دلالة القرآن على أن السنة النبوية وحي من الرحمن
السنة النبوية بأقسامها سواء كانت قولية أو فعلية أو تقريرا فهي بوحي من الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن حزم رحمه الله - مبيِّناً هذه القضية-: "لما بينَّا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع، نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووجدناه عز وجل يقول فيه واصفاً لرسوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى♂[النجم: 3- 4]، فصحَّ لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين: أحدهما: وحي متلو، مؤلف تأليفاً معجز النظام، وهو القرآن. والثاني: وحي مروي، منقول غير مؤلف ولا معجز النظام، ولا متلو، لكنه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا. قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني، كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق"([1]).
وقال شيخ الإسلامابن تيميةرحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" (13/ 363): والسنة تتنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا أنها تتلى كما يتلى. اهـ. يقول ابن حزم رحمه الله في "الإحكام" (1/ 95): " قال تعالى ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [ الحجر: 9]
وقال تعالى : ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ ﴾ [ الأنبياء: 45 ] فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي، والوحي بلا خلاف ذِكْرٌ ، والذكر محفوظ بنصِّ القرآن ، فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل ، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء ، إذ ما حَفِظَ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء ، فهو منقول إلينا كله ، فلله الحجة علينا أبدا " انتهى . وقد ثبت إنزال جبريل عليه السلام بالسنة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما كان ينـزل عليه بالقرآن الكريم. فقد وردت بعض الآثار تنص على ذلك، فقد نقل الدارمي أثراً عن مُحَمَّد بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بن عطية قال: "كان جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالسُّنَّةِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ"([2]).
وفي تقرير قضية مصدرية السنة النبوية وأنها وحي من الله تعالى يقول الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله : " وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ , وَسَنَّ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ بِعَيْنِهِ نَصُّ كِتَابٍ , وَكُلُّ مَا سَنَّ فَقَدْ أَلْزَمَنَا اللَّهُ اتِّبَاعَهُ , وَجَعَلَ فِي اتِّبَاعِهِ طَاعَتَهُ , وَفِي الْعُنُودِ عَنِ اتِّبَاعِهَا مَعْصِيَتَهُ , الَّتِي لَمْ يَعْذُرْ بِهَا خَلْقًا , وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ تَرْكِ اتِّبَاعِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْرَجًا , وَمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ , فَبِحُكْمِ اللَّهِ سَنَهُ , وَكَذَلِكَ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52] " ([3]) .
وهذا الحافظ العراقي رحمه الله في "طرح التثريب": (1/18) يقول في هذه المسألة: "ووصف السنة بالإنزال صحيح فقد كان الوحي ينزل بها كما ينزل بالقرآن كما في الحديث الصحيح في الرجل الذي أحرم لعمرة وهو متضمخ بخلوق فنزل الوحي في ذلك بالسنة الثابتة من قوله صلى الله عليه وسلم " ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك " الحديث المشهور، وروينا في كتاب السنن لأبي داود من حديث المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه " الحديث، وقد قال الشافعي رضي الله عنه السنة وحي يتلى"([4]) انتهى
وروى الخطيب البغدادي في "الكفاية" (ص 20) عن أحمد بن زيد بن هارون قال: إنما هو صالح عن صالح وصالح عن تابع وتابع عن صاحب وصاحب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله عن جبرائيل وجبرئيل عن الله عز وجل. وهذا هو إسناد شريعة محمّد عليه الصلاة والسلام، فلا يقول شيئاً في التشريع من تلقاء نفسه. ولذا يسمي السلف القرآن والسنة (الوحيين) وهذا مُسلَّم لدى المسلمين، وقد ترجم البخاري في كتاب التوحيد من "صحيحه": (باب ذكر النبي وروايته عن ربه). فالسنة وحي، وهذا متقرر عند أئمة الإسلام عامة من السلف والخلف. ولذلك يقول ابن حزم في "الإحكام": (4/505): "السنة وحي يتلى".
والسنة موصوفة بالإنزال كالقرآن.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (1/ 7).: وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ، كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ؛ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى الْقُرْآنُ.
وعن عبد الله بن المبارك قَالَ: "كَانَ جِبْرِيلُ إِذَا نَزَلَ بِالْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُهُ كَالْغَشْوَةِ فَيُلْقِيهِ عَلَى قَلْبِهِ فَيُسَرَّى عَنْهُ وَقَدْ حَفِظَهُ فَيَقْرَؤُهُ وَأَمَّا السُّنَنُ فَكَانَ يُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ وَيُشَافِهُهُ بِهِ"([5]).
وعن عمر بن عبد العزيز قال في إحدى خطبه : " خَطَبَ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ نَبِيًّا، وَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، فَمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا حَرَّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ …"([6]).
الأدلة على أن السنة وحي من الله
أولاً الأدلة على ذلك من القرآن:
(1) قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:3 - 4] وقد جاءت الآيتان بأسلوب القصر عن طريق النفي والاستثناء، والفعل إذا وقع في سياق النفي دل على العموم، وهذا واضح في إثبات أن كلامه صلى الله عليه وسلم، محصور في كونه وحياً لا يتكلم إلا به، وليس بغيره. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه، ﴿ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ أي: لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى، في نفسه وفي غيره. ودل هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه، لأن كلامه لا يصدر عن هوى، وإنما يصدر عن وحي يوحى([7]).ا هـ
قال ابن حزم الأندلسي رحمه الله : فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين، أحدهما وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن ، والثاني وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو ، لكنه مقروء ، وهو الخبر الوارد عن رسول الله ، وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا قال تعالى :-﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ [النحل 44] ([8]) .
وقال الحافظ ابن كثير : في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ أي: ما يقول قولا عن هوى وغرض، ﴿ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ أي: إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملا موفَّرًا من غير زيادة ولا نقصان ([9]) اهـ.
وقال الإمام القرطبي في تفسيره(17 / 85) لهذه الآية: ﴿إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾: وَفِيهَا أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ كَالْوَحْيِ الْمُنَزَّلِ فِي الْعَمَلِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ حَدِيثُ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. ا هـ .
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ أي: ما ينطق عن هواه ﴿إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ قال: يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل، ويوحي جبريل إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([10]).
(2) قوله تعالى : ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل:44) . وما نُزِّلَ هو القرآن ، والذكر المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ هو سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أما لو اعترض على ذلك معترض فبماذا يكون معنى الآية ؟!!! هل يكون المعنى : وأنزلنا القرآن لتبين القرآن؟!!! فليس كل القرآن مبين بالقرآن، والصحيح أن بيان القرآن يكون بالقرآن وكذلك بسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال أبو محمد بن حزم رحمه الله : "والذِّكْرُ اسم واقعٌ على كل ما أَنزلَ الله على نَبِيِّهِ: من قرآنٍ، أو سُنَّةٍ وحيٍّ يبيِّنُ بها القرآن"([11]).
وقال البغوي في تفسيره لهذه الآية : أراد بالذكر الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مبينا للوحي، وبيان الكتاب يطلب من السنة ([12]). وقال ابن عطية في تفسيره للآية : وقوله ﴿ لِتُبَيِّنَ﴾ يحتمل أن يريد لتبين بسردك نص القرآن ما نزل ، ويحتمل أن يريد لتبين بتفسيرك المجمل، وشرحك ما أشكل مما نزل ، فيدخل في هذا ما بينته السنة من أمر الشريعة، وهذا قول مجاهد ([13]).ا هـ وقال جل شأنه : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (الأنبياء:7) . وقوله سبحانه :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل:43) . وأهل الذكر هم أهل العلم بالوحيين الكتاب والسنة.
(3) قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ (البقرة:143) . فدلت الآية أن استقبال بيت المقدس كان من عند الله وبوحي منه سبحانه لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولكننا لا نجد في القرآن آية تشير إلى هذا الحكم أي بوجوب التوجه لبيت المقدس، فدل على أنه أوحي إليه بالتوجه وليس هذا في القرآن , وهذا دليل على أن السنة وحي .
(4) قال تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ وليس خفياً أن هذا الإذن ليس موجوداً في القرآن ومع ذلك فقد نسبه الله تعالى لنفسه، حيث أوضح أنه بإذنه وأمره فلا مناص من القول: إن هذا الإذن كان بالوحي غير المتلو وهو السنة.
(5) وقال تعالى آمراً لنبيه - صلى الله عليه وسلم- أن يقول: ﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّوَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [سورة الأحقاف:9] قال ابن جرير الطبري : وقوله: ﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ ﴾ يقول تعالى ذكره: قل لهم ما أتبع فيما آمركم به، وفيما أفعله من فعل إلا وحي الله الذي يوحيه إليّ([14]) .
(6) وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾. والسؤال أين هذه الآية التي أظهر الله بها نبيه على هذا الإفشاء؟ إننا لا نجد في القرآن آية تبين ذلك ، فظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك بالوحي غير المتلو وهو وحي السنة.
(7) لقد امتن الله تعالى على عباده المؤمنين بأن بعث فيهم رسوله صلى الله عليه وسلم بالكتاب والحكمة ، والكتاب هو القرآن والحكمة هي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهي من عند الله وحياً لرسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى :﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:151). وقال تعالى :﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(البقرة : 231). وقال تعالى :﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (آل عمران:164) . وقال تعالى :﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾ (النساء: 113). وقال تعالى :﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾(الأحز اب:34) فعطف الحكمة على آيات الله، لتندرج تحت ما أضيف إليها وهو "التلاوة" وهذا يضفى على الحكمة - وهى السنة - أنها في حجيتها، ووجوب تبليغها، كالقرآن سواء بسواء([15]).
معنى الحكمة:
واعلم أن الحكمة في القرآن نوعان : مفردة ، ومقترنة بالكتاب ، فالمفردة فسرت بالنبوة ، وفسرت بعلم القرآن ، وأمَّا الحكمة المقرونة بالكتاب فهي السنة ، كذلك قال الشافعي وغيره من الأئمة . وقيل : هي القضاء بالوحي ، وتفسيرها بالسنة أعم وأشهر )([16]) .
قال الإمام الشافعي: "فذكر الله الكتاب وهو القرآن، وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : وهذا يشبه ما قال، والله أعلم؛ لأن القرآن ذكر واتبعته الحكمة، وذكر الله منة على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يجز - والله أعلم - أن يقال الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله، وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله"([17]).ا هـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "الكتاب والحكمة" الكتاب والسنة([18]).
وعن قتادة- رحمه الله - قال: والحكمة أي السنة([19]). كما رواه ابن جرير في تفسيره حيث قال : " ويعني بالحكمة : ما أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحكام دين الله ، ولم ينزل به قرآن ، وذلك السنة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل "([20]). ثُمَّ ذكر بسنده عن قتادة في قوله : ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ أي السنة ، قال : يمتن عليهم بذلك([21]) . ا هـ .
وقال أيضا في بيان معنى الحكمة : "وهي السنن التي علّمكموها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنّها لكم " ([22]) .
ويقول الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله:
1- إن الله عطف الحكمة على الكتاب، وذلك يقتضي المغايرة، ولا يصحّ أن تكون غير السنة.
2- لأنّ الله ذكرها في معرض المنّة على المؤمنين، ولا يمنّ الله إلا بما هو حقّ وصواب.
3- وبما أن القرآن واجب الاتباع فالمعطوف عليه وهو الحكمة واجبة الاتباع.
4- وبما أنّ الله لم يوجب علينا إلا اتباع الكتاب والسنة، فتعيّن أن تكون السنة هي ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أقوال وأحكام في معرض التشريع ([23]) .
وفي تأكيد هذه القضية يقول ابن القيم رحمه الله : "فَعُلِمَ أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين كله وحي من عند الله ، وكل وحي من عند الله فهو ذكر أنزله الله. وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾[النساء: 113] ، فالكتاب: القرآن، والحكمة: السنة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإني أُوتِيتُ الكتاب ومثله معه" ، فأخبَر أنه أُوتي السُّنَّة كما أُوتي الكتاب"([24]).
وقال - رحمه الله - في موضع آخر: "إن كلَّ ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما أنزل الله وهو ذكرٌ من الله أنزله على رسوله"([25]).
وجاء في تفسير البحر المحيط(1 /563) بعد أن ذكر معاني الحكمة في القرآن: " ويجمع هذه الأقوال قولان : أحدهما ، القرآن والآخر السنة ، لأنها المبينة لما أنبهم من الكتاب ، والمظهرة لوجوه الأحكام . ويكون المعنى ، والله أعلم ، في قوله : ﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَاتِكَ ﴾ ، أي يفصح لهم عن ألفاظه ويوقفهم بقراءته على كيفية تلاوته ، كما قال صلى الله عليه وسلم لأُبَي : "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن" ، وذلك لأن يتعلم أُبَي منه صلى الله عليه وسلم كيفية أداء القرآن ومقاطعه ومواصلة ([26])" .
وقال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى:﴿ وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة﴾أي السنة ([27]).
وقال الصنعاني رحمه الله بعد أن ذكر قوله تعالى :﴿هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة﴾ : " كما تقرر أن الحق أن السنة وحى وهى المراد بالحكمة في الآية... ([28]) " ا هـ.
(8) بين الله تعالى في كتابه أن نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ، - إلا ما يعلمه الله إياه – قال تعالى : ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (الأنعام:50) . مع إخباره صلى الله عليه وسلم عن كثير من أمور الغيب ، وليست في القرآن كأشراط الساعة وقد وقع بعضها، وكذلك أحاديث الملاحم والفتن، وكثير من الأحاديث التي احتوت على إشارات علمية ، بل إعجاز علمي ، ثم جاء العلم الحديث ليؤيد ذلك ، إن كل ذلك ليؤيد ويدلل على أنه صلى الله عليه وسلم يوحى إليه بالسنة كالقرآن.
(9) نزلت آيات القرآن وفيها ما نزل مشيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالنظر وجد أنه لا توجد أية تكلمت عن رسول الله بمعزل عن الوحي ، ولو جاءت آية تتكلم عن بشرية الرسول دون الإشارة للوحي لاستند إليها من يريد أن يتمسك بأن الرسول أحيانا لا يوحى إليه .
قال اللّه تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ (آل عمران:144) وقال اللّه تعالى :﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ (الأحزاب:40) وقال اللّه تعالى :﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ (الفتح:29) وقال اللّه تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ (محمد:2) وقال اللّه تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ (الكهف:110) وقال اللّه تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه ُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ (فصلت:6) .
(10) قال اللّه تعالى:﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ . إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [ القيامة : 16 -19].
يقول ابن حزم: " إن الله تعالى أنزل الذكر على النبي - صلى الله عليه وسلم- ليبينه للناس، والبيان هو الكلام، فإذا تلاه النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد بينه، ثم إن كان مجملا لا يفهم معناه من لفظه بينه حينئذ بوحي يوحى إليه إما متلواً أو غير متلو كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه﴾، فأخبر تعالى أن بيان القرآن عليه - عز وجل-، وإذا كان عليه فبيانه من عنده تعالى، والوحي كله متلو وغير متلو من عند الله - عز وجل-، وقد قال - عز وجل﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾[النساء: 176]. وأخرج البخاري بسنده عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: 16] قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ [القيامة: 16] يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ، ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ﴾ [القيامة: 17] وَقُرْآنَهُ، أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ وَقُرْآنَهُ، أَنْ تَقْرَأَهُ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ [القيامة: 18] يَقُولُ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: 19] أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ ". (11) قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [ المائدة :67] ومن المؤكد والمقطوع به أن الرسالة التي ورد ذكرت في الآية والمأمور بتبليغها هي عبارة عن القرآن الكريم، والسنة النبوية معًا، إذ ليست الرسالة قاصرة على القرآن وحده، أو السنة وحدها، ومن هنا كانت السنة النبوية شرعًا مبلغًا، والآخذ بها آخذ بشرع الله، ولذلك فلا بد من أن تكون حجة شرعية، يلزمنا العمل بها، مع ملاحظة الدلالة على أن السنة النبوية وحي منزل من عند اللَّه تعالى ، وذلك من اللازم العقلي لأن صفة الصلاة وعدد الصلوات وعدد الركعات وصفة الحج وبيان مقادير الزكوات كل ذلك لم يبين إلا بالسنة ، والبلاغ به واجب ، فكان ذلك دليلا قطعياً على أن السنة من عند الله رب العالمين .
(12) قال اللَّه تعالى:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾[ الحجر :9] هذا إخبار من اللَّه تعالى أنه هو الذي نزل هذا الكتاب وهذا الوحي على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإخبارٌ وتكفلٌ منه أنه حافظٌ له ، وكفى بإنزاله إنزالا وكفى بحفظه حفظًا . وإن مما يلفت النظر أن اللَّه - سبحانه - وهو اللَّه - جَلَّ في علاه - قد أكد بأكثر من مؤكد في أسلوب هذا البيان أنه هو الذي نزل الذكر ، فانظر إلى التأكيد في قوله : " إنا " ، وانظر إلى تقديم ضمير التعظيم العائد إليه - عز وجل - ، ضمير الفصل ، في قوله : " نحن نزلنا " ! ! وإن مما يلفت النظر كذلك أن اللَّه ، وهو اللَّه جل في علاه ، قد أكد الخبر والوعد بحفظ كتابه بعدة مؤكدات : فانظر إلى قوله : " إنا " ، والتقديم في قوله : " له " ولام التأكيد في قوله : " لحافظون " ! ومما يستوقف عقول العقلاء المتدبرين للنص المبين ، أنه لم يُقَيِّدْ الحفظ بنوعٍ من أنواعه وإنما قال " لحافظون " ليشمل كل أنواع الحفظ :
حِفْظ السطور وحفْظ الصدور .
حفْظ الألفاظ وحفْظ المعاني .
حفْظ التلاوة وحفْظ التطبيق والعمل به .
حفْظ القرآن وحفْظ بيانه ، وهو السنة المطهرة .
حفْظ القرآن وحفْظ ما يقتضي حفظ القرآن
حِفْظه حفْظ لغة القرآن .
وحفْظ أمة القرآن .
وحفْظ المتمسكين بالقرآن ([29]) ا هـ
وبهذا قرر سبحانه بأن القرآن محفوظ ، وأن كل ما تعلّق بالقرآن فهو محفوظ، ويدخل في ذلك السنة لأن بيان القرآن بها ، وحفظ الله السنة دليل على أنها من عنده سبحانه .
قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي في " التنكيل .. " 1 /48 ، متحدثًا عن قوله سبحانه : ﴿إنا نخن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ : والذكر يتناول السنة ، بمعناه إن لم يتناولها بلفظه ، بل يتناول العربية وكل ما يتوقف عليه معرفة الحق ، فإن المقصود من حفظ القرآن أن تبقى الحجة قائمة والهداية دائمة إلى يوم القيامة ؛ لأنّ محمدًا - صلى اللَّه عليه وآله وسلم - خاتم الأنبياء وشريعته خاتمة الشرائع والله - عز وجل - إنما خلق الخلق لعبادته فلا يقطع عنهم طريق معرفتها ، وانقطاع ذلك في هذه الحياة الدنيا انقطاع لعلة بقائهما فيها " .
(13) قال الله تعالى : ﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (لأعراف:203) .
يقول ابن جرير الطبري في تفسيره(13 /343): يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، للقائلين لك إذا لم تأتهم بآية: "هلا أحدثتها من قبل نفسك!": إن ذلك ليس لي، ولا يجوز لي فعله; لأن الله إنما أمرني باتباع ما يوحى إليّ من عنده، فإنما أتبع ما يوحى إليّ من ربي، لأني عبده، وإلى أمره أنتهي، وإياه أطيع. ا هـ
والله تعالى يقول:﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ (يونس:109).
قال السعدي : ﴿ وَاتَّبِعْ﴾ أيها الرسول ﴿ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ﴾ علمًا، وعملا وحالا ودعوة إليه، ﴿ وَاصْبِرْ ﴾ على ذلك، فإن هذا أعلى أنواع الصبر، وإن عاقبته حميدة، فلا تكسل، ولا تضجر، بل دم على ذلك، واثبت، ﴿ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ ﴾ بينك وبين من كذبك ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ فإن حكمه، مشتمل على العدل التام، والقسط الذي يحمد عليه([30]).
(14) ومن الآيات التي تقطع بأن السنة وحي من عند الله - تعالى - وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق فيما يتصل بالتشريع إلا بما يوحي الله - تعالى - إليه، قوله - سبحانه - في شأن رسوله - صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ (الحاقة:44-47).
(15) أخبر الله تعالى أنه يقضي أحكاماً على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وليست في القرآن ، وذلك في قوله تعالى-: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف:157 ]. وقول الله - عز وجل - :﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة:29 ]. فقوله سبحانه :﴿ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ دليل على أن إنشاء الأحكام بالسنة النبوية كإنشائها بالقرآن ، ودليل على إقرار الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإذنه تعالى بذلك ، وهذه صورة الوحي الإقراري.
(16) قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ [الشورى: 52-53]. فهذا الثناء البالغ على هداية النبيّ -صلى الله عليه وسلم-, وأنها هداية ربَّانيّة: "صِرَاطِ اللَّهِ" ، دليلٌ على عصمة السنة, وأنها وحي من الله تعالى.
(17) إيجاب الله تعالى لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم على الأمة ، والاستسلام والانقياد له ، وقبول حكمه ، والاقتداء به ، وذلك في العديد من الآيات ، منها قول الله - عز وجل : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ (النساء:64 ). وقوله تعالى : ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾ [ آل عمران : 32] ، وقوله تعالى : ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾[ الحشر : 7] ، وقوله جل شأنه: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [ المائدة : 92] . وقوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [ النساء : 59] ، وقوله تعالى : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [ آل عمران : 31]. وقوله تعالى : ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ النساء : 65] . وقوله تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب:21]. وعلى ما تقدم فالسنة أصل في الاستنباط قائم بذاته ثبت وجوب الأخذ بها في النصوص الكثيرة الواردة في القرآن والتي تدل بصورة قاطعة على لزوم اتباع السنة والالتزام بها واعتبارها مصدرًا للتشريع واستفادة الأحكام منها. من ذلك أمر الله عز وجل بالأخذ بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾(ال حشر: الآية 7)،
ومنها التصريح بأنه لا إيمان لمن لم يحكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ (النساء:65).
ومنها التحذير من مخالفة أمره -صلى الله عليه وسلم- ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(النور: 63)
ومنها الأمر بطاعته طاعة مطلقة ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ (آل عمران:32).
ومنها بيان أن الهداية في طاعته ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ (النور: 54).
ومنها تعليق الفوز على طاعته -صلى الله عليه وسلم- ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ (الأحزاب: 71).
ومنه جعل طاعة الرسول طاعة لله ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾(النساء : 80).
ومنها الوعيد بالعذاب على مخالفته -صلى الله عليه وسلم- ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا﴾ (الأحزاب: 66).
(18) ومن الأدلة القرآنية على أن السنة وحي وجوب الاقتداء به في أمور تعبدية لم تبين في القرآن ، كصفة الصلاة، وبيان أسبابها وشروطها ومبطلاتها، وعدد ركعاتها وغير ذلك ، وكذا صفة الحج ، ومقادير الزكوات وأنصبتها ، وكل ما في القرآن في ذلك أوامر مجملة تحتاج إلى تفصيل وبيان ، وليس ذلك إلا في السنة، أخرج أبو داود بإسناده عن حَبِيب الْمَالِكِىَّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : " يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَن َا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلاً فِي الْقُرْآنِ. فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ أَوَجَدْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً شَاةٌ وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا وَكَذَا أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ قَالَ لاَ. قَالَ فَعَنْ مَنْ أَخَذْتُمْ هَذَا أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا"([31]).
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير(18 /219)(ح 547) بإسناده عن حبيب بن أبي فضالة المالكي قال : " لما بني هذا المسجد مسجد الجامع قال : و عمران بن حصين جالس فذكروا عنده الشفاعة فقال رجل من القوم يا أبا نجيد لتحدثونا بأحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن فغضب عمران بن حصين وقال لرجل : قرأت القرآن ؟ قال : نعم قال وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثا وصلاة العشاء أربعا وصلاة الغداء ركعتين والأولى أربعا والعصر أربعا ؟؟ قال : لا قال : فعمن أخذتم هذا الشأن ألستم أخذتموه عنا وأخذناه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أوجدتم في كل أربعين درهما درهم وفي كل كذا وكذا شاة وفي كل كذا وكذا بغير كذا ؟ أوجدتم في القرآن ؟ قال : لا قال : فعمن أخذتم هذا ؟ أخذناه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخذتموه عنا قال : فهل وجدتم في القرآن ﴿وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾ وجدتم هذا طوفوا سبعا وأركعوا ركعتين خلف المقام ؟ أوجدتم هذا في القرآن عمن أخذتموه ؟ ألستم أخذتموه عنا وأخذناه عن نبي الله صلى الله عليه و سلم أوجدتم في القرآن لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ؟ قال : لا قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ) .. الحديث.
(19) ومن الأدلة القرآنية على أن السنة النبوية وحي من عند الله ثبوت عصمة الرسول - صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك عصمته-صلى الله عليه وسلم- في بلاغه عن الله تعالى باتفاق الأمة. ومن لوازم عصمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ براءته من الخطأ في أقواله وأفعاله وتقريراته، فدل على أنها وحي من الله عز وجل .
(20) واقعة أسرى بدر شاهدة بأن السنة وحي من عند الله تعالى -، وأن الله - سبحانه - يحيط أقوال وأفعال رسوله بالوحي حتى ولو اجتهد برأيه. كما حدث في أسرى بدر، حيث نزل فيها القرآن مصوبًا؛ وكما حدث في أوائل سورة "عبس" حيث نزل القرآن معاتبًا ، وكذا في أمر الله تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالزواج من زينب بنت جحش رضي الله عنها لإبطال عادة التبني وما ترتب عليها عند العرب ، كل هذا وغيره دليل قاطع على أن الله تعالى لا يقر نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على خطأ؛ فلو اجتهد ووافق اجتهاده حكم الله ؛ أقره الله تعالى ؛ ولو كان اجتهاده بخلاف ذلك نزل الوحي بحكم الله تعالى ؛ وعليه فالحكم النهائي المستقر لا يكون إلا ما أراده الله سبحانه.
(21) ومن الأدلة القرآنية على أنّ السنة وحي قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء:105] . ذهب الداودي إلى أن عبارة "بما أراك الله" ليست محصورة في المنصوص وإنّما فيها إذن في القول بالرأي من قياس واجتهاد، خلافاً لما ذهب إليه الإمام البخاري من أنّ كل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وحكم به بين الناس إنّما صدر فيه عن الوحي، وقد ترجم لهذا المعنى في صحيحه بقوله: ". . . ولم يقل برأي ولا قياس لقوله تعالى: ﴿بما أراك الله﴾([32]) . والله وحده من وراء القصد
([1]) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 1/108.
([2]) سنن الدارمي 1/145.
([3]) الفقيه والمتفقه (1/ 260).
([4]) طرح التثريب في شرح التقريب(1/18) للحافظ زين الدين العراقي ، طبعة دار الكتب العلمية – بيروت ،2000 م.
([5]) السنة لابن نصر المروزي برقم (112)
([6]) سنن الدارمي (447).
([7]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص818 ، تحقيق عبد الرحمن بن معلا اللويحق ، طبعة الرسالة1420هـ -2000 م.
([8]) الإحكام في أصول الأحكام (1/ 139) طبعة أولى 1419 هـ - 1998 م بدار الحديث بالقاهرة .
([9]) تفسير القرآن العظيم (7 /443) ط مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
([10]) تفسير الطبري " جامع البيان في تأويل القرآن " (22 / 498).
([11]) الإحكام في أصول الأحكام (1/ 122) ط دار الآفاق الجديدة، بيروت.
([12]) معالم التنزيل (5 /21) طبعة دار طيبة للنشر والتوزيع 1417 هـ - 1997 م .
([13]) المحرر الوجيز (3 /395 ) طبعة أولى بدار الكتب العلمية بتاريخ 1422 هـ - 2001م بتحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد .
([14]) جامع البيان في تأويل القرآن (22/102) تحقيق / أحمد ومحمود شاكر ، طبعة مؤسسة الرسالة 1420 هـ - 2000 م .
([15]) السنة بياناً للقرآن للدكتور إبراهيم الخولى ص44 .
([16]) من كتاب بدائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن القيم 2/76 ، 77 باختصار .
([17]) الرسالة للشافعي ص78، 79 فقرات رقم 252 – 257.
([18]) أخرجه ابن المبارك في زيادات الزهد ص22 رقم 89 .
([19]) الفقيه والمتفقه للخطيب 1/260 رقم 258.
([20]) جامع البيان في تأويل القرآن (20/267 -268) طبعة الأخوين أحمد ومحمود شاكر.
([21]) جامع البيان في تأويل القرآن (20/268) طبعة الأخوين أحمد ومحمود شاكر.
([22] ) جامع البيان عن تأويل القرآن - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري 1/557 /3/274.
[23] ) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي - مصطفى بن حسين السباعي ص 51، [ط4 - 1405هـ/1985م المكتب الإسلامي - بيروت]
([24]) مختصر الصواعق المرسلة: (2/371 - 372). طبعة دار الفكر.
([25]) المصدر السابق: (2/481).
([26]) تفسير البحر المحيط (1/563) لأبي حيان الأندلسي ، طبعة أولى بدار الكتب العلمية ببيروت 1422 هـ - 2001م.
([27]) تفسير القرآن العظيم (1 /282) طبعة دار الفكر – بيروت ، 1401 هـ.
([28]) توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار (2 /319) طبعة المكتبة السلفية بالمدينة المنورة ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
([29]) توثيق السنة النبوية ملامح عن منهجه ، ودلائله ، ومظاهره ص374 للدكتور / عبد اللَّه بن ضيف اللَّه الرحيلي ، منشور ضمن مجلة جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلاميَّة ، العدد الأربعون شوال 1423هـ.
([30]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 376، طبعة مؤسسة الرسالة 1420هـ -2000 م .
([31]) أخرجه أبو داود(1561) و الطبراني في الكبير(18 /165)(ح369) وأخرجه الحاكم في المستدرك(ج1/ص109 -110) ".
([32]) صحيح البخاري - الاعتصام - الباب 8 - بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْيٍ وَلَا بِقِيَاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّوحِ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَةُ . [فتح الباري 13/ 303 ].