﴿ وَٱلْأَنْعَٰمَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَٰفِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿٥﴾ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٥﴾] هذه السورة تسمى سورة النعم؛ فإن الله ذكر في أولها أصول النعم وقواعدها، وفي آخرها متمماتها ومكملاتها. السعدي:435-436.
﴿ يُنَزِّلُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦٓ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢﴾] سماه روحاً؛ لأنه يحيي به القلوب. البغوي:2/604.
﴿ أَتَىٰٓ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾ [سورة النحل آية:﴿١﴾] يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها، مُعَبِّراً بصيغة الماضي الدال على التحقيق والوقوع لا محالة. ابن كثير:2/541.
﴿ وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ ﴾ [سورة الحجر آية:﴿٩٩﴾] كان عمر بن عبد العزيز يقول: «ما رأيت يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت، ثم لا يستعدون له»؛ يعني كأنهم فيه شاكون. القرطبي:12/265.
﴿ إِنَّا كَفَيْنَٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءِ ينَ ﴿٩٥﴾ ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الحجر آية:﴿٩٥﴾] وفي وصفهم بذلك [أي: بالشرك] تسلية لرسول الله ﷺ، وتهوين للخطب عليه، عليه الصلاة والسلام، بالإشارة إلى أنهم لم يقتصروا على الاستهزاء به ﷺ، بل اجترأوا على العظيمة التي هي الإشراك به سبحانه. الألوسي: 14/441.
﴿ إِنَّا كَفَيْنَٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءِ ينَ ﴾ [سورة الحجر آية:﴿٩٥﴾] وهذا وعد من الله لرسوله أن لا يضره المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل تعالى؛ فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبما جاء به إلا أهلكه الله، وقتله شر قتلة. السعدي:435.
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْـَٔلَنَّه ُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٩٢﴾ عَمَّا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الحجر آية:﴿٩٢﴾] قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يسألهم سؤال استخبار واستعلام: هل عملتم كذا وكذا؟ لأن الله عالم بكل شيء، ولكن يسألهم سؤال تقريع وتوبيخ». القرطبي:12/260.
﴿ وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا۟ مِن فَضْلِهِۦ ﴾ [سورة النحل آية:﴿١٤﴾] (وترى الفلك مواخر فيه): قال قتادة: مقبلة ومدبرة؛ وهو أنك ترى سفينتين: إحداهما: تقبل، والأخرى تدبر، تجريان بريح واحدة. البغوي:2/608.
﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا۟ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُو ا۟ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ [سورة النحل آية:﴿١٤﴾] تسخير البحر هو: تمكين البشر من التصرف فيه، وتذليله بالركوب والإرفاء وغيره، وهذه نعمة من نعم الله علينا؛ فلو شاء سلطه علينا، وأغرقنا. القرطبي:12/294.
﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ۚ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَىٰكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٩﴾] (وعلى الله قصد السبيل) أي: على الله تقويم طريق الهدى بنصب الأدلة، وبعث الرسل. ابن جزي:1/459.
﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ۚ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَىٰكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٩﴾] لما ذكرت نعمة تيسير السبيل الموصلة إلى المقاصد الجثمانية ارتُقِي إلى التذكير بسبيل الوصول إلى المقاصد الرُّوحانية؛ وهو سبيل الهدى، فكان تعهّد الله بهذه السبيل نعمة أعظمَ من تيسير المسالك الجثمانية؛ لأن سبيل الهدى تحصل به السعادة الأبدية. ابن عاشور:14/112.
﴿ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٨﴾ وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٨﴾] لَمَّا ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السبل الحسية، نَبَّه على الطرق المعنوية الدينية. وكثيراً ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور النافعة الدينية. ابن كثير:2/544.
﴿ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٨﴾] (ويخلق ما لا تعلمون): مما يكون بعد نزول القرآن من الأشياء التي يركبها الخلق في البر، والبحر، والجو، ويستعملونها في منافعهم، ومصالحهم؛ فإنه لم يذكرها بأعيانها لأن الله تعالى لا يذكر في كتابه إلا ما يعرفه العباد، أو يعرفون نظيره. وأما ما ليس له نظير فإنه لو ذكر لم يعرفوه، ولم يفهموا المراد منه؛ فيذكر أصلاً جامعاً يدخل فيه ما يعلمون وما لا يعلمون؛ كما ذكر نعيم الجنة: سمى منه ما نعلم ونشاهد نظيره؛ كالنخل، والأعناب، والرمان، وأَجمَلَ ما لا نعرف له نظيراً. السعدي:436.
﴿ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٨﴾] أي: تارة تستعملونها للضرورة في الركوب، وتارة لأجل الجمال والزينة، ولم يذكر الأكل لأن البغال والحمر محرم أكلها، والخيل لا تستعمل في الغالب للأكل. السعدي:436
﴿ وَأَتَىٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٦﴾] أي: من حيث ظنوا أنهم في أمان. القرطبي:12/314.
﴿ لِيَحْمِلُوٓا۟ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٥﴾] يُضِلُّونَ مَن لا يعلم أنهم ضُلال على الباطل، وفيه تنبيه على أن كيدهم لا يروج على ذي لُبّ، وإنما يُقلِّدُهُم الجهلة الأغبياء، وفيه زيادة تعيير لهم وذم؛ إذ كان عليهم إرشاد الجاهلين لا إضلالهم... واستدل بالآية على أن المقلِّد يجب عليه أن يبحث ويميز بين المُحِقِّ والمُبْطِل، ولا يُعذرُ بالجهل. الألوسي:489-490.
﴿ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْـًٔا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴿٢٠﴾ أَمْوَٰتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٠﴾] قوله سبحانه: (غَيْرُ أَحْياءٍ)... فائدة ذكره... أن بعض ما لا حياة فيه قد تعتريه الحياة؛ كالنطفة، فجيء به للاحتراز عن مثل هذا البعض، فكأنه قيل: هم أموات وغير قابلين للحياة مآلاً. الألوسي:14/485.
﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿١٩﴾] يخبر تعالى أنه يعلم الضمائر والسرائر كما يعلم الظواهر، وسيجزي كل عامل بعمله يوم القيامة؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. ابن كثير:2/546.
﴿ وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة النحل آية:﴿١٨﴾] ذكر من أول السورة إلى هنا أنواعاً من مخلوقاته تعالى على وجه الاستدلال بها على وحدانيته، ولذلك أعقبها بقوله: (أفمن يخلق كمن لا يخلق)، وفيها أيضاً تعداد لنعمه على خلقه؛ ولذلك أعقبها بقوله: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، ثم أعقب ذلك بقوله: (إن الله لغفور رحيم) أي: يغفر لكم التقصير في شكر نعمه. ابن جزي:1/460.
﴿ وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة النحل آية:﴿١٨﴾] (وإن تعدوا نعمة الله) عددا مجردا عن الشكر (لا تحصوها)، فضلا عن كونكم تشكرونها؛ فإن نعمه الظاهرة والباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات، من جميع أصناف النعم مما يعرف العباد، ومما لا يعرفون، وما يدفع عنهم من النقم فأكثر من أن تحصى، (إن الله لغفور رحيم) يرضى منكم باليسير من الشكر مع إنعامه الكثير. السعدي:437.
﴿ وَأَلْقَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ رَوَٰسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَٰرًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿١٥﴾] وفي هذه الآية أدل دليل على استعمال الأسباب. القرطبي:12/305.
﴿ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٣٢﴾] طابت قلوبهم بمعرفة الله ومحبته، وألسنتهم بذكره والثناء عليه، وجوارحهم بطاعته والإقبال عليه. السعدي:439.
﴿ جَنَّٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِى ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٣١﴾] وذكر بعضهم أن تقديم (فيها) للحصر، و (ما) للعموم بقرينة المقام؛ فيُفيدُ أن الإنسان لا يجد جميع ما يريده إلا في الجنة، فتأمَّلهُ. الألوسي:14/500.
﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۚ قَالُوا۟ خَيْرًا ۗ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا۟ فِى هَٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۚ وَلَدَارُ ٱلْءَاخِرَةِ خَيْرٌ ۚ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٣٠﴾] وحسنة الدّنيا هي الحياة الطيّبة وما فتح الله لهم من زهرة الدنيا مع نعمة الإيمان. ابن عاشور:14/142.
﴿ فَٱدْخُلُوٓا۟ أَبْوَٰبَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَا ۖ فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِي نَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٩﴾] وهم يدخلون جهنم من يوم مماتهم بأرواحهم، وينال أجسادهم في قبورها من حرها وسمومها، فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في أجسادهم، وخلدت في نار جهنم. ابن كثير:2/548.
﴿ فَٱدْخُلُوٓا۟ أَبْوَٰبَ جَهَنَّمَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٩﴾] كُلُّ أهل عملٍ يدخلون من الباب اللائق بحالهم. السعدي:439.
﴿ فَأَلْقَوُا۟ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوٓءٍۭ ۚ بَلَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌۢ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٨﴾] وهذا في بعض مواقف القيامة: ينكرون ما كانوا عليه في الدنيا ظناً أنه ينفعهم، فإذا شهدت عليهم جوارحهم، وتبين ما كانوا عليه أقروا واعترفوا؛ ولهذا لا يدخلون النار حتى يعترفوا بذنوبهم. السعدي:439.
﴿ ۚ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْىَ ٱلْيَوْمَ وَٱلسُّوٓءَ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٢٧﴾] في هذا فضيلة لأهل العلم، وأنهم الناطقون بالحق في هذه الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وأن لقولهم اعتباراً عند الله وعند خلقه. السعدي:439.
﴿ ٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٤٢﴾] (وعلى ربهم يتوكلون): في كل أمورهم. وقال بعض أهل التحقيق: خيار الخلق من إذا نابه أمر صبر، وإذا عجز عن أمر توكل؛ قال الله تعالى: (الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون). القرطبي: 12/328.
﴿ ٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٤٢﴾] والتعبير في جانب الصبر بالماضي، وفي جانب التوكّل بالمضارع إيماء إلى أن صبرهم قد آذن بالانقضاء؛ لانقضاء أسبابه، وأن الله قد جعل لهم فرجاً بالهجرة الواقعة، والهجرة المترقّبة، فهذا بشارة لهم. وأنّ التوكّل ديدنهم؛ لأنهم يستقبلون أعمالاً جليلة تتمّ لهم بالتوكّل على الله في أمورهم؛ فهم يكرّرونه، وفي هذا بشارة بضمان النجاح. ابن عاشور: 14/159.
﴿ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُوا۟ فِى ٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا۟ لَنُبَوِّئَنَّه ُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ ٱلْءَاخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٤١﴾] قال قتادة: هم أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- ظلمهم أهل مكة، وأخرجوهم من ديارهم، حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك؛ فجعلها لهم دار هجرة، وجعل لهم أنصاراًً من المؤمنين. القرطبي: 2/615.
﴿ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُوا۟ فِى ٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا۟ لَنُبَوِّئَنَّه ُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ ٱلْءَاخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٤١﴾] ويحتمل أن يكون سبب نزول هذه الآية الكريمة في مهاجرة الحبشة... تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم الله خيرا منها في الدنيا؛ فإن من ترك شيئا لله عوضه الله بما هو خير له منه، وكذلك وقع... (لو كانوا يعلمون) أي: لو كان المتخلفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادخر الله لمن أطاعه واتبع رسوله. ابن كثير: 2/551.
﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ أَنَّهُمْ كَانُوا۟ كَٰذِبِينَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٣٩﴾] حين يرون أعمالهم حسراتٍ عليهم، وما نفعتهم آلهتهم التي يدعون مع الله من شيء لما جاء أمر ربك، وحين يرون ما يعبدون حطباًً لجهنم، وتكور الشمس والقمر، وتتناثر النجوم، ويتضح لمن يعبدها أنها عبيد مسخرات، وأنهن مفتقرات إلى الله في جميع الحالات. السعدي: 440.
﴿ وَأَقْسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٣٨﴾] ووجه التعجيب أنهم يظهرون تعظيم الله فيقسمون به، ثم يعجزونه عن بعث الأموات. القرطبي: 12/324.
﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُوا۟ ٱلطَّٰغُوتَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٣٦﴾] لم يزل تعالى يرسل إلى الناس الرسل بذلك منذ حدث الشرك في بني آدم؛ من عهد نوح أول رسول إلى أهل الأرض إلى زمن خاتم النبيين -صلوات الله عليه وعليهم- ودعوة الكل واحدة كما قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [الأنبياء: 25]، وكما أخبر هنا في هذه الآية، فكيف يسوغ لأحد من المشركين بعد هذا أن يقول: (لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء)؟! القاسمي: 4/516.
﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـَٔرُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٥٣﴾] أي: كيف تتقون غير الله، وما بكم من نعمة فمنه وحده، (فإليه تجأرون) أي: ترفعون أصواتكم بالاستغاثة والتضرع [ابن جزي:1/466].
﴿ وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُوٓا۟ إِلَٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ ۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَإِيَّٰىَ فَٱرْهَبُونِ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٥١﴾] والاقتصار على الأمر بالرّهبة، وقصرها على كونها من الله يفهم منه الأمر بقصر الرغبة عليه؛ لدلالة قصر الرهبة على اعتقاد قصر القدرة التامة عليه تعالى. ابن عاشور:14/174.
﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [سورة النحل آية:﴿٥٠﴾] هنا موضع سجود للقارىء بالاتفاق، وحكمته هنا إظهار المؤمن أنه من الفريق الممدوح بأنه مشابه للملائكة في السجود لله تعالى. ابن عاشور:14/171.
يتبع
الكلم الطيب