تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    16,136

    افتراضي لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا

    ماصحة قول زيد ابن علي رضي الله عنهما (لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    192

    افتراضي رد: لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    ماصحة قول زيد ابن علي رضي الله عنهما (لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا)
    هذه من الأحداث التاريخية، ولا ينبغي التعامل مع الوقائع في التاريخ وفقا للقواعد الصارمة عند نقاد الحديث، إلا بالقدر الذي لا يمس جانب العقيدة أو الأحكام، ولكن نعرضها أولا على قواعد المحدثين، ثم بعد ذلك نعرضها على قواعد علم الروايات التاريخية، مع الأخذ في الاعتبار أن الإسناد هو من أهم العناصر في هذا البحث، ولنبدأ أولا بسرد القصة مع أسانيدها، ولفظ هذا الخبر في بعض كتب الشيعة هو: أن زيدا دخل على هشام بن عبد الملك، وقد جمع له هشام أهل الشام، وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه، فقال له زيد: "إنه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصى بتقوى الله، ولا من عباده أحد دون أن يوصى بتقوى الله، وأنا أوصيك بتقوى الله -يا أمير المؤمنين- فاتقه"، فقال له هشام: أنت المؤهل نفسك للخلافة، الراجي لها؟! وما أنت وذاك؟! -لا أم لك- وإنما أنت ابن أمة، فقال له زيد: "إني لا أعلم أحدا أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث، وهو إسماعيل بن إبراهيم -عليهما السلام-، فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام؟! وبعد، فما يقصر برجل أبوه رسول الله -صلى الله عليه وآله- وهو ابن علي بن أبي طالب"؟، فوثب هشام عن مجلسه، ودعا قهرمانه، وقال: لا يبيتن هذا في عسكري، فخرج زيد -رحمة الله عليه- وهو يقول: "إنه لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذُلُّوا"، فلما وصل الكوفة، اجتمع إليه أهلها، فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب، ثم نقضوا بيعته، وأسلموه، فقُتِل -عليه السلام-، وصلب بينهم أربع سنين، لا ينكر أحد منهم ولا يغير ولا لسان.

    أورده أبو نصر، سهل بن عبد الله البخاري في "سر السلسلة العلوية"، ص 57 و 58، ط الحيدرية، والمفيد في "الإرشاد"، ج 2، ص 172 و 173، ط المفيد، وابن عنبة في "عمدة الطالب"، ص 255 و 256، ط الحيدرية، بلا إسناد.

    وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، ج 19، ص 466 و 467، ترجمة 2344، ط الفكر، قال: قرأت على أبي الفتح، نصر الله بن محمد الفقيه الشافعي، عن أبي الفتح، نصر بن إبراهيم الزاهد، عن أبي الحسن بن السمسار، أنبأنا أبو الحسن، محمد بن يوسف البغدادي، أخبرنا الحسن بن رشيق، أخبرنا يموت بن المُزَرِّع، أخبرنا محمد بن حميد اليشكري، أنبأنا عمي معاذ بن أسد، قال: أقر ابنٌ لخالد بن عبد الله القسري على زيد بن علي وداود بن علي بن عبد الله بن العباس، وأيوب بن سلمة المخزومي، ومحمد بن عمر بن علي، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنهم قد أزمعوا على خلع هشام بن عبد الملك، فقال هشام لزيد: قد بلغني كذا وكذا، قال: "ليس كما بلغك -يا أمير المؤمنين-"، قال: بلى قد صح عندي ذلك، قال: "أحلف لك"؟ فقال: وإن حلفت، فأنت غير مصدق، فقال زيد: "إن الله لم يرفع من قدر أحد أن يحلف له بالله، فلا يُصَدَّق، ولا وضع من قدر أحد أن يحلف بالله فلا يُصَدَّق"، فقال له هشام: اخرج عني، قال: "إذا، لا تراني إلا حيث تكره"، فلما خرج من بين يدي هشام، قال: "من أحب الحياة ذُلَّ"، فقال له الحاجب: أبا الحسين، لا يسمعن هذا منك أحد.
    ثم أخرج ابن عساكر -أيضا- في تاريخه، ج 19، ص 470 و 471، ترجمة 2344، فقال: قرأت على أبي محمد، عبد الله بن أسد بن عمار، عن عبد العزيز الكتاني، أنبأنا عبد الوهاب الميداني، حدثني أبو بكر، محمد بن سليمان بن يوسف الربعي السمسار في سنة ستين وثلاثمائة، أخبرنا محمد بن عمر بن حفص الحافظ، أخبرنا مسبح بن حاتم العكلي، أخبرنا عبد الجبار بن عبد الله، عن عبد الأعلى بن عبد الله الشامي، قال: لما قدم زيد بن علي إلى الشام، كان حسن الخلق، حلو اللسان، فبلغ ذلك هشام بن عبد الملك، فاشتد عليه، فشكا ذلك إلى مولى له، فقال له: ائذن للناس إذنا عاما، واحجب زيدا، ثم ائذن له في آخر الناس، فإذا دخل عليك، فسَلَّم، فلا ترد عليه، ولا تأمره بالجلوس، فإذا رأى أهل الشام هذا، سقط من أعينهم، ففعل، فأذن للناس إذنا عاما، وحجب زيدا، وأذن له في آخر الناس، فدخل، فقال: "السلام عليك يا أمير المؤمنين"، فلم يرد عليه، فقال: "السلام عليك يا أحول، إذ لم تر نفسك أهلا لهذا الاسم"، فقال له هشام: أنت الطامع في الخلافة، وأمك أمة؟ فقال: "إن لكلامك جوابا، فإن شئت أجبت"، قال: وما جوابك؟ قال: "لو كان في أم الولد تقصير لما بعث الله إسماعيل نبيا وأمه هاجر، فالخلافة أعظم أم النبوة؟" فأفْحِمَ هشام، ولما خرج، قال لجلسائه: أنتم القائلون (إن رجالات بني هاشم هلكت) والله ما هلك قوم هذا منهم، فرده، وقال يا زيد، ما كانت أمك تصنع بالزوج ولها ابن مثلك؟! قال: "أرادت آخر مثلي"، قال: ارفع إلي حوائجك، فقال: "أما وأنت الناظر في أمور المسلمين، فلا حاجة لي"، ثم قام، فخرج، فأتبعه رسولا، وقال: اسمع ما يقول، فتبعه، فسمعه يقول: "من أحب الحياة ذُلَّ"، ثم أنشأ يقول: * مهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا * سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا،، لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم * وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا،، الله يعلم أنّا لا نحبكم * ولا نلومكم ألّا تحبونا،، كل امرئ مولع في بغض صاحبه * نحمد الله نقلوكم وتقلونا * ثم حلف أن لا يلقى هشاما ولا يسأله صفراء ولا بيضاء، فخرج في أربعة آلاف بالكوفة، فاحتال عليه بعض من كان يهوى هشاما، فدخلوا عليه، وقالوا: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فقال: "رحم الله أبا بكر وعمر، صاحبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أين كنتم قبل اليوم؟ قالوا: ما نخرج معك أو تتبرأ منهما، فقال: لا أفعل، هما إماما عدل، فتفرقوا عنه، وبعث هشام إليه، فقتلوه، فقال الموكل بخشبته: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، وقد وقف على الخشبة، وقال: "هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني، يا زيد، قتلوك -قتلهم الله-، صلبوك، -صلبهم الله-"، فخرج هذا في الناس، وكتب يوسف بن عمر إلى هشام، أن عجل إلى العراق، فقد فتنهم، فكتب إليه، أحرقه بالنار، فأحرقه، -رحمة الله عليه-.

    فأما الرواية من كتب الشيعة، فهي مجردة عن الإسناد الذي هو مناط الحكم على الأخبار ابتداءا وانتهاءا، وقد تطلبتها في أقدم مصادرهم عسى أن أحظى بإسناد لهم فيها، ولكن دون أن يجدي ذلك شيئا، والقوم لا يتشاغلون كثيرا بهذه المسألة لأنها ليست بالملحة عندهم، وما كانت أسانيدهم في كتبهم إلا مكايدة لأهل السنة والجماعة، والإسناد عندنا -في الأصل- ما وجب على الرواة إلا لمواجهة افتراءات هؤلاء في المقام الأول قبل أي فرقة أخرى.
    وأما طريق معاذ بن أسد، فلا أظنه كاتب ابن المبارك، ويوجد شيخ آخر اسمه معاذ بن أسد، وهو حراني، أما كاتب ابن المبارك، فمروزي، وهو بعد غنوي، (من مضر) لكن هذا الذي في الإسناد يشكري (من ربيعة)، لأنه عم محمد بن حميد، فليحرر، وفي الإسناد من عُرِفَ بالتشيع بل الرفض والتساهل في الأخذ، وهو ابن السمسار، وقد اعتذر له الذهبي في "سير أعلام النبلاء"، ج 17، ص 507، ترجمة 328، ط الرسالة، بغلبة أمر الرافضة في زمانه، وتمكن الدولتين العبيدية والبويهية، لكن هو معروف بتساهله -كذلك- وعدم سلامة أصوله، كما أن الإسناد فيه من لم أعرفه، وهو محمد بن يوسف البغدادي، أبو الحسن، فلم أجد من ترجمه.
    وأما طريق عبد الأعلى بن عبد الله الشامي، ففيه مجاهيل، وعبد الوهاب الميداني كان متساهلا في الرواية، وقد اتهم بالكذب عن ابن هارون، فالقصة لا تصح من هذا الطريق -أيضا-.
    وقد ظهر لك أن هذه الحادثة بين زيد بن علي مع هشام بن عبد الملك لم تثبت من حيث الإسناد على قواعد تعامل نقاد الحديث مع الأحاديث، لكن، يلزم النظر في عدة أمور:
    1 - إن بعض الرواة في طرق هذه القصة كانوا من الإخباريين، وهم أهل هذا التخصص، مثل يموت بن المُزَرِّع في الإسناد الأول، ومسبح بن حاتم في الإسناد الثاني، وعلى أي حال، هما أحسن حالا من محمد بن عمر الواقدي المتهم دائما بالكذب، ومع ذلك، تساهل معه العلماء في قبول ما روى في التاريخ.
    2 - لم تحتوي القصة -بحسب نظري المجرد- على أي مخالفة لما يعتقده أهل السنة في أمور الإيمان واعتقادهم في الصحابة، وكذلك لا تتعلق القصة بجانب الأحكام الشرعية.
    3 - من الحقائق الثابتة، تلك الوحشة التي كانت بين بني أمية والهاشميين، وهو أمرٌ لا يخفى على مضطلع مبتدئ على كتب التاريخ، كما أن من الثابت أن بني أمية بالفعل قد تورطوا -للأسف الشديد- في قتل زيد بن علي، فقد كان في سيوف عمالهم على الأمصار رهقا، فليس من البعيد وقوع هذه القصة على هذا النحو.
    4 - أما استغلال الشيعة لمثل هذه القصة في الدعوة إلى اعتقاداتهم، فلنا أن نقول: لا تؤخذ الرواية من كتبهم الضحلة، بل تستقى من كتبنا المسندة، ولم يمنعهم وجود الأسانيد -وحتى في الصحيحين- من تأويلها بالتفاسير المستبعدة والملتوية والمتكلفة، من أجل الدعوة إلى عقائدهم، والله أعلم بالصواب.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    16,136

    افتراضي رد: لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا

    جزاكم الله خيرا.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    192

    افتراضي رد: لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا

    بارك الله فيكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •