التعريف بكتاب الإحكام لابن حزم رحمه الله
عبد الرحمن بن عمر آل زعتري
اسم الكتاب : الإحكام في أصول الأحكام
اسم المؤلف : ابو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي الظاهري المتوفى سنة 456للهجرة , رضي الله عنه.
طبعات الكتاب : افضل طبعة لحد الآن – حسب علمي- هي طبعة العلامة الإمام أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى , كما تعتبر طبعة دار الحديث من الطبعات المقبولة كذلك.
سبب اهتمام الباحثين بالكتاب :
تنقسم إلى سببين : السبب الأول أن كتاب الإحكام هي الكتاب الأصولي الظاهري الوحيد الذي نجا من آفات الأيام , ولذلك فهو مرجع مهم لتوثيق المعلومات والتأكد مما ينسبه الأصوليون لأهل الظاهر...السبب الثاني : فمتصل بشخصية الإمام الفذة وذكائه الحاد وهذا ما عبر عنه الدكتور إحسان عباس في تقديمه للكتاب إن إعجابي به إنما استثار في دور مبكر من حياتي : حدة ذكائه وقوة عارضته ووضوح فكره وهذا التفرد الشاخص..الذي وصم حياته الكفاحية , يضاف إلى ذلك ضيق بالتعليلات الخاطئة والباطنية المفتعلة وارتياح إلى البساطة الظاهرية هربا من تشابك الرموز وتقدير خاص للصراحة والإبتعاد عن المواربة..)
القيمة العلمية للكتاب :
اعتبر الأستاذ ابو الفضل عبد الكريم في كتابه "التجديد و المجددون في علم الأصول"- وهي رسالة ماجستير في الأصل- الإمام ابن حزم من المجددين في علم أصول الفقه بسبب كتابه فيقول وابن حزم من أولئك الأقلين الذين تركوا آثارا عظيمة فيمن بعدهم واعتنوا بتقويم المسالك وإصلاح الخطط , مع استحواذ على مؤهلات الإصلاح : من ذكاء مفرط , وعقل مبتكر , وقلب قوي , وعلم غزير واسع , حتى وصف بأنه "رأس في علوم الإسلام , متبحر في النقل عديم النظير"
لما كان الأمر كذلك كان لابد أن يكون لابن حزم نصيب وافر
بين الأئمة المجددين الذين لهم آثار جسام في علوم الإسلام عموما
وفي أصول الفقه خصوصا, وإنا لعلى قناعة تامة بأنه أول أصولي
نابه بعد الشافعي , إذ لانعرف بين الشافعي وابن حزم كتابا
يسامق كتاب "الإحكام" وهذه حقيقة قد جعلنا بحثنا هذا برهانا
عليها .."
ويقول العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى في مقدمة تحقيقة لكتاب "الإحكام" للأمدي الشافعي :
وكان أول من عني بتدوين أصول الفقه –فيما اشتهر بين
العلماء- ابو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي , فأملى كتابه
المعروف بالرسالة , وكتبه عنه الربيع بن سليمان المرادي , وقد
جمع إملاء الرسالة بين أمرين إجمالا:
الأول : تحرير القواعد الأصولية وإقامة الأدلة عليها من الكتاب
والسنة , وغيضاع منهجه في الإستدلال وتأييده بالشواهد من
اللغة العربية.
الثاني : الإكثار من الأمثلة لزيادة الإيضاح , والتطبيق لكثير من
الأدلة على قضايا في أصول الشريعة وفروعها , مع نقاش
للمخالفين تزيده جزالة العبارة قوة وتكسبه جمالا , فكان كتابه
قاعدة محكمة بنى عليها من جاء يعده , ومنهجه فيه طريقا
واضحا سلكه من ألف في هذا العلم وتوسع فيه.
وقد تبعه في الأمرين ابو محمد علي ابن حزم في كتابه "الإحكام
في أصول الأحكام" بل كان أكثر منه سردا للأدلة النقلية مع
نقدها , وإيرادا للفروع الفقهية مع ذكر مذاهب العلماء فيها
وما احتجوا به عليها , ثم يوسع ذلك نقدا ونقاشا ويرجح ما
يراه صوابا , غير ان أبا محمد وإن كان غير مدافع في سعة علمه
وإطلاعه على النصوص وتمييز صحيحها من سقيمها , والمعرفة
بمذاهب العلماء وأدلتها , وإيراد ذلك في أسلوب رائع ,
وعبارات سهلة واضحة –لم يبلغ مبلغ الشافعي , فقد كان
الشافعي أخبر منه بالنقل واعرف بطرقه واقدر على نقده وأعدل
في حكمه ..."
وقد تميز كتاب الإمام ابن حزم رحمه الله بميزات أجملها في النقاط التالية:
1- تجنب المباحث الكلامية , إذ لا فائدة في حشرها مع المباحث الأصولية المعنية باستنباط الأحكام الشرعية العملية : ونستثن مسألة أصل اللغات والأصل في الأشياء: وهذه الميزة تفقدها معظم كتب الأصول.
2-وضوح المعنى وسهولة العبارة وجزالة اللفظ وعذوبته : وهو ما تفقده معظم كتب الأصول, ولا عجب في ذلك فالإمام رحمه الله تعالى شاعر فذ شهد له بالفحولة الشعرية العلامة محمد ابو زهرة في كتابه عن ابن حزم
3-تجنب المباحث المنطقية والكلمات المستغلقة والمبالغة في شرح الألفاظ لإيمانه رحمه الله تعالى بأن أصل كل بلاء هو اختلاط الألفاظ (الإحكام).
4- بناء الفروع على الأصول والإكثار من الأمثلة الفقهية : وهي ميزة تفتقد إليها كتب المتكلمين ولذلك فهي تخرج أصوليا ولا تخرج مجتهدا.
5-الإعتناء بالجانب الحديثي بتمحيص الأسانيد ونقد الأخبار : وهي ميزة مفقودة كذلك ولا تخفى أهميتها .
6- ذبه في كتابه عن فقه السلف ومذاهب السلف والإنكار على المبتدعة الذين أحدثوا المنكرات في علم أصول الفقه .
7- الإهتمام الشديد بالبراهين والأدلة عملا بقوله تعالى :" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"
8- منهجيته المحرضة على التعلم لممارسة الإجتهاد والبعد عن التقليد الأعمى إذ إن المقلد عبارة عن أعمى أغمض عينيه واتبع غيره فكيف لهذا الأعمى أن يرشد غيره!! .
9- تأكيده في مواضع كثيرة من كتابه على اسس الإستدلال الصحيح وتأكيده على مبدأ "دلائل الحق لاتتعارض"
10- التقصي واستقراء الحجج وتمحيصها حجة حجة وهذه ميزة أقطع بعدم وجودها في أي كتاب على النحو الذي وجدت به في كتاب ابن حزم رحمه الله.