1479 - " كان لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا ، و كان قل يوم إلا و هو
يطوف علينا جميعا ، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها
، فيبيت عندها ، و لقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت و فرقت أن يفارقها رسول
الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله يومي لعائشة ، فقبل ذلك رسول الله صلى
الله عليه وسلم منها ، و في ذلك أنزل الله تعالى و في أشباهها - أراه قال -
*( و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا )* " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 467 :
أخرجه أبو داود ( 1 / 333 - التنازية ) من طريق أحمد بن يونس حدثنا عبد الرحمن
ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال : قالت عائشة : " يا ابن أختي
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل ... " . و خالفه سعيد بن منصور
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد به إلا أنه أرسله فقال : عن هشام عن أبيه قال
: " أنزل في سودة رضي الله عنها و أشباهها *( و إن امرأة خافت ... )* " الحديث
. أخرجه البيهقي ( 7 / 297 ) و قال : " و رواه أحمد بن يونس عن أبي الزناد
موصولا كما سبق ذكره في أول كتاب النكاح " . و لعل الوصل أرجح ، فإن أحمد بن
يونس ثقة من رجال الشيخين ، و قد زاد الوصل و زيادة الثقة مقبولة ، لاسيما و له
شاهد من حديث ابن عباس قال : " خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فقالت : يا رسول الله لا تطلقني و أمسكني و اجعل يومي لعائشة ، فقبل ،
فنزلت الآية . *( و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا )* الآية قال : فما
اصطلحا عليه من شيء فهو جائز " . أخرجه أبو داود الطيالسي ( 1944 - ترتيبه )
و من طريقه الترمذي ( 3 / 94 - 95 ) و كذا الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 /
134 / 1 ) و البيهقي ( 7 / 297 ) و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب " .
قلت : و سنده حسن كما قال الحافظ في " الإصابة " . و قد روى في حديث سبب خشية
سودة أن يطلقها صلى الله عليه وسلم ، و هو فيما أخرجه ابن سعد في " الطبقات "
( 8 / 53 ) من طريق ابن أبي الزناد بإسناده المتقدم عن عائشة قالت : " كانت
سودة بنت زمعة قد أسنت ، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستكثر منها ،
و قد علمت مكاني من رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنه يستكثر مني ، فخافت أن
يفارقها و ضنت بمكانها عنده ، فقالت : يا رسول الله يومي الذي يصيبني لعائشة ،
و أنت منه في حل ، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم . و في ذلك نزلت : *( و إن
امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا )* الآية " . لكن في إسناده شيخه محمد بن
عمر ، و هو الواقدي و هو كذاب . ثم روي من طريق القاسم بن أبي بزة أن النبي صلى
الله عليه وسلم بعث إلى سودة بطلاقها ... الحديث ، و نحوه من رواية الواقدي عن
التيمي مرسلا ، و فيه أنها قالت : يا رسول الله ما بي حب الرجال ، و لكن أحب أن
أبعث في أزواجك ، فأرجعني ... و نحوه عن معمر معضلا . و هذا مرسل أو معضل ، فإن
القاسم هذا تابعي صغير روى عن أبي الطفيل و سعيد بن جبير و عكرمة و غيرهم .
و هو مع إرساله منكر لأن الروايات المتقدمة صريحة في أنه صلى الله عليه وسلم لم
يطلقها . و هذا يقول : " بعث إلى سودة بطلاقها " . فإن قيل لماذا خشيت سودة
طلاق النبي صلى الله عليه وسلم إياها ؟ فأقول : لابد أن تكون قد شعرت بأنها قد
قصرت مع النبي صلى الله عليه وسلم في القيام ببعض حقوقه ، فخشيت ذلك ، و لكني
لم أجد نصا يوضح السبب سوى رواية الواقدي المتقدمة التي أشارت إلى ضعفها من
الناحية الجنسية ، و لكن الواقدي متهم كما سبق . و يحتمل عندي أن السبب ضيق
خلقها ، و حدة طبعها الحامل على شدة الغيرة على ضراتها ، فقد أخرج مسلم ( 4 /
174 ) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال : ما رأيت امرأة أحب إلي أن
أكون في سلافها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة . قالت : فلما كبرت جعلت
يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة . و للشطر الأول من طريق أخرى
عند ابن سعد ( 8 / 54 ) عن ثابت البناني عن سمية عن عائشة به إلا أنه وقع فيه "
فيها حسد " و لعله محرف من " حدة " . و الله أعلم .