5597 - ( تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن ، حتى إذا أردتن النوم ، فلتؤب كل امرأة إلى بيتها ).
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:

ضعيف
. أخرجه عبد الرزاق في ( المصنف ) ( 7 / 36 / 12077 ) عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير قال: قال مجاهد:

استشهد رجال يوم أحد ، فام نساؤهم ، وكن متجاورات في دار ، فجئن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلن : إنا نستوحش يا رسول الله ! بالليل ، فنبيت عند إحدانا ، حتى إذا أصبحنا تبددنا [إلى] بيوتنا . فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ... فذكره.
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ، ولكنه مرسل.
وابن جريج مدلس وقد عنعنه . لكنه صرح بالتحديث في رواية عبد المجيد عنه : أخبرني إسماعيل بن كثير عن مجاهد به .
كذا قال: (إسماعيل بن كثير ) مكان ( عبد الله بن كثير ) ، وكلاهما ثقة ، لكن عبد المجيد -وهو ابن عبد العزيز ابن أبي رواد- فيه ضعف، قال الحافظ:
( صدوق يخطئ ، وكان مرجئا ، أفرط ابن حبان فقال : متروك ) .
أخرجه البيهقي ( 7 / 236 ) ، ومنه صححت بعض الأخطاء وقعت في رواية ( المصنف ) .
( تنبيه ) : لقد أعل ابن القيم في ( زاد المعاد ) ( 3 / 316 ) الحديث بالإرسال ، لكنه مال إلى تقويته ، فقال:
( وهذا وإن كان مرسلا ، فالظاهر أن مجاهداً إما أن يكون سمعه من تابعي ثقة، أو من صحابي ، والتابعون لم يكن الكذب معروفاً فيهم ... ) إلخ .
قلت: وهذا مردود باتفاق علماء الحديث في ( المصطلح ): أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف . وما ذاك إلا لاحتمال أن يكون بين التابعي الثقة وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- تابعي واحد أو أكثر ، واحتمال أن يكون الواسطة مجهولاً أو ضعيف الحفظ ، وليس من الضروري ليكون حديث التابعي ضعيفاً أن يكون متهماً كما لا يخفى ، ولذلك ، فما استظهره غير ظاهر ، بل هو من نمط تقويته لحديث الحسن البصري عن عمر مرفوعاً :
( لو لبث أهل النار عدد رمل عالج ، لكان لهم يوم يخرجون فيه ).
وقد مضى الرد عليه تحت الحديث ( 607 ) في المجلد الثاني ( صفحة 73 ).
ثم إن في متن سبب الحديث نكارة عندي ، وهو ما ذكرته النسوة من الوحشة ، وبناء على ذلك جاء الإذن بخروجهن عند إحداهن ، وقد صح في حديث فريعة المعروف في ( السنن ) أنه صلى الله عليه وسلم نهاها عن الخروج ، وقال لها:
( امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ).
وهو مخرج في الإرواء ( 2141 ).
وفي رواية لعبد الرزاق ( 12076 ) ، والطبراني في الكبير ( 24 / 442 / 1081 ) : أنها ذكرت نفس الشكوى : الوحشة ، وأشياء أخرى ، ومع ذلك أمرها أن لا تخرج من بيتها.
( تنبيه هام ): كنت ذهبت في الإرواء إلى أن إسناد حديث فريعة ضعيف ، ثم بدا لي أنه صحيح بعد أن اطلعت على كلام ابن القيم فيه ، وتحقيق أنه صحيح ، بما لم أره لغيره جزاه الله خيراً ، وازددت قناعة حين علمت أنه صححه مع الترمذي ابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي ، ومن قبلهم محمد بن يحيي الذهلي الحافظ الثقة الجليل ، وأقرهم الحافظ في ( بلوغ المرام ) ، والحافظ ابن كثير في ( التفسير ) ، واستعمله أكثر فقهاء الأمصار ، كما قال ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) ، ومنهم بعض الصحابة كابن عمر ، قال:
( لا تخرج المتوفى عنها في عدتها من بيت زوجها ).
أخرجه عبد الرزاق ( 7 / 31 / 12062 ) بإسناد ( الصحيحين ) . وقد صح غيره خلافه .
ولكن مما لا شك فيه أن الآثار إذا اختلفت عنهم ، فالأولى بالترجيح ما كان موافقاً للحديث ، ولا سيما إذا أنكر على المخالف في زمانهم.
فقد روي عبد الرزاق أيضاً ( 7 / 30 / 12055 ) ، والبيهقي ( 7 / 436 ) من طريقين صحيحين عن القاسم بن محمد :
أن عائشة رضي الله عنها كانت تخرج المرأة وهي في عدتهها من وفاة زوجها . قال: فأبى ذلك الناس ، إلا خلافها ، فلا نأخذ بقولها وندع قول الناس !
والقاسم بن محمد ، هو ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أحد الفقهاء بالمدينة ، وعائشة خالته ، ومع ذلك لم يأخذ بقولها ، لمخالفتها لقول الناس ، وإنما هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هو ظاهر . والله سبحانه وتعالى أعلم .