تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 4 الأولىالأولى 1234
النتائج 61 إلى 69 من 69

الموضوع: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    لا للاعتداء على حدود الله

    تدبروا في الآية الثانية في سورة المائدة
    (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)
    لا للاعتداء، وهذه من الكلمات العظيمة في السورة، لا اعتداء لا زيادة ولا نقصان في الشيء الذي ينبغي أن يكون عن الحدّ الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، أيّ شكل من أشكال الاعتداء هناك تجاوز للخط، سورة المائدة حوت خطوطا في الطعام، في الذبائح، في الصيد، في عشرات الأشياء، هذه الخطوط لا ينبغي تجاوزها فإذا حصل التجاوز يحدث الخلل.

    ولذلك قال (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ) حتى البغض والكراهية التي قد تكون مبرّرة في بعض الأحيان (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (أَنْ تَعْتَدُوا) هذا ليس مبررًا كافيًا لأنك أنت مأمور بعدم تجاوز خط العدالة، الاعتداء منهيٌ عنه لا يسوّغه شيء (ولا تعتدوا) ولذلك قال (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) تدبروا عدوان مرة أخرى في آية واحدة قال (تعتدوا – العدوان) لأن العدوان والتجاوز هو من أسباب عدم الوفاء بكل تلك الالتزامات والعقود فمنذ البداية سورة المائدة حددت الإطار العام لكل العقود: وفاء، تعاون على البر والتقوى في الوفاء بتلك العقود وفي نفس الوقت عدم التعاون على الإثم والعدوان الذي يهدّم كل صور وأشكال الوفاء بالعقود: الإثم والعدوان.

    فكل ما نحن فيه من أشكال الانتفاع والتصرف في الحياة سواء في أنفسنا، في أموالنا التي هي ليست على وجه الحقيقة أموال خالصة لنا، المال مال الله، في كل الأشياء المسخّرات أدخل فيها في عقد انتفاع فعليّ أن أتعامل فيها بالبر والتقوى هذه هي القاعدة حتى أصل لمرحلة الوفاء وحتى لو اقتضى ذلك الأمر أن يكون حين يحدث اعتداء فلا بد لجماعة الإنسان الجنس الإنساني البشرية أن يتعاونوا لأجل إعادة الأمور إلى نصابها البر والتقوى وأن لا يكون التعاون والتكتل والتجمع على الإثم والعدوان لحماية العقود.
    ولذلك ما يحصل اليوم من تجاوزات ومن اعتداء على البيئة والموارد البشرية وعلى الأرض وعلى المسخّرات وعلى الحيوان وعلى الماء هذه لا بد أن يكون لأجلها تجمعات إنسانية حقيقية تأخذ على المعتدي الآثم لتضع الأمور في نصابها ويبقى الجنس الإنساني وفيا بعقده والتزامه في الانتفاع بهذه المقدّرات الموجودة في هذا الكون.
    ولهذا قال الله عز وجلّ في ختام الآية (وَاتَّقُوا اللَّهَ) لأنه بدون تقوى لن يكون هناك تعاون على البر والتقوى (التقوى – واتقوا الله) التقوى مخافة الله عز وجلّ الشعور برقابة الله سبحانه وتعالى.

    تدبروا في الربط بين هذه الآيات وأوائل سورة النساء حين قال (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) الوصية العظيمة، الوصية الباقية: التقوى. رصيد الإنسان من التقوى، بقدر نصيبك من التقوى بقدر ما يكون الوفاء بالعقود والإلتزام بكل شيء سواء كانت العقود بينك وبين الطبيعة، البيئة وبينك وبين الناس في محيط الأسرة، في محيط العمل، كل الأشكال هي عقود، ما الذي يدفعني للوفاء بها؟ رصيد التقوى.

    ثم ختم بقوله
    (إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
    طبيعي!
    الإنسان الذي لا يسير في العقد على الإلتزام بم جاء فيه من شروط عليه أن يكون مستعدًا لإنزال العقوبة به، شيء طبيعي! نحن حتى في تعاملاتنا في العقود هناك ما يسمى بالشرط الجزائي حين لا يقوم طرف من طرفيّ العقد بالوفاء بمقتضيات العقد – ولله المثل الأعلى- إذا ما قمنا بالالتزام بهذه العقود التي ستأتي في هذه السورة العظيمة من البداية قال الله عز وجلّ (إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لا زلنا في الاية الثانية في سورة المائدة، شديد العقاب لمن لم يوفّي بالعقود بكل أشكالها بكل مستوياتها بكل صورها.

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    أول فئة من تلك الفئات المشمولة بالعقود


    (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَ ةُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدِّي َةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ)


    لماذا هذه الأصناف؟


    صحيح هناك حكم في التشريع، الأصل في التشريع وخاصة تشريع المعاملات الأصل فيه أن يتبين الإنسان المقصد ويتفهم الحكمة من التشريع حتى يستقر معنى الالتزام والتمسك بذلك التشريع بشكل واضح وعملي.


    هذه الأشياء التي خلقها الله سبحانه وتعالى هي من مخلوقاته ولكن أعطى للإنسان القدرة على الاستفادة والانتفاع بها حين تكون بشكل معين وفق ما هو أراد الله سبحانه وتعالى فأعطاه، الأنعام حين لا تكون ميتة مباحة عن طريق الذبح ولكنها إذا أصحبت ميتة حرّمت عليكم (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) تدبروا!


    ثم قضية الدم والأشياء الأخرى التي جاء ذكرها في الآية الكريمة.

    لماذا الممنوع والمنهي عنه؟



    ربي سبحانه وتعالى حدد لنا منذ البداية أن هذه الدنيا دار ابتلاء فيها أشياء يسمح لك أن تقوم بها، أكل، طعام، وهناك أشياء تدخل في دائرة الممنوع أو المحظور أو المحرم وفي كلتا الدائرتين لا بد أن يكون هناك نوع من الاختبار والتمرين لإرادتك كإنسان.


    لو كان كل شيء مباح فاختبار الإرادة لم يكن له ذلك الرصيد، وربي أعلم بنا لكنه بعدله سبحانه وتعالى أراد أن يقيم الحجة علينا بأعمالنا وأعظم ما في الإنسان ومن أكرم الأشياء فيه قوة الإرادة أن يمنع نفسه عن الشيء حين يكون محظورًا أو ممنوعًا، كرمه الله سبحانه وتعالى بهذا، كرّمه أن نفسه المؤمنة الطاهرة النقية تعاف الحرام، تعفّ عن الخبيث الحرام الممنوع

    ولذلك في سورة المائدة جاءت أشياء ممنوعة محظورة محرّمة سواء في المطعم والمأكل والمشرب وفي الزواج وكذلك في التعاملات حتى في الأموال ليس كل المال حلال،


    الأكل ليس فقط ما كان في دائرة الحرام التي ذكرتها الآية الثالثة: الخنزير، الدم، الميتة فقط، لا،


    هناك أشكال من الأكل الحرام المعنوي مثل أكل السحت الذي سيأتي عليه في سورة المائدة.

    فالمسألة تتعلق بهذا الاختبار والابتلاء الذي لا ينبغي أن يغيب عن ذهن الإنسان وهو يباشر انتفاعه بهذه الأشياء الموجودة في الكون، عليه أن يتعلم متى وكيف يقول لنفسه لا، ولكن قول اللا هنا ليس محكومًا بمزاجه الفردي ولا بأهواء من يمكن أن يأخذ منه تشريع وإنما هو محكوم بما أنزله الله سبحانه وتعالى في كتابه ولذلك جاءت الآية هنا

    (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)


    هذا تشريع.

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    الحكمة من الحلال والحرام في الأطعمة والأشربة

    (مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)
    لنا أن نتساءل ونحن في بدايات سورة المائدة لماذا بدأ ربي سبحانه وتعالى بالحديث عن الأشياء الحلال والمحرّمات في المطعم قبل أيّ شيء آخر؟

    المطعم شيء مهم في حياة الإنسان. هذا الجسد، ربي سبحانه وتعالى خلق الإنسان من جسد من اللحم والدم وخلق معه الروح وهي شيء متكامل مع بعضها البعض تشكّل الإنسان ذلك المخلوق الذي كرمه الله سبحانه وتعالى في أصل خلقته فقضية الطعام والشراب مهمة جدًا لأنها تعتني بذلك البناء الجسدي للإنسان والقرآن بعد ذلك كما سيأتي سيأتي الحديث عن الوضوء والطهارة، طهارة الباطن وطهارة الأعضاء وتجهيزها للدخول في كافة العبادات والشعائر وإقامة تلك الشعائر لا يكون بجسد نصفه قد غُذّي بالخبث والحرام ونصفه الآخر يحاول أن يتطهر تطهيرًا ظاهريًا، لا، القرآن لا يقبل بأنصاف الحلول، القرآن يريد منا أن نكون بشرًا نتصف بالطهارة الحقيقية طهارة الباطن وطهارة الظاهر، طهارة الجسد حتى فيما يدخل فيه فيحرص الإنسان المؤمن على لا يدخل في جسده إلا الحلال حلالًا حسيًا وحلالًا معنويًا، يتحرّى الحلال في طعامه وشرابه وكذلك في طعام من يعول يتحراه تحريًا، يحرص أشد الحرص عليه.



    وهنا تأتي قضية التسمية
    (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ)
    ذكر ليست مجرد تسمية مجرد قول بسم الله تسمية عابرة، لا، التسمية هي شعار له اتصال حقيقي وثيق بهوية الإنسان فأنت حين تقول للشيء وعلى الشيء “بسم الله” إنما أنت تؤكد وتذكّر نفسك بذلك العقد الذي بينك وبين الله عز وجلّ.

    فهذه الأنعام ما سُخرت لولا أن الله سخّرها للإنسان للدرجة التي استطاع هذا الإنسان حتى وإن كان جسم الكائن الآخر أقوى وأعظم وأكثر في الوزن ولكن الإنسان يستطيع أن يتحكم فيه بقانون التسخير فحين يبدأ بشيء يبدأ بسم الله ليؤكد نفسه ولذلك الشيء الذي ينتفع به في ذات الوقت أن كل شيء في الكون إنما هو من الله سبحانه وتعالى فضل ونعمة وأنا حين أستعمله وأنتفع به إنما أفعل ذلك باسم الله تعالى ولذلك قال

    (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
    ثم انتقلت الآيات في آيتين متتاليتين
    (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)

    ليبين هذه القاعدة التي للأسف الشديد تغيب عن بعض الناس أن الحلال هو الطيب مهما كان بسيطًا أو متواضعًا وأن الخبيث هو الحرام حتى وإن كان شكل ذلك الحرام مزينًا بأشكال وألوان مختلفة إلا أن تلك الزينة لا تخرجه عن خبثه فالحرام في أصله خبيث، الخمر على سبيل المثال أم الخبائث وضعت في كأس لها ألوان وأشكال، وضعت في أواني من أفخر وأغلى الأنواع، خبيثة في أصلها، ولكن الحلال هو في أصله طيب. فالإنسان حين تستقر هذه الحقيقة في نفسه تبدأ النفس برحلة القناعة بالحلال الطيب ولو كان بسيطًا أو قليلًا وأن تعاف النفس الكريمة المؤمنة الحرام الخبيث لأنه خبيث مهما اختفلت أشكاله.

    وقضية الحديث هنا عن الطعام وطعام أهل الكتاب، المسألة ليست مجرد طعام (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)

    وحصر القضية في هذا فكثير من المسلمين خاصة حين يسافرون لغرض السياحة أو العمل أو ما شابه يسألون هذا السؤال: هذا حلال؟ هذا حرام؟

    هذا أمر طبيعي. لكن القرآن حين نتدبر سنجد أن القرآن يحمّل الإنسان المؤمن رسالة عليه أن يبلغها لكافة أمم الأرض، هذه الرسالة لأجل أن تحدث وتتحقق هناك وسائل وآليات، واحدة من هذه الوسائل قضية الطعام، الطعام لما يكون مباحًا بين هذه الأطراف المختلفة

    (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)

    لأجل قضية التبادل، تبادل شيء من العلاقات التي يمكن أن تسمح بإيصال الرسالة التي كُلّفنا بها، رسالة القرآن كيف تصل. فقضية إباحة الطعام وقضية الزواج بالكتابيات في هذه الآيات جاءت في هذا السياق، سياق الرسالة الإنسان المؤمن كما يصوغه ويبنيه القرآن ليس بذلك الإنسان الذي تحركه شهوات ونزوات طارئة عارضة وإنما إنسان مصنوع على تلك المهمة التي خلقه الله عز وجلّ إليها ولها. تفكير الإنسان حتى في حالة الزواج أو إقامة العلاقات الاجتماعية أو روابط العمل أو ما شابه مع الأمم المختلفة محكوم بهذه الغاية العظيمة غاية إيصال الرسالة. فحين يكون للإنسان المؤمن فردًا أو مجموعة هوية خاصة في الطعام، هوية تعبّر عن ذاته وتعبر عن دينه وتعبر عن مبادئه وعن إيمانه وقيمه هذا سيكون أدعى لإيصال رسالة القرآن

    (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

    ولقائل أن يقول: قضية الإيمان تأتي هنا؟ لماذا؟

    قضية إيمانية، الطعام والشراب والزواج والنكاح وكل شيء هو عقد يتعلق بالميثاق الكبير الذي بيننا وبين الله عز وجلّ: ميثاق الإيمان. أعمالنا وجزئيات الحياة اليومية التي نمر بها ومختلف المواقف في السفر وفي الإقامة وفي العمل وفي الزواج وفي الطلاق مرتبطة بهذا الميثاق وعلي أن لا أنسى هذا أبدًا حتى لا أقع في إشكالية الخسارة.

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    عظم جرم قتل النفس بغير حق






    (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

    تدبروا معي التصفية للطرف الآخر الناجح لا يمكن ‏أن تأتي على الفرد بصلاح،خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين!.

    وتدبروا معي كل أشكال التنافسات غير ‏المشروعة المنافسات في واقعنا في أسرنا في مؤسساتنا لا تأتي بخير على أصحابها

    (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

    خسارة وندم، والندم يقابله خطوة كان لا بد لابن آدم ‏أن يقوم بها، الابن القاتل بدل أن يفكر بعملية القتل والتصفية: التوبة قبل فوات الأوان تصحيح الخطأ، الندم بعد أن ‏يحدث الجرم ويفوت الأوان لأن التوبة لها أوان ووقت، ولذلك أمرنا أن نبادر بالتوبة وتصحيح الأخطاء طالما أن ‏أنفاس الحياة تدخل وتخرج – وهذه نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى – علينا أن نبادر بالتوبة وتصحيح الأخطاء كلها ‏، أخطاء فردية أو مجتمعية أو على مستوى المؤسسي -كل الأخطاء- بادر بالتوبة، التوبة ليست مجرد تصحيح للعلاقة ‏بينك وبين الله سبحانه وتعالى بل هذا جزء والجزء الآخر ما يتعلق بنفسك وحقوق الأخرين تصحيح تغيير المسار، وهذا ما ‏فشل به ابن آدم فكانت النتيجة خسارة وندم، وهي عاقبة واضحة لكل إنسان ينقض الميثاق مع الله سبحانه وتعالى.

    نحن في سفينة واحدة كما شبهها النبي صلّ الله عليه وسلم في بعض الأحاديث،

    سفينة ‏المجتمع وسفينة الإنسانية وسفينة العالم،

    أخطاؤنا وسلبياتنا وسوء تصرفاتنا في بعض الأحيان إنما هي خروق في ‏تلك السفينة، خروق نحدثها وكل خرق في تلك السفينة هو قطعًا يصب في عملية إغراقها عاجلًا أو آجلًا،

    المطلوب ‏منا في حياتنا أن نسد تلك الخروق أن نقوم بعملية الإصلاح.‏

    (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ)

    -تدبروا معي-

    (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ‏أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)

    الذي يقتل نفسًا كأنما يقتل الناس جميعًا، كل البشرية

    (ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ ‏جَمِيعًا)

    لماذا يا رب؟

    تدبروا معي في الآية، آية سورة المائدة عرضت لنا أشكالًا من نقض المواثيق والعقود، وأعظم عقد ‏بدأت به في بدايتها عقد الدين، عقد الايمان. ثم جاءت هذه القصة لتبين أن الحفاظ على النفس يأتي بالمرتبة التي تليها، ‏حفاظ على الدين، على الايمان ثم الحفاظ على النفس البشرية. فإذا إنسان قتل إنسانًا نفسًا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا ، لأن المسألة ليس مسألة عدد، المسالة هي مسألة اعتداء الإنسان على تلك الروح وحق الحياة الذي وهبه الله لإنسان ‏آخر، فالذي وهب حق الحياة هو فقط سبحانه الذي يحدد كيف يؤخذ ذلك الحق، لا ينبغي لإنسان أن يعتدي عليه أبدا ‏بغير نفس أو فساد في الأرض

    ربي عز وجل في سورة البقرة – هكذا التدبر يعلمنا الربط- قال

    (وَلَكُمْ فِي ‏الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

    حياة ونحن نعلم بأن القصاص أن يُقتل الانسان المجرم القاتل بسبب قتله لغيره ‏فكيف يكون القصاص هنا حياة؟؟؟ حياة للمجتمع، حياة لعشرات الأرواح البريئة التي ستُحمى من خلال تنفيذ ‏القصاص على المجرم القاتل الذي سفك الدم، ولذلك اليوم البشرية الأغلبية الصامتة على سفك الدماء على الاعتداء على ‏الأرواح البريئة قتل الأطفال قتل الأبرياء قتل النساء قتل الرجال قتل المستضعفين، هذا الصمت العالمي سيدفع ثمنه ‏جموع البشرية أجيال من البشرية

    (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ)

    عظمة التعبير القرآني العظيم في هذه الآية عظيم

    (أَوْ ‏فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)

    فما بالك بمن يقتل في كل ساعة عشرات وربما مئات

    أمام صمت مطبق يكاد ‏يقترب من حد الموت أكثر منه الى حد الصمت؟؟!

