(وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ)
لطف الله يحيط بالعبد من حيث لا يشعر
فكم من مرات أحاطت بك المخاطر ولكن الله سلم
وكم من مرات هددتك الأمراض ولكن الله سلم
وكم من مرات احتوشتك الشرور ولكن الله سلم
كم من مرات هزمتك المخاوف ولكن الله سلم
كم من مرات أغرتك الأهواءولكن الله سلم
فاستشعر ألطافه وأكثر الحمد
(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر)
إذا التهى الناس
باللهث وراء الأموال والأسهم والسندات
وما لاينفع من العلوم والمعارف والشهادات
وانشغلوا بالهُراء والأهواء والتفاهات
بل و بجمع الخطايا والآثام والسيئات
فاحرص أن تشغل نفسك بما يعود عليك بوافر الحسنات
فهن الباقيات الصالحات
(لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون)
اليوم ليس يومكم بل هو يوم كل مفرط وغافل
يومكم هو يوم اجتياز نهايةالسباق وفرز المراتب والمنازل
يومكم هو يوم الفرح ونشوة الفوز بين كل فزع وخائف وذاهل
فتتلقاكم الملائكةبالبشائ ر والتهاني فاعملوا لتكونوا من الأوائل
(ياليتني قدمت لحياتي)
نخطط ونرسم الأهداف والتطلعات لدنيا قصيرة
وننسى الحياةالأساس
قدم لحياتك رأسمال وفير من الحسنات لحياة رغيدة
قدم لحياتك رصيد من الطاعات لموقع رفيع الدرجات
قدم لحياتك بالوقايةمن السيئات للأمن من الخوف والفزع
اجعل إقامتك هنا استعدادا لها فالغافل من تمنى ذلك يومئذ
(فأزلّهما الشيطان)
(إِنَّما استزلّهم الشَّيطان ببعْض ما كسبوا)
استزلال واستدراج من حيلة إلى حيلة
كل بحسب ضعفه واستعداداته قوية أو ضئيلة
يزين لك اللهو ويجعل لك الطاعات مُملّة وثقيلة
حتى يخرجك من رمضان ثم من الدنيا بلا حصيلة
فاعتصم بالله وخالف وساوسه
ففي مخالفته كل خير وبرّ وفضيلة
(يا أَيُّها النَّاسُ أَنتمُ الْفُقرَاءُ إِلَى اللَّه)
ما أشد فاقتنا وفقرنا إليه
فقراء إلى عفوه رحمته
فقراء إلى رزقه ونعمته
فقراء إلى نصره وحمايته
فقراء إلى علمه وهدايته
فقراء إلى توفيقه ورعايته
فقراء إلى فضله وجنته
كل ذرة من ذرات كياننا تفتقر إليه
فاستشعر الفقر إليه يُغنك عن غيره
(وابتغوا إليه الوسيلة)
(يبتغون إلىٰ ربهم الوسيلة)
كن منهم وجاهد نفسك للوصول إلى مرضاته
إلى كل ما يقرّبك إليه
فهو السبيل الوحيد لسعادتك
فاجعل خطتك تصبّ في ميزابه
وأهدافك تجري في مجراه
وإياك أن تنحرف بك الدنيا عن طريقه
فالحياة بدونه خداع
والنفس بدونه ضياع
فلا وسيلة إليه إلا طاعته
(إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون)
عبادة الخشية عبادة نادرة في هذا الزمن
ومن كان بالله أعرف كان له أخشى وأخوف
كونوا على معرفة بربكم لتخشوه :
ـ خشية إجلال لله وتعظيم لجنابه
ـ وخشية خوف وإشفاق من عقابه
خشية لا تفارق القلب حتى يلقى الله
(إن الحسنات يذهبن السيئات)
الحسنات يذهبن السيئات من وجهين:
ـ 1ـ أن الحسنات مكفّرة للخطايا وماحية لها
ـ 2 ـ أن من اعتاد الحسنات قلت سيئاته
فلتكن بالمعنى الأول انطلاقتك لاستدراك ما فات
ولتكن بالمعنى الثاني عزيمتك للتغيير للأفضل
(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَام)
الله السلام بعظمته وجلاله ووقاره
يدعوك إلى دار كرامته وجواره
لتسلم من الهموم والأحزان وسائر المكاره
لتسلم من عذابه وعقابه وشر ناره
لتسلم وتنعم ويُسبغ عليك من رحماته وبركاته وأنواره
فالموفق من أجاب دعوته بطاعته وذكره واستغفاره
(فاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت)
لوازم الاستقامة:
استقامة لله بصدق التوجه والانصياع
استقامة على أمر الله بالطاعة وحسن الاتباع
استقامة بالله بالاستعانة به في كل أمرك بلا انقطاع
{أفطال عليكم العهد}
{حتى طال عليهم العمر}
{فطال عليهم الأمد}
تمسك بالإيمان مهما طال الزمان
إروِ قلبك به حتى لايقسو
واشغل بالك به حتى لايغفو
قوّ شعلته في قلبك حتى لاتخبو
كن مع الله,فالشيطان على البعيد يسطو
فينسيه العهد, ويبطّئ الوعد, وللضلال يدعو
ويغريه بالشهوات فيلعب ويلعب ويلهو
(صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَات)
الإيمان بالله بصيرة في ليالي الظلمات
ونور في حيرة الشبهات
والإيمان يصقل الحواس
فتسمع الحق فتعقله وتنطق به
قوة سمعية وعقلية
لا يلتبس عليها الباطل
وعدم الإيمان آفة تُعطّل هذه الآلات
فبقدر الإيمان تكون قوتها وحدّتها
(أولَٰئِكَ كَالْأَنْعَام)
عبادة الله ترقى بالإنسان
وتمحو ظلمة القلب بنور الإيمان
وتنتشل الروح من الطين لتحلق في العنان
وتمدّ الحياة بالقيمة وتجعل للفرد ميزان
وتفتح له طريقا مستقيما يسلكه فيفوز بالجنان
وإلا كان ينام ويأكل ويتمتع كسائر الحيوان
(وأنا أول المؤمنين)
(وأنا أول المسلمين)
أعظم الخير أوليّة السبق إليه
وأعظم الشر أوليّة السبق إليه
(ولا تكونوا أول كافر به)
فكن رائدا في كل خير
واحذر أن تكون رائدا لمعصية
(الذين يؤمنون بالغيب)
الإيمان بالغيب مفتاح التوفيق والسعادة
فبقدر تفعيله وتنشيطه في القلب
يكون الخوف والخشية
ويكون الإخلاص
وتكون الاستقامة
وتكون قوة نور البصيرة
وتكون الطمأنينة والسكينة
ويكون الإحسان في العبادة
ويكون اليقين بما عند الله والعمل له
رسوخ الإيمان بالغيب تظهر آثاره في المحكات
فيظهرعندالظلم والمصيبة
فبقدره يكون اليقين أن ماشاء الله كان
واليقين بالعوض
فتتقبله بالرضا والصبر
وتجدالسلوى وراحةالنفس
وتعلم حقارةالدنيا
فتتطلع للباقي وتزهد في الفاني
فتهون عليك المصائب
وتُلهم الحمد والشكر والتسليم
(والذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين)
((المصلحين))
فالصلاح والإصلاح تتلخص دعائمه في أمرين:
1ـ التمسك بالكتاب علما وعملا, فيه استقامة على الصالحات.
2ـ إقامة الصلاة وعدم التفريط فيها, حِفظٌ للقلوب والجوارح من الفحشاء وسائر المنكرات.
(للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة)
حسنة (نكرة)
لتعم كل لحظةسعادةمرت بك فهي حسنة
وكل طمأنينةفاض بها قلبك
وكل فهم وفتح عليك حسنة
وكل توفيق لخير حسنة
وكل نصر وكل رزق هو لك حسنة
حسنات لك لالغيرك لأنك محسن شاكر
فهي موصولةبحسنة الآخرةوثوابها
فغيرك قد يؤاخذ عليها
فاحمد الله وأكثر الحسنات
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)
حافظ على هذا الإرث
وتمسك به وبالعمل بما فيه فهو طريق الصفوة
وكلما تمسكت ارتقيت في مراتب الاصطفاء
(اهدنا الصراط المستقيم)
استشعر أنك تطلب الهداية مع كل قراءة للفاتحة
فمن طلب الهداية بصدق يجدها
ويلهمه الله القيام بأسبابها
وكلما سأل يزيده هداية
والهداية أن تعرف الدين الحق وتتبعه
فإياك أن تستهين بها فهي أفضل نعمة على الإطلاق
فما أكثر من عرف ولم يوفق للاتباع
وما أكثر من ضل وغوى
( قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي)
اعترافٌ بمعروف مخلوق أكرمه فحفظ له إحسانه
فكيف بمن أحسن خلقك وكرّمك ورزقك ونعمه سابغة عليك
فإن سولت لك نفسك بمعصية
فليقل قلبك وكل جوارحك
معاذ الله ..إنه إلهي وخالقي وما بي من نعمة فمنه
(إن رحمت الله قريب من المحسنين)
قريبةمن أهل الإحسان بأصنافه
إحسان العبادات
إحسان الأخلاق
إحسان المعاملة
إحسان الحال بما يوافق شرعه
فالرحمات إليهم أسبق ومنهم أقرب
وكلما جمعوا من أصناف الإحسان جمع الله لهم من أصناف الرحمة
فهداهم لما يحب وفقهم وسددهم وبارك لهم ورعاهم وزادهم من فضله
كم تكرر في كتاب الله التنبيه عن الغفلة
(أولئك هم الغافلون)
(والذين هم عن آياتنا غافلون)
(وهم عن الآخرة هم غافلون)
والأيام تمضي وكثير منا في غفلة
وعن الاستعداد للآخرة في غفلة
وعن الموت المتربص في غفلة
وعن لقاء الذي لايغفل عنا في غفلة
(وماربك بغافل عما تعملون)
اللهم أيقظ قلوبنا
(إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود)
بقدر ما أنعم الله عليك بالعافية تسري في أوصالك
وحماك من كثيرٍ من المخاطر والمهالك
وزودك بالعلم والدين نورا وميزانا في كل أحوالك
وبحسن العيش مقارنة بأمثالك
وستَر عيوبك وقبيح أفعالك
فأكثر الحمد والشكر وتقرب إليه قبل موتك وارتحالك
(الذين يؤمنون بالغيب)
اربط كل أمورك بالغيب تفلح
ربْط سيئاتك بالعقاب الأخروي يجعلك تُحجم وتستغفر
ربط حسناتك بالثواب يجعلك تُقدم وتشمّر
ربط حياتك بما يرضي الله تجعلك لاتغلو ولاتقصر
ربط أهدافك بالوصول للجنةتجعلك تحث الخطى وتبني وتُعمّر
كن دائما على صلة بالغيب فالغفلة تحلّ هذا الرباط
فعّل عامل الغيب في حياتك
ماخصك الله بالغيب ليغيب في داخلك
قدّمه أمام عينيك
انظر من خلاله
بالغيب تبصرحقيقةالحياة
بالغيب ترى طريقك وتتجنب عقباته
بالغيب تصحح أهدافك وخططك وخطواتك
بالغيب تمنح سعةالأفق والحكمةوالنظرةا لبعيدة
وبدونه تحل الغفلةوالجهل وعمى البصيرة