من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الحي، الْقَيُّوم)

فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:
فمن أسماء الله الحسنى: الحي، الْقَيُّوم، وللسلف رحمهم الله أقوالٌ في هذين الاسمين، وبعض الفوائد المتعلقة بهما، جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

قال الربيع بن أنس رحمه الله: "الحيُّ: حيٌّ لا يموت.
والْقَيُّوم: قيِّمٌ على كل شيء يكلؤه ويرزقه ويحفظه".

قال قتادة رحمه الله: "الحي: الذي لا يموت.
والْقَيُّوم: القيِّم على الخَلْقِ بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم".

قال مجاهد رحمه الله: "الْقَيُّوم: القائم على كل شيء".

قال الكلبي رحمه الله: "الْقَيُّوم: القائم على كل نفس بما كسبت".

قال الحسن رحمه الله: "الْقَيُّوم: الذي لا زوال له".

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: "قوله: الحي... الذي له الحياة الدائمة، والبقاء الذي لا أول له بحدٍّ، ولا آخر له بأمَدٍ؛ إذ كان كلُّ ما سواه، فإنه وإن كان حيًّا، فلحياته أولٌ محدود، وآخر ممدود، ينقطع بانقطاع أمَدِها، وينقضي بانقضاء غايتها.
ومعنى قوله: (الْقَيُّوم): القائم برزق ما خلق وحفظه".

قال الإمام ابن منده رحمه الله: "ومن أسماء الله عز وجل: الحي، قال أهل التأويل: معنى الحي: حياة لا تشبه حياة الأحياء، لا يُستدرَك بالعقول، ولا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم ولا موت، حَيِيَت به القلوب من الكفر والجهل، وهو من الأسماء المستعارة للعبد تزول عنه بالموت.
ومعنى الْقَيُّوم: القائم الدائم في ديمومية أفعاله وصفاته، وعلى كل نفس بما كسبت".

قال الإمام البغوي رحمه الله: "الحي: الباقي الدائم على الأبد، وهو مَن له الحياة، والحياة صفة الله تعالى.
والْقَيُّوم... قيل: القائم بالأمور".

قال قوام السنة الأصبهاني رحمه الله: "من أسماء الله تعالى الحي، الْقَيُّوم... قال أهل العلم: معنى الحياة حياة لا تشبه حياة الأحياء، لا تُستدرَك بالعقول، ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا موت، ومعنى الْقَيُّوم: القائم الدائم في ديمومية أفعاله وصفاته".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "جميع صفات الكمال يدل عليها اسم: الحي الْقَيُّوم، ويدل أيضًا على بقائها ودوامها، وانتفاء النقص والعدم عنها أزلًا.

والحي نفسه مستلزم لجميع الصفات، وهو أصلها؛ ولهذا كان أعظم آية في القرآن: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، وهو الاسم الأعظم؛ لأنه ما من حيٍّ إلا وهو شاعر مُريدٌ، فاستلزم جميع الصفات.

ومعنى الْقَيُّوم... أنه الدائم الباقي الذي لا يزول ولا يعدم، ولا يفنى بوجه من الوجوه".

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "إذا اعتبرت اسمه الحي، وجدته مقتضيًا لصفات كماله من علمه، وسمعه، وبصره، وقدرته، وإرادته، ورحمته، وفعله ما يشاء.

واسمه الْقَيُّوم مقتضٍ لتدبيره أمرَ العالم العلوي والسفلي، وقيامه بمصالحه، وحفظه له، فمن أنكر صفات كماله، لم يؤمن بأنه الحي الْقَيُّوم.

وقول الداعي: يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث... كان هذا الدعاء من أدعية الكرب لِما تضمنه من التوحيد والاستغاثة برحمة أرحم الراحمين، متوسلًا إليه باسمين عليهما مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليهما مرجع معانيها جميعًا، وهو اسم: الحي الْقَيُّوم.

وقال: الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، ولا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة، فإذا كانت حياته أكمل حياة وأتمها، استلزم إثباتها كل كمال يضاد كمال الحياة.

والْقَيُّوم فهو متضمن كمال غِناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يُقيِّمه بوجه من الوجوه، وهذا من كمال غِناه بنفسه عما سواه، وهو الْمُقِيم لغيره، فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزته".

قال الإمام ابن عبدالعز الحنفي رحمه الله: "اعلم أن هذين الاسمين - أعني: الحي، الْقَيُّوم - مذكوران في القرآن معًا في ثلاث سور، وهما من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قيل: إنهما الاسم الأعظم، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمين وأصدقه.

ويدل الْقَيُّوم على معنى الأزلية والأبدية ما لا يدل عليه لفظ القديم، ويدل أيضًا على كونه موجودًا بنفسه".

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "الحي الْقَيُّوم: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، القيِّم لغيره".

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "الحي: الباقي، وقيل: الذي لا يزول ولا يحول، وقيل: المصرِّف للأمور والمقدِّر للأشياء.

والْقَيُّوم: القائم على كل نفس بما كسبت، وقيل: القائم بذاته المقيم لغيره، وقيل: القائم بتدبير الخلق وحفظه، وقيل: هو الذي لا ينام، وقيل: الذي لا بديل له".

قال العلامة السعدي رحمه الله: "ورَدَ أن الحيَّ الْقَيُّوم هو الاسم الأعظم الذي إذا دُعِيَ الله به أجاب، وإذا سُئل به أعطى؛ لدلالة الحي على الصفات الذاتية، والْقَيُّوم على الصفات الفعلية، والصفات كلها ترجع إليهما.

والحي كامل الحياة، وذلك يقتضي كمال عزته، وقدرته، وسعة علمه، وشمول حكمته، وعموم رحمته، وغيرها من صفات الكمال الذاتية.

والْقَيُّوم الذي قام بنفسه، واستغنى عن جميع المخلوقات، وقام بالموجودات كلها، فخَلَقَها وأحكمها، ورزقها ودبَّرها، وأمدَّها بكل ما تحتاج إليه".

قال الشيخ حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله: "حي لا يموت... فهو الحي الذي لم تُسبَق حياته بالعدم، ولم تُعقَب بالفناء.

والْقَيُّوم بنفسه، القيم لغيره، فجميع الموجودات مفتقرة إليه، وهو غنيٌّ عنها، ولا قِوام لها إلا به، ولا قوام لها بدون أمره".

قال العلامة ابن باز رحمه الله: "الْقَيُّوم القائم بنفسه سبحانه وتعالى".

قال العلامة العثيمين رحمه الله: "من أسماء الله: الحي القيوم، وقد ورد أنهما اسم الله الأعظم؛ لاشتمالهما على كمال الذات والصفات والأفعال.

وهذان الاسمان هما الاسم الأعظم الذي إذا دُعِيَ الله به أجاب؛ ولهذا ينبغي للإنسان في دعائه أن يتوسل به، فيقول: يا حي، يا قيوم.

والحي ذو الحياة الكاملة... فحياته... أزلية أبدية، لم يزل ولا يزال حيًّا... كاملة من جميع أوصاف الكمال، فعلمه كامل، وقدرته وسمعه وبصره وسائر صفاته كاملة.

والْقَيُّوم هو القائم على نفسه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه، والقائم على غيره، فكلٌّ محتاج إليه".

قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السلمان رحمه الله: "وَرَدَ أن اسم الحي واسم الْقَيُّوم الاسم الأعظم؛ فإنهما متضمنان لصفات الكمال أعظم تضمن، فالصفات الذاتية ترجع إلى اسمه الحي، والصفات الفعلية ترجع إلى اسمه الْقَيُّوم.

والحي: الباقي الذي لا سبيل للفناء عليه، والْقَيُّوم: القائم بنفسه المقيم لما سواه".

قال العلامة الجبرين رحمه الله: "الحي: يعني المتصف بأكمل أنواع الحياة.

والْقَيُّوم هو القائم بنفسه، المقيم لغيره من خلقه، فهو القائم على عباده على كل نفس بما كسبت، وهو القائم برزقهم وتربيتهم، وهو المراقب لهم، والمطَّلع على أحوالهم، الذي لا يخفى عليه خافية من أمورهم".

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: "قد ورد أن الحي القيوم هو الاسم الأعظم الذي إذا دُعِيَ الله به أجاب، وإذا سُئل به أعطى؛ لدلالة الحي على الصفات الذاتية، ودلالة القيوم على الصفات الفعلية، فالصفات كلها ترجع إلى هذين الاسمين الكريمين العظيمين، ولكمال قيوميته.

والْقَيُّوم: القائم بنفسه والمقيم لغيره، فلا يحتاج إلى شيء، وغني عن كل شي، المقيم لغيره، كل شيء فقير إليه يحتاج إلى إقامته له سبحانه وتعالى، فلولا إقامة الله للسماوات والأرض والمخلوقات لتدمَّرت وفَنِيَت، ولكن الله يُقيمها ويحفظها ويمدها بما يصلحها.

والحي؛ أي: الدائم الباقي الذي له كمال الحياة، والذي لا سبيل للفناء عليه".

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: "اسمه الحي يدل على إثبات الحياة له، فهو الحي، والحياة صفته، فله الحياة التامة التي لا تشبه حياة المخلوق، الحياة المتضمنة لكل ما هو كمال للحياة... وكمال حياته يستلزم ثبوت جميع صفاته الذاتية له سبحانه.

والْقَيُّوم، قيل في معناه: إنه القائم بنفسه، فليس مفتقرًا إلى غيره في وجوده، ولا في شيء من صفاته وأفعاله سبحانه وتعالى، وقيل: بأنه القائم بالمخلوقات، فكل المخلوقات لا قيام لها، ولا وجود لها، ولا بقاء لها، ولا صلاح لها أبدًا إلا به سبحانه، فهو المبدع الخالق لها، وهو الْمُمِدُّ لها بما تحتاج، وهو الْمُبْقِي لِما شاء بقاءه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت".

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: "هذان الاسمان: الحي والقيوم قد قيل فيهما - وهو قول قوي وله حظ من الترجيح - أنهما اسما الرب الأعظمان، فالاسم الأعظم الذي إذا دُعِيَ الله عز وجل به أجاب، وإذا سُئل به أعطى، كما جاء في الحديث، وهو في سورة البقرة وفي سورة آل عمران؛ وفيهما قول الله عز وجل: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، واسم الْقَيُّوم لله عز وجل، واسم الحي، هذان الاسمان متعلقان بخلقه عز وجل، يعني: أن لهما أثرًا في خلقه سبحانه وتعالى، وكل حياة تراها في خلقه، فهي من آثار حياته عز وجل، وكل صلاح أو فعل تراه في خلقه، فهو من آثار قيوميته عز وجل.

واسم الحي، واسم الْقَيُّوم، بلازمهما يدلَّان على بقية صفات الرب عز وجل؛ لأن الحياة مستلزمة لكثير من الصفات، والْقَيُّومية مستلزمة لكثير من الصفات".

قال الشيخ سعد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري: "سبحانه عنده الحياة الكاملة، التي لا يعتريها نقص ولا نوم؛ قال تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]، وقال سبحانه: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255]، وقوله: قيوم يُراد بها معنيان:
الأول: أنه قائم بنفسه، فهو سبحانه لا يحتاج إلى أحد من خلقه.

الثاني: أنه قائم بحوائج غيره؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]؛ يعني أنه يقوم بنفسه ويقوم بغيره، فهو قائم بنفسه مقيم لغيره، وذلك أنه ما من شيء إلا وهو محتاج إلى فضل رب العزة والجلال".