التفقه على مذهب الشافعي

فهد عبد الله الحبيشي






من الملاحظ أن كثيرًا ممن يريدون طلب العلم والتفقه على مذهب الإمام الشافعي يجهلون منهجية وسُلَّم التعلم الذي يوصلهم إلى مبتغاهم، فيجهلون بماذا وكيف يبدؤون، فتضيع الأوقات على كثيرين وهم -بعدُ- لَمَّا يشموا رائحة الفقه.

ومن العجائب أني رأيت كُتَيِّـبًا لأحدهم يضع فيه منهجًا لطلب العلم ويذكر في المذهب الشافعي أن يبدأ الطالب بقراءة متن أبي شجاع، ثم شرح الحصني عليه، ثم حاشية البيجوري، ثم مغني المحتاج!
إن هذا الكاتب -بفعلته هذه- يجني على العلم وأهله جناية عظمى، إذا ما حُِمل ما قاله هذا المسكين محمل الجد، كما لا يدري هذا الكاتب أنه أعرب عن جهله، وإن تعجب فعجب أن يلقبه أصحابه بالشيخ، ولكن إذا لم تستح؛ فاصنع ما شئت.

ولهذا رأيت -لزامًا- أن أبيِّن -بعون الله- المنهج الذي ينبغي السير والالتزام به لمريد التفقه على مذهب الإمام الشافعي، وأشدد على ضرورة المضي وفقه وعدم تجاوزه،

وهو كما يلي:
أ*- الفقه:
1- متن سفينة النجا.
2- متن أبي شجاع، والمسمى بمتن الغاية والتقريب.
3- شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع.
4- تحرير تنقيح اللباب، لزكريا الأنصاري.
5- تحفة الطلاب شرح تنقيح اللباب، لزكريا الأنصاري.
6- عمدة السالك وعدة الناسك.
7- منهاج الطالبين.
8- شروح المنهاج، ويبدأ بأحد الشرحين: النهاية أو التحفة، بيد أني أفضل النهاية لسهولة عبارته مقارنة مع التحفة، ثم يُثَنِّي بالتحفة، ثم المغني،

ثم ليطالع حواشي المتأخرين؛ فإن فيها علمًا جمَّا، وأشهر هذه الحواشي وأروعها:
1- حاشية البيجوري على ابن قاسم.
2- حاشية الشرقاوي على التحفة لزكريا.
3- حاشية تحفة الحبيب على الإقناع، للبجيرمي.
4- حاشية البجيرمي على شرح المنهج.
5- حاشية الجمل على شرح المنهج.

ب*- الأصول:
1- الورقات بشرح المحلي.
2- لب الأصول لزكريا.
3- غاية الوصول شرح لب الأصول لزكريا.
4- متن جمع الجوامع.
5- شرح المحلي على جمع الجوامع.

ج*- القواعد الفقهية:

1- القواعد الفقهية، لعبد الله بن سعيد.
2- شرح منظومة القواعد الفقهية للجرهزي.
3- شرح المنظومة ذاتها للأهدل.
4- الأشباه والنظائر للسيوطي.

ثم ليطالع كتب تخريج الفروع على الأصول وهما كتابان: أحدهما للزنجاني، والآخر للأسنوي والذي سماه التمهيد.

وهذه الكتب قد اختارها وسار عليها فقهاء الشافعية وجعلوها منهجًا مقررًا لطالب العلم، والمطالع لها يجدها واضحة سهلة الترتيب والتبويب والحفظ، بل إن بعضها مما لا نظير له في كتب المذهب بل ولا خارجه؛ كمتني أبي شجاع والتحرير، ولو تعرضت لميزات كل كتاب لطال المقام؛ ولهذا أكتفي بالكلام على كتاب المنهاج والذي أفردت له المبحث التالي.

ولكن أريد أن أنبه هنا على أمور:
- الأول: هناك بعض الكتب التي يمكن أن تزاد في المنهج السابق إن اتسع وقت المتفقه وكان في فسحة من الزمن، وهي: كفاية الأخيار، والزبد بشرح مواهب الصمد، ويمكن أن يدرسا بعد شرح التحرير، وفتح الوهاب، ويدرس بعد المنهاج وقبل الشروح.

- الثاني: يظن البعض أن كل ما في الكتب السابقة معتمد في المذهب، وأسارع بالقول بأن هذا الظن خطأ؛ لأنه ما من كتاب إلا ويحتوي على مسائل ضعيفة بما في ذلك المنهاج والتي سيأتي الكلام عليه، وكذلك شروحه: كالتحفة والنهاية؛ ولهذا يجب التنبه إلى ما يقوله المشايخ والشراح والمحشون.

- الثالث: لا يظن مَن قرأ هذه الكتب أنه قد تبحر في المذهب وبلغ رتبة الإمامة فيه، وكل من ظن في نفسه ذلك علمنا أنه لم يعرف بعد الدراسة المذهبية وأخطأ في دعواه، نبه على هذا النووي وغيره.