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    محاربة الفساد فريضة وضرورة

    (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا ‏مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

    هذه الآية آية حد الحرابة لماذا جاءت هنا؟ – ولذلك تسمى ‏الحرابة جزاء الذين يحاربون الله ورسوله – السؤال الذي يطرح نفسه على المتدبر هنا كيف يحارب الانسان الله ورسوله؟ ‏هل يستطيع أحد أن يحارب بالله ورسوله؟!! كيف تكون محاربة الله ورسوله؟؟


    تكون من خلال محاربة المنهج ومنازلته، ‏محاربة القيم والمبادئ التي جاء بها الرسل والأنبياء ربي عز وجل شرّع، أمر، قال منذ بداية السور ة (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ‏النفس البشرية حرمة النفس والحفاظ عليها هذا عقد بين الله وبين خلقه عليهم جميعًا أن يوفوا به بصيانته والحفاظ عليه والأخذ بقوة على كل من تطوع له نفسه أن يعتدي على تلك النفس البشرية ولذلك قال (يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ‏الْأَرْضِ فَسَادًا) منازلة القيم ونقض المواثيق والعقود والاعتداء على النفس البشرية هو مصب ومحط وبدايات الفساد في ‏الأرض، هو البدايات مع الدين عقد الايمان بيننا وبين الله عز وجل وشكل من أشكاله وخطواته المتتابعة قضية قتل ‏النفوس قتل النفس البشرية والاعتداء عليها. وقد يسأل سائل ولكن العقوبة شديدة ! أكيد، هذه العقوبة شديدة

    (يُقَتَّلُوا أَوْ ‏يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ)

    عقوبة شديدة تتناسب تمامًا مع طبيعة الجُرم الذي أحدثوه مع طبيعة الخرق ‏الواسع الذي أحدثوه في اغراق سفينة البشرية والمجتمع، الفساد حيت ينتشر وحين ترخص الدماء تصبح الدماء ‏رخيصة فما الذي يعيد الأمور الى نصابها بعد ذلك؟!

    المطلوب ايقاف الفساد والمفسدين وهذا عقد ‏جديد يفرض على بقية أفراد المجتمع أفراد المجتمع الانساني الأسرة الانسانية الكبيرة، أنا لدي عدد من المفسدين عدد ‏ممكن أن يكون محدودًا خمسة، عشرة، مئة، ألف، آلآف ولكن الاشكالية الخطيرة حين يترك هؤلاء المفسدون بالاستمرار ‏في افسادهم في الأرض، اليوم نحن ننظر الى البشرية هل نتوقع أن معظم نفوس العالم البشر اليوم يقبلون بسفك الدماء ‏البريئة؟! أبدًا! شعوب العالم أفراد العالم نحن وأنا وأنتم والناس أغلب الناس أيرضون بسفك الدماء؟ أيعجبهم مناظر تلك ‏الأجساد والأشلاء المقطعة التي يرونها على شاشات التلفزة ليل نهار؟ أبدًا! أبدًا! إذن من الذي يحصل؟

    الذي يحصل أن ‏القلة المفسدة في الأرض التي تعيث في الأرض فسادًا ما أوقفت عند حدها، وهذا هو يأمر به القران. هذا عقد جديد ‏التزام جديد أن يكون المجتمع الانساني على قدر المسؤولية، المجتمع العالمي على قدر الشعور بالمسؤولية فيوقف ‏الفساد والمفسدين، هذه مسؤولية الجميع فاذا فشل فيها الناس كانت العقوبة عقوبة عامة كما سنأتي عليها. والعقوبة ليس ‏بالضرورة فقط قضية قتل، لا، عقوبة المعاناة، المعاناة من شرور المفسدين، العالم اليوم كل العالم في الشرق وفي الغرب ‏يعاني من الفساد والمفسدين، يعاني من أولئك الذين يقتلون ويسفكون ويهجّرون ويقطّعون، ولكن جزء من أسباب تلك ‏المعاناة هو ذلك الصمت، تلك السلبية البشعة التي لا ينبغي للإنسان المؤمن الذي يدخل في عقد مع مع الله سبحانه وتعالى أن ‏يقوم بها

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    المؤمن عنصرًا إيجابيا في ايقاف الفساد

    (يَا أَيُّهَا ‏الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
    اتقوا الله

    ما العلاقة بين الكلام قبل قليل عن الفساد ‏والتقوى وابتغوا اليه الوسيلة؟؟


    أعظم طريق ووسيلة للتقرب الى الله عز وجل أن يكون الإنسان الصالح المؤمن عنصرًا ‏فاعلا إيجابيا في ايقاف الفساد والمفسدين بكل ما أوتي من إمكانيات ومن قوة بحسب الإمكانيات التي بين يديه حتى ولو ‏كانت تلك الامكانيات ممكن أن تكون في مستوى أن يرى شيئا في قارعة الطريق يؤذي الناس فيقوم بإزالتها.

    لماذا ‏اماطة الأذى عن الطريق صدقة؟

    لأنها عملية، خطوة في وقف شكل من أشكال الفساد، رمي النفايات أو القاذورات في ‏قارعة الطريق أو في طريق الناس ذلك المنظر أو المظهر غير الحضاري غير اللائق فساد في حقيقته فحتى لو كان ‏المؤمن يفعل هذا الفعل المحدود هذا يعتبر صدقة وتقرب لله عز وجل، لأن المطلوب مني بموجب العقد والاتفاق بيني وبين الله ‏سبحانه وتعالى أني لا أفسد في الأرض قال (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ ‏نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ذكرت الملائكة من الإفساد في الأرض (يسفك الدماء) رغم أن أشكال الفساد كثيرة متنوعة لا ‏تقف عند حد، ولكن ذكروا سفك الدماء لأنه واحد من أبشع أشكال الفساد،

    مساهمة الانسان المؤمن بكلمة بقول، بفعل، ‏بكل ما لديه من إمكانية لأجل أن يوقف الفساد إنما هو ابتغاء الوسيلة في التقرب لله سبحانه وتعالى ولذلك قال
    (وَجَاهِدُوا فِي ‏سَبِيلِهِ)
    جهاد بالكلمة جهاد بالتوعية جهاد بالفعل، كل الأشكال المختلفة المهم أن تسهم في إيقاف الفساد المهم أن لا تقف موقفًا ‏سلبًيا المهم أن لا تعتقد ولو في قرارة نفسك أن الحياد أو الموقف الحيادي هو موقف إيجابي، لا عليك ان لا تقف ولا تأخذ موقف الحياد عليك أن تنكر المنكر وأن تعرف المعروف، أنكر المنكر، إنكارك للمنكر مساهمة في إيقافه مساهمة في ‏وقفه عند حده ولكن الصمت والسكوت انما هو بطريقة أو بأخرى إسهام في نشر ذلك المنكر والفساد وهو بلاء أصيبت به البشرية في عصرنا الحاضر بلاء بشع ستعاني منه وتعاني منه هي اليوم الكثير من ‏الأمراض والويلات

    ولذلك ربي سبحانه وتعالى جاء في الآية وتدبروا معي الترابط

    (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي ‏الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

    علينا أن نجاهد في سبيل الحفاظ على ذلك العقد والحفاظ على النفس البشرية ووقف الفساد ‏بكل ما أوتينا من قوة بالكلمة وبالمال وبكل الأشكال، أن نبذل الكثير وأن نبذل كل ما نستطيع أن نبذل لإيقاف الفساد في ‏الأرض

    فاليوم يقبل منك القليل وغدا يوم القيامة لا يقبل من الإنسان ولو كان له ما في ‏الأرض جميعا ، زمن ‏الاختبار والابتلاء انتهى وهذا الربط الواضح بين الدنيا والأخرة مباشرة يوم القيامة القرآن يبين لنا هنا وواضح هذا ‏المعنى، مستفاد منه أن عملية ووقت وزمن الاختبار في الدنيا زمن محدود، ابذل ما تستطيع قبل ان يفوت ‏الأوان لتوقف الفساد والمفسدين.‏

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    حرمة مال المسلم



    (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ)

    من النقاط التي تذكر
    لماذا قطع الأيدي؟!

    سارق ‏سرق مبلغا بسيطا ربع دينار أو شيء بسيط تقطع اليد، القرآن في تشريعاته والحدود التي يفرضها لا ينظر الى حجم ‏الفعل أو حجم الفاسد ينظر الى ما يترتب عليك، قلنا قبل قليل (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ ‏جَمِيعًا) هو قتل نفس ولكن لأن الاعتداء على النفس وقع وعلى الروح البشرية الإنسانية، الحياة الانسانية التي هي ‏مكرمة مصانة محرّمة في ذاتها فكأنما قتل كل البشرية، ولكن هو على وجه الحقيقة لم يقتل كل البشر هو قتل واحد، ‏السارق نفس القضية المبلغ ممكن ان يكون بسيط محدود
    اذا لماذا تقطه يده أنه سرق هذا المبلغ البسيط؟!

    اعتداء على ‏أموال الناس القضية هي قضية الاعتداء نقض العقد، لأن الانسان في عقد مع الله سبحانه وتعالى ان يحافظ على ماله ‏وأموال الآخرين من أن تنتهك، أموال الاخرين لها حرمة كما أنك لا تقبل أن يعتدى على مالك عليك كذلك أن تحافظ في ‏صيانة أموال الناس، أموال الناس محرّمة لا يجوز أن يعتدى عليها فقضية قطع اليد هنا ليس لأجل المبلغ هنا بقدر ما هي ‏قضية الاعتداء على حرمة المال، أموال الناس وأعراض الناس وأنفس الناس مصانة،


    ومرة أخرى نقول حين لا تطبق ‏هذه الأشياء يا ترى ما الذي سوف يحدث؟

    كل الانسانية تعاني من ويلات الاعتداء على الأموال الان في كل يوم لأن ‏الفساد والمفسدين ما أوقفوا عند حدهم ولم يؤخذ على أيديهم من قبل المجتمع الإنساني، كانت النتيجة أن الإنسانية، كل الانسانية تعاني ‏من جرائم هؤلاء حتى لو كان عددهم بسيط أو محدود، إشكالية خطيرة جدًا.
    وأيضًا فتح باب التوبة عند قضية السرقة، التوبة التي تقدمها سورة المائدة هنا توبة ليست فقط توبة لأجل صلاح الفرد توبة شرعت للحفاظ على المجتمع، المجتمع يُسعَد ويتخلص من الآلام حين يكون هناك أصناف من ‏المجرمين التائبين أجرم، أخطأ، تاب، إذن ما المطلوب من المجتمع ؟

    المطلوب أن يساعد في إصلاحه ولذلك هناك ‏مؤسسات “إصلاحيات” تعبير جميل جدا لأنه ينبغي أن تكون الاصلاحيات وأن تحاول الاسهام في إصلاح ‏العناصر الفاسدة في المجتمع بكل الطرق، طرق التوعية طرق محاولات التأهيل من جديد إعادة التأهيل النفسي ‏الأخلاقي الديني كل الأشكال، المجتمع بحاجة الى هذه المؤسسات ولذلك قال

    (مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ ‏عليه)

    التوبة مطلوبة وهذا تنبيه واضح في سورة المائدة تشريع هذا للمجتمع أن يقيم مؤسسات لأجل إصلاح المفسدين ‏والمجرمين، لإيقاف حدود الشرور فيهم، المجتمع أنت لا تستطيع أن تتأكد أن المجتمع مئة في المئة أصبح صالحًا، لا بد أن ‏يبقى به عناصر فاسدة مفسدة

    ما المطلوب من المجتمع؟؟

    المطلوب أن يسهم في إصلاح هذه العناصر حتى لا تأتي ‏بالفساد على بقية أفراد المجتمع.‏

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    الكذب آفة تهدم المجتمعات

    (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) ‏
    كيف تكون طهارة القلب؟
    بتخليصه من كل أشكال وشوائب الانحرافات والكذب، الازدواجية والنفاق، يؤمن بشيء ‏ويقول شيئا آخر، يدرك أن الحق في جانب معين ولكنه مع ذلك لا يلتزم تجاه ذلك الحق، إشكالية خطيرة جدًا!

    تدبروا ‏معي في أوصافهم قال
    (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ)

    مرة ثانية والآية تنبه على خطورة الاستماع للكذب، الكذب للأسف الشديد تلك ‏العملة التي باتت عملة رائجة الآن، هي عملة مزيفة، تدبروا معي

    سورة المائدة من مقاصدها العظيمة الصدق

    (هَذَا يَوْمُ ‏يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)

    ليس هناك وفاء بدون صدق، ونحن في عصرنا وزماننا هذا كم من الأكاذيب نسمعها ‏ونمررها ونلتزم بالصمت حيال تلك الأكاذيب؟!

    إشكالية خطيرة جدًا جدًا شكل من أشكال الفساد الذي ينبغي أن يوقف، ‏وللأسف الشديد الكذب اليوم ما عاد كلمة فردية يقولها فرد لآخر وانتهى ‏الموضوع، الكذب الآن أصبح على إشكاليات لأنه أصبح عاليما، كذبة واضحة ممكن يقولها إنسان فرد فتنتشر كانتشار ‏النار في الهشيم، انتشار عالمي وسائل تواصل المختلفة وهناك من يسمع، هل من يسمع للكذب كذلك يشارك فيه؟ ‏

    الذي يبدو أنه مشارك فيه لأنه بصمته وسكوته عن ذلك الكذب إنما هو يساهم في الترويج له بطريقة أو أخرى، إذن ما ‏المطلوب؟

    المطلوب إيقاف الكذب، توضيح الحق، بيان الحق هذا عقد هذا من الالتزامات المختلفة، الالتزامات أمام الله ‏سبحانه وتعالى أن يكون الإنسان صادقًا مع نفسه صادقًا مع ربه صادقًا مع الاخرين ناشرًا للصدق مؤيدًا له داعيًا له وبعكسه سيكون ‏الكذب، ونتيجة لترويج تلك العملة الزائفة عملة الكذب أصبحوا أكّالون للسحت الحرام

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jun 2024
    المشاركات
    1,163

    افتراضي رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    انواع متعددة من اكل السحت



    غالبية المسلمين إن لم نقل الغالبية العظمى من المسلمين في واقع الأمر لا يمكن أن يفكر على سبيل المثال في تناول لحم ‏الخنزير أو الاقتراب منه مجرد اقتراب، في حين أنه رغم هذا الحرص الشديد الذي ينبغي أن يكون من عدم الاقتراب ‏من الحرام أو لحم الخنزير أو ما شابه إلا أنه لا نجد في نفسه ذات الورع عندما يتعلق الأمر بالحرام المعنوي الأكل المعنوي ‏اكل اموال الناس بالباطل الاختلاس رشوة، ممكن أن يكون أكل اموال اليتامى،

    موارد الحرام كثيرة المال الحرام ولكن ‏هذا الورع لا يشبه هذا!


    وأحيانا نجد ورعًا شديدًا جدًا في ما يتعلق بالجانب الحسي في الحرص الشديد على تناول الطعام ‏الحلال والتأكد من كل هذا، وهو أمر رائع ينبغي أن نحافظ عليه، يشكّل هوية الانسان المؤمن ولكن في ذات الوقت علينا أن لا ‏يكون لدينا تلك الازدواجية التي حدثتنا سورة المائدة عن بعض أشكالها في جانب الذي أشعر أنه لا يمس أو يؤثر ‏علي بشكل واضح أحرص أشد الحرص على الأكل الحلال، ولكن الجوانب التي يمكن أن يكون لها تأثير على مدخولي ‏المادي لا، ممكن أن لا أوجهها بنفس الطريقة، هذه الازدواجية لا يقبل بها القرآن ولذلك الآيات الوحيدة التي جاءت في ‏الحديث عن هذه القضية

    (أكالون للسحت)


    عليك أن تحذر من الوقوع في المال الحرام. وربما ‏هناك بعض الأشياء التي قد لا ينتبه إليها بعض الناس،وهي ما يتعلق بساعات العمل

    العمل أمانة والانسان حين يتقاضى أجرًا معينًا ماديًا مرتبًا تجاه أيّ عمل ‏من الاعمال في مؤسسة في مدرسة في شركة في عمل في القطاع الخاص في العمل العام لا يفرق الأمر لا يختلف، لا ‏بد أن نراعي جانب الأمانة بمعنى أنت تعطى هذا المال أو الأجر المادي مقابل عمل تقوم به عليك أن تقوم به وفق ما ‏يرضى الله عز وجل وفق ما أمر الله عز وجل من أداء الأمانات والقيام بالحقوق والواجبات، ولا يغرّك أن الاخرين ‏من حولك لا يهتمون ولا يعملون ولا يفعلون ويضيعون الوقت، نحن نحاسب أفرادًا، نحاسب على أعمالنا وتصرفاتنا ‏نحن لا نحاسب على تصرفات الآخرين ولا على سلوكياتهم أنت تحاسب على عملك أنت وهذه إشكالية خطيرة، ‏والبعض منا للأسف الشديد لا ينظر إلى هذا المدخول الدخل الذي يأتي إليه في كل شهر الأجر المادي المرتب مقابل هذا ‏العمل لا ينظر إلى أنه إن لم يقم بالعمل، فالمال فيه شيء على الاقل شبهة من حرام، لا ينظر الى هذه القضية بهذا الشكل أبدًا

    القرآن يعلمنا أن نتوخى الحذر الحلال يعلمنا الورع يعلمنا أن نبحث عن اللقمة الحلال فنحصل عليها لنا ولمن نعول. وفي نفس الوقت حتى في صدقاتنا ربي عز وجل لا يقبل إلا الطيب فلماذا أُدخل على نفسي وأسرتي وأولادي وأهلي ‏شبهة من المال الحرام بتصرفات لا ينبغي أن أقوم بها

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •