34 - " احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
منكر لا أصل له .
قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 177 ) : رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي في " الشعب " من طريقه من رواية أبي الدرداء الرهاوي مرسلا ، وقال البيهقي : أن بعضهم قال : عن أبي الدرداء عن رجل من الصحابة قال الذهبي : لا يدرى من أبو الدرداء ، قال وهذا منكر لا أصل له .
قلت : وقد أقره الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " ( 6 / 375 ) .
ومن ظن أن أبا الدرداء هذا هو الصحابي فقد أخطأ ، وعليه جرى فيما يظهر السيوطي في " الجامع " وفي " الدر المنثور " ( 1 / 100 ) حيث قال : عن أبي الدرداء فأطلقه ولم يقيده ، وتبعه في ذلك المناوي حيث لم يتعبه بشيء في " الفيض " وإنما قال : ولم يرمز له بشيء ، وهو ضعيف لأن فيه هشام بن عمارالأصل كمال وهو تحريف .
قال الذهبي : قال أبو حاتم : صدوق وقد تغير ، وكان كلما لقن يتلقن .
وقال أبو داود : حدث بأرجح من أربع مئة حديث لا أصل لها .
وهذا الإعلال فيه نظر ، فإن للحديث طريقين عن أبي الدرداء كما يستفاد من " اللسان " ، فالعلة الحقيقية هي جهالة أبي الدرداء هذا ورواه ابن عساكر ( 2 /333 / 2 ) من قول أرطاة بن المنذر فالظاهر أنه من الإسرائيليات .
تنبيه : كنت قد خرجت الحديث مسلما بما قاله الحافظ معزو ا لابن أبى الدنيا والبيهقي ثم طبع الكتابان والحمد لله ، ووقفت على إسناده وقول البيهقى عقبه :
إن فيه علة أخرى ، وإنه ليس له طريق أخرى خلافا لقول الحافظ ، فرأيت أنه لابد لى من بيان ذلك ، فأقول :
1 - أما العلة فتتبين بعد سوق السند ، فقال ابن أبى الدنيا فى " ذم الدنيا "
( 54/132 ) - ومن طريقه البيهقى فى " شعب الإيمان " ( 7/339/10504 ) - : حدثنى أبو حاتم الرازى : حدثنا هشام بن عمار : حدثنا صدقة - يعنى : ابن خالد - عن عتبة بن أبى حكيم : حدثنا أبو الدرداء الرهاوى ..... وقال البيهقى : وقال غيره عن هشام بإسناده عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم .
قلت : فالعلة عتبة هذا ، فقد قال الحافظ : " صدوق يخطئ كثيرا " .
2 - وأما الطريق فقد قال الذهبى فى " الميزان " : " أبو الدرداء الرهاوى عن رجل له صحبة بحديث : " اتقوا الدنيا .... " لا يدرى من ذا ، والخبر منكر لا أصل له " .
فقال الحافظ عقبه : " أخرجه البيهقى فى " الشعب " من روايته عن أبى الدرداء به ، وأخرجه أيضا من طريق أخرى عن أبى الدرداء مرسلا ، وهو عند ابن أبى الدنيا فى " ذم الدنيا " من هذا الوجه " .
قلت : إذا تأملت الإسناد المذكور من رواية ابن أبى الدنيا والبيهقى علمت أنها ليست طريقا أخرى ، وإنما هى الأولى عن أبى الدرداء الرهاوى مرسلا ، فهو من أوهام الحافظ رحمه الله ، ويؤكد ذلك قول البيهقى المتقدم : " وقال غيره : عن هشام ..... " إلخ ، ومن الواضح أنه يعنى بضمير ( غيره ) أبا حاتم الرازى ، فهذه طريق أخرى مع كونها معلقة ، ولكنها عن هشام وليست عن أبى الدرداء كما وهم الحافظ ، فالطريق عنه فى الحقيقة واحدة ، غاية ما فى الأمر أن أبا حاتم الحافظ رواه عن هشام بإسناده الضعيف عنه مرسلا ، ورواه غيره - وهو مجهول - عنه عن أبى الدرداء عن الصحابى ، والمرسل هو الصحيح على ضعفه ، فهذا ما لزم بيانه . اهـ .