السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا سؤال خطر ببالى لما رأيت قول ابن تيمية بحوادث لا أول لها وأن كل مخلوق قبله مخلوق ورأيت تعصب أتباعه له حتى كفروا من خالفه
فابن تيمية يقول إن كلام الله تبارك وتعالى قديم النوع حادث الآحاد لأن الله لم يزل متكلما
ويقول فى المخلوقات إنها قديمة النوع حادثة الآحاد لأن الله لم يزل خالقا
فما الفرق عنده بين القرآن والمخلوقات؟
وقد كان السلف يستدلون على أن القرآن غير مخلوق بأنه قديم فإذا كانت المخلوقات قديمة نوعا فأى فرق بينهما؟
فإن قال القرآن وإن كان قديم النوع حادث الآحاد فهو غير مخلوق لأنه كلام الله والمخلوقات مخلوقة لأنها ليست بالفعل نفسه بل الخلق هو الفعل وهو غير مخلوق.

قيل له - إن شاء الله - : قد أخطأت وأبطلت حجة السلف على أن القرآن غير مخلوق لأنهم احتجوا على أنه غير مخلوق بأنه قديم وقالوا للجهمية إن قلتم: لم يكن القرآن ثم كان. فقد كفرتم. واحتجوا على أن أسماء الله وصفاته غير مخلوقة بأن من قال إن الله كان بلا اسم أو صفة ثم صار له اسم وصفة فقد كفر. فلو كان الذى قال هذا القائل كما قال لاحتج عليهم الجهمية بأن المخلوقات قديمة نوعا حادثة الآحاد ولا يقتضى هذا أنها غير مخلوقة.

وقيل له: قد زعمت أن فعل الخلق غير مخلوق لأن أفعال الله غير مخلوقة أما المخلوقات فهى مخلوقة لأنها ليست بالفعل نفسه. وهذا يلزمك فى القرآن لأنا حين قلنا إن القرآن كلام الله فلسنا نعنى أنه فعل التكلم نفسه بل هو المُتَكَلَّمُ به. أرأيت إن قال لك قائل إن فعل التكلم نفسه غير مخلوق لأن أفعال الله غير مخلوقة أما القرآن فمخلوق لأنه ليس بالفعل فما حجتك عليه؟


ويقال لهم: قد علمنا نحن وأنتم أن عامة المسلمين لا يقولون بقول ابن تيمية بل لا يستطيعون أن يقوله كما لا يستطيعون أن يقولوا بخرافات الأشاعرة والمتكلمين. وهذه المسألة عندكم من أنكرها كان معطلا لله جهميا وتسمونه كافرا نوعا فإذا قامت عليه الحجة صار كافرا عينا. فكيف ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته فى هذا الضلال وقد بعثه ربه سبحانه وتعالى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور؟ بل قد صح عنه أنه أجاب من سأله عن أول هذا الأمر بأن الله كان ولا شىء معه. وصح عنه أن للخلق أولا وأن الله أول ما خلق خلق القلم. وابن تيمية يزعم أنه خاطب الناس بما تحتمله عقولهم. فأى فرق بين قوله هذا وقول الأشاعرة؟ ولماذا يُلَبِّسُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته ويوهمهم بأن للخلق أولا فلم يخبرهم بما زعمتم أنه الحق من أن المخلوقات لا أول لها ولا سكت عن الحق إذ عجزوا عن فهمه حتى لبس عليهم بزعم ابن تيمية!

ثم أين كان أهل العلم من بيان هذه المسألة الغامضة التى أخفاها الله عنا ورسوله لأن عقول الناس لا تحتملها حتى جاء ابن تيمية؟ بل المنصوص عن أحمد وغيره فى احتجاجهم على الجهمية أن للخلق أولا وأن الله كان ولما يخلق شيئا. لو قيل لبعض من يقول بقول ابن تيمية أخرج لنا قولا لبعض من سبقه من أهل العلم يوافقه فيها لعجز وما استطاع.

ومن منكم يا من زعمتم أن قول ابن تيمية فيها هو الحق تَعَلَّمَ هذه المسألة من غير كلام ابن تيمية وأتباعه؟ ومن منكم علمها قبل أن يسمعها من أتباع ابن تيمية؟ وكيف يخفى الحق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيعجزون عن إصابته حتى أصابه ابن تيمية؟ وقد كان السلف يقولون من لم يقل إن الله سبحانه على عرشه كما يعتقد العامة فهو جهمى.

أكاد أجزم أن لو قيل لواحد منهم احلف بطلاق امرأتك ثلاثا لقد علمت هذه المسألة أو وقعت فى قلبك قبل أن تأخذها من أتباع ابن تيمية لأبى أن يحلف مع أنهم يرون الكفارة فى يمين الطلاق ويجعلون الثلاث بلفظ واحد واحدة.