تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ

    17174 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَرِيزٌ، عَنْ (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا (2) عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، أَلَا وَلَا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ 3) ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ، فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُمْ " (4)


    (1) تحرف في (م) إلى: بن.
    (2) في عامة النسخ بالتنوين غير (ق) ففيها شبعان بغير تنوين، وشبعان جاء تأنيثه شبعى وشبعانة، وقد قالوا في الصفة على وزن فعلان يشترط في منعها من الصرف أن لا تؤنث بالتاء، فإن أنثت بها تمنع من الصرف.
    (3) ضبب فوق الضمير في (س) ، ولم يرد الضمير في نسخة السندي، ففيها: أن يَقْرُوه.
    (4) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن أبي عوف الجُرَشي، فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو ثقة. حريز: هو ابن عثمان الرحبي.
    وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن زنجويه في "الأموال" (620) ، وأبو داود في "السنن" (4604) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (668) و (670) ، وفي "الشاميين" (1061) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/549، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/89، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 1/149-150، من طرق عن حريز بن عثمان، بهذا الإسناد.
    وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/209، وابن حبان (12) ، والطبراني في "الكبير" 20/ (667) ، والدارقطني 4/287، والبيهقي في "السنن" 9/332، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/89 من طريق مروان بن رؤبة، عن عبد الرحمن الجرشي، به.
    وأخرجه الطبراني 20/ (669) من طريق عمرو بن رؤبة، عن عبد الرحمن الجرشي، به.
    وأخرجه بنحوه ابن زنجويه (619) من طريق خالد بن معدان، عن المقدام، به.
    والحديث سيأتي مختصراً في الروايتين (17193) و (17194) .
    وفي الباب في قوله: "ألا يوشك رجل ينثني ... " عن أبي رافع، سيرد 6/8.
    وفي الباب في قوله: "ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي" عن ابن عمر، سلف برقم (4720) ، وذكرنا بقيةَ أحاديث الباب هناك.
    وفي الباب في قوله: "ولا كل ذي ناب من السباع" عن أبي هريرة، سلف برقم (7224) ، وذكرنا بقية أحاديث الباب هناك.
    وفي الباب في قوله: "ألا ولا لُقَطَةٌ من مال معاهد.. إلخ " عن خالد بن الوليد، سلف 4/89- 90.
    وقوله: "ومن نزل بقوم فعليهم أن يقرُوهم ... " سلف بنحوه برقم (17172) .
    قال السندي: قوله: "ألا": حرف تنبيه. "الكتاب": القرآن. "ومثلَه" بالنصب، عطف على الكتاب. "معه": حال عن المثل، ويجوز أن يكون (مثله) بالرفع مبتدأ، و (معه) خبره، والجملة حال، والمماثلة إما في القَدْر، أو في وجوب الطاعة، والأول أظهر، فإن وجوب الطاعة يفهم من المعية. قال البيهقي: يحتمل أن يكون معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر، أو أوتي الكتاب وحياً يتلى، وأوتي مثله من البيان، أي: أُذن له أن يُبينَ ما في الكتاب فيعم ويخص، وأن يزيد عليه، فيشرع ما ليس له ذكر في الكتاب، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به، كالظاهر المتلوِّ من القرآن.
    "شبعاناً": هكذا وقع في النسخ منوناً، وقد جاء في مؤنثه شبعى وشبعانة.
    قيل: وصفه بذلك لأن الحامل له على هذا القول إما البلادة وسوء الفهم، ومن أسبابه كثرة الأكل، وإما البطر والحماقة، ومن موجباته التنعم والغرور بالمال والجاه، والشبع يكنى به عن ذلك.
    "على أريكته"، أي: جالساً على سريره المزين. قال الخطابي: أراد به أصحاب الترفُّه والدعة الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا العلم بالأسفار من أهله.
    "يقول: عليكم ... إلخ": قال الخطابي: يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنَّها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهب إليه الخوارج
    والروافض، فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن، وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب، فضلوا. قال: وفي الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث إلى أن يعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان حجة بنفسه.
    قلت: كأنه أراد به العرض لقصد رد الحديث بمجرد أنه ذُكر فيه ما ليس في الكتاب، وإلا فالعرض لقصد الفهم والجمع والتثبت لازم، ثم قال: وحديث: "إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فخذوه" حديث باطل لا أصل له، روي عن يحيى بن معين إنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة.
    "ألا لا يحل ... ": بيان ما حرمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائداً على ما في القرآن، لكن على سبيل التمثيل لا التحديد، ومنه يفهم أن قوله تعالى: (والخيل والبغال والحمير) [النحل: 8] ليس لإفادة تحريم الخيل وغيره في الكتاب كما قيل، فتأمَّل.
    "معاهَد": ذِمِّي، أو مستأمن، وتخصيصه لزيادة الاهتمام، لأنه لكفره يتوهم حِلُّ لقطته، والمراد غير الحربي، فيشمل المسلم أيضاً.
    "إلا أن يستغني عنها" أي: إلا أن يكون حقيراً لا يُلتفت إليه عادة. وقال الخطابي: إلا أن يتركها صاحبها لمن أخذها استغناء عنها. قلت: وهذا يقتضي أنه لا يحل القليل إلا بعد علم صاحبه وتركه، إلا أن يقال: يستدل بحقارته على تركه عادة.
    "أن يُعقبوهم": من أعقب أو عقَّب بالتشديد، أي: يُجازوهم. والله تعالى أعلم.

    الكتاب: مسند الإمام أحمد بن حنبل
    المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)
    المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ

    معنى حديث «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه»

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة سماحة الشيخ رسالة وصلت إلى البرنامج من الطائف باعثها أخونا محمد بن زرعة يسأل عن قول النبي ﷺ: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه نرجو أن تتفضلوا ببيان المقصود من قوله ﷺ: وأوتيت مثله معه؟


    تحميل المادة

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
    أما بعد: فهذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومعنى (ومثله معه) يعني: أن الله أعطاه وحياً آخر وهو السنة التي تفسر القرآن وتبين معناه، كما قال الله : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44] فهو ﷺ أوحى الله إليه القرآن وأوحى إليه أيضاً السنة، وهي الأحاديث التي ثبتت عنه عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بالصلاة والزكاة والصيام والحج والمعاملات وغير ذلك، فالسنة وحي ثاني أوحاه الله إليه عليه الصلاة والسلام، وهو يعبر عن ذلك بأحاديثه التي بينها للأمة، وتلاها على الأمة عليه الصلاة والسلام.
    مثل قوله عليه الصلاة والسلام: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ومثل قوله ﷺ: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول ومثل قوله ﷺ: الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر إلى غير هذا.
    فأحاديثه ﷺ وحي ثاني غير وحي القرآن، ومعناها وحي وألفاظها من النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يكون بعضها أحاديث قدسية من كلام الرب أوحاها الله إلى نبيه عليه الصلاة والسلام فتسمى أحاديث قدسية، وهي من كلام الله عز وجل وهي وحي ثاني غير وحي القرآن.
    فالقرآن أنزل للإعجاز، وأما الأحاديث القدسية فهي أنزلت لما فيها من العظة والتذكير والأحكام التي تنفع الأمة، فهي وحي ثاني من الله للرسول عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۝ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4] فالوحي على هذا أنواع ثلاثة:
    القرآن الكريم: وهو الذي جعله الله معجزة عظيمة مستمرة لرسول الله عليه الصلاة والسلام لفظه ومعناه، وبين فيه أحكامه ، وهو كلامه لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
    والوحي الثاني: أحاديث قدسية من كلام الله عز وجل، أوحاها الله لنبيه ﷺ وليس من القرآن، مثل قوله ﷺ عن الله أنه قال سبحانه: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديتهه فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم،، يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني إلى آخره، في أحاديث أخرى عن الله .
    والوحي الثالث: وحي أوحاه الله إليه وخبر عنه النبي ﷺ وبينه للأمة، فهو من الله وحي وهو من كلام النبي ﷺ لا من كلام الله مثلما تقدم في قوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ومثل قوله ﷺ: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ومثل قوله ﷺ: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ومثل قوله ﷺ في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك وما أشبه ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة عنه عليه الصلاة والسلام.
    فهي كلها وحي لكنها وحي بالمعنى وألفاظها ألفاظ النبي عليه الصلاة والسلام.
    وهي من جهة الله أوحاها الله إلى نبيه، وأخبره بها ونزل بها الوحي إليه عليه الصلاة والسلام ليبلغها الناس في أحكام دينهم من العبادات وغيرها. نعم.
    المقدم: بارك الله فيكم، إذاً المثلية من حيث الوحي سماحة الشيخ من حيث كون..
    الشيخ: من حيث الوحي نعم.
    المقدم: بارك الله فيكم.


    https://binbaz.org.sa/fatwas/6429/%D...85%D8%B9%D9%87

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ

    ما معنى: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه»؟

    السؤال:
    ما معنى قول النبي ﷺ: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه؟



    الجواب:
    هذا حديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله ﷺ ومعنى ومثله معه يعني أن الله أعطاه وحيًا آخر وهو السنة التي تفسر وتبين معناه، كما قال الله : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[النحل:44]، فالله أوحى إليه القرآن وأيضًا السنة وهي الأحاديث التي ثبتت عنه ﷺ فيما يتعلق بالصلاة والزكاة والصيام والحج، وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، فالسنة هي وحي ثانٍ أوحاه الله إليه لإكمال الرسالة وتمام البلاغ، وهو ﷺ يعبر عن ذلك بالأحاديث التي بينها للأمة قولًا وفعلًا وتقريرًا مثل قوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى[1] وقوله عليه الصلاة والسلام: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ[2]، وقوله ﷺ: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول[3]، وقوله ﷺ: الصلوات الخمس ورمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر[4] إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة في كل ما يحتاجه العباد وفيما يتعلق بتفسير كتاب الله عليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسلي.
    وهذا الوحي وحي أوحاه الله إليه وأخبر عنه النبي ﷺ وبينه للأمة فهو من الله، وحي بالمعنى وهو من كلام النبي ﷺ مثل ما تقدم في قوله ﷺ: إنما الأعمال بالنيات... الخ. وقوله ﷺ: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا... الخ الحديث.
    ويدخل في الوحي الثاني الذي أوتيه النبي ﷺ الأحاديث القدسية التي يرويها الرسول ﷺ عن ربه فهي وحي من الله، ومن كلامه سبحانه، ولكن ليس لها حكم القرآن، مثل قوله ﷺ فيما يرويه عن ربه : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم...[5] إلى آخر الحديث، وهو حديث طويل رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري وكل ذلك داخل في قوله سبحانه: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2] يعني: محمدًا ﷺ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى الآيات [النجم:3-4][6].

    أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، برقم 1، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» برقم 3530.
    أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب لا تُقبل صلاة بغير طهور، برقم 132، ومسلم في كتاب الوضوء باب وجوب الطهارة والصلاة برقم 230.
    أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم 329.
    أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين، برقم 8830.
    أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم 4674.
    مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (25/ 58).

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ

    وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد المرسل رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وعلى آله وأصحابه الذين حملوا كتاب ربهم سبحانه وسنة نبيهم ﷺ إلى من بعدهم بغاية الأمانة والإتقان والحفظ التام للمعاني والألفاظ رضي الله عنهم وأرضاهم وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
    أما بعد: فقد أجمع العلماء قديما وحديثا على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم إجماع علماء الأمة، واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها: القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر.
    أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به والوقوف عند حدوده قال تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [الأعراف:3] وقال تعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155] وقال تعالى: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ۝ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة:15، 16] وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ۝ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:41-42]، وقال تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19]، وقال تعالى: هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ [إبراهيم:52] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله ﷺ آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال ومن ذلك ما ثبت عنه ﷺ أنه قال في خطبته في حجة الوداع: إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله
    [1] رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم أن النبي ﷺ قال: إني تارك فيكم ثقلين أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي[2] وفي لفظ قال في القرآن: هو حبل الله من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال.
    والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه مع سنة رسول الله ﷺ ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.
    أما الأصل الثاني: من الأصول الثلاثة المجمع عليها فهو ما صح عن رسول الله ﷺ من أقواله وأفعاله وتقريره، ولم يزل أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم يؤمنون بهذا الأصل الأصيل ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألَّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة؛ فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته حتى تقوم الساعة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره.
    ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.
    ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:132] وقوله تعالى في سورة النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].
    وقال تعالى في سورة النساء أيضًا: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا[النساء:80]، وكيف يمكن طاعته، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت غير محفوظة؟ وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له وهذا من أبطل الباطل ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به.
    وقال عز وجل في سورة النحل: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44]، وقال أيضا في آية أخرى: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[النحل:64] فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله ﷺ تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النور:54] وقال تعالى في السورة نفسها: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56].
    وقال في سورة الأعراف: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158].
    وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهـداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته أو القـول بأنـه لا صحة لها أو لا يعتمد عليها؟ فقال في سورة النور: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] وقال في سورة الحشر: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
    والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام واتباع ما جاء به؛ كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتـاب الله والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان من جحـد واحدًا منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان.
    وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ في وجوب طاعته واتباع ما جـاء به وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: من أطاعني فقد أَطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، وفي صحيح البخاري عنه أن النبي ﷺ قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله: ومن يأبى، قـال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.
    وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله ﷺ أنه قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشـك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه.
    وخرج أبو داود وابن ماجه بسند صحيح: عن ابن أبى رافع عن أبيه عن النبي ﷺ قال: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنـه، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كـتاب الله اتبعناه
    [3]
    وعن الحسن بن جـابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب يقول: حرم رسول الله ﷺ يوم خـيبر أشياء ثم قال: يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنـا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله
    [4] أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.
    وقد تواترت الأحـاديث عن رسول الله ﷺ بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته أن يبلغ شاهدهم غائبهم ويقول لهم: رب مبلغ أوعى من سامع
    [5].
    ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي ﷺ لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه
    [6].
    فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة لم يأمرهم بتبليغها.
    فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام، وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.
    وقد حفظ أصحاب رسول الله ﷺ سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية وبلغوها من بعدهم من التابعين ثم بلغها التابعون من بعدهم. وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، وجمعوها في كتبهم وأوضحوا صحيحها مـن سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قواعد وضوابط معلومة بينهم يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصـحيحين وغيرهما وحفظوها حفظا تاما كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين وإلحاد الملحدين وتحريف المبطلين؛ تحقيقا لما دل عليه قوله سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].
    ولا شك أن سنة رسول الله ﷺ وحي منزل فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادًا ينفون عنها تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرًا لكتابه الكريم وبيانًا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.
    ونذكر بعض ما ورد عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها.
    في الصحيحين عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله ﷺ وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق : والله لأقاتلنَّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي ﷺ: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها. فقال أبو بكر الصديق: أليست الزكاة من حقها والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها، فقال عمر : فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وقد تابعه الصحابة ﷺ على ذلك فقاتلوا أهل الردة، حتى ردوهم إلى الإسلام وقتلوا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة ووجوب العمل بها.
    وجاءت الجدة إلى الصديق تسأله عن ميراثها فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء ولا أعلم أن رسول الله ﷺ قضى لك بشيء، وسأسأل الناس، ثم سأل الصحابة فشهد عنده بعضهم بأن النبي ﷺ أعطى الجدة السدس فقضى لها بذلك، وكان عمر يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله ﷺ.
    ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة وهو إسقاطها جنينا ميتا بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة عن ذلك فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما بأن النبي ﷺ قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة فقضى بذلك .
    ولما أشكل على عثمان حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخـت أبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي ﷺ أمرها بعد وفاة زوجها أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.
    ولما بلغ عليًا أن عثمان ينهى عن متعة الحج، أهلَّ علي بالحج والعمرة جميعًا، وقال: (لا أدع سنة رسول الله ﷺ لقول أحد من الناس).
    ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج قال ابن عباس: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله ﷺ وتقولون: قال أبو بكر وعمر).
    فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة، فكيف بحال من خالفها لقول من دونهما أو لمجرد رأيه واجتهاده.
    ولما نازع بعض الناس عبدالله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة قال له عبدالله: (هل نحن مأمورون باتباع النبي ﷺ أم باتباع عمر؟).
    ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله وهو يحدثهم عن السنة غضب وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع والمغرب ثلاث والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام).
    والقضايا عن الصحابة في تعظيم السنة ووجوب العمل بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدًا.
    ومن ذلك أيضًا أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله ﷺ: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن، فغضب عليه عبدالله وسبه سبًا شديدًا وقال أقول: قال رسول الله وتقول والله لنمنعهن، ولما رأى عبدالله بن المغفل المزني وهو من أصحاب رسول الله ﷺ بعض أقاربه يخذف نهاه عن ذلك وقال له: إن النبي ﷺ نهى عن الخذف وقال: إنه لا يصيد صيدا، ولا ينكأ عدوًا، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين، ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: والله لا كلمتك أبدًا، أخبرك أن رسول الله ﷺ ينهى عن الخذف ثم تعود.
    وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل أنه قال: (إذا حُدِّث الرجل بسنة فقال دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال).
    وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب ولم يجئ الكتاب قاضيا على السنة)، ومعنى ذلك: أن السنة جاءت لبيان ما أجمل في الكتاب أو تقييد ما أطلقه أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44].
    وسبق قوله ﷺ: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة، وأخرج البيهقي أيضا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغا عن الله تعالى).
    وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله العلم بالآثار).
    وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر)، وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين)، وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم آخذ به فأُشهدكم أن عقلي قد ذهب)، وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولًا وجاء الحديث عن رسول الله ﷺ بخلافه فاضربوا بقولي الحائط)، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي وخذ من حيث أخذنا). وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله ﷺ ويذهبون إلى رأي سفيان والله سبحانه يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).
    وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).
    وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة)، وقال موفق الدين بن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله ﷺ وقول رسول الله ﷺ حجة؛ لدلالة المعجزة على صدقه وأمر الله بطاعته وتحذيره من مخالفة أمره). انتهى المقصود.
    وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي عن أمر رسول الله ﷺ وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله ﷺ أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
    [7] أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا: أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أي: في قلوبهم من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة، أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: في الدنيا بقتل أو حدٍّ أو حبس أو نحو ذلك، كما روى الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله ﷺ: مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارًا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار فتغلبوني وتقحمون فيها[8] أخرجاه من حديث عبدالرزاق.
    وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" ما نصه:
    (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي ﷺ قولًا كان أو فعلًا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر، وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة). انتهى المقصود.
    والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة ووجوب العلم بها والتحذير من مخالفتها كثيرة جدا، وأرجو أن يكون فيما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم إنه سميع قريب.
    وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان
    [9]

    أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2137.
    أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم 4425.
    أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب لزوم السنة برقم 3989، وابن ماجه في المقدمة باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم 13.
    أخرجه الترمذي في كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يُقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2588، وابن ماجه في المقدمة باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 12.
    أخرجه الإمام أحمد في أول مسند البصريين، برقم 19594، وابن ماجه في المقدمة، باب من بلغ علمًا، برقم 229.
    أخرجه البخاري في كتاب الأضاحي، باب من قال الأضحى يوم النحر، برقم 5124، ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، برقم 3179.
    أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم 2499، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد مُحدثات الأمور، برقم 3243.
    أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، برقم 6002، ومسلم في كتاب الفضائل، باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته برقم 4235.
    نشرت في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد 53 السنة الرابعة عشر عام 1402هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 25/ 30).


    https://binbaz.org.sa/articles/220/%...B1%D9%87%D8%A7

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    14,547

    افتراضي رد: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •