تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 16 من 17 الأولىالأولى ... 67891011121314151617 الأخيرةالأخيرة
النتائج 301 إلى 320 من 330

الموضوع: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

  1. #301
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (301)
    صــــــــــ 143 الى صـــــــــــ 149



    الأداء كان مملوكا بينهما، ولو أعتقه مالك النصف الذي لم يكاتبه قبل الأداء كان نصفه منه حرا فإن كان موسرا ضمن نصفه الباقي؛ لأن الكتابة كانت فيه باطلة ولا أخير العبد؛ لأن عقد الكتابة كان فاسدا وإن كان معسرا عتق منه ما عتق، وكانت الكتابة بينهما باطلة إلا أن يشاء مالك العبد أن يجددها
    (قال) : ولو أن مملوكا بين اثنين دبره أحدهما فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول ليس للآخر أن يبيعه لما دخل فيه من العتق وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول له أن يبيع حصته، وإذا ورث أحد المتفاوضين ميراثا فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول هو له خاصة وبهذا يأخذ، قال وتنتقض المفاوضة إذا قبض ذلك، وكان ابن أبي ليلى يقول هو بينهما نصفان
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العبد بين رجلين فدبره أحدهما فللآخر بيع نصيبه؛ لأن التدبير عندي وصية، وكذلك للذي دبره أن يبيعه وهذا مكتوب في كتاب المدبر ومن زعم أنه ليس للمدبر أن يبيع المدبر لزمه أن يزعم أن على السيد المدبر نصف القيمة لشريكه إن كان موسرا ويكون مدبرا كله كما يلزمه هذا في العتق إذا جعل هذا عتقا يكون له بكل حال فإن قال فالعتق الذي ألزمته فيه نصف القيمة عتق واقع مكانه قيل فأنت تزعم في الجارية بين الرجلين يطؤها أحدهما فتلد أنها أم ولد وعليه نصف القيمة وهذا عتق ليس بواقع مكانه إنما هو واقع بعد مدة كعتق المدبر يقع بعد مدة.
    وإن كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما، ثم أعتقه الآخر ألبتة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الذي دبره بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته مدبرا وإن شاء ضمن المعتق نصف قيمته مدبرا إن كان موسرا ويرجع به المعتق على العبد، والولاء بينهما نصفان، وكان ابن أبي ليلى يقول التدبير باطل، والعتق جائز، والمعتق ضامن لنصف قيمته إن كان موسرا وإن كان معسرا سعى فيه العبد، ثم يرجع على المعتق، والولاء كله للمعتق وقال أبو يوسف إذا دبره أحدهما فهو مدبر كله وهو ضامن نصف قيمته وعتق الآخر باطل لا يجوز فيه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العبد بين اثنين فدبر أحدهما نصيبه وأعتق الآخر بتاتا فإن كان موسرا فالعبد حر كله وعليه نصف قيمته وله ولاؤه وإن كان معسرا فنصيبه منه حر ونصيب شريكه مدبر ومن زعم أنه لا يبيع المدبر فيلزمه أن يبطل العتق الآخر ويجعله مدبرا كله إذا كان المدبر الأول موسرا؛ لأن تدبير الأول عتق، والعتق الأول أولى من الآخر قال وهكذا قال أهل القياس الذين لم يبيعوا المدبر.
    [باب في المكاتب]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كاتب الرجل المكاتب على نفسه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول ماله لمولاه إذا لم يشترط المكاتب ذلك وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول المكاتب له المال وإن لم يشترط
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كاتب الرجل عبده وبيد العبد مال فالمال للسيد؛ لأنه لا مال للعبد إلا أن يشترط المكاتب على السيد ماله فيكون له بالشرط وهذا معنى السنة نصا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ولا يعدو المكاتب أن يكون مشتريا لنفسه فرب المكاتب بائع» ، وقد جعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المال، أو يكون غير خارج من ملك مولاه فيكون معه كالمعلق فذلك أحرى أن لا يملك على مولاه مالا كان لمولاه قبل الكتابة، والمشتري الذي أعطى ماله في العبد أولى أن يكون مالكا لمال العبد بشراء العبد؛ لأنه لو مات مكانه مات من ماله من المكاتب الذي لو مات لم يلزمه شيء
    وإذا قال المكاتب قد عجزت وكسر
    مكاتبته ورده مولاه في الرق فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول ذلك جائز وبهذا يأخذ، وقد بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه رد مكاتبا له حين عجز وكسر مكاتبته عند غير قاض، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز ذلك إلا عند قاض، وكذلك لو أتى القاضي فقال قد عجزت فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يرده وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا أرده حتى يجتمع عليه نجمان قد حلا عليه في يوم خاصم إليه، ثم قال أبو يوسف بعد لا أرده حتى أنظر فإن كان نجمه قريبا، وكان يرجى لم يعجل عليه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال المكاتب قد عجزت عند محل نجم من نجومه فهو كما قال وهو كمن لم يكاتب يبيعه سيده ويصنع به ما شاء كان ذلك عند قاض، أو لم يكن (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقفي وابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أنه رد مكاتبا له عجز في الرق.
    (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة أنه شهد شريحا رد مكاتبا عجز في الرق
    وإذا تزوج المكاتب، أو وهب هبة، أو أعتق عبدا، أو كفل بكفالة، أو كفل عنه رجل لمولاه بالذي عليه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول هذا كله باطل لا يجوز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول نكاحه وكفالته باطل وما تكفل به رجل عنه لمولاه فهو جائز وأما عتقه وهبته فهو موقوف فإن عتق أمضى ذلك وإن رجع مملوكا فذلك كله مردود وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - كيف يجوز عتقه وهبته وكيف تجوز الكفالة عنه لمولاه أرأيت رجلا كفل لرجل عن عبده كفالة أليست باطلا فكذلك مكاتبة وبهذا يأخذ وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال لا يجوز أن يكفل الرجل للرجل بمكاتبة عبده؛ لأنه عبده وإنما كفل له بماله وقال أبو حنيفة - رحمه الله - إذا كان له مال حاضر فقال، أؤديه اليوم، أو غدا فإنه كان يقول يؤجله ثلاثة أيام
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج المكاتب، أو وهب، أو أعتق، أو كفل عن أحد بكفالة فذلك كله باطل لأن في هذا إتلافا لماله وهو غير مسلط المال أما التزوج فأبطلناه بالعبودية التي فيه أنه لا يكون للعبد أن ينكح إلا بإذن سيده، ولو كفل رجل لرب المكاتب بالكتابة كانت الكفالة باطلة من قبل أنه إنما تكفل له بماله عن ماله
    [باب في الأيمان]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبده إن بعتك فأنت حر، ثم باعه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول لا يعتق؛ لأن العتق إنما وقع عليه بعد البيع وبعدما خرج من ملكه وصار لغيره وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول يقع العتق من مال البائع ويرد الثمن على المشتري؛ لأنه حلف يوم حلف وهو في ملكه، وكذلك لو قال البائع إن كلمت فلانا فأنت حر فباعه، ثم كلم فلانا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا يعتق، ألا ترى أنه قد خرج من ملك البائع الحالف أرأيت لو أعتقه المشتري أيرجع إلى الحالف، وقد صار مولى للمشتري؟ أرأيت لو أن المشتري ادعاه وزعم أنه ابنه فأثبت القاضي نسبه وهو رجل من العرب وجعله ابنه، ثم كلم البائع ذلك الرجل الذي حلف عليه أن لا يكلمه أبطل دعوى هذا ونسبه ويرجع الولاء إلى الأول، وكان ابن أبي ليلى يقول في هذا يرجع الولاء إلى الأول ويرد الثمن ويبطل النسب
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبده إن بعتك فأنت حر فباعه بيعا ليس ببيع خيار بشرط فهو حر حين عقد البيع وإنما زعمت أنه يعتق من قبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا» (قال الشافعي) : وتفرقهما تفرقهما عن مقامهما الذي تبايعا فيه فلما
    كان لمالك العبد الحالف بعتقه إجازة البيع ورده كان لم ينقطع ملكه عنه الانقطاع كله، ولو ابتدأ العتق في هذه الحال لعبده الذي باعه عتق فعتق بالحنث، ولو كان باعه بيع خيار كان هكذا عندي لأني أزعم أن الخيار إنما هو بعد البيع ومن زعم أن الخيار يجوز مع عقد البيع لم يعتق؛ لأن الصفقة أخرجته من ملك الحالف خروجا لا خيار له فيه فوقع العتق عليه وهو خارج من ملكه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهكذا لو قال رجل لغلامه أنت حر لو كلمت فلانا، أو دخلت الدار فباعه وفارق المشتري، ثم كلم فلانا، أو دخل الدار لم يعتق لأن الحنث وقع وهو خارج من ملكه، وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا، ثم طلقها واحدة بائنة، أو واحدة يملك الرجعة وانقضت عدتها، ثم كلم فلانا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا يقع عليه الطلاق الذي حلف به لأنها قد خرجت من ملكه، ألا ترى أنها لو تزوجت زوجا غيره، ثم كلم الأول فلانا وهي عند هذا الرجل لم يقع عليها الطلاق وهي تحت غيره وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول يقع عليها الطلاق؛ لأنه حلف بذلك وهي في ملكه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو قال لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا، ثم خالعها، ثم كلمت فلانا لم يقع عليها طلاق من قبل أن الطلاق وقع وهي خارجة من ملكه وهكذا لو طلقها واحدة فانقضت عدتها، ثم كلم فلانا لم يقع عليه الطلاق؛ لأن الطلاق لا يقع إلا على زوجة وهي ليست بزوجة، ولو نكحها نكاحا جديدا لم يحنث بهذا الطلاق وإن كلمه كلاما جديدا؛ لأن الحنث لا يقع إلا مرة، وقد وقع وهي خارجة من ملكه
    (قال) : وإذا قال الرجل كل امرأة أتزوجها أبدا فهي طالق ثلاثا وكل مملوك أملكه فهو حر لوجه الله تعالى فاشترى مملوكا وتزوج امرأة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول يقع العتق على المملوك والطلاق على المرأة، ألا ترى أنه طلق بعدما ملك وأعتق بعدما ملك، وقد بلغنا عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقول لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك فهذا إنما وقع بعد الملك كله، ألا ترى أنه لو قال إذا تزوجتها، أو ملكتها فهي طالق صارت طالقا وبهذا يأخذ، ألا ترى أن رجلا لو قال لأمته كل ولد تلدينه فهو حر، ثم ولدت بعد عشر سنين كان حرا فهذا عتق ما لم يملك، ألا ترى أن رجلا لو كانت عنده امرأة فقال لها إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثا، ثم طلقها واحدة بائنة، ثم تزوجها في العدة، أو بعدها أن ذلك واقع عليها؛ لأنه حلف وهو يملكها ووقع الطلاق وهو يملكها أرأيت لو قال لعبد له إن اشتريتك فأنت حر فباعه، ثم اشتراه أما كان يعتق، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يقع في ذلك عتق ولا طلاق إلا أن يوقت وقتا فإن وقت وقتا في سنين معلومة، أو قال ما عاش فلان، أو فلانة، أو وقت مصرا من الأمصار، أو مدينة، أو قبيلة لا يتزوج ولا يشتري منها مملوكا فإن ابن أبي ليلى يوقع على هذا الطلاق وأما قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - فإنه يوقع في الوقت وغير الوقت، وقد بلغنا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أنه قال إذا وقت وقتا، أو قبيلة، أو ما عاشت فلانة وقع.
    إذا قال الرجل إن وطئت فلانة فهي حرة فاشتراها فوطئها فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول لا تعتق من قبل أنه حلف وهو لا يملكها وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول تعتق فإن قال إن اشتريتك فوطئتك فأنت حرة فاشتراها فوطئها فهي حرة في قولهما جميعا (قال الربيع) للشافعي - رحمه الله تعالى - ها هنا جواب.
    [باب في العارية وأكل الغلة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعار الرجل الرجل أرضا يبني فيها ولم يوقت وقتا، ثم بدا له أن
    يخرجه بعدما بنى فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول نخرجه ويقال للذي بنى انقض بناءك وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: الذي أعاره ضامن لقيمة البنيان، والبناء للمعير، وكذلك بلغنا عن شريح، فإن وقت له وقتا فأخرجه قبل أن يبلغ ذلك الوقت فهو ضامن لقيمة البناء في قولهما جميعا
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه؛ لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه
    (قال) : وإذا أقام الرجل البينة على أرض ونخل أنها له، وقد أصاب الذي هو في يديه من غلة النخل، والأرض فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الذي كانت في يديه ضامن لما أخذ من الثمر وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا ضمان عليه في ذلك
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت النخل، والأرض في يدي الرجل فأقام رجل عليها البينة أنها له منذ عشر سنين، وقد أصاب الذي هي في يديه ثمرها منذ عشر سنين أخرجت من يديه وضمن ثمرها وما أصاب منها من شيء فدفعه إلى صاحب البينة فإن كانت الأرض تزرع فزرعها للزارع وعليه كراء مثل الأرض وإن كان لم يزرعها فعليه كراء مثل الأرض
    (قال) : وإذا زرع الرجل الأرض فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الزرع للذي كانت في يديه وهو ضامن لما نقص الأرض في قول أبي حنيفة ويتصدق بالفضل، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يتصدق بشيء وليس عليه ضمان
    (قال) : وإذا أخذ الرجل أرض رجل إجارة سنة وعملها وأقام فيها سنتين فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول هو ضامن لما نقص الأرض في السنة الثانية ويتصدق بالفضل ويعطي أجر السنة الأولى، وكان ابن أبي ليلى يقول عليه أجر مثلها في السنة الثانية
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تكارى الرجل الأرض ليزرعها سنة فزرعها سنتين فعليه كراؤها الذي تشارطا عليه في السنة الأولى وكراء مثلها في السنة الثانية، ولو حدث عليها في السنة الثانية حدث ينقصها كان ضامنا، وهكذا الدور، والعبيد والدواب وكل شيء استؤجر
    (قال) : وإذا وجد الرجل كنزا قديما في أرض رجل، أو داره فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو لرب الدار وعليه الخمس وليس للذي وجده منه شيء، وكان ابن أبي ليلى يقول هو للذي وجده وعليه الخمس ولا شيء لصاحب الدار والأرض فيه وبه يأخذ
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وجد الرجل كنزا جاهليا في دار رجل فالكنز لرب الدار وفيه الخمس، وإنما يكون الكنز لمن وجده إذا وجده في موضع لا يملكه أحد، وإذا كان الكنز إسلاميا ولم يوجد في ملك أحد فهو لقطة يعرفه سنة، ثم هو له.
    [باب في الأجير والإجارة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اختلف الأجير، والمستأجر في الأجرة فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: القول قول المستأجر مع يمينه إذا عمل العمل وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: القول قول الأجير فيما بينه وبين أجر مثله إلا أن يكون الذي ادعى أقل فيعطيه إياه، وإن لم يكن عمل العمل تحالفا وترادا في قول أبي حنيفة وينبغي كذلك في قول ابن أبي ليلى وقال أبو يوسف بعد: إذا كان شيء متقارب قبلت قول المستأجر وأحلفته، وإذا تفاوت لم أقبل وأجعل للعامل أجر مثله إذا حلف
    (قال
    الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا استأجر الرجل أجيرا فتصادقا على الإجارة واختلفا كم هي فإن كان لم يعمل تحالفا وترادا الإجارة وإن كان عمل تحالفا وترادا أجر مثله كان أكثر مما ادعى، أو أقل مما أقر به المستأجر إذا أبطلت العقدة وزعمت أنها مفسوخة لم يجز أن أستدل بالمفسوخ على شيء، ولو استدللت به كنت لم أعمل المفسوخ ولا الصحيح على شيء
    (قال) : وإذا استأجر الرجل بيتا شهرا يسكنه فسكنه شهرين، أو استأجر دابة إلى مكان فجاوز ذلك المكان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول الأجر فيما سمى ولا أجر له فيما لم يسم؛ لأنه قد خالف وهو ضامن حين خالف ولا يجتمع عليه الضمان والأجرة وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول له الأجر فيما سمى وفيما خالف إن سلم وإن لم يسلم ذلك ضمن ولا نجعل عليه أجرا في الخلاف إذا ضمنه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تكارى الرجل الدابة إلى موضع فجاوزه إلى غيره فعليه كراء الموضع الذي تكاراها إليه الكراء الذي تكاراها به وعليه من حين تعدى إلى أن ردها كراء مثلها من ذلك الموضع، وإذا عطبت لزمه الكراء إلى الموضع الذي عطبت فيه وقيمتها وهذا مكتوب في كتاب الإجارات
    (قال) : وإذا تكارى الرجل دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم فحمل عليها أكثر من ذلك فعطبت الدابة فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو ضامن قيمة الدابة بحساب ما زاد عليها وعليه الأجر تاما إذا كانت قد بلغت المكان وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه قيمتها تامة ولا أجر عليه
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تكارى الرجل الدابة على أن يحمل عليها عشرة مكاييل مسماة فحمل عليها أحد عشر مكيالا فعطبت فهو ضامن لقيمة الدابة كلها وعليه الكراء، وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يجعل عليه الضمان بقدر الزيادة كأنه تكاراها على أن يحمل عليها عشرة مكاييل فحمل عليها أحد عشر فيضمنه سهما من أحد عشر سهما ويجعل الأحد عشر كلها قتلتها، ثم يزعم أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - أنه تكاراها مائة ميل فتعدى بها على المائة ميلا، أو بعض ميل فعطبت ضمن الدابة كلها، وكان ينبغي في أصل قوله أن يجعل المائة والزيادة على المائة قتلتها فيضمنه بقدر الزيادة لأنه يزعم أنه ضامن للدابة حين تعدى بها حتى يردها، ولو كان الكراء مقبلا ومدبرا فماتت في المائة ميل
    وإذا غرقت سفينة الملاح فغرق الذي فيها، وقد حمله بأجر فغرقت من مده، أو معالجته السفينة فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو ضامن وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا ضمان عليه في المد خاصة (قال الشافعي) : - رحمه الله: وإذا فعل من ذلك الفعل الذي يفعل بمثلها في ذلك الوقت الذي فعل لم يضمن، وإذا تعدى ذلك ضمن والله سبحانه وتعالى الموفق.
    [باب القسمة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت الدار صغيرة بين اثنين، أو شقص قليل في دار لا يكون بيتا فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول أيهما طلب القسمة وأبى صاحبه قسمت له، ألا ترى أن صاحب القليل ينتفع بنصيب صاحب الكثير وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يقسم شيء منها
    (قال الشافعي) : وإذا كانت الدار، أو البيت بين شركاء فسأل أحدهم القسمة ولم يسأل ذلك من بقي فإن كان يصل إليه بالقسم شيء ينتفع به وإن قلت المنفعة قسم له وإن كره أصابه، وإن كان لا يصل إليه منفعة ولا إلى أحد لم يقسم له.
    [باب الصلاة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أتى الرجل إلى الإمام في أيام التشريق وقد سبقه بركعة فسلم الإمام عند فراغه فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: يقوم الرجل فيقضي ولا يكبر معه لأن التكبير ليس من الصلاة إنما هو بعدها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يكبر ثم يقوم فيقضي.
    (قال) : وإذا صلى الرجل في أيام التشريق وحده أو المرأة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا تكبير عليه ولا تكبير على من صلى في جماعة في غير مصر جامع ولا تكبير على المسافرين وكان ابن أبي ليلى يقول عليهم التكبير أبو يوسف عن عبيدة عن إبراهيم أنه قال: التكبير على المسافرين وعلى المقيمين وعلى الذي يصلي وحده وفي جماعة وعلى المرأة وبه يأخذ مجالد عن عامر مثله.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا سبق الرجل بشيء من الصلاة في أيام التشريق فسلم الإمام وكبر لم يكبر المسبوق بشيء من الصلاة وقضى الذي عليه فإذا سلم كبر وذلك أن التكبير أيام التشريق ليس من الصلاة إنما هو ذكر بعدها وإنما يتبع الإمام فيما كان من الصلاة وهذا ليس من الصلاة ويكبر في أيام التشريق المرأة والعبد والمسافر والمصلي منفردا وغير منفرد والرجل قائما وقاعدا ومضطجعا وعلى كل حال.
    وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ثم لم يركع حتى رفع الإمام رأسه فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول يسجد معه ولا يعتد بتلك الركعة أخبرنا بذلك عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يركع ويسجد ويحتسب بذلك من صلاته. وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - ينهى عن القنوت في الفجر وبه يأخذ ويحدث به عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقنت إلا شهرا واحدا حارب حيا من المشركين فقنت يدعو عليهم» وأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يقنت حتى لحق بالله عز وجل وأن ابن مسعود - رضي الله عنه - لم يقنت في سفر ولا في حضر وأن عمر بن الخطاب لم يقنت وأن ابن عباس - رضي الله عنه - لم يقنت وأن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - لم يقنت وقال: يا أهل العراق أنبئت أن إمامكم يقوم لا قارئ قرآن ولا راكع يعني بذلك القنوت وأن عليا - رضي الله عنه - قنت في حرب يدعو على معاوية فأخذ أهل الكوفة عنه ذلك وقنت معاوية بالشام يدعو على علي - رضي الله عنه - فأخذ أهل الشام عنه ذلك وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يرى القنوت في الركعة الأخيرة بعد القراءة وقبل الركوع في الفجر ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قنت بهاتين السورتين "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق" وكان يحدث عن ابن عباس عن عمر - رضي الله عنه - بهذا الحديث ويحدث عن علي - رضي الله عنه - أنه قنت.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومن أدرك الإمام راكعا فكبر ولم يركع حتى يرفع الإمام رأسه سجد مع الإمام ولم يعتد بذلك السجود لأنه لم يدرك ركوعه ولو ركع بعد رفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك الركعة لأنه لم يدركها مع الإمام ولم يقرأ لها فيكون صلى لنفسه فقرأ ولا صلى مع الإمام فيما أدرك مع الإمام ويقنت في صلاة الصبح بعد الركعة الثانية «قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يترك» علمناه القنوت في الصبح قط وإنما «قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه قتل أهل بئر معونة خمس عشر ليلة يدعو على قوم من المشركين في الصلوات كلها ثم ترك القنوت في الصلوات كلها» فأما في صلاة الصبح فلا أعلم أنه تركه بل نعلم أنه قنت في الصبح قبل قتل أهل بئر معونة وبعد وقد قنت بعد رسول
    الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - كلهم بعد الركوع وعثمان - رضي الله عنه - في بعض إمارته ثم قدم القنوت على الركوع وقال ليدرك من سبق بالصلاة الركعة.
    [باب صلاة الخوف]
    (قال) : وكان أبو حنيفة - رحمه الله - يقول في صلاة الخوف: يقوم الإمام وتقوم معه طائفة فيكبرون مع الإمام ركعة وسجدتين ويسجدون معه فينفلتون من غير أن يتكلموا حتى يقفوا بإزاء العدو ثم تأتي الطائفة التي كانت بإزاء العدو فيستقبلون التكبير ثم يصلي بهم الإمام ركعة أخرى وسجدتين ويسلم الإمام فينفلتون هم من غير تسليم ولا يتكلموا فيقوموا بإزاء العدو وتأتي الأخرى فيصلون ركعة وحدانا ثم يسلمون وذلك لقول الله عز وجل {ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك} [النساء: ١٠٢] وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عباس وإبراهيم النخعي وكان ابن أبي ليلى يقول: يقوم الإمام والطائفتان جميعا إذا كان العدو بينهم وبين القبلة فيكبر ويكبرون ويركع ويركعون جميعا ويسجد الإمام والصف الأول ويقوم الصف الآخر في وجوه العدو فإذا رفع الإمام رفع الصف الأول رءوسهم وقاموا وسجد الصف المؤخر فإذا فرغوا من سجودهم قاموا ثم تقدم الصف المؤخر ويتأخر الصف الأول فيصلي بهم الإمام الركعة الأخرى كذلك ويحدث بذلك ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا كان العدو في دبر القبلة قام الإمام وصف معه مستقبل القبلة والصف الآخر مستقبل العدو ويكبر ويكبرون جميعا ويركع ويركعون جميعا ثم يسجد الصف الذي مع الإمام سجدتين ثم ينفتلون فيستقبلون العدو ويجيء الآخرون فيسجدون ويصلي بهم الإمام الركعة الثانية فيركعون جميعا ويسجد معه الصف الذي معه ثم ينفتلون فيستقبلون العدو ويجيء الآخرون فيسجدون ويفرغون ثم يسلم الإمام وهم جميعا.
    (قال الشافعي) : وإذا صلى الإمام صلاة الخوف مسافرا جعل طائفة من أصحابه بينه وبين العدو وصلى بطائفة ركعة ثم ثبت قائما يقرأ وصلوا لأنفسهم الركعة التي بقيت عليهم وتشهدوا وسلموا ثم انصرفوا وقاموا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي كانت بإزاء العدو فكبروا لأنفسهم وصلى بهم الركعة التي كانت بقيت عليه فإذا جلس في التشهد قاموا فصلوا الركعة التي بقيت عليهم ثم جلسوا فتشهدوا فإذا رأى الإمام أن قد قضوا تشهدهم سلم بهم وبهذا المعنى صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف يوم ذات الرقاع وقد روي عنه في صلاة الخوف خلاف هذا وهذا مكتوب في كتاب الصلاة.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العدو بينه وبين القبلة لا حائل بينه وبينهم ولا سترة وحيث لا يناله النبل وكان العدو قليلا مأمونين وأصحابه كثيرا وكانوا بعيدا منه لا يقدرون في السجود على الغارة عليه قبل أن يصيروا إلى الركوب والامتناع: صلى بأصحابه كلهم فإذا ركع ركعوا كلهم وإذا رفع رفعوا كلهم وإذا سجد سجدوا كلهم إلا صفا يكونون على رأسه قياما فإذا رفع رأسه من السجدتين فاستوى قائما أو قاعدا في مثنى اتبعوه فسجدوا ثم قاموا بقيامه وقعدوا بقعوده وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية بعسفان وخالد بن الوليد بينه وبين القبلة وكان خالد في مائتي فارس منتبذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحراء ملساء ليس فيها جبل ولا شجر والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ألف وأربعمائة ولم يكن خالد فيما نرى يطمع بقتالهم وإنما كان طليعة يأتي بخبرهم.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا جهر الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة عمدا فإن أبا حنيفة




  2. #302
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (302)
    صــــــــــ 150 الى صـــــــــــ 156





    رحمه الله تعالى - كان يقول: قد أساء وصلاته تامة وكان ابن أبي ليلى يقول: يعيد بهم الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا جهر الإمام في الظهر أو العصر أو خافت في المغرب أو العشاء فليس عليه إعادة وقد أساء إن كان عمدا.
    وإذا صلى الرجل أربع ركعات بالليل ولم يسلم فيها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا بأس بذلك وكان ابن أبي ليلى يقول: أكره ذلك له حتى يسلم في كل ركعتين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : صلاة الليل والنهار من النافلة سواء يسلم في كل ركعتين، وهكذا جاء الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل وقد يروى عنه خبر يثبت أهل الحديث مثله في صلاة النهار ولو لم يثبت كان إذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل أن يسلم من كل ركعتين كان معقولا في الخبر عنه أنه أراد والله تعالى أعلم الفرق بين الفريضة والنافلة ولا تختلف النافلة في الليل والنهار كما لا تختلف المكتوبة في الليل والنهار لأنها موصولة كلها (قال) : وهكذا ينبغي أن تكون النافلة في الليل والنهار.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والتكبير على الجنائز أربع وما علمت أحدا حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه يثبت مثله أنه كبر إلا أربعا وكان أبو حنيفة يكبر على الجنائز أربعا وكان ابن أبي ليلى يكبر خمسا على الجنائز.
    (قال الشافعي) : ويجهر في الصلاة ب بسم الله الرحمن الرحيم قبل أم القرآن وقبل السورة التي بعدها فإن جمع في ركعة سورا جهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم" قبل كل سورة وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يكره أن يجهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم" وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا جهرت فحسن وإذا أخفيت فحسن.
    (قال) : وذكر عن ابن أبي ليلى عن رجل توضأ ومسح على خفيه من حدث ثم نزع الخفين قال: يصلي كما هو وحدث بذلك عن الحكم عن إبراهيم وذكر أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا يصلي حتى يغسل رجليه وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا صلى الرجل وقد مسح على خفيه ثم نزعهما أحببت له أن لا يصلي حتى يستأنف الوضوء لأن الطهارة إذا انتقضت عن عضو احتملت أن تكون على الأعضاء كلها فإذا لم يزد على غسل رجليه أجزأه وقد روي عن ابن عمر أنه توضأ وخرج إلى السوق ثم دعي لجنازة فمسح على خفيه وصلى.
    وذكر عن الحكم أيضا عن إبراهيم أنه قال لا بأس بعد الآي في الصلاة (قال) : ولو ترك عد الآي في الصلاة كان أحب إلي وإن كان إنما يعدها عقدا ولا يلفظ بعددها لفظا لم يكن عليه شيء وإن لفظ بشيء من ذلك لفظا فقال: واحدة وثنتان وهو ذاكر لصلاته انتقضت صلاته وكان عليه الاستئناف.
    قال وإذا توضأ الرجل بعض وضوئه ثم لم يتمه حتى جف ما قد غسل فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: يتم ما قد بقي ولا يعيد على ما مضى وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إن كان في طلب الماء أو في الوضوء فإنه يتم ما بقي وإن كان قد أخذ في عمل غير ذلك أعاده على ما جف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ورأيت المسلمين جاءوا بالوضوء متتابعا نسقا على مثل ما توضأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن جاء به كذلك ولم يقطعه لغير عذر من انقطاع الماء وطلبه بنى على وضوئه ومن قطعه بغير عذر حتى يتطاول ذلك فيكون معروفا أنه أخذ في عمل غيره فأحب إلي أن يستأنف وإن أتم ما بقي أجزأه.
    أخبرنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يتشهد ويسلم وبه يأخذ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يمسح التراب عن وجهه في الصلاة قبل أن يسلم وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: لا يرى بذلك بأسا وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو ترك المصلي مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي فإن فعل فلا شيء عليه.
    [باب الزكاة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان على رجل دين ألف درهم وله على الناس دين ألف درهم وفي يده ألف درهم فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: ليس عليه زكاة فيما في يديه حتى يخرج دينه فيزكيه وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيما في يديه الزكاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت في يدي رجل ألف درهم وعليه مثلها فلا زكاة عليه وإن كانت المسألة بحالها وله دين ألف درهم فلو عجل الزكاة كان أحب إلي وله أن يؤخرها حتى يقبض ماله فإن قبضه زكى مما في يديه وإن تلف لم يكن عليه فيه زكاة (قال الربيع) : آخر قول الشافعي إذا كانت في يديه ألف وعليه ألف فعليه الزكاة (قال الربيع) : من قبل أن الذي في يديه إن تلف كان منه وإن شاء وهبها وإن شاء تصدق بها فلما كانت في جميع أحكامها مالا من ماله وقد قال الله عز وجل {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] كانت عليه فيها الزكاة، قال: وكان ابن أبي ليلى يقول: زكاة الدين على الذي هو عليه فقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: بل هي على صاحبه الذي هو له إذا خرج كذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبهذا يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان للرجل دين على الناس فإن كان حالا وقد حال عليه الحول في يدي الذي هو عليه أو أكثر من حول فإن كان يقدر على أخذه منه فتركه فعليه فيه الزكاة وهو كمال له وديعة في يدي رجل عليه أن يزكيه إذا كان قادرا عليه وإن كان لا يدري لعله سيفلس له به أو كان متغيبا عنه فعليه إذا كان حاضرا طلبه منه بألح ما يقدر عليه فإذا نض في يديه فعليه الزكاة لما مضى في يديه من السنين فإن تلف قبل أن يقبضه فلا زكاة عليه فيه وهكذا إذا كان صاحب الدين متغيبا عنه.
    قال: وإذا كانت أرض من أرض الخراج فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ليس فيها عشر لا يجتمع عشر وخراج وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيها العشر مع الخراج (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زرع الرجل أرضا من أرض الخراج فعليه في زرعها العشر كما يكون عليه في زرع أرض لرجل تكاراها منه، وهي لذلك الرجل أو هي صدقة موقوفة،.
    قال: وإذا كانت الأرض من أرض العشر فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: في كل قليل وكثير أخرجت من الحنطة والشعير والزبيب والتمر والذرة وغير ذلك من أصناف الغلة العشر ونصف العشر والقليل والكثير في ذلك سواء وإن كانت حزمة من بقل وكذلك حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس في شيء من ذلك عشر إلا في الحنطة والشعير والثمر والزبيب ولا يكون فيه العشر حتى يبلغ خمسة أوسق فصاعدا والوسق عندنا ستون صاعا والصاع مختوم بالحجاجي وهو ربع بالهاشمي الكبير وهو ثمانية أرطال والمد رطلان وبه يأخذ وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: ليس في البقول والخضراوات عشر ولا أرى في شيء من ذلك عشرا إلا الحنطة والشعير والحبوب وليس فيه شيء حتى يبلغ خمسة أوسق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زرع الرجل أرضا من أرض العشر فلا زكاة عليه حتى يخرج منها خمسة أوسق من كل صنف مما أخرجت مما فيه الزكاة وذلك ثلثمائة صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس في الخضر زكاة والزكاة فيما اقتيت ويبس وادخر مثل الحنطة والذرة والشعير والزبيب والحبوب التي في هذا المعنى التي ينبت الناس.
    قال: وإذا كان لرجل إحدى وأربعون بقرة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا حال عليها الحول ففيها مسنة وربع عشر مسنة وما زاد فبحساب ذلك إلى أن تبلغ ستين بقرة وأظنه حدثه أبو حنيفة
    عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا شيء في الزيادة على الأربعين حتى تبلغ ستين بقرة وبه يأخذ وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا شيء في الأوقاص» والأوقاص عندنا ما بين الفريضتين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس في البقر صدقة حتى تبلغ ثلاثين فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع ثم ليس في الزيادة على الثلاثين صدقة حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة ثم ليس في زيادتها شيء حتى تبلغ ستين فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان ثم ليس في الفضل على الستين صدقة حتى تبلغ سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة ثم ليس في الفضل على السبعين صدقة حتى تبلغ ثمانين فإذا بلغت الثمانين ففيها مسنتان ثم هكذا صدقتها وكل صدقة من الماشية فلا شيء فيها فيما بين الفريضتين وكل ما كان فوق الفرض الأسفل لم يبلغ الفرض الأعلى فالفضل فيه عفو صدقته صدقة الأسفل.
    قال وإذا كان للرجل عشرة مثاقيل ذهب ومائة درهم فحال عليها الحول فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: في الزكاة يضيف أقل الصنفين إلى أكثرهما ثم يزكيه إن كانت الدنانير أقل من عشرة دراهم بدينار تقوم الدراهم دنانير ثم يجمعها جميعا فتكون أكثر من عشرين مثقالا من الذهب فيزكيها في كل عشرين مثقالا نصف مثقال فما زاد فليس فيه شيء من الزكاة حتى يبلغ أربعة مثاقيل فيكون فيها عشر مثقال.
    وإذا كانت الدنانير أكثر من عشرة دراهم بدينار قوم الدنانير دراهم وأضافها إلى الدراهم فتكون أكثر من مائتي درهم ففي كل مائتين خمسة دراهم ولا شيء فيما زاد على المائتين حتى يبلغ أربعين درهما فإذا بلغت ففي كل أربعين زادت بعد المائتين درهم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا زكاة في شيء من ذلك حتى يبلغ الذهب عشرين مثقالا وتبلغ الفضة مائتي درهم ولا يضيف بعضها إلى بعض ويقول: هذا مال مختلف بمنزلة رجل له ثلاثون شاة وعشرون بقرة وأربعة أبعرة فلا يضاف بعضها إلى بعض وقال ابن أبي ليلى: ما زاد على المائتي الدرهم والعشرين المثقال من شيء فبحساب ذلك ما كان من قليل أو كثير وبهذا يأخذ في الزيادة.
    وقال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه: ليس فيما زاد على المائتين شيء حتى يبلغ أربعين درهما وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: لا يقوم الذهب ولا الفضة إنما الزكاة على وزنه جاءت بذلك السنة إن كان له منها خمسة عشر مثقالا ذهبا لم يكن عليه فيها زكاة ولو كان قيمتها ألف درهم لأن الحديث إنما جاء في عشرين مثقالا ولو كان له مع ذلك أربعون درهما لم يزكه حتى يكون خمسين درهما فإذا كمل من الأخرى أوجبت فيه الزكاة وكذلك لو كان نصف من هذا ونصف من هذا ففيه الزكاة فيضيف بعضه إلى بعض ويخرجه دراهم أو دنانير وإن شاء زكى الذهب والفضة بحصتهما أي ذلك فعل أجزأه ولو كان له مائتا درهم وعشرة مثاقيل زكى المائتي الدرهم بخمسة دراهم وزكى العشرة مثاقيل بربع مثقال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت لرجل عشرة مثاقيل ذهب ومائة درهم فحال عليها الحول فلا زكاة فيها ولا يضم الذهب إلى الورق وهو صنف غيرها يحل الفضل في بعضها على بعض يدا بيد كما لا يضم التمر إلى الزبيب وللتمر بالزبيب أشبه من الفضة بالذهب وأقرب ثمنا بعضه من بعض وكما لا تضم الإبل إلى البقر ولا البقر إلى الغنم، قال: ولو أن رجلا له مائتا درهم وعشرة مثاقيل ذهبا فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: إذا حال عليها الحول يضيف بعضه إلى بعض ويزكيه كله وقال ابن أبي ليلى هذان مالان مختلفان تجب الزكاة على الدراهم ولا تجب على الذهب وقال أبو يوسف: فيه الزكاة كله ألا ترى أن التاجر يكون له المتاع للتجارة وهو مختلف فيقومه ويضيف بعضه إلى بعض ويزكيه وكذلك الذهب والفضة وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر
    رجلا تاجرا أن يقوم تجارته عند الحول فيزكيها.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان له مائتا درهم وتسعة عشر مثقالا زكى المائتين ولم يزك عشر مثقالا كما يكون له خمسة أوسق تمرا وخمسة أوسق زبيبا إلا صاعا فيزكي التمر ولا يزكي الزبيب.
    [باب الصيام]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اكتحل الرجل في شهر رمضان أو غير رمضان وهو صائم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا بأس بذلك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يكره ذلك ويكره أن يدهن شاربه بدهن يجد طعمه وهو صائم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا بأس أن يكتحل الصائم ويدهن شاربه ورأسه ووجهه وقدميه وجميع بدنه بأي دهن شاء غالية أو غير غالية.
    وإذا صام الرجل يوما من شهر رمضان فشك أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أنه من رمضان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: يجزيه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجزيه ذلك وعليه قضاء يوم مكانه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصبح الرجل يوم الشك من رمضان وقد بيت الصوم من الليل على أنه من رمضان فهذه نية كاملة تؤدي عنه ذلك اليوم إن كان من شهر رمضان وإن لم يكن من شهر رمضان أفطر (قال الربيع) : قال الشافعي في موضح آخر لا يجزيه لأنه صام على الشك.
    ، وإذا أفطرت المرأة يوما من رمضان متعمدة ثم حاضت من آخر النهار فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ليس عليها كفارة وعليها القضاء وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليها الكفارة وعليها القضاء.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل امرأته في شهر رمضان ثم مرض الرجل في آخر يومه فذهب عقله أو حاضت المرأة فقد قيل: على الرجل عتق رقبة وقيل: لا شيء عليه فأما إذا سافر فإن عليه عتق رقبة وذلك أن السفر شيء يحدثه فلا يسقط عنه ما وجب عليه بشيء يحدثه.
    (قال) : وإذا وجب على الرجل صوم شهرين من كفارة إفطار من رمضان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ذانك الشهران متتابعان ليس له أن يصومهما إلا متتابعين وذكر أبو حنيفة نحوا من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ليسا بمتتابعين.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا لم يجد المجامع في شهر رمضان عتقا فصام لم يجز عنه إلا شهران متتابعان وكفارته كفارة الظهار ولا يجزي عنه الصوم ولا الصدقة وهو يجد عتقا.
    (قال) : وإذا توضأ الرجل للصلاة المكتوبة فدخل الماء حلقه وهو صائم في رمضان ذاكرا لصومه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إن كان ذاكرا لصومه حين توضأ فدخل الماء حلقه فعليه القضاء وإن كان ناسيا لصومه فلا قضاء عليه وذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا قضاء عليه إذا توضأ لصلاة مكتوبة وإن كان ذاكرا لصومه وقد ذكر عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إذا توضأ لصلاة مكتوبة وهو صائم فدخل الماء حلقه فلا شيء عليه وإن كان توضأ لصلاة تطوع فعليه القضاء.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا توضأ الرجل للصلاة وهو صائم فتمضمض ودخل الماء جوفه وهو ناس لصومه فلا شيء عليه. ولو شرب وهو ناس لم ينقض ذلك صومه وإذا كان ذاكرا لصومه فدخل الماء جوفه فأحب إلي أن يعيد الصوم احتياطا وأما الذي يلزمه فلا يلزمه أن يعيد حتى يكون أحدث شيئا من ازدراد أو فعل فعلا ليس له دخل به الماء جوفه فأما إذا كان إنما أراد المضمضة فسبقه شيء في حلقه بلا إحداث ازدراد
    تعمد به الماء إلا إدخال النفس وإخراجه فلا يجب عليه أن يعيد الصوم وهذا خطأ في معنى النسيان أو أخف منه.
    [باب في الحج]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول لا تشعر البدن ويقول: الإشعار مثلة وكان ابن أبي ليلى يقول: الإشعار في السنام من الجانب الأيسر وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وتشعر البدن في أسنمتها والبقر في أسنمتها أو مواضع الأسنمة ولا تشعر الغنم والإشعار في الصفحة اليمنى وكذلك «أشعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وروي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أشعر في الشق الأيمن» وبذلك تركنا قول من قال: لا يشعر إلا في الشق الأيسر وقد روي أن ابن عمر أشعر في الشق الأيسر أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيمن أو الأيسر.
    قال: وإذا أهل الرجل بعمرة فأفسدها فقدم مكة وقضاها فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: يجزيه أن يقضيها من التنعيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجزيه أن يقضيها إلا من ميقات بلاده (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أهل الرجل بعمرة من ميقات فأفسدها فلا يجزيه أن يقضيها إلا من الميقات الذي أبتدأ منه العمرة التي أفسدها ولا نعلم القضاء في شيء من الأعمال إلا بعمل مثله فأما عمل أقل منه فهذا قضاء لبعض دون الكل وإنما يجزي قضاء الكل لا البعض ومن قال له أن يقضيها خارجا من الحرم دخل عليه خلاف ما وصفنا من القياس وخلاف الآثار وقد ظننت أنه إنما ذهب إلى أن «عائشة - رضي الله تعالى عنها - إنما كانت مهلة بعمرة وأنها رفضت العمرة وأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن تقضيها من التنعيم» وهذا ليس كما روي إنما أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تدخل الحج على العمرة فكانت قارنة وإنما كانت عمرتها شيئا استحبته فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بها فاعتمرت لا أن عمرتها كانت قضاء.
    وإذا أصاب الرجل من صيد البحر شيئا سوى السمك فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: لا خير في شيء من صيد البحر سوى السمك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا بأس بصيد البحر كله (قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - ولا بأس بأن يصيد المحرم جميع ما كان معاشه في الماء من السمك وغيره قال الله عز وجل {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} [المائدة: ٩٦] فقال بعض أهل العلم بالتفسير: طعامه كل ما كان فيه وهو شبه ما قال والله تعالى أعلم.
    وقال أبو يوسف - رحمه الله - سألت أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - عن حشيش الحرم فقال أكره أن يرعى من حشيش الحرم شيئا أو يحتش منه.
    قال وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال: لا بأس أن يحتش من الحرم ويرعى منه قال وسألت الحجاج بن أرطاة فأخبرني أنه سأل عطاء بن أبي رباح فقال: لا بأس أن يرعى وكره أن يحتش وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا بأس أن يرعى نبات الحرم شجره ومرعاه ولا خير في أن يحتش منه شيء لأن الذي «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة أن يختلى خلاها إلا الإذخر» والاختلاء الاحتشاش نتفا وقطعا وحرم أن يعضد شجرها ولم يحرم أن يرعى.
    قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: لا بأس أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل وبه يأخذ قال وسمعت ابن أبي ليلى يحدث عن
    عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيئا وحدثنا شيخ عن رزين مولى علي بن عبد الله بن عباس أن علي بن عبد الله كتب إليه أن يبعث إليه بقطعة من المروة يتخذها مصلى يسجد عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا خير في أن يخرج من حجارة الحرم ولا ترابه شيء إلى الحل لأن له حرمة ثبتت باين بها ما سواها من البلدان ولا أرى والله تعالى أعلم أن جائزا لأحد أن يزيله من الموضع الذي باين به البلدان إلى أن يصير كغيره (قال الشافعي) : وقد أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرق عن أبيه عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال: قدمت مع أمي أو قال جدتي مكة فأتتها صفية بنت شيبة فأكرمتها وفعلت بها فقالت صفية: ما أدرى ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجت بها فنزلنا أول منزل فذكر من مرضهم وعلتهم جميعا قال: فقالت أمي أو جدتي ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم فقالت لي: وكنت أمثلهم انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها إن الله جل وعلا وضع في حرمه شيئا فلا ينبغي أن يخرج منه قال عبد الأعلى فقالوا لي: فما هو إلا أن تجينا دخولك الحرم فكأنما أنشطنا من عقل.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقال غير واحد من أهل العلم: لا ينبغي أن يخرج من الحرم شيء إلى غيره.
    وإذا أصاب الرجل حماما من حمام الحرم فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: عليه قيمته وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه شاة وسمعت ابن أبي ليلى يقول: في حمام الحرم عن عطاء بن أبي رباح شاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل بمكة حماما من حمامها فعليه شاة اتباعا لعمر وعثمان وابن عباس وابن عمر ونافع بن عبد الحارث وعاصم بن عمر وعطاء وابن المسيب وغيرهم - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - وقد زعم الذي قال فيه قيمة أنه لا يخالف واحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خالف أربعة في حمام مكة.
    وسئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن المحرم يصيب الصيد فيحكم عليه فيه عناق أو جفرة أو شبه ذلك فقال: لا يجزي في هدي الصيد إلا ما يجزي في هدي المتعة الجذع بن الضأن إذا كان عظيما أو الثني من المعز والبقر والإبل فما فوق ذلك لا يجزي ما دون ذلك ألا ترى إلى قول الله عز وجل في كتابه في جزاء الصيد {هديا بالغ الكعبة} [المائدة: ٩٥] وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال يبعث به وإن كان عناقا أو حملا قال أبو يوسف - رحمه الله: أخذ بالأثر في العناق والجفرة وقال أبو حنيفة - رحمه الله - في ذلك كله قيمته وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل صيدا صغيرا فداه بشاة صغيرة لأن الله عز وجل يقول: {مثل} [المائدة: ٩٥] والمثل مثل الذي يفدى فإذا كان كبيرا كان كبيرا وإذا كان الذي يفدى صغيرا كان صغيرا ولا أعلم لا يجوز أن يفدى الصيد الصغير بصغير مثله من الغنم إلا خالف القرآن والآثار والقياس والمعقول وإذا كان يزعم أن الصيد محرم كله فزعم أنه تفدى الجرادة بتمرة أو أقل من تمرة لصغرها وقلة قيمتها وتفدى بقرة الوحش ببقرة لكبرها فكيف لم يزعم أنه يفدى الصغير بالصغير وقد فدى الصغير بصغير والكبير بكبير وقد قال الله عز وجل {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: ٩٥] وإنما رفع وخفض بالمثل عنده فكيف يفدي بتمرة ولا يفدي بعناق وما للضحايا وهدي المتعة وجزاء الصيد هل رآه قياس جزاء الصيد حين أصاب المحرم البقرة بأن قال: يكفيه شاة كما يكفي المتمتع أو المضحي أو قاسه حين أصاب المحرم جرادة بأن قال: لا يجزي المحرم إلا شاة كما لا يجزي المضحي والمتمتع إلا شاة فإن قال: لا قيل ألأن جزاء الصيد كما قال الله تبارك وتعالى مثل وإنما المثل صغيرا أو كبيرا على قدر المصاب فإن قال: نعم قيل: فما أضلك عن الجفرة إذا كانت مثل ما أصيب وإن كنت تقلد عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وحده في أقضية لا
    حجة لك في شيء منها إلا تقليده فكيف خالفته ومعه القرآن والقياس والمعقول وغيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وقد قضى عمر - رضي الله عنه - في الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة وقضى في الضب بجدي قد جمع الماء والشجر وقضى ابن مسعود - رضي الله عنه - في اليربوع بجفرة أو جفر وقضى عثمان - رضي الله عنه - في أم حبين بحلان من الغنم يعني حملا.
    وذكر عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال في بيض النعامة يصيبه المحرم ثمنه وأخبرنا داود بن أبي هند عن عامر مثله وسمعت ابن أبي ليلى يقول: عن عطاء بن أبي رباح في البيضة درهم وقال أبو حنيفة - رحمه الله: قيمتها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب المحرم بيض نعام أو بيض حمام أو بيضا من الصيد ففيه قيمته قياسا على الجرادة وعلى ما لم يكن له مثل من النعم.
    [باب الديات]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا وللمقتول ورثة صغار وكبار فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: للكبار أن يقتلوا صاحبهم إن شاءوا وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس لهم أن يقتلوا حتى يكبر الأصاغر وبه يأخذ حدثنا أبو يوسف عن رجل عن أبي جعفر أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قتل ابن ملجم بعلي وقال أبو يوسف وكان لعلي - رضي الله عنه - أولاد صغار.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا وله ورثة صغار وكبار أو كبار غيب فليس لأحد منهم أن يقتل حتى تبلغ الصغار وتحضر الغيب ويجتمع من له سهم في ميراثه من زوجة أو أم أو جدة على القتل فإذا اجتمعوا كان لهم أن يقتلوا فإذا لم يجتمعوا لم يكن لهم أن يقتلوا وإذا كان هذا هكذا فلأيهم شاء من البالغين الحضور أن يأخذ حصته من الدية من مال الجاني بقدر ميراثه من المقتول وإذا فعل كان لأولياء الغيب وعلى أولياء الصغار أن يأخذوا لهم حصصهم من الدية لأن القتل قد حال وصار مالا فلا يكون لولي الصغير أن يدعه وقد أمكنه أخذه فإن قال قائل: كيف ذهبت إلى هذا دون غيره من الأقاويل وقد قال بعض أهل العلم: أي ولاة الدم قام به قتل وإن عفا الآخرون فأنزله بمنزلة الحد وقال غيره من أهل العلم: يقتل البالغون ولا ينتظرون الصغار وقال غيره: يقتل الولد ولا ينتظرون الزوجة؟ قيل: ذهبنا إليه أنه السنة التي لا ينبغي أن تخالف أو في مثل معنى السنة والقياس على الإجماع.
    فإن قال: فأين السنة فيه؟ قيل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا أخذوا القصاص وإن أحبوا فالدية» فلما كان من حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لولاة الدم أن يقتلوا ولهم أن يأخذوا المال وكان إجماع المسلمين أن الدية موروثة لم يحل لوارث أن يمنع الميراث من ورث معه حتى يكون الوارث يمنع نفسه من الميراث وهذا معنى القرآن في قول الله عز وجل {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} [البقرة: ١٧٨] وهذا مكتوب في كتاب الديات ووجدنا ما خالفه من الأقاويل لا حجة فيه لما وصفت من السنة بخلافهم ووجدت مع ذلك قولهم متناقضا إذ زعموا أنهم امتنعوا من أن يأخذوا الدية من القاتل لأنه إنما عليه دم لا مال فلو زعموا أن واحدا من الورثة لو عفا حال الدم مالا ما لزموا قولهم ولقد نقضوه فأما الذين قالوا هو كالحد يقوم به أي الورثة شاء وإن عفا غيره فقد خالفوا بينه وبين الحد من أجل أنهم يزعمون أن للورثة العفو عن القتل ويزعمون أنه لا عفو لهم عن الحد ويزعمون أنهم لو اصطلحوا في القتل على الدية جاز ذلك ويزعمون أنهم لو




  3. #303
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (303)
    صــــــــــ 157 الى صـــــــــــ 163





    اصطلحوا على مال في الحد لم يجز.
    وإذا اقتتل القوم فانجلوا عن قتيل لم يدر أيهم أصابه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: هو على عاقلة القبيلة التي وجد فيها إذا لم يدع ذلك أولياء القتيل على غيرهم وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول: هو عاقلة الذين اقتتلوا جميعا إلا أن يدعي أولياء القتيل على غير أولئك وبهذا يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اقتتل القوم فانجلوا عن قتيل فادعى أولياؤه على أحد بعينه أو على طائفة بعينها أو قالوا: قد قتلته إحدى الطائفتين لا يدرى أيتهما قتلته قيل لهم: إن جئتم بما يوجب القسامة على إحدى الطائفتين أو بعضهم أو واحد بعينه أو أكثر قيل لكم: أقسموا على واحد فإن لم تأتوا مالك فلا عقل ولا قود ومن شئتم أن نحلفه لكم على قتله أحلفناه ومن أحلفناه أبرأناه وهكذا إن كان جريحا ثم مات ادعى على أحد أو لم يدع عليه إذا لم أقبل دعواه فيما هو أقل من الدم لم أقبلها في الدم وما أعرف أصلا ولا فرعا لقول من قال تجب القسامة بدعوى الميت وما القسامة التي قضى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد الله بن سهل إلا على خلاف ما قال فيها دعوى ولا لوث من بينة.
    وإذا أصيب الرجل وبه جراحة فاحتمل فلم يزل مريضا حتى مات فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: ديته على تلك القبيلة التي أصيب فيهم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس عليهم شيء.
    وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: القصاص لكل وارث وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يجعل لكل وارث قصاصا إلا الزوج والمرأة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : الزوج والمرأة الحرة والجدة وبنت الابن وكل وارث من ذكر أو أنثى فله حق في القصاص وفي الدية.
    وإذا وجد القتيل في قبيلة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: القسامة على أهل الخطة والعقل عليهم وليس على السكان ولا على المشترين شيء وبه يأخذ ثم قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - بعد على المشترين والسكان وأهل الخطة وكان ابن أبي ليلى يقول: الدية على السكان والمشترين معهم وأهل الخطة، وكذلك إذا وجد في الدار فهو على أهل القبيلة قبيلة تلك الدار والسكان الذين فيها في قول ابن أبي ليلى، وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: على عاقلة أرباب الدور خاصة وإن كانوا مشترين وأما السكان فلا وبهذا يأخذ رجع أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إلى قول ابن أبي ليلى وقول أبي حنيفة المعروف ما بقي من أهل الخطة رجل فليس على المشتري شيء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وجد الرجل قتيلا في دار رجل أو أهل خطة أو سكان أو صحراء أو عسكر فكلهم سواء لا عقل ولا قود إلا ببينة تقوم أو بما يوجب القسامة فيقسم الأولياء فإذا ادعى الأولياء على واحد وألف أحلفناهم وأبرأناهم لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصاريين فتبرئكم يهود بخمسين يمينا فلما أبوا أن يقبلوا أيمانهم لم يجعل على يهود شيئا وقد وجد القتيل بين أظهرهم ووداه النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده متطوعا» .
    وإذا قطع رجل يد امرأة أو امرأة يد رجل فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: ليس في هذا القصاص ولا قصاص فيما بين الرجال والنساء فيما دون النفس ولا فيما بين الأحرار والعبيد فيما دون النفس ولا قصاص بين الصبيان في النفس ولا غيرها وكذلك حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: القصاص بينهم في ذلك وفي جميع الجراحات التي يستطاع فيها القصاص (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : القصاص بين الرجل والمرأة في الجراح وفي النفس وكذلك العبيد بعضهم من بعض وإذا كانوا يقولون: القصاص بينهم في النفس وهي الأكثر كان الجرح الذي هو الأقل أولى لأن الله عز وجل ذكر النفس والجراح في كتابه ذكرا واحدا وأما الصبيان فلا قصاص بينهم؛
    وإذا قتل الرجل رجلا بعصا أو بحجر فضربه ضربات حتى مات من ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا قصاص بينهما
    وكان ابن أبي ليلى يقول: بينهما القصاص وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل الرجل بحديدة تمور أو بشيء يمور فمار فيه موران الحديد فمات من ذلك ففيه القصاص وإذا أصابه بعصا أو بحجر أو ما لا يمور موران السلاح فأصله شيئان إن كان ضربه بالحجر العظيم والخشبة العظيمة التي الأغلب منها أنه لا يعاش من مثلها وذلك أن يشدخ بها رأسه أو يضرب بها جوفه أو خاصرته أو مقتلا من مقاتله أوحمل عليه الضرب بشيء أخف من ذلك حتى بلغ من ضربه ما الأغلب عند الناس أن لا يعاش من مثله قتل به وكان هذا عمد القتل وزيادة أنه أشد من القتل بالحديد لأن القتل بالحديد أوحى وإن ضربه بالعصا أو السوق أو الحجر الضرب الذي الأغلب منه أنه يعاش من مثله فهذا الخطأ شبه العمد ففيه الدية مغلظة ولا قود فيه.
    وإذا عض الرجل يد الرجل فانتزع المعضوض يده فقلع سنا من أسنان العاض فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا ضمان عليه في السن لأنه قد كان له أن ينزع يده من فيه وبه يأخذ وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن «رجلا عض يد رجل فانتزع يده من فيه فنزع ثنيته فأبطلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أيعض أحدكم أخاه عض الفحل» وكان ابن أبي ليلى يقول: هو ضامن لدية السن وهما يتفقان فيما سوى ذلك مما يجني في الجسد سواء في الضمان (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا عض الرجل يد الرجل أو رجله أو بعض جسده فانتزع المعضوض ما عض منه من في العاض فسقط بعض ثغره أو كله فلا شيء عليه لأنه كان للمعضوض أن ينزع يده من في العاض ولم يكن متعديا بالانتزاع فيضمن وقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه أن «رجلا عض يد رجل فانتزع المعضوض يده في العاض فسقطت ثنيته أو ثنيتاه فأهدرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أيدع يده في فيك تقضمها كأنها في فحل» .
    وإذا نفحت الدابة برجلها وهي تسير فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا ضمان على صاحبها لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الرجل جبار» وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو ضامن في هذا لما أصابت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يضمن قائد الدابة وسائقها وراكبها ما أصابت بيد أو فم أو رجل أو ذنب ولا يجوز إلا هذا ولا يضمن شيئا إلا أن يحملها على أن تطأ شيئا فيضمن لأن وطأها من فعله فنكون حينئذ كأداة من أداته جنى بها فأما أن نقول يضمن عن يدها ولا يضمن عن رجلها فهذا تحكم فإن قال: لا يرى رجلها فهو إذا كان سائقا لا يرى يدها فينبغي أن يقول في السائق يضمن عن الرجل ولا يضمن عن اليد وليس هكذا بقول فأما ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن «الرجل جبار» فهو والله تعالى أعلم غلط لأن الحفاظ لم يحفظوا هكذا.
    وكان أبو حنيفة - رحمه الله - يقول في الرجل إذا قتل العبد: إن قيمته على عاقلة القاتل وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا تعقله العاقلة ثم رجع أبو يوسف فقال: هو مال لا تعقله العاقلة وعلى القاتل قيمته ما بلغ حالا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل العبد خطأ عقلته عاقلته لأنها إنما تعقل جناية حر في نفس محرمة قد يكون فيها القود قال: ويكون فيها الكفارة كما تكون في الحر بكل حال فهو بالنفوس أشبه منه بالأموال هو لا يجامع الأموال في معنى إلا في أن ديته قيمته فأما ما سوى ذلك فهو مفارق للأموال مجامع للنفوس في أكثر أحكامه وبالله تعالى التوفيق.
    [باب السرقة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقر الرجل بالسرقة مرة واحدة والسرقة تساوي عشرة دراهم فصاعدا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: أقطعه ويقول: إن لم أقطعه جعلته عليه دينا ولا قطع في الدين وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقطعه حتى يقر مرتين وبهذا يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقر الرجل بالسرقة مرة واحدة وثبت على الإقرار وكانت مما تقطع فيه اليد قطع وسواء إقراره مرة أو أكثر فإن قال قائل: كما لا أقطعه إلا بشاهدين فهو إذا شهد عليه شاهدان قطعه ولم يلتفت إلى رجوعه لو كان أقر وهو لو أقر عنده مائة مرة ثم رجع لم يقطعه فإن قال قائل: فهكذا لو رجعت الشهود لم نقطعه، قيل: لو رجع الشهود عن الشهادة عليه ثم عادوا فشهدوا عليه بما رجعوا عنه لم تقبل شهادتهم، ولو أقر ثم رجع ثم أقر: قبل منه فالإقرار مخالف للشهادات في البدء والمتعقب.
    وإن كان المسروق منه غائبا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: لا أقطعه وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: أقطعه إذا أقر مرتين وإن كان المسروق منه غائبا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان المسروق منه غائبا حبس السارق حتى يحضر المسروق منه لأنه لعله أن يأتي له بمخرج يسقط عنه القطع أو القطع والضمان.
    وإن كانت السرقة تساوي خمسة دراهم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا قطع فيها بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن علي - رضي الله عنه - وعن ابن مسعود أنهم قالوا: لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: تقطع اليد في خمسة دراهم ولا تقطع في دونها (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا الثقة عن عبد الله بن عمر بن حفص وسفيان بن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «القطع في ربع دينار فصاعدا» وبه نأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأما ما ذهب إليه أبو حنيفة من الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تخالف هذا فإنها ليست من وجه يثبت مثله لو انفرد، وأما ما روي عن علي - رضي الله عنه - وابن مسعود فليست في أحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة ولا أعلمه ثابتا عن واحد منهما وقد أخبرنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل أنه سمع قتادة يسأل أنس بن مالك - رحمه الله تعالى - عنه عن القطع فقال: حضرت أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قطع سارقا في شيء ما يسوى ثلاثة دراهم أو قال: ما يسرني أنه لي بثلاثة دراهم وثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: القطع في ربع دينار فصاعدا وهو مكتوب في كتاب السرقة.
    (قال) : وإذا شهد الشاهدان على رجل بالسرقة والمسروق منه غائب فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا أقبل الشهادة والمسروق منه غائب أرأيت لو قال: لم يسرق مني شيئا أكنت أقطع السارق وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: أقبل الشهادة عليه وأقطع السارق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد شاهدان على رجل بسرقة والمسروق منه غائب قبلت الشهادة وسألت عن الشهود وأخرت القطع إلى أن يقدم المسروق منه.
    (قال) : وإذا اعترف الرجل بالسرقة مرتين وبالزنا أربع مرات ثم أنكر بعد ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ندرأ عنه الحد فيهما جميعا ونضمنه السرقة وقد بلغنا عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين اعترف عنده ماعز بن مالك وأمر به أن يرجم هرب حين أصابته الحجارة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: فهلا خليتم سبيله» حدثنا بذلك أبو حنيفة - رحمه الله - يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقبل رجوعه فيهما جميعا وأمضي عليه الحد (قال الشافعي) : وإذا أقر الرجل بالزنا أو
    بشرب الخمر أو بالسرقة ثم رجع قبلت رجوعه قبل أن تأخذه السياط أو الحجارة أو الحديد وبعد جاء بسبب أو لم يأت به عير أو لم يعير قياسا على أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ماعز: فهلا تركتموه» وهكذا كل حد لله فأما ما كان للآدميين فيه حق فيلزمه ولا يقبل رجوعه فيه وأغرمه السرقة لأنها حق للآدميين.
    وإذا دخل الرجل من أهل الحرب إلينا بأمان فسرق عندنا سرقة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: يضمن السرقة ولا يقطع لأنه لم يأخذ الأمان لتجري عليه الأحكام وكان ابن أبي ليلى يقول: تقطع يده وبه يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان فسرق ضمن السرقة ولا يقطع ويقال له: ننبذ إليك عهدك ونبلغك مأمنك لأن هذه دار لا يصلح أن يقيم فيها إلا من يجري عليه الحكم (قال الربيع) : لا يقطع إذا كان جاهلا فإن كان عالما قطع (قال الشافعي) : - رحمه الله - لا ينبغي لأحد أن يعطي أحدا أمانا على أن لا يجري عليه حكم الإسلام ما دام مقيما في دار الإسلام.
    [باب القضاء]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أثبت القاضي في ديوانه الإقرار وشهادة الشهود ثم رفع إليه ذلك وهو لا يذكره فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا ينبغي له أن يجيزه وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله - يجيز ذلك وبه يأخذ قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: إن كان يذكره ولم يثبته عنده أجازه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجيزه حتى يثبته عنده وإن ذكره (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا وجد القاضي في ديوانه خطا لا يشك أنه خطه أو خط كاتبه بإقرار رجل لآخر أو بثبت حق عليه بوجه لم يكن له أن يقضي به حتى يذكر منه أو يشهد به عنده كما لا يجوز إذا عرف خطه ولم يذكر الشهادة أن يشهد.
    وإذا جاء رجل بكتاب قاض إلى قاض والقاضي لا يعرف كتابه ولا خاتمه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا ينبغي للقاضي الذي أتاه الكتاب أن يقبله حتى يشهد شاهدا عدل على خاتم القاضي وعلى ما في الكتاب كله إذا قرئ عليه عرف القاضي الكتاب والخاتم أو لم يعرفه ولا يقبله إلا بشاهدين على ما وصفت لأنه حق وهو مثل شهادة على شهادة ثم رجع أبو يوسف - رحمه الله - وقال: لا يقبل الكتاب حتى يشهد الشهود أنه قرأه عليهم وأعطاهم نسخة معهم يحضرونها هذا القاضي مع كتاب القاضي وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا شهدوا على خاتم القاضي قبل ذلك منهم وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الشاهدان على كتاب القاضي إلى القاضي عرف المكتوب إليه كتاب القاضي وخاتمه أو لم يعرفه فهو سواء في الحكم ولا يقبل إلا بشاهدين عدلين يشهدان أن هذا كتاب فلان قاضي بلد كذا إلى فلان قاضي بلد كذا ويشهدان على ما في الكتاب إما بحفظ له وإما بنسخة معهما توافق ما فيه ولا أرى أن يقبله مختوما وهما يقولان: لا ندري ما فيه لأن الخاتم قد يصنع على الخاتم ويبدل الكتاب.
    وإذا قال الخصم للقاضي: لا أقر ولا أنكر فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا أجبره على ذلك ولكنه يدعو المدعي بشهوده بهذا يأخذ (قال) : وكان ابن أبي ليلى لا يدعه حتى يقر أو ينكر وكان أبو يوسف إذا سكت يقول له: احلف مرارا فإن لم يحلف قضى عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تنازع الرجلان وادعى أحدهما على الآخر دعوى فقال المدعى عليه: لا أقر ولا أنكر قيل للمدعي: إن أردت أن نحلفه عرضنا عليه اليمين فإن حلف برئ إلا أن تأتي ببينة وإن نكل قلنا لك
    احلف على دعواك وخذ فإن أبيت لم نعطك بنكوله شيئا دون يمينك مع نكوله.
    وإذا أنكر الخصم الدعوى ثم جاء بشهادة الشهود على المخرج منه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: أقبل ذلك منه وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقبل منه بعد الإنكار مخرجا وتفسير ذلك أن الرجل يدعي قبل الرجل الدين فيقول ماله قبلي شيء فيقيم الطالب البينة على ماله ويقيم الآخر البينة أنه قد أوفاه إياه وقال أبو حنيفة: المطلوب صادق بما قال ليس قبلي شيء وليس قوله هذا بإكذاب لشهوده على البراءة (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ادعى الرجل على الرجل دينا فأنكر المدعى عليه فأقام عليه المدعى بينة فجاء المشهود عليه بمخرج مما شهد به عليه قبلته منه وليس إنكاره الدين إكذابا للبينة فهو صادق لأنه ليس عليه شيء في الظاهر إذا جاء بالمخرج منه ولعله أراد أولا أن يقطع عنه المؤنة.
    وإذا ادعى رجل قبل رجل دعوى فقال: عندي المخرج فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: ليس هذا عندي بإقرار إنما يقول: عندي البراءة وقد تكون عند البراءة من الحق ومن الباطل وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هذا إقرار فإن جاء بمخرج وإلا ألزمه الدعوى وأبو حنيفة يقول: إن لم يأت بالمخرج لم تلزمه الدعوى إلا ببينة (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ادعى الرجل على الرجل حقا فقال المدعى عليه: عندي منها المخرج فسأل المدعي القاضي أن يجعل هذا إقرارا يأخذه به إلا أن يجيء منه بالمخرج فليس هذا بإقرار لأنه قد يكون عنده المخرج بأن لا يقر به ولا يوجد عليه بينة ولا يأخذ المدعي إلا ببينة يثبتها ويقبل من المدعى عليه المخرج وإن شهد عليه.
    قال: وإذا أقر الرجل عند القاضي بشيء فلم يقض به القاضي عليه ولم يثبته في ديوانه ثم خاصمه إليه فيه بعد ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله - قال: إذا ذكر القاضي ذلك أمضاه عليه وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله - يقول لا يمضي ذلك عليه وإن كان ذاكرا له حتى يثبته في ديوانه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقر الرجل عند الحاكم فأثبت الحاكم إقراره في ديوانه أو كان ذاكرا لإقراره ولم يثبت في ديوانه فسواء فإن كان ممن يأخذ بالإقرار عنده أخذه به ولا معنى للديوان إلا الذكر وإذا كان القاضي ذاكرا فسواء كان في الديوان أو لم يكن (قال الربيع) : وكان الشافعي يجيز الإقرار عند القاضي وإنما كره أن يتكلم بإجازته لحال ظلم بعض القضاة.
    [باب الفرية]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال رجل لرجل من العرب: يا نبطي أو لست بني فلان لقبيلة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا حد عليه في ذلك وإنما قوله هذا مثل قوله يا كوفي، يا بصري يا شامي حدثنا أبو يوسف عمن حدثه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس بذلك وأما قوله لست من بني فلان فهو صادق ليس هو من ولد فلان لصلبه وإنما هو من ولد الولد إن القذف ها هنا إنما وقع على أهل الشرك الذين كانوا في الجاهلية وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: فيهما جميعا الحد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال رجل لرجل من العرب: يا نبطي وقفته فإن قال: عنيت نبطي الدار أو نبطي اللسان أحلفته بالله ما أراد أن ينفيه وينسبه إلى النبط فإن حلف نهيته عن أن يقول ذلك القول وأدبته على الأذى وإن أبى أن يحلف أحلفت المقول له لقد أراد نفيك فإذا حلف سألت القائل عمن نفى فإذا قال: ما نفيته ولا قلت ما قال جعلت القذف واقعا على أم المقول له لقد أراد نفيك فإذا حلف سألت القائل عمن نفى فإذا قال: ما نفيته ولا قلت ما قال جعلت القذف واقعا على أم المقول
    له فإن كانت حرة مسلمة حددته إن طلبت الحد فإن عفت فلا حد لها وإن كانت ميتة فلابنها القيام بالحد وإن قال: عنيت بالقذف الأب الجاهلي أحلفته ما عنى به أحدا من أهل الإسلام وعزرته ولم أحده وإن قال: لست من بني فلان لجده ثم قال: إنما عنيت لست من بنيه لصلبه إنما أنت من بني بنيه لم أقبل ذلك منه وجعلته قاذفا لأمه فإن طلبت الحد وهي حرة كان لها ذلك إلا أن يقول: نفيت الجد الأعلى الذي هو جاهلي فأعزره ولا أحده لأن القذف وقع على مشركة. .
    وإذا قال الرجل لرجل: لست ابن فلان وأمه أمة أو نصرانية وأبوه مسلم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا حد على القاذف إنما وقع القذف ها هنا على الأم ولا حد على قاذفها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في ذلك عليه الحد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نفى الرجل الرجل من أبيه وأم المنفي ذمية أو أمة فلا حد عليه لأن القذف إنما وقع على من لا حد له ولكنه ينكل عن أذى الناس بتعزير لا حد.
    قال: وإذا قذف رجل رجلا فقال: يا ابن الزانيين وقد مات الأبوان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إنما عليه حد واحد لأنها كلمة واحدة وبهذا يأخذ قلت: إن فرق القول أو جمعه فهو سواء وعليه حد واحد وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه حدان ويضربه الحدين في مقام واحد وقد فعل ذلك في المسجد (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا قال الرجل للرجل: يا ابن الزانيين وأبواه حران مسلمان ميتان فعليه حدان ولا يضربهما في موقف واحد ولكنه يحد ثم يحبس حتى إذا برأ جلده حد حدا ثانيا وكذلك لو فرق القول أو جمعه أو قذف جماعة بكلمة واحدة أو بكلام متفرق فلكل واحد منهم حده ألا ترى أنه لو قذف ثلاثة بالزنا فلم يطلب واحد الحد وأقر آخر بالزنا حد للطالب الثالث حدا تاما ولو كانوا شركاء في الحد ما كان ينبغي أن يضرب إلا ثلث حد لأن حدين قد سقطا عنه أحدهما باعتراف صاحبه والآخر بترك صاحبه الطلب وعفوه وإذا كان الحد حقا لمسلم فكيف يبطل بحال؟ أرأيت لو قتل رجل ثلاثة أو عشرة معا أما كان عليه لكل واحد منهم دية إن قتلهم خطأ وعليه القود إن قتلهم عمدا ودية لكل من لم يقد منه لأنهم لا يجدون إلى القود سبيلا.
    وإذا قال الرجل للرجل: يا ابن الزانيين أو قالت المرأة للرجل: يا ابن الزانيين والأبوان حيان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كانا حيين بالكوفة لم يكن على قاذفهما الحد إلا أن يأتيا يطلبان ذلك ولا يضرب الرجل حدين في مقام واحد وإن وجبا عليه جميعا وبه يأخذ قال: ولا يكون في هذا أبدا إلا حد واحد وكان ابن أبي ليلى يضربهما جميعا حدين في مقام واحد ويضرب المرأة قائمة ويضربهما حدين في كلمة واحدة ويقيم الحدود في المسجد أظن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: لا ولا يكون على من قذف بكلمة واحدة أو كلمتين أو جماعة أو فرادى إلا حد واحد فإن أخذه بعضهم فحد له كان لجميع ما قذف بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وقال: لا تقام الحدود في المساجد (قال الشافعي) : ولا يقام على رجل حدان وجبا عليه في مقام واحد ولكنه يحد أحدهما ثم يحبس حتى يبرأ ثم يحد الآخر ولا يحد في مسجد، ومن قذف أبا رجل وأبوه حي لم يحد له حتى يكون الأب الذي يطلب وإذا مات كان للابن أن يقوم بالحد وإن كان له عدد بنين فأيهم قام به حد له وقال أبو حنيفة - رحمه الله: لا يضرب الرجل حدين في مقام واحد وإن وجبا عليه جميعا ولكنه يقيم عليه أحدهما ثم يحبس حتى يخف الضرب ثم يضرب الحد الآخر وإنما الحدان في شرب وقذف أو زنا وقذف أو زنا وشرب فأما قذف كله وشرب كله مرارا أو زنا مرارا فإنما عليه حد واحد، قال: ولو كان الأبوان المقذوفان حيين كانا بمنزلة الميتين في قول ابن أبي ليلى وأما في قول أبي حنيفة فلا حق للولد حتى يجيء الوالدان أو أحدهما يطلب قذفه وإنما عليه حد واحد في ذلك كله.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وتضرب الرجال في الحدود قياما وفي التعزير وتترك لهم أيديهم يتقون بها ولا تربط ولا يمدون وتضرب النساء جلوسا: وتضم عليهن ثيابهن ويربطن لئلا ينكشفن ويلين رباط ثيابهن أو تليه منهن امرأة.
    ، وإذا قذف الرجل رجلا ميتا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا يأخذ بحد الميت إلا الولد أو الوالد وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول: يأخذ أيضا الأخ والأخت وأما غير هؤلاء فلا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يأخذ حد الميت ولده وعصبته من كانوا.
    وإذا قذف الرجل امرأته وشهد عليه الشهود بذلك وهو يجحد فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا رفع إلى الإمام خبره حبسه حتى يلاعن وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا جحد ضربته الحد ولا أجبره على اللعان منها إذا جحد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الشاهدان على رجل أنه قذف امرأته مسلمة وطلبت أن يحد لها وجحد شهادتهما قيل له: إن لاعنت خرجت من الحد وإن لم تلاعن حددناك.
    [باب النكاح]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج المرأة بغير مهر مسمى فدخل بها فإن لها مهر مثلها من نسائها لا وكس ولا شطط وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: نساؤها أخواتها وبنات عمها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: نساؤها أمها وخالاتها (قال الشافعي) : وإذا تزوج الرجل المرأة بغير مهر فدخل بها فلها صداق مثلها من نسائها ونساؤها نساء عصبتها الأخوات وبنات العم وليس الأم ولا الخالات إذا لم يكن بنات عصبتها من الرجال ونساؤها اللاتي يعتبر عليها بهن من كان مثلها من أهل بلدها وفي سنها وجمالها ومالها وأدبها وصراحتها لأن المهر يختلف باختلاف هذه الحالات.
    .
    وإذا زوج الرجل ابنته وهي صغيرة ابن أخيه وهو صغير يتيم في حجره فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: النكاح جائز وله الخيار إذا أدرك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجوز ذلك عليه حتى يدرك ثم رجع أبو يوسف وقال إذا زوج الولي فلا خيار وهو مثل الأب (قال الشافعي) : - رحمه الله - ولا يجوز نكاح الصغار من الرجال ولا من النساء إلا أن يزوجهن الآباء والأجداد إذا لم يكن لهن آباء وإذا زوجهن أحد سواهم فالنكاح مفسوخ ولا يتوارثان فيه وإن كبرا فإن دخل عليها فأصابها فلها المهر ويفرق بينهما ولو طلقها قبل أن يفسخ النكاح لم يقع طلاقه ولا ظهاره ولا إيلاؤه لأنها لم تكن زوجة قط.
    وإذا تزوج الرجل المرأة وامرأة أبيها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: هو جائز بلغنا ذلك عن عبد الله بن جعفر أنه فعل ذلك وبه يأخذ تزوج عبد الله بن جعفر امرأة علي - رضي الله عنه - وابنته جميعا، وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجوز النكاح وقال: كل امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يحل لها نكاح صاحبتها فلا ينبغي للرجل أن يجمع بينهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا بأس أن يجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها (قال الشافعي) : فإن قال قائل: لم زعمت أن الآباء يزوجون الصغار قيل: «زوج أبو بكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة وهي بنت ست أو سبع وبنى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت تسع» فالحالان اللذان كان فيهما النكاح والدخول كانا وعائشة صغيرة ممن لا أمر لها في نفسها وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته صغيرة فإن قال قائل فإذا: أجزت هذا للآباء ولم تلتفت إلى القياس في أنه لا يجوز أن يعقد على حرة صغيرة نكاح ثم يكون لها الخيار لأن أصل النكاح لا يجوز أن يكون فيه خيار إلا في الإماء إذا تحولت حالهن والحرائر لا تحول حالهن ولا يجوز أن يعقد




  4. #304
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (304)
    صــــــــــ 164 الى صـــــــــــ 170



    عليهن ما لهن منه بد ثم يلزمهن فكيف لم تجعل الأولياء قياسا على الآباء؟ قيل: لافتراق الآباء والأولياء وأن الأب يملك من العقد على ولده ما لا يملكه منه غيره ألا ترى أنه يعقد على البكر بالغا ولا يرد عنها وإن كرهت ولا يكون ذلك للعم ولا للأخ ولا ولي غيره فإن قال قائل: فإنا لا نجيز للأب أن يعقد على البكر بالغا ونجعله فيها وفي الثيب مثل غيره من الأولياء قيل: فأنت تجعل قبضه لمهر البكر قبضا ولا تجعل ذلك لولي غيره إلا وصي بمال وتجعل عقده عليها صغيرة جائزا لا خيار لها فيه وتجعل لها الخيار إن عقد عليها ولي غيره ولو كان مثل سائر الأولياء ما كنت قد فرقت بينه وبين الأولياء وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
    وإذا نظر الرجل إلى فرج المرأة من شهوة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: تحرم على ابنه وعلى أبيه وتحرم عليه أمها وابنتها بلغنا ذلك عن إبراهيم وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه خلا بجارية له فجردها وأن ابنا له استوهبها منه فقال له: إنها لا تحل لك وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه قال ملعون من نظر إلى فرج وأمها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يحرم من ذلك شيء ما لم يلمسه.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا لمس الرجل الجارية حرمت على أبيه وابنه ولا تحرم عليه بالنظر دون اللمس.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا بأس أن يتزوج الرجل ابنة الرجل وامرأة الرجل فيجمع بينهما لأن الله عز وجل إنما حرم الجمع بين الأختين وهاتان ليستا بأختين وحرم الأم والبنت إحداهما بعد الأخرى وهذه ليست بأم ولا بنت وقد جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة علي - رضي الله عنه - وابنته وعبد الله بن صفوان بين امرأة رجل وابنته.
    وإذا نظر الرجل إلى فرج أمته من شهوة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا تحل لأبيه ولا لابنه ولا تحل له أمها ولا بنتها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رضي الله عنه - يقول: هي له حلال حتى يلمسها.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرم بالحلال والحرام ضد الحلال، وهذا مكتوب في كتاب النكاح من أحكام القرآن.
    وإذا تزوج الرجل المرأة بشاهدين من غير أن يزوجها ولي والزوج كفؤ لها فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: النكاح جائز ألا ترى أنها لو رفعت أمرها إلى الحاكم وأبى وليها أن يزوجها كان للحاكم أن يزوجها ولا يسعه إلا ذلك ولا ينبغي له غيره فكيف يكون ذلك من الحاكم والولي جائزا ولا يجوز ذلك منها وهي قد وضعت نفسها في الكفاءة بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أن امرأة زوجت ابنتها فجاء أولياؤها فخاصموا الزوج إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فأجاز علي النكاح وكان ابن أبي ليلى لا يجيز ذلك وقال أبو يوسف: هو موقوف وإن رفع إلى الحاكم وهو كفء أجزت ذلك كأن القاضي ها هنا ولي بلغه أن ابنته قد تزوجت فأجاز ذلك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : كل نكاح بغير ولي فهو باطل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا» .
    وإذا تزوج الرجل المرأة فأعلن المهر وقد كان أسر قبل ذلك مهرا وأشهد شهودا عليه وأعلم الشهود أن المهر الذي يظهره فهو كذا وكذا سمعة يسمع بها لقوم وأن أصل المهر هو كذا وكذا الذي في السر ثم تزوج فأعلن الذي قال فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: المهر هو الأول وهو المهر الذي في السر والسمعة باطل الذي أظهر للقوم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: السمعة هي المهر والذي أسر باطل أبو يوسف عن مطرف عن عامر قال: إذا أسر الرجل مهرا وأعلن أكثر من ذلك أخذ بالعلانية أبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح وإبراهيم مثله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج الرجل امرأة بمهر علانية وأسر قبل ذلك مهرا أقل منه فالمهر مهر العلانية الذي وقعت عليه عقدة النكاح إلا أن يكون شهود المهرين واحدا فيثبتون على أن المهر مهر السر وأن المرأة والزوج عقدا النكاح عليه وأعلنا الخطبة بمهر غيره أو
    يشهدون أن المرأة بعد العقد أقرت بأن ما شهد لها به منه سمعة لا مهر.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدي عدل ورضا المنكوحة والناكح إلا في الأمة فإن سيدها يزوجها والبكر فإن أباها يزوجها ومن لم يبلغ فإن الآباء يزوجونهم وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
    (قال) : وإذا زوج الرجل ابنته وقد أدركت فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كرهت ذلك لم يجز النكاح عليها لأنها قد أدركت وملكت أمرها فلا تكره على ذلك، بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها» فلو كانت إذا كرهت أجبرت على ذلك لم تستأمر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: النكاح جائز عليها وإن كرهت.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إنكاح الأب خاصة جائز على البكر بالغة وغير بالغة والدلالة على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها» ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما فجعل الأيم أحق بنفسها وأمر في هذه بالمؤامرة والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وآمروا النساء في بناتهن» ولقول الله عز وجل {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: ١٥٩] ولو كان الأمر فيهن واحدا لقال: الأيم والبكر أحق بنفسيهما وهذا كله مستقصى بحججه في كتاب النكاح.
    وإذا تزوج الرجل المرأة ثم اختلفا في المهر فدخل بها وليس بينهما بينة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك: لها مهر مثلها إلا أن يكون ما ادعت أقل من ذلك فيكون لها ما ادعت، وكان ابن أبي ليلى يقول: إنما لها ما سمى لها الزوج وليس لها شيء غير ذلك وبه يأخذ ثم قال أبو يوسف بعد أن أقر الزوج بما يكون مهر مثلها أو قريبا منه قبل منه وإلا لم يقبل منه.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج الرجل المرأة دخل بها أو لم يدخل فاختلفا في المهر تحالفا وكان لها مهر مثلها كان أقل مما ادعت أو أقل مما أقر به الزوج أو أكثر كالقول في البيوع الفائتة إلا أنا لا نرد العقد في النكاح بما يرد به العقد في البيوع ونحكم له حكم البيوع الفائتة لأن البيوع الفائتة يحكم فيها بالقيمة وهذا يحكم فيه بالقيمة والقيمة فيه مهر مثلها كما هي في البيوع قيمة مثل السلعة.
    وإذا أعتقت الأمة وزوجها حر فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يجعل لها الخيار إن شاءت اختارت نفسها وإن شاءت أقامت مع زوجها وكان ابن أبي ليلى يقول: لا خيار لها ومن حجة ابن أبي ليلى في بريرة أنه يقول: كان زوجها عبدا ومن حجة أبي حنيفة في ذلك أنه يقول: إن الأمة لا تملك نفسها ولا نكاحها وقد بلغنا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خير بريرة حين عتقت» وقد بلغنا عن عائشة - رضي الله عنها - أن زوج بريرة كان حرا.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعتقت الأمة فإن كانت تحت عبد فلها الخيار وإن كانت تحت حر فلا خيار لها وذلك أن زوج بريرة كان عبدا وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
    وإذا تزوجت وزوجها غائب كان قد نعي إليها فولدت من زوجها الآخر ثم جاء زوجها الأول فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: الولد للأول وهو صاحب الفراش وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الولد للفراش وللعاهر الحجر» وكان ابن أبي ليلى يقول: الولد للآخر لأنه ليس بعاهر والعاهر الزاني لأنه متزوج وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبه يأخذ.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا بلغ المرأة وفاة زوجها فاعتدت ثم نكحت فولدت أولادا ثم جاء زوجها المنعى حيا فسخ النكاح الآخر واعتدت منه وكانت زوجة الأول كما هي وكان الولد للآخر لأنه نكحها نكاحا حلالا في الظاهر حكمه حكم الفراش.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا لمس الرجل الجارية: حرمت على أبيه وابنه ولا تحرم على أبيه وابنه بالنظر دون اللمس.
    [باب الطلاق]
    قال أبو يوسف عن الأشعث بن سوار عن الحكم عن إبراهيم عن ابن مسعود أنه كان يقول: في الحرام إن نوى يمينا فيمين وإن نوى طلاقا فطلاق وهو ما نوى من ذلك وإذا قال الرجل: كل حل علي حرام فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: القول قول الزوج فإن لم يعن طلاقا فليس بطلاق وإنما هي يمين يكفرها وإن عنى الطلاق ونوى ثلاثا فثلاث وإن نوى واحدة فواحدة بائنة وإن نوى طلاقا ولم ينو عددا فهي واحدة بائنة وكذلك إذا قال لامرأته: هي علي حرام وكذلك إذا قال لامرأته: خلية أو برية أو بائن أو بتة فالقول قول الزوج وهو ما نوى إن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فثلاث بلغنا ذلك عن شريح وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة وإن لم ينو طلاقا فليس بطلاق غير أن عليه اليمين ما نوى طلاقا وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في جميع ما ذكرت هي ثلاث تطليقات لا ندينه في شيء منها ولا نجعل القول قوله في شيء من ذلك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام فإن نوى طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق والقول في ذلك قوله مع يمينه وإن لم يرد طلاقا فليس بطلاق ويكفر كفارة يمين قياسا على الذي يحرم أمته فيكون عليه فيها الكفارة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم أمته فأنزل الله عز وجل {لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك} [التحريم: ١] وجعلها الله يمينا فقال {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: ٢] . .
    وإذا قال الرجل لامرأته: أمرك في يدك فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كان الزوج نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن كان نوى واحدة فهي واحدة بائنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هي ثلاث ولا يسأل الزوج عن شيء (قال الشافعي) : وإذا خير الرجل امرأته أو ملكها أمرها فطلقت نفسها تطليقة فهو يملك الرجعة فيها كما يملكها لو ابتدأ طلاقها، وكان أبو حنيفة يقول: في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فلا شيء وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إن اختارت نفسها فواحدة يملك بها الرجعة وإن اختارت زوجها فلا شيء. .
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق أنت طالق بانت بالأولى ولم يكن عليها عدة فتلزمها الثنتان وإنما أحدث كل واحدة منهما لها وهي بائن منه حلال لغيره وهكذا قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
    وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق طلقت بالتطليقة الأولى ولم يقع عليها التطليقتان الباقيتان وهذا قول أبي حنيفة بلغنا عن عمر بن الخطاب وعن علي وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وإبراهيم بذلك لأن امرأته ليست عليها عدة فقد بانت منه بالتطليقة الأولى وحلت للرجال ألا ترى أنها لو تزوجت بعد التطليقة الأولى قبل أن يتكلم بالثانية زوجا كان نكاحها جائزا فكيف يقع عليها الطلاق وهي ليست بامرأته وهي امرأة غيره وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليها الثلاث التطليقات إذا كانت من الرجل في مجلس واحد على ما وصفت لك.
    وإذا شهد شاهد على رجل أنه طلق امرأته واحدة وشهد آخر أنه طلقها اثنتين فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: شهادتهما باطلة لأنهما قد اختلفا وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها من ذلك تطليقة لأنهما قد اجتمعا عليها وبهذا يأخذ.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الرجل أنه سمع رجلا يقول لامرأته: أنت طالق واحدة وشهد آخر أنه سمعه يقول: لها أنت طالق ثنتين فهذه شهادة مختلفة فلا تجوز ولو شهدا فقالا: نشهد أنه طلق امرأته وقال أحدهما: قد أثبت الطلاق ولم أثبت عدده وقال الآخر: قد أثبت
    الطلاق وهو ثنتان لزمته واحدة لأنهما يجتمعان عليها.
    وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا وقد دخل بها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك: لها السكنى والنفقة حتى تنقضي عدتها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها السكنى وليس لها النفقة وقال أبو حنيفة: لم؟ وقد قال الله عز وجل في كتابه {فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: ٦] وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه جعل للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا ولا حبل بها فلها السكنى وليس لها نفقة وهذا مكتوب في كتاب الطلاق.
    وإذا آلى الرجل من امرأته فحلف لا يقربها شهرا أو شهرين أو ثلاثا لم يقع عليه بذلك إيلاء ولا طلاق لأن يمينه كانت على أقل من أربعة أشهر حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو قول أبي حنيفة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو مول منها إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء والإيلاء تطليقة بائنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل لا يطأ امرأته أربعة أشهر أو أقل لم يقم عليه حكم الإيلاء لأن حكم الإيلاء إنما يكون بعد مضي الأربعة الأشهر فيوم يكون حكم الإيلاء يكون الزوج لا يمين عليه وإذا لم يكن عليه يمين فليس عليه حكم الإيلاء وهكذا مكتوب في كتاب الإيلاء.
    وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته في هذا البيت أربعة أشهر فتركها أربعة أشهر فلم يقربها فيه ولا في غيره فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: ليس عليه في هذا إيلاء ألا ترى أن له أن يقربها في غير ذلك البيت ولا تجب عليه الكفارة وإنما الإيلاء كل يمين تمنع الجماع أربعة أشهر لا يستطيع أن يقربها إلا أن يكفر يمينه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في هذا هو مول إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء والإيلاء تطليقة بائنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته في هذا البيت أو في هذه الغرفة أو في موضع يسميه فليس على هذا حكم الإيلاء إنما حكم الإيلاء على من كان لا يصل إلى أن يصيب امرأته بحال إلا لزمه الحنث فأما من يقدر على إصابة امرأته بلا حنث فلا حكم للإيلاء عليه.
    وإذا ظاهر الرجل من امرأته فقال: أنت علي كظهر أمي يوما أو وقت وقتا أكثر من ذلك فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: هو مظاهر منها لا يقربها في ذلك الوقت حتى يكفر كفارة الظهار فإذا مضى ذلك الوقت سقطت عنه الكفارة وكان له أن يقربها بغير كفارة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو مظاهر منها أبدا وإن مضى ذلك الوقت فهو مظاهر لا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ظاهر الرجل من امرأته يوما فأراد أن يقربها في ذلك اليوم كفر كفارة الظهار وإن مضى ذلك اليوم ولم يقربها فيه فلا كفارة للظهار عليه كما قلنا في المسألة في الإيلاء إذا سقطت اليمين سقط حكم اليمين والظهار يمين لا طلاق.
    وإذا ارتد الزوج عن الإسلام وكفر فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: بانت منه امرأته إذا ارتد لا تكون مسلمة تحت كافر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هي امرأته على حالها حتى يستتاب فإن تاب فهي امرأته وإن أبى قتل وكان لها ميراثها منه (قال الشافعي) : - رحمه الله: وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فنكاح امرأته موقوف فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح الأول وإن انقضت عدتها قبل رجوعه إلى الإسلام فقد بانت منه والبينونة فسخ بلا طلاق وإن رجع إلى الإسلام فخطبها لم يكن هذا طلاقا وهذا مكتوب في كتاب المرتد (قال) : وإذا رجعت المرأة من أهل الإسلام إلى الشرك كان هذا والباب الأول سواء في قولهما جميعا غير أن أبا حنيفة كان يقول: يعرض على المرأة الإسلام فإن أسلمت خلي سبيلها وإن أبت حبست في السجن حتى تتوب ولا تقتل بلغنا ذلك عن ابن عباس
    رضي الله عنهما - وكان ابن أبي ليلى يقول: إن لم تتب قتلت وبه يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وكيف تقتل وقد «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء في الحروب من أهل الشرك» فهذه مثلهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام فلا فرق بينها وبين الرجل تستتاب فإن تابت وإلا قتلت كما يصنع بالرجل فخالفنا في هذا بعض الناس فقال: يقتل الرجل إذا ارتد ولا تقتل المرأة واحتج بشيء رواه عن ابن عباس لا يثبت أهل الحديث مثله وقد روي شبيه بذلك الإسناد عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فلم نر أن نحتج به إذا كان إسناده مما لا يثبته أهل الحديث واحتج من خالفنا بأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء في دار الحرب» وقال: إذا نهى عن قتل المشركات اللاتي لم يؤمن فالمؤمنة التي ارتدت عن الإسلام أولى أن لا تقتل قيل لبعض من يقول هذا القول: قد رويت أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الكبير الفاني وعن قتل الأجير» ورويت أن أبا بكر الصديق نهى عن قتل الرهبان أفرأيت إن ارتد شيخ فان أو أجير أتدع قتلهما أو ارتد رجل راهب أتدع قتله؟ قال: لا قيل: ولم؟ ألأن حكم القتل على الردة حكم قتل حد لا يسع الوالي تعطيله مخالف لحكم قتل المشركين في دار الحرب؟ قال: نعم قلت: فكيف احتججت بحكم دار الحرب في قتل المرأة ولم تره حجة في قتل الكبير الفاني والأجير والراهب ثم قلت لنا: أن ندع أهل الحرب بعد القدرة عليهم ولا نقتلهم وليس لنا أن ندع مرتدا فكيف ذهب عليك افتراقهما في المرأة فإن المرأة تقتل حيث يقتل الرجل في الزنا والقتل؟ .
    وإذا قال الرجل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإن أبا حنيفة كان يقول: هو كما قال وأي امرأة تزوجها فهي طالق واحدة وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يقع عليه الطلاق لأنه عمم فقال: كل امرأة أتزوجها فإذا سمى امرأة مسماة أو مصرا بعينه أو جعل ذلك إلى أجل فقولهما فيه سواء ويقع به الطلاق (قال الربيع) : للشافعي فيه جواب (قال) : وإذا قال الرجل لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق أو قال: إذا تزوجت إلى كذا وكذا من الأجل امرأة فهي طالق أو قال: كل امرأة أتزوجها من قرية كذا وكذا فهي طالق أو من بني فلان فهي طالق فهما جميعا كانا يقولان إذا تزوج تلك فهي طالق وإن دخل بها فإن أبا حنيفة كان يقول: لها مهر ونصف مهر مهر بالدخول ونصف مهر بالطلاق الذي وقع عليها قبل الدخول وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها نصف مهر ويفرق بينهما في قولهما جميعا.
    (قال) : وإذا قذف الرجل امرأته وقد وطئت وطئا حراما قبل ذلك فإن أبا حنيفة كان يقول: لا حد عليه ولا لعان وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه الحد. ولو قذفها غير زوجها لم يكن عليه حد في قول أبي حنيفة وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه الحد ينبغي في قول ابن أبي ليلى أن يكون مكان الحد اللعان (قال الشافعي) : وإذا وطئت المرأة وطئا حراما مما يدرأ عنها الحد فيه ثم قذفها زوجها سئل فإن قذفها حاملا وانتفى من ولدها لوعن بينهما لأن الولد لا ينفى إلا بلعان وإن قذفها غير حامل بالوطء الأول أو بزنا غيره فلا حد عليه وعليه التعزير، وكذلك إن قذفها بأجنبي فقال: عنيت ذلك الوطء الذي هو محرم فلا حد عليه وعليه التعزير.
    وإذا قال الرجل لامرأته: لا حاجة لي فيك فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس هذا بطلاق وإن أراد به الطلاق وبه يأخذ وقال أبو حنيفة: وكيف يكون هذا طلاقا وهو بمنزلة لا أشتهيك ولا أريدك ولا أهواك ولا أحبك؟ فليس في شيء من هذا طلاق (قال الشافعي) : وإذا قال الرجل لامرأته لا حاجة لي فيك فإن قال: لم أرد طلاقا فليس بطلاق وإن قال: أردت طلاقا فهو طلاق وهي واحدة إلا أن يكون أراد أكثر منها ولا يكون طلاقا إلا أن يكون أراد به إيقاع طلاق فإن كان إنما قال: لا حاجة لي فيك سأوقع عليك الطلاق فلا طلاق حتى يوقعه
    بطلاق غير هذا.
    وإذا قذف الرجل وهو عبد امرأته وهي حرة وقد أعتق نصف العبد أحد الشريكين وهو يسعى للآخر في نصف قيمته فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: هو عبد ما بقي عليه شيء من السعاية وعليه حد العبد وكان ابن أبي ليلى يقول: هو حر وعليه اللعان وبه يأخذ، وكذلك لو شهد شهادة أبطلها أبو حنيفة وأجازها ابن أبي ليلى (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويحد العبد والأمة في كل شيء حد العبد والأمة حتى تكمل فيهما جميعا الحرية ولو بقي سهم من ألف سهم فهو رقيق (قال الشافعي) : وكذلك لا يحد له حتى تكمل فيه الحرية ولا يقص له من جرح حتى يستكمل العبد الحرية، ولو قذف رجل هذا العبد الذي يسعى في نصف قيمته لم يكن عليه حد في قول أبي حنيفة لأنه بمنزلة العبد وكان على قاذفه الحد في قول ابن أبي ليلى وبه يأخذ، ولو قطع هذا العبد يد رجل متعمدا لم يكن عليه القصاص في قول أبي حنيفة وبه يأخذ وهو بمنزلة العبد وكان عليه القصاص في قول ابن أبي ليلى وهو بمنزلة الحر في كل قليل أو كثير أو حد أو شهادة أو غير ذلك وهو في قول أبي حنيفة بمنزلة العبد ما دام عليه درهم من قيمته وكذلك هو في قولهما جميعا لو أعتق جزءا من مائة جزء أو بقي عليه جزء من مائة جزء من كتابته إن شاء الله تعالى.
    وإذا كانت أمة بين اثنين ولها زوج عبد أعتقها أحد موليها وقضى عليها بالسعاية للآخر لم يكن لها خيار في النكاح في قول أبي حنيفة حتى تفرغ من السعاية وتعتق وكان لها الخيار في قول ابن أبي ليلى يوم يقع العتق عليها وبه يأخذ، ولو طلقت يومئذ كانت عدتها وطلاقها في قول أبي حنيفة عدة أمة وطلاق أمة وكانت عدتها وطلاقها في ابن أبي ليلى عدة حرة وطلاق حرة ولو لم يكن لها زوج وأرادت أن تتزوج لم يكن لها ذلك حتى يأذن الذي له عليها السعاية فهي في قول أبي حنيفة بمنزلة الأمة وفي قول ابن أبي ليلى بمنزلة الحرة.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت أمة تحت عبد لم يكن لها الخيار حتى تكمل فيها الحرية فيوم تكمل فيها الحرية فلها الخيار فإن طلقت وهي لم تكمل فيها الحرية كانت عدتها عدة أمة وحكمها في كل شيء حكم أمة.
    وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء فلان وفلان غائب لا يدرى أحي هو أو ميت أو فلان ميت قد علم بذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا يقع عليها الطلاق وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها الطلاق قال أبو حنيفة: وكيف يقع عليها الطلاق ولم يشأ فلان؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء فلان وفلان ميت قبل ذلك أو مات فلان بعدما قال ذلك وقبل أن يشاء فلا تكون طالقا أبدا بهذا الطلاق إذ لو كان فلان حاضرا حيا ولم يشأ لم تطلق وإنما يتم الطلاق بمشيئته فإذا مات قبل أن يشاء علمنا أنه لا يشاء أبدا ولم يشأ قبل فتطلق بمشيئته.
    وإذا قذف الرجل امرأته وقامت لها البينة وهو يجحد فإن أبا حنيفة كان يقول: يلاعن وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يلاعن ويضرب الحد.
    وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال له مولاه: طلقها فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس هذا بإقرار بالنكاح إنما أمره بأن يفارقها فكيف يكون هذا إقرارا بالنكاح وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هذا إقرار بالنكاح (قال الشافعي) : وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال له مولاه: طلقها فليس هذا بإقرار بالنكاح من مولاه في قول من يقول: إن أجازه مولاه فالنكاح يجوز وأما في قولنا فلو أجازه له المولى لم يجز لأن أصل ما نذهب إليه أن كل عقدة نكاح وقعت والجماع لا يحل أن يكون فيها أو لأحد فسخها فهي فاسدة لا نجيزها إلا أن تجدد ومن أجازها بإجازة أحد بعدها فإن لم يجزها كانت مفسوخة دخل عليه أن يجيز أن ينكح الرجل المرأة على أنه بالخيار وعلى أنها بالخيار والخيار لا يجوز عنده في النكاح كما يجوز في البيوع.
    وإذا طلق الرجل امرأته
    بائنة فأراد أن يتزوج في عدتها خامسة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا أجيز ذلك وأكرهه له وكان ابن أبي ليلى يقول: هو جائز وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا فارق الرجل امرأته بخلع أو فسخ نكاح كان له أن ينكح أربعا وهي في العدة وكان له إن كان لا يجد طولا لحرة وخاف العنت على نفسه أن ينكح أمة مسلمة لأن المفارقة التي لا رجعة له عليها غير زوجة.
    وإذا طلق الرجل امرأة ثلاثا وهو مريض فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: إن مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها منه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها الميراث ما لم تتزوج (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا أو تطليقة لم يكن بقي له عليها غيرها وهو مريض ثم مات بعد انقضاء عدتها فإن عامة أصحابنا يذهبون إلى أن لها منه الميراث ما لم تتزوج وقد خالفنا في هذا بعض الناس بأقاويل فقال أحدهم: لا يكون لها الميراث في عدة ولا في غير عدة وهذا قول ابن الزبير وقال غيره: هي ترثه ما لم تنقض العدة ورواه عن عمر بإسناد لا يثبت مثله عند أهل العلم بالحديث وهو مكتوب في كتاب الطلاق وقال غيره: ترثه وإن تزوجت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا ترث مبتوتة في عدة كانت أو غير عدة وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن طلق امرأته إن شاء الله على أنها لا ترث وأجمع المسلمون أنه إذا طلقها ثلاثا ثم آلى منها لم يكن موليا وإن تظاهر لم يكن متظاهرا وإذا قذفها لم يكن له أن يلاعنها ويبرأ من الحد وإن ماتت لم يرثها فلما أجمعوا جميعا أنها خارجة من معاني الأزواج لم ترثه.
    وإذا طلق الرجل امرأته في صحته ثلاثا فجحد ذلك الزوج وادعته عليه المرأة ثم مات الرجل بعد أن استحلفه القاضي فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: لا ميراث لها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها الميراث إلا أن تقر بعد موته أنه كان طلقها ثلاثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثا ألبتة فأحلفه القاضي بعد إنكاره وردها عليه ثم مات لم يحل لها أن ترث منه شيئا إن كانت تعلم أنها صادقة ولا في الحكم بحال لأنها تقر أنها غير زوجة فإن كانت تعلم أنها كاذبة حل لها فيما بينها وبين الله أن ترثه.
    وإذا خلا الرجل بامرأته وهي حائض أو وهي مريضة ثم طلقها قبل أن يدخل بها.
    فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لها نصف المهر وبه يأخذ: وكان ابن أبي ليلى يقول: لها المهر كاملا.
    وإذا قال الرجل لامرأته: إن ضممت إليك امرأة فأنت طالق واحدة فطلقها فبانت منه وانقضت العدة ثم تزوج امرأة أخرى ثم تزوج تلك المرأة التي حلف عليها فإن أبا حنيفة كان يقول: لا يقع عليها الطلاق من قبل أنه لم يضمها إليها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها الطلاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: إن ضممت إليك امرأة فأنت طالق ثلاثا فطلقها وانقضت عدتها ثم نكح غيرها ثم نكحها بعد نكاحا جديدا فلا طلاق عليها وهو لم يضم إليها امرأة إنما ضمها هي إلى امرأة.
    وإذا قال الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها على مهر مسمى ودخل بها فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: هي طالق واحدة بائنة وعليها العدة ولها مهر ونصف، نصف من ذلك بالطلاق ومهر بالدخول وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها نصف مهر بالطلاق وليس لها بالدخول شيء ومن حجته في ذلك أن رجلا آلى من امرأته فقدم بعد أربعة أشهر فدخل بامرأته ثم أتى ابن مسعود فأمره أن يخطبها فخطبها وأصدقها صداقا مستقبلا ولم يبلغنا أنه جعل في ذلك الوطء صداقا ومن حجة أبي حنيفة أنه قال: قد وقع الطلاق قبل الجماع فوجب لها نصف المهر وجامعها بشبهة فعليه المهر ولو لم أجعل عليه الحد وقال أبو حنيفة: كل جماع يدرأ فيه الحد ففيه صداق لا بد من الصداق إذا درأت الحد وجب الصداق وإذا لم أجعل الصداق




  5. #305
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (305)
    صــــــــــ 171 الى صـــــــــــ 177





    فلا بد من الحد قال أبو يوسف حدثني محدث عن حماد عن إبراهيم أنه قال فيه: لها مهر ونصف مهر مثل قول أبي حنيفة.
    وإذا قال الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله فدخلت الدار فإن أبا حنيفة وابن أبي ليلى قالا: لا يقع الطلاق ولو قال: أنت طالق إن شاء الله ولم يقل إن دخلت الدار فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: لا يقع الطلاق وقال: هذا والأول سواء وبه يأخذ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في ذلك: لا يقع الطلاق ولا العتاق وأخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: لا يقع الطلاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى فلا طلاق ولا عتاق.
    وإذا طلق الرجل امرأته واحدة فانقضت عدتها فتزوجت زوجا ودخل بها ثم طلقها ثم تزوجها الأول فإن أبا حنيفة قال: هي على الطلاق كله وبه يأخذ وقال ابن أبي ليلى: هي على ما بقي (قال الشافعي) : وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فانقضت عدتها ونكحت زوجا غيره ثم أصابها ثم طلقها أو مات عنها فانقضت عدتها فنكحت الزوج الأول فهي عنده على ما بقي من الطلاق يهدم الزوج الثاني الثلاث ولا يهدم الواحدة ولا الثنتين وقولنا هذا قول عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعدد من كبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خالفنا في بعض هذا بعض الناس فقال: إذا هدم الزوج ثلاثا هدم واحدة واثنتين واحتج بقول ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وسألنا فقال: من أين زعمتم أن الزوج يهدم الثلاث ولا يهدم ما هو أقل منها؟ قلنا: زعمناه بالأمر الذي لا ينبغي لأحد أن يدفعه قال وما هو؟ قلنا: حرمها الله بعد الثلاث حتى تنكح زوجا غيره وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل أن النكاح الذي أحلها الله به بعد الثلاث إصابة الزوج وكانت محرمة قبل الزوج لا تحل بحال إلا بالزوج فكان للزوج حكم هدم الثلاث لهذا المعنى وكانت في الواحدة والثنتين حلالا فلم يكن للزوج ها هنا حكم فزعمنا أنه يهدم حيث كانت لا تحل له إلا به وكان حكمه قائما ولا يهدم حيث لا حكم له وحيث كانت حلالا بغيره وكان أصل المعقول أن أحدا لا يحل له بفعل غيره شيء فلما أحل الله له بفعل غيره أحللنا له حيث أحل الله له ولم يجز أن نقيس عليه ما خالفه لو كان الأصل للمعقول فيه وقد رجع إلى هذا القول محمد بن الحسن بعدما كان يقول بقول أبي حنيفة؛ والله أعلم.
    [باب الحدود]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقيم الحد على البكر وجلد مائة جلدة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا أنفيه من قبل أنه بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه نهى عن ذلك وقال كفى بالنفي فتنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ينفى سنة إلى بلد غير البلد الذي فجر به وروي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما - (قال الشافعي) : وينفى الزانيان البكران من موضعهما الذي زنيا به إلى بلد غيره بعد ضرب مائة وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاني ونفى أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم - وقد خالف هذا بعض الناس وهذا مكتوب في كتاب الحدود بحججه.
    وإذا زنى المشركان وهما ثيبان فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: ليس على واحد منهما الرجم وكان ابن أبي ليلى يقول: عليهما الرجم ويروى ذلك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم يهوديا ويهودية» وبه يأخذ
    أبو يوسف قال أبو حنيفة: لا تقام
    الحدود في المساجد وروي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: نقيم الحدود في المساجد وقد فعل ذلك.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تحاكم إلينا أهل الكتاب ورضوا أن نحكم بينهم فترافعوا في الزنا وأقروا به رجمنا الثيب وضربنا البكر مائة ونفيناه سنة وقد «رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهوديين زنيا» وهو معنى كتاب الله تبارك وتعالى فإن الله عز وجل: يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: ٤٢] وقال {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٩] ولا يجوز أن يحكم بينهم في شيء من الدنيا إلا بحكم المسلمين لأن حكم الله واحد لا يختلف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا تقام الحدود في المساجد. .
    وإذا وطئ الرجل جارية أمه فقال: ظننت أنها تحل لي فإن أبا حنيفة كان يقول: يدرأ عنه الحد فإذا أقر بذلك في مقام واحد أربع مرات لم يحد وبه يأخذوا عليه المهر وقال ابن أبي ليلى وأنا أسمع أقر عندي رجل أنه وطئ جارية أمه فقال له وطئتها؟ قال: نعم فقال له أوطئتها؟ قال: نعم فقال له أوطئتها؟ قال نعم قال له الرابعة: وطئتها؟ قال: نعم قال ابن أبي ليلى: فأمرت به فجلد الحد وأمرت الجلواز فأخذه بيده فأخرجه من باب الجسر نفيا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل جارية أمه وقال ظننتها تحل لي أحلف ما وطئها إلا وهو يراها حلالا ثم درئ عنه الحد وأغرم المهر فإن قال: قد علمت أنها حرام علي قبل الوطء ثم وطئتها حد ولا يقبل هذا إلا ممن أمكن فيه أنه يجهل مثل هذا فأما من أهل الفقه فلا قال أبو حنيفة: ليس ينبغي للحاكم أن يقول له: أفعلت ولا نوجب عليه الحد بإقرار أربع مرات في مقام واحد ولو قال: وطئت جارية أمي في أربعة مواطن لم يكن عليه حد لأن الوطء قد يكون حلالا وحراما فلم يقر هذا بالزنا، والله أعلم.
    [اختلاف علي وعبد الله بن مسعود في أبواب الوضوء والغسل والتيمم]
    اختلاف علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - أبواب الوضوء والغسل والتيمم.
    (أخبرنا الربيع بن سليمان) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن شعبة عن عمرو بن مرة عن زاذان قال: سأل رجل عليا - رضي الله عنه - عن الغسل فقال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا الغسل الذي هو الغسل قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر وهم لا يرون شيئا من هذا واجبا، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن خالد عن أبي إسحاق أن عليا - رضي الله عنه - قال: في التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين هكذا يقولون ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين.
    باب الوضوء (قال الشافعي) : أخبرنا ابن عيينة عن أبي السوداء عن ابن عبد خبير عن أبيه قال: «توضأ علي - رضي الله تعالى عنه - فغسل ظهر قدميه وقال: لولا أنى رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح ظهر قدميه لظننت أن باطنهما أحق» ، أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - بال ثم توضأ ومسح على النعلين ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلى ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن زيد بن وهب أنه رأى عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك ابن مهدي عن سفيان عن الزبير بن عدي عن أكتل بن سويد بن غفلة أن عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك محمد بن عبيد عن محمد بن أبي إسماعيل عن معقل الخثعمي
    أن عليا فعل ذلك.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولسنا ولا إياهم ولا أحد نعلمه يقول بهذا من المفتين خالد بن عبد الله الواسطي عن عطاء بن السائب عن أبي البحتري عن علي - رضي الله عنه - في الفأرة تقع في البئر فتموت قال تنزح حتى تغلبهم قال ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا» وأما هم فيقولون ينزح منها عشرون أو ثلاثون دلوا. عمرو بن الهيثم عن شعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب «عن علي - رضي الله عنه - قال قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن أبي قد مات قال اذهب فواره فقلت إنه مات مشركا قال اذهب فواره فواريته ثم أتيته قال اذهب فاغتسل» وهم لا يقولون بهذا هم يزعمون أنه ليس على من مس ميتا مشركا غسل ولا وضوء. عمرو بن الهيثم عن الأعمش عن إبراهيم بن أبي عبيدة عن عبد الله قال القبلة من اللمس وفيها الوضوء عن شعبة عن مخارق عن طارق عن عبد الله مثله وهم يخالفون هذا فيقولون لا وضوء من القبلة ونحن نأخذ بأن في القبلة الوضوء وقال ذلك ابن عمر وغيره وعن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله أنه قال: الماء من الماء.
    (قال الشافعي) : ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وهذا القول كان في أول الإسلام ثم نسخ (قال الشافعي) أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: الجنب لا يتيمم وليسوا يقولون بهذا ويقولون لا نعلم أحدا يقول به ونحن نروي عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الجنب أن يتيمم» ورواه ابن علية عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر رجلا أصابته جنابة أن يتيمم ويصلي» .
    (قال الشافعي) أخبرنا سفيان عن ابن إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال: سمعت ابن مسعود يقول: إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي فلا يعيد له غسلا وليسوا يقولون بهذا يقولون: ليس الخطمي بطهور وإن خالطه الماء الطهور إنما الطهور الماء محضا فأما غسل رأسه بالماء بعد الخطمي أو قبله فأما الخطمي فلا يطهر وحده.
    [أبواب الصلاة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى: أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد عن عقيل عن ابن الحنفية أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» وبهذا نقول نحن لا يحرم بالصلاة إلا بالتكبير وقال صاحبهم يحرم بها بغير التكبير بالتسبيح ورجع صاحباه إلى قولنا وقولنا لا تنقضي الصلاة إلا بالتسليم فمن عمل عملا مما يفسد الصلاة فيما بين أن يكبر إلى أن يسلم فقد أفسدها لا فيما بين أن يكبر إلى أن يجلس قدر التشهد (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا وجد أحدكم في صلاته في بطنه رزا أو قيئا أو رعافا فلينصرف فليتوضأ فإن تكلم استقبل الصلاة وإن لم يتكلم احتسب بما صلى وليسوا يقولون بهذا يقولون: ينصرف من الرز وإن انصرف من الرعاف فصلاته تامة ويخالفونه في بعض قوله ويوافقونه في بعضه وإن كانوا يثبتون هذه الرواية فيلزمهم أن يقولوا في الرز ما يقولون في الرعاف لأنه لم يخالفه في الرز غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - علمته (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا هشيم عن حصين قال حدثنا أبو ظبيان قال: كان علي - رضي الله عنه - يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول: الصلاة فإذا قام
    الناس نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حبان بن الحارث قال أتيت عليا - رضي الله عنه - وهو معسكر بدير أبي موسى فوجدته يطعم فقال: ادن فكل فقلت إني أريد الصوم فقال وأنا أريده فدنوت فأكلت فلما فرغ قال: يا ابن التياح أقم الصلاة وهذان خبران عن علي - رضي الله عنه - كلاهما يثبت أنه كان يغلس بأقصى غاية التغليس وهم يخالفونه فيقولون: يسفر بالفجر أشد الإسفار ونحن نقول بالتغليس به وهو يوافق ما روينا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في التغليس.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا هشيم وغيره عن ابن حبان التيمي عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - قال لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل ومن جار المسجد؟ قال من أسمعه المنادي ونحن وهم نقول يحب لمن لا عذر له أن لا يتخلف عن المسجد فإن صلى فصلاته تجزي عنه إلا أنه قد ترك موضع الفضل.
    (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن زاذان أن عليا - رضي الله عنه - كان يغتسل من الحجامة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
    (قال الشافعي) : أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أن رجلا من الخوارج قال لعلي - رضي الله عنه - {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك} [الزمر: ٦٥] الآية فقال علي - رضي الله عنه - {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} [الروم: ٦٠] وهو راكع وهم يقولون من فعل هذا يريد به الجواب فصلاته فاسدة:.
    (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال إذا ركعت فقلت اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت فقد تم ركوعك وهذا عندهم كلام يفسد الصلاة وهم يكرهون هذا وهذا عندي كلام حسن وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبيه به ونحن نأمر بالقول به وهم يكرهونه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث عن الحارث الهمداني عن علي - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وزاد ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق ونسى إسناده وهم يكرهون هذا ولا يقولون به.
    (قال الشافعي) : أخبرنا هشيم عن مغيرة عن أبي رزين أن عليا - رضي الله عنه - كان يسلم عن يمينه وعن شماله سلام عليكم سلام عليكم.
    (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن الأعمش عن أبي رزين عن علي - رضي الله عنه - مثله سواء وليسوا يأخذون به ويزيدون فيه ورحمة الله وبركاته.
    (قال الشافعي) : أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت في المغرب يدعو على قوم بأسمائهم وأشياعهم فقلنا آمين هشيم عن رجل عن ابن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت بهم فدعا على قوم يقول: "اللهم العن فلانا بادئا وفلانا" حتى عد نفرا وهم يفسدون صلاة من دعا لرجل باسمه أو دعا على رجل فسماه باسمه ونحن لا نفسد بهذا صلاته لأنه يشبه ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أن رجلا قال: إني صليت ولم أقرأ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم قال: تمت صلاتك وهم لا يقولون بهذا ويزعمون أن عليه إعادة الصلاة هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال "اقرأ فيما أدركت مع الإمام" وهم لا يقولون بهذا يقولون إنما يقرأ فيما يقضي لنفسه فأما وهو وراء الإمام فلا قراءة عليه ونحن نقول: كل صلاة صليت خلف الإمام والإمام يقرأ قراءة لا يسمع فيها قرأ فيها.
    هشيم ويزيد عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله تعالى عنه - في إمام صلى بغير وضوء قال: يعيد ولا يعيدون وهذا موافق للسنة وما روينا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان
    وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم -.
    (قال الشافعي) : رحمه الله تعالى عنه أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم ثم رجع وعلى جلده أثر الماء» (قال الشافعي) أخبرنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (قال الشافعي) : أخبرنا حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال: «إني كنت جنبا فنسيت» (قال الشافعي) : أخبرنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا أحدث في صلاة بعد السجدة فقد تمت صلاته ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول: انقضاء الصلاة بالتسليم للحديث الذي رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما هم فيقولون: كل حدث يفسد الصلاة إلا حدثا كان بعد التشهد أو أن يجلس مقدار التشهد فلا يفسد الصلاة.
    (قال الشافعي) أخبرنا هشيم عن أصحابه عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي - رضي الله عنه - كان إذا افتتح الصلاة قال: "لا إله إلا أنت سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين" وقد روينا من حديثنا عن علي - رضي الله عنه - عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول هذا الكلام إذا افتتح الصلاة وبهذا ابتدأ، يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضيل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي - رضي الله تعالى عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله وهم يخالفونه ولا يقولون منه بحرف يقولون: إن سبحانك اللهم وبحمدك كلام.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي عن وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله تعالى عنه - كان إذا تشهد قال: "بسم الله وبالله" وليسوا يقولون بهذا وقد روي عن علي - رضي الله عنه - فيه كلام كثير هم يكرهونه.
    (أخبرنا الربيع) : قال (أخبرنا الشافعي) : قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير أن عليا - رضي الله عنه - قرأ في الصبح ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: ١] فقال سبحان ربي الأعلى وهم يكرهون هذا ونحن نستحبه وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء يشبهه.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله عنه - كره الصلاة في جلود الثعالب ولسنا ولا إياهم نقول بهذا بل نقول نحن وإياهم: لا بأس بالصلاة في جلود الثعالب إذا دبغت.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير عن علي - رضي الله عنه - في المستحاضة تغتسل لكل صلاة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا ولا أحد علمته.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن هلال عن وهب بن الأجدع عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا بل نكره جميعا الصلاة بعد العصر والصبح نافلة ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح» وهذا يخالف الحديث الأول (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة
    قال: كنا مع علي - رضي الله تعالى عنه - في سفر فصلى العصر ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين وهذه الأحاديث يخالف بعضها بعضا إذا كان علي يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلي بعد العصر ولا الصبح فلا يشبه هذا أن يكون صلى ركعتين بعد العصر وهو يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصليهما
    [باب الجمعة والعيدين]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - يخطب نصف النهار يوم الجمعة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: لا يخطب إلا بعد زوال الشمس وكذلك روينا عن عمر وعن غيره.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن أبي إسحاق قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - يخطب يوم الجمعة ثم لم يجلس حتى فرغ ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: يجلس الإمام بين الخطبتين ونقول: يجلس على المنبر قبل الخطبة وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده.
    (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن العباس بن ذريح عن الحارث بن ثور أن عليا - رضي الله عنه - صلى الجمعة ركعتين ثم التفت إلى القوم فقال: أتموا ولسنا ولا إياهم ولا أحد يقول بهذا ولست أعرف وجه هذا إلا أن يكون يرى أن الجمعة عليه هو ركعتان لأنه يخطب وعليهم أربع لأنهم لا يخطبون فإن كان هذا مذهبه فليس يقول بهذا أحد من الناس.
    (قال الربيع) : أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - قال: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول: يصلي أربعا.
    (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن منهال عن عباد بن عبد الله أن عليا كان يخطب على منبر من آجر فجاء الأشعث وقد امتلأ المسجد وأخذوا مجالسهم فجعل يتخطى حتى دنا وقال: غلبتنا عليك هذه الحمراء فقال علي: ما بال هذه الضياطرة يتخلف أحدهم ثم ذكر كلاما وهم يكرهون للإمام أن يتكلم في خطبته ويكرهون أن يتكلم أحد والإمام يخطب وقد تكلم الأشعث ولم ينهه علي - رضي الله عنه - وتكلم علي وأحسبهم يقولون يبتدئ الخطبة ولسنا نرى بأسا بالكلام في الخطبة تكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر وعثمان - رضي الله عنهما -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن محمد بن النعمان عن ابن قيس الأودي عن هذيل أن عليا - رضي الله عنه - أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد أربع ركعات في المسجد.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي أخبرنا أبو أحمد عن سفيان عن أبي قيس الأودي عن هذيل عن علي مثله (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن ليث عن الحكم عن حنش بن المعتمر أن عليا - رضي الله عنه - قال: صلوا يوم العيد في المسجد أربع ركعات ركعتان للسنة وركعتان للخروج.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد في المسجد ركعتين وهذان حديثان مختلفان ولسنا ولا
    إياهم نقول بواحد منهما يقولون: الصلاة مع الإمام ولا جماعة إلا حيث هو فإن صلى قوم جماعة في موضع فليست بصلاة العيد ولا قضاء منها وهي كنافلة لو تطوع بها رجل في جماعة ونحن نقول: إذا صلاها أحد صلاها وقرأ وفعل كما يفعل الإمام فيكبر في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الفطر إحدى عشرة تكبيرة وفي الأضحى خمس وليسوا يأخذون بهذا.
    [باب الوتر والقنوت والآيات]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون: يقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: ١] والثانية ب {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: ١] وفي الثالثة يقرأ بفاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: ١] وأما نحن فنقول: يقرأ فيها ب {قل هو الله أحد} [الإخلاص: ١] و {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: ١] و {قل أعوذ برب الناس} [الناس: ١] يفصل بين كل ركعتين والركعة بالتسليم.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا - رضي الله عنه - كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون يقنت قبل الركوع فإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عطاء عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع.
    (أخبرنا الربيع) قال: (أخبرنا الشافعي) قال: أخبرنا هشيم عن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت في صلاة الصبح وهم لا يرون القنوت في الصبح ونحن نراه للسنة الثابتة «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في الصبح» أخبرنا بذلك سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في الصبح فقال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة» وذكر الحديث.
    ونقول: من أوتر أول الليل صلى مثنى مثنى حتى يصبح (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا: ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال: قال علي - رضي الله عنه - الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة يصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء صلى ركعتين ركعتين حتى يصبح وإن شاء أوتر آخر الليل وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون: إذا أوتر صلى مثنى مثنى.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - خرج حين ثوب المؤذن فقال: أين السائل عن الوتر؟ نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ {والليل إذا عسعس - والصبح إذا تنفس} [التكوير: ١٧ - ١٨] وهم لا يأخذون بهذا ويقولون: ليست هذه من ساعات الوتر.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد عن عاصم الأحول عن قزعة عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات خمس ركعات وسجدتين في ركعة وركعة وسجدتين في ركعة ولسنا نقول بهذا نقول: لا يصلي في شيء من الآيات إلا في كسوف الشمس والقمر ولو ثبت هذا الحديث عندنا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لقلنا به وهم يثبتونه ولا يأخذون به ويقولون: يصلي ركعتين في الزلزلة في كل ركعة ركعة.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن يونس عن الحسن أن عليا - رضي الله تعالى عنه - صلى




  6. #306
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (306)
    صــــــــــ 178 الى صـــــــــــ 184






    في كسوف الشمس خمس ركعات وأربع سجدات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بالذي روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وأربع سجدات أخبرنا بذلك مالك عن يحيى عن عمرة عن عائشة أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس ركعتين وسجدتين في كل ركعة ركعتين» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة بمثله (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله وقالوا هم يصلي ركعتين كما يصلي سائر الصلوات ولا يركع في كل ركعة ركعتين فخالفوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالفوا ما رووه عن علي - رضي الله تعالى عنه -
    [الجنائز]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الله بن معقل قال: صلى علي على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن ابن أبي زياد عن عبد الله بن معقل أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كبر على سهل بن حنيف خمسا ثم التفت إلينا وقال: إنه بدري وهذا خلاف الحديث الأول ولسنا ولا إياهم نأخذ بهذا التكبير عندنا وعندهم على الجنائز أربع وذلك الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمير بن سعيد أن عليا - رضي الله عنه - كبر على ابن المكفف أربعا وهذا خلاف الحديثين قبله.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن أشعث عن الشعبي عن قرظة أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أمره أن يصلي على قبر سهل بن حنيف وهم لا يأخذون بهذا ولا يقولون به يقولون: لا يصلي على قبر وأما نحن فنأخذ به لأنه موافق ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «صلى على قبر» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك؛ وسفيان عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر امرأة» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد بن ثابت الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر» .
    [سجود القرآن]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: عزائم السجود {الم - تنزيل} [السجدة: ١ - ٢] و {حم - تنزيل} [غافر: ١ - ٢] والنجم و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: ١] ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي
    قال: أخبرنا هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا يروى عن عمر وابن عمر وابن عباس وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي - رضي الله تعالى عنه - يخالفونه
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا - رضي الله تعالى عنه - لما أتى بالمخدج خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها وعن أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - وهم ينكرونها ويكرهونها ونحن نقول: لا بأس بالسجدة لله تبارك وتعالى في الشكر.
    [الصيام]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمرو أن عليا - رضي الله تعالى عنه - نهى عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: لا بأس بقبلة الصائم.
    (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان وغيره عن إسماعيل عن أبي السفر عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر حرم الطعام والشراب على الصائم.
    [أبواب الزكاة]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن أبي رافع أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يزكي أموالهم وهم أيتام في حجره وبهذا نأخذ وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر وعائشة في زكاة أموال اليتامى وهم يخالفونه فيقولون: ليس على مال اليتيم زكاة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس من الغنم ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا والثابت عندنا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر» (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد بن محمد عن محمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر» وكان عمر يأمر عماله بذلك (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو كامل وغيره عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس قال: «أعطاني أبي كتابا كتبه له أبو بكر فقال: هذه فريضة الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن فابن لبون ذكر» .
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم وغيره عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي

    رضي الله تعالى عنه - مثله وبهذا نقول وهو موافق للسنة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد ومحمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون» أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو كامل عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس عن أبي زكريا أنه كتب له السنة فذكر هذا وهم لا يأخذون بهذا يقولون: إذا زادت على عشرين ومائة استقبل بالفرائض أولها وكان في كل خمس شاة إلى أن يبلغ بها خمسين ومائة ثم في كل خمسين حقة وهذا قول متناقض لا أثر ولا قياس فيخالفون ما رووا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر والثابت عن علي عندهم إلى قول إبراهيم وشيء يغلط به عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث أن عثمان أهديت له حجل وهو محرم فأكل القوم إلا عليا فإنه كره ذلك ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بحديث أبي قتادة أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يأكلوا لحم الصيد وهم حرم» . أخبرنا بذلك مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة نحوه.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله تعالى عنه - فيمن أصاب بيض نعام قال: يضرب بقدرهن نوقا قيل له: فإن أربعت منهن ناقة؟ قال: فإن من البيض ما يكون مارقا ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا نقول يغرم ثمنه.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن علي فيمن يجعل عليه المشي:؟ قال: يمشي فإن عجز ركب وأهدى بدنة وهم يقولون: يمشي إن أحب وكان مطيقا وإلا ركب وأهدى شاة ونحن نقول: ليس لأحد أن يركب وهو يستطيع أن يمشي بحال وإن عجز ركب وأهدى فإن صح مشى الذي ركب وركب الذي الذي مشى حتى أتى به كما نذر (قال الربيع) : وقد قال: الشافعي غير هذا قال: عليه كفارة يمين.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي في هذه الآية {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: ١٩٦] قال: أن يحرم الرجل من دويرة أهله وهم يقولون: أحب إلينا أن يحرم من الميقات.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي مثله بهذا نقول وهو موافق للسنة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الضبع كبش.
    (أخبرنا الشافعي) قال: أخبرنا ابن أبان عن سفيان عن سماك عن عكرمة أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قضى في الضبع بكبش وبهذا يقول وهو يوافق ما ذكرنا عن عمر وعن غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما هم فيقولون: يغرم قيمتها في الموضع الذي أصابها فيه لا يجعلون فيها شيئا موقتا.
    [أبواب الطلاق والنكاح]
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن معاوية بن سويد بن مقرن أنه وجد في كتاب أبيه عن علي - رضي الله تعالى عنه - أن لا نكاح إلا بولي فإذا بلغ الحقائق النص فالعصبة أحق وبهذا نقول لأنه يوافق ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
    «أيما امرأة لم ينكحها الولاة فنكاحها باطل فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» أخبرنا بذلك الزنجي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وهم يقولون: إذا كان الزوج كفوا وأخذت صداق مثلها جاز النكاح وإن كان غير ولي.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن حنش أن رجلا تزوج امرأة فزنى بها قبل أن يدخل بها فرفع إلى علي ففرق بينهما وجلده الحد وأعطاها نصف الصداق ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - في رجل تزوج امرأة بها جنون أو جذام أو برص قال: إذا لم يدخل بها فرق بينهما فإن كان دخل بها فهي امرأته إن شاء طلقها وإن شاء أمسك وهم يقولون: هي امرأته على كل حال إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن مطرف عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - في النصراني تسلم امرأته قال: هو أحق بها ما لم يخرجها من دار الهجرة ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد خير عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الرجل يتزوج المرأة ثم يموت ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقا أن لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها وبهذا نقول إلا أن يثبت حديث بروع وقد رويناه عن ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - وهم يخالفونه ويقولون: لها صداق نسائها.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يحيى بن عباد عن حماد بن سلمة عن بديل عن ميسرة عن أبي الوضيء أن أخوين تزوجا أختين فأهديت كل واحدة منهما إلى أخي زوجها فأصابها فقضى علي - رضي الله عنه - على كل واحد منهما صداق وجعله يرجع به على الذي غره وهم يخالفونه ويقولون: لا يرجع بالصداق وبه يقول: الشافعي لا يرجع بالصداق.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن جرير بن حازم عن عيسى عن عاصم الأسدي عن زاذان عن علي - رضي الله عنه - يقول في الخيار إن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا القول أما نحن فنقول: إن اختارت زوجها فلا شيء ويروى عن «عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترناه» فلم يعد ذلك طلاقا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحكم عن إبراهيم أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: في الخلية والبرية والحرام ثلاثا ثلاثا ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن: فنقول إن نوى الطلاق فهو ما نوى من الطلاق إن كانت واحدة فواحدة وإن أراد اثنتين فاثنتين ويملك الرجعة وأما هم فيقولون: إن نوى واحدة فواحدة وإن نوى اثنتين فلا يكون اثنتين (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن داود عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - في الحرام ثلاث ولسنا ولا إياهم نقول بهذا (أخبرنا الربيع)
    قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن يزيد ومحمد بن عبيد وغيرهما عن إسماعيل عن الشعبي عن رياش بن عدي الطائي قال: أشهد أن عليا - رضي الله عنه - جعل ألبتة ثلاثا ولسنا ولا إياهم نقول بهذا. .
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وسفيان بن عيينة عن الشيباني عن الشعبي عن عمرو بن سلمة أن عليا - رضي الله عنه - وقف المولي.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن الشيباني عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا - رضي الله تعالى عنه - وقف المولى: (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن ليث عن مجاهد عن مروان شهد عليا - رضي الله عنه - وقف المولي وهكذا نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر وعائشة وعثمان وزيد بن ثابت
    وبضعة عشر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم وقفوا المولي وهم يخالفونه ويقولون: لا يوقف إذا مضت أربعة أشهر بانت منه.
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن عبيد عن إسماعيل عن الشعبي أن عليا - رضي الله عنه - كان يؤجل المتوفى عنها لا ينظر بها.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي قال: نقل علي - رضي الله تعالى عنه - أم كلثوم بعد قتل عمر بسبع ليال ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بحديث «فريعة ابنة مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله» ونحن نقول بهذا وهم في المتوفى عنها والمبتوتة وهم يروون عن علي - رضي الله عنه - أنه نقل ابنته في عدتها من عمر.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن أشعث عن الحكم عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي - رضي الله عنه - قال: العدة من يوم يموت أو يطلق وبهذا نقول ويقولون بقولنا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عمن سمع الحكم يحدث عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال وليسوا يقولون بهذا وينكرون هذا القول فيقولون ما نقول بهذا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بآخر الأجلين وليسوا يقولون بهذا.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة قال: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت قال أبو سلمة: فدخلت على أم سلمة فسألتها عن ذلك فقالت: «ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان: أحدهما شاب والآخر شيخ فخطبت إلى الشاب فقال الكهل لم تحلل وكان أهلها غيبا فرجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد حللت فانكحي من شئت» فبهذا نقول وهم يقولون بقولنا فيه وينكرون ما روي عن علي - رضي الله عنه - ويخالفونه
    وعن صالح بن مسلم عن الشعبي أن عليا - رضي الله عنه - قال: في التي تتزوج في عدتها قال: تتم ما بقي من عدتها من الأول وتستأنف من الآخر عدة جديدة وكذلك نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وهم يقولون: عليها عدة واحدة وينكرون ما روي عن علي - رضي الله عنه - ويخالفونه.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وأبو معاوية ومحمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن شريح أن رجلا طلق امرأته فذكرت أنها قد حاضت في شهر ثلاث تبتت فقال علي - رضي الله عنه - لشريح: قل فيها؟ فقال: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها يشهدون صدقت فقال له علي: قالون وقالون بالرومية أصبت وهم لا يأخذون بهذا ويخالفونه أما بعضهم فيقول: لا تنقضي العدة في أقل من أربعة وخمسين يوما.
    (قال الربيع) : قول الشافعي أقل ما تنقضي العدة فيمن تحيض ثلاثة وثلاثون يوما لأن أقل الحيض يوم وليلة وأقل الطهر خمس عشرة ليلة وقال بعضهم: أقل ما تنقضي منه تسعة وثلاثون يوما وأما نحن فنقول بما روي عن علي - رضي الله عنه - لأنه موافق ما روي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يجعل للحيض وقتا» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إنه لا تنقضي عدتها في أقل من ثلاثة وثلاثين يوما (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» فلم يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - لها وقتا في الحيضة فيقول كذا وكذا يوما ولكنه قال: إذا أقبلت وإذا أدبرت.
    وروي عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود في العزل قال: هو الوأد الخفي ولسنا نقول بهذا لا يرون بالعزل بأسا وروي عن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله عنه - أنه كره العزل وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بالعزل بأسا ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنه فلم يذكر عنه نهيا (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال: كنا نعزل والقرآن ينزل.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن الأشعث عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال: اكتموا الصبيان النكاح فإن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه ولسنا نأخذ بهذا ونقول: لا طلاق لصغير حتى يبلغ ولا نجيز طلاق المعتوه ولا المبرسم ولا النائم.
    ويروى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قال: لا طلاق لمكره وهم يخالفون هذا ويقولون: طلاق المكره جائز.
    وحماد عن قتادة عن خلاس أن رجلا طلق امرأته فأشهد على طلاقها وراجعها وأشهد على رجعتها واستكتم الشاهدين حتى انقضت عدتها فرفع ذلك إلى علي - رضي الله عنه - ففرق بينهما ولم يجعل له عليها رجعة وعزر الشاهدين وهم يخالفون هذا ويجعلون الرجعة ثابتة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن داود عن سماك عن أبي عطية الأسدي أنه تزوج امرأة أخيه وهي ترضع ابن أخيه فقال: والله لا أقر بها حتى تفطمه فسأل عليا - رضي الله عنه - عن ذلك فقال علي: إن كنت إنما تريد الإصلاح لك ولابن أخيك فلا إيلاء عليك وإنما الإيلاء ما كان في الغضب؛ والله أعلم.
    [المتعة]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت ابن مسعود يقول: «كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس معنا نساء فأردنا أن نختصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء» وليسوا يأخذون بهذا ويخالفون ما روي عن عبد الله (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري قال حدثني حسن وعبد الله ابنا محمد بن علي عن أبيهما عن علي - رضي الله عنه - أنه قال لابن عباس أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية زمن خيبر» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي - رضي الله عنه - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري قال: أخبرني الربيع بن سبرة عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة» وبهذا يقول: الشافعي.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله قال: بيع الأمة طلاقها وهم يثبتون مرسل إبراهيم عن عبد الله ويروون عنه أنه قال: إذا قلت قال عبد الله فقد حدثني غير واحد من أصحابه وهم لا يقولون بقول عبد الله هذا ويقولون: لا يكون بيع الأمة طلاقها وهكذا نقول ونحتج بحديث «بريرة أن عائشة - رضي الله عنها - اشترتها ولها زوج ثم أعتقتها
    فجعل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيار» ولو كان بيعها طلاقها لم يكن للخيار معنى وكانت قد بانت من زوجها بالشراء وروينا عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف أنهما لم يريا بيع الأمة طلاقها أخبرنا بذلك سفيان عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اشترى من عاصم بن عدي جارية فأخبر أن لها زوجا فردها.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم عن شعبة عن الحكم عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن ابن مسعود في الرجل يزني بامرأة ثم يتزوجها قال: لا يزالان زانيين ولسنا ولا إياهم نقول بهذا هما آثمان حين زنيا ومصيبان الحلال حين تناكحا غير زانيين وقد قال عمر وابن عباس نحو هذا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله قال: إذا قال الرجل لامرأته: استلحقي بأهلك أو وهبها لأهلها فقبلوها فهي تطليقة وهو أحق بها وبهذا نقول إذا أراد الطلاق وهم يخالفونه ويزعمون أنها تطليقة بائنة
    عبد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: لا يكون طلاق بائن إلا خلع أو إيلاء وهم يخالفونه في عامة الطلاق فيجعلونه بائنا وأما نحن فنجعل الطلاق كله يملك الرجعة إلا طلاق الخلع وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر في البتة أنها واحدة يملك فيها الرجعة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمي محمد بن علي عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير «عن ركانة أنه طلق امرأته ألبتة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أردت؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد عن المطلب قال: قال لي عمر وطلقت امرأتي ألبتة: أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت وروي عن زيد بن ثابت في التمليك وطلقت نفسها واحدة يملك الرجعة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ومغيرة عن إبراهيم عن عبد الله في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة وهو أحق بها وهكذا نقول نحن وهم يخالفونه ويرون الطلاق فيه بائنا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم في اختاري وأمرك بيدك سواء وبهذا نقول وهم يخالفونه فيفرقون بينهما أبو معاوية ويعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق أن امرأة قالت لزوجها: لو أن الأمر الذي بيدك بيدي طلقت نفسي فقال: قد جعلت الأمر إليك فطلقت نفسها ثلاثا فسأل عمر عبد الله عن ذلك فقال: هي واحدة وهو أحق بها فقال عمر: وأنا أرى ذلك وبهذا نقول إذا جعل الأمر إليها ثم قال: لم أرد إلا واحدة فالقول قوله وهي تطليقة يملك الرجعة وهم يخالفون هذا فيجعلونها واحدة بائنة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن سيار أبي الحكم وأبي حيان عن الشعبي أن رجلا قال: من يذبح للقوم شاة وأزوجه أول بنت تولد لي فذبح لهم رجل من القوم فأجاز عبد الله النكاح ولسنا ولا إياهم ولا أحد من الناس علمته يقول بهذا يجعلون للذابح أجر مثله ولا يكون هذا نكاحا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن إبراهيم عن ابن مسعود قال: يكره أن يطأ الرجل امرأته إذا فجرت أو يطأها وهي مشركة وهم لا يقولون بهذا ويقولون: لا بأس أن يطأها قبل الفجور وبعده.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبد الله في الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال ولسنا ولا أحد يقول بهذا إذا مات الميت وجب الميراث لأهله والله أعلم.




  7. #307
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (307)
    صــــــــــ 185 الى صـــــــــــ 191






    [ما جاء في البيوع]
    (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إسماعيل عن الشعبي عن عبيدة قال: قال علي - رضي الله تعالى عنه: استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد فرأيت أنا وهو أنها عتيقة فقضى به عمر حياته وعثمان بعده فلما وليت رأيت أنها رقيق ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بقول عمر لا تباع.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن نسير بن ذعلوق عن عمرو بن راشد الأشجعي أن رجلا باع نجيبة واشترط ثنياها فرغب فيها فاختصما إلى عمر فقال: اذهبا إلى علي - رضي الله عنه - فقال علي: اذهبا بها إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها وليسوا يقولون بهذا وهو عندهم بيع فاسد فخالفوا عليا ولا نعلم له مخالفا في هذا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يثبتون هذه الرواية عن علي - رضي الله عنه - فإن يثبتوها فيلزمهم أن يقولوا به لأنه ليس له دافع عندهم ونحن نقول: هذا فاسد.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن عثمان البتي عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قضى بالخلاص وليسوا يقولون بهذا يقولون: إن استحق البائع الثمن الذي قبض ولم يكن عليه أن يخلصها بثمن ولا غير ذلك وليسوا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيلزمهم إذا ثبتوا هذا في أصل قولهم أن يقولوا به.
    (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن عبد الله بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: كسب الحجام من السحت وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بكسب الحجام بأسا ونحن لا نرى بذلك بأسا ونروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعطى الحجام أجره» ولو كان سحتا لم يعطه إياه.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وحفص وغيرهما عن الحجاج عن ابن عمرو بن حريث عن أبيه أنه باع عليا - رضي الله عنه - درعا منسوجة بالذهب بأربعة آلاف درهم إلى العطاء وليسوا يقولون بهذا هذا عندهم بيع مفسوخ لأنه إلى غير أجل.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس بن عمر وعن علي - رضي الله عنه - فيمن اشترى ما أحرز العدو قال: هو جائز وهم يقولون إن صاحبه إذا جاء بالخيار إن أحب أخذه بالثمن أخذه.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله قال: لا بأس بالدرهم بالدرهمين ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بالأحاديث التي رويت «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل وعن الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل» وقد كان عبد الله لقي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهوه فلما رجع قال: ما أرى به بأسا وما أنا بفاعله.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال: من ابتاع مصراة فهو بالخيار إن شاء ردها وصاعا من طعام وهكذا نقول وبهذا مضت السنة وهم يزعمون أنه إذا حلبها فليس له ردها لأنه قد أخذ منها شيئا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله أنه قال في أم الولد تعتق من نصيب ولدها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بحديث عمر أنه أعتق أمهات الأولاد إذا مات ساداتهن ويقولون جميعا تعتق من رأس المال.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن
    حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه كره شراء المصاحف وبيعها وليسوا يقولون بهذا لا يرون بأسا ببيعها وشرائها ومن الناس من لا يرى بشرائها بأسا، ونحن نكره بيعها.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع أن عليا - رضي الله عنه - قال: لا يحل أكل الثوم إلا مطبوخا وليسوا يقولون بهذا بل ينكرونه ويقولون: ما يقول بهذا أحد ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مساجدنا يؤذينا بريح الثوم» وهذا الذي نأخذ به.
    [باب الديات]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال: الخطأ شبه العمد بالخشبة والحجر الضخم ثلث حقاق وثلث جذاع وثلث ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة وفي الخطأ خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنت لبون ونحن نروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شبه العمد أربعون خلفة في بطونها أولادها» وروي عن عمر أنه قضى به ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة وبهذا نقول وهم يقولون بخلاف هذا ويقولون: في الحجر الضخم والخشبة هذا عمد فيه القود ويعيبون مذهب صاحبهم بأنه يقول: هو خطأ.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الطنافسي عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن الشعبي عن مسروق قال: كنت عند علي - رضي الله عنه - فأتاه ثلاثة فشهدوا على اثنين أنهما غرقا صبيا وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه فقضى علي - رضي الله عنه - على الثلاثة بخمسي الدية وقضى على الاثنين بثلاثة أخماس الدية ولسنا ولا أحد علمناه يقول بهذا يقولون: لولي الدم أن يدعي على إحدى الطائفتين.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - في الرجل يقتل المرأة قال: إن أراد أولياء المرأة أن يقتصوا لم يكن ذلك لهم حتى يعطوا نصف الدية وليسوا يقولون بهذا يقولون: بينهما القصاص في النفس وينكرون هذا القول ويقولون: ما نعلم أحدا يقوله.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قضى بالدية اثني عشر ألفا وهم يقولون: الدية عشرة آلاف.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه قضى في القامصة والقارصة والواقصة جارية ركبت جارية فقرصتها جارية فقمصت فوقصت المحمولة فاندق عنقها فجعلها أثلاثا وليسوا يقولون بهذا وينكرون الحكم به ويقولون: ما يقول هذا أحد ويزعمون أن ليس على الموقوصة شيء وأن ديتها على العاقلة.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد بن العوام عن عمرو بن عامر عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله عنه - أن غلامين كانا يلعبان بقلة فقال أحدهما: حذار، وقال الآخر: حذار فأصابت ثنيته فكسرتها فرفع إلى علي - رضي الله عنه - فلم يضمنه وهم يضمنون هذا ويخالفون ما رووا فيه.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد عن قتادة عن خلاس عن علي قال: إذا أمر الرجل عبده أن يقتل رجلا فإنما هو كسيفه أو سوطه يقتل المولى ويحبس العبد في السجن.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال: «قلت لعلي - رضي الله عنه: هل عندكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ما في أيدي الناس؟ قال: لا إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما
    في الصحيفة قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مؤمن بكافر» وهم يخالفون هذا ويقولون: يقتل المؤمن بالكافر ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن عبيد بن القعقاع قال: كنت رابع أربعة نشرب الخمر فتطاعنا بمدية كانت معنا فرفعنا إلى علي - رضي الله عنه - فسجننا فمات منا اثنان فقال أولياء المتوفيين: أقدنا من الباقيين فسأل علي - رضي الله عنه - القوم ما تقولون؟ فقالوا: نرى أن تقيدهما قال: فلعل أحدهما قتل صاحبه قالوا: لا ندري قال: وأنا لا أدري وسأل الحسن بن علي - رضي الله تعالى عنهما - فقال مثل مقالة القوم فأجابه بمثل ذلك فجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ثم أخذ دية جراح الباقيين.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك عن حنش بن المعتمر «أن ناسا حفروا بئرا لأسد فازدحم الناس عليها فتردى فيها رجل فتعلق برجل وتعلق الآخر بآخر فجرحهم الأسد فاستخرجوا منها فماتوا فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السلاح فقال علي - رضي الله تعالى عنه: لم تقتلون مائتين من أجل أربعة؟ تعالوا فلنقض بينكم بقضاء إن رضيتم وإلا فارتفعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأول ربع الدية وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية وللرابع الدية كاملة وجعل الدية على قبائل الذين ازدحموا على البئر فمنهم من رضي ومنهم من لم يرض فترافعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصوا عليه القصة وقالوا إن عليا - رضي الله عنه - قضى بكذا وكذا فأمضى قضاء علي - رضي الله تعالى عنه -» وهم لا يأخذون بهذا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله في جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما خلا فعلى النصف وهم يخالفون هذا فيقولون: على النصف من كل شيء.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن عبد الله في الذي يقتص منه فيموت قال: على الذي اقتص منه الدية ويرفع عنه بقدر جراحته وليسوا يقولون بهذا بل نقول نحن وهم: لا شيء على المقتص لأنه فعل فعلا كان له أن يفعله.
    [باب الأقضية]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الأجلح عن الشعبي عن «علي - رضي الله عنه - اختصم إليه ناس ثلاثة يدعون ولدا فسألهم أن يسلم بعضهم لبعض فأبوا فقال: أنتم شركاء متشاكسون ثم أقرع بينهم فجعله لواحد منهم خرج سهمه وقضى عليه بثلثي الدية فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصبت وأحسنت» .
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت الشعبي يحدث عن أبي الخليل أو ابن الخليل أن ثلاثة نفر اشتركوا في طهر فلم يدر لمن الولد فاختصموا إلى علي - رضي الله عنه - فأمرهم أن يقترعوا وأمر الذي أصابته القرعة أن يعطي للآخرين ثلثي الدية وليسوا يقولون بهذا وهم يثبتون هذا عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يخالفونه والذي يقولونه هم ما يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس لأحد أن يخالفه ولو ثبت عندنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا به ونحن نقول: ندعو القافة له فإن ألحقوه بأحدهم فهو ابنه وإن ألحقوه بكلهم أو لم يلحقوه بأحدهم فلا يكون له ويوقف حتى يبلغ فينتسب إلى أيهم شاء ولا يكون له أبوان في الإسلام وهم يقولون هو ابنهم يرثهم ويرثونه وهو للباقي منهم.
    (أخبرنا الربيع) قال
    أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن سماك عن أبي عبيد بن الأبرص أن رجلا استأجر نجارا يضرب له مسمارا فانكسر المسمار فخاصمه إلى علي - رضي الله عنه - فقال: أعطه درهما مكسورا وهم يخالفون هذا ولا يقولون به ونحن لا نقول به ومن ضمن الأجير ضمنه قيمة المسمار ولم يجعل له شيئا إذا لم يتم العمل فإن تم العمل فله ما استأجره عليه إن كانت الإجارة صحيحة وإن كانت الإجارة فاسدة فله أجر مثله.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن موسى بن طريف الأسدي قال: دخل علي - رضي الله عنه - بيت المال فأضرط به وقال: لا أمسي وفيك درهم فأمر رجلا من بني أسد فقسمه إلى الليل فقال الناس: لو عوضته فقال: إن شاء ولكنه سحت وهم يخالفون هذا ويقولون: لا بأس بالجعل على القسم وهم يقولون: قال علي: سحت وهم يروون عن علي - رضي الله عنه - إن شاء أعطيته وهو سحت ونحن وهم نقول: لا يحل لأحد أن يعطي السحت كما لا يحل لأحد أن يأخذه ولا نرى عليا - رضي الله عنه - يعطي شيئا يراه سحتا إن شاء الله تعالى.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أتى علي - رضي الله عنه - في بعض الأمر فقال: ما أراه إلا جورا ولولا أنه صلح لرددته وهم يخالفون هذا ويقولون: إذا كان جورا فهو مردود ونحن نروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن «من اصطلح على شيء غير جائز فهو رد» .
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن حنش أن عليا - رضي الله عنه - رأى الحلف مع البينة وهم يخالفون هذا ولا يستحلفون أحدا مع بينته وهم يروون عن شريح أنه استحلف مع البينة ولا نعلمهم يروون عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافهما.
    [باب اللقطة]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن أبي قيس قال: سمعت هذيلا يقول: رأيت عبد الله أتاه رجل بصرة مختومة فقال قد: عرفتها ولم أجد من يعرفها فقال: استمتع بها وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث ابن مسعود أشبه بالسنة وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدق بثمنها وقال: اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم ثم قال: هكذا نفعل باللقطة فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها وخالفوا حديث عبد الله بن مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو فيه بعينه يقولون: إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء.
    [باب الفرائض]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة
    عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يشرك بين الجد والإخوة حتى يكون سادسا وليسوا يقولون بهذا أما صاحبهم فيقول: الجد أب فيطرح الإخوة وأما هم ونحن فنقول بقول زيد يقاسم الإخوة ما كانت المقاسمة خيرا له ولا ينقص من الثلث من رأس المال وهم ينكرون قول علي ويقولون ما يقول هذا أحد.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عمر وعبد الله يورثان الأرحام دون الموالي وكان علي - رضي الله عنه - أشدهم في ذلك وليسوا يقولون بهذا يقولون: إذا لم يكن أهل فرائض مسماة ولا عصبة ورثنا الموالي ونقول نحن لا نورث أحدا غير من سميت له فريضة أو عصبة وهم يورثون الأرحام وليسوا بعصبة ولا مسمى لهم إذا لم تكن أموال وقالوا: القول قول زيد والقياس عليه.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه ورث نفرا بعضهم من بعض ويقولون في هذا بقولنا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن سفيان الثوري عن أبي قيس عن هذيل عن عبد الله أنه لم يشرك (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أن عبد الله أشرك ونحن نقول يشرك وهم يخالفونه ويقولون: لا نشرك. .
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن سفيان الثوري عن معبد بن خالد عن مسروق عن عبد الله في ابنتين وبنات ابن وبني ابن للبنتين الثلثان وما بقي فلبني الابن دون البنات وكذلك قال: في الإخوة والأخوات للأب مع الأخوات لأب وأم ولسنا ولا أحد علمته يقول: بهذا إنما يقول الناس للبنات أو الأخوات الثلثان وما بقي فلبني الابن وبنات الابن أو الإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عبد الله يشرك الجد مع الإخوة فإذا كثروا أوفاه السدس ولسنا ولا أحد يقول بهذا أما نحن فنقول: إنه إذا كان مع الإخوة لم ننقصه من الثلث وأما بعضهم فكان يطرح الإخوة ويجعل المال للجد وبذلك يقولون (أخبرنا الربيع) : قال أخبر الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عبد الله يجعل الأكدرية من ثمانية للأم سهم وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم ولسنا ولا أحد يقول: بهذا ولكنهم يقولون بما روي عن زيد بن ثابت نجعلها من تسعة للأم سهمان وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم ثم يقاسم الجد الأخت فيجعل بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي عن رجل عن الثوري عن إسماعيل بن رجاء عن إبراهيم (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عمن سمع الشعبي يقول: في جد وأم وأخت فللأخت ثلاثة أسهم وللأم سهم وللجد سهمان وليسوا يقولون بهذا إنما يقولون بقول زيد يجعلها من تسعة للأم ثلاثة أسهم وللجد أربعة أسهم وللأخت سهمان.
    (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الله قال: أهل الكتاب والمملوكون يحجبون ولا يورثون وليسوا يقولون بهذا يقولون بقول زيد لا يحجبون ولا يرثون وهم يقولون في هذا بقولنا (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن يونس عن ابن سيرين (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عبد الله سئل عن رجل مات وترك أباه مملوكا ولم يدع وارثا قال: يشترى من ماله فيعتق ثم يدفع إليه ما ترك وليسوا يقولون بهذا يقولون لا يرث المملوك ولا يورث ونحن نقول ماله في بيت المال وكذلك يقولون هم إن لم يوص به.
    [باب المكاتب]
    (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن طارق عن الشعبي أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: في المكاتب يعتق منه بحساب وقال ابن عمر وزيد بن ثابت هو عبد ما بقي عليه شيء وروى ذلك عمرو بن شعيب وبذلك نقول ويقولون به معنا وهم يخالفون الذي رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حجاج عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - يعتق من المكاتب بقدر ما أدى ويرث بقدر ما أدى وليسوا يقولون بهذا.
    (أخبرنا الربيع) : قال (أخبرنا الشافعي) : قال أخبرنا رجل عن حماد عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: يستسعى المكاتب بعد العجز وليسوا ولا أحد من الناس يقول: بهذا إنما نقول إذا عجز فهو رقيق وحدثنا أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: لا نعجز المكاتب حتى يدخل نجما في نجم وليسوا ولا أحد من المفتين يقول بهذا نحن وهم نقول إذا حلت نجومه فإن لم يجد فهو عاجز رقيق ولا ينتظر بتعجيزه النجم الآخر وكذلك يقول: مفتو الناس لا أعلمهم يختلفون فيه.
    (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي الأحوص قال: قال: عبد الله: إذا أدى المكاتب قيمته فهو حر ونحن نروي عن زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة أنه عبد ما بقي عليه شيء وبه نقول
    [باب الحدود]
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن الشعبي أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال: أجلدها بكتاب الله وأرجمها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليسوا يقولون بهذا، يقولون: ترجم، ولا تجلد، والسنة الثابتة أن تجلد البكر، ولا ترجم، وترجم الثيب ولا تجلد وقد «رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزا ولم يجلده، وقال لأنيس اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا أنيس فاعترفت فرجمها» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أشياخه أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد امرأة في الزنا وعليها درع قيل لي: جديد، وكذلك يقول المفتون، ولا أعلمهم يختلفون في ذلك. هشيم عن الشيباني عن الشعبي أن عليا نفى إلى البصرة.
    ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أشياخه أن عليا - رضي الله تعالى عنه - نفى إلى البصرة وليسوا يأخذون بهذا ويزعمون أنه لا نفى علي أحدا، وأما نحن فنأخذ به؛ لأنه موافق لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك وسفيان عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجلين اللذين اختصما إليه: لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل على ابنك جلد مائة وتغريب عام» ابن مهدي عن سفيان عن نسير بن ذعلوق عن خليد الثوري أن رجلا أقر عند علي بحد فجهد عليه أن يخبره ما هو فأبى فقال: اضربوه حتى ينهاكم، وهم يخالفون هذا، ولا يقولون به، ولا أعلمهم يروون عن أحد من أصحاب النبي خلاف هذا فإن كانوا يثبتون مثل هذه الرواية عن علي - رضي الله تعالى عنه - فيلزمهم أن يقولوا بهذا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان وإسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال:
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» وهم يخالفون هذا إلى غير فعل أحد علمته من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقول به وهو السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت فقال: إذا زنت أمة أحدكم فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها في الرابعة ولو بضفير حبل» قال ابن شهاب: لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة، والضفير الحبل (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد نحوه (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها ثم إن عادت فزنت فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها فإن عادت زناها فليبعها ولو بضفير من شعر» - يعني الحبل وهم يخالفون ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما روينا نحن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن حجر بن عنبس قال: شهد رجلان على رجل عند علي - رضي الله تعالى عنه - أنه سرق فقال السارق: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيا لنزل عذري فأمر بالناس فضربوا حتى اختلطوا ثم دعا الشاهدين فلم يأتيا فدرأ الحد وليسوا يأخذون بهذا يقولون: لا نسترهب الشهود يقولون: نقف الشاهدين فإن شهدا وكانا عدلين قطع وإن لم يكونا عدلين لم تجز الشهادة وما علمت أحدا يأخذ بقولهم هذا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: لم أر السارق قط أكثر منهم في زمان علي - رضي الله تعالى عنه - ولا رأيته قطع أحدا منهم قلت: وكيف كان يصنع؟ قال: كان يأمر الشهود أن يقطعوا وليسوا يأخذون بهذا يقولون: إذا شهد الشهود فمن شاء الحاكم أن يأمر بقطعه قطع ولا يأمر بذلك الشهود ونحن نقول بهذا ولم نعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده أمروا شاهدين بقطع.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي أن رجلين أتيا عليا - رضي الله تعالى عنه - فشهدا على رجل أنه سرق فقطع يده ثم آتياه بآخر فقالا: هذا الذي سرق وأخطأنا على الأول فلم يجز شهادتهما على الآخر وغرمهما دية يد الأول، وقال: لو أعلمكما تعمدتما لقطعتكما، وبهذا نقول إذا قالا أخطأنا على الأول غرمتهما دية يد المقطوع وإن قالا: عمدنا أن نشهد عليه بباطل قطعت أيديهما بيده قودا، وهذا أشبه بالقياس إن كان يجوز أن يقتل اثنان بواحد فلم لا تقطع يدان بيد، واليد أقل من النفس، وإذا جاز الكثير فلم لا يجوز القليل؟ وهم يخالفون عليا - رضي الله عنه - في الشاهدين إذا تعمدا ويقولون: لا تقطع أيديهما بيد، ولا تقطع يدان بيد وهم يقولون: يقتل اثنان بواحد ولا تقطع يدان بيد.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن رجل عن علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبي حنيفة أن عليا - رضي الله عنه - أتي بصبي قد سرق بيضة فشك في احتلامه فأمر به فقطعت بطون أنامله وليسوا ولا أحد علمته يقول بهذا يقولون: ليس على الصبي حد حتى يحتلم أو يبلغ خمس عشرة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قطع من شطر القدم (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن مغيرة عن الشعبي أن عليا كان يقطع الرجل من القدم، ويدع العقب يعتمد عليه وليسوا، ولا أحد علمناه يقول بهذا القول بل يقولون:





  8. #308
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (308)
    صــــــــــ 192 الى صـــــــــــ 198






    تقطع الرجل من الكعب الذي فيه المفصل بين الساق والقدم.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن ابن حصين عن سويد بن غفلة أن عليا - رضي الله عنه - أتي بزنادقة فخرج بهم إلى السوق فحفر لهم حفرا فقتلهم ثم رمى بهم في الحفر فحرقهم بالنار وهم يخالفون هذا فيقولون: لا يحرق بالنار أحد أما نحن فروينا «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يعذب أحد بعذاب الله» فقلنا به، ولا نحرق حيا ولا ميتا. ابن علية عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني أن رجلا تنصر بعد إسلامه فأتي به إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فجعل يعرض عليه فقال: لا أدري ما تقول غير أنه يشهد أن المسيح ابن الله فوثب إليه علي - رضي الله تعالى عنه - فوطئه، وأمر الناس أن يطئوه ثم قال: كفوا فكفوا عنه فإذا هو قد مات وهم لا يأخذون بهذا يقولون: لا يقتل الإمام أحدا بهذه القتلة ولا يقتل إلا بالسيف. .
    أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي المغيرة في قوم دخلوا على امرأة في دار قوم فخرج إليهم بعض أهل الدار فقتلوهم فأصبحوا وقد جاءت عشائرهم إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فرفعوهم إليه فقال علي - رضي الله تعالى عنه: وما جمع هؤلاء في دار واحدة ليلا وقال بيده فقلبها ظهرا لبطن ثم قال: لصوص قتل بعضهم بعضا قوموا فقد أهدرت دماءهم فقال الحسن أنا أضمن هذه الدماء فقال: أنت أعلم بنفسك وليسوا يقولون بهذا أما نحن فنروي عن علي - رضي الله عنه - أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله فسئل علي - رضي الله تعالى عنه - فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته أخبرنا بذلك مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب وبهذا نقول نحن وهم إلا أنهم يقولون في اللص يدخل دار رجل فيقتله ينظر إلى المقتول فإن لم يكن يعرف باللصوصية قتل القاتل، وإن كان يعرف باللصوصية درئ عن القاتل القتل، وكانت عليه الدية وهذا خلاف ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - ابن مهدي عن سفيان عن الشيباني عن بعض أصحابه أن رجلا أتى عليا - رضي الله تعالى عنه - برجل فقال: إن هذا يزعم أنه احتلم على أم الآخر فقال: أقمه في الشمس واضرب ظله وليسوا يقولون بهذا.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي بشر عن شبيب بن أبي روح أن رجلا كان تواعد جارية له مكانا في خلاء فعلمت جارية بذلك فأتته فحسبها جاريته فوطئها ثم علم فأتى عمر فقال: ائت عليا فسأل عليا - رضي الله تعالى عنه - فقال: أرى أن تضرب الحد في خلاء، وتعتق رقبة وعلى المرأة الحد وليسوا يقولون بهذا، يقولون: يدرأ عنه الحد بالشبهة فأما نحن فنقول في المرأة: تحد كما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لأنها زنت وهي تعلم.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي قال: كنت عند علي - رضي الله تعالى عنه - فأتته امرأة فقالت: إن زوجي وقع على جاريتي فقال: إن تكوني صادقة نرجمه، وإن تكوني كاذبة نجلدك وبهذا نأخذ؛ لأن زناه بجارية امرأته كزناه بغيرها إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة، ويقول: كنت أرى أنها لي حلال، وهم يخالفون هذا ويدرءون عنه الحد كان جاهلا أو عالما. وعن عمرو بن شعيب قال: رأيت رجلا يستقي على بئر قد قطعت يده، وتركت إبهامه فقلت: من قطعك؟ فقال علي وهم يخالفون هذا، ويقولون: تقطع من مفصل الكف ويروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن سعيد بن عبد الله عن حصين بن المنذر أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد الوليد في الخمر أربعين وهم يخالفون هذا، ويقولون: يجلد ثمانين ونحن نروي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه جلد الوليد بالمدينة بسوط له طرفان أربعين فذلك ثمانون، وبه نقول (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بذلك سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن الوليد عن يزيد أراه ابن مذكور أن عليا - رضي الله تعالى عنه - رجم لوطيا وبهذا نأخذ نرجم اللوطي محصنا كان أو غير محصن، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن المسيب يقول: السنة أن يرجم اللوطي أحصن أو لم يحصن "رجع الشافعي" فقال: لا يرجم إلا أن يكون قد أحصن وعكرمة يرويه عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبهم يقول: ليس على اللوطي حد، ولو تلوط وهو محرم لم يفسد إحرامه، ولا غسل عليه ما لم يمن وقد خالفه بعض أصحابه فقال: اللوطي مثل الزاني يرجم إن أحصن، ويجلد إن لم يحصن، ولا يكون اللوطي أشد حالا من الزاني، وقد بين الله عز وجل فرقا بينهما فأباح جماع النساء بوجهين: أحدهما النكاح، والآخر ملك اليمين، وحرم هذا من كل الوجوه فمن أين يشتبهان.
    (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي - رضي الله عنه - فقال: إني سرقت فطرده، ثم قال: إني سرقت فقطع يده، وقال: إنك شهدت على نفسك مرتين، وهم يخالفون هذا، ويقولون حتى يقول أربع مرات، وإنما تركنا نحن أن نقول: الاعتراف بمنزلة الشهادة؛ لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أنيسا الأسلمي أن يغدو على امرأة، فإن اعترفت رجمها» ولم يقل أربع مرات، ولو كان الإقرار يشبه الشهادة كان لو أقر أربع مرات ثم رجع بطل عنه الحد، وهم يقولون: في الزنا: لا يحد الزاني حتى يقر أربعا قياسا على الشهادات، ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - ويقولون في السرقة: إقراره مرة وأكثر سواء، ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله عنه - وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعون القياس فيه. .
    وكيع عن سفيان الثوري عن سماك عن قابوس بن مخارق أن محمد بن أبي بكر كتب إلى علي يسأله عن مسلم زنى بنصرانية فكتب إليه أن أقم الحد على المسلم وادفع النصرانية إلى أهل دينها وهم يقولون أيضا: يقام الحد على النصرانية ويخالفون هذا الحديث. يزيد بن هارون عن أيوب عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله عنه - في حرين باع أحدهما صاحبه فقطعهما علي جميعا وهم يخالفون هذا وينكرون القول فيه.
    أبو بكر بن عياش قال: حدثني أبو حصين عن عامر الكاهلي قال: كنت عند علي - رضي الله عنه - إذ أتي برجل فقال: ما شأن هذا؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين وجدناه تحت فراش امرأة فقال: لقد وجدتموه على نتن فانطلقوا به إلى نتن مثله فمرغوه فيه فمرغوه في عذرة وخلى سبيله وهم يخالفون هذا ويقولون: يضرب ويرسل وكذلك قول المفتين لا يختلفون في ذلك.
    سفيان عن مطرف عن الشعبي عن ابن مسعود أنه كان يقول: لا نرى على الذي يصيب وليدة امرأته حدا ولا عقرا، رجل عن شعبة عن منصور عن ربعي بن خراش عن عبد الله أن رجلا أتاه فذكر له أنه أصاب جارية امرأته فقال: استغفر الله ولا تعد، وهم يخالفون هذا ويقولون: يعزر، وأما نحن فنقول: إن كان من أهل الجهالة، وقال: قد كنت أرى أنها حلال لي فإنا ندرأ عنه الحد وعزرناه وإن كان عالما حددناه حد الزاني.
    ابن مهدي عن سفيان عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن ابن مسعود «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع سارقا في قيمة خمسة دراهم» ونحن نأخذ بهذا إلا أنا نقطع في ربع دينار وخمسة دراهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ربع دينار، وهم يخالفون هذا، ويقولون: لا قطع في أقل من عشرة دراهم.
    رجل عن شعبة عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله أنه وجد امرأة مع رجل في لحافها على فراشها فضربه خمسين فذهبوا فشكوا ذلك إلى عمر - رضي الله عنه - فقال: لم فعلت ذلك؟ قال: لأني أرى ذلك، قال: وأنا أرى ذلك وأصحابنا يذهبون إلى أنه يبلغ بالتعزير هذا وأكثر منه إلى ما دون الثمانين بقدر الذنوب وهم يقولون: لا يبلغ بالتعزير في شيء أربعين فيخالفون ما رووا
    عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما -.
    يزيد بن هارون عن ابن أبي عروبة عن حماد عن إبراهيم عن عبد الله في أم الولد تزني بعد موت سيدها تجلد وتنفى وهم لا يقولون بهذا يقولون: لا ينفى أحد زان ولا غيره ونحن نقول: ينفى الزاني بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما روي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهم - كلهم قد رأوا النفي.
    جرير عن منصور عن زيد بن وهب أن عبد الله دخل المسجد والإمام راكع فركع ثم دب راكعا، ابن عيينة عن عمرو عن أبي عبيدة عن رجل عن مجالد عن الشعبي عن عمه قيس بن عبد عن عبد الله مثله وهكذا نقول نحن، وقد فعل هذا زيد بن ثابت وهم ينهون عن هذا ويخالفونه.
    ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يصلي الصبح نحوا من صلاة أمير المؤمنين يعني ابن الزبير وكان ابن الزبير يغلس
    رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو والشيباني قال: كان عبد الله يصلي بنا الصبح بسواد أو قال: بغلس فيقرأ بسورتين وبهذا جاءت السنة، وهو قولنا، وهم يخالفونه ويقولون: بل يسفر، والذي أخذنا به أن سفيان أخبرنا عن الزهري عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» ، مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة مثله.
    ابن علية عن عوف عن سيار بن سلمة أبي المنهال «عن أبي برزة الأسلمي أنه سمعه يصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يصلي الصبح ثم ينصرف، وما يعرف الرجل منا جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة» .
    ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسا فقيل له: زيد في الصلاة، أو قالوا: صليت خمسا فاستقبل القبلة فسجد سجدتين» ، رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله وبهذا نأخذ وهو يوافق ما روينا عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين وهم لا يأخذون بهذا ويزعمون أنه إن لم يكن جلس في الرابعة قدر التشهد فسدت صلاته أبو معاوية وحفص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلم ثم سجد سجدتي السهو بعد السلام» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وذلك لأنه إنما ذكر السهو بعد السلام فسئل فلما استيقن أنه قد سها سجد سجدتي السهو ونحن نأخذ بهذا.
    مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، ابن علية وهشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو هريرة وابن عمر في ركعتين وقال عمران في ثلاث فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت فقال: كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فاستقبل القبلة فأتم ما بقي من صلاته ثم سجد سجدتي السهو» وهم يخالفون هذا كله ويقولون: لا يسجد للسهو بعد الكلام.
    رجل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد «عن عبد الله قال: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة قط إلا لوقتها إلا بالمزدلفة فإنه جمع بين المغرب والعشاء وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان صلاها بعد الفجر لم يقل قبل وقتها، ولقال في وقتها الأول، ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يصلي الصبح بجمع ولو أن متسحرا تسحر لجاز ذلك (قال: الشافعي) ولم يختلف أحد في أن لا يصلي أحد الصبح غداة جمع، ولا في غيرها إلا بعد الفجر، وهم يخالفونه أيضا في قوله: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    لم يجمع إلا بين المغرب والعشاء» فيزعمون أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذلك نقوله نحن للسنة التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى ذلك حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: «فراح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة حين زالت الشمس فخطب ثم صلى الظهر والعصر معا» وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في غير ذلك الموطن، مالك عن نافع عن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء» ، مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» ، أخبرنا الليث عن عقيل بن خالد عن الزهري عن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم ينزل فيصليهما معا» ، أخبرنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن حسين بن عبد الله عن كريب مولى ابن عباس عن «ابن عباس أنه قال: ألا أخبركم عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس وهو في المنزل جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر حتى يصليها في وقت العصر، وهذه مواطن قد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها غير عشية عرفة وليلة جمع» .
    ابن علية عن أيوب عن محمد بن عجلان أن ابن مسعود كان يقرأ في الآخرتين بفاتحة الكتاب، وبهذا نقول: ولا يجزيه إلا أن يقرأها فإن نسي أعاد وهم يقولون: إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ وإن شاء سبح، محمد بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه «أن عبد الله صلى به وبعلقمة فأقام أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره وقال: هكذا كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -» وليسوا يقولون بهذا، ونحن معهم يكونان خلف الإمام فأما نحن فنأخذ بحديث مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قوموا لأصلي لكم فقمت إلى حصير فنضحته بماء فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف» ، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه قال: دخلت على عمر بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه.
    أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: دخلنا على عبد الله في داره فصلى بنا فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما بين فخذيه فلما انصرف قال: كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين فخذيه، وأقام أحدنا عن يمينه، والآخر عن يساره، وليسوا يقولون: بهذا ولا نحن أما نحن فنأخذ بحديث رواه يحيى القطان عن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي أنه سمعه في عدة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة يقول «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع وضع يديه على ركبتيه» ، أخبرنا ابن علية عن محمد بن إسحاق قال: حدثني علي بن يحيى بن خلاد الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة عن رافع «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك» . أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: صلى عبد الله بأصحابه الجمعة ضحى وقال: خشيت الحر عليكم وليسوا يقولون بهذا، ولا يقول به أحد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان والأئمة بعد في كل جمعة بعد زوال الشمس. أخبرنا يحيى بن عباد عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عبد الله أنه كان يوتر بخمس أو سبع. سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله أنه كان يكره أن يكون ثلاثا وتر، ولكن خمسا أو سبعا وليسوا يقولون
    بهذا يقولون: صلاة الليل مثنى مثنى إلا الوتر فإنها ثلاث متصلات لا يصلى الوتر أكثر من ثلاث، وأما نحن فنقول بالسنة الثابتة أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر «أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مثله أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة» .
    سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله هشيم وأبو معاوية وابن علية وغير واحد عن ابن عون وعاصم عن ابن سيرين عن يحيى بن الجزار أظنه عن عبد الله أنه صلى، وعلى بطنه فرث ودم وليسوا يقولون بهذا يقولون: إذا كان على بطنه مقدار الدرهم الكبير أعاد الصلاة وإن كان أقل لم يعد ولم نعلم أحدا ممن مضى قال: إذا كان الدم في الثوب أو على الجسد مقدار الدرهم أعاد الصلاة، وإن كان أقل لم يعد.
    أخبرنا هشيم عن حصين عن خارجة بن الصلت أن ابن مسعود ركع فمر به رجل فقال: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن فقال: عبد الله صدق الله ورسوله فلما قضى صلاته قيل له كأن الرجل راعك قال: أجل إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل للمعرفة» وليسوا يقولون بهذا وهو عندهم نقض للصلاة إذا تكلم بمثل هذا حين يريد به الجواب وهم لا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن مسعود روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الكلام في الصلاة ولو كان هذا عنده من الكلام المنهي عنه لم يتكلم به.
    أخبرنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: رأيت ابن مسعود إذا مر بين يديه رجل وهو يصلي التزمه حتى يرده ونحن نقول بهذا وهو يوافق ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم لا يأخذون به، وأحسبهم يقولون: إن هذا ينقض الصلاة ولا يروون قولهم هذا عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدعون قول عبد الله وهو موافق السنة.
    أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى، وإذا فاتك الركوع فصل أربعا وبهذا نقول؛ لأنه موافق معنى ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خالف هذا بعضهم فزعم أنه إذا لم يدرك الخطبة صلى أربعا رجع بعضهم إلى أن قال مثل قولنا، وقال بعضهم: إذا أدرك الإمام في شيء من الصلاة وإن كان جالسا صلى ركعتين فخالف هذا الحديث والذي قبله.
    أخبرنا رجل عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة قال: قال عبد الله: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى بالمرافق وليسوا يقولون بهذا ولا نعلم أحدا يقول بهذا فأما نحن فأخبرنا سفيان عن داود بن قيس عن «عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقاع من نمرة ساجدا فرأيت بياض إبطيه» أخبرنا سفيان قال: أخبرنا عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم عن عمه يزيد بن الأصم عن ميمونة أنها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو أرادت بهيمة أن تمر من تحته لمرت مما يجافي» أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: خبط عبد الله الحصا بيده خبطة في المسجد فقال: لبيك وسعديك.
    رجل عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله نحوه وهذا عندهم فيما أعلم كلام في الصلاة يكرهونه، وأما نحن فنقول: كل شيء من الكلام خاطبت به الله عز وجل: ودعوته به فلا بأس به، وذلك؛ لأن سفيان حدثنا عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
    رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفع رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح قال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» وهم يخالفون هذا كله ويقولون: القنوت قبل الركوع.
    ابن مهدي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة عن الأسود قال: كان عبد الله لا يقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة وهم يخالفون هذا ويقولون: تقصر الصلاة في كل سفر بلغ ثلاثا، وغيرهم يقول: كل سفر بلغ ليلتين أخبرنا إسحاق بن يوسف وغيره عن محمد بن قيس عن عمران بن عمير مولى ابن مسعود عن أبيه قال: سافرت مع ابن مسعود إلى ضيعة بالقادسية فقصر الصلاة بالنجف وليسوا، ولا أحد علمته من المفتين يقول بهذا، أما هم فيقولون: تقصر الصلاة في أقل من مسيرة ثلاث ليال قواصد، ولا أعلمهم يروون هذا عن أحد ممن مضى ممن قوله حجة بل يروون عن حذيفة خلاف قولهم رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: استأذنت حذيفة من المدائن فقال: آذن لك على أن لا تقصر حتى ترجع، وهم يخالفون هذا ويقولون: يقصر من الكوفة إلى المدائن وأما نحن فنأخذ في القصر بقول ابن عمر وابن عباس تقصر الصلاة في مسيرة أربع برد، أخبرنا بذلك ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: تقصر الصلاة إلى عسفان وإلى الطائف وجدة، وهذا كله من مكة على أربعة برد ونحو من ذلك، أخبرنا مالك عن نافع عن سالم عن ابن عمر أنه خرج إلى ذات النصيب فقصر الصلاة قال مالك: وهي أربع برد وهم يخالفون روايتهم عن حذيفة وابن مسعود وروايتنا عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -، ابن مهدي عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله: لا تغيروا بسوادكم فإنما سوادكم من كوفتكم يعني لا تقصروا الصلاة إلى السواد وهم يقولون: إن أراد من السواد مسيرة ثلاث قصر إليه الصلاة، وهذه أحاديث يروونها في صلاة السفر مختلفة يخالفونها كلها.
    ابن مهدي عن سفيان عن أشعث بن سليم عن عبد الله بن زياد قال: سمعت عبد الله يقرأ في الظهر والعصر وهذا عندنا لا يوجب سهوا، ولا نرى بأسا إن تعمد الجهر بالقراءة ليعلم من خلفه أنه يقرأ، وهم يكرهون هذا يكرهون أن يجهر بشيء من القراءة في الظهر والعصر ويوجبون السهو على من فعله، ونحن نوافق هذا، وهم يخالفونه.
    ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود أن عبد الله كان يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ابن مهدي عن سفيان الثوري عن غيلان بن جامع عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله مثله وليسوا يقولون بهذا يقولون: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وأما نحن فنقول بما روي عن ابن عمر وابن عباس يكبر من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق فنترك قول ابن مسعود لقول ابن عباس وابن عمر وأما هم فيخالفون قول من سمينا، وما رووا عن ابن مسعود معا، والذي قلنا أشبه الأقاويل، والله تعالى أعلم بما يعرف أهل العلم، وذلك أن للتلبية وقتا تنقضي إليه، وذلك يوم النحر، وأن التكبير إنما يكون خلف الصلاة، وأول صلاة تكون بعد انقضاء التلبية يوم النحر صلاة الظهر وآخر صلاة تكون بمنى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.
    ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن سليم بن حنظلة قال: قرأت السجدة عند عبد الله فنظرت إليه فقال: أنت أعلم فإذا سجدت سجدنا وبهذا نقول ليست السجدة بواجبة على من قرأ، وعلى من سمع وأحب إلينا أن يسجد وإذا سجد القارئ أحببنا للسامع أن يسجد، وقد روينا هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، ورووا ذلك عن ابن مسعود وهم يخالفون هذا ويزعمون أنها واجبة على السامع أن يسجد، وإن لم
    يسجد الإمام فيخالفون روايتهم عن ابن مسعود وروايتنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، ابن عيينة عن عبدة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان لا يسجد في "ص" ويقول: إنما هي توبة نبي
    ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها وهم يخالفون ابن مسعود ويقولون: هي واجبة.
    ابن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله في الصلاة على الجنائز لا وقت ولا عدد، رجل عن شعبة عن رجل قال: سمعت زر بن حبيش يقول: «صلى عبد الله عن رجل ميت فكبر عليه خمسا، ونحن نروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر أربعا» ، مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر على النجاشي أربعا» ، ولم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قط أنه كبر على ميت إلا أربعا، وهم يقولون قولنا، ونقول: التكبير على الجنائز أربعا أربعا لا يزاد فيها ولا ينقص فخالفوا ابن مسعود وقالوا في هذا بروايتنا.
    أخبرنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال "اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" ونحن نستحب هذا، ونقول به لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يكرهون هذا كراهة شديدة.
    أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله قال: صلى العصر قدر ما يسير الراكب فرسخين وهم يقولون: تؤخر العصر قدر ما يسير الراكب فرسخا فيخالفون ما رووا ما لم يدخل الشمس صفرة وأما نحن فنقول: يصلي العصر في أول وقتها لأنا روينا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم، والشمس بيضاء نقية» .
    هشيم عن منصور عن الحسن عن رجل من هذيل أن ابن مسعود كان يقرأ بفاتحة الكتاب في الجنائز وهم يخالفون هذا، ولا يقرءون على الجنائز، وأما نحن فنقول: بهذا نقول: يقرأ الإمام بفاتحة الكتاب، أخبرنا بذلك إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته عن ذلك فقال: سنة وحق، أخبرنا ابن علية عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال: سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنائز ويقول: إنما فعلت لتعلموا أنها سنة.
    أخبرنا إسحاق بن يوسف عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: التكبير تحريم الصلاة، وانقضاؤها التسليم وليسوا يقولون بهذا يزعمون أن من جلس مقدار التشهد فقد تمت صلاته، ولا شيء عليه وأما نحن فنقول: تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم؛ لأنه يوافق ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» وهكذا نقول: لا يخرج من الصلاة حتى يسلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل حد الخروج من التسليم فكل حدث كان يفسد الصلاة فيما بين التكبير إلى التسليم فهو يفسدها؛ لأن من الدخول فيها إلى الخروج منها صلاة فلا يجوز أن يكون في صلاة فيعمل ما يفسدها، ولا تفسد.
    هشيم عن حصين قال: أخبرني الهيثم أنه سمع ابن مسعود يقول: لأن أجلس على الرضف أحب إلي من أن أتربع في الصلاة وهم يقولون: قيام صلاة الجالس التربع ونحن نكره ما يكره ابن مسعود من تربع الرجل في الصلاة وهم يخالفون ابن مسعود ويستحبون التربع في الصلاة. .
    أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى عثمان بمنى أربعا «فقال: عبد الله صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين» ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ثم تفرقت بكم الطرق قال الأعمش فحدثني




  9. #309
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (309)
    صــــــــــ 199 الى صـــــــــــ 205





    معاوية بن قرة أن عبد الله صلاها بعد أربعا فقيل له: عبت على عثمان وتصلي أربعا قال: الخلاف شر وهم يقولون: لا يصلح للمسافر أن يصلي أربعا فإن صلى أربعا فلم يجلس في الثانية مقدار التشهد فسدت صلاته فيروون عن عبد الله أنه فعل ما إن فعله أحد فسدت صلاته.
    أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وهم يستحبون أن يقرأ في أقل من ثلاث أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا به ما ليس منه وهم يروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بهما في صلاة الصبح» وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي.
    أخبرنا ابن مهدي وغيره عن سفيان الثوري عن ابن إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: كان عبد الله يعطينا العطاء في زبل صغار ثم يأخذ منها زكاة، وهم يقولون: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، ولا نأخذ من العطاء ونحن نروي عن أبي بكر أنه كان لا يأخذ من العطاء زكاة وعن عمر وعثمان ونحن نقول بذلك أخبرنا ابن علية وابن أبي زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن مسعود أنه كان يقول لولي اليتيم: أحص ما مر من السنين فإذا دفعت إليه ماله قلت له قد أتى عليه كذا وكذا فإن شاء زكى وإن شاء ترك ولو كان ابن مسعود لا يرى عليه زكاة لم يأمره بالإحصاء؛ لأن من لم تجب عليه زكاة لا يؤمر بإحصاء السنين كما لا يؤمر الصبي بإحصاء سنيه في صغره للصلاة، ولكن كان ابن مسعود يرى عليه الزكاة، وكان لا يرى أن يزكيها الولي، وكان يقول: يحسب الولي السنين التي وجبت على الصبي فيها الزكاة فإذا بلغ الصبي، ودفع إليه ماله أعلمه ذلك، وهم يقولون: ليس في مال الصبي زكاة ونحن نقول: يزكي لأنا روينا ذلك عن عمر وعلي وعائشة وابن عمر وروينا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بذلك عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابتغوا في أموال اليتامى لئلا تذهبها أو تستهلكها الصدقة» .
    [باب الصيام]
    أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمير أن عليا سئل عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها وليسوا يقولون بهذا يقولون: لا بأس بقبلة الصائم.
    أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي السفر عن علي - رضي الله عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود وليسوا ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد حرم الطعام والشراب على الصائم.
    أخبرنا رجل عن الشيباني عن أبي ماوية أن عليا - رضي الله عنه - خرج يستسقي يوم عاشوراء فقال: من كان منكم أصبح صائما فليتم صيامه ومن كان مفطرا فلا يأكل وليسوا يقولون بهذا يقولون: من أصبح مفطرا فلا يصوم.
    أخبرنا رجل من شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه كره صوم يوم الجمعة وهم يستحبون صوم يوم الجمعة فيخالفون عليا - رضي الله تعالى عنه -.
    أخبرنا رجل عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن
    عبد الله أنه كره القبلة للصائم وليسوا يأخذون بهذا، وأما نحن فنروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل وهو صائم» وعن غير واحد من أصحابه، ونقول: لا بأس أن يقبل الصائم.
    أخبرنا ابن مهدي وإسحاق الأزرق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن المستورد بن الأحنف قال: جاء رجل فصلى معه الظهر فقال: إني ظللت اليوم لا صائم ولا مفطر كنت أتقاضى غريما لي فماذا ترى؟ قال: إن شئت صمت وإن شئت أفطرت أخبرنا رجل بشر بن السري وغيره عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن أن حذيفة بدا له بعد ما زالت الشمس فصام وهم لا يرون هذا، ويزعمون أنه لا يكون صائما حتى ينوي الصوم قبل الزوال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: أحدكم بالخيار ما لم يأكل أو يشرب وأما نحن فنقول: المتطوع بالصوم متى شاء نوى الصيام فأما من عليه صوم واجب فعليه أن ينويه قبل الفجر والله أعلم. .
    [باب الحج]
    (قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال: الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة وليسوا يأخذون بذلك، ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة في أشهر الحج، وأما نحن فروينا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا معه في حجته منهم من قرن الحج مع العمرة، ومنهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، ومنهم من أفرد الحج أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «وأفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج» فبهذا قلنا: لا بأس بالعمرة في أشهر الحج وقد كان ابن مسعود فيمن شهد تلك الحجة فيما علمنا.
    أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر: يا أبا أمية حج واشترط فإن لك ما شرطت ولله عليك ما اشترطت وهم يخالفون هذا، ولا يرون الشرط شيئا وأما نحن فنقول: يشترط وله الشرط لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر ضباعة بنت الزبير بالشرط وما روي عن عائشة أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير فقال: أما تريدين الحج؟ فقالت إني شاكية فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة يا ابن أختي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن يسرته فهو الحج، وإن حبسني حابس فهي عمرة.
    أخبرنا ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله أنه لبى على الصفا في عمرة بعد ما طاف بالبيت وليسوا ولا أحد من الناس علمناه يقول بهذا، وإنما اختلف الناس عندنا فمنهم من قال: يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم وهو قول ابن عمر، ومنهم من قال: إذا استلم الركن وهو قول ابن عباس وبهذا نقول
    أخبرنا رجل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وبه يقولون هم أيضا فأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد
    أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: «كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك» وليسوا ولا أحد علمناه يقول هذا فخالفوه؛ لأن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم المسلمين إلى اليوم زيادة على هذه التلبية والملك لا شريك لك.
    أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق
    عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله تنفل بين المغرب والعشاء بجمع وليسوا يقولون بهذا بل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاهما ولم يصل بينهما شيئا أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على أثر واحدة منهما» وبهذا نقول: أخبرنا ابن علية عن أبي حمزة ميمون عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: نسكان أحب إلي أن يكون لكل منهما شعث وسفر وهم يزعمون أن القرآن أفضل وبه يفتون من استفتاهم وعبد الله كان يكره القرآن أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه حكم في اليربوع جفرا أو جفرة، وهم يخالفونه ويقولون: نحكم فيه بقيمته في الموضع الذي يصاب فيه، ولو يبلغ أن يكون غير جفرة لم يهد إلا الثني فصاعدا ما يكون أضحية فيخالفونه من وجهين ولا يقولون علمته في قولهم هذا بقول أحد من السلف وأما نحن فنقول به؛ لأنه مثل ما روينا عن عمر وهو قول عوام فقهائنا. والله أعلم. .
    [كتاب اختلاف مالك والشافعي]
    - رضي الله عنهما - أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي - رحمه الله تعالى - قال: سألت الشافعي بأي شيء تثبت الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: قد كتبت هذه الحجة في كتاب "جماع العلم" فقلت: أعد من هذا مذهبك ولا تبال أن يكون فيه في هذا الموضع فقال الشافعي: إذا حدث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نترك لرسول الله حديثا أبدا إلا حديثا وجد عن رسول الله حديث يخالفه، وإذا اختلفت الأحاديث عنه فالاختلاف فيها وجهان: أحدهما أن يكون بها ناسخ ومنسوخ فنعمل بالناسخ ونترك المنسوخ، والآخر أن تختلف، ولا دلالة على أيها الناسخ فنذهب إلى أثبت الروايتين فإن تكافأتا ذهبت إلى أشبه الحديثين بكتاب الله وسنة نبيه فيما سوى ما اختلف فيه الحديثان من سنته ولا يعدو حديثان اختلفا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجد فيهما هذا أو غيره مما يدل على الأثبت من الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا كان الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، وكان يروى عمن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث يوافقه لم يزده قوة، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغن بنفسه، وإن كان يروى عمن دون رسول الله حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه وحديث رسول الله أولى أن يؤخذ به، ولو علم من روى خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنته اتبعها إن شاء الله فقلت للشافعي: أفيذهب صاحبنا هذا المذهب؟ قال: نعم في بعض العلم وتركه في بعض قلت: فاذكر ما ذهب إليه صاحبنا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يرو عن الأئمة أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي شيئا يوافقه، فقال: نعم سأذكر من ذلك - إن شاء الله - ما يدل على ما وصفت، وأذكر أيضا ما ذهب إليه من حديث رسول الله وفيه عن بعض الأئمة ما يخالفه ليكون أثبت للحجة عليكم في اختلاف أقاويلكم فتستغنون مرة بالحديث عن النبي دون غيره وتدعون له ما خالفه ثم تدعون الحديث مرة أخرى بغير حديث يخالفه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومن ذلك أنه أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس، قال: وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة كلاهما قالا: «إن الشمس خسفت فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
    ركعتين ووصفاهما في كل ركعة ركعتين» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وخالفنا غيركم من الناس فقال: تصلي ركعتين كصلاة الناس وروى حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قوله، وخالفنا غيرهم من الناس فقال: تصلي ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا بأن ابن عباس صلى في زلزلة ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا غيره بأن علي بن أبي طالب صلى ركعتين، في كل ركعة أربع ركعات أو خمس وكانت حجتنا عليهم أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في أحد بعده حجة لو جاء عنه شيء يخالفه.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله: وأخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن يسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» فقلنا: نحن وأنتم بهذا، وخالفنا بعض الناس فيه فقال: هو مدرك العصر، وصلاته الصبح فائتة من قبل أنه خرج إلى وقت نهى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عما لا يلزم من الصلوات، وهذه صلاة لازمة قد بينها وأخبر أنه مدرك في الحالين معا أفرأيتم لو احتج عليكم رجل فقال: كيف ثبتم حديث أبي هريرة وحده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يروه أحد علمته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة ولم تردوه بأن هذا لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ما كانت حجتنا عليه إلا أنه إذا ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استغني به عمن سواه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم» فأخذنا نحن وأنتم به أفرأيتم إن قال لنا قائل: إن الحر والبرد لم يحدثا بعد ولم يذهبا بعد فلما لم يأت عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم أمروا بالإبراد، ولم ترووه عن واحد منهم وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحض على أول الوقت وذلك في الحر والبرد سواء هل الحجة إلا ثبوت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن حضه على أول الوقت لا يدفع أمره بتأخير الظهر في شدة الحرة، ولو لم يرو عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - استغني فيه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك عن أبي قتادة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: إنها ليست بنجس» قال: فأخذنا نحن وأنتم به فقلنا: لا بأس بالوضوء بفضل الهرة وخالفنا بعض الناس فكره الوضوء بفضلها واحتج بأن ابن عمر كره الوضوء بفضلها أفرأيتم إن قال لكم قائل: حديث حميدة عن كبشة لا يثبت مثله والهرة لم تزل عند الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنحن نوهنه بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتج أيضا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» والكلب لا يؤكل لحمه، ولا الهرة فلا أتوضأ بفضلها فهل الحجة عليه إلا أن المرأتين إن كانتا معروفتين ثبت حديثهما، وأن الهر غير الكلب الكلب نجس مأمور بغسل الإناء منه سبعا، ولا نتوضأ بفضله وفي الهرة حديث أنها ليست بنجس فنتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون أحد بعده قال به، ولا يكون في أحد قال بخلاف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، ولا في أن لم يرو إلا من وجه واحد إذا كان الوجه معروفا.
    (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ» فقلنا نحن وأنتم به، وخالفنا بعض الناس فقال: لا يتوضأ من مس الذكر واحتج بحديث رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافق قوله فكانت حجتنا عليه أن حديثه مجهول لا يثبت مثله، وحديثنا معروف، واحتج علينا بأن حذيفة وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وعمران بن الحصين وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص قالوا: ليس في مس الذكر وضوء وقالوا: رويتم عن سعد قولكم، وروينا عنه خلافه ورويتموه عن ابن عمر ومن رويناه عنه أكثر، لا توضئون لو مسستم أنجس منه فكانت حجتنا أن ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في قول أحد خالفه حجة على قوله فقال منهم قائل: أفلا نتهم الرواية عن رسول الله إذا جاء عن مثل من وصفت وكان من مس ما هو أنجس منه لا يجب عليه عندكم وضوء فقلت لا يجوز لعالم في دينه أن يحتج بما يرى الحجة في غيره قال: ولم لا تكون الحجة فيه؟ والغلط يمكن فيمن يروي فقلت له: أرأيت إن قال لك قائل: إن جميع ما رويت عمن رويته عنه فأخاف غلط كل محدث منهم عمن حدث عنه إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه قال: لا يجوز أن يتهم حديث أهل الثقة قلت: فهل رواه عن أحد منهم إلا واحد عن واحد؟ قال: نعم قلت: ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحد عن واحد؟ قال: نعم، قلت: فإننا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله بصدق المحدث عندي، وعلمنا أن من سمينا قاله بحديث الواحد عن الواحد؟ قال: نعم قلت: وعلمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله علمنا بأن من سمينا قاله؟ قال: نعم قلت: فإذا استوى العلمان من خبر الصادقين أيهما كان أولى بنا أن نصير إليه، آلخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بأن نأخذ به أو الخبر عمن دونه؟ قال: بل الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن ثبت قلت: ثبوتهما واحد قال: فالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يصار إليه، وإن أدخلتم على المخبرين عنه أنهم يمكن فيهم الغلط دخل عليكم في كل حديث روي مخالف الحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قلتم: ثبت خبر الصادقين فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى عندنا أن يؤخذ به.
    (قال: الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» فأخذنا نحن، وأنتم به وخالفنا فيه غيرنا فروي عن ابن مسعود «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع إلا بالمزدلفة» وروي عن عمر أنه كتب أن الجمع بين الصلاتين إلا من عذر من الكبائر فكانت حجتنا عليه أن ابن مسعود وإن قال: لم يفعل فقال غيره: فعل فقول من قال فعل أولى أن يؤخذ به لأنه شاهد، والذي قال لم يفعل غير شاهد وليس في قول أحد خالف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة لما وصفت من أنا إذا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال شيئا، وغيره قال غيره فلا يشك مسلم في أن ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى أن يؤخذ به، وإن أدخلت أن الرجال المحدثين يمكن فيهم الغلط. في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخلنا ذلك في حديث من روى عنه ما يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في حديث من روى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمكن؛ لأنه لا يروي عن النبي - عليه السلام - شيئا سماعا إلا أصحابه وأصحابه خير ممن بعدهم، وعامة من يروي عمن دونه التابعون فكيف يتهم حديث الأفضل ولا يتهم حديث الذي هو دونه؟ ولسنا نتهم منهم واحدا ولكنا نقبلهما معا، والحجة فيما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قال غيره ولا يوهن الجمع في السفر بأن يقول رجل سافر أبو بكر غازيا وحاجا وعمر
    حاجا وغازيا وعثمان غازيا وحاجا ولم يثبت أن أحدا منهم جمع في سفر بل يكتفي بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يوهنه إن لم يحفظ أنه عمل به بعده ولا يزيده قوة أن يكون عمل به بعده، ولو خولف بعد ما أوهنه وكانت الحجة فيما روي عنه دون ما خالفه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال: قصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس» فقلنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا غيرنا فقال: الكلام في الصلاة عامدا يقطعها وكذلك يقطعها الكلام وإن ظن المصلي أنه قد أكمل ثم تكلم وروي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة» فقلنا: هذا لا يخالف حديثنا نهى عن الكلام عامدا فأما الكلام ساهيا فلم ينه عنه، والدليل على ذلك أن حديث ابن مسعود بمكة قبل الهجرة وحديث أبي هريرة بالمدينة بعد حديث ابن مسعود بزمان فلم نوهن نحن وأنتم هذا الحديث بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم فعلوا مثل هذا ولا قالوا من فعل مثل هذا جاز له واكتفينا بالخبر لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم نحتج فيه إلى أن يعمل به بعده غيره.
    (قال: الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم قام فلم يجلس وقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم» فأخذنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا وقلتم يسجد للسهو في النقص من الصلاة قبل التسليم فخالفنا بعض الناس، وقال: تسجدان بعد التسليم واحتج بروايتنا فقال من احتج عن مالك سجدهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزيادة بعد السلام فسجدتهما كذلك وسجدهما في النقص قبل السلام فسجدتهما كذلك ولم نوهن هذا بأن لم يرو عن أحد من الأئمة فيه شيء يخالفه ولا يوافقه واكتفينا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع «صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم» (قال الشافعي) : أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم عن صالح بن خوات عن خوات بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه فأخذنا نحن وهو بهذا حتى حكي لنا عنه غير ما عرضنا عليه وخالفنا بعض الناس فقال فيه بخلاف قولنا فقال: لا تصلى صلاة الخوف اليوم فكانت حجتنا عليه ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من حجته أن قال: قد اختلفت الأحاديث في صلاة الخوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم نعلم أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ثبت عن علي أن واحدا منهم صلى صلاة الخوف ولا أمروا بها، والصلاة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفضل ليست كهي خلف غيره، وبأن لم يرو عن خلفائه حديث يثبت بصلاتها، ولم يزالوا محاربين ومحاربا في زمانهم فهذا يدل على أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة
    فكانت حجتنا عليه أن هذا إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عام إلا بدلالة؛ لأنه لا يكون شيء من فعله خاصا حتى تأتينا الدلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أنه خاص وإلا اكتفينا بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن بعده كما قلنا فيما قبله.
    [باب ما جاء في الصدقات]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا فيه بعض الناس فقال: قال الله تبارك وتعالى لنبيه - عليه السلام - {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] وقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - «فيما سقت السماء العشر» لم يخصص الله عز وجل مالا دون مال ولم يخصص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث مالا دون مال فهذا الحديث يوافق كتاب الله، والقياس عليه وقال: لا يكون مال فيه صدقة، وآخر لا صدقة فيه، وكل ما أخرجت الأرض من شيء وإن حزمة بقل ففيه العشر فكانت حجتنا عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله معنى ما أراد إذ أبان ما يؤخذ منه من الأموال دون ما لم يرد، والحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء جملة والمفسر يدل على الجملة (قال الشافعي) : وقد سمعت من يحتج عنه فيقول كلاما يريد به قد قام بالأمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأخذوا الصدقات في البلدان أخذا عاما وزمانا طويلا فما روي عنهم ولا عن واحد منهم أنه قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة قال: وللنبي - صلى الله عليه وسلم - عهود ما هذا في واحد منها، وما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو سعيد الخدري (قال الشافعي) : فكانت حجتنا عليه أن المحدث به لما كان ثقة اكتفي بخبره ولم نرده بتأويل ولا بأنه لم يروه غيره ولا بأنه لم يرو عن أحد من الأئمة مثله اكتفاء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما دونها وبأنها إذا كانت منصوصة بينة لم يدخل عليها تأويل كتاب إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمعنى الكتاب، ولا تأويل حديث جملة يحتمل أن يوافق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - المنصوص ويخالفه، وكان إذا احتمل المعنيين أولى أن يكون موافقا له، ولا يكون مخالفا فيه ولم يوهنه أن لم يروه إلا واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان ثقة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع» فقلنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا: في هذا دليل على أنه من باع نخلا لم تؤبر فالثمرة للمشتري فخالفنا بعض الناس في هذا فقال: إذا قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالثمرة إذا أبرت للبائع إلا أن يشترط المبتاع علمناه إذا أبر فقد زايل أن يكون مغيبا في شجره لم يظهر كما يكون الحمل مغيبا لم يظهر، وكذلك إذا زايلها وإن لم يؤبر فهو للبائع وقال: هكذا تقولون في الأمة تباع حاملا حملها للمشتري فإذا فارقها فولدها للبائع والثمر إذا خرج من النخلة فقد فارقها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليهم أن قلنا: إن الثمرة قبل الإبار وبعده اتبعنا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أمر به، ولم نجعل أحدهما قياسا على الآخر ونسوي بينهما إن ظهرا فيها ولم نقسهما على ولد الأمة، ولا نقيس سنة على سنة، ولكن نمضي كل سنة على وجهها ما وجدنا السبيل إلى إمضائها ولم نوهن هذا الحديث بقياس ولا شيء مما وصفت ولا بأن اجتمع هذا فيه وإن لم يرو فيه عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا حكم ولا أمر يوافقه واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه عما سواه.




  10. #310
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (310)
    صــــــــــ 206 الى صـــــــــــ 212




    [باب في بيع الثمار]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل: يا رسول الله وما تزهي؟ قال: حتى تحمر وقال: أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه» قال: فأخذنا بهذا الحديث نحن وأنتم وقلنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على معنيين: أحدهما أن بدو صلاحها الحمرة ومثلها الصفرة، وأن قوله: إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه أنه إنما يمنع من الثمرة ما يترك إلى مدة يكون في مثلها التلف فقلنا: كل من ابتاع ثمرة قد بدا صلاحها فله تركها حتى تجد وخالفنا بعض الناس في هذا فقال: من اشترى ثمرة قد بدا صلاحها لم يكن له تركها، وذلك أن ملك النخل والماء الذي به صلاح النخل للبائع يستبقي نخله وماءه، ولا يجوز أن يشترطه؛ لأنه لا يعرف حصة الثمرة من الثمن من حصة الإجارة فكانت حجتنا عليه أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه» يدل على أنه إنما يمنع ما يترك لا ما يكون على مشتريه أن يقطفه مكانه ورأينا أن من خالفنا فيه قد ترك السنة وترك ما تدل عليه السنة لو احتج علينا بأنه لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا قضاء يوافق هذا استغنينا بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سواه.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره عن سعد بن أبي وقاص أخبره «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الرطب بالتمر» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن المزابنة» والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها» قال: فأخذنا نحن وأنتم بالأحاديث كلها حين وجدنا لها كلها مخرجا فقلنا المزابنة بيع الجزاف كله بشيء من صنفه كيلا والرطب بالتمر إذا كان الرطب ينقص شيء واحد متفاضل أو مجهول فقد حرم أن يباع إلا مستويا، وذلك إذا كان موضوعا بالأرض وأحللنا بيع العرايا بخرصها تمرا وهي داخلة في معنى المزابنة والرطب بالتمر إذا كان لهما وجه معا، وخالفنا في هذا بعض الناس فلم يجز بيع العرايا وردها بالحديثين وقال: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان مختلفان فأخذنا بأحدهما وكان الذي أخذنا به أشبه بسنته في النهي عن التمر بالتمر إلا كيلا بكيل فرأينا لنا الحجة ثابتة بما قلنا على من خالفنا إذا وجدنا للحديثين وجها نمضيهما فيه معا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فإذا كانت لنا حجة كانت عليكم في الحديثين يكونان هكذا فتنسبهما إلى الاختلاف، وقد يوجد لهما وجه يمضيان فيه معا فلم ندعه بما وصفنا من حجة غيرنا بحديثنا، ولا بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجل بكرا فجاءته إبل فقال أبو رافع فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقضي الرجل بكره فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وقلنا لا بأس أن يستسلف الحيوان إلا الولائد وأن
    يسلف في الحيوان كله قياسا على هذا، وخالفنا بعض الناس في هذا لا يستسلف الحيوان، ولا يسلف فيه وروي عن ابن مسعود أنه كره السلف فيه وعن غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم نر في واحد دون النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الربيع) : معنى قول الشافعي في هذا الذي نهي عنه ها هنا قرض الأمة خاصة لأن له أخذها منه فأما العبد فيجوز، وقال: هذا قول الشافعي. .
    [باب في الأقضية]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وإنما أخذنا نحن به من قبل أنا رويناه من حديث المكيين متصلا صحيحا وخالفنا فيه بعض الناس فما احتج في شيء منه قط علمته أكثر من حججه فيه، وفي ثلاث مسائل معه فزعم أن القرآن يدل على أن لا يجوز أقل من شاهدين أو شاهد وامرأتين، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «واليمين على المدعى عليه» وقاله عمر فكان هذا دلالة على أن لا تجوز يمين إلا على المدعى عليه ولا يحلف مدع، واحتج بابن شهاب وعطاء وعروة وهما رجلا مكة والمدينة في زمانهما أنكراه غاية النكرة، واحتج بأن لم يحفظ عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان فيه شيء يوافقه، ولا عن علي من وجه يصح عنده، ولا عن واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه يصح ولا عن ابن المسيب ولا القاسم ولا أكثر التابعين وبأنا أحلفنا في المال ولم نحلف في غيره، وأن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: إنما أخذنا باليمين مع الشاهد أنا وجدناه في كتب سعد وقال: تأخذون بيمين وشاهد بأن وجدتموهما في كتاب وتردون الأحاديث القائمة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتي عليه أن قلت: الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتة وما ثبت عن رسول الله لم يوهنه أن لا يوجد عند غيره، ولم يتأول معه قرآن، ولم يدفعه أن أنكره عروة وابن شهاب وعطاء لأنه ليس في الإنكار حجة إنما الحجة في الخبر لا في الإنكار، ورأينا هذا لنا حجة ثابتة فإذا كان مثل هذا يكون لنا حجة فعليك مثله، وأحرى وأولى أن لا يوجد عليه ما يوهنه منه.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله: أخبرنا مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار» فأخذنا نحن وأنتم بهذا الحديث وقلنا: فيه دلالة على أن امرأ لا يحلف على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مجبورا على اليمين لا متطوعا بها، وإنما يجبر الناس على الأيمان الحكام، وخالفنا بعض الناس في هذا واحتج فيه بأن قال: هاشم بن هاشم ليس بالمشهور بالحفظ وعبد الله بن نسطاس ليس بالمعروف، ولو احتججنا عليكم بمثل هذا رددتموه، وليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحلف على المنبر، وقد يتطوع الرجل فيحلف على المنبر كما يتطوع فيحلف بطلاق وعتاق ولم يستحلف لم تحفظوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره أنه أحلف أحدا على منبر في غرم ولا غيره واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين الزوجين فحكي اللعان، ولم يحك أنه كان على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أو رأيت أهل البلدان أيجلبون إلى المدينة أو يحلفون ببلدانهم؟ فكيف تكون الأيمان على
    الناس مختلفة فلم نر له في هذا حجة وقلنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظاهره أنه لا يحلف أحد على منبر إلا مجبورا كما وصفنا. .
    [كتاب العتق]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق» فأخذنا نحن وأنتم بهذا الحديث وأبطلنا به الاستسعاء وشركنا الرق والحرية في العبد إذا كان المعتق للعبد مفلسا وخالفنا فيه بعض الناس، ووهنه بأن قال: رواه سالم عن ابن عمر فلم يقل فيه وإلا فقد عتق منه ما عتق ورواه أيوب عن نافع عن ابن عمر وقال أيوب وربما قال نافع وإلا فقد عتق منه ما عتق وربما لم يقل وأكثر ظني أنه شيء كان يقوله نافع برأيه ووهنه بأن قال: حديث رواه ابن عمر وحده وقد روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه، وعن غير أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه الاستسعاء ووهنه بأن قال: لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافقه بل روينا عن عمر خلافه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن سالما وإن لم يروه فنافع ثقة، وليس في قول أيوب ربما قاله وربما لم يقله إذا قاله عنه غيره حجة، وما روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مختلف فيه فالحفاظ يرونه لا يخالف حديثنا، وغيرهم يرونه يخالف حديثنا ولو خالفه كان حديثنا أثبت منه، والحديث الذي ذكره يخالف حديثنا لا يثبت، ولا يرويه الحفاظ يخالف حديثنا، وإذا كانت لنا الحجة بهذا على من خالفنا فهكذا ينبغي لنا أن نلزم أنفسنا في الحديث كله وأن نستغني بخبر الصادقين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يأت عن أحد من خلفائه ما يوافقه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأدخلوا علينا فيه أن عبدا يكون نصفه حرا ونصفه عبدا فلا يكون له بالحرية أن يرث ولا يورث، وتكون حقوق الحرية كلها فيه معطلة إلا أنه يترك لنفسه يوما ثم يكسب في يومه فيمنع أن يهب ماله فقلنا: لا نترك الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يدخله من القياس ما وصفت، ولا أكثر ولا موضع للقياس مع السنة فقلت للشافعي: قد فهمت ما كتبت مما أخذت وأخذنا به من حديث رسول الله ووجدت فيها ما وصفت من أنا ثبتنا أحاديث كثيرة لم تأت إلا من وجه واحد وليس فيه عن أحد من خلفائه شيء يوافقه ولا يخالفه ووجدنا فيه ما نثبته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه عن بعض خلفائه شيء يخالفه فذهبنا إلى الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتركنا ما خالفه في القسامة، وقد روينا عن عمر في القسامة خلاف ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صرنا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك روينا عن عمر في الضرس وغيرها وذهبنا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ما روينا عن عمر وعن ابن عمر في أشياء وغيرهما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت للشافعي: أفتبين لي أنا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم تركناه لغيره؟ فقال: كثير فقلت للشافعي: فما حجة فعل هذا؟ فقال: قد جهدت أن أجد لكم شيئا يكون عندي أو عند أحد من أهل
    العلم حجة يعذر بها فلم أجده، وذلك أن الذين رويتم عنهم ما أخذتم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقتموهم، والذين رويتم عنهم ما تركتم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز لكم أن تقولوا: هم متهمون فإن قلتم: قد يغلطون فقد يجوز لغيركم أن يقول لا نأخذ من أهل الغلط، وإن قلتم يغلطون في بعض ويحفظون في بعض جاز لغيركم أن يقول إنما يدل على غلط المحدث أن يخالفه غيره ممن هو أحفظ منه أو أكثر منه فإن قلتم فيه لا يخالف به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صاحبه غلط مرة وحفظ جاز عليك أن يقال غلط حيث زعمت أنه حفظ، وحفظ حين زعمت أنه غلط وجاز عليك وعلى غيرك أن يقال: كله يحتمل الغلط فندعه ونطلب العلم من حديث غيرهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهذا لا يوجد إلا من حديث أهل الصدق، ولا يجوز فيه إلا أن يقبل فلا يترك شيء روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بما روي عن النبي نفسه وبالناس الحاجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ألزمهم الله من اتباع أمره فقلت للشافعي: فاذكر مما روي شيئا فقال: الشافعي: لا أرب لي في ذكره، وإن سألتني عن قولي لأوضح الحجة فيما جبيتك أنت نفسك في قولك وقد أعطيتك جملة تغنيك إن شاء الله لا تدع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا أبدا إلا أن يأتي عن رسول الله خلافه فتفعل فيه بما قلت لك في الأحاديث إذا اختلفت فقلت للشافعي: فلست أريد مسألتك ما كرهت من ذكر أحد، ولكني أسألك في أمر أحب أن توضح لي فيه الحجة قال: فسل. .
    [مسائل في الصلاة]
    [باب صلاة الإمام إذا كان مريضا بالمأمومين جالسا وصلاتهم خلفه قياما]
    سألت الشافعي: هل للإمام أن يؤم الناس جالسا وكيف يصلون وراءه أيصلون قعودا أو قياما؟ فقال: يأمر من يقوم فيصلي بهم أحب إلي، وإن أمهم جالسا، وصلوا خلفه قياما كان صلاتهم وصلاته مجزية عنهم معا وكان كل صلى فرضه كما يصلي الإمام إذا كان صحيحا قائما، ويصلي خلفه من لم يقدر على القيام جالسا فيكون كل صلى فرضه، وإنما اخترت أن يوكل الإمام إذا مرض رجلا صحيحا يصلي بالناس قائما أن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أياما كثيرة وأنا لم نعلمه صلى بالناس جالسا في مرضه إلا مرة لم يصل بهم بعدها علمته حتى لقي الله فدل ذلك على أن التوكيل بهم والصلاة قاعدا جائزان عنده معا وكان صلاتهم مع غيره بأمره أكثر منه فقلت للشافعي: فهل حفظت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اقعدوا ثم أمرهم حين فرغ من الصلاة إذا صلى الإمام قاعدا أن يصلوا قعودا أجمعون؟ فقال: نعم (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى في بيته قاعدا وصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام يعني ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا» فقلت للشافعي: فقد رويت هذا فكيف لم تأخذ به؟ فقال: هذا منسوخ بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: وما نسخه؟ فقال: الحديث الذي ذكرت لك يدلك على أن هذا كان في صرعة صرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت فما نسخه؟ فقال: «صلى رسول الله
    صلى الله عليه وسلم - بالناس في مرضه الذي مات فيه جالسا، والناس خلفه قياما لم يأمرهم بجلوس ولم يجلسوا» ولولا أنه منسوخ صاروا إلى الجلوس بمتقدم أمره إياهم بالجلوس ولو ذهب ذلك عليهم لأمرهم بالجلوس وقد صلى أبو بكر إلى جنبه بصلاته قائما ومرضه الذي مات فيه آخر فعله وبعد سقطته لأنه لم يركب في مرضه الذي مات فيه حتى قبضه الله بأبي هو وأمي قلت: فاذكر الحديث الذي رويته في هذا فقال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في مرضه فأتى أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كما أنت فجلس رسول الله إلى جنب أبي بكر وكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بمثل معناه لا يخالفه وأوضح منه قال: وصلى أبو بكر إلى جنبه قائما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة عن يحيى بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير قال: أخبرتني الثقة كأنه يعني عائشة ثم ذكر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر إلى جانبه بمثل معنى حديث هشام بن عروة عن أبيه، قال: وروي عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة بمثل معنى حديث هشام وعبيد بن عمير، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يصلي أحد بالناس جالسا ونحتج بأنا روينا عن ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : فإن كان هذا ثابتا فليس فيه خلاف لما أخذنا به ولا ما تركنا من هذه الأحاديث قلت ولم؟ قال: قد مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أياما وليالي لم يبلغنا أنه صلى بالناس إلا صلاة واحدة، وكان أبو بكر يصلي بالناس في أيامه تلك، وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس مرة لا تمنع أن يكون صلى أبو بكر غير تلك الصلاة بالناس مرة ومرات، وكذلك لو صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر مرة ومرات لم يمنع ذلك أن يكون صلى خلفه أبو بكر أخرى كما كان أبو بكر يصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر عمره فقلت للشافعي: فقد ذهبنا إلى توهين حديث هشام بن عروة بحديث ربيعة قال: فإنما ذهبتم إليه لجهالتكم بالحديث والحجج، حديث ربيعة مرسل لا يثبت مثله ونحن لم نثبت حديث هشام بن عروة عن أبيه حتى أسنده هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والأسود عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ووافقه عبيد بن عمير فكيف احتججتم بما لا يثبت من الحديث على ما ثبت؟ وهو إذا ثبت حتى يكون أثبت حديث يكون كما وصفت لا يخالف حديث عروة ولا أنس ولا موافقه ولا بمعنى فيوهن حديثنا، وهذا منكم جهالة بالحديث وبالحجة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أو رأيت إذ جهلتم الحديث والحجة فلو كان حديث هشام بن عروة عن أبيه في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي بكر غير ثابت فيكون ناسخا لحديث أنس وعائشة عن النبي بأمره إذا صلى جالسا يصلي من خلفه جلوسا أما كنتم خالفتم حديثين ثابتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى غير حديث ثابت عنه، وهو لا يحل خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا إلى حديث عنه ينسخ حديثه الذي خالفه إليه، أو يكون أثبت منه؟ فلو لم يثبت حديث هشام حتى يكون ناسخا للحديثين لزمكم أن تأمروا من صلى خلف الإمام قائما أن يجلس إذا جلس كما روى أنس وعائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره، وإن كان حديث هشام ناسخا فقد خالفتم الناسخ والمنسوخ إلى قول أنفسكم وخلاف السنة ضيق على كل مسلم فقلت للشافعي فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: نعم بعض الناس روى عن جابر الجعفي عن الشعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤم أحد بعدي جالسا» قلت: فما كانت حجتك عليه فقال الشافعي: قد علم الذي احتج بهذا أن ليست فيه حجة، وأن هذا حديث لا يثبت مثله بحال على شيء، ولو لم يخالفه غيره فقلت
    للشافعي: فإن قلت: لم يعمل بهذا أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال الشافعي: قد بينا لك قبل هذا ما نرى أنا وأنتم نثبت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يعمل به بعده استغناه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سواه فلا حاجة لنا بإعادته فقلت للشافعي: فهل قال قولك هذا أحد من المشرقيين؟ فقال: نعم أبو حنيفة يقول فيه بقولنا ويخالفه صاحباه فقلت للشافعي: أفرأيت حديثهم عندهم في هذا يثبت؟ فقال: لا فقلت: فلم يحتجون به؟ قال الله أعلم، فأما الذي احتج به عليها فسألناه عنه فقال: لا يثبت؛ لأنه مرسل ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه فقلت فهذا سوء نصفة (فقال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أجل، وأنتم أسوأ منه نصفة حين لا تعتدون بحديثهم الذي هو ثابت عندهم وتخالفون ما رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، والله أعلم. .
    [باب رفع اليدين في الصلاة]
    .باب رفع اليدين في الصلاة قال سألت الشافعي: أين ترفع الأيدي في الصلاة؟ قال: يرفع المصلي يديه في أول ركعة ثلاث مرات، وفيما سواها من الصلاة مرتين مرتين يرفع يديه حين يفتتح الصلاة مع تكبيرة الافتتاح حذو منكبيه ويفعل ذلك عند تكبيرة الركوع وعند قوله "سمع الله لمن حمده" حين يرفع رأسه من الركوع ولا تكبيرة للافتتاح إلا في الأول وفي كل ركعة تكبير ركوع، وقول سمع الله لمن حمده عند رفع رأسه من الركوع فيرفع يديه في هذين الموضعين في كل صلاة، والحجة في هذا أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وكان لا يفعل ذلك في السجود» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا أراد أن يركع وإذا أراد رفع رأسه من الركوع ولا يرفع في السجود» قال: وروى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر رجلا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه عند افتتاح الصلاة وحين يريد أن يركع وإذا رفع من الركوع» قال: ثم قدمت عليهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك فقلت للشافعي: فإنا نقول: يرفع يديه حين يفتتح الصلاة ثم لا يعود لرفعهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأنتم إذا تتركون ما روى مالك عن رسول الله ثم عن ابن عمر فكيف جاز لكم لو لم تعلموا علما إلا أن تكونوا رويتم رفع اليدين في الصلاة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين أو ثلاثا؟ وعن ابن عمر مرتين فاتبعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحداهما وتركتم اتباعه في الأخرى، ولو جاز أن يتبع أحد أمريه دون الآخر جاز لرجل أن يتبع أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث تركتموه ويتركه حيث اتبعتموه ولكن لا يجوز لأحد علمه من المسلمين عندي أن يتركه إلا ناسيا أو ساهيا فقلت للشافعي: فما معنى رفع اليدين عند الركوع؟ فقال: مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله وسنة متبعة يرجى فيها ثواب الله، ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أرأيت إذا كنتم تروون عن ابن عمر شيئا فتتخذونه أصلا يبنى عليه فوجدتم ابن عمر يفعل شيئا في الصلاة فتركتموه عليه وهو موافق ما روي عن النبي
    صلى الله عليه وسلم - أفيجوز لأحد أن يفعل ما وصفتم من اتخاذ قول ابن عمر منفردا حجة ثم تتركون معه سنة رسول الله لا مخالف له من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا غيرهم ممن تثبت روايته؟ من جهل هذا انبغى أن لا يجوز له أن يتكلم فيما هو أدق من العلم قلت: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ قال: نعم بعض المشرقيين وخالفوكم فقالوا: يرفع يديه حذو أذنيه في ابتداء الصلاة فقلت: هل رووا فيه شيئا؟ قال: نعم ما لا نثبت نحن ولا أنتم ولا أهل الحديث منهم مثله، وأهل الحديث من أهل المشرق يذهبون مذهبنا في رفع الأيدي ثلاث مرات في الصلاة فتخالفهم مع خلافكم السنة وأمر العامة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. .
    [باب الجهر بآمين]

    باب الجهر بآمين سألت الشافعي عن الإمام إذا قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: ٧] هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم ويرفع بها من خلفه أصواتهم فقلت: وما الحجة فيما قلت من هذا؟ فقال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» قال ابن شهاب: «وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين» قال: وفي قول رسول الله «إذا أمن الإمام فأمنوا» دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين؛ لأن من خلفه لا يعرف وقت تأمينه إلا بأن يسمع تأمينه ثم بينه ابن شهاب فقال: «كان رسول الله يقول: آمين» فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين فقال: هذا خلاف ما روى صاحبنا وصاحبكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن عندنا وعندكم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك انبغى أن نستدل بأن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بآمين وأنه أمر الإمام أن يجهر بها» فكيف ولم يزل أهل العلم عليه؟ .
    وروى وائل بن حجر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: آمين يجهر بها صوته» ويحكي مطه إياها وكان أبو هريرة يقول للإمام: لا تسبقني بآمين، وكان يؤذن له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ومن خلفهم آمين حتى إن للمسجد للجة (قال الشافعي) : رأيتك في مسألة إمامة القاعد ومسألة رفع اليدين في الصلاة ومسألة قول الإمام آمين خرجت من السنة والآثار ووافقت منفردا من بعض المشرقيين الذين ترغب فيما يظهر عن أقاويلهم. .
    [باب سجود القرآن]
    سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: ١] ؟ فقال: فيها سجدة فقلت: وما الحجة أن فيها سجدة؟ (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن أبا هريرة قرأ لهم {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: ١] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها» .
    (قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ {والنجم إذا هوى} [النجم: ١] فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
    (قال الشافعي) : وأخبرنا بعض




  11. #311
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (311)
    صــــــــــ 213 الى صـــــــــــ 219




    أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وسألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر سجد في سورة الحج سجدتين.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي: فإنا نقول: اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم: اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل قولهم لك أن يقولوا: لا نعلم من أهل العلم مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه فإما أن تقولوا اجتمع الناس وأهل المدينة معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم النظر بهما لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذ كنتم إنما أنتم معتضدون على علم مالك - رحمه الله - وإياه وكنتم تروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] » وأن أبا هريرة سجد فيها ثم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها.
    (قال) : وأنتم تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل للمدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه» لقول عمر ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأي أبي هريرة فتتركونه، ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه ثم أبو هريرة في الصحابة ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال: كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر أمر بالسجود فيها، وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله، وهذا من علماء التابعين فيقال: قولكم اجتمع الناس لما تحكون فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم ثم لا تروون عن غيره خلافه ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون: ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون: أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون.
    وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون موجودا عليه لما فيه مما لا يخفى على أحد يعقل إذا سمعه أرأيت إذا قيل لكم: أي الناس أجمع على أن لا سجود في المفصل، وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم خلافهم أليس تقولون: أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا: أجمع الناس أن لا سجود في المفصل؟ فإن قلتم: لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول: أجمعوا فقد قلتم: أجمعوا، ولم ترووا عن واحد من الأئمة قولكم، ولا أدري من الناس عندكم أخلق كانوا لم يسم واحد منهم، وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا: أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه: اخترنا كذا، ولا تدعوا الإجماع فتدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد نسب إلى علم أقبح من هذا قلت للشافعي: أرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين فقال الشافعي: أفرأيتم إن قال من يخالفكم
    ويذهب إلى قول من خالف قول من أخذت بقوله أجمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا، وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما أجمع الناس على قول فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال: إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت: هذا الصدق المحض فلا تفارقه، ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف، وهو لا يوجد بالمدينة إلا وجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا ما اختلف فيه أهل المدينة بينهم.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك دالا على ما سواه إذا أردت أن تقول: أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فيه فقله، وإن كانوا اختلفوا فيه فلا تقله فإن الصدق في غيره. .
    [باب الصلاة في الكعبة]
    وسألت الشافعي عن الرجل يصلي في الكعبة المكتوبة فقال: يصلي فيها المكتوبة والنافلة وإذا صلى الرجل وحده فلا موضع يصلي فيه أفضل من الكعبة فقلت: أفيصلي فوق ظهرها؟ فقال: إن كان بقي فوق ظهرها من البناء شيء يكون سترة صلى فوق ظهرها المكتوبة والنافلة وإن لم يكن بقي عليه بناء يستر المصلي لم يصل إلى غير شيء من البيت فقلت للشافعي: فما الحجة فيما ذكرت؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «عن بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة» فقلت للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرك؟ فقال: نعم دخل أسامة وبلال وعثمان بن طلحة فقال أسامة نظر فإذا هو إذا صلى في البيت في ناحية ترك شيئا من البيت لظهره فكره أن يدع شيئا من البيت لظهره فكبر في نواحي البيت ولم يصل فقال قوم: لا تصلح الصلاة في الكعبة بهذا الحديث وهذه العلة، فقلت للشافعي: فما حجتك عليهم؟ فقال: قال بلال صلى وكان من قال صلى شاهدا، ومن قال لم يصل ليس بشاهد فأخذنا بقول بلال وكانت الحجة الثابتة عندنا أن المصلي خارجا من البيت إنما يستقبل منه موضع متوجهه لا كل جدرانه فكذلك الذي في بطنه يستقبل موضع متوجهه لا كل جدرانه، ومن كان البيت مشتملا عليه فكان يستقبل موضع متوجهه كما يستقبل الخارج منه موضع متوجهه كان في هذا الموضع أفضل من موضع الخارج منه أين كان فقلت للشافعي فإنا نقول: يصلي فيه النافلة، ولا يصلي فيه المكتوبة.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
    هذا القول غاية في الجهل إن كان كما قال من خالفنا لا تصلى فيه النافلة ولا تصلى فيه المكتوبة وإن كان كما رويتم فإن النافلة في الأرض لا تصلح إلا حيث تصلح المكتوبة، والمكتوبة إلا حيث تصلح النافلة أو رأيت المواضع التي صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النوافل حول المدينة وبين المدينة ومكة وبالمحصب ولم يصل هنالك مكتوبة أيحرم أن يصلي هنالك مكتوبة وأن صلاته النافلة في موضع من الأرض تدل على أن الصلاة المكتوبة تجوز فيه.
    [باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة]
    سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء؟ قال: نعم والذي أختار أن أصلي عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي: فما الحجة في أن يجوز بواحدة فقال: الحجة فيه السنة والآثار.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى» ؟ .
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بركعة، أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته قال وكان عثمان يحيي الليل بركعة هي وتره وأوتر معاوية بواحدة فقال: ابن عباس: أصاب به، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم بين الركعة والركعتين من الوتر فقال: الشافعي لست أعرف لما تقول وجها والله المستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلي ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها ثم سلم تأمرونه بإفراد الركعة؛ لأن من سلم من الصلاة فقد فصلها مما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلي النافلة ركعات فيسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم منهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما، وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها لخروجه من كل صلاة بالسلام فإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلي واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى أكثر منها، فإنما نستحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وإن كان أردتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى» فأقل مثنى أربع فصاعدا، وواحدة غير مثنى وقد أمر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن» فقلت للشافعي: فما معنى هذا؟ قال: هذه نافلة يسع أن نوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيق غيره وقولكم - والله يغفر لنا ولكم - لا يوافق سنة، ولا أثرا، ولا قياسا، ولا معقولا، قولكم خارج من كل شيء من هذا، وأقاويل الناس إما أن يقولوا: لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض المشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن لئلا يكون الوتر واحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها فإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليس قبلهن شيء وقد استحسنتم أن توتروا بثلاث.
    [باب القراءة في العيدين والجمعة]
    سألت الشافعي: بأي شيء تحب أن يقرأ في العيدين فقال: ب "ق" و {اقتربت الساعة} [القمر: 1] وسألته بأي شيء تستحب أن يقرأ في الجمعة فقال: في الركعة الأولى بالجمعة وأختار في الثانية {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] ولو قرأ {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] أو {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] كان حسنا لأنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأها كلها فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال إبراهيم وغيره عن جعفر عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في إثر سورة الجمعة {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
    : وأخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة فقال: كان يقرأ ب {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ماذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ به في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ ب {ق والقرآن المجيد} [ق: 1] و {اقتربت الساعة} [القمر: 1] » فقلت للشافعي: فإنا لا نبالي بأي سورة قرأ فقال: ولم لا تبالون، وهذه روايتكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت: لأنه يجزيه فقال: أو رأيتم إذ أمرنا بالغسل للإهلال والصلاة في المعرس وغير ذلك اقتداء بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ لو قال قائل: لا نستحبه أو لا نبالي أن لا نفعله؛ لأنه ليس بواجب هل الحجة عليه إلا كهي عليكم؟ أو رأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب، وأن يطيل في الصبح والظهر، ويخفف في المغرب لو قال قائل: لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هل الحجة عليه إلا أن تقول: قولكم: لا أبالي جهالة وترك للسنة؟ ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله بكل حال. .

    [باب الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر» قال مالك: أرى ذلك في مطر.
    (قال الشافعي) : فزعمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يكن له وجه عندكم إلا أن ذلك في مطر ثم زعمتم أنتم أنكم تجمعون بين المغرب والعشاء بالمدينة وكل بلد جامع، ولا تجمعون بين الظهر والعصر في المطر (قال الشافعي) : وإنما ذهب الناس في هذا مذاهب فمنهم من قال: جمع بالمدينة توسعة على أمته لئلا يحرج منهم أحد إن جمع بحال ليس لأحد أن يتأول في الحديث ما ليس فيه وقالت فرقة: نوهن هذا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت المواقيت في الصلاة فكان هذا خلافا لما رووا من أمر المواقيت فردوا أن يجمع أحد في الحضر في مطر أو غيره وامتنعوا من تثبيته وقالوا: خالفه ما هو أقوى منه وقالوا: لو ثبتناه لزمنا مثل قول من قال: يجمع لأنه ليس في الحديث ذكر مطر ولا غيره، بل قال: من حمل الحديث أراد أن لا تحرج أمته.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فذهبتم، ومن ذهب مذهبكم المذهب الذي وصفت من الاحتجاج في الجمع في المطر ورأى أن وجه الحديث هو الجمع في المطر ثم خالفتموه في الجمع في الظهر والعصر في المطر أرأيتم إن قال لكم قائل: بل نجمع بين الظهر والعصر في المطر، ولا نجمع بين المغرب والعشاء في المطر هل الحجة عليه إلا أن الحديث إذا كانت فيه الحجة لم يجز أن يؤخذ ببعضه دون بعض؟ فكذلك هي على من قال: يجمع بين المغرب والعشاء ولا يجمع بين الظهر والعصر، وقلما نجد لكم قولا يصح، والله المستعان أرأيتم إذا رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاحتججتم على من خالفكم بهذا الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء هل تعدون أن يكون لكم بهذا حجة فإن كانت لكم به حجة فعليكم فيه حجة في ترككم الجمع بين الظهر والعصر وإن لم تكن لكم بهذا حجة على من خالفكم فلا تجمعوا بين ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء
    لا يجوز غير هذا، وأنتم خارجون من الحديث، ومن معاني مذاهب أهل العلم كلها، والله المستعان أو رأيتم إذ رويتم الجمع في السفر لو قال قائل كما قلتم: أجمع بين المغرب والعشاء؛ لأن أكثر الأحاديث جاءت فيه ولا أجمع بين الظهر والعصر لأنهما في النهار والليل أهول من النهار هل الحجة عليه إلا أن الجمع رخصة فيها فلا يجوز أن يمنع أحد من بعضها دون بعض فكذلك هي عليكم والله أعلم. .
    [باب إعادة المكتوبة مع الإمام]
    .
    باب إعادة المكتوبة مع الإمام سألت الشافعي عن الرجل يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام قال: يصلي معه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم «عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه أنه كان في مجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن بالصلاة فقام رسول الله فصلى ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ قال: بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت» .
    (قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعدهما، فقلت للشافعي: فإنا نقول: يعيد كل صلاة إلا المغرب فإنه إذا أعاد لها صارت شفعا (قال الشافعي) : وقد رويتم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخص فيه صلاة دون صلاة فلم يحتمل الحديث إلا وجهين: أحدهما وهو أظهرهما أن يعيد كل صلاة بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعة الله أن يوفيه أجر الجماعة والانفراد وقد روى مالك عن ابن عمر وابن المسيب أنهما أمرا من صلى في بيته أن يعود لصلاته مع الإمام وقال السائل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال: أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله وروي عن أبي أيوب الأنصاري أنه أمر بذلك وقال: من فعل ذلك فله سهم جمع أو مثل سهم جمع وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة، وأنه بلغنا أن الصلاة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجلين أن يعودا لها صلاة الصبح أو يقول رجل: إن أدرك العصر أو الصبح لم يعد لهما؛ لأنه لا نافلة بعد واحدة منهما فهكذا قال بعض المشرقيين وأما ما قلتم فخلاف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوجهين، وخلاف ابن عمر وابن المسيب وأين العمل؟ وقولكم إذا أعاد المغرب صارت شفعا فكيف تصير شفعا وقد فصل بينهما بسلام أترى العصر حين صليت بعدها المغرب شفعا أو العصر وترا أو ترى كذلك العشاء إذا صليت بعد المغرب أو ترى ركعتين بعد أو قبل المغرب تصيران وترا بأن المغرب قبلهما أو بعدهما أم كل صلاة فصلت بسلام مفارقة للصلاة قبلها وبعدها؟ ولو كنتم قلتم يعود للمغرب ويشفعها بركعة فيكون تطوع بأربع كان مذهبا فأما ما قلتم فليس له وجه. .
    [باب القراءة في المغرب]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالطور في المغرب» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «عن ابن عباس عن أم الفضل بنت الحارث
    سمعته يقرأ {والمرسلات عرفا} [المرسلات: 1] فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب» ؟ فقلت للشافعي: فإنا نكره أن يقرأ في المغرب بالطور والمرسلات، ونقول: يقرأ بأقصر منهما فقال: وكيف تكرهون ما رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله؟ الأمر رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخالفه فاخترتم إحدى الروايتين على الأخرى؟ أو رأيتم لو لم أستدل على ضعف مذهبكم في كل شيء إلا أنكم تروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم تقولون نكرهه ولم ترووا غيره فأقول: إنكم اخترتم غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أعلم إلا أن أحسن حالكم أنكم قليلو العلم ضعفاء المذهب. .
    [باب القراءة في الركعتين الأخيرتين]
    سألت الشافعي أتقرأ خلف الإمام أم القرآن في الركعة الأخيرة تسر؟ فقال الشافعي: أحب ذلك، وليس بواجب عليه فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8] فقلت للشافعي: فإنا نكره هذه ونقول: ليس عليه العمل لا يقرأ على إثر أم القرآن في الركعة الثالثة بشيء فقال الشافعي: وقال سفيان بن عيينة: لما سمع عمر بن عبد العزيز بهذا عن أبي بكر الصديق قال: إن كنت لعلى غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به قال: فهل تركتم للعمل عمل أبي بكر وابن عمر وعمر بن عبد العزيز؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وبسورة من القرآن قال: وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة فقلت للشافعي: فإنا نخالف هذا كله ونقول: لا يزاد في الركعتين الأخيرتين على أم القرآن (قال الشافعي) : هذا خلاف أبي بكر وابن عمر من روايتكم وخلاف عمر بن عبد العزيز من رواية سفيان وقولكم لا يجمع السورتين في الركعتين الأوليين هو خلاف ابن عمر من روايتكم، وخلاف عمر من روايتكم لأنكم أخبرتم أن عمر قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى وخلاف غيرهما من رواية غيركم فأين العمل ما نراكم رويتم في القراءة في الصلاة في هذا الباب شيئا إلا خالفتموه فمن اتبعتم ما أراكم قلتم بمعنى نعرفه إذا كنتم تروون عن أحد الشيء مرة فتبنون عليه أيسعكم أن تخالفوهم مجمعين؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما. فقلت للشافعي: إنا نخالف هذا، نقول: يقرأ في الصبح بأقل من هذا؛ لأن هذا تثقيل على الناس.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت: والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال: أجل. فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ في الصبح بهذا ولا بقدر نصف هذا؛ لأنه تثقيل (قال الشافعي) : أخبرنا مالك
    عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن أو الفرافصة بن عمير الحنفي قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ بهذا هذا تثقيل (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من الفصل في كل ركعة سورة، قلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ بهذا في السفر هذا تثقيل.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقد خالفتم في القراءة في الصلاة كل ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم ابن عمر ولم ترووا شيئا يخالف ما خالفتم عن أحد علمته من الناس فأين العمل؟ خالفتموهم من جهتين: من جهة التثقيل وجهة التخفيف وقد خالفتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - جميع ما رويتم عن الأئمة بالمدينة بلا رواية رويتموها عن أحد منهم هذا مما يبين ضعف مذهبكم؛ إذ رويتم هذا ثم خالفتموه ولم يكن عندكم فيه حجة فقد خالفتم الأئمة والعمل، وفي هذا دليل على أنكم لم تجدوا من خلق الله خلقا قط يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر في القراءة في الصلاة ولا في أمر واحد شيئا ثم يخالفه غيركم وأنه لا خلق أشد خلافا لأهل المدينة منكم ثم خلافكم ما رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي فرض الله طاعته وما رويتم عن الأئمة الذين لا تجدون مثلهم فلو قال لكم قائل: أنتم أشد الناس معاندة لأهل المدينة وجد السبيل إلى أن يقول ذلك لكم على لسانكم لا تقدرون على دفعه عنكم ثم الحجة عليكم في خلافكم أعظم منها على غيركم لأنكم ادعيتم القيام بعلمهم واتباعهم دون غيركم ثم من خالفتموهم بأكثر مما خالفهم به من لم يدع من اتباعهم ما ادعيتم فلئن كان هذا خفي عليكم من أنفسكم إن فيكم لغفلة ما يجوز لكم معها أن تفتوا خلقا، والله المستعان، وأراكم قد تكلفتم الفتيا وتطاولتم على غيركم ممن هو أقصد وأحسن مذهبا منكم. .
    [باب المستحاضة]
    .
    باب المستحاضة سألت الشافعي عن المستحاضة يطبق عليها الدم دهرها فقال: إن الاستحاضة وجهان: أحدهما أن تستحاض المرأة فيكون دمها مشتبها لا ينفصل إما ثخين كله وإما رقيق كله وإذا كان هكذا نظرت عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فتركت الصلاة فيهن إن كانت تحيض خمسا من أول الشهر تركت الصلاة خمسا من أوله ثم اغتسلت عند مضي أيام حيضها كما تغتسل الحائض عند طهرها ثم توضأ لكل صلاة وتصلي وليس عليها أن تعيد الغسل مرة أخرى ولو اغتسلت من طهر إلى طهر كان أحب إلي وليس ذلك بواجب عليها عندي والمستحاضة الثانية المرأة لا ترى الطهر: فيكون لها أيام من الشهر ودمها أحمر إلى السواد محتدم ثم يصير بعد تلك الأيام رقيقا إلى الصفرة غير محتدم فأيام حيض هذه أيام احتدام دمها وسواده وكثرته فإذا مضت اغتسلت كغسلها لو طهرت من الحيضة وتوضأت لكل صلاة وصلت، فقلت للشافعي: وما الحجة فيما ذكرته من هذا؟ فقال الشافعي: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: «قالت فاطمة بنت أبي حبيش يا رسول الله: إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا هب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتت لها أم سلمة




  12. #312
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (312)
    صــــــــــ 220 الى صـــــــــــ 226



    رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي» قال: فدل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما وصفت من انفراق حال المستحاضتين وفي قوله دليل على أنه ليس للحائض أن تستظهر بطرفة عين وذلك أنه أمر إحداهما إذا ذهبت مدة الحيض أن تغسل عنها الدم وتصلي وأمر الأخرى أن تربص عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن ثم تغتسل وتصلي، والحديثان جميعا ينفيان الاستظهار فقلت للشافعي: فإنا نقول: تستظهر الحائض بثلاثة أيام ثم تغتسل وتصلي، ونقول: تتوضأ لكل صلاة (قال الشافعي) : فحديثاكم اللذان تعتمدون عليهما عن رسول الله يخالفان الاستظهار، والاستظهار خارج من السنة والآثار والمعقول والقياس وأقاويل أكثر أهل العلم فقلت: ومن أين؟ فقال الشافعي: أرأيتم استظهارها من أيام حيضها أم أيام طهرها؟ فقلت: هي من أيام حيضها فقال: فأسمعكم عمدتم إلى امرأة كانت أيام حيضها خمسا فطبق عليها الدم فقلتم نجعلها ثمانيا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها إذا مضت أيام حيضها قبل الاستحاضة أن تغتسل وتصلي وجعلتم لها وقتا غير وقتها الذي كانت تعرف فأمرتموها أن تدع الصلاة في الأيام التي أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصلي فيها قال: أفرأيتم إن قال لكم قائل لا يعرف السنة: تستظهر بساعة أو يوم أو يومين أو تستظهر بعشرة أيام أو ست أو سبع بأي شيء أنتم أولى بالصواب من أحد إن قال ببعض هذا القول هل يصلح أن يوقت العدد إلا بخبر عن رسول الله أو إجماع من المسلمين؟ ولقد وقتموه بخلاف ما رويتم عن رسول الله وأكثر أقاويل المسلمين ثم قلتم فيه قولا متناقضا فزعمتم أن أيام حيضها إن كانت ثلاثا استظهرت بمثل أيام حيضها وذلك ثلاث، وإن كان أيام حيضها اثني عشر استظهرت بمثل ربع أيام حيضها وذلك ثلاث وإن كانت أيام حيضها خمسة عشر لم تستظهر بشيء، وإن كانت أربعة عشر استظهرت بيوم، وإن كانت ثلاثة عشر استظهرت بيومين فجعلتم الاستظهار مرة ثلاثا ومرة يومين ومرة يوما ومرة لا شيء فقلت للشافعي: فهل رويتم في المستحاضة عن صاحبنا شيئا غير هذا؟ فقال: نعم شيئا عن سعيد بن المسيب وشيئا عن عروة بن الزبير (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر أن القعقاع بن حكيم وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب ليسأله كيف تغتسل المستحاضة فقال: تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال مالك: الأمر عندنا على حديث هشام بن عروة فقلت للشافعي: فإنا نقول بقول عروة وندع قول ابن المسيب؟
    فقال الشافعي: أما قول ابن المسيب فتركتموه كله ثم ادعيتم قول عروة وأنتم تخالفونه في بعضه فقلت وأين؟ قال: قال عروة: تغتسل غسلا واحدا يعني كما تغتسل المتطهرة وتتوضأ لكل صلاة يعني توضؤا من الدم للصلاة لا تغتسل من الدم إنما ألقي عنها الغسل بعد الغسل الأول، والغسل إنما يكون من الدم وجعل عليها الوضوء ثم زعمتم أنه لا وضوء عليها فخالفتم الأحاديث التي رواها صاحبنا وصاحبكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن المسيب وعروة وأنتم تدعون أنكم تتبعون أهل المدينة وقد خالفتم ما روى صاحبنا عنهم كله إنه لبين في قولكم أنه ليس أحد أترك على أهل المدينة لجميع أقاويلهم منكم مع ما تبين في غيره ثم ما أعلمكم ذهبتم إلى قول أهل بلد غيرهم فإذا انسلختم من قولهم وقول أهل البلدان ومما رويتم وروى غيركم، والقياس والمعقول فأي موضع تكونون به علماء وأنتم تخطئون مثل هذا وتخالفون فيه أكثر الناس
    [باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره]
    سألت الشافعي عن الكلب يلغ في الإناء في الماء لا يكون فيه قلتان أو اللبن أو المرق قال: يهراق الماء واللبن والمرق ولا ينتفعون به ويغسل الإناء سبع مرات وما مس ذلك الماء واللبن من ثوب وجب غسله لأنه نجس فقلت وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» .
    (قال الشافعي) : فكان بينا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الكلب يشرب الماء في الإناء فينجس الإناء حتى يجب غسله سبعا أنه إنما ينجس بمماسة الماء إياه فكان الماء أولى بالنجاسة من الإناء الذي إنما نجس بمماسته، وكان الماء الذي هو طهور إذا نجس فاللبن والمرق الذي ليس بطهور أولى أن ينجس بما نجس الماء فقلت للشافعي: فإنا نزعم أن الكلب إذا شرب في الإناء فيه اللبن بالبادية شرب اللبن وغسل الإناء سبعا لأن الكلاب لم تزل بالبادية فقال الشافعي: هذا الكلام المحال أيعدو الكلب أن يكون ينجس ما يشرب منه ولا يحل شرب النجس ولا أكله أو لا ينجسه فلا يغسل الإناء منه ولا يكون بالبادية فرض من النجاسة إلا وبالقرية مثله، وهذا خلاف السنة والقياس والمعقول والعلة الضعيفة وأرى قولكم: لم تزل الكلاب بالبادية حجة عليكم فإذا سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل الإناء من شرب الكلب سبعا والكلاب في البادية في زمانه وقبله وبعده إلى اليوم فهل زعمتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك على أهل القرية دون أهل البادية أو أهل البادية دون أهل القرية؟ أو زعم لكم ذلك أحد من أئمة المسلمين أو فرق الله بين ما ينجس بالبادية والقرية؟ أورأيت أهل البادية هل زعموا لكم أنهم يلقون ألبانهم للكلاب ما تكون الكلاب مع أهل البادية إلا ليلا لأنها تسرح مع مواشيهم ولهم أشح على ألبانهم وأشد لها إبقاء من أن يخلوا بينها وبين الكلاب، وهل قال لكم أحد من أهل البادية ليس يتنجس بالكلب وهم أشد تحفظا من غيرهم أو مثلهم أو لو قاله لكم منهم قائل أيؤخذ الفقه من أهل البادية وإن اعتللتم بأن الكلاب مع أهل البادية؟ أفرأيتم إن اعتل عليكم مثلكم من أهل الغباوة بأن يقول: الفأر والوزغان واللحكاء والدواب لأهل القرية ألزم من الكلاب لأهل البادية، وأهل القرية أقل امتناعا من الفأر ودواب البيوت من أهل البادية من الكلاب فإذا ماتت فأرة أو دابة في ماء رجل قليل أو زيته أو لبنه أو مرقه لم تنجسه هل الحجة عليه إلا أن يقال الذي ينجس في الحال التي ينجس فيها ينجس ما وقع فيه كان كثيرا بقرية أو بادية أو قليلا فكذلك الكلاب بالبادية والفأر والدواب بالقرية أولى أن لا تنجس إن كان فيما ذكرتم حجة وما علمت أحدا روى عنه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين أنه قال فيه إلا بمثل قولنا إلا أن من أهل زماننا من قال: يغسل الإناء من الكلب مرة واحدة وكلهم قال ينجس جميع ما يشرب منه الكلب من ماء ولبن ومرق وغيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إن ممن تكلم في العلم من يختال فيه فيشبه والذي رأيتكم تختالونه لا شبهة فيه ولا مؤنة على من سمعه في أنه خطأ إنما يكفي سامع قولكم أن يسمعه فيعلم أنه خطأ لا ينكشف يتكلف ولا بقياس يأتي به فإن ذهبتم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا ماتت الفأرة في السمن الجامد أن تطرح وما حولها فدل ذلك على نجاستها فقد أخبر أن النجاسة تكون من الفأرة وهي في البيوت، وإنما قال في الفأرة قولا عاما وفي الكلب قولا عاما فإن ذهبتم إلى أن الفأرة تنجس على أهل القرية ولا تنجس على أهل البادية فقد سويتم بين قوليكم وزدتم في الخطأ وإن قلتم إن ما لم يسم من
    الدواب غير الفأرة والكلب لا ينجس فاجعل الوزغ لا ينجس؛ لأنه لم يذكر فإما أن تقولوا الوزغ ينجس ولا خير فيه قياسا وتزعمون أن الكلب ينجس مرة ولا ينجس أخرى فلا يجوز هذا القول. .
    [باب ما جاء في الجنائز]
    سألت الشافعي عن الصلاة على الميت الغائب وعلى القبر فقال: أستحبها فقلت له: وما الحجة فيها؟ قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال «نعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف وكبر أربع تكبيرات» (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر مسكينة توفيت من الليل» قال وقد روى عطاء «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قوم ببلد آخر» قلت للشافعي: نحن نكره الصلاة على ميت غائب وعلى القبر فقال: فقد رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة على النجاشي وهو غائب ورويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على ميت وهو في القبر غائب فكيف كرهتم ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد حفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسناد موصول من وجوه أنه صلى على قبور وصلت عائشة على قبر أخيها وغير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث الثقات غير مالك وإنما الصلاة دعاء للميت وهو إذا كان ملففا بيننا يصلي عليه فإنما ندعو بالصلاة بوجه علمنا فكيف لا ندعو له غائبا وهو في القبر بذلك الوجه؟ . .
    [باب الصلاة على الميت في المسجد]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: «ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيل ابن بيضاء إلا في المسجد» ، قلت للشافعي: فإنا نكره الصلاة على الميت في المسجد فقال: أرويتم هذا أنه صلى على عمر في المسجد فكيف كرهتم الأمر فيه وقد ذكره صاحبكم أذكر حديثا خالفه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاخترتم أحد الحديثين على الآخر فقلت: ما ذكر فيه شيئا علمناه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكيف يجوز أن تدعوا ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحاب النبي أنهم فعلوه بعمر وهذا عندكم عمل مجتمع عليه؛ لأنا لا نرى من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدا حضر موت عمر فتخلف عن جنازته فتركتم هذا بغير شيء رويتموه، وكيف أجزتم أن ينام في المسجد ويمر فيه الجنب طريقا ولا يجوز أن يصلى فيه على ميت (أخبرنا الربيع) : مات سعيد فخرج أبو يعقوب البويطي وخرجنا معه فصف بنا وكبر أربعا وصلينا عليه، وكان أبو يعقوب الإمام فأنكر الناس ذلك علينا وما بالينا. .
    [مسائل في الحج]
    [باب في فوت الحج]
    . سألت الشافعي هل يحج أحد عن أحد؟ قال: نعم يحج عمن لا يقدر أن يثبت على المركب والميت قلت: وما الحجة؟ قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن ابن عباس «أن الفضل بن العباس
    كان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم» وذلك في حجة الوداع (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن أيوب عن ابن سيرين «أن رجلا جعل على نفسه أن لا يبلغ أحد من ولده الحلب فيحلب فيشرب ويسقيه إلا حج وحج به معه فبلغ رجل من ولده الذي قال الشيخ وقد كبر الشيخ فجاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر فقال: إن أبي قد كبر ولا يستطيع أن يحج أفأحج عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: نعم» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وذكر مالك أو غيره عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عباس «أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أمي عجوز كبيرة لا تستطيع أن نركبها على البعير وإن ربطتها خفت أن تموت أفأحج عنها؟ قال: نعم» فقلت للشافعي: فإنا نقول ليس على هذا العمل فقال: خالفتم ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من روايتكم ومن رواية غيركم علي بن أبي طالب يروي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن المسيب والحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معنى هذه الأحاديث وعلي وابن عباس وابن المسيب وابن شهاب وربيعة بالمدينة يفتون بأن يحج الرجل عن الرجل وهذا أشبه شيء يكون مثله عندكم عملا فتخالفونه كله لغير قول أحد من خلق الله علمته من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجميع من عدا أهل المدينة من أهل مكة والمشرق واليمن من أهل الفقه يفتون بأن يحج الرجل عن الرجل، فقلت للشافعي: فإن من حجة بعض من قال هذا القول أنه قال: إنه روي عن ابن عمر لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد فجعل الحج في معنى الصيام والصلاة فقال الشافعي: وهذا قول الضعف فيه بين من كل وجه قال: أرأيتم لو قال ابن عمر لا يحج أحد عن أحد وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدا أن يحج عن أحد كان في قول أحد حجة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وأنتم تتركون قول ابن عمر لرأي أنفسكم ولرأي مثلكم ولرأي بعض التابعين فتجعلونه لا حجة في قوله إذا شئتم لأنكم لو كنتم ترون في قوله حجة لم تخالفوه لرأي أنفسكم ثم تقيمون قوله مقاما تردون به السنة والآثار ثم تدعون في قوله ما ليس فيه من النهي عن الحج قياسا وما للحج والصلاة والصيام؟ هذا شريعة وهذا شريعة فإن قلتم قد يشتبهان لأنه عمل على البدن أفرأيتم إن قال لكم قائل: أنتم تزعمون أن الحج في معنى الصلاة والصوم وقد «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة أن تحج عن أبيها» فأنا آمر الرجل أن يصلي عن الرجل ويصوم عنه هل الحجة عليه إلا أنه لا تقاس شريعة على شريعة؟ فكذلك الحجة عليكم أورأيتم ما فرقت بينه السنة مما هو أشد تقاربا منها فكيف فرقتم بينه؟ فإن قلتم ما هو؟ قلت: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الرطب بالتمر، ونهى عن المزابنة وأجاز بيع العرايا» وهي داخلة في المزابنة وداخلة في بيع الرطب بالتمر لو لم يجزها، فلما أجازها فرقنا بينهما بالسنة وقلنا: تجوز العرايا وهي رطب بتمر وكيل بجزاف؟ ولا يجوز ذلك إذا وضع بالأرض فكان التمر والرطب في الأرض معا فهذا أولى أن لا يفرق بينه بأنه شيء واحد بعضه حلال بما أحله به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعضه منهي عنه بما نهى عنه رسول الله، وقد خالف هذا بعض المشرقيين فرأينا لنا عليهم بهذا حجة فالحجة عليكم بنصه أن يحج أحد عن أحد وأنتم تروونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تروون عن أحد من أصحابه خلافه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وكيف تقيسونه بالصوم
    والصلاة أفرأيتم إذا كنتم تجيزون أن يحج أحد عن أحد إذ أوصى بذلك فخالفتم ما قلتم من أن لا يحج أحد عن أحد وأجزتم مثل ما رددتم فيه السنة أفيجوز لو أوصى أن يصلى عنه أو يصام عنه؟ فإن أجزتموه فقد دخلتم فيما كرهتم من أن يكون عمل آخر لغيره وإن لم تجيزوه فقد فرقتم بين الصلاة والصوم والحج. والله أعلم. .
    [باب الحجامة للمحرم]
    .
    باب الحجامة للمحرم سألت الشافعي عن الحجامة للمحرم فقال: يحتجم ولا يحلق شعرا ويحتجم من غير ضرورة فقلت: وما الحجة؟ فقال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم يومئذ بلحي جمل» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم» ، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا يحتجم المحرم إلا أن يضطر إليه مما لا بد منه وقال: مالك مثل ذلك قال الشافعي: ما روى مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يذكر في حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ولا غيره ضرورة أولى بنا من الذي رواه عن ابن عمر ولعل ابن عمر كره ذلك ولم يحرمه ولعل ابن عمر أن لا يكون سمع هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو سمعه ما خالفه إن شاء الله فقال برأيه فكيف إذا سمعت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت بخلاف ما سمعت عنه لقول ابن عمر وأنتم لم تثبتوا أن ابن عمر كرهه للناس قد يتوقى المرء في نفسه ما لا يكره لغيره وأنتم تتركون قول ابن عمر لرأي أنفسكم أفرأيتم إن كرهتم الحجامة إلا من ضرورة أتعدو الحجامة من أن تكون مباحة له كما يباح له الاغتسال والأكل والشرب فلا يبالي كيف احتجم إذا لم يقطع الشعر أو تكون محظورة عليه كحلاق الشعر وغيره؟ فالذي لا يجوز له إلا لضرورة فهو إذا فعله بحلق الشعر أو فعل ذلك من ضرورة افتدى فينبغي أن تقولوا: إذا احتجم من ضرورة أن يفتدي وإلا فأنتم تخالفون ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقولون في الحجامة قولا متناقضا. .
    [باب ما يقتل المحرم من الدواب]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح الغراب، والحدأة، والعقرب والفأرة والكلب العقور» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وبهذا نأخذ وهو عندنا جواب على المسألة فكل ما جمع من الوحش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال وأن يكون مضرا قتله المحرم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر المحرم أن يقتل الفأرة والغراب والحدأة مع ضعف ضرها إذ كانت مما لا يؤكل لحمه كان ما جمع أن لا يؤكل لحمه وضره أكثر من ضرها أولى أن يكون قتله مباحا في الإحرام، قلت: قد قال مالك: لا يقتل المحرم من الطير ما ضر إلا ما سمي وقال بعض أصحابه: كان قول النبي «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهم جناح» يدل على أن ما سواهن على المحرم في قتله
    جناح (قال الشافعي) : - رحمه الله: أفرأيتم الحية أسميت؟ فقد زعم مالك عن ابن شهاب أن عمر أمر بقتل الحيات في الحرم قلت: فيراها كلبا عقورا قال: أوتعرف العرب أن الحية كلب عقور؟ إنما الكلب عندها السبع والكلاب التي خلقها الله متقاربة كخلق الكلب، فإن قلتم: إنها قد تضر فتقتل، قيل غير مكابرة كما زعم صاحبكم أن الكلب العقور ما عدا على الناس فأخافهم وهي لا تعدو مكابرة، وإن ذهبتم إلى أنها تضر هكذا فقد أمر عمر بن الخطاب أن يقتل الزنبور في الإحرام والزنبور إنما هو كالنحلة فكيف لم تأمروا بقتل الزنبور وقد أمر به عمر وأمرتم بقتل الحية إذ أمر بها عمر؟ ما أسمعكم تأخذون من الأحاديث إلا ما هويتم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقلتم: يقتل المحرم الفأرة الصغيرة ولا يقتل الغراب الصغير وإذا قلتم هذا فقد أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنعتموه فإن قلتم: إنما أباح قتله على معنى أنه يضر والصغير لا يضر في حاله تلك فالفأرة الصغيرة لا تضر في حالها تلك فلا بد أن تخالفوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغراب الصغير والفأرة الصغيرة وهذا حجة عليكم أزعمتم أن الغراب يقتل لمعنى ضرره فينبغي أن تقتل العقاب لأنها أضر منه، فإن قال: لا بل الحديث جملة لا المعنى، قيل: فلم لا يقتل الغراب الصغير لأنه غراب؟ .
    سألت الشافعي عمن حلق قبل أن ينحر أو نحر قبل أن يرمي قال: يفعل ولا فدية ولا حرج، وكذلك كل ما كان يعمل في ذلك اليوم فقدم منه شيئا قبل شيء ناسيا أو جاهلا عمل ما يبقى عليه ولا حرج، فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبيد الله بن عمرو بن العاص قال: «وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع للناس بمنى يسألونه فجاءه رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج فجاء رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال: ارم ولا حرج فما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج» (قال الشافعي) : - رحمه الله - وبهذا كله نأخذ. .
    [باب الشركة في البدنة]
    سألت الشافعي هل يشتري السبعة جزورا فينحرونها عن هدي إحصار أو تمتع؟ قال: نعم قلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر قال: «نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نحروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية بدنة عن سبعة وبقرة عن سبعة والعلم يحيط أنهم من أهل بيوتات شتى لا من أهل بيت واحد فتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة متمتعين ومحصورين وعن كل سبعة وجبت على كل واحد منهم شاة إذا لم يجدوا شاة وسواء اشتروها وأخرج كل واحد منهم حصته من ثمنها أو ملكوها بأي وجه ما كان ملك ومن زعم أنها تجزئ عن سبعة لو وهبت لهم أو ملكوها بوجه غير الشراء كانت المشتراة أولى أن تجزئ عنهم قلت للشافعي: فإنا نقول: لا تذبح البدنة إلا عن واحد ولا البقرة وإنما يذبحها الرجل عن نفسه وأهل بيته فإما أن يخرج كل إنسان منهم حصته من ثمنها ويكون له حصة من لحمها فلا وإنما سمعنا لا يشترك في البدنة في النسك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد يجوز أو يقال لا يشترك في النسك أن يوجب الرجل النسيكة ثم يشرك فيها غيره وليس في هذا لأحد حجة لأنه كلام عربي ولا حجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -
    وأصحابه وأهل الحديبية فكان ينبغي أن يكون هذا العمل عندكم لا تخالفونه لأنه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وألف وأربعمائة من أصحابه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر بن عبد الله قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة وقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خير أهل الأرض قال جابر: لو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة وأنتم تجعلون قول الواحد وفعله حجة في بعض الأشياء، فإذا وجدتم السنة وفعل ألف وأربعمائة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو أوجب عليكم أن تجعلوه حجة.
    [باب التمتع في الحج]
    سألت الشافعي عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال: حسن غير مكروه وقد فعل ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما اخترنا الإفراد لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد غير كراهية للتمتع ولا يجوز إذا كان فعل التمتع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون مكروها فقلت للشافعي: وما الحجة فيما ذكرت؟ قال: الأحاديث الثابتة من غير وجه وقد حدثنا مالك بعضها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنه «سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يتذاكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله فقال سعد: بئسما قلت يا ابن أخي فقال الضحاك: فإن عمر قد نهى عن ذلك فقال سعد: قد صنعها رسول الله وصنعناها معه» فقلت للشافعي: قد قال مالك: قول الضحاك أحب إلي من قول سعد وعمر أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سعد.
    (قال الشافعي) : عمر وسعد عالمان برسول الله وما قال عمر عن رسول الله شيئا يخالف ما قال سعد إنما روى مالك عن عمر أنه قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحج أحدكم وعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج ولم يرو عنه أنه نهى عن العمرة في أشهر الحج.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع فمنا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة ومنا من جمع الحج والعمرة وكنت ممن أهل بعمرة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «عن حفصة أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك قال: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر هديي» .
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أنه قال: لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فهذان الحديثان من حديث مالك موافقان ما قال سعد من أنه عمل بالعمرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أشهر الحج فكيف جاز لكم وأنتم ترون هذا أن تكرهوا العمرة فيه وأن تثبتوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما وصفت وادعيتم من خلاف عمر وسعد وعمر لم يخالف سعدا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما اختار شيئا غير مخالف لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تتركون أنتم على عمر اختياره وحكمه هو أكثر من الاختيار لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تتركونه لما جاء عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تتركونه لقولكم فإذا جاز لكم هذا فكيف يجوز لكم أن تحتجوا بقوله على السنة وأنكم تدعون أنه خالفها وهو لا يخالفها وما رويتم عنه يدل على أنه لا يخالفها فادعيتم خلاف ما رويتم وتخالفون اختياره.





  13. #313
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (313)
    صــــــــــ 227 الى صـــــــــــ 233



    [باب الطيب للمحرم]
    سألت الشافعي عن الطيب قبل الإحرام بما يبقى ريحه بعد الإحرام وبعد رمي الجمرة والحلاق قبل الإفاضة فقال: جائز وأحبه ولا أكرهه لثبوت السنة فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأخبار عن غير واحد من أصحابه فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: «كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت» فقلت للشافعي: فإنا نكره الطيب للمحرم ونكره الطيب قبل الإحرام وبعد الإحلال قبل أن يطوف بالبيت ونروي ذلك عن عمر بن الخطاب فقال: الشافعي: إني أراكم لا تدرون ما تقولون فقلت: ومن أين؟ فقال: أرأيتم نحن وأنتم بأي شيء عرفنا أن عمر قاله أليس إنما عرفنا بأن ابن عمر رواه عن عمر فقلت: بلى فقال: وعرفنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب بخبر عائشة؟ فقلت: بلى قال: وكلاهما صادق؟ فقلت: نعم فإذا علمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب وأن عمر نهى عن الطيب علما واحدا هو خبر الصادقين عنهما معا فلا أحسب أحدا من أهل العلم يقدر أن يترك ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لغيره فإن جاز أن يتهم الغلط على بعض من بيننا وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن حدثنا جاز مثل ذلك على من بيننا وبين عمر ممن حدثنا بل من روى عن عائشة تطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر ممن روى عن ابن عمر نهي عمر عن الطيب روى عن عائشة سالم والقاسم وعروة والأسود بن يزيد وغيرهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأراكم إذا أصبتم لم تعقلوا من أين أصبتم وإذا أخطأتم لم تعرفوا سنة تذهبون إليها فتعذروا بأن تكونوا ذهبتم إلى مذهب بل أراكم إنما ترسلون ما جاء على ألسنتكم عن غير معرفة إنما كان ينبغي أن تقولوا من كره الطيب للمحرم إنما نهى عن الطيب أنه «حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة حين سأله أعرابي أحرم وعليه جبة وخلوق فأمره بنزع الجبة وغسل الصفرة» .
    فقلت للشافعي: أفترى لنا بهذا حجة أو إنما هذا شبهة وما الحجة على من قال هذا قال: إن كان قاله بهذا فقد ذهب عليه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب» فقال: بما حضر «وتطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الإسلام سنة عشر وأمر الأعرابي قبل ذلك بسنتين في سنة ثمان» فلو كانا مختلفين كان إباحته التطيب ناسخا لمنعه وليسا بمختلفين إنما «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتزعفر الرجل» (قال الشافعي) : وأمر الرجل أن يغسل الزعفران عنه وقد تطيب سعد بن أبي وقاص وابن عباس للإحرام وكانت الغالية ترى في مفارق ابن عباس مثل الرب.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا ابن عيينة عن عمر بن دينار عن سالم بن عبد الله قال: قال عمر من رمى الجمرة فقد حل ما حرم عليه إلا النساء والطيب وقال سالم: «قالت عائشة طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي» وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون من أهل العلم فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة لغيرها وترك ذلك الغير لرأي أنفسكم فالعلم إذا إليكم تأتون منه ما شئتم وتدعون منه ما شئتم تأخذون بلا تبصر لما تقولون ولا حسن روية فيه أرأيتم إذا خالفتم السنة هل عرفتم ما قلتم كرهتم الطيب قبل الإحرام لأنه يبقى بعد الإحرام وقد كان الطيب حلالا فإذا كرهتموه إذا كان يبقى بعد الإحرام فلا وجه لقولكم إلا أن تقولوا وجدناه إذا كان محرما ممنوعا أن يبتدئ طيبا فإذا تطيب قبل أن يحرم فما يبقى كان كابتداء الطيب في
    الإحرام قلت: فأنتم تجيزون بأن يدهن المحرم بما يبقي لينه، وذهابه الشعث ويرجل الشعر قال: وما هو؟ قلت: ما لا طيب فيه مثل الزيت والشيرق وغيره قال: هذا لا يصلح للمحرم أن يبتدئ الادهان به ولو فعل وجبت عليه كفارة المتطيب عندنا وعندكم وإنما كان ينبغي أن تقولوا: لا يدهن بشيء يبقي في رأسه لينة ساعة أو تجيزوا الطيب إذا كان قبل الإحرام ولو لم يكن في هذا سنة تتبع انبغى أن لا يقال إلا واحد من هذين القولين. .
    [باب في العمرى]
    قال: سألت الشافعي عمن أعمر عمرى له ولعقبه فقال: هي للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها فقلت: وما الحجة؟ فقال: السنة الثابتة من حديث الناس وحديث مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنما هي للذي يعطاها» لا ترجع إلى الذي أعطى عطاء وقعت فيه المواريث قال: وبها نأخذ ويأخذ عامة أهل العلم في جميع الأمصار بغير المدينة وأكابر أهل العلم وقد روى هذا مع جابر بن عبد الله زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت للشافعي فإنا نخالف هذا فقال: أتخافونه وأنتم تروونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن حجتنا فيه أن مالكا قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى وما يقول الناس فيها فقال له القاسم: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ما أجابه القاسم عن العمرى بشيء وما أخبره إلا أن الناس على شروطهم فإن ذهب إلى أن يقول: العمرى من المال والشرط فيها جائز فقد شرط الناس في أموالهم شروطا لا تجوز لهم فإن قال قائل: وما هي؟ قيل: الرجل يشتري العبد على أن يعتقه والولاء للبائع فيعتقه فهو حر والولاء للمعتق والشرط باطل فإن قال: السنة تدل على إبطال هذا الشرط قلنا: والسنة تدل على إبطال الشرط في العمرى فلم أخذت بالسنة مرة وتركتها مرة؟ قول القاسم لو كان قصد به قصد العمرى فقال: إنهم على شروطهم فيها لم يكن في هذا ما يرد به الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن قال قائل ولم؟ قيل: نحن لا نعلم أن القاسم قال هذا إلا بخبر يحيى عن عبد الرحمن عنه وكذلك علمنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرى بخبر ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره فإذا قبلنا خبر الصادقين فمن روى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرجح ممن روى هذا عن القاسم لا يشك عالم أن ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يقال به مما قاله أناس بعده قد يمكن أن لا يكونوا سمعوا من رسول الله ولا بلغهم عنه شيء وأنهم لناس لا نعرفهم فإن قال قائل: لا يقول القاسم قال الناس إلا لجماعة من أصحاب رسول الله أو من أهل العلم لا يجهلون للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ولا يجمعون أبدا من جهة الرأي ولا يجمعون إلا من جهة السنة قيل له أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلا كانت عنده وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة وأنتم تزعمون أنها ثلاثة فإذا قيل لكم تتركون قول القاسم والناس إنها تطليقة قلتم: لا ندري من الناس الذين يروي هذا عنهم القاسم فإن لم يكن قول القاسم والناس حجة عليكم في رأي أنفسكم لهو عن أن يكون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة أبعد ولئن كان حجة لعله
    أخطأتم بخلافكم إياه برأيكم وإنا لنحفظ عن ابن عمر في العمرى مثل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وحميد الأعرج عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنت عند ابن عمر فجاءه رجل من أهل البادية فقال: إني وهبت لابني ناقة حياته وإنها تناتجت إبلا فقال ابن عمر: هي له حياته وموته فقال: إني تصدقت عليه بها قال: ذلك أبعد لك منها.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن حبيب بن أبي ثابت مثله إلا أنه قال: أضنت واضطربت يعني كبرت واضطربت (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو عن سليمان بن يسار أن طارقا قضى بالمدينة بالعمرى عن قول جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرة عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرى للوارث» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فسبيله سبيل الميراث» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين قال: حضرت شريحا قضى لأعمى بالعمرى فقال له الأعمى: يا أبا أمية بما قضيت لي؟ فقال له شريح: لست أنا قضيت لك ولكن محمد - صلى الله عليه وسلم - قضى لك منذ أربعين سنة قال: ومن أعمر شيئا حياته فهو لورثته إذا مات (قال الشافعي) : فتتركون ما وصفت من العمرى مع ثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقول زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن عمر وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وهذا عندكم عمل بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتوهم في قول القاسم وأنتم تجدون في قول القاسم أفتى في رجل قال لأمة قوم شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة ثم تخالفونه برأيكم وما روى القاسم عن الناس. والله أعلم. .
    [باب ما جاء في العقيقة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: تستحب العقيقة ولو بعصفور قلت للشافعي: فإنا نقول ليس عليه العمل ولا نلتفت إلى قول تستحب قال: قد يمكن أن لا يكون استحبها إلا أهل العلم بالمدينة (قال الشافعي) : أخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن الناس كانوا يقضون في المجوس بثمانمائة درهم وأن اليهود والنصارى إذا أصيبوا يقضى لهم بقدر ما يعقلهم قومهم فيما بينهم قلت: فإنا نقول في اليهودي والنصراني نصف دية المسلم ولا نلتفت إلى رواية سليمان بن يسار إن الناس (قال الشافعي) : سليمان مثل القاسم في السن أو أسن منه فإن كانت لكم حجة بقول القاسم "الناس" فهي عليكم بقول سليمان بن يسار ألزم لأنه لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليهودي والنصراني قول. .
    [باب في الحربي يسلم]
    .
    باب في الحربي يسلم سألت الشافعي عن المشركين الوثنيين الحربيين يسلم الزوج قبل المرأة أو المرأة قبل الزوج أقام المسلم منهما في دار الإسلام أو خرج فقال: ذلك كله سواء ولا يحل للزوج إصابتها ولا له أن يصيبها إذا
    كان واحد منهما مسلما، ونظرتهما انقضاء العدة، فإن انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما وكذلك ولو كان الزوج المسلم فانقضت عدة المرأة قبل أن تسلم هي انقطعت العصمة بينهما لا اختلاف بين الزوج والمرأة في ذلك. فقلت له: علام اعتمدت في هذا؟ فقال: على ما لا أعلم من أهل العلم بالمغازي في هذا اختلافا من أن أبا سفيان أسلم قبل امرأته وأن امرأة صفوان وعكرمة أسلمتا قبلهما ثم استقروا على النكاح وذلك أن آخرهم إسلاما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة وفيه أحاديث لا يحضرني ذكرها وقد حضرني منها حديث مرسل وذلك أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب أن صفوان بن أمية هرب من الإسلام ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة واستقرا على النكاح قال ابن شهاب: فكان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر فقلت له: أرأيت إن قلت مثل إذا أسلمت قبل زوجها خرجت من الدار أو لم تخرج ثم أسلم الزوج فهما على النكاح ما لم تنقض العدة وإذا أسلم الزوج قبل المرأة وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله تبارك وتعالى يقول {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] (قال الشافعي) : إذا يدخل عليكم والله أعلم خلاف التأويل والأحاديث والقياس وما القول في رجل يسلم قبل امرأته والمرأة قبل زوجها إلا واحد من قولين أنتم قوم لم تعرفوا فيه الأحاديث أو عرفتموها فرددتموها بتأويل القرآن فإذا تأولتم قول الله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] لم تعدوا أن تكونوا أردتم بقوله تبارك وتعالى أنه إذا أسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما مكانه وأنتم لم تقولوا بهذا وزعمتم أن العصمة إنما تقطع بينهما إذا عرض على الزوجة الإسلام فأبت وقد يعرض عليها الإسلام من ساعتها ويعرض عليها بعد سنة وأكثر فليس هذا بظاهر الآية ولم تقولوا في هذا بخبر ولا يجوز أن يقال بغير ظاهر الآية إلا بخبر لازم فقلت: فإن قلت يعرض عليها الإسلام من ساعتها (قال الشافعي) : أفليس يقيم بعد إسلامه قبل يفرق بينهما؟ أو رأيتم إن كانت غائبة عن موضع إسلامه أو بكماء لا تكلم أو مغمى عليها فإن قلتم: تطلق فقد تركتم العرض وإن قلتم: ينتظر بها فقد أقامت في حباله وهي كافرة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والآية في الممتحنة مثلها قال الله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} [الممتحنة: 10] فسوى بينهما وكيف فرقتم بينهما؟ (قال الشافعي) : هذه الآية في معنى تلك لا تعدو هاتان الآيتان أن تكونا تدلان على أنه إذا اختلف دينا الزوجين فكان لا يحل للزوج جماع زوجته لاختلاف الدينين فقد انقطعت العصمة بينهما أو يكون لا يحل له في تلك الحال ويتم انقطاع العصمة إن جاءت عليها مدة ولم يسلم المتخلف عن الإسلام منهما فإن كان هذا المعنى لم يصلح أن تكون المدة إلا بخبر يلزم لأن رجلا لو قال: مدتهما ستة أشهر أو يوم لم يجز هذا من قبل الرأي إنما يجوز من جهة الأخبار اللازمة فلما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة أبي سفيان وكان أبو سفيان قد أسلم هو وامرأته هند مقيمة بمكة وهي دار حرب لم تسلم وأمرت بقتله ثم أسلمت بعد أيام فاستقرا على النكاح وهرب عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية من الإسلام وأسلمت زوجتاهما ثم أسلما فاستقرا على النكاح وكان ابن شهاب حمل أحد الحديثين أو هما معا فذكر فيه توقيت العدة دل ذلك على انقطاع العصمة بين الزوجين إن انقضت العدة قبل أن يسلم المتخلف عن الإسلام منهما لا أن انقطاع العصمة هو أن يكون أحدهما مسلما ويكون الفرج ممنوعا حين يسلم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقيل لبعض من يذهب إلى التفريق بين الزوج يسلم قبل المرأة والمرأة تسلم قبل الزوج أتجهلون امرأة أبي سفيان؟ قالوا: لا ولكن كان الذي بين إسلامهما يسيرا قيل: أما علمتم أن أبا سفيان قد أسلم وقد أقامت هند على الكفر ثم أسلمت فاستقر على النكاح؟ قال: بلى قيل: أو ليس بقيت
    عقدته عليها وقد أسلم قبلها قال: بلى قيل: فلو كان معنى الآية {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] على أنه متى أسلم حرمت كنتم قد خالفتم الآية وقولكم: وعلمتم أن السنة في هند على غير ما قلتم وإذا كان {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] جاءت عليهم مدة لم تسلم فيها فالمدة لا تجوز إلا بخبر يلزم مثله (قال الشافعي) : وأنتم إذا قلتم لا يفسخ بينهما حتى يعرض عليها الإسلام فتأباه فإذا عرض عليها الإسلام فأبته انفسخ النكاح قيل: فإذا كانت ببلاد نائية فإذا انقضت عدتها انفسخ النكاح وإن لم يعرض عليها الإسلام وهذا خارج من الوجهين والمعقول إن كان يقطع العصمة أن يسلم الزوج قبلها انبغى أن نخرجها من يده قبل عرض الإسلام وإن كان ذلك بمدة فالمدة التي نذهب إليها نحن وأنتم العدة. .
    [باب في أهل دار الحرب]
    .
    باب في أهل دار الحرب سألت الشافعي عن أهل الدار من أهل الحرب يقتسمون الدور ويملك بعضهم على بعض على ذلك القسم ويسلمون ثم يريد بعضهم أن ينقض ذلك القسم ويقسمه على قسم الإسلام فقال: ليس ذلك له قلت: ما الحجة في ذلك؟ : قال: الاستدلال بمعنى الإجماع والسنة قلت: وأين ذلك؟ قال: أرأيت أهل دار الحرب إذا سبى بعضهم بعضا وغصب بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا ثم أسلموا أهدرت الدماء وأقررت الأرقاء في يدي من أسلموا وهم رقيق لهم والأموال لأنهم ملكوها عليهم قبل الإسلام فإذا ملكوا بقسم الجاهلية فما ذلك الملك بأحق وأولى أن يثبت لمن ملكه من ملك الغصب والاسترقاق لمن كان جرا مع أنه أخبرنا مالك عن ثور بن يزيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام لم تقسم فهي على قسم الإسلام» (قال الشافعي) : نحن نروي فيه حديثا أثبت من هذا بمثل معناه. .
    [باب البيوع]
    سألت الشافعي عن الرجل يأتي بذهب إلى دار الضرب فيعطيها الضراب بدنانير مضروبة ويزيده على وزنها، قال: هذا الربا بعينه المعجل قلت وما الحجة؟ قال: أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، فقلت للشافعي: فإنا نزعم أنه لا بأس بهذا قال: فهذا الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه فكيف أجزتموه؟ قال: هذا من ضرب قولكم في اللحم أنه لا بأس أن يباع بعضه ببعض بغير وزن بالبادية وحيث ليس موازين فإن كان اللحم من الطعام الذي نهى عنه إلا مثلا بمثل فقد أجزتموه وإن لم يكن منه فلم تحرمونه في القرية وتجيزونه في البادية وأنتم لا تجيزون بالبادية تمرا بتمر إلا مثلا بمثل وإن لم يكن في البادية مكيال وأجزتم هذا في الخبز أن يباع بعضه ببعض بغير وزن إذا تحرى في القرية والبادية وفي البيض وما أشبهه.
    [باب متى يجب البيع]
    سألت الشافعي: متى يجب البيع حتى لا يكون للبائع نقضه ولا للمشتري نقضه إلا من عيب؟ قال: إذا تفرق المتبايعان بعد عقدة البيع من المقام الذي تبايعا فيه فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار» فقلت له: فإنا نقول ليس لذلك عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه (قال الشافعي) : الحديث بين لا يحتاج إلى تأويل ولكني أحسبكم التمستم العذر من الخروج منه بتجاهل كيف وجه الحديث وأي شيء فيه يخفى عليه قد زعمتم أن عمر قال لمالك بن أوس حين اصطرف من طلحة بن عبيد الله بمائة دينار فقال له طلحة أنظرني حتى يأتي خازني من الغابة فقال: لا والله لا تفارقه حتى تقبض منه فزعمتم أن الفراق فراق الأبدان فكيف لم تعلموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا أن الفراق فراق الأبدان» فإن قلتم: ليس هذا أردنا إنما أردنا أن يكون عمل به بعده فابن عمر الذي سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ابتاع الشيء يعجبه أن يجب له فارق صاحبه فمشى قليلا ثم رجع أخبرنا بذلك سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر وقد خالفتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر جميعا. .
    [باب بيع البرنامج]
    سألت الشافعي عن بيع الساج المدرج والقبطية وبيع الأعدال على البرنامج على أنه واجب بصفة أو غير صفة قال: لا يجوز من هذا شيء إلا لمشتريه الخيار إذا رآه قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة والمنابذة» فقلت للشافعي: فإنا نقول في الساج المدرج والقبطي المدرج لا يجوز بيعهما لأنهما في معنى الملامسة ونزعم أن بيع الأعدال على البرنامج يجوز (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فالأعدال التي لا ترى أدخل في معنى الغرر المحرم من القبطية والساج يرى بعضه دون بعض ولأنه لا يرى من الأعدال شيء وأن الصفقة تقع منها على ثياب مختلفة فقلت للشافعي: إنما نفرق بين ذلك لأن الناس أجازوه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ما علمت أحدا يقتدي به في العلم أجازه فإن قلتم: إنما أجزناه على الصفقة فبيوع الصفقات لا تجوز إلا مضمونة على صاحبها بصفة يكون عليه أن يأتي بها بكل حال وليس هكذا بيع البرنامج أرأيت لو هلك المبيع أيكون على بائعه أن يأتي بصفة مثله فإن قلتم: لا فهذا لا بيع عين ولا بيع صفة. .
    [باب بيع الثمر]
    .
    باب بيع الثمر سألت الشافعي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه نهى البائع والمشتري» (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وفيه دلائل بينة منها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه قال
    وصلاحه أن ترى فيه الحمرة أو الصفرة لأن الآفة قد تأتي عليه أو على بعضه قبل بلوغه أو يجد بسرا وهو في الحال التي نهى عنها ظاهر يراه البائع والمشتري كما كانا يريانه إذا رئيت فيه الحمرة بما وصفنا من معنى أن الآفة ربما كانت فقطعته أو نقصته كانت كل ثمرة مثله لا يحل أن تباع أبدا حتى تزهى وتنضج منها ذلك وبهذا قلنا وقد قلتم بالجملة وقلنا: لا يحل بيع القثاء ولا الخربز وإن ظهر وعظم حتى يرى فيه النضج (قال الشافعي) : وقلنا: فإذا لم يحل بيع القثاء والخربز حتى يرى فيه النضج كان بيع ما لم يخرج من القثاء والخربز أحرم لأنه لم يبد صلاحه ولم يخلق ولا يدرى لعله لا يكون فقلت للشافعي: فإنا نقول إذا ظهر شيء من القثاء حل أن تباع ثمرته تلك وما خلق من القثاء ما نبت أصله.
    (قال الشافعي) : وقد «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه» فلم أجزتم بيع شيء لم يخلق بعد؟ «ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين» وبيع السنين بيع الثمر سنين فإن زعمتم أنه يجوز في النخل إذا طابت العام أن ثمرته قابلا فقد خالفتم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوجهين وإن زعمتم أن بيع ثمرة لم تأت لا يحل فكذلك كان ينبغي أن تقولوا في القثاء والخربز سألت الشافعي عن القثاء والخربز والفجل يشترى أيكون لمشتريه أن يبيعه قبل أن يقبضه فقال: لا ولا يباع شيء منه بشيء منه متفاضلا يدا بيد قلت للشافعي: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر فقلت للشافعي: فإنا نقول كما قلت: لا يباع حتى يقبض ولا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : هذا خلاف السنة في بعض القول قلت ومن أين؟ قال: زعمتم أنه لا يباع حتى يقبض وزعمتم أنه لا يباع بعضها ببعض نسيئة وهذا في حكم الطعام من التمر والحنطة ثم زعمتم أنه لا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد وهذا خلاف حكم الطعام وهذا قول لا يقبل من أحد من الناس إما أن تكون خارجة من الطعام فلا بأس عندكم أن تباع قبل أن تقبض ويباع منها واحد بعشرة من صنفه نسيئة أو تكون طعاما فلا يجوز الفضل في الصنف منها على الآخر من صنفه يدا بيد. .
    [باب ما جاء في ثمن الكلب]
    سألت الشافعي عن الرجل يقتل الكلب للرجل فقال: ليس عليه غرم فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن» قال مالك: وإنما أكره بيع الكلاب الضواري وغير الضواري لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب.
    (قال الشافعي) : نحن نجيز للرجل أن يتخذ الكلاب الضواري ولا نجيز له أن يبيعها لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا حرمنا ثمنها في الحال التي يحل اتخاذها فيه اتباعا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحل أن يكون لها ثمن بحال قلت للشافعي: فإنا نقول لو قتل رجل لرجل كلبا غرم له ثمنه فقال الشافعي: هذا خلاف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقياس عليه وخلاف أصل قولكم كيف يجوز أن تغرموه ثمنه في الحال التي تفوت فيها نفسه وأنتم لا تجعلون له ثمنا في الحال التي يحل أن ينتفع به فيها فإن قال قائل: فإن من المشرقيين من زعم أنه إذا قتل ففيه ثمنه ويروى فيه أثر فأولئك يجيزون بيعه حيا ويردون الحديث الذي في النهي عن ثمنه ويزعمون أن الكلب سلعة من السلع يحل ثمنه كما يحل ثمن الحمار





  14. #314
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (314)
    صــــــــــ 234 الى صـــــــــــ 241





    والبغل وإن لم يؤكل لحمهما للمنفعة فيهما ويقولون: لو زعمنا أن ثمنه لا يحل زعمنا أنه لا شيء على من قتله ويقولون أشباها لهذا كثيرة فيزعمون أن ماشية لرجل لو ماتت كان له أن يسلخ جلودها فيدبغها فإذا دبغت حل بيعها ولو استهلكها رجل قبل الدباغ لم يضمن لصاحبها شيئا لأنه لا يحل ثمنها حتى تدبغ ويقولون في المسلم يرث الخمر أو توهب له لا تحل إلا بأن يفسدها فيجعلها خلا فإذا صارت خلا حل ثمنها ولو استهلكها مستهلك وهي خمر أو بعد ما أفسدت وقبل أن تصير خلا لم يضمن ثمنها في تلك الحال لأن أصلها محرم ولم تصر خلا لأنهم يعقلون ما يقولون: وإنما صاروا محجوجين بخلاف الحديث الذي ثبتناه نحن وأنتم من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب وهم لا يثبتونه وأنتم محجوجون بأنكم لم تتبعوه وأنتم تثبتونه ولا تجعلون للكلب ثمنا إذا كان حيا وتجعلون فيه ثمنا إذا كان ميتا أو رأيتم لو قال لكم قائل: لا أجعل له ثمنا إذا قتل لأنه قد ذهبت منفعته وأجيز أن يباع حيا ما كانت المنفعة فيه وكان حلالا أن يتخذ هل الحجة عليه إلا أن يقال ما كان له مالك وكان له ثمن في حياته كان له ثمن وما لم يكن له ثمن في إحدى الحالين لم يكن له ثمن في الأخرى. .
    [باب الزكاة]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» قال: وبهذا نقول وتقولون في الجملة ثم خالفتموه في معان وقد زعمتم وزعمنا أن لا يضم صنف طعام إلى غيره لأنا إذا ضممناها فقد أخذنا فيما دون خمسة أوسق فإن في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يبين أنه لا يكون في خمسة أوسق صدقة حتى تكون من صنف واحد ثم زعمتم أنكم تضمون الحنطة والسلت والشعير معا لأن سعدا لم يجز الحنطة بالشعير إلا مثلا بمثل.
    (قال الشافعي) : وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بيعوا الحنطة بالشعير كيف شئتم يدا بيد» ولم يقل في السلت شيئا علمته والسلت غير الحنطة والتمر من الزبيب أقرب من السلت من الحنطة وأنتم لا تضمون أحدهما إلى الآخر وزعمتم أنكم تضمون القطنية كلها بعضها إلى بعض وتزعمون أن حجتكم فيها أن عمر أخذ من القطنية العشر ونحن وأنتم نأخذ من القطنية والحنطة والتمر والعشور أفيضم بعض ذلك إلى بعض وأخذ عمر من الحنطة والزبيب نصف العشر أفيضم الزبيب إلى الحنطة؟ إن هذا لإحالة عما جاء عن عمر وخلافه هذا قول متناقض أنتم تحلون التفاضل إذا اختلف الصنفان فكيف حل لكم أن تضموها وهي عندكم مختلفة؟ وكيف جاز لكم أن يحل فيها التفاضل وهي عندكم طعام من صنف واحد؟ ما أعلم قولكم في القطنية والسلت والشعير إلا خلافا للسنة والآثار والقياس. .
    [باب النكاح بولي]
    سألت الشافعي عن النكاح فقال: كل نكاح بغير ولي فهو باطل فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أحاديث ثابتة فأما من حديث مالك فإن مالكا أخبرنا عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها
    وإذنها صماتها» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن المسيب كان يقول: قال عمر بن الخطاب: لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان.
    (قال الشافعي) : وثبتم هذا وقلتم: لا يجوز نكاح إلا بولي ونحن نقول فيه بأحاديث من أحاديث الناس أثبت من أحاديثه وأبين (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» ثلاثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عكرمة قال: جمع الطريق ركبا فيهم امرأة ثيب فجعلت أمرها بيد رجل فزوجها رجلا فجلد عمر الناكح والمنكح وفرق بينهما (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل (قال الشافعي) : وهذا قول العامة بالمدينة ومكة.
    قلت للشافعي: نحن نقول في الدنية لا بأس بأن تنكح بغير ولي، ونفسخه في الشريفة فقال: الشافعي عدتم لما سددتم من أمر الأولياء فنقضتموه قلتم لا بأس أن تنكح الدنية بغير ولي فأما الشريفة فلا (قال الشافعي) : السنة والآثار على كل امرأة فمن أمركم أن تخصوا الشريفة بالحياطة لها واتباع الحديث فيها، وتخالفون الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمن بعده في الدنية؟ أرأيتم لو قال لكم قائل: بل لا أجيز نكاح الدنية إلا بولي لأنها أقرب من أن تدلس بالنكاح وتصير إلى المكروه من الشريفة التي تستحيي على شرفها وتخاف من يمنعها أما كان أقرب إلى أن يكون أصاب منكم؟ فإن الخطأ في هذا القول لأبين من أن يحتاج إلى تبينه بأكثر من حكايته (قال الشافعي) : النساء محرمات الفروج إلا بما أبيحت به الفروج من النكاح بالأولياء والشهود والرضا ولا فرق بين ما يحرم منهن وعليهن في شريفة ولا وضيعة، وحق الله عليهن، وفيهن كلهن واحد لا يحل لواحد منهن ولا يحرم منها إلا بما حل للأخرى وحرم منها.
    [باب ما جاء في الصداق]
    سألت الشافعي عن أقل ما يجوز من الصداق فقال: الصداق ثمن من الأثمان فما تراضى به الأهلون في الصداق مما له قيمة فهو جائز كما ما تراضى به المتبايعان مما له قيمة جاز قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: السنة الثابتة والقياس والمعقول والآثار فأما من حديث مالك فأخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد «أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزوجه امرأة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - التمس ولو خاتما من حديد فقال لا أجد فزوجه إياها بما معه من القرآن» قلت للشافعي: فإنا نقول لا يكون صداق أقل من ربع دينار ونحتج فيه أن الله تبارك وتعالى يقول {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} [البقرة: 237] وقال {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} [النساء: 4] فأي شيء يعطيها لو أصدقها درهما؟ قلنا: نصف درهم وكذلك لو أصدقها أقل من درهم كان لها نصفه قلت: فهذا قليل.
    (قال الشافعي) : هذا شيء خالفتم به السنة والعمل والآثار بالمدينة، ولم يقله أحد قبلكم بالمدينة علمناه وعمر بن الخطاب يقول: ثلاث قبضات زبيب مهر وسعيد بن المسيب يقول: لو أصدقها سوطا فما فوقه جاز وربيعة بن أبي عبد الرحمن يجيز النكاح على نصف درهم وأقل وإنما تعلمتم هذا فيما نرى من أبي حنيفة ثم أخطأتم قوله لأن أبا حنيفة قال: لا يكون الصداق أقل مما نقطع فيه اليد، وذلك عشرة دراهم فقيل لبعض من يذهب مذهب أبي حنيفة: أو خالفتم ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده
    فإلى قول من ذهبتم؟ فروى عن علي فيه شيئا لا يثبت مثله لو لم يخالفه غيره لا يكون مهر أقل من عشرة دراهم فأنتم خالفتموه فقلتم: يكون الصداق ربع دينار قال: وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: إنا استقبحنا أن يباح الفرج بشيء يسير قلنا: أفرأيت إن اشترى رجل جارية بدرهم يحل له فرجها؟ قالوا: نعم قلنا: فقد أبحتم فرجا وزيادة رقبة بشيء يسير فجعلتموها تملك رقبتها ويباح فرجها بدرهم وأقل وزعمتم أنه لا يباح فرجها منكوحة إلا بعشرة دراهم أو رأيت عشرة دراهم لسوداء فقيرة ينكحها شريف أليست بأكثر لقدرها من عشرة دراهم لشريفة غنية نكحها دنيء فقير؟ أو رأيتم وحين ذهبتم إلى ما تقطع فيه اليد فجعلتم الصداق قياسا عليه أليس الصداق بالصداق أشبه منه بالقطع؟ فقالوا: الصداق خبر والقطع خبر لا أن أحدهما قياس على الآخر ولكنهما اتفقا على العدد هذا تقطع فيه اليد وهذا يجوز مهرا فلو قال رجل: لا يجوز صداق أقل من خمسمائة درهم؛ لأن ذلك صداق النبي - صلى الله عليه وسلم - وصداق بناته ألا يكون أقرب منكم؟ أو قال رجل: لا يحل أن يكون الصداق أقل من مائتي درهم؛ لأن الزكاة لا تجب في أقل من مائتي درهم ألا يكون أقرب إلى الصواب منكم وإن كان كل واحد منكما غير مصيب وإذا كان لا ينبغي هذا وما قلتم فلا ينبغي فيه إلا اتباع السنة والقياس أرأيتم إن كان الرجل يصدق المرأة صداق مثلها عشرة دراهم ألف درهم فيجوز ولا يكون له رده.
    ويصدق المرأة عشرة وصداق مثلها آلاف فيجوز ولا يكون لها رد ذلك كما تكون البيوع يجوز فيها التغابن برضا المتبايعين فلم يكون هكذا فيما فوق عشرة دراهم ولا يكون هكذا فيما دون عشرة دراهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت قال: إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق.
    (قال الشافعي) : ليس إرخاء الستور يوجب الصداق عندي لقول الله جل ثناؤه {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [الأحزاب: 49] ولا نوجب الصداق إلا بالمسيس قال: وكذا روي عن ابن عباس وشريح وهو معنى القرآن. .
    [باب في الرضاع]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر سهلة ابنة سهيل أن ترضع سالما خمس رضعات فيحرم بهن» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة أنها: قالت كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن "ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ من القرآن (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله أخبره أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم فأرضعته ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعه غير ثلاث رضعات فلم يكن يدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تكمل له عشر رضعات."
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع ففعلت فكان يدخل عليها.
    (قال الشافعي) : فرويتم عن عائشة أن
    الله أنزل كتابا أن "يحرم من الرضاع بعشر رضعات ثم نسخن بخمس رضعات، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي وهي مما يقرأ من القرآن، وروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بأن يرضع سالم خمس رضعات يحرم بهن» ورويتم عن عائشة وحفصة أمي المؤمنين مثل ما روت عائشة وخالفتموه ورويتم عن ابن المسيب أن المصة الواحدة تحرم فتركتم رواية عائشة ورأيها ورأي حفصة بقول ابن المسيب وأنتم تتركون على سعيد بن المسيب رأيه برأي أنفسكم مع أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما روت عائشة وابن الزبير ووافق ذلك رأي أبي هريرة وهكذا ينبغي لكم أن يكون عندكم العمل (قال الشافعي) : أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحرم المصة ولا المصتان» فقلت للشافعي: أسمع ابن الزبير من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم وحفظه عنه وكان يوم توفي النبي ابن تسع سنين. ."
    [باب ما جاء في الولاء]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الولاء لمن أعتق» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وبهذا أقول فقلت للشافعي: إنا نقول في السائبة ولاؤه للمسلمين، وفي النصراني يعتق المسلم ولاؤه للمسلمين (قال الشافعي) : وتقولون في الرجل يسلم على يدي الرجل أو يلتقطه أو يواليه لا يكون لواحد من هؤلاء ولاء؛ لأن واحدا من هؤلاء لم يعتق، والعتق يقوم مقام النسب ثم تعودون فتخرجون من الحديثين وأصل قولكم فتقولون إذا أعتق الرجل عبده سائبة لم يكن له ولاؤه، وإذا أعتق الذمي عبده المسلم لم يكن له ولاؤه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يعدو المعتق عبده سائبة، والنصراني يعتق عبده مسلما أن يكونا مالكين يجوز عتقهما فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» فمن قال: لا ولاء لهذين فقد خالف ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرج الولاء من المعتق الذي جعله له رسول الله أو يكون كل واحد منهما في حكم من لا يجوز له العتق إذا كانا لا يثبت لهما الولاء فإذا أعتق الرجل عبده سائبة أو النصراني عبده مسلما لم يكن واحد منهما حرا لأنه لا يثبت لهما الولاء وأنتم والله يعافينا وإياكم لا تعرفون ما تتركون، ولا ما تأخذون فقد تركتم على عمر أنه قال للذي التقط المنبوذ: ولاؤه لك وتركتم على ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عباس أنها وهبته ولاء سليمان بن يسار وتركتم حديث عبد العزيز بن عمر «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل يسلم على يدي الرجل له ولاؤه» وقلتم: الولاء لا يكون إلا لمعتق ولا يزول بهبة ولا شرط عن معتق ثم زعمتم في السائبة وله معتق وفي النصراني يعتق المسلم وهو معتق أن لا ولاء لهما فلو أخذتم ما أصبتم فيه بتبصر كان السائبة والنصراني أولى أن تقولوا: ولاء السائبة لمن أعتقه، والمسلم للنصراني إذا أعتقه وقد فرقتم بينهما كان ما خالفتموه لما خالف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «الولاء لمن أعتق» أولى أن تتبعوه؛ لأن فيه آثارا مما لا أثر فيه. .
    [باب الإفطار في شهر رمضان]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة «أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا فقال: إني لا أجد فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فقال: له خذ هذا فتصدق به فقال يا رسول الله ما أجد أحوج مني فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ثم قال: كله» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب «أن أعرابيا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصبت أهلي في رمضان وأنا صائم فقال رسول الله هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا قال: فهل تستطيع أن تهدي بدنة قال: لا قال فاجلس فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فأعطاه إياه» (قال الشافعي) : - رحمه الله - بهذا نقول يعتق رقبة لا يجزيه غيرها إذا وجدها وكفارته كفارة الظهار وزعمتم أن أحب إليكم أن لا تكفروا إلا بإطعام يا سبحان الله العظيم كيف تروون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا تخالفونه، ولا تخالفون إلى قول أحد من خلق الله ما رأينا أحدا قط في شرق ولا غرب قبلكم ولا بلغنا عنه أنه قال مثل هذا، وما لأحد خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. .
    [باب في اللقطة]
    سألت الشافعي عمن وجد لقطة فقال: يعرفها سنة ثم يأكلها إن شاء موسرا كان أو معسرا فإذا جاء صاحبها ضمنها له فقلت له وما الحجة في ذلك؟ قال: السنة الثابتة وروى هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بن كعب وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكلها، وأبي من مياسير الناس يومئذ وقبل وبعد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت السنة فشأنك بها.
    (قال الشافعي) : فرويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عن عمر أنه أباح بعد سنة أكل اللقطة ثم خالفتم ذلك، وقلتم نكره أكل اللقطة للغني والمسكين (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال: إني وجدت لقطة فماذا ترى؟ فقال له ابن عمر: عرفها قال: قد فعلت قال زد قال: قد فعلت قال: لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها.
    (قال الشافعي) : فابن عمر لم يوقت في التعريف وقتا وأنتم توقتون في التعريف سنة وابن عمر كره للذي وجد اللقطة أكلها غنيا كان أو فقيرا، وأنتم ليس هكذا تقولون وابن عمر كره له أخذها وابن عمر كره له أن يتصدق بها وأنتم لا تكرهون له أخذها بل تستحبونه وتقولون: لو تركها ضاعت.
    [باب المسح على الخفين]
    سألت الشافعي عن المسح على الخفين فقال: يمسح المسافر والمقيم إذا لبسا على كمال الطهارة فقلت: وما الحجة؟ قال: السنة الثابتة وقد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب لحاجته في غزوة تبوك ثم توضأ ومسح على الخفين وصلى» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه عبد الله بن عمر فقال له سعد: خل أباك فسأله فقال له عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما قال ابن عمر: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ قال: وإن جاء أحدكم من الغائط، أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر بال في السوق ثم توضأ ومسح على خفيه ثم صلى.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال: رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال وتوضأ ومسح على الخفين ثم صلى.
    (قال الشافعي) : فخالفتم ما روى صاحبكم عن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وابن شهاب فقلتم لا يمسح المقيم وقد أخبرنا مالك عن هشام أنه رأى أباه يمسح على الخفين (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: يضع الذي يمسح على الخفين يدا من فوق الخفين ويدا من تحت الخفين ثم يمسح، فقلت للشافعي: فإنا نكره المسح في الحضر والسفر قال: هذا خلاف ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلاف العمل من أصحابه والتابعين بعدهم فكيف تزعمون أنكم تذهبون إلى العمل والسنة جميعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود حين افتتح خيبر: أقركم ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبينهم ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي» . .
    [مسائل في أبواب متفرقة]
    [باب ما جاء في الجهاد]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة الأنصاري «عن أبي قتادة الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقلت له: ما بال الناس؟ فقال: أمر الله ثم إن الناس رجعوا فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا له عليه بينة في الثالثة فقمت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لك يا أبا قتادة؟ فاقتصصت عليه القصة فقال رجل: صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه فقال أبو بكر لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد يقاتل عن الله فيعطيك سلبه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق فأعطه إياه قال أبو قتادة: فأعطانيه فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام قال مالك
    المخرف النخيل»
    (قال الشافعي) : وبهذا نقول السلب للقاتل في الإقبال وليس للإمام أن يمنعه بحال؛ لأن إعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - السلب حكم منه وقد أعطى رسول الله السلب يوم حنين وأعطاه ببدر وأعطاه في غير موطن.
    فقلت للشافعي: فإنا نقول: إنما ذلك على الاجتهاد من الإمام فقال: تدعون ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدل على أن هذا حكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - للقاتل فكيف ذهبتم إلى أنه ليس بحكم؟ أو رأيتم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنه أعطى من حضر أربعة أخماس الغنيمة فلو قال قائل: هذا من الإمام على الاجتهاد هل كانت الحجة عليه إلا أن يقال: إعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على العام والحكم حتى تأتي دلالة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن قوله خاص فيتبع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما أن يتحكم متحكم فيدعي أن قولي النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما حكم، والآخر اجتهاد بلا دلالة فإن جاز هذا خرجت السنن من أيدي الناس، فإن قلتم: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا إلا يوم حنين (قال الشافعي) : ولو لم يقله إلا يوم حنين أو آخر غزوة غزاها أو أولى لكان أولى ما آخذ به، والقول الواحد منه يلزم لزوم الأقاويل مع أنه قد قال وأعطاه ببدر وحنين وغيرهما، وقولكم ذلك من الإمام على الاجتهاد فإن لم يكن للقاتل وكان لمن حضر فكيف كان له أن يجتهد مرة فيعطيه ويجتهد أخرى فيعطيه غيره؟ وأي شيء يجتهد إذا ترك السنة إنما الاجتهاد قياس على السنة فإذا لزم الاجتهاد له صار تبعا للسنة وكانت السنة ألزم له أو كان يجوز له في هذا شيء إلا ما سن رسول الله أو أجمع المسلمون عليه أو كان قياسا عليه فقلت: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: نعم بعض الناس قلت: فما احتج به (قال الشافعي) : قال إذا قال الإمام - قبل لقاء العدو: من قتل قتيلا فله سلبه فهو له وإن لم يقله فالسلب من الغنيمة بين من حضر الوقعة إذا أخذ خمسة فقلت للشافعي: فما كانت حجتك؟ قال: الحديث الذي روينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله بعد تقضي حرب حنين لا قبل الوقعة فقلت: قد خالف الحديث (قال الشافعي) : وأنتم قد خالفتموه فإن كان له عذر بخلافه فهو أقرب للعذر منكم فإن قلتم تأوله فكيف جاز له أن يتأول فيقول فلعل النبي إنما أعطاه إياه من قبل أنه قال ذلك قبل الوقعة فإن قلت: هذا تأويل قيل: والذي قلت تأويل أبعد منه وقلت للشافعي: ما رأيت ما وصفت لك أنا أخذنا به من الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهو أصح رجالا وأثبت عند أهل الحديث أو ما سألناك عنه مما كنا نتركه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نلقاك (قال الشافعي) : عقل فيما زعمتم أنكم تتركون من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو أثبت من الأكثر مما كنتم تأخذون به وأولى ففي ما تركتم مثل ما أخذتم به والذي أخذتم به ما لا يثبته أهل الحديث فقلت: مثل ماذا؟ فقال: مثل أحاديث أرسلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمرو بن شعيب وغيره ومثل أحاديث منقطعة فقلت: فكيف أخذت بها؟ قال: ما أخذت بها إلا لثبوتها من غير وجه من روايتكم ورواية أهل الصدق فقلت للشافعي: أرجو أن أكون قد فهمت ما ذكرت من الحديث وصرت إلى ما أمرت به، ورأيت الرشد فيما دعيت إليه وعلمت أن بالعباد - كما قلت - الحاجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت في مذاهبنا ما وصفت من تناقضها، والله أسأله التوفيق، وأنا أسألك عما روينا في كتابنا الذي قدمنا على الكتب عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : فسل منه عما حضرك وفقنا الله وإياك لما يرضى وعصمنا وإياك بالتقوى وجعلنا نريده بما نقول ونصمت عنه إنه على ذلك قادر.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما.
    فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يقرأ بقريب من هذا لأن هذا يثقل قال: أفرأيت إن قال لكم قائل: أبو بكر يقرأ بسورة البقرة في الصبح في روايتكم في الركعتين معا وأقل أمره أنه قسمها في الركعتين وأنك تكره هذا فكيف رغبت عن قراءة أبي بكر، وأصحابه متوافرون - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر من الإسلام وأهله بالوضع الذي هو به وقد أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن أنس أن أبا بكر صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة البقرة فقال له عمر: كربت الشمس أن تطلع فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين ورويت عن عمر وعثمان تطويل القراءة وكرهتها كلها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيسا يقول: أخبرني أبو عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر فصلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة، سورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} [آل عمران: 8] الآية قلت للشافعي: فإنا نكره القراءة في الركعتين الأخيرتين والركعة الأخرى بشيء غير أم القرآن فهل تستحبه أنت؟ فقال: نعم وقال لي الشافعي: فكيف تكرهونه وقد رويتموه عن أبي بكر وروى ابن عيينة عن عمر بن عبد العزيز أنه حين بلغه عن أبي بكر أخذ به (قال الشافعي) : - رحمه الله: وقد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين بأم القرآن وسورة ويجمع الأحيان السور في الركعة الواحدة فقلت للشافعي: فهذا أيضا مما نكرهه فقال: أرويتم عن ابن عمر عن عمر أنه قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى فكيف كرهتم هذا وخالفتموهما معا؟ فقلت للشافعي: أتستحب أنت هذا؟ قال: نعم وأفعله.
    [باب ما جاء في الرقية]
    سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن يرقي الرجل بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ فقال: نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: غير حجة، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكا أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله فقلت للشافعي: فإنا نكره رقية أهل الكتاب فقال: ولم وأنتم تروون هذا عن أبي بكر ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساءهم وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا أو أخف.
    [باب في الجهاد]
    سألت الشافعي عن القوم يدخلون بلاد الحرب أيخربون العامر ويقطعون الشجر المثمر؟ ويحرقونه والنخل والبهائم أو يكره ذلك كله؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أما كل ما لا روح فيه من شجر مثمر وبناء عامر وغيره فيخربونه ويهدمونه ويقطعونه وأما ذوات الأرواح فلا يقتل منها شيء إلا ما كان يحل بالذبح ليؤكل فقلت: له وما الحجة في ذلك وقد كره أبو بكر الصديق أن يخرب عامرا أو يقطع مثمرا أو يحرق نخلا أو يعقر شاة أو بعيرا إلا لمأكلة وأنت أخبرتنا بذلك عن مالك عن يحيى بن سعيد أن





  15. #315
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (315)
    صــــــــــ 242 الى صـــــــــــ 249







    أبا بكر الصديق أوصى يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام فقال الشافعي: هذا من حديث مالك منقطع وقد يعرفه أهل الشام بإسناد أحسن من هذا فقلت للشافعي: وقد روى أصحابنا سوى هذا عن أبي بكر فبأي شيء تخالفه أنت؟ فقال: بالثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حرق أموال بني النضير وقطع وهدم لهم وحرق وقطع بخيبر ثم قطع بالطائف وهي آخر غزاة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتل بها، فقلت للشافعي: فكيف كرهت عقر ذوات الأرواح وتحريقها إلا لتؤكل؟ فقال: بالسنة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل عصفورا بغير حقها حوسب بها قيل: وما حقها قال: يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيلقيه» فرأيت إباحة قتل البهائم المأكولة غير العدو منها في الكتاب والسنة إنما هو أن تصاد فتؤكل أو تذبح فتؤكل وقد نهى عن تعذيب ذوات الأرواح (قال الشافعي) : - رحمه الله - فقال: فإنا نقول شبيها بما قلت، قلت: قد خالفتم ما رويتم عن أبي بكر فقد خالفتموه بما وصفت فما أعرف ما ذهب إليه الذي اتبعناه فقلت: إن كان خالفه لما وصفت مما روي عن أبي بكر لأنه رأى أنه ليس لأحد أن يخالف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهكذا ينبغي أن يقول أبدا يترك مرة حديث رسول الله بقول الواحد من أصحاب رسول الله ثم يترك قول ذلك الواحد لرأي نفسه فالعمل إذا إليه يفعل فيه ما شاء وليس ذلك لأحد من أهل دهرنا.
    سألت الشافعي عن الرجل يقر بوطء أمته فتأتي بولد فينكره فيقول: قد كنت أعزل عنها ولم أكن أحبسها في بيتي فقال: يلحق به الولد إذا أقر بالوطء ولم يدع استبراء بعد الوطء ولا ألتفت إلى قوله كنت أعزل عنها لأنها قد تحبل وهو يعزل ولا إلى تضييعه إياها بترك التحصين لها وإن من أصحابنا لمن يريه القافة مع قوله فقلت: فما الحجة فيما ذكرت؟ قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعزلون لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد أو اتركوا، فقلت للشافعي: صاحبنا يقول: لا نلحق ولد الأمة وإن أقر بالوطء بحال حتى يدعي الولد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن صفية عن عمر في إرسال الولائد يوطأن بمثل معنى حديث ابن شهاب عن سالم.
    (قال الشافعي) : فهذه رواية صاحبنا وصاحبكم عن عمر من وجهين ورواه غيره عنه ولم ترووا أن أحدا خالفه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين فكيف جاز أن يترك ما روي عن عمر لا إلى قول أحد من أصحابه؟ فقلت للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ قال: نعم بعض المشرقيين قلت: فما كانت حجتهم؟ قال: كانت حجتهم أن قالوا: انتفى عمر من ولد جارية له وانتفى زيد بن ثابت من ولد جاريته وانتفى ابن عباس من ولد جارية له فقلت: فما حجتك عليهم؟ فقال: أما عمر فروي عنه أنه أنكر حمل جارية له فأقرت بالمكروه وأما زيد وابن عباس فإنما أنكرا إن كانا فعلا أن ولد جاريتين عرفا أن ليس منهما فحلال لهما فكذلك ينبغي لهما في الأمة وكذلك ينبغي لزوج الحرة إذا علم أنها حبلت من زنا أن يدفع ولدها ولا يلحق بنفسه من ليس منه وإنما قلت هذا فيما بينه وبين الله كما تعلم المرأة أن زوجها قد طلقها ثلاثا فلا ينبغي لها إلا الامتناع منه بجهدها وعلى الإمام أن يحلفها ثم يردها فالحكم غير ما بين العبد وبين الله.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليهم من قولهم أنهم زعموا أن ولد الأمة لا يلحق إلا بدعوة حادثة وأن للرجل بعدما يحصن الأمة وتلد منه أولادا يقر بهم أن ينفي بعدهم ولدا أو يقر بآخر بعده وإنما جعلوا له النفي
    أنهم زعموا أنه لا يلحق ولد الأمة بحال إلا بدعوة حادثة ثم قالوا: إن أقر بولد جارية ثم حدث بعد أولاد ثم مات ولم يدعهم ولم ينفهم لحقوا به وكان الذي اعتدوا في هذا أن قالوا: القياس أن لا يلحق ولكنا استحسنا (قال الشافعي) : إذا تركوا القياس فجاز لهم فقد كان لغيرهم ترك القياس حيث قاسوا والقياس حيث تركوا وترك القياس عندنا لا يجوز وما يجوز في ولد الأمة إلا واحد من قولين إما قولنا وإما لا يلحق به إلا بدعوة فيكون لو حصن سرية وأقر بولدها ثم ولدت بعد عشرة عنده ثم مات ولم تقم بينة باعتراف بهم نفوا معا عنه.
    [باب فيمن أحيا أرضا مواتا]
    سألت الشافعي عمن أحيا أرضا مواتا فقال: إذا لم يكن للموات مالك فمن أحيا من أهل الإسلام فهو له دون غيره ولا أبالي أعطاه إياه السلطان أو لم يعطه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه وإعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أحق أن يتم لمن أعطاه من عطاء السلطان فقلت: فما الحجة فيما قلت؟ قال: ما رواه مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن بعض أصحابه (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: من أحيا أرضا ميتة فهي له.
    (قال الشافعي) : وأخبرنا سفيان وغيره بإسناد غير هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وعطية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحيا أرضا مواتا أنها له أكثر له من عطية الوالي، فقلت للشافعي: فإنا نكره أن يحيي الرجل أرضا ميتة إلا بإذن الوالي (قال الشافعي) : - رحمه الله - فكيف خالفتم ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر وهذا عندكم سنة وعمل بعدهما وأثبتم للوالي أن يعطي وليس للوالي أن يعطي أحدا ما ليس له ولا يمنعه ماله ولا على أحد حرج أن يأخذ ماله وإذا أحيا أرضا ميتة فقد أخذ ماله ولا دافع عنها فيقال للرجل فيما لا دافع عنه وله أخذه: لا تأخذ إلا بإذن سلطان فإن قال قائل للرجل فيما لا بد للسلطان أن يكشف أمره فهو لا يكشف إلا وهو معه خصم والظاهر عنده أنه لا مالك لها فإذا أعطاها رجلا، ثم جاءه من يستحقها دونه ردها إلى مستحقها وكذلك لو أخذها وأحياها بغير إذنه فلا أثبتم للسلطان فيها معنى إنما كان له معنى لو كان إذا أعطاه لم يكن لأحد استحقها أخذها من يديه فأما ما كان لأحد لو استحقها بعد إعطاء السلطان إياها أخذها من يديه فلا معنى له إلا بمعنى أخذ الرجل إياها لنفسه (قال الشافعي) : وهذا التحكم في العلم تدعون ما تروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر لا يخالفهما أحد علمناه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لرأيكم وتضيقون على غيركم أوسع من هذا، فقلت للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: ما علمت أحدا من الناس خالف في هذا غيركم وغير من رويتم هذا عنه إلا أبا حنيفة فإني أراكم سمعتم قوله فقلتم به ولقد خالفه أبو يوسف فقال فيه مثل قولنا وعاب قول أبي حنيفة بخلاف السنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومما في معنى ما خالفتم فيه ما رويتم فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمن بعده لا مخالف له أن مالكا أخبرنا عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    قال: «لا ضرر ولا ضرار» قال: ثم أتبعه في كتابه حديثا كأنه يرى أنه تفسيره (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره» قال: ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم (قال الشافعي) : ثم أتبعهما حديثين لعمر كأنه يراهما من صنفه (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مسلمة فأبى محمد فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب فدعا بمحمد بن مسلمة وأمره أن يخلي سبيله فقال ابن مسلمة: لا فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع؟ تشرب به أولا وآخرا ولا يضرك فقال محمد: لا فقال: عمر والله ليمرن به ولو على بطنك.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف فأراد عبد الرحمن أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرضه فمنعه صاحب الحائط فكلم عبد الرحمن عمر فقضى عمر أن يمر به فمر به (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - فرويتم في هذا الكتاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثا صحيحا ثابتا وحديثين عن عمر بن الخطاب ثم خالفتموها كلها فقلتم في كل واحد منها لا يقضى بها على الناس وليس عليها العمل ولم ترووا عن أحد من الناس علمته خلافها ولا خلاف واحد منها فعمل من تعني تخالف به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينبغي أن يكون ذلك العمل مردودا عندنا وتخالف عمر مع السنة لأنه يضيق خلاف عمر وحده فإذا كانت معه السنة كان خلافه أضيق مع أنك أحلت على العمل وما عرفنا ما تريد بالعمل إلى يومنا هذا وما أرانا نعرفه ما بقينا. والله أعلم.
    [باب في الأقضية]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم قال عمر: إني أراك تجيعهم والله لأغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك قال: أربعمائة درهم قال عمر: أعطه ثمانمائة قال مالك في كتابه: ليس عليه العمل ولا تضعف عليهم الغرامة ولا يقضى بها على مولاهم وهي في رقابهم ولا يقبل قول صاحب الناقة فقلت للشافعي بما قال مالك نقول ولا نأخذ بهذا الحديث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فهذا حديث ثابت عن عمر يقضي به بالمدينة بين المهاجرين والأنصار فإن خالفه غيره لازم لنا فتدعون لقول عمر السنة والآثار لأن حكمه عندكم حكم مشهور ظاهر لا يكون إلا عن مشورة من أصحاب رسول الله فإذا حكم كان حكمه عندكم قولهم أو قول الأكثر منهم فإن كان كما تقولون فقد حكم بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في ناقة المزني وأنتم تقولون حكمه بالمدينة كالإجماع من عامتهم فإن كان قضاء عمر - رحمه الله - عندكم كما تقولون فقد خالفتموه في هذا وغيره وإن لم يكن كما تقولون فلا ينبغي أن يظهر منكم خلاف ما تقولون أنتم وأنتم لا تروون عن أحد أنه خالفه فتخالفون بغير
    شيء رويتموه عن غيره ولا أسمعكم إلا وضعتم أنفسكم موضعا تردون وتقبلون ما شئتم على غير معنى ولا حجة فإن كان يجوز أن يعمل بخلاف قضاء عمر فكيف لم تجيزوا لغيركم ما أجزتم لأنفسكم وكيف أنكرنا وأنكرتم على من خالف قول عمر والواحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير هذا؟
    [باب في الأمة تغر بنفسها]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه بلغه أن عمر أو عثمان قضى أحدهما في أمة غرت بنفسها رجلا فذكرت أنها حرة فولدت أولادا فقضى أن يفدي ولده بمثلهم قال مالك وذلك يرجع إلى القيمة قلت للشافعي: فنحن نقول بقول مالك (قال الشافعي) : فرويتم هذا عن عمر أو عثمان ثم خالفتم أيهما قاله ولم نعلمكم رويتم عن أحد من الناس خلافه ولا تركه بعمل ولا إجماع ادعاه فلم تركتم هذا ولم ترووا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه؟ أرأيتم إذ اتبعتم عمر في أن في الضبع كبشا وفي الغزال عنزا وقيمتهما تخالف قيمة الضبع والغزال فقلتم: البدن قريب من البدن فكيف لم تتبعوا قول عمر أو عثمان في مثلهم في البدن كما جعلتم المثل في هذين الموضعين بالبدن؟ .
    [باب القضاء في المنبوذ]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ قال: وجدتها ضائعة فأخذتها فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح فقال: أكذلك؟ قال: نعم فقال عمر: اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في المنبوذ أنه حر وأن ولاءه للمسلمين فقلت للشافعي: فبقول مالك نأخذ (قال الشافعي) : تركتم ما روي عن عمر في المنبوذ فإن كنتم تركتموه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الولاء لمن أعتق» فزعمتم أن في ذلك دليلا على أن لا يكون الولاء إلا لمن أعتق ولا يزول عن معتق فقد خالفتم عمر استدلالا بالسنة ثم خالفتم السنة فزعمتم أن السائبة لا يكون ولاؤه للذي أعتقه وهو معتق فخالفتموهما جميعا وخالفتم السنة في النصراني يعتق العبد المسلم فزعمتم أن لا ولاء له وهو معتق وخالفتم السنة في المنبوذ إذ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما الولاء لمن أعتق» وهذا نفي أن يكون الولاء إلا لمعتق والمنبوذ غير معتق فلا ولاء له فمن أجمع على ترك السنة والخلاف لعمر فيا ليت شعري من هؤلاء المجتمعون الذين لا يسمعون فإنا لا نعرفهم والله المستعان ولم يكلف الله أحدا أن يأخذ دينه عمن لا يعرفه ولو كلفه أفيجوز له أن يقبل عمن لا يعرف؟ إن هذه لغفلة طويلة ولا أعرف أحدا يؤخذ عنه العلم يؤخذ عليه مثل هذا في قوله وأجده يترك ما يروى في اللقيط عن عمر للسنة ويدع السنة فيه وفي موضع آخر في السائبة والنصراني يعتق المسلم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد خالفنا بعض الناس في هذا فكان قوله أسد توجيها من قولكم قالوا: نتبع ما جاء عن عمر في اللقيط لأنه قد يحتمل أن لا يكون خلافا للسنة وأن تكون السنة في المعتق من لا ولاء له ويجعل ولاء الرجل المسلم على يدي الرجل المسلم بحديث عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن
    النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال في السائبة والنصراني يعتق المسلم قولنا فزعمنا أن عليهم حجة بأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «فإنما الولاء لمن أعتق» أن لا يكون الولاء إلا لمعتق ولا يزول عن معتق فإن كانت لنا عليهم بذلك حجة فهي عليكم أبين لأنكم خالفتموه حيث ينبغي لكم أن توافقوه ووافقتموه حيث كانت لكم شبهة لو خالفتموه.
    [باب القضاء في الهبات]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك بن أنس عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري عن مروان بن الحكم أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها وقال مالك: إن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطي الواهب قيمتها يوم قبضها فقلت للشافعي: فإنا نقول بقول صاحبنا.
    (قال الشافعي) : فقد ذهب عمر في الهبة يراد ثوابها إن الواهب على هبته إن لم يرض منها أن للواهب الخيار حتى يرضى من هبته، ولو أعطى أضعافها في مذهبه - والله أعلم - كان له أن يرجع فيها ولو تغيرت عند الموهوب له بزيادة كان له أخذها وكان كالرجل يبيع الشيء وله فيه الخيار عبدا أو أمة فيزيد عند المشتري فيختار البائع نقض البيع فيكون له نقضه وإن زاد العبد المبيع أو الأمة المبيعة وكثرت زيادته ومذهبكم خلاف ما رويتم عن عمر (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر ونفاه ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها قال مالك: لا تنفى العبيد فقلت للشافعي: نحن لا ننفي العبيد قال: ولم؟ ولم ترووا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين علمته خلاف ما رويتم عن عمر؟ أفيجوز لأحد يعقل شيئا من الفقه أن يترك قول عمر ولا يعلم له مخالفا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لرأي نفسه أو مثله ويجعله مرة أخرى حجة على السنة وحجة فيما ليست فيه سنة وهو إذا كان مرة حجة كان كذلك أخرى فإن جاز أن يكون الخيار إلى من سمع قوله يقبل منه مرة ويترك أخرى جاز لغيركم تركه حيث أخذتم به وأخذه حيث تركتموه فلم يقم الناس من العلم على شيء تعرفونه وهذا لا يسع أحدا عندنا والله أعلم.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عبد الله بن عمرو الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب فقال له: اقطع يد هذا فإنه سرق فقال له عمر: وماذا سرق؟ قال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهما فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع خادمكم سرق متاعكم (قال الشافعي) : بهذا نأخذ لأن العبد ملك لسيده أخذ من ملكه فلا يقطع مالك من سرق من ملك من كان معه في بيته يأمنه أو كان خارجا فكذلك لا يقطع من سرق من ملك امرأته بحال بخلطة امرأته زوجها وهذا معنى قول عمر لأنه لم يسأله أتأمنونه أو لا تأمنونه قال: وهذا مما خالفتم فيه عمر لا مخالف له علمناه فقلتم بقطع العبد فيما سرق لامرأة سيده إن كان لا يكون معهم في منزل يأمنونه.
    [باب في إرخاء الستور]
    (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب
    قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنها إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت قال: إذا دخل بامرأته فأرخيت الستور فقد وجب الصداق (قال الشافعي) : وروي عن ابن عباس وشريح أن لا صداق إلا بالمسيس واحتجا أو أحدهما بقول الله تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237] قال بهذا ناس من أهل الفقه فقالوا: لا يلتفت إلى الإغلاق وإنما يجب المهر كاملا بالمسيس والقول في المسيس قول الزوج وقال غيرهم: يجب المهر بإغلاق الباب وإرخاء الستور وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وأن عمر قال: ما ذنبهن؟ إن جاء العجز من قبلكم فخالفتم ما قال ابن عباس وشريح وما ذهبا إليه من تأويل الآيتين وهما قول الله تبارك وتعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237] وقوله {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49] وخالفتم ما رويتم عن عمر وزيد وذلك أن نصف المهر يجب بالعقد ونصفه الثاني بالدخول ووجه قولهما الذي لا وجه له غيره أنها إذا خلت بينه وبين نفسها واختلى بها فهو كالقبض في البيوع فقد وجب نصف المهر الآخر ولم يذهبا إلى مسيس وعمر يدين ثم يقضي بالمهر وإن لم يدع المسيس لقوله ما ذنبهن إن كان العجز من قبلكم ثم زعمتم أنه لا يجب المهر بالغلق والإرخاء إذا لم تدع المرأة جماعا وإنما يجب بالجماع ثم عدتم فأبطلتم الجماع ودعوى الجماع فقلتم إذا كان استمتع بها سنة حتى تبلى ثيابها وجب المهر ومن حد لكم سنة؟ ومن حد لكم إبلاء الثياب؟ وإن بليت الثياب قبل السنة فكيف لم يجب المهر؟ أرأيت إن قال إنسان إذا استمتع بها يوما وقال آخر يومين وقال آخر شهرا وقال آخر عشر سنين أو ثلاثين سنة ما الحجة فيه إلا أن يقال هذا توقيت لم يوقته عمر ولا زيد وهما اللذان انتهينا إلى قولهما ولا يوقت إلا بخبر يلزم فهكذا أنتم فما أعرف لما تقولون من هذا إلا أنه خروج من جميع أقاويل أهل العلم في القديم والحديث وما علمت أحدا سبقكم به فالله المستعان فإن قلتم إنما يؤجل العنين سنة فهذا ليس بعنين والعنين عندكم إنما يؤجل سنة من يوم ترافعه امرأته إلى السلطان ولو أقام معها قبل ذلك دهرا.
    [باب في القسامة والعقل]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار وعراك بن مالك أن رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسا فوطئ على أصبع رجل من جهينة فنزا منها فمات فقال عمر بن الخطاب للذين ادعى عليهم: أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها؟ فأبوا وتحرجوا من الأيمان فقال للآخرين: احلفوا أنتم فأبوا فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين (قال الشافعي) : فخالفتم في هذا الحكم كله عمر بن الخطاب فقلتم يبدأ المدعون بل زعمتم أنه إذا لم يحلف واحد من الفريقين فليس فيه شطر دية ولا أقل ولا أكثر (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فإن كنتم ذهبتم إلى ما ذهبنا إليه من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ المدعين فلما لم يحلفوا رد الأيمان على المدعى عليهم فلما لم يقبل المدعون أيمانهم لم يجعل لهم عليهم شيئا فإلى هذا ذهبنا وهكذا يجب عليكم في كل أمر وجدتم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سنة أن تصيروا إلى سنة رسول الله دون ما خالفها من الأشياء كلها وما كان شيء من الأشياء أولى أن تأخذوا فيه بحكم عمر من هذا لأن الحكم في هذا أشهر من غيره وأنه قد كان يمكنكم أن تقولوا هذا دم خطأ والذي حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دم عمد فنتبع ما
    حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - كما حكم في العمد وما حكم به عمر كما حكم في الخطأ وليس واحد منهما خلاف الآخر فإن صرتم إلى أن تقولوا: إنهما يجتمعان إنهما قسامة فنصير إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ونجعل الخطأ قياسا على العمد فما كان لا يتوجه من حديث يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على خلافه أولى أن تصيروا فيه إلى حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ينبغي أن تختلف أقاويلكم.
    [باب القضاء في الضرس والترقوة والضلع]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر قضى في الضرس بجمل وفي الترقوة بجمل وفي الضلع بجمل.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قضى عمر في الأضراس ببعير بعير وقضى معاوية في الأضراس بخمسة أبعرة خمسة أبعرة قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر وتزيد في قضاء معاوية فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين فتلك الدية سواء فقلت: للشافعي: فإنا نقول في الأضراس خمس خمس ونزعم أنه ليس في الترقوة وفي الضلع حكم معروف وإنما فيها حكومة باجتهاد قال: فقد خالفتم حديث زيد بن أسلم عن عمر كله فقلتم في الأضراس خمس خمس وهكذا نقول لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السن خمس كانت الضرس سنا قال: فهذا كما قلنا في المسألة قبلها وقد يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: في السن خمس مما أقبل من الفم مما اسمه سن فإذا كانت لنا ولكم حجة بأن نقول: الضرس سن ونذهب إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها ونخالف غيره لظاهر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن توجه لغيره أن لا يكون خلاف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهكذا ينبغي لنا أن لا نترك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا أبدا لقول غيره فأما أن تتركوا قول عمر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة وتتركوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول عمر مرة فهذا ما لا يجهل عالم أنه ليس لأحد إن شاء الله. قال: وخالفتم عمر في الترقوة والضلع فقلتم: ليس فيهما شيء موقت.
    (قال الشافعي) : وأنا أقول بقول عمر فيهما معا لأنه لم يخالفه واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما علمت فلم أر أن أذهب إلى رأيي وأخالفه (قال الشافعي) : وروى مالك عن سعيد أنه روى عن عمر في الأضراس بعير بعير وعن معاوية خمسة أبعرة وقال: فيهما بعيرين بعيرين فإذا كان سعيد يعرف عن عمر شيئا ثم يخالفه ولم يذهب أيضا إلى ما ذهبنا إليه من الحديث وكنتم تخالفون عمر ثم تخالفون سعيدا فأين ما تدعون أن سعيدا إذا قال قولا لم يقل به إلا عن علم وتحتجون بقوله في شيء وها أنتم تخالفونه في هذا وغيره فأين ما زعمتم من أن العلم بالمدينة كالوراثة لا يختلفون فيه وحكايتهم إذا حكوا وحكيتم عنهم اختلافا فكذلك حكاية غيركم في أكثر الأشياء إنما الإجماع عندهم فيما يوجد الإجماع فيه عند غيرهم وأن أولى علم الناس بعد الصلاة أن يكون عليه إجماع بالمدينة الديات لأن ابن طاوس قال: عن أبيه ما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - من عقل وصدقات فإنما نزل به الوحي وعمر من الإسلام بموضعه الذي هو به من الناس فقد خالفتموه في الديات وخالفتم ابن المسيب بعده فيها ولا أرى دعواكم الموروث كما ادعيتم وما أراكم قبلتم عن عمر هذا وما أجدكم تقبلون العلم إلا عن أنفسكم. .
    [باب في النكاح]
    (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال: هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت.
    (قال الشافعي) : وقد خالفتم هذا وقلتم: النكاح مفسوخ ولا حد عليه فخالفتم عمر وعمر لو تقدم فيه لرجم يعني لو أعلمت الناس أنه لا يجوز النكاح بشاهد وامرأة حتى يعرفوا ذلك لرجمت فيه من فعله بعد تقدمي. .
    [باب ما جاء في المتعة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر يجر رداءه فزعا وقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يشبه قوله في الأول ومذهب عمر في هذا أن المتعة إذا كانت محرمة عنده وكان الناس يفعلونها مستحلين أو جاهلين وهو اسم نكاح فيدرأ عنهم بالاستحلال أنه لو كان تقدم فيها حتى يعلمهم أن حكمه أنها محرمة ففعلوها رجمهم وحملهم على حكمه وإن كانوا يستحلون منها ما حرم كما قال: يستحل قوم الدينار بالدينارين يدا بيد فيفسخه عليهم من يراه حراما فخالفتم عمر في المسألتين معا وقلتم: لا حد على من نكح بشاهد وامرأة ولا من نكح نكاح متعة كما زعمت فيهما (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال: عمر بن الخطاب أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملا وذلك لزوجها غرم على وليها قال مالك: وإنما يكون ذلك لزوجها غرما على وليها إذا كان الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها وإلا فليس عليه غرم وترد المرأة ما أخذت من صداق نفسها ويترك لها قدر ما استحلها به إذا مسها، فقلت للشافعي: فإنا نقول بقول مالك وسألت عن قوله في ذلك فقال: إنما حكم عمر أن لها المهر بالمسيس وأن المهر على وليها لأنه غار والغار - علم أو لم يعلم - يغرم أرأيت رجلا باع عبدا ولم يعلم أنه حر أليس يرجع عليه بقيمته أو باع متاعا لنفسه أو لغيره فاستحق أو فسد البيع أو كان لمشتريه الخيار فاختار رده ألا يرجع بقيمة ما غرم على من غره علم أو لم يعلم؟ قال: ورويتم الحديث عن عمر وخالفتموه فيه بما وصفته فلو ذهبتم فيه إلى أمر يعقل فقلتم: إذا كان الصداق ثمنا للمسيس لم يرجع به الزوج عليها ولا على ولي لأنه قد أخذ المسيس كما ذهب بعض المشرقيين إلى هذا كان مذهبا فأما ما ذهبتم إليه فليس بمذهب وهو خلاف عمر (قال الشافعي) :: أخبرنا مالك أن كتب إلى عمر بن الخطاب من العراق في رجل قال لامرأته: حبلك على غاربك فكتب عمر إلى عامله أن مره يوافيني في الموسم فبينا عمر يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال: من أنت؟ فقال: أنا الذي أمرت أن أجلب عليك فقال عمر: أنشدك برب هذه البنية هل أردت بقولك حبلك على غاربك الطلاق؟ فقال الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك أردت الفراق فقال عمر: هو ما أردت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فبهذا نقول وفيه دلالة على أن كل كلام أشبه الطلاق لم نحكم به طلاقا حتى يسأل قائله فإن كان أراد طلاقا فهو طلاق وإن لم يرد طلاقا لم يكن طلاقا ولم نستعمل الأغلب من الكلام على رجل احتمل غير الأغلب فخالفتم عمر في هذا فزعمتم أنه طلاق وأنه لا يسأل عما أراد. .





  16. #316
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (316)
    صــــــــــ 250 الى صـــــــــــ 257




    [باب في المفقود]
    (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين ثم تنتظر أربعة أشهر وعشرا قال: والحديث الثابت عن عمر وعثمان في امرأة المفقود مثل ما روى مالك عن ابن المسيب عن عمر وزيادة فإذا تزوجت فقدم زوجها قبل أن يدخل بها زوجها الآخر كان أحق بها فإن دخل بها زوجها الآخر فالأول المفقود بالخيار بين امرأته والمهر ومن قال بقوله في المفقود قال بهذا كله اتباعا لقول عمر وعثمان وأنتم تخالفون ما روي عن عمر وعثمان معا فتزعمون أنها إذا نكحت لم يكن لزوجها الأول فيها خيار هي من الآخر، فقلت للشافعي فإن صاحبنا قال: أدركت من ينكر ما قال بعض الناس عن عمر فقال الشافعي: قد رأينا من ينكر قضية عمر كلها في المفقود ويقول هذا لا يشبه أن يكون من قضاء عمر فهل كانت الحجة عليه إلا أن الثقات إذا حملوا ذلك عن عمر لم يتهموا فكذلك الحجة عليك وكيف جاز أن يروي الثقات عن عمر حديثا واحدا فتأخذ ببعضه وتدع بعضا أرأيت إن قال لك قائل: آخذ بالذي تركت منه وأترك الذي أخذت به هل الحجة عليه إلا أن يقال من جعل قوله غاية ينتهي إليها أخذ بقوله كما قال: فأما قولك فإنما جعلت الغاية في نفسك لا فيمن روى عنه الثقات فهكذا الحجة عليك لأنك تركت بعض قضية عمر وأخذت ببعضها (قال الربيع) : لا تتزوج امرأة المفقود حتى يأتي يقين موته لأن الله قال: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} [البقرة: 234] فجعل على المتوفى عدة، وكذلك جعل على المطلقة عدة لم يبحها إلا بموت أو طلاق وهي معنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: «إن الشيطان ينقر عند عجز أحدكم حتى يخيل إليه أنه قد أحدث فلا ينصرف أحدكم حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» فأخبر أنه إذا كان على يقين من الطهارة فلا تزول الطهارة إلا بيقين الحدث وكذلك هذه المرأة لها زوج بيقين فلا يزول قيد نكاحها بالشك ولا يزول إلا بيقين وهذا قول علي بن أبي طالب.
    [باب في الزكاة]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح: خذ منا من خيلنا ومن رقيقنا صدقة فأبى ثم كتب إلى عمر فأبى ثم كلموه أيضا فكتب إلى عمر فكتب إليه إن أحبوا فخذها منهم وارددها عليهم قال مالك: يعني ردها إلى فقرائهم (قال الشافعي) : وقد أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر أمر أن يؤخذ في الفرس شاتان أو عشرة أو عشرون درهما، فقلت للشافعي فإنا نقول لا تؤخذ في الخيل صدقة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» (قال الشافعي) : فقد رويتم وروى غيركم عن عمر هذا فإن كنتم تركتموه لشيء رويتموه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة فهكذا فاصنعوا في كل من روى عن أحد شيئا يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه وإنكم لتخالفون ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما هو أبين من هذا وتعملون فيه بأن الرجل من أصحابه لا يقول قولا يخالفه وتقولون لا يخفى على الرجل من أصحابه قوله ثم يأتي موضع آخر فيختلف كلامكم ولو شاء رجل قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «ليس على مسلم في عبده وفرسه صدقة» إذا كان فرسه مربوطا
    له مطية فأما خيل تتناتج فنأخذ منها كما أخذ عمر بن الخطاب فقد ذهب هذا المذهب بعض المفتين ولو ذهبتم هذا المذهب لكان له وجه يحتمل فإن لم تقولوا وصرتم إلى اتباع ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة وجملة كل شيء عليه فهكذا فاصنعوا في كل شيء ولا تختلف أقاويلكم إن شاء الله.
    [باب في الصلاة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب صلى بالناس المغرب فلم يقرأ فيها فلما انصرف قيل له: ما قرأت قال: فكيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسنا قال: فلا بأس، قلت للشافعي: فإنا نقول من نسي القراءة في الصلاة أعاد الصلاة ولا تجزئ صلاة إلا بقراءة قال: فقد رويتم هذا عن عمر وصلاته بالمهاجرين والأنصار فزعمتم أنه لم ير إذا كان الركوع والسجود حسنا بأسا ولا تجدون عنه شيئا أحرى أن يكون إجماعا منه ومن المهاجرين والأنصار عليه عادة من هذا إذا كان علم الصلاة ظاهرا فكيف خالفتموه فإن كنتم إنما ذهبتم إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة إلا بقراءة» فينبغي أن تذهبوا في كل شيء هذا المذهب فإذا جاء شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تدعوه لشيء إن خالفه غيره كما قلتم ههنا وهذا موضع لكم فيه شهود لأنه شبهة لو ذهبتم إليه بأن تقولوا: لا صلاة إلا بقراءة لمن كان ذاكرا والنسيان موضوع كما أن نسيان الكلام عندكم موضوع في الصلاة فإذا أمكنكم أن تقولوا هذا في الصلاة فلم تقولوه وصرتم إلى جملة ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتركتم ما رويتم عن عمر ومن خلفه من المهاجرين والأنصار لجملة حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فكيف لم تصنعوا هذا فيما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منصوصا بينا لا يحتمل ما خالفه مثل ما احتمل هذا من التأويل بالنسيان؟
    [باب في قتل الدواب التي لا جزاء فيها في الحج]

    سألت الشافعي عن قتل القراد والحلمة في الإحرام فقال:
    لا بأس بقتله ولا فدية فيه وإنما يفدي المحرم ما قتل مما يؤكل لحمه فقلت له: ما الحجة فيه؟ فقال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله أنه «رأى عمر يقرد بعيرا له في طين بالسقيا» فقلت للشافعي: فإن صاحبنا يقول: لا ينزع الحرام قرادا ولا حلمة ويحتج بأن ابن عمر كره أن ينزع المحرم قرادا أو حلمة من بعير قال: وكيف تركتم قول عمر وهو يوافق السنة بقول ابن عمر ومع عمر ابن عباس وغيره؟ فإن كنتم ذهبتم إلى التقليد فلعمر بمكانه من الإسلام وفضل علمه ومعه ابن عباس وموافقة السنة أولى أن تقلدوه (قال) : وقد تتركون قول ابن عمر لرأي أنفسكم ولرأي غير ابن عمر فإذا تركتم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طيب المحرم لقول عمر وتركتم على عمر تقريد البعير لقول ابن عمر وعلى ابن عمر فيما لا يحصى لرأي أنفسكم فالعلم إليكم عند أنفسكم صار فلا تتبعون منه إلا ما شئتم ولا تقبلون إلا ما هويتم وهذا لا يجوز عند أحد من أهل العلم فإذا زعمتم أن ابن عمر يخالف عمر في هذا وغيره فكيف زعمتم أن الفقهاء بالمدينة لا يختلفون وأنتم تروون عنهم الاختلاف وغيركم يرويه عنهم في أكثر خاص الفقه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: لا يصدرن أحد من الحاج حتى
    يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت قال مالك: وذلك فيما نرى - والله أعلم - لقول الله جل ثناؤه {ثم محلها إلى البيت العتيق} [الحج: 33] فمحل الشعائر وانقضاؤها إلى البيت العتيق (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رد رجلا من مر الظهران لم يكن ودع البيت (قال) : وقال مالك: من جهل أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت لم يكن عليه شيء إلا أن يكون قريبا فيرجع فلا أنتم عذرتموه بالجهالة فلا تردونه من قريب ولا بعيد ولا أنتم اتبعتم قول عمر وما تأول صاحبكم من القرآن أن الوداع من نسكه فيجعل عليه دما وهو قول ابن عباس "من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما" وهو يقول في مواضع كثيرة بقول ابن عباس وحده "من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما" ثم تتركونه حيث شئتم وتدعونه ومعه عمر وما تأولتم من القرآن.
    [باب ما جاء في الصيد]

    سألت الشافعي عمن قتل من الصيد شيئا وهو محرم فقال:
    من قتل من دواب الصيد شيئا جزاه بمثله من النعم لأن الله تبارك وتعالى يقول {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] والمثل لا يكون إلا لدواب الصيد فأما الطير فلا مثل له ومثله قيمته إلا أن في حمام مكة اتباعا للآثار شاة.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك أن أبا الزبير حدثه عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة فقلت للشافعي: فإنا نخالف ما روينا عن عمر في الأرنب واليربوع فيقول: لا يفديان بجفرة ولا بعناق (قال الشافعي) : هذا الجهل البين وخلاف كتاب الله عندنا وأمر عمر وأمر عثمان بن عفان وابن مسعود وهم أعلم بمعاني كتاب الله منكم مع أنه ليس في تنزيل الكتاب شيء يحتاج إلى تأويل لأن الله جل ثناؤه إذ حكم في الصيد بمثله من النعم فليس يعدم المثل أبدا فما له مثل من النعم أن ينظر إلى الصيد إذا قتل بأي النعم كان أقرب بها شبها في البدن فدى به وهذا إذا كان كذا فدى الكبير بالكبير والصغير بالصغير أو يكون المثل القيمة كما قال بعض المشرقيين وقولكم لا القيمة ولا المثل من البدن بل هو خارج منهما مع خروجه مما وصفنا من الآثار وتزعمون في كل ما كان فيه ثنية فصاعدا أنه مثل النعم فترفعون وتخفضون فإذا جاء ما دون ثنية قلتم مثل من القيمة وهذا قول لا يقبل من أحد لو لم يخالف الآثار فكيف وقد خالفها وكل ما فدى فإنما القدر قيمته والقيمة تكون قليلة وكثيرة وأقاويلكم فيها متناقضة فكيف تجاوز الثنية التي تجوز ضحية في البقرة فتفديها ويكون يصيد صيدا صغيرا دون الثنية فلا تفديه بصغير دون الثنية.
    (قال الشافعي) : فتصيرون إلى قول عمر في النهي عن الطيب قبل الإحرام وتتركون فيه ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصيرون إلى ترك قوله في كثير وتدعون لقوله ما وصفت من سنن تروونها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تخالفون عمر ولا مخالف له من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين بل معه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان وابن مسعود ومن التابعين عطاء وأصحابه (قال الشافعي) : وقد جهدت أن أجد أحدا يخبرني إلى أي شيء ذهبتم في ترككم ما رويتم عن عمر في اليربوع والأرنب فما وجدت أحدا يزيدني على أن ابن عمر قال: الضحايا والبدن والثني فما فوقه (قال الشافعي) : وأنتم أيضا تخالفون في هذا لأن قول ابن عمر لا يعدو أن يكون لا يجيز من الضحايا والبدن إلا الثني فما فوقه فإن كان هذا فأنتم تجيزون الجذعة من الضأن ضحية وإن كان قول ابن عمر أن الثني فما فوقه وفاء ولا يسع ذلك ما دونه
    أن يكون ضحية فقد تأولتم قول ابن عمر على غير وجهه وضيقتم على غيركم ما دخلتم في مثله.
    (قال الشافعي) : وقد أخطأ من جعل الصيد من معنى الضحايا والبدن بسبيل ما نجد أحدا منكم يعرف عنه في هذا شيء يجوز لأحد أن يحكيه لضعف مذهبكم به وخروجه من معنى القرآن والأثر عن عمر وعثمان وابن مسعود والقياس والمعقول ثم تناقضه فإن قال قائل: فجزاء الصيد ضحايا قلنا: معاذ الله أن يكون ضحايا جزاء الصيد بدل من الصيد والبدل يكون منه ما يكون بقرة مثله فأرفع وأخفض منها تمرة والتمرتين وذلك أن من جزاء الصيد ما يكون بتمرة ومنه ما يكون ببدنة ومنه ما يكون بين ذلك فإن قال قائل: فما فرق بين جزاء الصيد والضحايا والبدن قيل: أرأيت الضحايا أيكون على أحد فيها أكثر من شاة؟ فإن قال: لا قيل أفرأيت البدن أليست تطوعا أو نذرا أو شيئا وجب بإفساد حج؟ فإن قال: بلى قيل: أفرأيت جزاء الصيد أليس إنما هو غرم وغرمه من قتله بأنه محرم القتل في تلك الحال وحكم الله به عليه هديا بالغ الكعبة للمساكين الحاضري الكعبة؟ فإن قال: بلى قيل: فكما تحكم لمالك الصيد على رجل لو قتله بالبدن منه؟ فإن قال: نعم قيل: فإذا قتل نعامة كانت فيها بدنة أو بقرة وحش كانت فيها شاة فإن قال: نعم قيل: أفترى هذا كالأضاحي أو كالهدي التطوع أو البدن أو إفساد الحج فإن قال: قد يفترقان قيل: أليس إذا أصيبت نعامة كانت فيها بدنة لأنها أقرب الأشياء من المثل وكذلك البقر والغزال؟ فإن قال: نعم قيل: فإذا كان هذا بدلا لشيء أتلف فكان علي أن أغرم أكثر من الضحية فيه لم لا يكون لي أن أعطي دون الضحية فيه وأنت قد تجعل ذلك لي فتجعل في الجرادة تمرة؟ .
    (قال الشافعي) : فإن قال: فإنما أجعل عليك القيمة إذا كانت القيمة دون ما يكون ضحية قيل: فمن قال لك: إن شيئا يكون بدلا من شيء فتجعل على من قتله المثل ما كان ضحية فأعلى ولا تجعل الضحية تجزي فيما قتل منه مما هو أعلى منها وإذا كان شيء دون الضحية لم تطرحه عني بل تجعله علي بمثل من الثمن لأنه لا يجوز ضحية فهو في قولك ليس من معاني الضحايا فإن قال: أفيجوز أن يكون هذا ناقصا وضحية؟ قيل: نعم فكما يجوز أن يكون تمرة وقبضة من طعام ودرهم ودرهمان هديا ولو لم يجز كنت قد أخطأت إذ زعمت أنه إذا أصبت صيدا مريضا أو أعور أو منقوصا قوم علي في مثل تلك الحال ناقصا ولم تقل يقوم علي وافيا فمثلت الصيد الصغير مرة بالإنسان الحي يقتل منقوصا فيكون فيه دية تامة وزعمت أخرى أنه إذا قوم الصيد المقتول قومه منقوصا وهذا قول يختلف إن كان قياسا على الإنسان الحر فلا يفرق بين قيمته منقوصا وصغيرا وكبيرا لأن الإنسان يقتل مريضا ومنقوصا كهيئته صحيحا وافرا وإن كان قياسا على المال يتلف فيقومه بالحال التي أتلف فيها لا بغيرها.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فإن قال: ما معنى قول الله هديا قلت الهدي شيء فصلته من مالك إلى من أمرت بفصله إليه كالهدية تخرجها من مالك إلى غيرك فيقع اسم الهدي على تمرة وبعير وما بينهما من كل ثمرة ومأكول يقع عليه اسم الهدية على ما قل وكثر فإن قال أفيجوز أن تذبح صغيرة من الغنم فتتصدق بها قلت: نعم كما يجوز أن تتصدق بتمرة والهدي غير الضحية والضحية غير الهدي الهدي بدل والبدل يقوم مقام ما أتلف والضحية ليست بدلا من شيء (قال الشافعي) : وقد قال هذا مع عمر بن الخطاب عثمان بن عفان وابن مسعود وغيرهما فخالفتم إلى غير قول آخر مثلهم ولا من سلف من الأئمة علمته (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري
    عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أن محرما ألقى جوالقا فأصاب يربوعا فقتله فقضى فيه ابن مسعود بجفرة مجفرة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن ابن مسعود حكم في اليربوع بجفرة أو جفرة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن مطرف عن أبي السفر أن عثمان قضى في أم حيين بحلان من الغنم (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن مخارق عن طارق قال: خرجنا حجيجا فأوطأ رجل منا يقال له أربد ضبا ففزر ظهره فقدمنا على عمر فسأله أربد فقال عمر: احكم فيه فقال: أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم فقال له عمر: إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني فقال أربد: أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر فقال عمر: فذاك فيه.
    (قال الشافعي) : لا أعلم مذهبا أضعف من مذهبكم رويتم عن عمر تؤجل امرأة المفقود ثم تعتد عدة الوفاة وتنكح وروى المشرقيون عن علي لتصبر حتى يأتيها يقين موته وجعل الله عدة الوفاة على المرأة يتوفى عنها زوجها فقال المشرقيون: لا يجوز أن تعتد عدة الوفاة إلا من جعل الله ذلك عليها ولم يجعل الله ذلك إلا على التي توفي عنها زوجها يقينا فقلتم: عمر أعلم بمعنى كتاب الله فإذا قيل لكم وعلي عالم بكتاب الله وأنتم لا تقسمون مال المفقود على ورثته ولا تحكمون عليه بحكم الوفاة حتى تعلموا أنه مات ببينة تقوم على موته فكيف حكمتم عليه حكم الوفاة في امرأته فقط؟ قلتم: لا يقال لما روي عن عمر لم؟ ولا كيف؟ ولا يتأول معه القرآن ثم وجدتم عمر يقول في الصيد بمعنى كتاب الله ومع عمر عثمان وابن مسعود وعطاء وغيرهم فخالفتموهم لا مخالف لهم من الناس إلا أنفسكم لقول متناقض ضعيف والله المستعان.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: من أصاب ولد ظبي صغيرا فداه بولد شاة مثله وإن أصاب صيدا أعور فداه بأعور مثله أو منقوصا فداه بمنقوص مثله أو مريضا فداه بمريض وأحب إلي لو فداه بواف.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قرير عن محمد بن سيرين أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجريت أنا وصاحبي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه: تعالى نحكم أنا وأنت فحكما عليه بعنز وذكر في الحديث أن عمر قال: هذا عبد الرحمن بن عوف (قال الشافعي) : أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح أنه قال: لو كان معي حاكم لحكمت في الثعلب بجدي قلت للشافعي: فإن صاحبنا يقول: إن الرجلين إذا أصابا ظبيا حكم عليهما بعنزين وبهذا نقول.
    (قال الشافعي) : وهذا خلاف قول عمر وعبد الرحمن بن عوف في روايتكم وابن عمر في رواية غيركم إلى قول غير أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا جاز لكم أن تخالفوهم فكيف تجعلون قول الواحد منهم حجة على السنة ولا تجعلونه حجة على أنفسكم؟ قال: ثم أردتم أن تقيسوا فأخطأتم القياس فلو لم تكونوا خالفتم أحدا كنتم قد أخطأتم القياس قستم بالرجلين يقتلان النفس فيكون على كل واحد منهما كفارة عتق رقبة وفي النفس شيئان: أحدهما بدل والبدل كالثمن وهو الدية في الحر والثمن في العبد والأبدال لا يزاد فيها عندنا وعندكم لو أن مائة رجل قتلوا رجلا حرا أو عبدا لم يغرموا إلا دية أو قيمة فإن قال قائل: فالظبي يقتل بالقيمة والدية أشبه أم الكفارة قيل بالقيمة والدية فإن قال: ومن أين؟ قيل: تفدى النعامة ببدنة والجرادة بتمرة وهذا مثل قيمة العبد المرتفع والمنخفض والكفارة شيء لا يزاد فيها ولا ينقص منها إن كان طعاما أو كسوة أو عتقا وقول عمر وعبد الرحمن معنى القرآن لأن الله جل ثناؤه يقول {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] فجعل فيه المثل فمن جعل فيه مثلين فقد خالف قول الله والله أعلم - ثم لا تمتنعون من رد قول عمر لرأي أنفسكم ومعه عبد الرحمن بن عوف.
    (قال الشافعي) :
    أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء في نفر أصابوا صيدا قال: عليهم كلهم جزاء واحد (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن عمار مولى بني هاشم قال: سئل ابن عباس عن نفر أصابوا صيدا قال: عليهم جزاء قيل: على كل واحد منهم جزاء؟ قال: إنه لمغرر بكم بل عليكم كلكم جزاء واحد. والله أعلم.
    [باب الأمان لأهل دار الحرب]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل جيش كان بعثه أنه بلغني أن الرجل منكم يطلب العلج حتى إذا أسند في الجبل وامتنع قال له الرجل مترس يقول لا تخف فإذا أدركه قتله وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحدا فعل ذلك إلا ضربت عنقه قال مالك: وليس هذا بالأمر المجتمع عليه ولا يقتل به فقلت للشافعي فإنا نقول بقول مالك (قال الشافعي) : قد خالفتم ما رويتم عن عمر ولم ترووا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه علمناه وأما قوله ليس هذا بالأمر المجتمع عليه فليس في مثل هذا اجتماع وهو لا يروي شيئا يخالفه ولا يوافقه فأين الإجماع فيما لا رواية فيه؟ فإن كان ذهب إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقتل مسلم بكافر» وهذا كافر لزمه إذا جاء شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يترك كل ما خالفه أما أن يترك ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة ويلزمه أخرى فهذا لا يجوز لأحد. .
    [باب ما روى في تخمير المحرم وجهه]
    باب ما روى مالك عن عثمان بن عفان وخالفه في تخمير المحرم وجهه سألت الشافعي: أيخمر المحرم وجهه؟ فقال: نعم ولا يخمر رأسه وسألته عن المحرم يصطاد من أجله الصيد قال: لا يأكله فإن أكله فقد أساء ولا فدية عليه فقلت: وما الحجة؟ فقال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عثمان بن عفان بالعرج في يوم صائف وهو محرم وقد غطى وجهه بقطيفة أرجوان ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا فقالوا: ألا تأكل أنت؟ قال: إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي فقلت: إنا نكره تخمير الوجه للمحرم ويكرهه صاحبنا ويروي فيه عن ابن عمر أنه قال: ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان كانوا يخمرون وجوههم وهم محرمون فإن كنت ذهبت إلى أن عثمان وابن عمر اختلفا في تخمير الوجه فكيف أخذت بقول ابن عمر دون قول عثمان ومع عثمان زيد بن ثابت ومروان وما هو أقوى من هذا كله؟ قلت وما هو؟ قال: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بميت مات محرما أن يكشف عن رأسه دون وجهه ولا يقرب طيبا ويكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما» فدلت السنة على أن للمحرم تخمير وجهه وعثمان وزيد رجلان وابن عمر واحد ومعهما مروان فكان ينبغي عندك أن يكون هذا أشبه بالعمل وبدلالة السنة وعثمان الخليفة وزيد ثم مروان بعدهما وقد اختلف عثمان وابن عمر في العبد يباع ويتبرأ صاحبه من العيب فقضى عثمان على ابن عمر أن يحلف ما كان به داء علمه وقد رأى ابن عمر أن التبرؤ يبرئه مما علم لم يعلم فاخترت قول ابن عمر وسمعت من أصحابك من يقول عثمان الخليفة عن قضاه
    بين المهاجرين والأنصار كأنه قول عامتهم وقوله بهذا كله أولى أن يتبع من ابن عمر فعثمان إذ كان معه ما وصفت في تخمير المحرم وجهه من دلالة السنة ومن قول زيد ومروان أولى أن يصار إلى قوله مع أنه قول عامة المفتين بالبلدان فقلت: للشافعي: فإنا نقول ما فوق الذقن من الرأس.
    قال الشافعي: ينبغي أن يكون من شأنك الصمت حين تسمع كلام الناس حتى تعرف منه فإني أراك تكثر أن تكلم بغير روية فقلت: وما ذلك؟ فقال: وما تعني بقولك وما فوق الذقن من الرأس؟ أتعني أن حكمه حكم الرأس في الإحرام؟ فقلت: نعم فقال: أفتخمر المرأة المحرمة ما فوق ذقنها فإن للمحرمة أن تخمر رأسها فقلت: لا قال: أفيجب على الرجل إذا لبد رأسه حلقه أو تقصيره؟ فقلت: نعم قال: أفيجب عليه أن يأخذ من شعر ما فوق الذقن من وجهه؟ فقلت: لا فقال لي الشافعي: وفرق الله بين حكم الوجه والرأس فقال: اغسلوا وجوهكم فعلمنا أن الوجه ما دون الرأس وأن الذقن من الوجه وقال امسحوا برءوسكم فكان الرأس غير الوجه فقلت: نعم قال: وقولك لا كراهة لتخمير الوجه بكماله ولا إباحة تخميره بكماله أنه يجب على من وضع نفسه معلما أن يبدأ فيعرف ما يقول قبل أن يقوله ولا ينطق بما لا يعلم وهذه سبيل لا أراك تعرفها فاتق الله وامسك عن أن تقول بغير علم ولم أر من أدب من ذهب مذهبك إلا أن يقول القول ثم يصمت وذلك أنه "قال: فيما نرى" يعلم أنه لا يصنع شيئا بمناظرة غيره إلا بما أن صمت أمثل به.
    قلت للشافعي: فمن أين قلت أي صيد صيد من أجل محرم فأكل منه لم يغرم فيه؟ فقال: لأن الله جل ثناؤه إنما أوجب غرمه على من قتله فقال عز وجل {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] فلما كان القتل غير محرم لم يكن على المحرم فيما جنى غيره فدية كما لو قتل من أجله مسلما لم يكن على المقتول من أجله عقل ولا كفارة ولا قود فإن الله قضى أن لا تزر وازرة وزر أخرى قال: ولما كان الصيد مقتولا فأمسك المحرم عن أكله ومن أجله صيد لم يكن عليه فيه فدية بأن صيد من أجله لم يجز أن يكون صيدا مقتولا لا فدية فيه حين قتل ويأكله بشر لا فدية عليهم فإذا أكله واحد فداه وإنما نقطع الفدية فيه بالقتل فإذا كان القتل ولا فدية لم يجز أن تكون فدية لأنه لم يحدث بعدها قتلا يوجب فدية قلت: إن الأكل غير جائز للمحرم وإنما أمرته بالفدية لذلك قال: وكذلك لا يجوز للمحرم أكل ميتة ولا شرب خمر ولا محرم ولا فدية عليه في شيء من هذا وهو آثم بالأكل والفدية في الصيد إنما تكون بالقتل فقلت: للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: ما علمت أحدا غيركم زعم أن من أكل لحم صيد صيد من أجله فداه بل علمت أن من المشرقيين من قال له أن يأكله لأنه مال لغيره أطعمه إياه ولولا اتباع الحديث فيه لكان القول عندنا قوله ولكنه خالف الحديث فخالفناه فإن كانت لنا عليه حجة بخلاف بعض الحديث فهي لنا عليك بخلافك بعضه وهو يعرف ما يقول وإن زل عندنا ولستم والله يعافينا وإياكم تعرفون كثيرا مما تقولون أرأيت لو أن رجلا أعطى رجلا سلاحا ليقويه على قتل حر أو عبد فقتله المعطى كان على المعطي عقل أو قود؟ قال: لا ولكنه مسيء آثم بتقوية القاتل قلت: وكذلك لو قتله ولا علم له بجناية على قتله ورضيه قال: نعم.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أفلا ترى هذا أولى أن يكون عليه عقل أو قود أو كفارة ممن قتل من أجله صيد لا يعلمه فأكله؟ فإذا قلت إنما جعل العقل والقود بالقتل فهذا غير قاتل (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أن أبا أيوب الأنصاري قال: كان الرجل يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهله ثم تباهى الناس فصارت مباهاة. .
    [باب ما جاء في خلاف عائشة في لغو اليمين]
    فقلت للشافعي: ما لغو اليمين؟ قال: الله أعلم أما الذي نذهب إليه فهو ما قالت عائشة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لغو اليمين قول الأنسان لا والله وبلى والله فقلت للشافعي: وما الحجة فيما قلت؟ قال: الله أعلم اللغو في لسان العرب الكلام غير المعقود عليه وجماع اللغو يكون الخطأ (قال الشافعي) : فخالفتموه وزعمتم أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستيقن أنه كما حلف عليه ثم يوجد على خلافه (قال الشافعي) : وهذا ضد اللغو هذا هو الإثبات في اليمين يقصدها يحلف لا يفعله يمنعه السبب لقول الله تبارك وتعالى {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} [المائدة: 89] ما عقدتم ما عقدتم به عقد الأيمان عليه ولو احتمل اللسان ما ذهبتم إليه ما منع احتماله ما ذهبت إليه عائشة وكانت أولى أن تتبع منكم لأنها أعلم باللسان منكم مع علمها بالفقه (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة التشهد قال: فخالفتموها فيه إلى قول عمر.
    [باب في بيع المدبر]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة أن عائشة دبرت جارية لها فسحرتها فاعترفت بالسحر فأمرت بها عائشة أن تباع من الأعراب ممن يسيء ملكتها فبيعت قال: فخالفتموها فقلتم لا يباع مدبر ولا مدبرة ونحن نقول بقول عائشة وغيرها.
    [باب ما جاء في لبس الخز]

    باب ما جاء في لبس الخز فقلت للشافعي فما تقول في لبس الخز؟ قال: لا بأس به إلا أن يدعه رجل ليأخذ بأقصد منه فأما لأن لبس الخز حرام فلا (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أنها كست عبد الله بن الزبير مطرف خز كانت تلبسه (قال الشافعي) : وروينا أن القاسم دخل عليها في غداة بادرة وعليه مطرف خز فألقاه عليها فلم تنكره فقلت للشافعي فإنا نكره لبس الخز فقال: أوما رويتم هذا عن عائشة؟ فقلت: بلى فقال: لأي شيء خالفتموها ومعها بشر لا يرون به بأسا فلم يزل القاسم يلبسه حتى بيع في ميراثه فيما بلغنا فإذا شئتم جعلتم قول القاسم حجة وإذا شئتم تركتم ذلك على عائشة والقاسم ومن شئتم والله المستعان.
    [باب خلاف ابن عباس في البيوع]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: سمعت ابن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائب فأراد أن يبيعها فقال ابن عباس: تلك الورق بالورق وكره ذلك قال مالك: وذلك فيما نرى لأنه أراد بيعها من صاحبه الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به ولو باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن ببيعه بأس وقلتم به وليس هذا قول ابن عباس ولا




  17. #317
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (317)
    صــــــــــ 258 الى صـــــــــــ 265




    تأويل حديث (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال: أما «الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام أن يباع حتى يقبض» قال: ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله (قال الشافعي) : وبقول ابن عباس نأخذ لأنه إذا باع شيئا اشتراه قبل أن يقبضه فقد باع مضمونا له على غيره وأصل البيع لم يبرأ إليه منه وأكل ربح ما لم يضمن وخالفتموه فأجزتم بيع ما لم يقبض سوى الطعام من غير صاحبه الذي اتبع به (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا أعلم بين صاحبه الذي ابتيع منه وغيره فرقا لئن لم يكن ذلك فهل الحجة عليه إلا أن يقال: مخرج قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عام فلا يصلح أن يكون خاصا فكيف نهى عنه ابن عباس وأنتم لا تروون خلاف هذا عن أحد علمته وعن ابن عباس أن امرأة جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء فماتت قبل أن تقضي فأمر ابنتها أن تمشي عنها. فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يمشي أحد عن أحد (قال الشافعي) : أحسب ابن عباس إنما ذهب إلى أن المشي إلى قباء نسك فأمرها أن تنسك عنها وكيف خالفتموه ولا أعلمكم رويتم عن أحد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه.
    باب (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهو محرم وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ قال مالك: عليه عمرة وبدنة وحجة تامة ورواه عن ربيعة فترك قول ابن عباس بخبر ربيعة ورواه عن ثور بن يزيد عن عكرمة يظنه عن ابن عباس (قال الشافعي) : وهو سيئ القول في عكرمة لا يرى لأحد أن يقبل حديثه وهو يروي سفيان عن عطاء عن ابن عباس خلافه وعطاء ثقة عنده وعند الناس قال: والعجب له أن يقول في عكرمة ما يقول ثم يحتاج إلى شيء من علمه يوافق قوله ويسميه مرة ويروي عنه ظنا ويسكت عنه مرة فيروي عن ثور بن يزيد عن ابن عباس في الرضاع وذبائح نصارى العرب وغيره وسكت عن عكرمة وإنما حدث به ثور عن عكرمة وهذا من الأمور التي ينبغي لأهل العلم أن يتحفظوا منها فيأخذ بقول ابن عباس من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما فيقيس عليه ما شاء الله من الكثرة ويترك قوله في غير هذا منصوصا لغير معنى هل رأى أحدا قط تم حجه يعمل في الحج بشيء ما لا ينبغي له فقضاه بعمرة فكيف يعتمر عنده وهو في بقية من حجه؟ فإن قلتم نعمره بعد الحج فكيف يكون حج قد خرج منه كله وقضى عنه حجة الإسلام وقد خرج من إحرامه في الحج ثم نقول: أحرم بعمرة عن حج ما علمت أحدا من مفتي الأمصار قال هذا قبل ربيعة إلا ما روي عن عكرمة. وهذا من قول ربيعة عفا الله عنا وعنه ومن ضرب من أفطر يوما من رمضان قضى باثني عشر يوما ومن قبل امرأته وهو صائم اعتكف ثلاثة أيام وما أشبه هذا من أقاويل كان يقولها قال: والعجب لكم وأنتم لا تستوحشون من الترك على ربيعة ما هو أحسن من هذا فكيف تتبعونه فيه.
    [باب خلاف زيد بن ثابت في الطلاق]

    سألت الشافعي عن الرجل يملك امرأته أمرها فتطلق نفسها ثلاثا فقال:
    القول قول الزوج فإن قال
    إنما ملكتها أمرها في واحدة لا في ثلاث كان القول قوله وهي واحدة وهو أحق بها فقلت له ما الحجة في ذلك؟ قال أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد: ما شأنك؟ فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال: له زيد ارتجعها إن شئت فإنما هي واحدة وأنت أحق بها فقلت للشافعي: فإنا نقول هي ثلاث إلا أن يناكرها وروي شبيها بذلك عن ابن عمر ومروان بن الحكم (قال الشافعي) : ما أراكم تبالون من خالفتم فإن ذهبتم إلى قول ابن عمر ومروان دون قول زيد فبأي وجه ذهبتم إليه فهل يعدو المملك امرأته أمرها إذا طلقت نفسها ثلاثا أن يكون أصل التمليك إخراج جميع ما في يده من طلاقها إليها فإذا طلقت نفسها لزمه ولم تنفعه مناكرتها أو لا يكون إخراج جميعه فيكون محتملا لإخراج الجميع والبعض فيكون القول قوله فيه وإذا كان القول قول الزوج فلو ملكها واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يكن لها أن تطلق إلا واحدة وأسمعكم إذا اخترتم - والله يغفر لنا ولكم - لا تعرفون كيف موضع الاختيار وما موضع المناكرة فيه إلا ما وصفت. والله أعلم.
    [باب في عين الأعور]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار أن زيد بن ثابت قضى في العين القائمة إذا أطفئت أو قال: بخقت بمائة دينار قال مالك: ليس بهذا العمل إنما فيها الاجتهاد لا شيء مؤقت.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أن أنس بن مالك كبر حتى لا يقدر على الصيام فكان يفتدي وخالفه مالك فقال: ليس عليه بواجب.
    (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ربيعة عن أبي بكر بن حزم أنه كان يصلي في قميص فقلت: إنا نكره هذا فقال: كيف كرهتم ما استحب أبو بكر.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها كانت تبيع ثمارها وتستثني منها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلا كانت عنده وليدة قوم فقال لأهلها: شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا باع ثمر حائط فلا بأس أن يستثني منه ما بينه وبين ثلث الثمر لا يجاوزه (قال الشافعي) : أيضا يروى عن القاسم وعمرة الاستثناء ولم يرو عنهما حد الاستثناء ولو جاز أن يستثني منه سهما من ألف سهم ليجوز تسعة أعشاره وأكثر ولا أدري من اجتمع لكم على هذا والذي يروى خلاف ما يقول (قال الشافعي) : ولا يجوز الاستثناء إلا أن يكون البيع واقعا على شيء والمستثنى خارج من البيع وذلك أن يقول: أبيعك ثمر حائطي إلا كذا وكذا نخلة فيكون النصف خارجا من البيع أو أبيعك ثمره إلا نصفه أو إلا ثلثه فيكون ما استثنى خارجا من البيع.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ربيعة أن رجلا أتى القاسم فقال: إني أفضت وأفضت معي بأهلي فعدلت إلى شعب فذهبت لأدنو منها فقالت امرأتي: لم أقصر من شعر رأسي بعد فأخذت من شعر رأسها بأسناني ثم وقعت بها قال: فضحك القاسم ثم قال: فمرها فلتأخذ من رأسها بالجلمين (قال الشافعي) : وهذا كما قال القاسم: إذا قصر من رأسها بأسنانه أجزأ عنها من الجلمين قال مالك: يهريق دما وخالف القاسم لقول نفسه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم من أين القاسم يرمي جمرة العقبة؟ قال: من حيث تيسر قال مالك: لا أحب أن يرميها إلا من بطن المسيل ولم يرو فيها خلافا عن أحد. .
    [باب خلاف عمر بن عبد العزيز في عشور أهل الذمة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حيان وكان زريق على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون للتجارات من كل أربعين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين دينارا فإن نقص من عشرين دينارا ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من أموالهم من كل عشرين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلى مثله من الحول (قال الشافعي) : وبقول عمر نأخذ لا يؤخذ منهم إلا مرة في الحول وخالفتموه إن اختلفوا في السنة مرارا وخالفتم عمر بن عبد العزيز في عشرين دينارا إن نقص ثلث دينار فأخبرت عنه أنه قال: إن جازت جواز الوازنة أخذت منه الزكاة ولو نقصت أكثر وإن لم تجز جواز الوازنة وهي تنقص ثلث دينار أو أكثر أو أقل لم يؤخذ منها زكاة وزعمتم أن الدراهم إن نقصت عن مائتي درهم وهي تجوز جواز الوازنة أخذت منها الزكاة.
    (قال الشافعي) : لسنا نقول بهذا إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» فهو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلو نقصت حبة لم يكن فيها صدقة لأن ذلك دون خمس أواق وأنتم لم تقولوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي روي ليس فيما دون خمس أواق صدقة وهو سنة ولا بقول عمر بن عبد العزيز.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون فقال: فيه العشر وخالفه مالك فقال: لا يؤخذ العشر إلا من زيته وجواب ابن شهاب على حبه.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أن عمر بن عبد العزيز كتب إنما الصدقة في العين والحرث والماشية قال: مالك: لا صدقة إلا في عين أو حرث أو ماشية وقال مالك في العرض الذي يدار صدقة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه بلغه أن سعيدا يعني ابن المسيب وسليمان بن يسار سئلا هل في الشفعة سنة؟ فقالا جميعا نعم: الشفعة في الدور والأرضين ولا تكون الشفعة إلا بين القوم الشركاء (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وتأخذون في الجملة وفي هذا يعني أن تكون الشفعة إلا فيما كانت له أرض فإنه يقسم وقد روى مالك عن عثمان أنه قال: لا شفعة في بئر ولا فحل نخل وقال مالك: لا شفعة في طريق ولا عرصة دار، وإن صلح فيها القسم وقال فيمن اشترى شقصا من دار أو حيوان، أو عرض: الشفعة في الشقص بقدر ما يصيبه من الثمن، ثم خالفتم معنى هذا في المكاتب، فجعلتم نجومه تباع وجعلتموه أحق بما يباع منه بالشفعة.
    [باب خلاف سعيد وأبي بكر في الإيلاء]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد يعني ابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهما كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة ولزوجها عليها الرجعة ما كانت في العدة وقال مالك: إن مروان كان يقضي في الرجل إذا آلى من امرأته أنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة وله عليها الرجعة ما كانت في العدة قال مالك وعلى ذلك رأي ابن شهاب.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن المرأة
    يطلقها زوجها في بيت بكراء على من الكراء؟ فقال: سعيد على زوجها قال: فإن لم يكن عند زوجها؟ قال: فعلى الأمير.
    [باب في سجود القرآن]

    سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال:
    فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين (قال الشافعي) : أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية بسورة الحج فسجد فيها سجدتين، فقلت للشافعي: فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة.
    (قال الشافعي) : فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف تتخذون قول عمر وحده حجة وابن عمر وحده حجة حتى تردوا بكل واحد منهما السنة وتبنون عليهما عددا من الفقه ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمون يستدرك على أحد قول العورة فيه أبين منها فيما وصفت من أقاويلكم، وسألت الشافعي عما روى صاحبنا وحده في المحصب فقال: أخبرنا مالك عن ابن عمر قال: كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت، قلت للشافعي: نحن نقول لا ينبغي لعالم أن يفعله (قال الشافعي) : ما على العالم من النسك ما ليس على غيره قلت: هو العالم والجاهل (قال الشافعي) : فإن تركاه؟ قلت: لا فدية على واحد منهما، قال: ولكنكم من أصل مذهبكم أن من ترك من نسكه شيئا أهراق دما فإن كان نسكا فقد تركتم أصل قولكم وإن كان منزل سفر لا منزل نسك فلا تأمر عالما ولا جاهلا أن ينزله. .
    [باب غسل الجنابة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا اغتسل من الجنابة نضح في عينيه الماء قال مالك: ليس عليه العمل (قال الشافعي) : هذا ما تركتم على ابن عمر ولم ترووا عن أحد خلافه فإذا وسعكم الترك على ابن عمر لغير قول مثله لم يجز لكم أن تقولوا قوله حجة على مثله وأنتم تدعون عليه لأنفسكم وإن جاز لكم أن تحتجوا به على مثله لم يجز تركه لأنفسكم.
    [باب في الرعاف]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع ولم يتكلم (قال الشافعي) فمالك روى عن ابن المسيب وابن عباس مثله (قال الشافعي) : أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يقول من أصابه رعاف أو من وجد رعافا أو مذيا أو قيئا انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى وقال المسور بن مخرمة يستأنف ثم زعمتم أنه إنما يغسل الدم وعبيد الله بن عمر يروي عن نافع أنه كان ينصرف فيغسل الدم ويتوضأ للصلاة والوضوء في الظاهر في روايتكم إنما هو وضوء الصلاة وهذا يشبه الترك، لما رويتم عن ابن عمر وابن عباس وابن المسيب في رواية غيركم أنه يبني في المذي وزعمتم أنكم لا تبنون في المذي. .
    [باب الغسل بفضل الجنب والحائض]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا بأس بفضل المرأة ما لم تكن حائضا أو جنبا قال مالك: لا بأس أن يغتسل بفضل الجنب والحائض، قلت للشافعي أنت تقول بقول مالك؟ قال: نعم ولست أرى قول أحد مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة إنما تركته لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل وعائشة فإذا اغتسلا معا كان كل واحد منهما يغتسل بفضل صاحبه» وأنتم تجعلون قول ابن عمر حجة على السنة وتجعلون سنة أخرى حجة عليه إن كنتم تركتموه على ابن عمر فلعلكم لا تكونون تركتموه عليه إلا بشيء عرفتموه.
    [باب التيمم]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أنه أقبل هو وابن عمر من الجرف حتى إذا كانوا بالمربد نزل فتيمم صعيدا فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه تيمم بمربد الغنم وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد العصر، قلت للشافعي: فإنا نقول: إذا كان المسافر يطمع بالماء فلا يتيمم إلا في آخر الوقت فإن تيمم قبل آخر الوقت وصلى ثم وجد الماء قبل ذهاب الوقت توضأ وأعاد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : هذا خلاف قول ابن عمر المربد بطرف المدينة وقد تيمم به ابن عمر ودخل وعليه من الوقت شيء صالح فلم يعد الصلاة فكيف خالفتموه في الأمرين معا ولا أعلم أحدا مثله قال بخلافه فلو قلتم بقوله ثم خالفه غيركم كنتم شبيها أن تقولوا: تخالف ابن عمر لغير قول مثله ثم تخالفه أيضا في الصلاة وابن عمر إلى أن يصلي ما ليس عليه أقرب منه إلى أن يدع صلاة عليه
    [باب الوتر]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع قال: كنت مع ابن عمر بمكة والسماء متغيمة فخشي ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم انكشف الغيم فرأى عليه ليلا فشفع بواحدة (قال الشافعي) : وأنتم تخالفون ابن عمر من هذا في موضعين فتقولون: لا يوتر بواحدة ومن أوتر لا يشفع وتره ولا أعلمكم تحفظون عن أحد أنه قال: لا يشفع وتره فقلت للشافعي: ما تقول أنت في هذا؟ قال: بقول ابن عمر أنه يوتر بركعة، قلت: أفتقول يشفع وتره؟ فقال: لا فقلت: وما حجتك فيه؟ قال: روينا عن ابن عباس أنه كره لابن عمر أن يشفع وتره وقال: إذا أوترت فاشفع من آخره ولا تعد وترا ولا تشفعه وأنتم زعمتم أنكم لا تقبلون إلا حديث صاحبكم وليس من حديث صاحبكم خلاف ابن عمر. .
    [باب الصلاة بمنى والنافلة في السفر]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا فإذا
    صلى لنفسه صلى ركعتين (قال الشافعي) : هذا يدل على أن الإمام إذ كان من أهل مكة صلى بمنى أربعا لأنه لا يحتمل إلا هذا أو يكون الإمام من غير أهل مكة يتم بمنى لأن الإمام في زمان ابن عمر من بني أمية وقد أتموا بإتمام عثمان قال: وهذا يدل على أن المسافر لو أتم بقوم لم تفسد صلاتهم عند ابن عمر لأن صلاته لو كانت تفسد لم يصل معه (قال الشافعي) : وبهذا نقول وأنتم تخالفون ما رويتم عن ابن عمر لغير رأي أحد رويتموه يخالف ابن عمر بل مع ابن عمر فيه غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافقه وتخالفونه ابن مسعود عاب إتمام الصلاة بمنى ثم قام فأتمها فقيل له في ذلك فقال: الخلاف شر ولو كان ذلك يفسد صلاته لم يتم وخالف فيه ولكنه رآه واسعا فأتم، وإن كان الفضل عنده في القصر (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل (قال الشافعي) : ومعروف عن ابن عمر عيب النافلة في النهار في السفر قال مالك لا بأس بالنافلة في السفر نهارا، قال: فقلت للشافعي فإنا نقول بقول صاحبنا فقال الشافعي: كيف خالفتم ابن عمر واستحببتم ما كره ولم أعلمكم تحفظون فيه شيئا يخالف هذا يدل على أن احتجاجكم بقول ابن عمر استتار من الناس لأنه لا ينبغي لأحد أن يخالف الحجة عنده.
    [باب القنوت]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان لا يقنت في شيء من الصلوات (قال الشافعي) : وأنتم ترون القنوت في الصبح (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أظنه عن أبيه (الشك من الربيع) أنه كان لا يقنت في شيء من الصلاة ولا في الوتر إلا أنه كان يقنت في صلاة الفجر قبل أن يركع الركعة الآخرة إذا قضى قراءته (قال الشافعي) : وأنتم تخالفون عروة فتقولون: يقنت بعد الركوع فقلت: للشافعي فأنت تيقنت في الصبح بعد الركوع؟ فقال: نعم: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان قلت: فقد وافقناك قال: أجل من حيث لا تعلمون وموافقتكم في هذا حجة عليكم في غيره فقلت من أين؟ قال: أنتم تتركون الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج عن الرجل بقياس على قول ابن عمر وتقولون: لا يجهل ابن عمر قول النبي - صلى الله عليه وسلم
    - فقلت: للشافعي: قد يذهب على ابن عمر بعض السنن ويذهب عليه حفظ ما شاهد منها فقال الشافعي: أويخفى عليه القنوت والنبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم يقنت عمره وأبو بكر أو يذهب عليه حفظه؟ فقلت: نعم (قال الشافعي) : أقاويلكم مختلفة كيف نجدكم تروون عنه إنكار القنوت ويروي غيركم من المدنيين القنوت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه فهذا يبطل أن العمل كما تقول في كل أمر ويبطل قولكم لا يخفى على ابن عمر سنة وإذا جاز عليه أن ينسى أو يذهب عليه ما شاهد كان «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أن تحج عن أبيها» من العلم من هذا أولى أن يذهب عليه ولا يجعل قوله حجة على السنة وأنها عليك في رد الحديث زعمت أن يكون لا يذهب على ابن عمر.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر في التشهد (قال الشافعي) : وخالفته إلى قول عمر فإذا كان التشهد وهو من الصلاة وعلم العامة مختلف فيه بالمدينة تخالف فيه ابن عمر وعمر وعائشة فأين الاجتماع والعمل ما كان ينبغي لشيء أن يكون أولى أن يكون مجتمعا عليه من التشهد وما روى فيه مالك صاحبك إلا ثلاثة أحاديث مختلفة كلها حديثان منها يخالفان (3) : فيها عمر وعمر يعلمهم التشهد على المنبر ثم تخالف فيها ابنه وعائشة
    فكيف إذا ادعى أن يكون الحاكم إذا حكم ثم قال: أو عمل أجمع عليه بالمدينة وما يجوز ادعاء الإجماع إلا بخبر ولو ذهب ذاهب يجيزه كانت الأحاديث ردا لإجازته.
    [باب الصلاة قبل الفطر وبعده]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة وبعدها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أن أباه كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات (قال الشافعي) : والذي يروى الاختلاف فأين الإجماع إذا كانوا يختلفون في مثل هذا من الصلاة وما تقولون أنتم، قالوا: لا نرى بأسا أن يصلي قبل الصلاة وبعدها (قال الشافعي) : فإذا خالفتم ابن عمر وإذا جاز خلاف ابن عمر في هذا لقول الرجل من التابعين: أيجوز لغيركم خلافه لقول رجل من التابعين أو تضيقون على غيركم ما توسعون على أنفسكم فتكونون غير منصفين ويكون هذا غير مقبول من أحد ويجوز أن تدع على ابن عمر لرجل من التابعين ولرأي صاحبك وتجعل قول ابن عمر حجة على السنة في موضع آخر.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر في صلاة الخوف بشيء خالفتموه فيه ومالك يقول: لا أراه حكى إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن أبي ذئب يرويه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشك فيه (قال الشافعي) : فإذا تركتم على ابن عمر رأيه وروايته في صلاة الخوف بحديث يزيد بن رومان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف تتركون حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت من حديث يزيد بن رومان لرأي ابن عمر ثم تدعون حديث يزيد بن رومان لقول سهل بن أبي حثمة فتدعون السنة لقول سهل فما أعرف لكم في العلم مذهبا يصح والله المستعان.
    [باب نوم الجالس والمضطجع]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان ينام وهو قاعد ثم يصلي ولا يتوضأ (قال الشافعي) : وهكذا نقول وإن طال ذلك لا فرق بين طويله وقصيره إذا كان جالسا مستويا على الأرض ونقول: إذا كان مضطجعا أعاد الوضوء (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: من نام مضطجعا وجب عليه الوضوء ومن نام جالسا فلا وضوء عليه. فقلت للشافعي: فإنا نقول إن نام قليلا قاعدا لم ينتقض وضوءه وإن تطاول ذلك توضأ (قال الشافعي) : ولا يجوز في النوم قاعدا إلا أن يكون حكمه حكم المضطجع قليله وكثيره سواء أو خارجا من ذلك الحكم فلا ينقض الوضوء قليله ولا كثيره. فقلت للشافعي: فإنا نقول إن نام قليلا قاعدا لم ينتقض وضوءه وإن تطاول ذلك توضأ (قال الشافعي) : فهذا خلاف ابن عمر وخلاف غيره والخروج من أقاويل الناس قول ابن عمر كما حكى مالك وهو لا يرى في النوم قاعدا وضوءا وقول الحسن من خالط النوم قلبه جالسا وغير جالس فعليه الوضوء وقولكم خارج منهما (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه بال في السوق فتوضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دخل المسجد فدعا للجنازة فمسح على خفيه ثم صلى
    قلت للشافعي فإنا نقول لا يجوز هذا إنما يسمح بحضرة ذلك ومن صنع مثل هذا استأنف فقال الشافعي: إني لأرى خلاف ابن عمر عليكم خفيفا لرأي أنفسكم لا بل لا نعلمكم تروون في هذا عن أحد شيئا يخالف قول ابن عمر وإن جاز زلل ابن عمر عندكم وإنما زعمتم أن الحجة في قول أنفسكم فلم تكلفتم الرواية عن غيركم وقد جعلتم أنفسكم بالخيار تقبلون ما شئتم بلا حجة.
    [باب إسراع المشي إلى الصلاة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد (قال الشافعي) : وكرهتم زعمتم إسراع المشي إلى المسجد فقلت للشافعي: نحن نكره الإسراع إلى المسجد إذا أقيمت الصلاة (قال الشافعي) : فإن كنتم كرهتموه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة» فقد أصبتم وهكذا ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله فيه سنة فأما أن قياس قول ابن عمر ويخطئ القياس عليه حجة على «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة تحج عن أبيها ورجلا يحج عن أبيه» فقال: لا يحج أحد عن أحد لأن ابن عمر قال: لا يصلي أحد عن أحد "فكيف يجوز لمسلم أن يدع ما يروى عن رسول الله إلى ما يروى عن غيره ثم يدعه لقياس يخطئ فيه وهو هنا يصيب في ترك ما روي عن ابن عمر إذ روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه ثم يزيد فيخرج إلى خلاف ابن عمر معه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير هذا الموضع."
    [باب رفع الأيدي في التكبير]

    سألت الشافعي عن رفع الأيدي في الصلاة فقال:
    يرفع المصلي يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ولا يفعل ذلك في السجود فقلت للشافعي فما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا هذا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قولنا فقلت: فإنا نقول يرفع في الابتداء ثم لا يعود (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع عن الركوع رفعهما كذلك وهو يرى «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك» ثم خالفتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر فقلتم: لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة وقد رويتم عنهما أنهما رفعا في الابتداء وعند الرفع من الركوع (قال الشافعي) : أفيجوز لعالم أن يترك على النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر لرأي نفسه أو على النبي - صلى الله عليه وسلم - لرأي ابن عمر ثم القياس على قول ابن عمر ثم يأتي موضع آخر ويصيب فيه يترك على ابن عمر لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف لم ينهه بعض هذا عن بعض؟ أرأيت إن جاز له أن يروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رفع يديه في الصلاة مرتين أو ثلاثا» وعن ابن عمر فيه اثنتين ويأخذ بواحدة ويترك واحدة أيجوز لغيره ترك الذي أخذ به وأخذ الذي ترك أو يجوز لغيره تركه عليه؟ (قال الشافعي) : لا يجوز له ولا لغيره ترك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت للشافعي فإن صاحبنا قال: ما معنى رفع الأيدي (قال




  18. #318
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (318)
    صــــــــــ 266 الى صـــــــــــ 273



    الشافعي) : هذه الحجة غاية من الجهل معناه تعظيم الله واتباع السنة معنى الرفع في الأول معنى الرفع الذي خالف فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الركوع وبعد رفع الرأس من الركوع ثم خالفتم فيه روايتكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر معا لغير قول واحد روي عنه رفع الأيدي في الصلاة تثبت روايته يروي ذلك عن رسول الله ثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلا ويروى عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه فقد ترك السنة. .
    [باب وضع الأيدي في السجود]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سجد يضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه قال: ولقد رأيته في يوم شديد البرد يخرج يديه من تحت برنس له (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وهذا يشبه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد على سبع فذكر منها كفيه وركبتيه» (قال الشافعي) : ففعل في هذا بما أمر به ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفضى بيده إلى الأرض وإن كان البرد شديدا كما يفضي بجبهته إلى الأرض فإن كان فبهذا كله نقول وخالفتم هذا عن ابن عمر حيث وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلتم: لا يفضي بيديه إلى الأرض في حر ولا برد إن شاء الله.
    [باب من الصيام]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة قال مالك: وأهل العلم يرون عليها من ذلك القضاء قال مالك: عليها القضاء لأن الله عز وجل يقول {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 184] (قال الشافعي) : وإذا كان له أن يخالف ابن عمر لقول القاسم ويتأول في خلاف ابن عمر القرآن ولا يقلده فيقول هذا أعلم بالقرآن منا ومذهب ابن عمر يتوجه لأن الحامل ليست بمريضة المريض يخاف على نفسه والحامل خافت على غيرها لا على نفسها فكيف ينبغي أن يجعل قول ابن عمر في موضع حجة ثم القياس على قوله حجة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخطئ القياس فيقول حين قال ابن عمر: لا يصلي أحد عن أحد لا يحج أحد عن أحد قياسا على قول ابن عمر وترك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - له وكيف جاز أن يترك من استقاء في رمضان؟ فقال: عليه القضاء ولا كفارة عليه ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء.
    فقلت: للشافعي: فإنا نقول ذلك من استقاء فعليه القضاء ولا كفارة عليه.
    (قال الشافعي) : فما رويتم من هذا عن عمر أنه أفطر وهو يرى الشمس غربت ثم طلعت فقال: الخطب يسير وقد
    اجتهدنا - يعني قضاء يوم مكان يوم - الحجة لنا عليكم وأنتم إن وافقتموهما في هذا الموضوع تخالفونهما فيما هو مثل معناه قال: فقلت للشافعي وما هذا الموضع الذي نخالفهما في مثل معناه؟ فقال: روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «أمر رجلا جامع امرأته نهارا في رمضان أن يعتق أو يصوم أو يتصدق» لا يجزيه إلا بعد أن لا يجد عتقا ولا يستطيع الصوم فقلتم لا يعتق ولا يصوم ويتصدق فخالفتموه في اثنتين ووافقتموه في واحدة ثم زعمتم أن من أفطر بغير جماع فعليه كفارة ومن استقاء أو أفطر وهو يرى أن الليل قد جاء فلم كانا عندكم مفطرين؟ ثم زعمتم أن ليس عليهما كفارة بالإجماع فلم تحسنوا الاتباع ولا القياس والله يغفر لنا ولكم.
    فقلت للشافعي: فكيف كان يكون القياس على ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجامع نهارا فقال: ما قلنا أن لا يقاس عليه شيء غيره وذلك أنا لا نعلم أحدا خالف في أن لا كفارة على من تقيأ ولا من أكل بعد الفجر وهو يرى الفجر لم يطلع ولا قبل تغيب الشمس وهو يرى أن الشمس غربت ولم يجز أن يجمع الناس على خلاف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس يجوز فيه إلا ما قلنا من أن لا كفارة إلا في الجماع استدلالا بما وصفت من الأمر الذي لا أعلم فيه مخالفا وأن أنظر فأي حال جعلت فيها الصائم مفطرا يجب عليه القضاء جعلت عليه الكفارة فأقول ذلك في المحتقن والمستعط والمزدرد الحصى والمفطر قبل تغيب الشمس والمتسحر بعد الفجر وهو يرى أن الفجر لم يطلع والمستقيء وغيره ويلزمك في الآكل الناسي أن يكون عليه كفارة لأنك تجعل ذلك فطرا له وأنت تترك الحديث نفسه ثم تدعي فيه القياس ثم لا تقوم من القياس على شيء تعرفه.
    [باب في الحج]

    قال: سألت الشافعي هل يغسل المحرم رأسه من غير جنابة؟ فقال:
    نعم والماء يزيده شعثا وقال: الحجة فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غسل رأسه ثم غسله عمر قلت: كيف ذكر مالك عن ابن عمر؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام قال: ونحن ومالك لا نرى بأسا أن يغسل المحرم رأسه في غير احتلام ويروى عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اغتسل وهو محرم» قلت فهكذا نقول (قال الشافعي) : وإذا ترك قول ابن عمر لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر فهكذا ينبغي أن تتركوا عليه لكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه وإذا وجد في الرواية عن ابن عمر ما يخالف ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر فينبغي في مرة أخرى أن لا تنكروا أن يذهب على ابن عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة وقد يذهب عليه وعلى غيره السنن ولو علمها ما خالفها ولا رغب عنها إن شاء الله فلا تغفل في العلم وتختلف أقاويلك فيه بلا حجة.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يكره لبس المنطقة للمحرم فقلت: للشافعي: فإنه يخالف ابن عمر ويقول بقول ابن المسيب فقال الشافعي: إن من استجاز خلاف ابن عمر ولم يرو خلافه إلا عن ابن المسيب حقيق أن لا يخالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول ابن عمر.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى
    - أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: {فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196] بعير أو بقرة (قال الشافعي) : ونحن وأنت نقول: {فما استيسر من الهدي} [البقرة: 196] شاة ويرويه عن ابن عباس وإذا جاز لنا أن نترك على ابن عمر لابن عباس كان الترك عليه للنبي - صلى الله عليه وسلم - واجبا.
    (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ
    من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج قال مالك: ليس يضيق أن يأخذ الرجل من رأسه قبل أن يحج (قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه قلت: فإنا نقول ليس على أحد الأخذ من لحيته وشاربه إنما النسك في الرأس (قال الشافعي) : وهذا مما تركتم عليه بغير رواية عن غيره عندكم علمتها.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا خرج حاجا أو معتمرا قصر الصلاة بذي الحليفة قلت: فإنا نقول يقصر الصلاة إذا جاوز البيوت (قال الشافعي) : فهذا مما تركتم على ابن عمر (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله؟ قال: كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن ابن عمر قال: كل ذلك قد رأيت الناس يفعلونه وأما نحن فنكبر. قلت للشافعي: فإنا نقول: يلبي حتى تزول الشمس ويلبي وهو غاد من منى إلى عرفة ولا يكبر إذا زالت الشمس من يوم عرفة.
    (قال الشافعي) : فهذا خلاف ما روى صاحبكم عن ابن عمر من اختيار التكبير وكراهتكم التكبير مع خلاف ابن عمر خلاف ما زعمتم أنه كان يصنع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكر عليه فقد كانوا يختلفون في النسك وبعده فكيف ادعيت الإجماع في كل أمر وأنت تروي الاختلاف في النسك زمان النبي وبعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وتروي الاختلاف في الصوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده فتقول عن أنس «سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعب الصيام على المفطرين ولا المفطرون على الصائمين» وقد اختلف بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده في غير شيء. قلت للشافعي: فما تقول أنت فيه؟ فقال: أقول إن هذا خير وأمر يتقرب به إلى الله جل وعز الأمر فيه والاختلاف واسع وليس الإجماع كما ادعيتم إذا كان بالمدينة إجماع فهو بالبلدان وإذا كان بها اختلاف اختلف البلدان فأما حيث تدعون الإجماع فليس بموجود. قال: وسألت الشافعي عن العمرة في أشهر الحج فقال: حسنة أستحسنها وهي أحب منها بعد الحج لقول الله عز وجل {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} [البقرة: 196] ولقول رسول الله «دخلت العمرة في الحج» ولأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه من لم يكن معه هدي أن يجعل إحرامه عمرة» .
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أنه قال: والله لأن أعتمر قبل أن أحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة فقلت للشافعي: فإنا نكره العمرة قبل الحج (قال الشافعي) : فقد كرهتم ما رويتم عن ابن عمر أنه أحبه منها وما رويتم عن «عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله فمنا من أهل بعمرة ومنا من جمع الحج والعمرة ومنا من أهل بحج» فلم كرهتم ما روي أنه فعل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وما ابن عمر استحسنه وما أذن الله فيه من التمتع إن هذا لسوء الاختيار والله المستعان.
    [باب الإهلال من دون الميقات]

    قال: سألت الشافعي عن الإهلال من دون الميقات فقال:
    حسن قلت له: وما الحجة فيه؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أهل من إيلياء وإذا كان ابن عمر روى «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وقت المواقيت وأهل من إيلياء» وإنما روى عطاء «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما وقت المواقيت قال: يستمتع الرجل من أهله وثيابه حتى يأتي ميقاته» فدل هذا على أنه لم يحظر أن يحرم من ورائه ولكنه أمر أن لا يجاوزه حاج ولا معتمر إلا بإحرام.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت للشافعي: فإنا نكره أن يهل أحد من وراء الميقات (قال الشافعي) : وكيف كرهتم ما اختار ابن عمر لنفسه وقاله معه علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب في رجل من أهل العراق إتمام العمرة أن تحرم من دويرة أهلك ما أعلمه يؤخذ على أحد أكثر مما يؤخذ عليكم من خلاف ما رويت وروى غيرك عن السلف.
    [باب في الغدو من منى إلى عرفة]

    قال: سألت الشافعي عن الغدو من منى إلى عرفة يوم عرفة فقال:
    ليس فيه ضيق والذي أختار أن يغدو إذا طلعت الشمس.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو من منى إلى عرفة إذا طلعت الشمس قال: فقلت للشافعي: فإنا نكره هذا ونقول: يغدو من منى إذا صلى الصبح قبل أن تطلع الشمس (قال الشافعي) : فكيف لم تتبعوا ابن عمر وقد حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه وكان الحج خاصة مما ينسب ابن عمر عندهم إلى العلم به وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه آخر «أنه غدا من منى حين طلعت الشمس» وقال محمد بن علي: السنة أن يغدو الإمام من منى إذا طلعت الشمس فعمن رويتم كراهية هذا
    [باب قطع التلبية]
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر حج في الفتنة فأهل ثم نظر فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة ونحن لا نرى بهذا بأسا فقلت للشافعي: فإنا نكره أن يقرن الحج مع العمرة فقال الشافعي: فكيف كرهتم غير مكروه وخالفتم من لا ينبغي لكم خلافه؟ وما نراكم تبالون من خالفتم إذا شئتم.
    [باب النكاح]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن عباس وابن عمر سئلا عن رجل كانت تحته امرأة حرة فأراد أن ينكح عليها أمة فكرها أن يجمع بينهما (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أنه كان يقول: لا تنكح الأمة على الحرة فإن أطاعت فلها الثلثان (قال الشافعي) : وهذا مما تركتم بغير رواية عن غيره عندكم علمتها فقلت للشافعي: فإنا نكره أن ينكح أحد أمة وهو يجد طولا لحرة (قال الشافعي) : فقد خالفتم ما رويتم عن ابن عباس وابن عمر لأنهما لم يكرها في روايتكم إلا الجمع بين الحرة والأمة لا أنهما كرها ما كرهتم وهكذا خالفتم ما رويتم عن ابن المسيب وهل رويتم في قولكم شيئا عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلافه فقلت: ما علمت فقال: فكيف استجزتم خلاف من شئتم لقول أنفسكم؟ .
    [باب التمليك]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول: إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها الرجل فيقول لها: لم أرد إلا تطليقة واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان. فقال له زيد: ما شأنك؟ قال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟ فقال له: القدر فقال له زيد: ارتجعها إن شئت وإنما هي واحدة وأنت أملك بها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد أن رجلا من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت: أنت الطلاق فسكت ثم قالت: أنت الطلاق فقال: بفيك الحجر فقالت: أنت الطلاق فقال: بفيك الحجر فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة وردها إليه قال عبد الرحمن: فكان القاسم يعجبه هذا القضاء ويراه أحسن ما سمع في ذلك
    قلت للشافعي: إنا نقول في المخيرة إذا اختارت نفسها هي ثلاث وفي التي يجعل أمرها بيدها أو تملك أمرها أيما تملك القضاء ما قضت إلا أن يناكرها زوجها (قال الشافعي) : هذا خلاف ما رويتم عن زيد بن ثابت وخلاف ما روى غيركم عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهما فأجعلك اخترت قول ابن عمر على قول من خالفه في المملكة فإلى قول من ذهبت في المخيرة؟ وعمن تقول أن اختاري وأمرك بيدك سواء وأنت لا نعلمك رويت في المخيرة عن واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا يوافق قولك فإن رويت في هذا اختلافا عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف ادعيت الإجماع؟ وإذا حكيت فأكثر ما تحكي الاختلاف.
    [باب المتعة]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها الصداق ولم تمس فحسبها ما فرض لها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن القاسم بن محمد مثله (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: لكل مطلقة متعة فقلت للشافعي: فإنا نقول خلاف قول ابن شهاب لقول ابن عمر (قال الشافعي) : فبقول ابن عمر قلتم وأنتم تخالفونه قال: فقلت للشافعي وأين؟ قال: زعمتم أن ابن عمر قال: لكل مطلقة متعة إلا التي فرض لها ولم تمس فحسبها نصف الصداق وهذا يوافق القرآن فيه وقوله فيمن سواها من المطلقات أن لها متعة يوافق القرآن لقول الله جل ثناؤه {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن} [البقرة: 236] وقال الله جل ذكره {وللمطلقات متاع بالمعروف} [البقرة: 241] قلت: فإنما ذهبنا إلى أن هذا إنما هو لمن ابتدأ الزوج طلاقه فيها أرأيت المختلعة والمملكة فإن هاتين طلقتا أنفسهما قال: أليس الزوج ملكها ذلك وملكه التي حلف أن لا تخرج فخرجت وملكه رجلا يطلق امرأته ثم فرقت بينهن وبين المطلقات في المتعة ثم فرقت بين أنفسهن وكلهن طلقها غير الزوج إلا أن ابتداء الطلاق الذي به كان من الزوج؟ فإن قلت: لأن الله إنما ذكر المطلقات والمطلقات المرأة يطلقها زوجها فإن اختلعت عندك فليس الزوج هو المطلق لأنه أدخل قبل الطلاق شيئا لزمك أن تخالف معنى القرآن لأن الله عز وجل يقول {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]
    فإن زعمت أن المملكة والمختلعة ومن سمينا من النساء يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء مطلقات لأن الطلاق جاء من الزوج إذا قبل الخلع وجعل إليهن الطلاق وإلى غيرهن فطلقهن فهو المطلق وعليه يحرمن فكذلك المختلعات ومن سمينا منهن مطلقات لهن المتعة في كتاب الله ثم قول ابن عمر، والله أعلم.
    [باب الخلية والبرية]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الخلية والبرية ثلاثا ثلاثا (قال الشافعي) : مذهب ابن عمر فيه ومن ذهب مذهبه أن الخلية والبرية تقوم مقام قوله لامرأته أنت طالق ثلاثا ولا ينويه شيئا من ذلك ومن قال لمدخول بها وغير مدخول بها: أنت طالق ثلاثا وقعت عليه عندنا وعند عامة المفتين وعندكم (قال الشافعي) : لنا: قد خالفتم ابن عمر في بعض هذا القول ووافقتموه في بعض فقلتم الخلية والبرية ثلاث في المدخول بها فلا يدين ويدين في التي لم يدخل بها ثلاثا أراد أو واحدة فلا أنتم قلتم كما قال ابن عمر ومن قال قوله فيقول: لا ألتفت أن يدين المطلق وأستعمل عليها الأغلب ولا أنتم ذهبتم إذ كان الكلام منه يحتمل معنيين إلى أن يجعل القول قوله مع يمينه ولكنكم خالفتم هذا معا في معنى ووافقتموه معا في معنى وما للناس فيها قول إلا قد خرجتم منه إنما قال الناس قولين: أحدهما إن قال بعضهم قول ابن عمر أولئك استعملوا الأغلب فجعلوا الخلية والبرية والبتة ثلاثا كقوله أنت طالق ثلاثا وآخرون قالوا بقول عمر في البتة يدين فإن أراد ثلاثا فثلاث وإن أراد واحدة فواحدة وآخرون ذهبوا إلى أن الكلمة احتملت معنيين فجعلوا عليه الأقل فجعلوا الخلية والبرية واحدة إذا أراد بها الطلاق وقولكم خارج من هذا مخالف لما رويتم وجميع الآثار في بعضه وزدتم قولا ثالثا هو داخل في أحد القولين وهو أن يملك الرجل امرأته أمرها فرويتم عن ابن عمر القضاء ما قضت إلا أن يناكرها ثم زعمتم أنه إن ملك امرأته أمرها وهي مدخول بها فهكذا وإن كانت غير مدخول بها نويتموه والبتة ليست مذهبكم إنما البتة مذهب من لا يوقع عليها الطلاق إذا احتمل الكلام الطلاق وغيره إلا بإرادة الطلاق كما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عمر وغيرهما.
    [باب في بيع الحيوان]
    قد سألت الشافعي عن بيع الحيوان فقال: لا ربا في الحيوان يدا بيد ونسيئة ولا يعدو الربا في زيادة الذهب والورق والمأكول والمشروب فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال: فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثابت وعن ابن عباس وغيره من رواية أهل البصرة ومن حديث مالك أحاديث (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه بالربذة (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي أن عليا باع جملا له يقال له عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب كان يقول: لا ربا في الحيوان وإنما نهي من الحيوان عن ثلاث المضامين والملاقيح وحبل الحبلة (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه سأل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل قال: لا بأس به (قال الشافعي) : وبهذا
    كله نقول وخالفتم هذا كله ومثل هذا يكون عندكم العمل لأنكم رويتم عن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجلين من التابعين أحدهما أسن من الآخر وقلتم لا يجوز البعير بالبعيرين إلا أن تختلف رحلتهما ونجابتهما فيجوز فإن أردتم بها قياسا على التمر بالتمر فذلك لا يصلح إلا كيلا بكيل ولو كان أحد التمرين خيرا من الآخر ولا يصلح شيء من الطعام بشيء من الطعام نسيئة وأنتم تجيزون بعض الحيوان ببعض نسيئة فلم تتبعوا فيه من رويتم عنه إجازته ممن سميت ولم تجعلوه قياسا على غيره وقلتم فيه قولا متناقضا خارجا من السنة والآثار والقياس والمعقول لعمري إن حرم البعير بالبعيرين مثله في الرحلة والنجابة ما يعدو أن يحرم خبرا والخبر يدل على إحلاله وقد خالفتموه ولو حرمتموه قياسا على ما الزيادة في بعضه على بعض الربا لقد خالفتم القياس وأجزتم البعير بالبعيرين مثله وزيادة دراهم وليس يجوز التمر بالتمر وزيادة دراهم ولا شيء من الأشياء وما علمت أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قولكم وإن عامة المفتين بمكة والأمصار لعلى خلاف قولكم وإن قولكم لخارج من الآثار يخالفها كلها ما رويتم منها وروى غيركم خارج من القياس والمعقول فكيف جاز لأحد قول يستدرك فيه ما وصفت ثم لا يستدرك في قليل من قوله بل في كثير والله المستعان.
    (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن أذينة قال: خرجت مع جدة لي عليها مشي إلى بيت الله حتى إذا كانت ببعض الطريق عجزت فسألت عبد الله بن عمر فقال عبد الله: مرها فلتركب ثم لتمش من حيث عجزت قال مالك: وعليها الهدي (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان علي مشي فأصابتني خاصرة فركبت حتى أتيت مكة فسألت عطاء بن أبي رباح وغيره فقالوا: عليك هدي فلما قدمت المدينة سألت فأمروني أن أمشي من حيث عجزت فمشيت مرة أخرى (قال الشافعي) : فرويتم عن ابن عمر أنه أمرها أن تمشي ورويتم ذلك عمن سأل بالمدينة ولم ترووا عنهم أنهم أمروها بهدي فخالفتم في أمرها بهدي وهذا عندكم إجماع بالمدينة ورويتم أن عطاء وغيره أمروه بهدي ولم يأمروه بمشي فخالف في رواية نفسه عطاء وابن عمر والمدنيين ولا أدري أين العمل الذي تدعون من قولكم ولا أين الإجماع منه هذا خلافهما فيما رويتم وخلاف رواية غيركم عن ابن عمر وغيره وما يجوز من هذا إلا واحد من قولين إما قول ابن عمر يمشي ما ركب حتى يكون بالمشي كله وإما أن لا يكون عليه عودة لأنه قد جاء بحج أو عمرة وعليه هدي مكان ركوبه وإما أن يمشي ويهدي فقد كلفه الأمرين معا وإنما ينبغي أن يكون عليه أحدهما والله أعلم.
    [باب الكفارات]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: من حلف على يمين فوكدها فعليه عتق رقبة (قال الشافعي) : فخالفتم ابن عمر فقلتم: التوكيد وغيره سواء يجزيه فيه إطعام عشرة مساكين نراكم تستوحشون من خلاف ابن عمر بحال وما نعرف لكم مذهبا غير أنا رأيناكم إذا وافقتم قول ابن عمر أو غيره من الصحابة أو من بعدهم من التابعين قلتم: هم أشد تقدما في العلم وأحدث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عهدا فأحرى أن لا نقول إلا بما يعملون وأئمتنا المقتدى بهم فكيف تخالفونهم وعظمتم خلافهم غاية التعظيم ولعل من خالفهم ممن عبتم عليه خلاف من وافقكم منه أن يكون خلافه لأن من رواه عن مثلهم لم تعرفوه لضيق عليكم ثم تخالفونهم لغير قول أحد من الناس مثلهم ولا يسمع روايتكم وتتركون ما شئتم لغير حجة فيما أخذتم ولا ما تركتم وما صنعتم من هذا غير جائز لغيركم عندكم
    وكذلك هو غير جائز لكم عند أحد من المسلمين لأنه إذا لم يجز من يخالف بعض الأثر فيحسن الاحتجاج والقياس كان أن يكون لكم إذا كنتم لا تحسنون عند الناس حجة ولا قياسا أبعد قلتم إن زكاة الفطر وصدقة الطعام وجميع الكفارات بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا كفارة الظهار فإنها بمد هشام.
    (قال الشافعي) : وما علمته قال هذا القول قبلكم أحد من الناس وما أدري إلى أي شيء ذهبتم إلى عظم ذنب المتظاهر فالقاتل أعظم من المتظاهر ذنبا فكيف رأيتم أن كفارة القاتل بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكفارة المتظاهر بمد هشام ومن شرع لكم مد هشام وقد أنزل الله الكفارات على رسوله قبل أن يولد أبو هشام فكيف ترى المسلمين كفروا في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يكون مد هشام فإن زعمت أنهم كفروا بمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذوا به الصدقات وأخرجوا به الزكاة لأن الله عز وجل: أنزل الكفارات فقد أبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كم قدر كيلها كما أبان ذلك في زكاة الفطر وفي الصدقات فكيف أخذتم مد هشام وهو غير ما أبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس وكفر به السلف إلى أن كان لهشام مد وإن زعمت أن ذلك غير معروف فمن عرفهم أن الكفارة بمد هشام ومن زعم أن الكفارات مختلفة أرأيت لو قال قائل: كل كفارة بمد هشام إلا كفارة الظهار فإنما بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - هل الحجة عليه إلا أن نقول: لا يفرق بينهما إلا كتاب أو سنة أو إجماع أو خبر لازم. فقال للشافعي: فهل خالفك في أن الكفارات بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد؟ فقال: معاذ الله أن يكون زعمنا أن مسلما قط غيركم قال إن شيئا من الكفارات بمد غير النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فما شيء يقوله بعض المشرقيين؟ .
    قلت: قول متوجه وإن خالفناه قال: وما هو؟ قلت: قالوا الكفارات بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - يطعم المسكين مدين مدين قياسا على «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر كعب بن عجرة أن يطعم في فدية الأذى كل مسكين مدين مدين» ولم تبلغ جهالتهم ولا جهالة أحد أن يقول: إن كفارة بغير مد النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقلت للشافعي: فلعل مد هشام مدان بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الشافعي: لا هو مد وثلث أو مد ونصف، فقلت للشافعي: أفتعرف لقولنا وجها؟ فقال: لا وجه لكم يعذر أحد من العالمين بأن يقول مثله ولا يفرق مسلم غيركم بين مكيلة الكفارات إلا أنا نقول هي مد مد بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل مسكين وقال بعض المشرقيين: مدان مدان فأما أن يفرق أحد بين مكيلة شيء من الكفارات فلا.
    [باب زكاة الفطر]
    (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة (قال الشافعي) : هذا حسن وأستحسنه لمن فعله والحجة بأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - تسلف صدقة العباس قبل أن تحل» ويقول ابن عمر وغيره، فقلت للشافعي: فإنا نكره لأحد أن يؤدي زكاة الفطر إلا مع الغدو يوم الفطر وذلك حين يحل بعد الفجر (قال الشافعي) : قد خالفتم ابن عمر في روايتكم وما روى غيركم «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تسلف صدقة العباس بن عبد المطلب قبل محلها» لغير قول واحد علمتكم رويتموه عنه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين فلست أدري لأي معنى تحملون ما حملتم من الحديث إن كنتم حملتموه لتعلموا الناس أنكم قد عرفتموه فخالفتموه بعد المعرفة فقد وقعتم بالذي أردتم وأظهرتم للناس خلاف السلف وإن كنتم حملتموه





  19. #319
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (319)
    صــــــــــ 274 الى صـــــــــــ 281




    لتأخذوا به فقد أخطأتم ما تركتم منه وما تركتم منه كثير في قليل ما رويتم وإن كانت الحجة عندكم ليست في الحديث فلم تكلفتم روايته واحتججتم بما وافقتم منه على من خالفه؟ ما تخرجون من قلة النصفة والخطأ فيما صح إذ تركتم مثله وأخذتم بمثله ولا يجوز أن يكون شيء مرة حجة ومرة غير حجة. .
    [باب في قطع العبد]
    (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عبدا له سرق وهو آبق فأبى سعيد بن العاص أن يقطعه فأمر به ابن عمر فقطعت يده، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يقطع السيد يد عبده إذا أبى السلطان يقطعه فقال الشافعي: قد كان سعيد بن العاص من صالحي ولاة أهل المدينة فلما لم ير أن يقطع الآبق أمر ابن عمر بقطعه وفي هذا دليل على أن ولاة أهل المدينة كانوا يقضون بآرائهم ويخالفون فقهاءهم وأن فقهاء أهل المدينة كانوا يختلفون فيأخذ أمراؤهم برأي بعضهم دون بعض وهذا أيضا العمل لأنكم كنتم توهمون أن قضاء من هو أسوأ حالا من سعيد ومثله لا يقضي إلا بقول الفقهاء وأن فقهاءهم زعمتم لا يختلفون وليس هو كما توهمتم في قول فقهائهم ولا قضاء أمرائهم وقد خالفتم رأي سعيد وهو الوالي وابن عمر وهو المفتي فأين العمل؟ إن كان العمل فيما عمل به الوالي فسعيد لم يكن يرى قطع الآبق وأنتم ترون قطعه وإن كان العمل في قول ابن عمر فقد قطعه وأنتم ترون أن ليس لنا أن نقطعه وما درينا ما معنى قولكم العمل ولا تدرون فيما خبرنا وما وجدنا لكم منه مخرجا إلا أن تكونوا سميتم أقاويلكم العمل والإجماع فتقولون على هذا العمل وعلى هذا الإجماع تعنون أقاويلكم وأما غير هذا فلا مخرج لقولكم فيه عمل ولا إجماع لأن ما نجد عندكم من روايتكم ورواية غيركم اختلاف لا إجماع الناس معكم فيه لا يخالفونكم قلت للشافعي قد فهمت ما ذكرت أنا لم نصر إلى الأخذ به من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والآثار عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وما تركنا من الآثار عن التابعين بالمدينة من رواية صاحبنا نفسه وتركنا مما روى وخالفنا فيه فهل تجد فيما روى غيرنا شيئا تركناه؟ قال: نعم أكثر من هذا في رواية صاحبكم لغير قليل فقلت له: قلنا علم ندخله مع علم المدنيين قال: أي علم هو؟ قلت علم المصريين وعلم غير صاحبنا من المدنيين.
    (قال الشافعي) : ولم أدخلتم علم المصريين دون علم غيرهم مع علم أهل المدينة؟ فقلت: أدخلت منه ما أخذوا عن أهل المدينة قال: ومن ذلك علم خالد بن أبي عمران؟ قلت: نعم (قال الشافعي) : فقد وجدتك تروي عن خالد بن أبي عمران أنه سأل سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار فنظرت فيما ثبت أنت عن هؤلاء النفر فرأيت فيه أقاويل تخالفها ووجدتك تروي عن ابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد فوجدتك تخالفهم ولست أدري من تبعتم إذا كنت تروي أنت وغيرك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء تخالفها ثم عمن رويت عنه هذا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عن التابعين ثم عمن بعدهم فقد أوسعت القرون الخالية والباقية خلافا ووضعت نفسك بموضع أن لا تقبل إلا إذا شئت وأنت تعيب على غيرك ما هو أقل من هذا وعند من عبت عليه عقل صحيح ومعرفة يحتج بها عما يقول ولم نر ذلك عندك والله يغفر لنا ولك قال: ويدخل عليك من هذا خصلتان فإن كان علم أهل المدينة إجماعا كله أو الأكثر منه فقد خالفته لا بل قد خالفت أعلام أهل المدينة من كل قرن في بعض أقاويلهم وإن كان في علمهم افتراق فلم ادعيت لهم الإجماع.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وما حفظت لك مذهبا واحدا في شيء من العلم استقام لك فيه قول ولا حفظت أنك ادعيت الحجة في شيء إلا تركتها في مثل الذي ادعيتها فيه وزعمت أنك تثبت السنة من وجهين: أحدهما أن تجد الأئمة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -
    قالوا بما يوافقها والآخر أن لا تجد الناس اختلفوا فيها وتردها إن لم تجد للأئمة فيها قولا وتجد الناس اختلفوا فيها ثم تثبت تحريم كل ذي ناب من السباع واليمين مع الشاهد والقسامة وغير ذلك مما ذكرنا هذا كله لا تروي فيه عن أحد من الأئمة شيئا يوافقه بل أنت تروي في القسامة عن عمر خلاف حديثك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتروي فيها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف حديثك الذي أخذت به ويخالفك فيها سعيد بن المسيب برأيه وروايته ويخالفك فيها كثير من أهل المدينة ويردها عليك أهل البلدان ردا عنيفا وكذلك أكثر أهل البلدان ردوا عليك اليمين مع الشاهد ويدعون فيها أنها تخالف القرآن ويردها عليك بالمدينة عروة والزهري وغيرهما وبمكة عطاء وغيره ويرد كل ذي ناب من السباع عائشة وابن عباس وغيرهما ثم رددت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب للإحرام وبمنى قبل الطواف ابن أبي وقاص وابن عباس كما تطيب النبي - صلى الله عليه وسلم -» وعلى هذا أكثر المفتين بالبلدان فتترك هذا لأن رويت أن عمر كره ذلك ولا يجوز لعالم أن يدع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد سواه فإن قلت قد يمكن الغلط فيمن روى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهكذا يمكن الغلط فيمن روى ما رويت عن عمر.
    فإن جعلت الروايتين ثابتتين معا فما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يقال به وإن أدخلت التهمة على الراويين معا فلا تدع الرواية عن أحد أخذت عنه وأنت تتهمه، قلت للشافعي: أفيجوز أن تتهم الرواية؟ قال: لا إلا أن يروى حديثان عن رجل واحد مختلفان فذهب إلى أحدهما فأما رواية عن واحد لا معارض لها فلا يجوز أن تتهم ولو جاز أن تتهم لم يجز أن نحتج بحديث المتهمين بغير معارض روايته فأما أن يروي رجل عن رجل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ويروي آخر عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا يخالفه فليس هذه معارضة هذه رواية عن رجل وهذه عن آخر وكل واحد منهما غير صاحبه ثم لم تثبت على ما وصفت من مذهبك حتى تركت قول عمر في المنبوذ هو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته فقلت: لا يكون للذي التقطه ولاؤه ولا أحسب حجة لك في هذا إلا أن تقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» وهذا غير معتق
    ورويت عن عمر أنه بدأ في القسامة المدعى عليهم فأبوا فردها على المدعين فأبوا الأيمان فأغرم المدعى عليهم نصف الدية فخالفته أنت فقلت يبدأ المدعون ولا نغرم المدعى عليهم إذا لم يحلف من أنه بدأ المدعين ولم يجعل على المدعى عليهم غرامة حين لم يقبل المدعون أيمانهم ورويت عن عمر أنه قال في المؤمن يؤمن العلج ثم يقتله لا يبلغني أن أحدا فعل ذلك إلا قتلته فخالفته وقلت: لا يقتل مؤمن بكافر مع ما وصفنا مما تركت على عمر والرجل من الصحابة ثم تتخلص إلى أن تترك عليه لرأي نفسك ولا يجوز إذا كانت السنة حجة على قول من تركها أن لا يوافقها إلا أن تكون كذلك أبدا ولا يجوز هذا القول المختلط المتناقض ورويت عن عمر في الضرس جمل وعن ابن المسيب في الضرس جملان ثم تركت عليهما معا قولهما ولا أعلم لك حجة في هذا أقوى من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في السن خمس» وأن الضرس قد يسمى سنا ثم صرت إلى أن رويت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أن تحج عن أبيها» وهذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس وابن المسيب وربيعة وكل من عرفت قوله من كل أهل بلد غير أصحابك لا أعلمهم يختلفون فيه فتركته لقياس زعمت على قول ابن عمر لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد فقلت: والحج يشبههما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ورويت عن ابن عمر أنه سمع الإقامة فأسرع المشي إلى المسجد فتركته عليه لا أعلم لك حجة في تركه عليه إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تأتوها تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة» ورويت عن ابن عمر أنه كان ينضح في عينيه الماء إذا اغتسل من الجنابة وخالفته ولم ترو عن أحد من الناس خلافه ورويت عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من الركوع ورويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله ثم خالفته وهو يوافق سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغير قول أحد من الناس
    رويته عنه ورويت عن ابن عمر أنه كان إذا سجد يضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه حتى يخرجهما في شدة البرد وتروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر أن يسجد على سبع فيها الكفان» فخالفت ابن عمر فيما يوافق فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا كنت تخالف ما رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطيب للمحرم لقول عمر وما رويت عن عمر في تقريد البعير وهو محرم لقول ابن عمر وما رويت عن ابن عمر فيما وصفنا وغيره لقول نفسك فلا أسمع العلم إذا إلا علمك ولا أعلمك تدري لأي شيء تحمل الحديث إذا كنت تأخذ منه ما شئت وتترك منه ما شئت ورويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تعتمدوا على أمر تعرفونه. فقلت للشافعي: إنما ذهبنا إلى أن نثبت ما اجتمع عليه أهل المدينة دون البلدان كلها فقال الشافعي: هذه طريق الذين أبطلوا الأحاديث كلها وقالوا نأخذ بالإجماع إلا أنهم ادعوا إجماع الناس وادعيتم أنتم إجماع بلد هم يختلفون على لسانكم والذي يدخل عليهم يدخل عليك معهم للصمت كان أولى بكم من هذا القول قلت ولم؟ قال: لأنه كلام ترسلونه لا بمعرفة فإذا سئلتم عنه لم تقفوا منه على شيء ينبغي لأحد أن يقبله أرأيتم إذا سئلتم من الذين اجتمعوا بالمدينة؟ أهم الذين ثبت لهم الحديث وثبت لهم ما اجتمعوا عليه وإن لم يكن فيه حديث من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فإن قلتم: نعم قلت يدخل عليكم في هذا أمران أحدهما أنه لو كان لهم إجماع لم تكونوا وصلتم إلى الخبر عنهم إلا من جهة خبر الانفراد الذي رددتم مثله في الخبر عن رسول الله فإن ثبت خبر الانفراد فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحق أن يؤخذ به والآخر أنكم لا تحفظون في قول واحد غيركم شيئا متفقا فكيف تسمون إجماعا لا تجدون فيه عن غيركم قولا واحدا؟ وكيف تقولون: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم مختلفون على لسانكم وعند أهل العلم؟ فإن قلتم إنا ذهبنا إلى أن إجماعهم أن يحكم أحد الأئمة أبو بكر أو عمر أو عثمان - رضي الله عنهم - بالمدينة بحكم أو يقول القول فقال الشافعي: إنه قد احتج لكم بعض المشرقيين بأن قال: ما قلتم وكان حكم الحاكم وقول القائل من الأئمة لا يكون بالمدينة إلا علما ظاهرا غير مستتر وهم يجمعون أنهم أعلم الناس بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأطلب الناس لما ذهب علمه عنهم منها يسألون عنها على المنبر وعلى المواسم وفي المساجد وفي عرام الناس ويبتدئون فيخبرون بما لم يسألوا عنه فيقبلون ممن أخبرهم ما أخبرهم إذا ثبت لهم فإذا حكم أحدهم الحكم لم تجوز أن يكون حكم به إلا وهو موافق سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغير مخالف لها فإن جاء حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخالفه من وجهة الانفراد اتهم لما وصفت فقلت للشافعي هذا المعنى الذي ذهبنا إليه بأي شيء احتججت عليه (قال الشافعي) : أول ما نحتج به عليكم من هذا أنكم لا تعرفون حكم الحاكم منهم ولا قول القائل إلا بخبر الانفراد الذي رددتم مثله إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الفرض من الله وما روي عمن دونه لا يحل محل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أبدا فكيف أجزتم خبر الانفراد عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورددتموه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت للشافعي: فما رد عليك، فقال: ما كان عنده في هذا شيء أكثر من الخروج منه وأنا أعلم - إن شاء الله - أنه يعلم أنه يلزمه فهل عندكم في هذا حجة؟ فقلت: ما يحضرني قال: فقلت للشافعي: وما حجتك عليه سوى هذا؟ فقال الشافعي: قد أوجدتكم أن عمر - مع فضل علمه وصحبته وطول عمره وكثرة مسألته وتقواه - قد حكم أحكاما بلغه بعضها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء فرجع عن حكمه إلى ما بلغه عن رسول الله ورجع الناس عن بعض حكمه بعده إلى ما بلغهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه قد يعزب عن الكثير الصحبة الشيء من العلم يحفظه الأقل علما وصحبة منه فلا يمنعه ذلك من قبوله واكتفيت من ترديد هذا بما وصفت في كتاب هذا وكتاب جماع العلم (قال الشافعي) : ولو لم يكن هذا هكذا ما كان على الأرض أحد أعلمه أترك لما زعم أن الصواب فيه منكم قلت: فكيف؟ قال:
    قد تركتم على عمر بن الخطاب من روايتكم منها ما تركتموه وزعمتم لأن الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء يخالفه ومنها ما تركتموه لأن ابن عمر خالفه ومنها ما تركتموه لرأي أنفسكم لا يخالف عمر فيه أحد يحفظ عنه فلو كان حكم الحاكم وقوله يقوم المقام الذي قلت كنت خارجا منه فيما وصفنا وفيما روى الثقات عن عمر أنكم لتخالفون عنه أكثر من مائة قول منها ما هو لرأي أنفسكم ومثلكم وحفظت أنك تروي عن أبي بكر ستة أقاويل تركتم عليه منها خمسة اثنين في القراءة في الصلاة وأخرى في نهيه عن عقر الشجر وتخريب العامر وعقر ذوات الأرواح إلا لمأكلة وحفظت أنك تركت على عثمان أنه كان يخمر وجهه وهو محرم من روايتكم وغير ذلك وما تركت عليهم من رواية الثقات من أهل المدينة أضعاف ما تركتم عليهم من روايتكم لغفلة ولقلة روايتكم وكثرة روايتهم فإن ذهبتم إلى غيرهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ترووا عن أحد قط شيئا علمته إلا تركتم بعض ما رويتم وإن ذهبتم إلى التابعين فقد خالفتم كثيرا من أقاويلهم وإن ذهبتم إلى تابعي التابعين فقد خالفتم أقاويلهم مما رويتم وروى غيركم ما كتبنا منه في هذا الكتاب شيئا يدل على ما رويتم وما تركنا من رواية غيركم أضعاف ما كتبنا فإن أنصفتم بأقاويلكم فلا تشكوا في أنكم لم تذهبوا مذهبا علمناه إلا فارقتموه كأن كانت حجتكم لازمة فحالكم بفراقها غير محمودة وإن كانت غير لازمة دخل عليكم فراقها والضعف في الحجة بما لا يلزم قال: فقلت للشافعي: فقد سمعتك تحكي أن بعض المشرقيين قام بحجتنا فيما ذكرنا من الإجماع فأحب أن تحكي لي ما قلت وقال: لك فقال لي الشافعي: فيما حكيت الكفاية مما لم أحك وما تصنع بما لم تقله أنت في حجتك؟ فقلت للشافعي: قد ذكرت الذي قام بالعذر في بعض ترك الحديث ووصفت أنه منسوب إلى البصرة فقال لي الشافعي: هو كما ذكرت وقد جاء منه على ما لم تأت عليه لنفسك ولو لم أر في مذهبه شيئا تقوم به حجة فقلت: فاذكر منه ما حضرك (قال الشافعي) : قلت له: أرأيت الفرض علينا وعلى من قبلنا في اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أليس واحدا؟ قال: بلى فقلت: إذا كان أبو بكر خليفة النبي - صلى الله عليه وسلم - والعامل بعده فورد عليه خبر واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر لا مدة بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - يمكنه فيها أن يعمل بالخبر فلا يترك ما تقول فيه؟ قال: أقول إنه يقبله ويعمل به فقلت: قد ثبت إذا بالخبر ولم يتقدمه عمل من أحد بعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يثبته لأنه لم يكن بينهما إمام فيعمل بالخبر ولا يدعه وهو مخالف في هذا حال من بعده (قال الشافعي) : فقلت: أرأيت إذا جاء الخبر في آخر عمره ولا يعمل به ولا بما يخالفه في أول عمره وقد عاش أكثر من سنة يعمل فما تقول فيه؟ قال: يقبله فقلت: فقد قبل خبرا لم يتقدمه عمل (قال الشافعي) : لو أجبت إلى النصفة على أصل قولك يلزمك أن لا يكون على الناس العمل بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بأن يعمل به من بعده أو يترك العمل لأنه إذا كان للإمام الأول أن يدعه لم يعمل به كان جميع من بعده من الأئمة في مثل حاله لأنه لا بد أن يبتدئ العمل به الإمام الأول أو الثاني أو من بعده قال: فلا أقول هذا (قال الشافعي) : فما تقول في عمر وأبو بكر إمام قبله إذا ورد خبر الواحد لم يعمل به أبو بكر ولم يخالفه؟ قال: يقبله قلت: أيقبله ولم يعمل به أبو بكر قال: نعم ولم يخالفه قلت: أفيثبت ولم يتقدمه عمل؟ قال: نعم: قلت وهكذا عمر في آخر خلافته وأولها؟ قال: نعم قلت: وهكذا عثمان؟ قال: نعم قلت: زعمت أن الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يلزم ولم يتقدمه عمل قبله وقد ولي الأئمة ولم يعملوا به ولم يدعوه قال: فلا يمكن أن تكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة إلا عمل بها الأئمة بعده (قال الشافعي) : فقلت له وقد حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء لا يحفظ عن أحد من خلفائه فيها شيء؟ فقال: نعم سنن كثيرة ولكن من أين ترى ذلك (قال الشافعي) : فقلت: استغنى فيها فالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمن بعده وذلك أن بالخلق الحاجة إلى الخبر عنه وأن عليهم اتباعه ولعل منها ما لم يرد على من بعده قال: فمثل لي ما
    علمت أنه ورد على من بعده من خلفائه فلم يحك عنه فيه شيء قلت: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» لا أشك أن قد ورد على جميع خلفائه لأنهم كانوا القائمين بأخذ العشر من الناس ولم يحفظ عن واحد منهم فيها شيء قال: صدقت هذا بين قلت: وله أمثال كثيرة قد كتبناها في غير هذا الموضع فقلت: إذا كان يرد علينا الخبر عن بعض خلفائه ويرد علينا الخبر عنه يخالفه فنصير إلى الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن لكل غاية وغاية العلم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أتعلم أن السنة ما كانت موجودة مستغنى بها عن غيرها؟ قال: نعم وقد سمعتك ذكرت ما لا أجهل من أنه قد يرد عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - القول يقوله توجد السنة بخلافه فإن وجدها من بعده صار إليها فهذا يدل على ما ذكرت من استغناء السنة عما سواها وبالمدينة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو من ثلاثين ألف رجل إن لم يزيدوا لعلك لا تروي عنهم قولا واحدا عن ستة: نعم إنما تروي القول عن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة متفرقين فيه أو مجتمعين والأكثر التفرق فأين الإجماع (قال الشافعي) : - رحمه الله - قلت له: ضع لقولك إذا كان الأكثر مثالا قال: نعم كأن خمسة نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا قولا متفقين عليه وقال ثلاثة قولا مخالفا لقولهم فالأكثر أولى أن يتبع فقلت: هذا قلما يوجد وإن وجد أيجوز أن تعده إجماعا وقد تفرقوا موافقة؟ قال: نعم على معنى أن الأكثر مجتمعون قلت فإذا كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من العدد على ما وصفت فهل فيمن لم ترووا عنه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دلالة موافقة الأكثر فيكونون أكثر بعددهم من موافقتهم أو موافقة الثلاثة الأقلين فيكون الأقلون الأكثرين بمن وافقهم لا تدري لعلهم متفرقون ولا تدري أين الأقل وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم ممن له أن يقول في العلم قال: ما أدري كيف قولهم لو قالوا؟ وإن لهم أن يقولوا قلت: والصدق فيه أبدا أن لا يقول أحد شيئا لم يقله أحد أنه قاله ولو قلت وافقوا بعضهم قال غيرك: بل خالفوه قال: ولا ليس الصدق أن تقول وافقوا ولا خالفوا بالصمت قلت: هذا الصدق قلت: فترى ادعاء الإجماع يصح لمن ادعاه في شيء من خاص العلم (قال الشافعي) : وقلت له فهكذا التابعون بعدهم وتابعو التابعين وقال: وكيف تقول أنت؟ قلت: ما علمت بالمدينة ولا بأفق من آفاق الدنيا أحدا من أهل العلم ادعى طريق الإجماع إلا بالفرض وخاص من العلم إلا حدثنا ذلك الذي فيه إجماع يوجد فيه الإجماع بكل بلد ولقد ادعاه بعض أصحاب المشرقيين فأنكر عليه جميع من سمع قوله من أهل العلم دعواه الإجماع حيث ادعاه وقالوا: أومن قال ذلك منهم لو أن شيئا روي عن نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عن نفر من التابعين فلم يرو عن مثلهم خلافهم ولا موافقتهم ما دل على إجماع من لم يرو عنه منهم لأنه لا يدري مجتمعون أم مفترقون لو قالوا: وسمعت بعضهم يقول لو كان بيننا من السلف مائة رجل وأجمع منهم عشرة على قول أيجوز أن ندعي أن التسعين مجتمعون معهم وقد نجدهم يختلفون في بعض الأمور ولو جاز لنا إذا قال لنا قائل شيئا أخذنا به لم نحفظ عن غيره قولا يخالفه ولا يوافقه أن ندعي موافقته جاز لغيرنا ممن خالفنا أن يدعي موافقته له ومخالفته لنا ولكن لا يجوز أن يدعى على أحد فيما لم يقل فيه شيء (قال الشافعي) : - رحمه الله - فقال لي: فكيف يصح أن تقول إجماعا؟ قلت: يصح في الفرض الذي لا يسع جهله من الصلوات والزكاة وتحريم الحرام وأما علم الخاصة في الأحكام الذي لا يضير جهله على العوام والذي إنما علمه عند الخواص من سبيل خبر الخواص وقليل ما يوجد من هذا فنقول فيه واحدا من قولين نقول: لا نعلمهم اختلفوا فيما لا نعلمهم اختلفوا فيه ونقول فيما اختلفوا فيه اختلفوا واجتهدوا فأخذنا أشبه أقاويلهم بالكتاب والسنة وإن لم يوجد عليه
    دلالة من واحد منهما وقلما يكون إلا أن يوجد أو أحسنها عند أهل العلم في ابتداء التصرف والمعقب ويصح إذا اختلفوا كما وصفت أن نقول روي هذا القول عن نفر اختلفوا فيه فذهبنا إلى قول ثلاثة دون اثنين وأربعة دون ثلاثة ولا نقول هذا إجماع فإن الإجماع قضاء على من لم يقل ممن لا ندري ما يقول لو قال: وادعاء رواية الإجماع وقد يوجد مخالف فيما ادعى فيه الإجماع
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقال: قد علمت أنهم اختلفوا في الرأي الذي لا متقدم فيه من كتاب ولا سنة أفيوجد فيما اختلفوا فيه كتاب وسنة؟ قلت: نعم قال: وأين؟ قلت: قال الله عز وجل {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] وقال عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبو موسى الأشعري: لا تحل المرأة حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وذهبوا إلى أن الأقراء الحيض وقال: هذا ابن المسيب وعطاء وجماعة من التابعين والمفتين بعدهم إلى اليوم وقالت عائشة وزيد بن ثابت وابن عمر: الأقراء الأطهار فإذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد حلت وقال هذا القول بعض التابعين وبعض المفتين إلي اليوم وقال الله تعالى {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4] فقال علي بن أبي طالب تعتد آخر الأجلين وروي عن ابن عباس مثل قوله.
    وقال عمر بن الخطاب: إذا وضعت ذا بطنها فقد حلت وفي هذا كتاب وسنة وفي الأقراء قبله كتاب ودلالة من سنة وقال الله جل ثناؤه {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} [البقرة: 226] فهي تطليقة وروي عن عثمان وزيد بن ثابت خلافه وقال علي بن أبي طالب وابن عمر ونفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار: لا يقع عليها طلاق ويوقف فإما أن يفيء وإما أن يطلق ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين فأنكر المسح علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس وأبو هريرة وهؤلاء أهل علم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح عمر وسعد وابن عمر وأنس بن مالك وهؤلاء أهل علم به والناس مختلفون في هذه الأشياء وفي كل واحد منها كتاب أو كتاب وسنة قال: ومن أين ترى ذلك؟ فقلت: تحتمل الآية المعنيين فيقول أهل اللسان بأحدهما ويقول غيرهم منهم بالمعنى الآخر الذي يخالفه والآية محتملة لقولهما معا لاتساع لسان العرب وأما السنة فتذهب على بعضهم وكل من ثبتت عنده السنة قال بها إن شاء الله ولم يخالفها لأن كثيرا منها يأتي واضحا ليس فيه تأويل.
    (قال الشافعي) : وذكرت له مس الذكر فإن عليا وابن عباس وعمار بن ياسر وحذيفة وابن مسعود لا يرون فيه الوضوء وابن المسيب وغيره بالمدينة لا يرون منه الوضوء وسعدا وابن عمر يريان فيه الوضوء وبعض التابعين بالمدينة وفيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة بأن يتوضأ منه أخذنا بها وقد يروى عن سعيد أنه لا يرى منه الوضوء (قال الشافعي) : - رحمه الله - وقلت: الإجماع من أقوام مما يقدر عليه فكيف تكلف من ادعى الإجماع من المشرقيين حكاية خبر الواحد الذي لا يقوم به حجة فنظمه فقال: حدثني فلان عن فلان وترك أن يتكلف هذا في الإجماع فيقول: حدثني فلان عن فلان لنص الإجماع الذي يلزم أولى به من نص الحديث الذي لا يلزم عنده قال: إنه يقول يكثر هذا عن أن ينص فقلت له: فينص منه أربعة وجوه أو خمسة فقد طلبنا أن نجد ما يقول فما وجدنا أكثر من دعواه بل وجدنا بعض ما يقول الإجماع متفرقا فيه.
    (قال الشافعي) : فقال:
    فإن قلت: إذا وجدت قرنا من أهل العلم ببلد علم يقولون القول يكون أكثرهم متفقين عليه سميت ذلك إجماعا وافقه من قبله أو خالفه فأما من قبلهم فلا يكون الأكثر منهم يتفقون على شيء بجهالة ما كان قبلهم ولا يتركون ما قبلهم أبدا إلا بأنه منسوخ أو عندهم ما هو أثبت منه وإن لم يذكروه قلت أفرأيت إذا أجزت لهم خلاف من فوقهم وهم لم يحكوا لك أنهم تركوا على من قبلهم قولهم لشيء علموه أتجيز ذلك
    بتوهمك عليهم أنهم لا يدعونه إلا بحجة ثابتة وإن لم يذكروها وقد يمكن أن لا يكونوا علموا قول من قبلهم فقالوا بآرائهم أتجيز لمن بعدهم أن يدعوا عليهم أقاويلهم التي قبلتها منهم ثم يقولون لمن بعدهم ما قلت لهم هم لا يدعونها إلا بحجة وإن لم يذكروها قال: فإن قلت: نعم؟ قلت إذا تجعل العلم أبدا للآخرين كما قلت أولا قال: فإن قلت لا؟ قلت: فلا تجعل لهم أن يخالفوا من قبلهم قال: فإن قلت: أجيز بعض ذلك دون بعض ذلك دون بعض قلت: فإنما زعمت أنك أنت العلم فما أجزت جاز وما رددت رد أفتجعل هذا لغيرك في البلدان فما من بلاد المسلمين بلد إلا وفيه علم قد صار أهله إلى اتباع قول رجل من أهله في أكثر أقاويله أفترى لأهل مكة حجة إن قلدوا عطاء فما وافقه من الحديث وافقوه وما خالفه خالفوه في الأكثر من قوله؟ أو ترى لأهل البصرة حجة بمثل هذا في الحسن أو ابن سيرين أو لأهل الكوفة في الشعبي وإبراهيم ولأهل الشام وكل من وصفنا أهل علم وإمامة في دهره وفوق من بعدهم وإنما العلم اللازم الكتاب والسنة وعلى كل مسلم اتباعهما قال: فتقول أنت ماذا؟ .
    قلت: أقول ما كان الكتاب والسنة موجودين فالعذر عمن سمعهما مقطوع إلا باتباعهما فإذا لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو واحد منهم ثم كان قول الأئمة أبي بكر أو عمر أو عثمان إذا صرنا فيه إلى التقليد أحب إلينا وذلك إذا لم نجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنة فيتبع القول الذي معه الدلالة لأن قول الإمام مشهور بأنه يلزمه الناس ومن لزم قوله الناس كان أشهر ممن يفتي الرجل أو النفر وقد يأخذ بفتياه أو يدعها وأكثر المفتين يفتون للخاصة في بيوتهم ومجالسهم ولا تعنى العامة بما قالوا عنايتهم بما قال الإمام وقد وجدنا الأئمة يبتدئون فيسألون عن العلم من الكتاب والسنة فيما أرادوا أن يقولوا فيه ويقولون فيخبرون بخلاف قولهم فيقبلون من المخبر ولا يستنكفون على أن يرجعوا لتقواهم الله وفضلهم في حالاتهم فإذا لم يوجد عن الأئمة فأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدين في موضع أخذنا بقولهم وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم والعلم طبقات شتى الأولى الكتاب والسنة إذا ثبتت السنة ثم الثانية الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنة والثالثة أن يقول بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نعلم له مخالفا منهم والرابعة اختلاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، الخامسة القياس على بعض الطبقات ولا يصار إلى شيء غير الكتاب والسنة وهما موجودان وإنما يؤخذ العلم من أعلى وبعض ما ذهبتم إليه خلاف هذا ذهبت إلى أخذ العلم من أسفل قال فتوجدني بالمدينة قول نفر من التابعين متابعا الأغلب الأكثر من قول من قال فيه نتابعهم وإن خالفهم أحد منهم كان أقل عددا منهم فنترك قول الأغلب الأكثر لمتقدم قبله أو لأحد في دهرهم أو بعدهم؟ قلت: نعم قال: فاذكر منه واحدا قلت: إن لبن الفحل لا يحرم.
    قال: فمن قاله من التابعين أو السابقين؟ (قال الشافعي) : أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري أن رجلا أرضعته أم ولد رجل من مزينة وللمزني امرأة أخرى سوى المرأة التي أرضعت الرجل وأنها ولدت من المزني جارية فلما بلغ ابن الرجل وبلغت بنت الرجل خطبها فقال له الناس: ويلك إنها أختك فرفع ذلك إلى هشام بن إسماعيل فكتب فيه إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك أنه ليس ذلك برضاع، أخبرنا الشافعي أخبرنا الدراوردي عن محمد بن عمرو عن عبد الرحمن بن القاسم أنه كان يقول كان يدخل على عائشة من أرضعه بنات أبي بكر ولا يدخل عليها من أرضعه نساء بني أبي بكر.
    (قال) : أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن عبيد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة أن أمه زينب بنت أبي سلمة أرضعتها أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير فقالت زينب بنت أبي سلمة: فكان الزبير يدخل علي وأنا أمتشط فيأخذ بقرن من قرون رأسي فيقول: أقبلي علي فحدثيني أراه أنه أبى وما ولد فهم إخوتي ثم إن عبد الله بن الزبير قبل الحرة أرسل إلي فخطب أم كلثوم بنتي على حمزة بن الزبير وكان حمزة
    للكلبية فقلت لرسوله وهل تحل له إنما هي بنت أخته؟ فأرسل إلي عبد الله إنما أردت بهذا المنع لما قبلك ليس لك بأخ أنا وما ولدت أسماء فهم إخوتك وما كان من ولد الزبير من غير أسماء فليسوا لك بإخوة فأرسلي فسلي عن هذا فأرسلت فسألت وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرون وأمهات المؤمنين فقالوا لها: إن الرضاعة من قبل الرجال لا تحرم شيئا فأنكحتها إياه فلم تزل عنده حتى هلك.
    (قال الشافعي) : - رحمه الله -
    أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن بعض آل رافع بن خديج أن رافع بن خديج كان يقول: الرضاعة من قبل الرجال لا تحرم شيئا.
    (قال الشافعي) : وأخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن سليمان بن يسار وعن عطاء بن يسار أن الرضاعة من قبل الرجال لا تحرم شيئا (قال الشافعي) : وأخبرنا عبد العزيز بن محمد عن مروان بن عثمان بن أبي المعلى أن عبد الملك كان يرى الرضاعة من قبل الرجال لا تحرم شيئا قلت لعبد العزيز بن عبد الملك؟ قال ابن مروان (قال الشافعي) : أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن ابن عباس كان لا يرى الرضاعة من قبل الرجال تحرم شيئا قال عبد العزيز وذلك كان رأي ربيعة ورأي فقهائنا وأبو بكر حدث عمرو بن الشريد عن ابن عباس في اللقاح واحد وقال: حديث رجل من أهل الطائف وما رأيت من فقهاء أهل المدينة أحدا يشك في هذا إلا أنه روي عن الزهري خلافهم فما التفتم إليه وهؤلاء أكثر وأعلم.
    (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة «عن عائشة قالت: جاء عمي من الرضاعة أفلح بن أبي القعيس يستأذن علي بعد ما ضرب الحجاب فلم آذن له فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته فقال: إنه عمك، فأذنوا له» فقال: وما في هذا حديثها أم أبي بكر أرضعته فليس هذا برضاع من قبل الرجل ولو كان من قبل الرجل لكانت عائشة أعلم بمعنى ما تركت وكان أصحاب رسول الله والتابعون ومن أدركنا متفقين أو أكثرهم على ما قلنا ولا يتفق هؤلاء على خلاف سنة ولا يدعون شيئا إلا لما هو أقوى منه قال: قد كان القاسم بن محمد ينكر حديث أبي القعيس ويدفعه دفعا شديدا ويحتج فيه أن رأي عائشة خلافه.
    (قال الشافعي) : فقلت له: أتجد بالمدينة من علم الخاصة أولى أن يكون علما ظاهرا عند أكثرهم من ترك تحريم لبن الفحل فقد تركناه وتركتموه ومن يحتج بقوله إذا كنا نجد في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كالدلالة على ما نقول أفيجوز لأحد ترك هذا العام المتصل ممن سمينا من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين من بعدهم بالمدينة أن يقبل أبدا عمل أكثر من روي عنه بالمدينة إذا خالف حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصا ليس من هذا الحديث لعلمهم بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا قلت: فقد ترك من تحتج بقوله هذا ولا أعلم له حجة في تركه إلا ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولاد» فقال لي: فلذلك تركته؟ فقلت: نعم فأنا لم يختلف بنعمة الله قولي في أنه لا أذهب إذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء إلى أن أدعه لأكثر أو أقل مما خالفنا في لبن الفحل وقد يمكن أن يتأول حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان من النساء دون الرجال فأخذت بأظهر معانيه وإن أمكن فيه باطن وتركتم قول الأكثر ممن روي عنه بالمدينة ولو ذهبت إلى الأكثر وتركت خبر الواحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عدوت ما قال: الأكثر من المدنيين أن لا يحرم لبن الفحل.
    (قال الشافعي) : وقد وصفت حديث الليث بن سعد عن الزهري عن ابن المسيب أنه قال: عقل العبد في ثمنه كجراح الحر في ديته وقال الزهري وإن ناسا ليقولون يقوم سلعة فالزهري قد جمع قول أهل المدينة ابن المسيب ومن خالفه فخرج صاحبكم من جميع ذلك وهذا عندكم كالإجماع ما هو دونه عندكم إجماع بالمدينة وقلتم قولا خارجا من قول أهل العلم بالمدينة وأقاويل بني آدم وذلك أنكم قلتم مرة كما قال ابن المسيب: جراحه في ثمنه كجراح الحر في ديته في الموضحة والمأمومة والمنقلة ثم





  20. #320
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


    كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
    محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
    المجلد السابع
    الحلقة (320)
    صــــــــــ 282 الى صـــــــــــ 289






    خالفتم ما قال ابن المسيب أخرى فقلتم: يقوم سلعة فيكون فيها نقصه فلم تمحضوا قول واحد منهم.
    (قال الشافعي) : وقد أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي «أن رجلا خطب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - في صداقها: التمس ولو خاتما من حديد» وحفظنا عن عمر قال: في ثلاث قبضات من زبيب فهو مهر (قال الشافعي) : وأخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب أنه قال: لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو أصدقها سوطا حلت له، أخبرنا ابن أبي يحيى قال: سألت ربيعة كم أقل الصداق؟ قال: ما تراضى به الأهلون فقلت: وإن كان درهما؟ قال: وإن كان نصف درهم قلت: وإن كان أقل قال: لو كان قبضة حنطة أو حبة حنطة قال: فهذا حديث ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخبر عن عمر وعن ابن المسيب وعن ربيعة وهذا عندكم كالإجماع، وقد سألت الدراوردي هل قال أحد بالمدينة لا يكون الصداق أقل من ربع دينار؟ فقال: لا والله ما علمت أحدا قاله قبل مالك وقال الدراوردي: أراه أخذه عن أبي حنيفة، قلت للشافعي: فقد فهمت ما ذكرت وما كنت أذهب في العلم إلا إلى قول أهل المدينة فقال الشافعي ما علمت أحدا انتحل قول أهل العلم من أهل المدينة أشد خلافا لأهل المدينة منكم ولو شئت أن أعد عليكم ما أملأ به ورقا كثيرا مما خالفتم فيه كثيرا من أهل المدينة عددتها عليكم وفيما ذكرت لك ما دلك على ما وراءه إن شاء الله، فقلت للشافعي: إن لنا كتابا قد صرنا إلى اتباعه وفيه ذكر أن الناس اجتمعوا وفيه الأمر المجتمع عليه عندنا وفيه الأمر عندنا.
    (قال الشافعي) : فقد أوضحنا لكم ما يدلكم على أن ادعاء الإجماع بالمدينة وفي غيرها لا يجوز أن يكون وفي القول الذي ادعيتم فيه الإجماع اختلاف وأكثر ما قلتم الأمر المجتمع عليه مختلف فيه وإن شئتم مثلت لكم شيئا أجمع وأقصر وأحرى أن تحفظه مما فرغت منه قلت: فاذكر ذلك قال: تعرفون أنكم قلتم اجتمع الناس أن سجود القرآن أحد عشر ليس في المفصل منها شيء؟ قلت: نعم.
    (قال الشافعي) : وقد رويتم عن أبي هريرة أنه سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأخبرهم أن النبي سجد فيها وأن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلمة مر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر سجد في النجم قلت: نعم وإن عمر وابن عمر سجدا في سورة الحج سجدتين؟ قلت: نعم قال: فقد رويتم السجود في المفصل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز فمن الناس الذين أجمعوا على السجود دون المفصل وهؤلاء الأئمة الذين ينتهى إلى أقاويلهم ما حفظنا نحن وأنتم في كتابكم عن أحد إلا سجودا في المفصل ولو رواه عن رجل أو اثنين أو ثلاثة ما جاز أن يقول أجمع الناس وهم مختلفون قلت: فتقول أنت أجمع الناس أن المفصل فيه سجود؟ قال: لا أقول اجتمعوا ولكن أعزي ذلك إلى من قاله وذلك الصدق ولا أدعي الإجماع إلا حيث لا يدفع أحد أنه إجماع أفترى قولكم اجتمع الناس أن سجود القرآن إحدى عشرة ليس في المفصل منها شيء يصح لكم أبدا قلت: فعلى أي شيء أكثر الفقهاء؟ قال: على أن في المفصل سجودا وأكثر أصحابنا على أن في سورة الحج سجدتين وهم يروون ذلك عن عمر وابن عمر وهذا مما أدخل في قوله اجتمع الناس لأنكم لا تعدون في الحج إلا سجدة وتزعمون أن الناس اجتمعوا على ذلك فأي الناس يجتمعون وهو يروي عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في الحج سجدتين أوتعرفون أنكم احتججتم في اليمين مع الشاهد على من خالفه وقد احتجوا عليكم بالقرآن فقلتم: أرأيتم الرجل يدعي على الرجل الحق أليس يحلف له، فإن لم يحلف رد اليمين على المدعي فحلف وأخذ حقه وقلتم: هذا ما لا شك فيه عند أحد من الناس ولا في بلد من البلدان فإذا أقر بهذا فليقر باليمين مع الشاهد، وأنه ليكتفي من هذا بثبوت السنة ولكن الإنسان يجب أن يعرف وجه الصواب.
    فهذا تبيان ما أشكل من ذلك إن شاء الله تعالى قال: بلى وهكذا نقول (قال الشافعي) : أفتعرفون الذين خالفوكم في اليمن مع الشاهد يقولون بما
    قلتم؟ قلت: ماذا؟ قال: أتعرفونهم يحلفون المدعى عليه، فإن نكل رد اليمين على المدعي فإن حلف أخذ حقه؟ قلت لا: (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأنتم تعلمون أنهم لا يردون اليمين أبدا وأنهم يزعمون أن رد اليمين خطأ وأن المدعى عليه إذا نكل عن اليمين أخذ منه الحق؟ قلت: بلى قال: فقد رويتم عليهم ما لا يقولون قلت: نعم ولكن لعله زلل.
    (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أو يجوز لزلل في الرواية عن الناس ثم عن الناس كافة وإن جاز الزلل في الأكثر جاز في الأقل وفيما قلتم المجتمع عليه وقولكم المجتمع عليه أكثر من هذا الزلل لأنكم إذا زللتم في أن ترووا عن الناس عامة فعلى أهل المدينة لأنهم أقل من الناس كلهم.
    (قال الشافعي) : وقولكم في اليمين مع الشاهد نكتفي منها بثبوت السنة حجة عليكم وأنتم لا تروون فيها إلا حديث جعفر عن أبيه منقطعا ولا تروون فيها حديثا يصح عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والزهري وعروة ينكرانها بالمدينة وعطاء ينكرها بمكة فإن كانت تثبت السنة فلن يعمل بهذا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنتم لا تحفظون أن أحدا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عمل باليمين مع الشاهد فإن كنتم ثبتموها بإجماع التابعين بالمدينة فقد اختلفوا فيها وإن كنتم ثبتموها بخبر منقطع كان الخبر المتصل أولى أن نثبتها به قلت فأنت تثبتها قال: من غير الطريق الذي ثبتموها بحديث متصل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعمل به ولا إجماع ولو لم تثبت إلا بعمل وإجماع كان بعيدا من أن تثبت وهم يحتجون عليها بقرآن وسنة.
    (قال الشافعي) : وزعمت أن ما أشكل فيما احتججتم به مما رويتم على الناس أنهم في البلدان لا يخالفون فيه والذين يخالفونكم في اليمين مع الشاهد يقولون: نحن أعطينا بالنكول عن اليمين فبالسنة أعطينا ليس في القرآن ذكر يمين ولا نكول عنها وهذا سنة غير القرآن وغير الشهادات زعمنا أن القرآن يدل على أن لا يعطى أحد من جهة الشهادات إلا بشاهدين أو شاهد وامرأتين والنكول ليس في معنى الشهادات والذي احتججتم به عليهم ليست عليهم فيه حجة والله المستعان إنما الحجة عليهم في غير ما احتججتم به وإذا احتججتم بغير حجة فهو إشكال ما بان من الحجة لا يبان ما أشكل منها
    (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن عبد الله بن الحارث إن لم أكن سمعته من عبد الله عن مالك بن أنس عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قضيا في الملطاة بنصف دية الموضحة.
    (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن الثوري عن يزيد بن قسيط عن ابن المسيب عن عمر وعثمان مثله أو مثل معناه (قال الشافعي) وأخبرني من سمع ابن نافع يذكر عن مالك بهذا الإسناد مثله (قال الشافعي) : وقرأنا على مالك أنا لم نعلم أحدا من الأئمة في القديم ولا في الحديث أفتى فيما دون الموضحة بشيء (قال الشافعي) : فنفيتم أن يكون أحد من الأئمة في قديم أو حديث قضى دون الموضحة بشيء وأنتم والله يغفر لنا ولكم تروون عن إمامين عظيمين من المسلمين عمر وعثمان أنهما قضيا فيما دون الموضحة بشيء موقت ولست أعرف لمن قال: هذا مع روايته وجها ذهب إليه والله المستعان وما عليه أن يسكت عن رواية ما روى من هذا أو إذا رواه فلم يكن عنده كما رواه أن يتركه وذلك كثير في كتابه ولا ينبغي أن يكون علم ما قد أخبر أنه علمه أرأيت لو وجد كل وال من الدنيا شيئا ترك يقضي فيما دون الموضحة بشيء كان جائزا له أن يقول لم نعلم أحدا من الأئمة قضى فيها بشيء وقد روي عن إمامين عظيمين من أئمة المسلمين أنهما قضيا مع أنه لم يرو عن أحد من الناس إمام ولا أمير ترك أن قضى فيما دون الموضحة بشيء ولا نجد وقد روينا أن زيد بن ثابت قد قضى فيما دون الموضحة حتى في الدامية فإن قال: رويت فيه حديثا واحدا أفرأيت جميع ما ثبت مما أخذ به إنما روى فيه حديثا واحدا هل يستقيم أن يكون يثبت بحديث واحد فلم يكن له أن يقول ما علمنا أو لا يثبت بحديث واحد فينبغي أن تدع عامة ما رويت وثبت من حديث واحد قال سألت الشافعي من أي شيء يجب الوضوء؟ قال: من أن ينام الرجل مضطجعا أو يحدث من ذكر أو دبر أو يقبل امرأته أو يلمسها أو
    يمس ذكره قلت فهل قال: قائل ذلك (قال الشافعي) : نعم قد قرأنا ذلك على صاحبنا والله يغفر لنا وله قلت ونحن نقوله (قال الشافعي) : إنكم مجمعون أنكم توضئون من مس الذكر والمس والجس للمرأة فقلت: نعم قال: فتعلم من أهل الدنيا خلقا ينفي عن نفسه أن يوجب الوضوء إلا من ثلاث؟ فأنت توجب الوضوء من اثنين أو ثلاث سواء من اضطركم إلى أن تقولوا هذا الذي لا يوجد في قول أحد من بني آدم غيركم والله المستعان ثم تؤكدونه بأن تقولوا الأمر عندنا قال: فإن كان الأمر عندكم إجماع أهل المدينة فقد خالفتموهم وإن كانت كلمة لا معنى لها فلم تكلفتموها؟ فما علمت قبلك أحدا تكلم بها وما كلمت منكم أحدا قط فرأيته يعرف معناها وما ينبغي لكم أن تجهلوا إذا كان يوجد فيه ما ترون، والله أعلم. .
    [كتاب جماع العلم]
    أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: لم أسمع أحدا نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتسليم لحكمه بأن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما سواهما تبع لهما وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله تعالى (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ثم تفرق أهل الكلام في تثبيت الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرقا متباينا وتفرق غيرهم ممن نسبته العامة إلى الفقه فيه تفرقا. أما بعضهم فقد أكثر من التقليد والتخفيف من النظر والغفلة والاستعجال بالرياسة وسأمثل لك من قول كل فرقة عرفتها مثالا يدل على ما وراءه إن شاء الله تعالى.
    باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها.
    (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال: لي قائل ينسب إلى العلم بمذهب أصحابه أنت عربي والقرآن نزل بلسان من أنت منهم وأنت أدرى بحفظه وفيه لله فرائض أنزلها لو شك شاك قد تلبس عليه القرآن بحرف منها استتبته فإن تاب وإلا قتلته وقد قال: عز وجل في القرآن {تبيانا لكل شيء} [النحل: 89] فكيف جاز عند نفسك أو لأحد في شيء فرضه الله أن يقول مرة الفرض فيه عام ومرة الفرض فيه خاص ومرة الأمر فيه فرض ومرة الأمر فيه دلالة؟ وإن شاء ذو إباحة وأكثر ما فرقت بينه من هذا عندك حديث ترويه عن رجل عن آخر أو حديثان أو ثلاثة حتى يبلغ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد وجدتك ومن ذهب مذهبك لا تبرئون أحدا لقيتموه وقدمتموه في الصدق والحفظ ولا أحدا لقيت ممن لقيتم من أن يغلط وينسى ويخطئ في حديثه بل وجدتكم تقولون لغير واحد منهم أخطأ فلان في حديث كذا وفلان في حديث كذا ووجدتكم تقولون لو قال رجل لحديث أحللتم به وحرمتم من علم الخاصة لم يقل هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أخطأتم أو من حدثكم وكذبتم أو من حدثكم لم تستتيبوه ولم تزيدوه على أن تقولوا له بئسما قلت: أفيجوز أن يفرق بين شيء من أحكام القرآن وظاهره واحد عند من سمعه بخبر من هو كما وصفتم فيه وتقيمون أخبارهم مقام كتاب الله وأنتم تعطون بها وتمنعون بها؟ قال: فقلت: إنما نعطي من وجه الإحاطة أو من جهة الخبر الصادق وجهة القياس وأسبابها عندنا مختلفة وإن أعطينا بها كلها فبعضها أثبت من بعض قال: ومثل ماذا؟ قلت: إعطائي من الرجل بإقراره وبالبينة وإبائه اليمين وحلف صاحبه والإقرار أقوى من البينة والبينة أقوى من إباء اليمين ويمين صاحبه ونحن وإن أعطينا
    بها عطاء واحدا فأسبابها مختلفة.
    قال: وإذا قمتم على أن تقبلوا أخبارهم وفيهم ما ذكرت من أمركم بقبول أخبارهم وما حجتكم فيه على من ردها قال: لا أقبل منها شيئا إذا كان يمكن فيهم الوهم ولا أقبل إلا ما أشهد به على الله كما أشهد بكتابه الذي لا يسع أحدا الشك في حرف منه أو يجوز أن يقوم شيء مقام الإحاطة وليس بها؟ فقلت: له من علم اللسان الذي به كتاب الله وأحكام الله دله علمه بهما على قبول أخبار الصادقين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفرق بين ما دل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الفرق بينه من أحكام الله وعلم بذلك مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ كنت لم تشاهده خبر الخاصة وخبر العامة قال: نعم قلت: فقد رددتها إذ كنت تدين بما تقول قال: أفتوجدني مثل هذا مما تقوم بذلك الحجة في قبول الخبر؟ فإن أوجدته كان أزيد في إيضاح حجتك وأثبت للحجة على من خالفك وأطيب لنفس من رجع عن قوله لقولك فقلت: إن سلكت سبيل النصفة كان في بعض ما قلت دليل على أنك مقيم من قولك على ما يجب عليك الانتقال عنه وأنت تعلم أن قد طالت غفلتك فيه عما لا ينبغي أن تغفل من أمر دينك قال: فاذكر شيئا إن حضرك قلت: قال الله عز وجل {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [الجمعة: 2] قال: فقد علمنا أن الكتاب كتاب الله فما الحكمة؟ .
    قلت: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أفيحتمل أن يكون يعلمهم الكتاب جملة والحكمة خاصة وهي أحكامه؟ قلت: تعني بأن يبين لهم عن الله عز وجل مثل ما بين لهم في جملة الفرائض من الصلاة والزكاة والحج وغيرها فيكون الله قد أحكم فرائض من فرائضه بكتابه وبين كيف هي على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - قال: إنه ليحتمل ذلك قلت: فإن ذهبت هذا المذهب فهي في معنى الأول قبله الذي لا تصل إليه إلا بخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فإن ذهبت مذهب تكرير الكلام؟ قلت: وأيهم أولى به إذا ذكر الكتاب والحكمة أن يكونا شيئين أو شيئا واحدا قال: يحتمل أن يكونا كما وصفت كتابا وسنة فيكونا شيئين ويحتمل أن يكونا شيئا واحدا قلت: فأظهرهما أولاهما وفي القرآن دلالة على ما قلنا وخلاف ما ذهبت إليه قال: وأين هي؟ قلت: قول الله عز وجل {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا} [الأحزاب: 34] فأخبر أنه يتلى في بيوتهن شيئان قبل فهذا القرآن يتلى فكيف تتلى الحكمة؟ .
    قلت إنما معنى التلاوة أن ينطق بالقرآن والسنة كما ينطق بها قال: فهذه أبين في أن الحكمة غير القرآن من الأولى وقلت: افترض الله علينا اتباع نبيه - صلى الله عليه وسلم - قال: وأين؟ .
    قلت: قال الله عز وجل {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65] وقال الله عز وجل {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80] وقال {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63] قال: ما من شيء أولى بنا أن نقوله في الحكمة من أنها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان بعض أصحابنا قال: إن الله أمر بالتسليم لحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحكمته إنما هو مما أنزله لكان من لم يسلم له أن ينسب إلى التسليم لحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: لقد فرض الله جل وعز علينا اتباع أمره فقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] قال: إنه لبين في التنزيل أن علينا فرضا أن نأخذ الذي أمرنا به وننتهي عما نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت: والفرض علينا وعلى من هو قبلنا ومن بعدنا واحد؟ قال: نعم فقلت: فإن كان ذلك علينا فرضا في اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنحيط أنه إذا فرض الله علينا شيئا فقد دلنا على الأمر الذي يؤخذ به فرضه؟ .
    قال: نعم قلت: فهل تجد السبيل إلى تأدية فرض الله عز وجل في اتباع
    أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أحد قبلك أو بعدك ممن لم يشاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن في أن لا آخذ ذلك إلا بالخبر لما دلني على أن الله أوجب علي أن أقبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وقلت له أيضا: يلزمك هذا في ناسخ القرآن ومنسوخه قال: فاذكر منه شيئا قلت: قال الله تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} [البقرة: 180] وقال في الفرائض {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [النساء: 11] فزعمنا بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن آية الفرائض نسخت الوصية للوالدين والأقربين فلو كنا ممن لا يقبل الخبر فقال قائل: الوصية نسخت الفرائض هل نجد الحجة عليه إلا بخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ .
    قال: هذا شبيه بالكتاب والحكمة والحجة لك ثابتة بأن علينا قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صرت إلى أن قبول الخبر لازم للمسلمين لما ذكرت وما في مثل معانيه من كتاب الله وليست تدخلني أنفة من إظهار الانتقال عما كنت أرى إلى غيره إذا بانت الحجة فيه بل أتدين بأن علي الرجوع عما كنت أرى إلى ما رأيته الحق ولكن أرأيت العام في القرآن كيف جعلته عاما مرة وخاصا أخرى، قلت له: لسان العرب واسع وقد تنطق بالشيء عاما تريد به الخاص فيبين في لفظها ولست أصير في ذلك بخبر إلا بخبر لازم، وكذلك أنزل في القرآن فبين في القرآن مرة وفي السنة أخرى قال: فاذكر منها شيئا قلت: قال الله عز وجل {الله خالق كل شيء} [الزمر: 62] فكان مخرجا بالقول عاما يراد به العام وقال: {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13] فكل نفس مخلوقة من ذكر وأنثى فهذا عام يراد به العام وفيه الخصوص وقال {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13] فالتقوى وخلافها لا تكون إلا للبالغين غير المغلوبين على عقولهم وقال: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} [الحج: 73] وقد أحاط العلم أن كل الناس في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا يدعون من دونه شيئا لأن فيهم المؤمن ومخرج الكلام عاما فإنما أريد من كان هكذا وقال: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت} [الأعراف: 163] دل على أن العادين فيه أهلها دونها وذكرت له أشياء مما كتبت في كتابي فقال: هو كما قلت كله ولكن بين لي العام الذي لا يوجد في كتاب الله أنه أريد به خاص قلت: فرض الله الصلاة ألست تجدها على الناس عامة؟ .
    قال: بلى: قلت: وتجد الحيض مخرجات منه؟ قال: نعم وقلت: وتجد الزكاة على الأموال عامة وتجد بعض الأموال مخرجا منها؟ قال: بلى: قلت: وتجد الوصية للوالدين منسوخة بالفرائض؟ قال: نعم قلت: وفرض المواريث للآباء والأمهات والولد عاما ولم يورث المسلمون كافرا من مسلم ولا عبدا من حر ولا قاتلا ممن قتل بالسنة قال: نعم ونحن نقول ببعض هذا فقلت: فما دلك على هذا؟ قال: السنة لأنه ليس فيه نص قرآن قلت: فقد بان لك في أحكام الله تعالى في كتابه فرض الله طاعة رسوله والموضع الذي وضعه الله عز وجل به من الإبانة عنه ما أنزل خاصا وعاما وناسخا ومنسوخا؟ قال: نعم وما زلت أقول بخلاف هذا حتى بان لي خطأ من ذهب هذا المذهب ولقد ذهب فيه أناس مذهبين: أحد الفريقين لا يقبل خبرا وفي كتاب الله البيان قلت فما لزمه؟ قال: أفضى به عظيم إلى عظيم من الأمر فقال من جاء بما يقع عليه اسم صلاة وأقل ما يقع عليه اسم زكاة فقد أدى ما عليه لا وقت في ذلك ولو صلى ركعتين في كل يوم أو قال في كل أيام.
    وقال: ما لم يكن فيه كتاب الله فليس على أحد فيه فرض وقال غيره: ما كان فيه قرآن يقبل فيه الخبر فقال: بقريب من قوله فيما ليس فيه قرآن فدخل عليه ما دخل على الأول أو قريب منه ودخل عليه أن صار إلى قبول الخبر بعد رده وصار إلى أن لا يعرف ناسخا ولا منسوخا ولا خاصا ولا عاما والخطأ قال: ومذهب الضلال في هذين المذهبين واضح لست أقول بواحد منهما ولكن هل من حجة في أن




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •