدُّ حِرصًا عليها ممَّن تأتيه الأموال بغَير تعبٍ ولا كدًّ من ميراث وغيره.

    . ﴿فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾[التوبة:24]:
    تهديد نبوي!
    في الحديث: «مَن لم يَغْزُ أو يُجهِّزْ غازِيًا، أو يَخْلُفْ غازيًا في أهلِه بخَيرٍ؛ أصابه الله سبحانه بقارعةٍ قبل يوم القيامة». صحيح أبي داود رقم: 2503

    . ﴿فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[التوبة:24]:
    ما حكم محبة الله؟
    والجواب: واجبة. قال ابن رجب: «دلَّت هذه الآية على أنَّ محبَّة الله تعالى فَرْضٌ على العباد؛ لأنَّه سبحانه توعَّد من قدَّم محبَّة غيره على مَحبَّتِه ومحبة رسوله، والوعيد لا يقع إلَّا على فَرْضٍ لازم، وحَتمٍ واجِب».

    . ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[التوبة:24]:
    تهديدٌ بأن كل من آثر غير الله على الله قد تحقق فسقه.

    . ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[التوبة:24]:
    قال النسفي:«والآية تنعي على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين واضطراب حبل اليقين؛ إذ لا تجد عند أورع الناس ما يستحب له دينه على الآباء والأبناء والأموال والحظوظ».

    . ﴿ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾[التوبة:30]:
    قال أهل المعاني: «إن الله سبحانه لم يذكر قولا مقرونا بذكر الأفواه والألسن إلا وكان قولا زورا».

    . ﴿يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾[التوبة:30]:
    تشابه القلوب يؤدي إلى تشابه الأقوال، فاليهود والنصارى بادعائهم لله الولد يشابهون قول المشركين حين قالوا: الملائكة بنات الله.

    . ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ﴾[التوبة:35]:
    اشتركت الجوارح الثلاثة في منع حق الله عن الفقير، فكان لابد لها من عقاب. ق
    ال الزركشي: «قدَّمَ الجِباهَ ثمَّ الجنوب؛ لأنَّ مانع الصَّدَقة في الدُّنيا كان يَصرِف وجهه أوَّلًا عن السَّائِل، ثم يَنُوء بِجانبه، ثمَّ يتولَّى بِظَهْرِه».

    ﴿هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾[التوبة:35]:
    ما كنزتموه ليكون سبب لذاتكم، كان سبب تعذيبكم.
    قال الآلوسي: «خُصَّت بالذكر؛ لأن غرض الكانزين من الكنز والجمع أن يكونوا عند الناس ذوي وجاهة ورياسة بسبب الغنى، وأن يتنعموا بالمطاعم الشهية والملابس البهية، فلوجاهتهم كان الكي بجباههم، ولامتلاء جنوبهم بالطعام كووا عليها، ولما لبسوه على ظهورهم كُوِيت».

    ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾[التوبة : 41]:
    لما كانت البعوث إلى الشام، قرأ أبو طلحة  سورة براءة حتى أتى على هذه الآية، فقال: أرى ربنا استنفرنا شيوخا وشبابا، جهزوني يا بَنيّ!
    فقال بنوه: يرحمك الله، قد غزوت مع رسول الله ﷺ حتى مات، ومع أبي بكر حتى مات، ومع عمر حتى مات، فنحن نغزو عنك، فقال: ما سمع الله عذر أحد، ثم خرج إلى الشام فقاتل حتى قُتِل.

    . ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾[التوبة : 41]:
    كان أبو أيوب الأنصارى  يقرأ هذه الآية، ويقول: فلا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا، ولم يتخلف عن غزاة المسلمين إلا عاما واحدا.

    . ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ﴾[التوبة : 42]:
    هذا الدِّين مَتينٌ، لا يحمِلُه إلَّا عالي الهَمِّة، وصادِقُ العزم، ولا مكان فيه لأصحاب العجز والكسل، وعشاق النوم وسافلي الهمم.

    . ﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ﴾[الأنفال : 47 ]:
    في الآية تكريه شديد للمسلمين في البطر والرياء، لأن الأحوال المذمومة تزداد قبحا، ويزداد الناس منها نفورا إذا كانت من أحوال قوم مذمومين، وهم هنا الكافرون الذين خرجوا لبدر بطرا ورئاء الناس.
    . ما البطر؟!
    إذا كثرت نعم الله على العبد فصرفها إلى مرضاته، فهذا هو الشكر، وإن استعملها في المفاخرة على الأقران، والمكاثرة على أهل الزمان، فهذا هو البطر.


    ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾[الأنفال: 50]:
    قال ابن عباس: «كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيف، وإذا ولوا ضربوا أدبارهم، فلا جرم أن قابلهم الله بمثله في وقت نزع الروح».

    . ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾[الأنفال: 51]:
    نفي الظلم كناية عن عدل الله المطلق، وأن العذاب الأليم مكافئ للذنب المجازى عنه بلا إفراط ولا تفريط، فلا يظلم الله مقدار ذرة.

    . ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾[الأنفال: 51]:
    إشارة بالمعنى إلى اسم الله المؤمن. قال ابن عباس: «المؤمن أي أمَّن خلقه من أن يظلمهم».

    . ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾[الأنفال: 54 ]:
    كرَّر التذكير بقوم فرعون مرتين تأكيدا وتهديدا:
    كم من فرعون علا في الآخِرين، فأخذه الله كما أخذ فرعون في الأولين.

    . ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾[الأنفال: 55]:
    عدم الإيمان يهوي بصاحبة إلى مرتبة شر من الدواب!

    . ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾[الأنفال: 56]:
    جمعوا ثلاث خصال: الكفر، وعدم الإيمان، والخيانة، فلا يثبتون على عهد عاهدوه، وهؤلاء عند الله شر من الحمير والكلاب، لأن الخير فيهم معدوم، والشر منهم متوقع.


    . ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾[الأنفال: 57]:
    محق هؤلاء واجب، لئلا يسري داؤهم إلى غيرهم.

    . ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾[الأنفال: 59]:
    لا يحسب الذين كفروا أنهم أفلتوا من عقاب الله، فإنهم لا يعجزونه، والله لهم بالمرصاد، لكن لله حكمة بالغة في عدم معاجلتهم بالعقوبة، ومن جملتها:
    ابتلاء المؤمنين وامتحانهم، وتزود المؤمنين من طاعة يبلغون به المنازل العالية.

    . ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [الأنفال : 67]:
    الذين أرادوا عرَض الدنيا هم من أشاروا بالفداء، وليس رسول الله ﷺ، وقد جاءه جبريل يبلِّغه أن يخيِّر أصحابه.

    . ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ [الأنفال : 67]:
    حقيقة الدنيا!
    سمَّى نعيم الدُّنيا ومتاعها عَرَضا؛ لأنَّه لا ثبات له ولا دوام، فكأنَّه يَعرِضُ لصاحبه ثمَّ يزول عنه.

    . ﴿لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ [الأنفال:68]:
    الكتاب هو ما سبق من حكم الله بإحلال الغنائم، وهذا مما ميِّزت به هذه الأمة على غيرها من الأمم: «وأُحِلَّت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي».

    . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا﴾[الأنفال : 72 ]:
    ﴿آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾: المهاجرون.﴿وَال َّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا﴾: الأنصار.والآية تشير إلى التآخي بين المهاجرين والأنصار.




    ﴿أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾[الأنفال : 72 ]: المراد بالولاية على قولين:
    الأول: الميراث، فقد كان المهاجر يرثه أخوه الأنصارى، إذا لم يكن له بالمدينة ولي مهاجري وبالعكس، واستمر الأمر على ذلك حتى نزل قول الله تعالى:
    ﴿وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ﴾.الثاني : المراد بالولاية هنا النصرة.

    . ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾[الأنفال:73]:
    في الآية نهي شديد عن موالاة الكافرين، فلا يتولاهم إلا من كان منهم.

    . ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾[الأنفال:73]:
    اصطفاف الكافرين ينبغي أن يقابَله اصطفاف المؤمنين، ووحدة أعداء الدين تفرض اليوم وحدة المسلمين.

    ﴿وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾[الأنفال:73]:
    ضعف شأنكم، وذهاب ريحكم، وسفك دمائكم، وتطاول أعدائكم، وهو ثمرة المرة لتفرق إخوان العقيدة اليوم، واتحاد أعدائهم.

    . ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾[الأنفال:74]:
    المؤمن الحق أفعاله تتحدث عنه قبل أقواله.. المؤمن الحق مختبر دوما، ولو لم يكن مؤمنا حق الإيمان لما تحمل فراق الأهل والأوطان، ولا بذل النفس والأموال.

    . ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ﴾[الأنفال:75]:
    المراد بهم من هاجروا بعد الهجرة الأولى، فأولئك منكم أيها المهاجرون والانصار، وتأخر ذكرهم لتأخر قدرهم، إشارةً لفضل السابقين إلى الهجرة على اللاحقين.

    . ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ﴾[التوبة:4]:
    حرَّم الإسلام الخيانة، وأمر بالوفاء ولو مع الأعداء.

    . ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾[التوبة:4]:
    ليست التقوى بأداء حق الله فحسب، بل وبأداء حقوق العباد.

    . ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ﴾[التوبة : 7]:
    كيف يكون للناقضين للعهود مرارا، عهدٌ يُحَترم؟
    أي لا تعاملوا إلا من عاهدتم عند المسجد الحرام (مثل بني كِنانة وبني ضمَرة)؛ لأنهم لم ينقضوا ما عاهدوا عليه رسول الله ﷺ يوم الحديبية.

    . ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ﴾[التوبة : 7]:
    مع أن هؤلاء الكفار لا عهد لهم، لكن الله لم يطالب المؤمنين أن يعاملوا المشركين بالمثل ما داموا يحافظون على عهودهم، وجعل ذلك من لوزام التقوى.

    . ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾[التوبة : 8 ]:
    وصدق القائل:ملكْنا فكان العفو منا سجيـــة *** فلما ملكتم سال بالدَّمِ أبطُــــــح

    . ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾[التوبة: 11]:
    كلمة واحدة تقلب أشد العداوات إلى محبات، وتحوِّل ضرارة القتال إلى مودات: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله.

    . ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ [التوبة:16]:
    الجنة أغلى مما تظن! تريدين إدراك المعالي رخيصة .. ولا بد دون الشَّهد مِنْ إِبَر النحل

    . ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة:16]:
    قال أبو عبيدة: كل شي أدخلته في شي ليس منه فهو وليجة، والوليجة هي بطانة من المشركين يتخذها المسلمون ويفشون إليهم أسرارهم، وانظروا حولكم.. مَنْ مِنَ المسلمين يرتكب اليوم هذه الجريمة؟!




  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي




    الجزء الحادى عشر


    ﴿وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[التوبة: 94]:
    الله مُطَّلِعٌ على الضمائِر كاطلاعه على الظواهر، فأي عقل في الاستخفاء منه؟!

    . ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ﴾[التوبة: 95]:
    إخبار بالمستقبل: بما سيلقى به المنافقون المسلمين قبل وقوعه وبعد رجوع المسلمين من الغزو.

    . ﴿إِنَّهُمْ رِجْسٌ﴾[التوبة: 95]:
    قال الرازي:
    «خبث باطنهم رجس روحاني، فكما يجب الاحتراز عن الأرجاس الجسمانية، فوجوب الاحتراز عن الأرجاس الروحانية أولى، خوفا من سريانها إلى الإنسان، وحذرا من أن يميل طبع الإنسان إلى تلك الأعمال».

    . ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 109]:
    قلَّما تاب ظالم، وقلَّما ردَّ المظالم، والسبب أن الله عاقبه على ظلمه بحرمانه من الهداية.

    ﴿إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ [التوبة: 110]:
    لا نجاة للمنافق مما انحدر إليه إلا أن يتوب توبة صادقة، يتقطع منها قلبه ندما وأسفا.

    . ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ الله﴾[التوبة: 111]:
    قال الزمخشري: «لأن إخلاف الميعاد قبيح، لا يُقْدِم عليه الكرام من الخلق مع جوازه عليهم لحاجتهم، فكيف بِالغَنيِّ الذي لا يجوز عليه قبيح قط؟».

    . ﴿التائبون الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ المؤمنين﴾[التوبة: 112]:
    تسابقوا إلى التَّحلِّي بهذه الخصال ، واحرصوا على بلوغ أوفى رجات الكمال.

    . ﴿وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ﴾(التوبة:1 21):
    حتى قطع الطريق إلى العمل كل يوم مكتوب في ميزان حسناتك، إذا أصلحتَ نيَّتك.

    . ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾(التوب ة:122):
    قال القرطبي: «هذه الآية أصل في وجوب طلب العلم».

    . ﴿ولينذروا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾(الت وبة:122):
    من أهم نيات طلب العلم نشره، وليس كما يفعل البعض من التباهي به والتكبر على الخلق.


    . ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾(ال توبة:123):
    قال السيوطي: «فيها أنه يجب الابتداء في القتال بالأقرب إلى بلد المقاتلين».

    . ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ﴾(ال توبة:123):
    من سُنن الجهاد البدء بالعدو الأقرب فالأقرب، وليس أقرب إليك من نفسك التي بين جنبيك! ففي الحديث: «المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله عز وجل». صحيح الجامع رقم: 1129

    . ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ﴾(ال توبة:123):
    وفي الحديث: «أفضل الجهاد: أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجلَّ». السلسلة الصحيحة رقم: 1496

    . ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾( التوبة:123):
    معية الله للمتقين معية نصرة وتوفيق وتأييد وإعانة وتثبيت، وكل ما يحتاجونه.

    . ﴿وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا﴾(التوبة:1 24):
    لاحظ تواصي المنافقين بالنفاق، وتثبيتهم لبعضهم البعض حتى لا يؤمنوا!

    . ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾(التو بة:124):
    تعرضك لآيات القرآن يزيد من إيمانك، وغيابك عنها قراءة وتدبرا سبب نقص إيمانك.

    . ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾(ا لتوبة:128):
    ترغيب للعرب في الإيمان بالنبي ﷺ وطاعته، فهو منكم، وكل ما يحصل له من العز والشرف في الدنيا عائد إليكم.




    ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾(الت وبة:129):
    خصَّ العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات، فإذا أحاط الله به فقد أحاط بمن دونه،
    فكيف لا تتوكل عليه؟!


    . ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾(الت وبة:129):
    قال ابن عباس:
    «العرش لا يقدر أحدٌ قدرَه»، فهذه عظمة العرش، فكيف بعظمة رب العرش؟!


    ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾﴾
    ثلاثة معان لحكمة!
    الحكيم هو ذو الحكمة، أو الحكيم بمعنى الحاكِم، أو الحكيم بمعنى المُحكَم ضد تسلل الباطل، فلا كذب فيه ولا تناقض ولا اختلاف.


    . ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ (يونس:4):
    يا من طالت غيبته: ارجع إليه طوعا قبل أن ترجع إليه بالموت قهرا.

    ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾ (يونس:4):
    قال الضحاك:
    «يُسقى من حميم يغلي من يوم خلق الله السموات والأرض إلى يوم يُسقونه ويُصبُّ على رؤوسهم».


    . ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ (يونس:4):
    لماكانت الشمس أعظم حجما خُصَّت بالضياء، لأن له سطوع ولمعان، وهو أعظم من النور، ومن ضخامة حجم الشمس أنها يمكن أن تحوي 1.3 مليون كرة أرضية!


    ﴿ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ (يونس:4):
    لاحظ دقة التعبير القرآني! فالضوء أقوى من النور، والضوء يأتي من إشعاع ذاتي، فالشمس ذاتية الإضاءة، فإذا استقبل القمر ضوءها عكس النور.

    ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾(يو نس:31):
    من رحمة الله بنا أن لم يقصر رزقنا على جهةٍ واحدةٍ؛
    بل رزقنا من فوق رؤوسنا ومن تحت أرجلنا.

    . ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾(يون س:32):
    قال القرطبي:
    «حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله تعالى، وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد».

    . ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِين َ﴾ (يونس:40):
    يعلم الله أهل الإفساد في الأرض، وليس بعد العلم إلا الحساب والعقاب.

    ﴿فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ﴾ (يونس:41):
    عار أن يعمل أهل الباطل، ويتخلف عن العمل أهل الحق، وعار أكبر أن يجتهد أقوام في السعي إلى النار، ويكسل عاشق الجنة.


    . ﴿أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (يونس:41):
    في البراءة استعمل الفعل المضارع: (أعمل) و (تعملون) للدلالة على البراءة من كل عمل يحدث في الحال والمستقبل.

    ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ﴾ (يونس:42):
    الهداية بيد الله وحده، وإذا غاب القلب لم تنفع الأذنان.


    . ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾(يونس:49) :
    سيد الأنبياء لا يقدر على دفع ضر عنه ولا جلب نفع له إلا بإذن الله، فمتى يتعلم التواضع منه أهل الكِبْر والخيلاء؟!


    . ﴿ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾(يونس:49):
    لا أحد يموتُ إلَّا بعد انقضاءِ أجَلِه، ولا يُقتَل المقتول إلا على هذا الوجه.

    ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾(يو نس:59):

    احذر الفتوى بغير علم!
    قال ابن كثير: «وقد أنكر الله تعالى على من حرم ما أحل الله، أو أحل ما حرم، بمجرد الآراء والأهواء التي لا مستند لها، ولا دليل عليها، ثم توعدهم على ذلك يوم القيامة«.

    ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾(ي ونس:60):
    استفهام قُصِد منه الوعيد والتهديد الشديد لبيان هول ما سيلقونه من عذاب


  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾(يون س:65):
    لا يحزنك تهديد واستهزاء وسخرية وتآمر أهل الباطل، فحربهم ليست معك، بل مع الله العزيز.

    . ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾(يونس:6 5):
    انظر إلى أعدائك بنظر الفناء، لترى أعمالهم وأقوالهم وتهديدهم كالهباء، فمن شاهد قوة الله وعزته رأى كل العزة والقوة له، ولا قوة لأحد ولا حول له، وهو تعليل للنهي السابق. كأنه قيل: لم لا أحزن؟
    فقيل: إن العزة لله.

    . ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾(يونس :66):
    حين يسيطر الشيطان على القلب، يقوده إلى الوهم، فلا يتبع المشركون شركاء لله على الحقيقة، وإنما سموهم شركاء لجهلهم.

    . ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾(يو نس:66):
    الخرَص هو الكذب أو القول بتخمين، ومن أبشع الضلالة: أن يقضي أقوام أعمارهم في خدمة باطل يظنونه حقا.

    ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ﴾(يو نس:71):
    صدق التوكل هو باعث القوة في القلب لإعلان هذا التحدي، والتقدم بمثل هذا الطلب التعجيزي.

    . ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ﴾(يونس:71):ي
    ستطيع العبد - بتوكله على ربه- أن يلقي بأعدائه خلف قضبان العجز.

    . ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمنذرين﴾ [يونس: 73]:
    (المنذَرين) أي المكذِّبين، حيث لم يُفِد الإنذار فيهم، وقد جرت سنة الله أن لا يُهلِك قوما بالاستئصال إلا بعد الإنذار، فمن أنذر فقد أعذر.

    ﴿كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ المعتدين﴾(يونس:7 4):
    الطبع على القلب وحرمانه من الهداية ليس إلا عقوبة للمعتدين على الذنوب.

    . ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [يونس: 75]:
    الحق سحر، وحامل الحق ساحر! لن تنفد حجج البعض للتفلت من تبعات الإيمان.

    . ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾(يونس:79) :
    يصدِّق الطاغية بمرور الوقت كذبه، فما زال فرعون يظن موسى ساحرا، ويريد أن يقابله بسحر مثله.

    . ﴿أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾(يونس :80):
    قال الآلوسي: «لا يخفى ما في الإبهام من التحقير والإشعار بعدم المبالاة، والمراد أمرهم بتقديم ما صمموا على فعله ليظهر إبطاله، وليس المراد الأمر بالسحر والرضا به».


    . ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدِين﴾(يونس :81):
    قال الطاهر بن عاشور مبيِّنا طبيعة الباطل المضمحلة وزواله الحتمي:«فإذا نفى الله إصلاحها فذلك بتركها وشأنها، ومن شأن الفساد أن يتضاءل مع الزمان حتى يضمحل»

    . ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين﴾(يونس:8 1):
    كتب الخليفة الخامس عُمر بن عبد العزيز إلى عامله عبد الرحمن بن نُعَيْم ينصحه في سطر واحد: «أما بعد، فاعمل عمل من يعلم أنَّ الله لا يُصْلِح عمل الْمُفْسدين».

    . ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ المجرمون﴾(يونس:8 2):
    الإحقاق هو التثبيت، ومنه سُمِّي الحق حقا لأنه الثابت، وقول الله تعالى ﴿بِكَلِماتِهِ﴾ : «فمعناه بكلماته السابقة الأزلية في الوعد بذلك»

    . ﴿وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾( يونس:86):
    قال الإمام الشوكانى: «وفي هذا الدعاء الذي تضرعوا به إلى الله- دليل على أنه كان لهم اهتمام بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم».

    . ﴿تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾:
    لا عذر لأحد في ترك الصلاة!
    منعهم فرعون الصلاة، فأمرهم الله أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم.

    ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ﴾(يونس:87):

    اجعل بيتك قبلة للمؤمنين ومنارة للحائرين وواحة للمهتدين.

    . ﴿رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ﴾(يونس:88):
    قال القرطبي: «اختُلِف في هذه اللام، وأصح ما قبل فيها- وهو قول الخليل وسيبويه- أنها لام العاقبة والصيرورة».

    . ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المفسدين﴾(يونس:9 1):
    إذا طرق ملك الموت بابك، فقد أُغلِق باب القبول، فات وقت الاعتذار، بعد الركض طويلا في ميدان الاغترار!

    . ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾(يونس:92):
    كم أهلك الله فراعين أمام أعين الناس أجمعين، ليكونوا عبرة للغافلين.

    . ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾(يونس:92):
    آية لكل ظالم وكل مظلوم، وقلما يعتبر ظالم، فليعتبر بها كل مظلوم.

    . ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾(يونس:100 ):
    ليست هداية البشر بإرادة نبي ولا سعي ولي، وإنما بإرادة الله وتوفيقه، فلا تحمِّل نفسك فوق طاقتها في سبيل هداية أحد، وَوكِّل أمره إلى الله.


    . ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾(يو نس:101):
    قال السيوطي: «في الآية دليل على وجوب النظر والاجتهاد، وترك التقليد في الاعتقاد».

    . كَيف تخَاف فَوات شيء من الْخَيْر أراده الله بك، وإن لم يردهُ بك، فَمن الذي يقدر على أن يعطيك إياه؟

    . ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [يونس: 108]
    اختيار وصف الرب: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ للتنبيه على أنه إرشاد من الذي يحب صلاح عباده، ويدعوهم إلى ما فيه نفعهم، وهذا شأن من يربي، أي يسوس الأمر ويدبِّره.

    . ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ [يونس: 108]:
    كلُّ من تُعامله من الخلق إن لم يربح عليك لم يُعاملك، والرب سبحانه إنّما يعاملك لتربحَ أنت عليه أعظمَ الربح وأعلاه.

    . ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ﴾ [يونس: 109]
    اتباع الحق سيجر عليك المتاعب، لذا تحتاج دوما إلى الصبر.. تحتاج إلى صبر لاتباع الحق وتحصيله والعمل به ثم الدعوة إليه.


    ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾[هود:3]:
    الاستغفار مقال، والتوبة أعمال، والتوبة أعلى. .
    قال البقاعي: «أشار بأداة التَّراخي إلى علوِّ رُتبةِ التَّوبةِ، وأنْ لا سبيلَ إلى طلَبِ الغُفرانِ إلَّا بها».

    . ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾[هود:3]:
    التوبة وعد!
    سمع مطرف رجلا يقول : أستغفر الله وأتوب إليه ، فأخذ مطرف بذراعه وقال : «لعلك لا تفعل! من وعد فقد أوجب»..
    قال القشيري: «توبوا إليه بعد الاستغفار، من توهمكم أن نجاتكم باستغفاركم، بل تحقَّقوا بأنكم لا تجدون نجاتكم إلا بفضل ربِّكم، فبفضله وبتوفيقه توصَّلتم إلى استغفاركم، لا باستغفاركم وصلتم إلى نجاتكم».

    . ﴿ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾[هود:3]:
    سمَّى منافع الدُّنيا متاعا؛ للتَّنبيه على حقارتها، ونبَّه مع هذه الحقارة على أنها مُنقَضية،
    فقال: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، فدلَّت الآية في شدة إيجاز على كَونِ الدنيا حقيرة زائلة.

    . ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾[هود:3]:
    المراد بالفضل الأول: العمل الصالح، والفضل الثاني: ثواب الله،
    فالجملة وعدٌ من الكريم بحسن مجازاة الصالحين.

    . ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾[هود:3]:
    تتفاوت الدرجات في الآخرة بحسب تفاوت أعمال العباد.
    قال يحيى بن معاذ: «إنما ينبسطون (ينشطون ويجتهدون) إليه على قدر منازلهم لديه».

    المنافق مستعد للحلف كاذبا ليُرضي الخلق، أما راى الله فآخر اهتماماته:

    ﴿ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾.

    . ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾:
    إذا لم تستطع أن تتخلص من السيئات، فزاحمها بكثرة الحسنات، وستغلب الكثرة القِلة
    ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾.

    ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾:
    اجعل من نياتك عند الشروع في الطاعة أن تمحو بها أثر سيئة.

    . ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾:
    شرع الله الصدقة من أجلك أنت أولا قبل الفقير.

    . ﴿صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾:
    كان بعض المتصدقين يضع الصدقة في يده، ثم يدعو الفقير لأخذها، لتكون يد الفقير هي العليا، ويده المنفقة هي السفلى!


    . توبة مالية!!
    إذا ابتليت بذنب وتريد أن تتطهر منه، فاستعن بالصدقة:
    ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾

    . ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ﴾:
    قال ابن كثير: «هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللتين كل منهما يحط الذنوب ويمحقها».

    . ﴿فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾:
    كل طاعاتك يراها الله، فكيف تشرك فيها غيرك؟!

    . ﴿والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا﴾:
    اتخذ النفاق في العهد النبوي أشكالا لا يُتصَوَّر أن يتسلل إليها النفاق، فكيف بعهدنا اليوم؟! الحذر أوْلى.

    . ﴿فيه رِجالٌ يُحبونَ أَنْ يَتَطَهّروا﴾:
    إذا أردت أن تطهِّر قلبك وتزكِّي روحك، فاجلس في مسجد، واذكـر الله تعالى فيه.

    . ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾:
    ماذا تساوي نفوسنا المعيبة -وإن طهرت- حتى يشتريها الله منا بكل هذا الثمن،
    لذا قال الحسن البصري: « بايعهم والله فأغلى ثمنهم»..
    قال محمد بن الحنفية يحثك على تزكية نفسك بالعمل الصالح:«إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها»..
    أنت لا تملك نفسك، ولا يحق لك التصرف فيها دون إذن المالك، فإنما يتصرف في ما اشتراه منك وبعته له، وأعطاك في المقابل الجنة، أرجعت في بيعتك؟! أم أنك لم تبع وزهدت في الجنة من الأساس؟!
    وإذا بعت.. أيحسن لمن باع شيئا أن يغضب على المشتري إذا تصرَّف فيه أو يتغيرقلبه تجاهه إذا أنفقه؟
    وماذا لنا فينا حتى نتكلم!!. كيف بعت هذه النفس الثمينة بشهوة تنقضي في لحظة؟! وبلذة لا تبقى سوى ساعة؟!
    وهبها بقيت أياما أو أعواما فماذا تساوي بجوار لذة الخلد؟! وبعتها لمن؟!
    لأعدى أعدائك: شيطانك!.
    حُكِي عن مالك بن دينار أنه مرَّ بقصر يُبنَى، فسأل الأجراء عن أجرتهم، فأجابه كل واحد منهم بأجرته، ولم يجبه واحد، فقال: ما أجرتك؟
    فقال: لا أجر لي؛ لأني عبد صاحب القصر، فقال مالك: إلهي .. ما أسخاك، الخلق كلهم عبيدك، كلَّفتهم العمل ووعدتهم الأجر..
    البائع لا يستحقّ الثمن إذا امتنع عن تسليم ما باع، فكذلك لا يستحق العبد الجنة إلا بعد تسليم النّفس والمال على موجب أوامر الشرع،
    فمن قعد أو فرّط فغير مستحق للجزاء.



    . تأمل هذا الوصف البليغ في الولاء والبراء:
    ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾،
    فاقتفِ أثر خليل الرحمن، وتبرأ من كل عدو لك ولدينك ولرسولك وللمؤمنين.

    . تأمل كيف اجتمعت صفة الحلم والغلظة في شخص واحد:
    ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيم﴾،
    فالحلم ليس معناه التهاون في أمر الدين.

    . ﴿مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾
    صحابة..مجاهدون..ف ي معية النبي ﷺ، وتكاد قلوبهم أن تزيغ، وبعضنا واثق من قلبه، ومطمئن على إيمانه!
    على أي اساس؟!

    . ﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ الْعُسْرَة ﴾:
    وصف الله العسر بأنه ساعة من نهار؛ كي لا تضجر من الأقدار!


  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِي نَ والأنصار﴾:
    قال ابن القيم: «وتوبة العبد إلى الله محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها، وتوبة منه بعدها، فإنه تاب عليه أولا إذنا وتوفيقا وإلهاما، فتاب العبد، فتاب الله عليه ثانيا، قبولا وإثابة».. قال ابن القيم: التوبة نهاية كل عارف، وغاية كل سالك، وكما أنها بداية فهي نهاية، والحاجة إليها في النهاية أشد من الحاجة إليها في البداية، بل هي في النهاية في محل الضرورة، لذا كان ﷺ في آخر حياته أشد ما كان استغفارا وأكثره، وأنزل الله بعد غزوة تبوك، وهي آخر الغزوات التي غزاها ﷺ بنفسه: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِي نَ والأنصار﴾

    . ﴿ثم تاب عليهم ليتوبوا﴾:
    تحتاج لأن يتوب عليك أولا لتتوب، فالتوبة ليست مجرد قرار شجاع، هي قبل ذلك هداية ورحمة وتوفيق من الله.

    ﴿ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ﴾:
    أضيق ما يكون الأمر قُبيل الفرَج!

    . ﴿وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ﴾:
    قال مجاهد: «ما كان من ظن في القرآن فهو يقين»، فلما أيقنوا ألا ملجأ إلا الله، صدق منهم اللجوء إليه، فتداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء.

    . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾:
    كونوا معهم، ولا تتفردوا في السير من دونهم، كي لا يستفرد بكم شيطان في الطريق، فالجماعة بركة، والفرقة عذاب وضياع.

    . ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾:
    لن تستطيع أن تكون تقيا إلا إن كنت في بيئة صالحة!

    . ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾:
    الصدق من أهم معايير اختيار الصحبة، فلا يصلح أن تصاحب كاذبا.

    ﴿وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ﴾:
    والوطء في سبيل الله هو أن تدوس في أرض العدو بما يغيظه، فإن العدو يأنف من وطء أرضه، وممكن أن يكون الوطء استعارة لإذلال العدو وإغاظته،
    فكل عمل تغيظ به أعداء الله، فلك به أجر، ولو كان خطوة واحدة.

    . ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ﴾:
    لا تحقرن صغيرة من خير، فأصحاب الأعراف يوم القيامة يوقفون عن دخول الجنة، بسبب نقصان حسنة واحدة!

    . تنزل الآية على القلوب، فتكون سبب في زياد إيمان قوم، وزيادة رجس -أي كفر وشك- قوم آخرين
    ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾.

    . ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾:
    قصة حديث تشرح آية!.
    بينما رسول الله ﷺ جالس في المسجد إذ أقبل ثلاثة نفر، فأما الأول فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا،
    فقال ﷺ: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه».

    . ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾:
    إعراض مديره عنه يقلقه، فكيف بإعراض الله؟!

    . ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾:
    سين: لماذا صرف الله قلوبهم؟!
    جيم: لأنهم انصرفوا، فصرف الله قلوبهم عن الهدى؛ عقوبة على انصرافهم أولا.

    . ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾:
    المنافق تُقلِقه سورة! فكيف بالقرآن بأكمله؟!

    . ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ الله﴾:
    قل لكل شيء فقدته، ولكل غالٍ هجرك، ولكل قريب تخلى عنك: حسبي الله .. يكفيني ويؤويني.

    آية :
    ﴿وبشِّرِ الذينَ آمَنوا..﴾:
    تبشير المؤمنين سُنَّة يغفل عنها الكثيرون، وما أكثر ما قال رسول الله ﷺ كلمة (أبشِر) لأصحابه، وبها أمرنا: «بشِّروا ولا تنفِّروا».

    . آية : ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾:
    قال السعدي: «مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة، ولكن لما له في ذلك من الحكمة الإلهية، ولأنه رفيق في أفعاله».

    ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾:
    فرِّغ قلبك من همومك وتدبيرك، وفوِّض أمرك لوأسلِم قيادك لمن وعدك بتدير الأمر لك ولغيرك.

    . ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾:
    قال سهل التستري: «يقضي القضاء وحده، فيختار للعبد ما هو خير له، فخيرة الله خير له من خيرته لنفسه».

    . ﴿قَدَمَ صِدْقٍ﴾:
    حقيقة القدم ما قدَّموه، ويقدمون عليه يوم القيامة، والمؤمنون قدَّموا الأعمال الصالحة، والإيمان بمحمد ﷺ ، فيقدمون على الجنة التي هي جزاء ذلك، فهذه ثلاث تفسيرات لقدم صدق.

    . ﴿ يُدَبّرُ الأَمْرَ ﴾
    تكررت في كتاب الله 4 مرات؛ لتنزع من قلبك أوهام أن أمرك بيد أحد غير الله.

    ﴿وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا﴾:
    لا يأمرك الله بترك الدنيا، ولكن بعدم الاطمئنان بها وألا تركن إليها، فتقدِّمها على آخرتك، وتحصِّل لذاتها وشهواتها بأي طريق فتهلك!!

    . ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بإيمانهم﴾:
    ليست الهداية درجة واحدة ولا الإيمان، بل درجات، وتتناسب هدايتك طرديا مع إيمانك، فكلما زاد إيمانك زادت هدايتك.

    . ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ يإيمانهم﴾:
    الإيمان باقة نور يهتدي به المؤمنون في ظلمات الفتن ومتاهات الغربة، حتى يصلوا إلى الهدف المنشود: الجنة.

    . ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ
    يإيمانهم﴾:
    قال ابن جريج: يُمثَّل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره، يعارِض صاحبه ويبشِّره بكل خير، فيقول له: من أنت؟
    فيقول: أنا عملك، فيُجعَل له نوره من بين يديه حتى يُدخِله الجنة، فذلك قوله تعالى:
    ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ
    يإيمانهم﴾ .

    . ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
    الدعوى هنا الدعاء، ومعنى قولهم سبحانك: اللهم إنا نسبِّحك وننزهك عما لا يليق بك، فعبادة أهل الجنة التسبيح والحمد ، وذلك ليس على سبيل التكليف،
    بل على سبيل التلذذ والابتهاج بذكر الله، وهو لهم بمنزلة النَّفَس، من دون كلفة ومشقة.

    . ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾:
    قال الآلوسى: «وفي الآية ذم لمن يترك الدعاء في الرخاء، ويهرع إليه في الشدة، واللائق بحال العاقل التضرع إلى مولاه في السراء والضراء، فإن ذلك أرجى للإجابة،
    ففي الحديث الشريف: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة».

    . ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾:
    قال أبو الدرداء: «ادعُ الله يوم سرائك، يستجِب لك يوم ضرائك».

    . ﴿قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾:
    ما أشبه الليلة بالبارحة! بعض من ينادون بخفيف لهجة الخطاب الديني أو تجديده!

    . ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾:
    قال الطبري: «والتبديل الذي سألوه أن يحوّل آية الوعيد آية وعد، وآية الوعد وعيدًا، والحرامَ حلالا، والحلال حرامًا، فأمر الله نبيَّه ﷺ أن يخبرهم أن ذلك ليس إليه، وأن ذلك إلى من لا يُرَدُّ حكمه، ولا يُتَعَقَّب قضاؤه، وإنما هو رسول مبلِّغ ومأمور مُتَّبِع».

    ﴿ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ﴾:
    هذا سبب تعنت المنافقين والكافرين تجاه القضايا الإسلامية والأحكام الشرعية، وأما من آمن بلقاء الله فلابد له أن ينقاد لأحكامه.

    . ﴿ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾:
    ﻻ تحزن إن جحد الناس إحسانك، فمَنْ جحد فضل الخالق من قبل،
    كيف لا يجحد فضل المخلوق؟!

    . ﴿قل الله أسرع مكرا﴾:
    مهما أسرع الماكرون وتفننوا وتستروا، فقد سبق مكر الله مكرهم، لأن أحاط علما بمكرهم قبل أن يفعلوه، وقدرة على إبطاله بعد أن يفعلوه.

    ﴿وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾:
    مشركون دعوا الله حين أحاطت بهم الأمواج، فنجاهم الله،
    فكيف تيأس وتنقطع عن الدعاء مع إيمانك؟!

    . قال مكحول: ثلاث من كن فيه كن عليه: المكر، والبغي، والنكث.
    قال تعالى: {ومن نكث فإنما ينكث على نفسه} وقال: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} [فاطر: 43]، وقال: {إنما بغيكم} على أنفسكم "[يونس: 23]

    . (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم):
    أنفع موعظة ما كانت من أجل منفعتك أو صرف السوء عنك، ولذا فهذه صيحة تحذير وصرخة نذير: أنت لا تضر إلا نفسك!

    ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾: البغي سهم سيرتد إليك عاجلا أو آجلا!

    ﴿وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا﴾: الاغترار بالقوة أول علامات الانهيار.
    .
    ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾: قال القرطبي: «المضطر يجاب دعاؤه، وإن كان كافرا، لانقطاع الأسباب ورجوعه إلى الواحد رب الأرباب».

    . ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾: الدنيا أقصر ما تكون، وكأنها موسم زراعة واحد!!

    . ﴿كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾: جملة كفيلة بأن تزهِّدك في الدنيا بأسرها لأنها زائلة ومنسية، وترغِّبك في الآخرة الخالدة.

    . ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ﴾: قال ابن كثير: «لما ذكر الله الدنيا وسرعة زوالها، رغَّب في الجنة ودعا إليها، وسمّاها: دار السلام، أي من الآفات والنقائص والنكبات».

    . ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ﴾: من أجاب النداء من الدنيا دخلها، ومن أجاب النداء من القبر حُرِمها.

    . ‏﴿ وَاللهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ﴾: تجيب أمك وأباك إذا ناداك، ولا تجيب ربك إذا دعاك، ودعوته لك إلى سعادة الأبد في جنة الخلد لتكون مثواك!

    . بقدر إحسانك في الدنيا تكون زيادة نعيمك في الجنة: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾


    . ﴿وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ﴾: قال السعدي: «لا ينالهم في الجنة أي مكروه بوجه من الوجوه، لأن المكروه إذا وقع بالإنسان تبين ذلك في وجهه، وتغير وتكدَّر».
    .
    ﴿وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ﴾: تغير وجه صاحبك علامة على نزول مكروهٍ به، فتفقَّد أحواك صاحبك عند تغير وجهه.

    . ﴿بل كذبُوا بما لم يُحيطوا بعلمه﴾: الإنسان عدو ما جهل!

    . ﴿ومنهم من ينظر إليك﴾: النظرة واحدة لكن الأثر مختلف بحسب نوع القلب. قال ابن كثير: «المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار، والكافرون ينظرون إليك بعين الاحتقار: (وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا) ».

    . ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾: عشرات السنين تصبح بعد معاينة الآخرة أقصر ما تكون، وكأنها لحظات تعارف.

    . وعد الله بالنصر قائم وقادم لا محالة، لكن لا يلزم أن يراه المستضعفون اليوم، فالله قال لرسوله: ﴿فإمّا نرينّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون﴾.

    . ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾: قال ابن عاشور: «وقد عبَّر عنه بأربع صفات هي أصول كماله وخصائصه، وهي: أنه موعظة، وأنه شفاء لما في الصدور، وأنه هدى، وأنه رحمة للمؤمنين».
    .
    ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾: وهذا الشفاء لن يتحصل عليه إلا من التزم بشرطه، وشرطه: التدبر.

    . ﴿وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصدور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ﴾: جاءت كلمة «الشفاء» قبل كلمة الهداية، لتبيِّن أن إخراج ما في القلب من أهواء وأمراض مطلوب لحصول هداية القلب.

    . ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ هذه من أشد آيات المراقبة، فهذا علمه بحركات الذرات، فكيف علمه بحركات لعباد؟!

    . ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾: أي لا خوف يخافه خائفٌ عليهم، فهم بمأمن من أن يصيبهم مكروه، وليس المعنى أنهم لا يخافون، لكن إذا اعتراهم خوفٌ ينقشع عنهم باعتصامهم بالله وتوكلهم عليه.

    ﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾: وإن كانوا يحزنون لما يصيبهم من أمور في الدنيا، فذلك حزن عابر لا يستقر، بل يزول بالصبر وذكر الأجر، ولا يلحقهم الحزن الدائم المؤدي لكسر النفس والاكتئاب.

    . ﴿لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾: قال ابن عاشور: «فالكلام يفيد أن الله ضمن لأوليائه أن لا يحصل لهم ما يخافونه، وأن لا يحل بهم ما يحزنهم، ولما كان ما يُخاف منه من شأنه أن يُحزن من يصيبه، كان نفي الحزن عنهم مؤكدا لمعنى نفي خوف الخائف عليهم».

    . ﴿لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾:قال السعدي: أما البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق.. وأما في الآخرة، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم، وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم.. وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم.

    . اطمئن واستبشِر!﴿لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾: كل ما وعد به الله فهو حق، ولا يمكن تغييره أو تبديله أو الرجوع عنه، لأنه الصادق في قوله، ولا يقدر أحد على مخالفه ما قدره وقضاه، ومن ذلك وعودُه للمؤمنين، ولذا قال بعدها مبشِّرا: (ذلك الفوز العظيم).

    . ﴿فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾: الداعية لا يرجو بدعوته مالا ولا جاها، وكلما زهد داعية في دنيا الناس أقبل الناس عليه، ليفيدهم في أمر آخرتهم.

    . ‏﴿ إن أجري إلا على الله ﴾: فلا تأبه إن شكرك الناس على صنع المعروف أو نسوك، ولا تحزن لجحود الناس، لأنك تستلم أجرك من وجهة واحدة: الله رب العالمين.

    . ‏﴿وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ﴾: يظن الظالم أن الناس كلهم مثله، فيرميهم بالداء الذي فيه، ولا يتصور ان أحدا يعمل لمهمة سامية وغاية نبيلة، أو رجاء ثواب الله والدار الآخرة.

    . ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾: أي يا رب لا تمكِّنهم من عذابنا، لئلا يقول الظالمون وأتباعهم: لو كان هؤلاء على الحق لنصرهم الله!

    . ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ﴾: الذرية هم الشباب، وهم أمل المستقبل ومفتاح التغيير.

    . ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا﴾: شكر نعمة الإجابة! قال ابن عاشور: وفرَّع على إجابة دعوتهما أمرهما بالاستقامة، فعلم أن الاستقامة شكر على الكرامة فإن إجابة الله دعوة عبده إحسان للعبد وإكرام وتلك نعمة عظيمة تستحق الشكر عليها وأعظم الشكر طاعة المنعم.

    ﴿فاستقيما﴾: ما فائدة أمر المستقيم بالاستقامة؟ فموسى وهارون حازا أعلى استقامة، وهي استقامة النبوة. جيم: الأمر بالدوام عليها.

    . ﴿ وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾: أول الانحراف عن طريق الاستقامة سببه اتباع طريق المنحرفين، فحذر المؤمن وخوفه الدائم من الانحراف من أهم أسباب الاستقامة.

    . ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا﴾: الاستقامة على فعل الطاعات، من أعظم أسباب إجابـة الدعوات.

    . ﴿حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ المؤمنين﴾: قال البقاعي: في كل زمن وإن لم يكن بين ظهرانيهم رسول، لأن العلة الاتصاف بالإيمان الثابت.

    ﴿وإن يُردكَ بخيرٍ فلَا رادَّ لفضّله ﴾: لا راد لفضله ولو كانت الدنيا بأسرها، فمن يحرم من أراد الله عطاءه، ومن يُشقي من أراد الله إسعاده؟!

    . ﴿واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه﴾: الاستغفار جسر يوصلك إلى التوبة.

    ﴿وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا ﴾: أعظم متعة تجدها في قلوب التائبين المستغفرين.

    . خرج عمر بن الخطاب يستسقي فما زاد على الاستغفار حتى رجع قالوا: ما رأيناك استسقيت، قال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ: ﴿وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [هود: 52]

    . ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾: قال سعيد بن جبير: من عمل حسنة كُتِبَت له عشر حسنات، ومن عمل سيئة كتبت عليه سيئة واحدة، فإن لم يعاقب بها في الدنيا، أُخذ من العشرة واحدة، وبقيت له تسع حسنات، لذا قال ابن مسعود: «هلك من غلب آحاده أعشاره».



  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي




    الجزء الثانى عشر


    ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾[هود: 7]: قال أبو جعفر الطبري: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾، أفيعجز من خلق ذلك من غير شيء أن يعيدكم أحياءً بعد أن يميتكم؟!».

    . ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾[هود: 7]: قال البقاعي: «ففي ذلك الحثُّ على محاسنِ الأعمال، والترقِّي دائما في مراتبِ الكمالِ».

    . ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾[هود: 11]: المراد بالذين صبروا المؤمنون، لأن الصبر من لوازم الإيمان، ولا إيمان لمن لا صبر له.

    . ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾[هود: 11]: استعمل وصف (صبروا) بدلا من (آمنوا)، لأن المراد مقارنة حالهم بحال الكفار في قول أحدهم: ﴿إنه ليؤس كفور﴾ [هود: 9].


    . ﴿أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾[هود: 13]: الإعجاز بالتحدي!
    تحدى الله عز وجل الخلق أن يأتوا بمثل القرآن، فعجزوا، فتحداهم أن يأتوا بعشر سور من سور القرآن، فعجزوا، فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة، فعجزوا.

    . ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾[هود: 39]:المؤمن الواثق بأنه على الحَقِّ لا يُزَعزِع ثقتَه مقابلة السُّفهاء لدعوته بالسُّخرية، بل يجهر بكلم ةالحق بكل قوة.

    . ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾[هود: 37]: قد علم الله من يصر على الكفر منهم ويموت عليه، فلماذا يطلب الله من رسوله ﷺ تبليغ الرسالة؟
    والجواب: لتقوم عليهم الحجة، ويكونوا شهداء على أنفسهم يوم القيامة

    . ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾[هود: 45]:قال مالك بن أنس: «الأدب أدب الله لا أدب الآباء والأمهات، والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات».

    . ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾[هود: 57]: الاستعمال في طاعته وإلا فالاستبدال.

    . ﴿إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾[هود: 57]: يا حفيظ احفظنا!
    اقتضت سنة الله أن يحفظ أولياءه ويخذل أعداءه.


    ﴿نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾[هود: 58]:لم يقل باستحقاقه النجاة، أو بنبوته، أو لكثرة طاعته وحسن عبادته، بل قال: ﴿بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾،
    ليعلم الجميع أن رحمة الله هي طوق النجاة، وأن أحدا لا يستوجب النجاة بسابق عمله بل بسابغ رحمة الله.

    . ﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ﴾[هود: 59]: عصوا رسولا واحدا، لكن رسالة الرسل واحدة، فمعصية واحد كمعصية الكل.

    . ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾[هود: 59]: اتباع أمر الجبابرة يحشرك معهم يوم القيامة. قال ابن عرفة: دخلت ﴿كل﴾ على ﴿جبار﴾، ولم يقل: اتبعوا كل أمر جبار عنيد، وهذا هو الصواب؛ لأن المراد أنهم اتبعوه في ما فيه مخالفة للشرع، فلم يتبعوا كل أمره.

    . ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾[هود: 60]: استعمل مع الدنيا اسم الإشارة ﴿هذه﴾، لقصد تحقيرها وتهوين أمرها عند مقارنتها بلعنة الآخرة.

    . ﴿أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾[هود: 60]:ما فائدة (قَوْمِ هُودٍ) مع أنه أمر معلوم؟! ل
    لإشارة إلى أنَّ استِحْقاقَهم للبُعْد بسبَبِ ما جرَى بينَهم وبين هودٍ عليه السلام وهم قومُه؛ فيكون هذا تعريضًا خفيا بمشركي قريش الذين آذوا رسول الله ﷺ،
    وأنهم سيلاقون بتكذيبهم لرسولهم ما لقيه قوم هود لمخالفة نبيهم.

    . ﴿قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا﴾[هود: 62]: يتغير رأي الناس فيك إن واجهتهم بما يكرهون ولو كان حقا، ويحبونك لو وافقتهم ولو كانوا على باطل.

    . ﴿قال تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾[هود: 65]: استُدِلَّ به في إمهالِ الخَصمِ ثلاثة أيام.
    قال الأوزاعي: «كان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثة أيام، ثم عاقبه كراهة أن يعجل في أول غضبه».


    ﴿نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾[هود: 66]: الخزي هو الذل العظيم الذي يبلغ بصاحبه حد الفضيحة، وسمى الله هذا العذاب خزيا؛ لأنه فضيحة باقية يعتبر بها من بعدهم من الأمم.

    . ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا﴾: قال الإمام السيوطي: »فيه مشروعيَّةُ الضِّيافة والمبادرة إليها، واستحباب مبادرة الضَّيف بالأكل منها».

    . ﴿قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ﴾[هود: 69]: فيه إشارة إلى أن السَّلامِ مِن ملَّةِ أبينا إبراهيم عليه السَّلام

    . ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾[هود: 75]: والحليم: هو الصبور على الأذى، المقابل له بالإحسان، والأواه: كناية عن شِدَّةِ اهتمامه بالنَّاس، وتأوُّهه لآلامهم، وهذا شأن كل داعية.

    . ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾[هود: 80]: هذا حالُ المؤمنِ إذا رأى مُنكَرا لا يقدِر على إزالته؛ أن يتحَسَّر على فقد القوة أو المعين على دفعه.

    . ﴿قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ﴾[هود: 81]: جواز رؤية البشر للملائكة، كما رأتْهم سارة امرأة الخليل عليه السَّلام، وكما رأى الصَّحابة جبريلَ على هيئة أعرابي، وكما نزل جبريل في صورة دِحيةَ الكَلبيِّ.

    . ﴿لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾[هود: 81]: عاجَلوه بالبشرى ليطمئن.

    ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾[هود: 81]: قال قتادة: «كانت مع لوط حين خرج من القرية، فلما سمعت العذاب التفتت وقالت: وا قوماه، فأصابها حجر، فأهلكها».

    . (هُوَ كَاذِبٌ﴾[هود: 93]: تعريض بكذبهم في ادعائهم القدرة على رجمه، وفي نسبته إلى الضعف والهوان، وأنهم لولا رهطه لرجموه.

    . ﴿وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ﴾[هود: 93]: هكذا يجب ن تكون ثقة كل مؤمن بوعد ربه.


    . ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾[هود: 94]: لا نجاة لأحد من العذاب ولو كان نبيا، إلا برحمة الله.

    . ﴿ أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾[هود: 95]: قال ابن عاشور: «ووجه الشبه: التماثل في سبب عقابهم بالاستئصال، وهو عذاب الصيحة».

    . ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾[هود: 96]: الآيات هي الآيات التسع، والسلطان المبين أي: حجَّة بيِّنة، وكل سُلْطَان ذكر فِي الْقُرْآن هو بِمَعْنى الْحجَّة.

    . ﴿ وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾[هود: 96]:سلطان قوة يقهر قوة فرعون، وسلطان حجة يقنع القلوب، فيشمل القوالب والقلوب، وهما علامة الكمال لكل داعٍ إلى الخير.

    ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ﴾[هود: 99]:الرفد هو العطاء، وكأن مكافأة فرعون لقومه على اتباعهم له هي اللعنة التي تصيبهم في الدنيا والآخرة، وهو لون من ألوان التهكم لا يخفى.


  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ﴾[هود: 100]: من هذه القرى المهلكة ما آثارها قائمة يراها الناظرون، كآثار فرعون وثمود، ومنها ما زالت أثارها وصارت كالزرع المحصود، فلم يبق منه شيء كديار قوم نوح ولوط.

    . ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾[هود: 101]:قال أبو الفتح البستي:من استعان بغير الله في طلب .. فإن ناصره عجز وخذلان

    . ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾[هود: 104]:تأخير الآخرة وإفناء الدنيا موقوف على أجل معدود، وكل ما له عدد فهو منتهٍ، وكل منته لا بد أن يفنى، فإذا فني أقام الله القيامة، وكل آت قريب.

    . ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾[هود: 105]:في حديثِ الشَّفاعة أنَّ رسول الله ﷺ قال: «ولا يتكَلَّمُ يومَئذٍ إلَّا الرُّسُل، ودعوى الرُّسُلِ يومَئذٍ: اللهُمَّ سلِّمْ سلِّم».

    . ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾[هود: 106]:تخيل التنفس داخل النار، وسط جوها المتصاعد باللهب والدخان، فيتنفس المسكين نارا تحرق جوفه وأحشاءه، فما أشده عذابه.


    . ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾[هود: 107]: هذا أرحم استِثناء في القرآن! لأن فيه أعظم فائدة، وهو إخراج أهل التَّوحيدِ من النَّار.

    . ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾[هود: 108]: وصف الله هنا نعيم الجنة بأنه غير مقطوع؛ لئلَّا يتوهَّمَ واهم بعد ذِكر المشيئة: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ أنَّ ثَمَّ انقطاع في النعيم، بل هو الخلود والدوام الأبدي.

    . ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾[هود: 110]:اختلاف شأن الناس حول الحق سنة ربانية في كل زمان ومكان، والمصيبة إذا عمَّت خفَّت، فالجملة تسلية لرسول ﷺ وورثته من بعده.

    . ﴿وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّه ُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ﴾[هود: 111]: تَضمَّنَت الآية أربع توكيداتٍ لبث اليقين! التَّوكيدَ بـ (إنَّ)، وبـ (كلٍّ)، وباللَّامِ في الخبَر وبالقسَم، وبنونِ التَّوكيد؛ وذلك مبالغة في وعْد الطَّائعين وتوعد العاصين.

    . ﴿إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[هود: 111]: سيوفيك الله أجرك كاملا؛ لأنه الخبير الذي أحاط علما بكل ما بذلتَ، ولو كان مثقال ذرة.


    . ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾[هود: 116]: قال قتادة: «لم يكن من قبلكم من ينهى عن الفساد في الأرض (إلا قليلاً ممن أنجينا منهم)».

    . ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[يوسف: 8]: ليست الكثرة دائما علامة خيرية أو اجتماع على الحق، أحيانا تكون عكس ذلك.

    . ﴿إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[يوسف: 8]: قارن بين قولهم وقول يوسف لأبيه: ﴿يا أبَتِ﴾، لتعرف سر حب يعقوب ليوسف، فلم يكن تفضيله له عن هوى أو جمال شكل، فإن مقام النبوة منزَّه عن كل هذا، لكن لحسن أدبه ورجاحة عقله، وظهور أمارات الاصطفاء عليه.

    . ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: 20]: رسالة لكل من تعجَّب من جريمة إخوة يوسف! قال ابن الجوزي: «كان بعض الصالحين يقول: والله! ما يوسف -وإن باعه أعداؤه- بأعجب منك في بيعك نفسك، بشهوة ساعة من معاصيك».

    . ﴿ إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[يوسف: 25]: يدل على حرص المرأة على حياة يوسف، لكي لا يفكِّر العزيز في قتله، وهذا غاية الدهاء منها، أن تخيِّره بين خيارين ليس منهما المساس بحياة يوسف.

    . ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾[يوسف: 26]: دافَع عن أبشع تهمة بأربع كلمات فحسب، فالصادق واثقٌ في نفسه، متوكِّلٌ على ربه.

    . ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾[يوسف: 26]: لم يسبقها يوسف بالكلام سترا لها وصونا لعِرضها، فلما اتهمته زورا اضطر للدفاع عن نفسه.

    ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾[يوسف: 26]: قال الإمام الرازي: «إنَّما قال: مِنْ أَهْلِهَا ليكون أَوْلى بالقَبول في حقِّ المرأة؛ لأنَّ الظَّاهِر مِن حال مَنْ يكون مِن أقرباء المرأة ومن أهلِها ألا يقصِدَها بالسوء والإضرار».

    . ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾[يوسف: 26]: كان من فطنة الشاهد، ومن لطف الله بيوسف أن بدأ بالاحتمال الذي يبرِّئ المرأة، مع علمه المسبق أنها مذنبة، وذلك حتى لا يتهمه أحد بأنه متحيِّز ضدها، أو أنه يُصدِر قراره عن انطباع سابق.

    . ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾[يوسف: 28]: بين كيد النساء وكيد الشيطان! وصف العزيز كيد النساء بأنه عظيم، بينما وصف الله كيد الشيطان بأنه ضعيف، ولا يلزم من ذلك أن كيد النساء أقوى من كيد الشيطان، بل الحق أن كيد الشيطان أقوى، وما كيد النساء إلا جزء من كيد الشيطان، وناشئ عن وساوسه.

    . ﴿واستغفري لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾[يوسف: 29]: ما معنى الاستغفار إن لم يقترن بتوبة؟ والتوبة تقتضي ترك مقدمات الذنوب، والخلوة من هذه المقدمات وكذلك التبرج، وبقاء هذه المقدمات مع طلب الاستغفار حرث في بحار وعلامة استهتار.

    ﴿إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾[يوسف: 29]: والخاطئ غير المخطئ، فالخاطئ هو الذي تعمَّد الخطأ لا الذي وقع فيه رغما عنه، وقد خطَّطت المرأة ودبَّرت وغلَّقت وتهيَّأت في سبيل أن تظفر بهذا الذنب، فلذا خاطبها بهذا الوصف.

    . ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ﴾[يوسف: 32]: جلد الفجار في نيل الأوزار وشراء النار! قسَمان اثنان في آية واحدة: ﴿وَلَقَدْ﴾ ﴿وَلَئِنْ﴾ مما يدل على تصميم المرأة على المضي قدُما في فسادها وإفسادها..

    . ﴿ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾[يوسف: 37]: استعمل يوسف مواهبه التي وهبها الله إياه في تعريف الناس بربهم ودعوتهم إليه، فهلا تعلَّمناها من يوسف!

    . ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾[يوسف: 37]: لم يقل لهم: اتركوا ملة القوم، بل عبَّر بقوله: ﴿تَرَكْتُ﴾، وفيه لطف في النصح وتورية، وكأنه كان على دينهما، فلما تركه آتاه الله هذا العلم، ترغيبا لهما في ترك ملة الكفر.


    . ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾[يوسف: 37]: لم يقل لهم: أنتم كافرون، فيزيدهم ذلك إعراضا وعنادا، بل جعل الحديث عن قوم آخرين، وهو من لطفه وحسن عرضه لدعوته على طريقة: إياكِ أعني فاسمعي يا جارة.

    . ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾[يوسف: 38]: انظر كيف قدَّم الدعوة على تأويل الرؤيا، واستغل الفرصة لينشر دعوته ويبلِّغ رسالته.

    . ﴿مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾[يوسف: 38]: أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده هي نعمة التوحيد والإيمان به، وهي حقيقة يغفل عنها كثير من الناس، لذا لا يؤدون شكرها؟!

    . ﴿يا صاحِبَي السِّجْن﴾[يوسف: 39]: النصيحة دواء مرٌّ، فلابد أن يسبقه كلام حلو.

    . ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾[يوسف: 42]: من لطف الله وتدبيره الخفي أن أنسى الشيطانُ الساقي ذكرَ يوسف عليه السلام، فقد أراد الله أن يرتبط خروج يوسف بظهور براءته، فلو كان خرج عن طريق الساقي لظلت التهمة الأولى ملتصقة به.

    ﴿إلا على الله رزقها﴾: لم يقل: رزقها على الله، وتقديم على الله قبل كلمة رزقها لإفادة القصر، أي على الله لا على غيره، و (على) تدل على اللزوم، ومعلوم أن الله لا يلزمه أحد بشيء، فأفاد معنى اللزوم ضمان الرزق لكل الخلق، لأن الله إذا وعد وجب وقوع الموعود.

    ﴿ويعلم مستقرها ومستودعها﴾: قال ابن مسعود: مُسْتَقَرُّها: الأرحام، ومُستوْدعها: الأرْض الَّتي يموت فيها.

    . (وضائق به صدرك) : قال ابن جزي: وإنما قال ضائق، ولم يقل ضيق؛ ليدل على اتساع صدره عليه السلام وقلة ضيقه.


    . {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ} [هود: 12] : وهو استفهام في معرض النهي، فإياك أن يضيق صدرك فلا تُبلغهم شيئاً مما أنزِلَ إليك.

    . ﴿ويتلوه شاهدٌ منه﴾: ليس معنى يتلوه هنا من التلاوة؛ بل المعنى هنا: يتبعه.

    ﴿وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا﴾: عندما تغدو الدنيا معيار التميز؛ يتحول الأفضل إلى الأرذل، والأتقى إلى الأغبى، والأقرب إلى الله إلى الأبعد عن الناس.

    . ﴿ما نراك إلا بشرا مثلنا﴾: عندما تغيب الموضوعية، ينصرفون عن الكلام إلى المتكلم، وعن القول إلى القائل، وعن الفكرة إلى صاحبها.

    . ﴿وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا﴾:قال القرطبي: الأراذل هنا هم الفقراء والضعفاء، كما قال هرقل لأبي سفيان: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فقال: بل ضعفاؤهم، فقال: هم أتباع الرسل. قال علماؤنا: إنما كان ذلك لاستيلاء الرياسة على الأشراف، وصعوبة الانفكاك عنها، والأنفة من الانقياد للغير، والفقير خلي عن تلك الموانع، فهو سريع إلى الإجابة والانقياد.

    . ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾: اتهموا المؤمنين الذين اتبعوا نوحا بالسطحية. قال ابن جزي: «أول الرأي من غير نظر ولا تدبير، والمعنى: اتبعك الأراذل من غير نظر ولا تثبت».

    ﴿وآتاني رحمة من عنده فعُمِّيت عليكم﴾: العمى الحقيقي هو ألا يبصر قلبك رحمات الله المنزلة.


    ﴿ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم﴾: مجرد طرد المؤمنين يستوجب عقوبة الله، فكيف بسجنهم وإيذائهم؟!

    . ﴿الله أعلم بما في أنفسهم﴾: صدَق نوح عليه السلام: لا يستطيع أحد أن يحكم على (نية) غيره، فلا يعلم نوايا القلوب إلا علام الغيوب.

    . (فلا تبتئس) بما كانوا يفعلون" يا لعظمة تسلية المحزون .. الله يتولاها بنفسه. جزى الله خيرا كل من اقتسم معنا كسرة حزن.

    . (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون): قال الرازي: «أي لا تحزن من ذلك، ولا تغتم، ولا تظن أن في ذلك مذلة، فإن الدين عزيز، وإن قلَّ عدد من يتمسك به، والباطل ذليل وإن كثر عدد من يقول به».

    . لا تستطل طريق الدعوة، فنوح مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ولا تضجر من قلة من استجاب لك، فما آمن مع نوح إلا قليل.

    . ﴿حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور﴾: طوفان يخرج من تنور (فرن)!!
    درس إلهي: أستطيع أن أنصرك بالسبب، وبلا سبب، وبعكس السبب.

    ﴿ بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها﴾: قال القرطبي: «وفي هذه الآية دليل على ذكر البسملة عند ابتداء كل فعل».

    ﴿ قال يا نوح إنه ليس من أهلك ﴾: صحَّح الله مفهوم الأهل لدى نوح عليه السلام، فالمؤمنون هم أهله.

    . ﴿يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين﴾ ولم يقل: مع الغارقين لأن مصيبة الدين هي أعظم المصائب.

    . (قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء): إذا جاء أمر الله فلا ينجي إلا الله، وإن لجأت إلى أعظم جبل، وإن كان أبوك خير البشر.


  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,169

    افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي

    تعزية!
    ( قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غير صالح )
    قال القرطبي: في هذه الآية تسلية للخلق في فساد أبنائهم وإن كانوا صالحين.

    (قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ):
    قال القرطبي: وقال الجمهور: ليس من أهل دينك ولا ولايتك، وهذا يدل على أن حكم الاتفاق في الدين أقوى من حكم النسب

    .﴿فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ للمتقين﴾ : لماذا الصبر؟!
    قال ابن عاشور: »لأن داعي الصبر قائم، وهو أن العاقبة الحسنة ستكون من نصيب المتقين، فستكون لك وللمؤمنين معك.
    واللام في ﴿للمتّقين﴾ للاختصاص والملك، فيقتضي امتلاك المتقين لجنس العاقبة الحسنة، فهي ثابتة لهم لا تفوتهم، ومنتفية عن أضدادهم من غير المتقين».

    . ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ﴾ :
    ما أجمل هذا الحديث: «من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة». صحيح الجامع: 6026

    . ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّه﴾:
    هذه معجزة هود، فقد تحدى أمته بأسرها أن يصبوا عليه كيدهم بلا تريث أو انتظار، وكان سر قوته ومصدر منعته: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّه﴾.

    . ﴿ إن ربّي قريبٌ (مُجيب) ﴾.
    يجيبُ دعوة عباده مهما كانوا، فيجيب دعوة المضطر ولو كان كافرا، ودعوة المظلوم ولو كان فاجرا، فكيف بالأبرار والأتقياء!


    . ﴿فعقروها﴾:
    قال القرطبي: إنما عقرها بعضهم، وأضيف إلى الكل، لأنه كان برضا الباقين.

    . ﴿مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد﴾:
    هذا قانون التماثل، وهو تهديد للظالمين الحاليين، بأنهم ليسوا بعيدين عن عقوبة الظالمين السابقين، لاشتراكهم في نفس الجريمة.

    . ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾:
    هذا القول الذي أخرجوه بصيغة التهكم حقيقي، فالصلاة تأمر صاحبها وتنهاه، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وإلا كانت مظهرا بلا جوهر.

    . ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾:
    مال قليل مبارك خير من كثرة مال غير مباركة!
    قال القرطبي: «أي ما يبقيه الله لكم بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر بركة، وأحمد عاقبة مما تبقونه أنتم لأنفسكم من فضل التطفيف بالتجبر والظلم».

    ﴿فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ﴾:
    قال ابن عباس رضي الله عنه: «ما نزل على النبي ﷺ آية كانت أشق ولا أشد من قوله تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ﴾: ،
    ولذلك قال ﷺ لأصحابه حين قالوا: أسرع إليك الشيب. قال: «شيبتني هود وأخواتها».
    . ما معنى الاستقامة؟!
    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعالب».

    . ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾:
    قال القشيري:«لا تعملوا أعمالهم، ولا ترضوا بأعمالهم، ولا تمدحوهم على أعمالهم، ولا تتركوا الأمر بالمعروف لهم، ولا تأخذوا شيئا من حرام أموالهم، ولا تساكنوهم بقلوبكم، ولا تخالطوهم، ولا تعاشروهم ... كل هذا يحتمله الأمر، ويدخل تحت الخطاب».

    . ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾:
    قال السعدي: وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة بأنفسهم؟! نسأل الله العافية.

    . ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾:
    التوكل من عبادة الله، لكن خصه الله بالذكر اهتماما به، فهو نعم العون على سائر أنواع العبادة، فهو سبحانه لا يُعبَد إلا بمعونته.

    . ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾:
    الحق الأعزل بلا قوة لا تأثير له ولو كان صاحبه نبيا، فلابد للحق من قوة تحميه.

    . ﴿ِإنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾:
    قالها شعيب لأمة وثنية، لكنه أقرَّ برخائهم ورغد عيشهم، فالإنصاف سمة المصلحين، وهم أبعد ما يكونون عن تشويه الحقائق أو الكذب لينصروا قضيتهم.

    . فصل الدين عن الحياة وواقع الناس ليس أمرا جديدا، بل له جذور قديمة، وهي سُنّة جاهلية:
    (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء).

    . ﴿وما توفيقي إلا بالله﴾:
    قال ابن القيم: «وقد أجمع العارفون على أَن كل خير، فأصله بِتوفيق الله للْعَبد، وكل شَرّ فأصله خذلانه لعَبْدِه، وأَجْمعُوا أَن التَّوْفِيق أَن لَا يكلك الله إلى نفسك».


    الظلم إعلان حرب مع الله، وتنتهي بانتقام الله:
    (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد).

    (وكذلك أخذ ربك):
    قانون التماثل مرة أخرى، فمن سلك نفس طريق الظالمين نال نفس عقوبتهم.

    أمر الله رسوله بالاستقامة وفق أمره، فقال:
    ﴿ فاستقم كما أمرت﴾،

    فنحن أحق بالنظر في استقامتنا،
    وهل هي وفق ما أراد الله أم لا.

    إكثار المرء من الحسنات هو سبيل محاصرة السيئات والتغلب على تغلغلها في القلوب
    (إن الحسنات يذهبن السيئات).

    (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ):
    المصلحون صمام أمان للمجتمع لا الصالحون، فإن قل عددهم أو حوصروا فقلَّ تأثيرهم، فهي نذُر الهلاك.


    ﴿وما كان ربُّك ليُهْلِكَ القُرى بظلمٍ وأَهلُها مُصْلحُون﴾:
    لا يكفي أن تكون صالحا سلبيا لتنقذ أمتك بل لابد أن تكون مصلحا إيجابيا.

    ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك):
    من أهم أسباب الثبات مطالعة سير الصالحين والأنبياء، وليس أفضل من مطالعة ذلك في خير الكتب: كتاب الله.

    (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ)
    من إحياء وإماتة، وهداية وضلال، وصحة ومرض، ونصر وهزيمةـ فكل هذا يرجع إلى الله، إلى علمه وقدرته.



    ﴿قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾:
    قال الألوسي: وفي الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله تعالى فليحمد الله تعالى، وليحدِّث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ومن شرها، ولا يذكرها لأحد فإنها لن تضره» .وصح عن جابر أن رسول الله ﷺ قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه».رؤيا المؤمن تسرُّه ولا تغُرُّه، أي يستبشر بها لكن لا تقعِده عن العمل والأخذ بالأسباب

    من الحكمة كتمان الأخبار التي هي مظنة الغيرة أو الحسد:
    ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾.



    ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين
    انظر كيف خدعهم الشيطان!
    السعدي: «فقدَّموا العزم على التوبة قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله، وإزالة لشناعته، وتنشيطا من بعضهم لبعض».

    ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾:
    لا تنخدع بحيل المحتالين!
    قال الشعبي: كنت جالسا عند شريح إذ دخلت عليه امرأة تشتكي زوجها وهو غائب، وتبكي بكاء شديدا، فقلت: أصلحك الله، ما أراها إلا مظلومة. قال: وما علمك؟
    قلت: لبكائها. قال: لا تفعل؛ فإن إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون، وهم له ظالمون.

    (والله غالب على أمره):
    جاءت الجملة بالسياق الاسمي، ولم ترد بالسياق الفعلي، فلم يقل الله: (ويغلب الله)، وذلك لأن هذا الحكم كالقانون الذي لا يتبدل مع يوسف عليه السلام أو مع غيره.

    عجيب أن تأتي هذه الآية عقب ذكر بيع يوسف كعبد يخدم في قصور الملوك، ففي أشد اللحظات قسوة يأتى ذكر أعظم البشارات، وكأن الله يختصر القصة المطوَّلة للابتلاء والتمكين في آية واحدة، لتغرس اليقين بموعود الله وسط الأعاصير وأوقات الزلزلة.

    (والله غالب على أمره):
    الناس لا يرفعون ولا يضعون، ولا يقدِّمون ولا يؤخِّرون، ولا يقرِّبون ولا يُبعِدون لأن الأمر كله بيد الله.


    (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ):
    قال أبو السعود:« لا يعلمون أنَّ الأمر كذلك، فيأتون ويذرون زعما منهم أنَّ لهم من الأمر شيئا، وأنَّى لهم ذلك! وإن الأمر كله لله عز وجل، أو لا يعلمون لطائف صنعه وخفايا لطفه»




    ﴿فَصًبْرٌ جَميلٌ﴾قال سفيان الثوري عن بعض أصحابه:
    «ثلاث من الصبر: ألا تحدِّث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكِّي نفسك».

    ﴿ورَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾:
    كانت محنة يوسف مع امرأة العزيز أشد من محنته مع إخوته، وصبره عليها أعظم أجرا، لأنه صبر اختيار مع وجود دواعي السقوط الكثيرة، وأما محنته مع إخوته، فصبره فيها صبر اضطرار، وليس له إلا الصبر عليها، طائعا أو كارها.

    ﴿وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه﴾:
    قال ابن تيمية: «وهو برهان الإيمان الَّذي حصل في قلبه، فصرف الله به ما كان همَّ به، وكتب له حَسَنَة كامِلَة».متى ينقلب الهمُّ بالسيئة إلى حسنة؟!
    الإجابة في الحديث: «قالت الملائكة: يا رب ذاك عبدك يريد أن يعمل بسيئة وهو أبصر به، فقال: ارقبوه، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، إنما تركها من جرّاي». صحيح الجامع رقم: 4356

    (واستبقا الباب):
    إذا كنت خاليا، وحاصرتك الشهوة، فاهرب على الفور، وابحث عن الباب.

    (واستبقا الباب):
    مهـما بلغت درجة صلاحك وعلمك، فاهرب من الفتن ومن كل ما أدّى إليها، فهذا فرار الشجعان، وهو الفرار الوحيد المحمود.

    تكرر في سورة يوسف قولُ ربي:
    (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) في ثلاث آيات رقم: 21،40،68.ولم يتكرر هذا التكرار في أي سورة أخرى تذكيرا لنا بخفي لطف الله وعجيب أقداره.

    (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء)
    إذا جاهدت نفسك بالانصراف عن السوء والفحشاء فترة من الزمن، كافأك الله وأمر السوء والفحشاء أن ينصرفا عنك.

    (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء):
    أمام أعاصير الفتن إياك أن تركن لسابق صلاحك وشهرة عبادتك، فلا عاصم إلا الله، فاستغث به، وسله النجاة.


    رأى النسوة جمال يوسف، فلم يشعرن بألم تقطيع أيديهن..فعندما ترى جمال خالق يوسف، ستنسى كل ألم،
    ولذا كان من الدعاء النبوي: "وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك".

    (ليسجننّ) بالنون المثقلة، (وليكونٓنْ) بالنون المخففة؛ لأن سجنه بيدها،
    أما جعله صاغرا فليس إليها، فقد رفع الله شأنه فى العالمين، وجعل له سورة باسمه في كتابه إلى يوم الدين.

    (ربِّ السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه):
    يفضّل الصالحون بذل حريتهم على أن يمسَّ أحدٌ دينهم.

    (السجن أحب إلي !) ..
    هكذا تنقلب الموازين إذا نزل الإيمان قلوب المؤمنين.السجن أحب إلي مما (يدعونني إليه):ولم يقل: الزنا، فالمؤمن كامل العفاف حتى في لسانه.

    (رب السجن أحب إلي):
    عندما تكون المساومة على الدين قد يكون السجن خيارَ المؤمنين.

    (رب السجن أحب إلي): هذا مقام الصبر(وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن):
    هذا مقام الاستغاثة الأعمال القلبية هي زاد الأعمال البدنية، ولولاها ما ثبت يوسف.

    (قال رب السجن أحبُ إليّ مما يدعونني إليه):
    قد يكون السجن ثمن إجرام ، لكن أحيانا يكون ثمن ثبات على مبدأ وضريبة الإيمان.

    ﴿وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن﴾
    قد يخونك قلبك في مواجهة الفتن والمغريات، فسَل الذي يملك قلبك أن يلهمك الثبات.

    (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن)
    لم يقل : فأدخله السجن!
    لا تنظر إلى ظلمة المحنة وما أصاب دنياك، بل انظر إلى الخير الذي وراءها وما أفاد دينك.


    (إنا نراك من المحسنين):
    رياح المحسنين تفضحهم مهما استتروا،
    وصدق القائل: (ما أسرَّ عبدٌ سريرة إلا أظهرها الله على قسمات وجهه وفلتات لسانه).
    من داخل السجن قدَّم يوسف نصائحه المشفقة إلى مجتمعه الذي سكت عن إلقائه في السجن ظلما. . حين تعبر أرواح العظماء أ نهار الضغينة.

    (ذلك من فضل الله علينا):
    قالها يوسف بعد أن سُجِن ظلما في ديار الغربة، فمهما تكن آلامك؛ فهناك دوما من نعم الله ما يمكنك التسلي به والتحدث عنه.

    ( ياصاحبي السجن ءأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار )
    نفوس المصلحين لا تتوقف عن حمل هَمِّ الدعوة حتى في ظلمات السجن ومن وراء القضبان!

    (ياصاحبي السجن):
    يا كل داعية:حافظ على قواسمَ مشتركةٍ مع الجميع، فهو أدعى لأن يُستَمَع إليك.

    من سنن الله في خلقه:
    لمَّا طلب آدم الخلود في الجنة من جانب الشجرة عوقب بالخروج منها، ولمَّا طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤيا، لبث في السجن بضع سنين.. لا تعلِّق قلبك بغير الله.

    (اذكرني عند ربك):
    هب أن الساقي ذكر يوسف عند الملك، كان يوسف سيرجع خادما في القصر، لكن تأخره بضع سنين أخرجه عزيزا لمصر.. بعض التأخير فيه ألطاف خفية.

    (يوسف أيها الصدِّيق أفتنا):
    الكريم لا يعلِّق لوحةً فيها ذكر شهاداته وإنجازاته، بل أفعاله تتكلم عنه.نسيه في السجن بضع سنين، ثم عاد يستفتيه في رؤيا الملك، فأفتاه دون كلمة عتاب! أي نفوس هذه!

    [ ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ]
    الفرج يأتي بعد بلوغ الشدة منتهاها، فمهما اشتد انغلاق الأبواب ستتسلل إليك رحمات الوهاب.

    ﴿ قُلْنَ حَاشَ لِلهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ﴾
    حُسن سيرتك أفضل من يدافع عنك في غيابك.

    (الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه) :
    لابد لبراءة المظلوم أن تظهر يوما، فقط الصبر الصبر!

    (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين):
    دليل على أن الصدق فيه النجاة وإن رأيت فيه الهلاك.











    اقتباس

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •