شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (1) باب: أَوَّلُ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ
اعداد: الفرقان
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.وبعد:فهذا تتمة الكلام على أحاديث كتاب «الصلاة» من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.235.عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّل؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ، فَصَلِّ، فَهُوَ مَسْجِدٌ».
الشرح: قال المنذري: باب: أول مسجد وضع في الأرض، وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم ( 1/370 ) في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
من حديث أبي ذر، وهو جُندب بن جنادة على الأصح، الغفاري، من بني غفار، الصحابي المشهور، مناقبه كثيرة جدا، مات سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان.
قال: «قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟» يعني: أي المساجد بُني في الأرض أولاً للصلاة فيه، والتعبد لله تعالى فيه، فتغفر لهم ذنوبهم، وترفع درجاتهم، ثم للطواف به، وللتوجه إليه واتخاذه قبلة.
فقال صلى الله عليه وسلم : «المسجد الحرام» ومعلوم بالاتفاق أن المسجد الحرام هو الذي بمكة، كما قال الله تبارك وتعالى مخبرا عن شرف البيت وفضله: {إنّ أولَ بيتٍ ُوضع للناس للذي ببكة مباركاً وهُدى للعالمين فيه آياتٌ بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حجُ البيت من استطاعَ إليه سبيلاً ومنْ كفَرَ فإن الله غنيٌ عن العالمين} (آل عمران: 96-97). وبكة من أسماء مكة {مباركا} أي: كثير البركة والمنفعة، الدينية والدنيوية {وهدى للعالمين} أي فيه هداية للناس علماً وعملا، فكم من الناس من اهتدى بزيارة البيت الحرام، بل من رؤيته ومشاهدته.
ونبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو باني المسجد الحرام، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام نبيٌ يعظمه اليهود والنصارى ويحترمونه ويحبونه، وله عندهم جميعا قدرٌ ومنزلة في التوراة والإنجيل، ومع ذلك فإنهم لا يحجون البيت الذي بناه؟؟ ولا يتوجهون إليه، ولا يستقبلونه في صلاتهم؟؟!! وهذا من تناقضاتهم الكثيرة!!
مع أن المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض، ليتعبّد فيه لله وللصلاة والذكر، فله السبقُ على جميع بيعهم وكنائسهم التي يعظمونها ويعمرونها.
قوله: «قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى» أي المسجد الأقصى الذي هو ببيت المقدس والذي يسمى أيضا: بإلياء، هوالمسجد الثاني الذي بني في الأرض، وسمي بالمسجد الأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة، وقد بناه نبي الله يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وجدّد بناءه نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام كما صح في الحديث.
قال: «قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة» أي: كم المدة بين بناء المسجد الحرام والمسجد الأقصى - حرّره الله من أيدي اليهود الغاصبين – قال: بينهما أربعون سنة.
قوله «وأينما أدركتك الصلاة فصلّ، فهو مسجد» هذا دليل على جواز الصلاة في جميع بقاع الأرض، إلا ما استثناه الشرع المطهر، من الصلاة في المقابر والمواضع النجسة ونحوها، فقد ورد النهي عن الصلاة في المقابر في قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تَجلسوا على القُبور، ولا تُصلّوا إليها، ولا عليها» رواه الإمام مسلم.
وكذلك ورد النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، أي في مبارك الإبل، والنهي عن الصلاة في أعطان الإبل وفي الحمام، لأنه موضع تحضره الشياطين، والحمام هو الموضع الذي يغتسل فيه، وليس هو موضع قضاء الحاجة، وكذا النهي عن الصلاة في المواضع النجسة كالمزبلة أو ما شابهها، فهذه مواضع لا يصح الصلاة فيها.
وكذلك ما ورد من النهي عن الصلاة فيه أو كراهية الصلاة فيه كالصلاة في الأماكن التي فيها تصاوير أو أصنام أو صلبان، هذا كله يدل على الكراهة. قال عمر لبعض عظماء النصارى: «إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور» رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة عند الحديث رقم 434. ووصله عبد الرزاق.
وفيه أيضا: وكان ابن عباس رضي الله عنهما يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تمثال. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 1/ 532: وصله البغوي في الجعديات، وزاد فيه: «فإن كان فيها تماثيل خرج فصلى في المطر».
قال أهل العلم: لا بأس بالصلاة في الكنيسة، ولا يصلي إلى الصور، هذا إذا لم يجد مكاناً يصلي فيه غيرها.
قال الشوكاني: وهذا الحديث يدل على جواز تحويل أماكن الكنائس إلى مساجد، وتدل الآثار على جواز الصلاة في الكنائس، ولا يُصلَّى إلى الصور، ولا في مكان نجس (انظر: نيل الأوطار 1/ 687).
وجَعْل الأرض كلها مسجدا وطهورا للأمة أينما كانوا، هو من خصائص أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ومما فضلت به الأمة الإسلامية، خلافا لأهل الكتاب، فإنهم لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم، فلا يصلي أحدهم إلا بالمكان المخصص للصلاة فقط.
وأيضا فمن فضل الله تعالى على أمة محمد أن الله عز وجل جعل لهم الأرض كلها طهورا، فإذا فقدت الماء يمكنك أن تستعمل الصعيد الطيب من الأرض، فتتيمم بصعيد الأرض، يعني ما صعد على سطحها من التراب الطاهر ثم تصلي، فحيثما أدركتك الصلاة فعندك مسجدك وعندك طهورك، فلله الحمد حمدا كثيرا طيبا.
41-باب: ابتناء مسجد النبي
238.عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مَلَأ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَأِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا، فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا» قَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ، كَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَخِرَبٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، وَبِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، قَالَ: فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةً، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً، قَالَ: فَكَانُوا يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ، فَانْصُر الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَه ْ».
الشرح: قال المنذري: باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
والإمام مسلم رواه في الباب المتقدم.
وهذا الحديث فيه قصة بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية، يقول أنس رضي الله عنه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم للمدينة» يعني مهاجرا من مكة «فنزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو ابن عوف» وهم من سكان المدينة. «فأقام فيهم صلى الله عليه وسلم أربع عشرة ليلة في بيت أبي أيوب الأنصاري»، لأنه صلى الله عليه وسلم لما جاء على راحلته قال لهم: «دعوها فإنها مأمورة» أي فحيثما تبرك فسأنزل، فبركت الناقة عند بيت أبي أيوب رضي الله عنه فنزل عنده صلى الله عليه وسلم ضيفا، وأقام في غرفة له في علو البيت أربع عشرة ليلة.
قوله: «ثم أرسل إلى ملأ بني النجار» والملأ هم الأشراف والسادة من بني النجار، وبنو النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنّ أم النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بن وهب ترجع إلى بني النجار.
قوله: «فجاءوا: يعني أشراف بني النجار جاءوا متقلدين سيوفهم» أي جاءوا وقد لبسوا السيوف، وهذا يدل على النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنهم جاءوا مستعدين لكل ما يطلبه منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى ولو طلب منهم أرواحهم والقتال عنه لفعلوا.
قوله: «فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله حتى ألقى بفناء أبي أيوب» فيه: جواز الارتداف على الدابة، فإذا كانت الدابة تطيق أن يركبها اثنان جاز ذلك. قوله: «فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم» وهذا دليل على جواز الصلاة في مرابض الغنم، وهي الأماكن التي تبيت بها الغنم وتضع أجسادها عليها تسمى بالمرابض، وفيه دليل لطهارة بولها وروثها، وهو قول عامة أهل العلم، أن ما يؤكل لحمه فبوله وروثه طاهر.
وإنما منع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة في معاطن الإبل؛ لأنها تحضرها الشياطين، وليس لأن بولها وروثها نجسان، بل هما طاهران، وإنما كما قال أهل العلم: لأنها تحضرها الشياطين، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل ومباركها.
قوله: «ثم إنه أمر بالمسجد» أي إن النبي صلى الله عليه وسلم أول بناء بناه في المدينة وأول مؤسسة أسسها هو مسجده صلى الله عليه وسلم ، فالمسجد هو نواة دولة الإسلام والمسلمين، وهو مكان الصلاة فرضها ونفلها، ومكان اجتماع المسلمين، ومحل تدارسهم وتعلمهم القرآن والسنة النبوية، وفيه الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمور المهمة ويجتمع بهم في المسجد، ويستقبل وفود العرب في المسجد، ويأمر بالصدقات وجمعها في المسجد ويفرقها فيه، وكان فقراء المسلمين يبيتون فيه، وربما بعض شبابهم من العزاب، يبيتون فيه ويصلون ويتهجدون في المسجد، فالمسجد كان مؤسسة عظيمة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن السلف الصالح، وليس مكانا يصلي فيه الناس الفريضة ثم يخرجون ويغلق، وإنما كان كما ذكرنا مؤسسة ومعهدا ومدرسة وجامعة، بل هناك جامعات إسلامية عريقة انبثقت من المساجد، ومن أشهرها الجامع الأزهر، وهو جامعة كذلك، وجامع القرويين وجامع الزيتونة والجامع الأموي في الشام حرّره الله عز وجل من أيدي الظلمة المعتدين، وغيرها من المساجد الكبرى التي كانت في العالم الإسلامي عبارة عن جامعات.
قوله: «فأرسل إلى ملأ بني النجار، فجاءوا، فقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم» ثامنوني يعني: اطلبوا ثمنا أو بايعوني أرضكم، والحائط هو الأرض المحاطة بحائط. قالوا: «لا والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله» يعني: لا نطلب ثمنه وإنما هو لله، أو إنما نطلب ثمنه من الله.
قال أنس: «فكان فيه ما أقول» كان في هذه الأرض التي طلب النبي صلى الله عليه وسلم من بني النجار أن يبيعوها له، يقول أنس: «كان فيها نخلٌ وقبور المشركين وخَرِب» خرب تُروى بفتح الخاء وبكسرها، وكلاهما جائز، وهي ما تخرّب من البناء، أي كان فيها أبنيةٌ متخربة قديمة، فأزالها وسوّى الأرض.
قوله: «فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع» وهذا فيه جواز قطع النخل للضرورة والحاجة والمصلحة، إما لاستعمال جذوعها وخشبها، وإما لأجل أن يبنى مكانها شيء، أو أن يغرس مكانها شجر آخر، أو إذا كانت في مكان يخشى سقوطها على الناس، أو لاتحاذ مكانها مسجدا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا، أو أن تقطع في بلاد الكفار المحاربين نكاية بهم، وإلحاقا للضرر بهم وإضعافا لهم وهزيمة، إذا كان في ذلك مصلحة، كما قال الله تعالى: {ما قَطعتم من لينةٍ أو تركتموها قائمةً على أُصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} (الحشر:5). وإلا فالأصل أن نترك النخيل وغيرها من الأشجار المفيدة؛ لأن ذلك من عمارة الأرض.
قوله: «وأمر بقبور المشركين فنبشت» فيه: جواز نبش القبور للمصلحة، ومعنى «النبش» أن تحفر القبور وتنقل العظام إلى مكان آخر، فالنبي [ أزال قبور المشركين، وما حولها من التراب المختلط بعظامهم، وسوى الأرض حتى تكون منبسطة صالحة للصلاة عليها ولاتخاذها مسجدا، وفي هذا دليل على أن الأرض إذا كانت مقبرة قديمة، واندرست قبورها وانمحت، أنه يجوز نبشها وتنظيفها والانتفاع بها إذا دعت الحاجة الضرورية لذلك.
قوله: «فصفوا النخل قبلة» جعلت جذوع النخل صفا في قبلة المسجد «وجعلوا عضادتيه حجارة» العضادتان جانبا باب المسجد، جعلوها من الحجارة.
وقوله: «وكانوا يرتجزون» والرجز هو نوع من الشعر، وقيل: الرجز شعر قصير، والرجز قد يكون بغير قصد، وقال بعض أهل العلم: منها قول النبي صلى الله عليه وسلم في حنين: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» وهذا موزون لكنه خرج من غير قصد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الشعر، فليس هو بشاعر، لكن قد يقول كلاما موزونا، وهذا لا ينافي الآية الكريمة: {وما علّمناه الشَّعرَ وما ينبغي له إنْ هو إلا ذكرٌ وقرآنٌ مبين} (يس: 69).
فهم يفرقون بين الرجز والشعر ببعض الفوارق منها هذا، والارتجاز وقول الشعر في حال العمل أو في حال السفر معروف عند العرب، ففيه تنشيط للنفوس، وتسهيل للعمل، ومواصلة المشي والحركة.
وكانوا يرتجزون كما في هذه الرواية فيقولون: «اللهم إنه لا خيرَ إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجرة» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتجز معهم في شعرهم، هذا أثناء عملهم في بناء المسجد.
وكانوا يقولون: اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجرة. وفي بعض الروايات أنهم كانوا يقولون: اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة. يعني للمهاجرين والأنصار.
وما أحسن رجزهم، وما أجمل شعرهم الذي فيه الحث على الخير، والتزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة، خلافا لكثير من الأشعار والأناشيد التي لا فائدة منها ولا خير في كلماتها، سوى الطرب وتضييع الأوقات، والصد عن الذكر والقرآن!
وقد جازى الله تبارك وتعالى الأنصار خير الجزاء، وعوضهم خيرا في الدنيا والآخرة مما بذلوه لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم من الأموال والأنفس، فهم قد بذلوا من أموالهم ما بذلوا، ونصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآووا أصحابه فرفعهم الله عز وجل فوق العالمين درجات.
{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}.
وصل اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.