تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد النبي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    أتريب, بنها, القليوبية, مصر
    المشاركات
    99

    افتراضي الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد النبي

    هل يصح الاستدلال على مشروعية الاحتفال بمولد النبي بما أحدثه الصحابة من بدع حسنة كجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد؟!

    ابتداء وقبل هذا السؤال لا بد من سؤال آخر هو أصل المسألة، وهو:

    هل الصحابة أحدثوا بدعًا حسنة (في الدين)؟! ويمثل القائل لذلك بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد؟!

    والمراد من السؤال الثاني - وهو الأصل في المسألة -: هل يعد ما فعله الصحابة - رضي الله عنهم - مما مُثِّل به سابقًا من البدعة الشرعية في الدين والتي لا يدل عليها دليل شرعي، أم من البدعة اللغوية والتي يقصد بها الابتداء والإنشاء على غير مثال سابق.

    فإن صح أن الصحابة - رضي الله عنهم - أحدثوا على المعنى الأول - وحاشاهم - صح الاستدلال به على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، وإن صح أنهم أحدثوا على المعنى الثاني بطل الاستدلال به على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في اقتضاء الصراط المستقيم (٩٣/٢):

    فأما صلاة التراويح، فليست بدعة في الشريعة، بل سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، فإنه قال: «إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسَنَنْتُ لكم قيامه» ولا صلاتها جماعة بدعة، بل هي سنة في الشريعة، بل قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين، بل ثلاثًا، وصلاها أيضًا في العشر الأواخر في جماعة مرات، وقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة»، كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح رواه أهل السنن.

    وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد، وفي قوله هذا ترغيب لقيام شهر رمضان خلف الإمام، وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة، وكان الناس يصلونها جماعات في المسجد على عهده صلى الله عليه وسلم ويقرهم، وإقراره سنة منه صلى الله عليه وسلم.

    وأما قول عمر: "نعمت البدعة هذه" فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نثبت حكمًا بقول عمر الذي لم يخالف فيه؛ لقالوا: قول الصاحب ليس بحجة، فكيف يكون حجة لهم في خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!!
    ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة، فلا يعتقده إذا خالف الحديث.
    فعلى التقديرين لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب.


    نعم، يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف، على إحدى الروايتين، فيفيدهم هذا حسن تلك البدعة، أما غيرها فلا.

    ثم نقول: أكثر ما في هذا؛ تسمية عمر تلك: بدعة، مع حسنها، وهذه تسمية لغوية، لا تسمية شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق.

    وأما البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليل شرعي.
    فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته أو دل عليه مطلقًا، ولم يعمل به إلا بعد موته، ككتاب الصدقة، الذي أخرجه أبو بكر - رضي الله عنه - فإذا عمل ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى بدعة في اللغة؛ لأنه عمل مبتدأ.
    كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة ويسمى محدثا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة: "إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين محدث لا يعرف".
    ثم ذلك العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة: ليس بدعة في الشريعة، وإن سمي بدعة في اللغة.
    فلفظ البدعة في اللغة أعم من لفظ البدعة في الشريعة.
    وقد علم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» لم يرد به كل عمل مبتدأ، فإن دين الإسلام، بل كل دين جاءت به الرسل فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد: ما ابتدئ من الأعمال التي لم يشرعها هو صلى الله عليه وسلم.

    وإذا كان كذلك: فالنبي صلى الله عليه وسلم قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعة وفرادى؛ وقد قال لهم في الليلة الثالثة، أو الرابعة لما اجتمعوا: «إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن تفرض عليكم، فصلوا في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة»، فعلّل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم.
    فلما كان في عهد عمر - رضي الله عنه - جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم فانتفى المعارض.
    وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى في اللغة بدعة.


    وصار هذا كنفي عمر - رضي الله عنه - ليهود خيبر ونصارى نجران ونحوهما من أرض العرب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك في مرضه، فقال: «أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب»، وإنما لم ينفذه أبو بكر - رضي الله عنه - لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة، وبشروعه في قتال فارس والروم، وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم، فلما تمكن من ذلك فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
    وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في اللغة كما قال له اليهود: "كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم"، وكما جاءوا إلى علي - رضي الله عنه - في خلافته فأرادوا منه إعادتهم، وقالوا: "كتابك بخطك" فامتنع من ذلك؛ لأن ذلك الفعل كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان محدثًا بعده، ومغيرًا لما فعله هو صلى الله عليه وسلم.

    قلت - العبد الفقير -: رحم الله تعالى شيخ الإسلام وأدخلنا وإياه الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. آمين.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    أتريب, بنها, القليوبية, مصر
    المشاركات
    99

    افتراضي رد: الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد الن

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد طه السيد مشاهدة المشاركة
    وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى في اللغة بدعة.

    قال ابن حجر في فتح الباري (١٢/٩):
    وقال الخطابي وغيره: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما لم يجمع القرآن في المصحف لما كان يترقّبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وسلم ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاءً لوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة المحمدية - زادها الله شرفًا -، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر، ويؤيده ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بإسناد حسن عن عبد خير، قال: سمعت عليًّا يقول: أعظم الناس في المصاحف أجرًا أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله. اهـ.

    وقال بدر الدين العيني في عمدة القاري (١٦/٢٠):
    قال الخطابي وغيره: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما لم يجمع القرآن في الصحف لما كان يترقّب من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وسلم ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاءً لوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة المحمدية، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق رضي الله تعالى عنه، بمشورة عمر رضي الله تعالى عنه، ويؤيده ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بإسناد حسن عن عبد خير، قال: سمعت عليًّا رضي الله تعالى عنه، يقول: أعظم الناس في المصاحف أجرًا أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله. اهـ.

    وهذان النقلان - عن ابن حجر والعيني - يرجحان أن المنقول عن الخطابي نص وليس مجرد معنى؛ لما فيهما من التطابق.

    وليس الأمر كذلك.


    قال الخطابي في أعلام الحديث (١٨٥٦/٣):
    ويشبه أن تكون العلة في ترك النبي صلى الله عليه وسلم جمع القرآن في مصحف واحد - كما فعله من بعده من الصحابة - أن النسخ كان قد يرد على المنزل منه، فيرفع الشيء بعد الشيء من تلاوته، كما يرفع من بعض أحكامه. اهـ.

    فليس ثمَّ ذكر في كلام الخطابي لما بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم من عمل الصحابة على جمع القرآن في مصحف واحد.

    إنما هو كلام غير الخطابي كما قالا: «قال الخطابي وغيره».


    ولا أدري أذلك النقل نقلاه عن ثالث غيرهما، أم أن أحدهما نقله عن الآخر مطابقةً، والله أعلم.

    ولا أدري من الذي أراد الإبهام؟، ولماذا؟، الله أعلم.

    والمعنيُّ في نقلهما بقولهما: «وغيره» هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما مر النقل عنه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    أتريب, بنها, القليوبية, مصر
    المشاركات
    99

    افتراضي رد: الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد الن

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد طه السيد مشاهدة المشاركة
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في اقتضاء الصراط المستقيم (٩٣/٢):

    فأما صلاة التراويح، فليست بدعة في الشريعة، بل سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله.

    .......

    وأما البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليل شرعي.

    .......

    ثم ذلك العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة: ليس بدعة في الشريعة، وإن سمي بدعة في اللغة.

    .......

    فعلّل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم.

    فلما كان في عهد عمر - رضي الله عنه - جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم فانتفى المعارض.

    قال البيهقي في السنن الصغير (٨١٧):
    قَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى رَحْمَتِهِ تَنَاهَتْ فَرَائِضُهُ، فَلَمْ يَخَفْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخَافُهُ، وَرَأَى أَنَّ جَمْعَهُمْ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ أَمْثَلُ فَجَمَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِيمَا صَنَعَ خِلَافُ مَا مَضَى مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ فَلَمْ يَكُنْ بِدْعَةَ ضَلَالَةٍ، بَلْ كَانَ إِحْدَاثَ خَيْرٍ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ، وَهِيَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ عَائِشَةَ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَفِي خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ زِيَادَةُ تَحْرِيضٍ عَلَيْهَا، وَذِكْرُ مَا فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ وَزِيَادَةِ الْأَجْرِ.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    أتريب, بنها, القليوبية, مصر
    المشاركات
    99

    افتراضي رد: الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد الن

    قال الأمير الصنعاني في سبل السلام (١/ ١٨٦/ط. الحديث):
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» .......

    وَفِي الْحَدِيثِ شَرْعِيَّةُ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا لِمَا شُرِعَ لَهُ الْأَذَانُ؛ فَإِنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ كَمَا سَلَفَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَلِدُعَاءِ السَّامِعِينَ لِحُضُورِ الصَّلَاةِ.

    وَهَذَا الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَ الْفَجْرِ قَدْ أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَجْهِ شَرْعِيَّتِهِ بِقَوْلِهِ: «لِيُوقِظَ نَائِمَكُمْ وَيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ»، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

    ....... فَلَيْسَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ وَقْتٍ، وَلَا لِحُضُورِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَالتَّسْبِيحَة ِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ، غَايَتُهُ أَنَّهُ كَانَ بِأَلْفَاظِ الْأَذَانِ.

    وَهُوَ مِثْلُ النِّدَاءِ الَّذِي أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِصَلَاتِهَا، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالنِّدَاءِ لَهَا فِي مَحَلٍّ يُقَالُ لَهُ الزَّوْرَاءُ، لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ، وَكَانَ يُنَادَى لَهَا بِأَلْفَاظِ الْأَذَانِ الْمَشْرُوعِ. انتهى باختصار.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    أتريب, بنها, القليوبية, مصر
    المشاركات
    99

    افتراضي رد: الرد على الاستدلال بجمع أبي بكر المصحف، وجمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد على مشروعية الاحتفال بمولد الن

    قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٣/ ٥٩٤/ط. العلمية):
    وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: "مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ يُؤَذِّنُ إذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ يُقِيمُ إذَا نَزَلَ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ كَذَلِكَ، ثُمَّ عُمَرُ كَذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَفَشَا النَّاسُ وَكَثُرُوا زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ".

    وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ إنْكَارَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ.

    رَوَى وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، قَالَ سَأَلْت نَافِعًا عَنْ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَإِنْ رَآهُ النَّاسُ حَسَنًا".

    وَرَوَى مَنْصُورٌ، عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: "النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي قَبْلُ مُحْدَثٌ".

    وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: "إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيمَا مَضَى وَاحِدًا ثُمَّ الْإِقَامَةُ، وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ الَّذِي يُؤَذَّنُ بِهِ الْآنَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَهُوَ بَاطِلٌ، أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ".

    قلت [البنهاوي]: قوله: "الْأَذَانُ الْأَوَّلُ الَّذِي يُؤَذَّنُ بِهِ الْآنَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ"، أي: بين يدي الإمام قبيل خروجه على الناس أو عند خروجه وقبل جلوسه على المنبر، أي: لا يكون هذا النداء للتنبيه قبل خروج الإمام بوقت يكفي للتنبيه، إنما يكون قبيل خروج الإمام أو عند خروجه مباشرة.

    قال أبو الوليد بن رشد في البيان والتحصيل (١/ ٢٤٣):
    والأذان بين يدي الإمام في الجمعة مكروه؛ لأنه محدث، ولذلك نهى عنه مالك، .......
    وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك، وإنما كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا زالت الشمس وخرج، رقى المنبر، فإذا رآه المؤذنون، وكانوا ثلاثة قاموا فأذنوا في المدينة واحدًا بعد واحد كما يؤذنون في غير الجمعة، فإذا فرغوا أخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خطبته، ثم تلاه على ذلك أبو بكر وعمر، وزاد عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما كثر الناس أذانًا بالزوراء عند زوال الشمس، يؤذن الناس بذلك أن الصلاة قد حضرت، وترك الأذان في المدينة بعد جلوسه على المنبر على ما كان عليه، فاستمر الأمر على ذلك إلى زمان هشام بن عبد الملك، فنقل الأذان الذي كان بالزوراء إلى المدينة، ونقل الأذان الذي في المدينة بين يديه، وأمرهم أن يؤذنوا معًا، وتلاه على ذلك من بعده من الخلفاء إلى زماننا، وهو بدعة. والذي كان يفعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء الراشدون بعده هو السنة، وبالله التوفيق. اهـ باختصار.

    ونقل أبو إسحاق الشاطبي في الاعتصام (١/ ٤٩١: ٤٩٢/ت. الهلالي) كلام ابن رشد كلَّه، كلامًا لابن حبيب المالكي، ثم قال بعدها:
    وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ عِنْدَ صُعُودِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَانَ بَاقِيًا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ أَرْبَابُ النَّقْلِ الصَّحِيحِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ إِلَّا الْأَذَانَ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَصَارَ إِذًا نَقْلُ هِشَامٍ الْأَذَانَ الْمَشْرُوعَ فِي الْمَنَارِ إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ بِدْعَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَشْرُوعِ.

    فَإِنْ قِيلَ: فَكَذَلِكَ أَذَانُ الزَّوْرَاءِ مُحْدَثٌ أَيْضًا، بَلْ هُوَ مُحْدَثٌ مِنْ أَصْلِهِ، غَيْرُ مَنْقُولٍ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَالَّذِي يُقَالُ هُنَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي أَذَانِ هِشَامٍ، بَلْ هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ.

    فَالْجَوَابُ: أَنَّ أَذَانَ الزَّوْرَاءِ وُضِعَ هُنَالِكَ عَلَى أَصْلِهِ مِنَ الْإِعْلَامِ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ، وَجَعَلَهُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُسْمَعَ إِذَا وُضِعَ بِالْمَسْجِدِ كَمَا كَانَ فِي زَمَانِ مَنْ قَبْلَهُ، فَصَارَتْ كَائِنَةً أُخْرَى لَمْ تَكُنْ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَاجْتَهَدَ لَهَا كَسَائِرِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَحِينَ كَانَ مَقْصُودَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ؛ فَهُوَ بَاقٍ كَمَا كَانَ، فَلَيْسَ وَضْعُهُ هُنَالِكَ بِمُنَافٍ، إِذْ لَمْ تُخْتَرَعْ فِيهِ أَقَاوِيلُ مُحْدَثَةٌ، وَلَا ثَبْتَ أَنَّ الْأَذَانَ بِالْمَنَارِ أَوْ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ تَعَبُّدٌ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، فَهُوَ الْمُلَائِمُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُنَاسِبِ؛ بِخِلَافِ نَقْلِهِ مِنَ الْمَنَارِ إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ بِذَلِكَ أَوَّلًا عَنْ أَصْلِهِ مِنَ الْإِعْلَامِ، إِذْ لَمْ يُشْرَعْ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ إِعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ إِلَّا بِالْإِقَامَةِ، وَأَذَانُ جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ مَوْقُوفٌ عَلَى مَحَلِّهِ، ثُمَّ أَذَانُهُمْ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ زِيَادَةٌ فِي الْكَيْفِيَّةِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَاضِحٌ، وَلَا اعْتِرَاضَ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.

    وقال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١/ ٥١٥: ٥١٦):
    ولابن خزيمة عن السائب: كان النداء الذي ذكره الله في القرآن يوم الجمعة إذا خرج الإمام وإذا قامت الصلاة، في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، حتى كان عثمان، فكثر الناس، فأمر بالنداء الثالث.

    وفي رواية له: كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر أذانين يوم الجمعة، حتى كان زمن عثمان فأمر بالنداء الأول بالزوراء.

    وفي رواية لعبد بن حميد في "تفسيره": في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعامة خلافة عثمان، فلما تباعدت المنازل وكثر الناس أمر بالنداء الثالث، فلم يعب ذلك عليه وعيب عليه إتمام الصلاة بمنى. الحديث.

    وفي "مصنف عبد الرزاق" عن ابن جريج: قال سلمان بن موسى: أول من زاد الأذان بالمدينة عثمان. فقال عطاء: كلا، إنما كان يدعو الناس دعاء ولا يؤذن غير أذان واحد.

    وفي "المصنف" عن الحسن: النداء الأول يوم الجمعة [هو] الذي يكون عند خروج الإمام، والذي قبلَ ذلك محدث، وكذا قاله ابن عمر. وفي رواية عنه: الأذان الأول يوم الجمعة بدعة.

    وعن الزهري: أول من أحدث الأذان الأول عثمان؛ ليؤذن أهل الأسواق.

    وفي لفظ: فأحدث عثمان التأذينة الثالثة على الزوراء؛ ليجتمع الناس.

    قلتُ [البنهاوي]: وما بين المعقوفتين زيادة مني ليستقيم بها المعنى، وهي ضمير فصل بين الخبر والصفة، فكلمة "الذي يكون" ليست صفة لكلمة "الأذان الأول"، بل هي خبرها، ولو كانت صفة لكانت كلمة" "محدث" خبرًا لكلمة "الذي يكون" وخبرًا للمعطوفة عليها "والذي قبل"، ولكان معناه أن الحسن يسوي بين أذان الزوراء والأذان بين يدي الإمام في الحكم وأن كلاهما بدعة شرعية، وهذا لم يؤثر عن أحد من السلف.

    فتكون كلمة "قبلَ ذلك" في كلام الحسن معناها: في المسجد قبيل خروج الإمام أو عند خروجه وقبل جلوسه على المنبر.

    قال ابن حجر في فتح الباري (١/ ٣٩٤):
    قَوْلُهُ: (زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ) فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَأَمَرَ عُثْمَانُ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ، وَنَحْوُهُ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَزِيدًا يُسَمَّى ثَالِثًا، وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جُعِلَ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يُسَمَّى أَوَّلًا، وَلَفْظُ رِوَايَةِ عَقِيلٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ أَنَّ التَّأْذِينَ بِالثَّانِي أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ وَتَسْمِيَتُهُ ثَانِيًا أَيْضًا مُتَوَجِّهٌ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَذَانِ الْحَقِيقِيِّ لَا الْإِقَامَةِ.

    قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوْرَاءِ) ....... وَجَزَمَ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّهُ حَجَرٌ كَبِيرٌ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ، وَفِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ : فَأَمَرَ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى دَارٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا الزَّوْرَاءُ، فَكَانَ يُؤَذَّنُ لَهُ عَلَيْهَا، فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ الْأَوَّلُ، فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ الصَّلَاةَ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَأَذَّنَ بِالزَّوْرَاءِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ حَضَرَتْ، وَنَحْوُهُ فِي مُرْسَلِ مَكْحُولٍ الْمُتَقَدِّمِ. اهـ باختصار.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •