أخرج الإمام الشافعي في الأم (1/ 150 ) : بسنده عن «ابن عباس قال كنت: أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير»
وأخرج الشافعي بسنده عن عبد الله بن الزبير «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون».
قال الشافعي : وهذا من المباح للإمام وغير المأموم قال: وأي إمام ذكر الله بما وصفت جهرا، أو سرا، أو بغيره فحسن وأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله بعد الانصراف من الصلاة ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماما يجب أن يتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تعلم منه، ثم يسر فإن الله عز وجل يقول: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} يعني والله تعالى أعلم الدعاء ولا تجهر ترفع ولا تخافت حتى لا تسمع نفسك، وأحسب ما روى ابن الزبير من تهليل النبي صلى الله عليه وسلم وما روى ابن عباس من تكبيره كما رويناه.
قلت : أي رفع الصوت بالذكر من أجل التعليم .
وقال الشافعي: وأحسبه إنما جهر قليلا ليتعلم الناس منه وذلك؛ لأن عامة الروايات التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا تكبير
قلت : أي أن عامة الروايات ليس فيها رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة وإنما أذكار يقولها الإمام والمأموم سرا .
ثم ضرب الشافعي مثالا لذلك بقيام النبي صلى الله عليه وسلم أداء الصلاة للصحابة على المنبر فكان هذا الفعل منه أيضا فعلا منقطعا والغاية منه التعليم فقال الشافعي : ( فإن قال قائل: ومثل ماذا؟ قلت: مثل أنه صلى على المنبر يكون قيامه وركوعه عليه وتقهقر حتى يسجد على الأرض وأكثر عمره لم يصل عليه ولكنه فيما أرى أحب أن يعلم من لم يكن يراه ممن بعد عنه كيف القيام والركوع والرفع يعلمهم )
قلت : وقد بين ذلك الإمام البخاري نقلا عن ابن عباس نفسه أنه صرح في بعض الروايات أن المقصود بالتكبير هو رفع الصوت بالذكر
فقد أخرج البخاري في صحيحه :عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ، حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ، كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
.وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ.
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ. البخاري
وقد قال الإمام مالك عن التكبير دبر الصوات أنه بدعة :
( وروى ابن القاسم عن مالك فى العتبية قال: التكبير خلف الصلوات الخمس بأرض العدو محدث أحدثه المسودة، وكذلك فى دبر الصبح، والمغرب فى بعض البلدان. وقول ابن عباس: إن رفع الصوت بالذكر كان حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد الرسول، يدل أنه لم يكن يفعل ذلك الصحابة حين حدث ابن عباس بهذا الحديث؛ إذ لو كان يفعل ذلك الوقت لم يكن لقوله كان يفعل على عهد رسول الله معنى، ...
وقد روى عن عبيدة أن ذلك بدعة.

[ شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 458) ]