فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
( المصباح المنير في غريب الشرح الكبير )
كتاب مهم جدا، ومعجم لطيف ينعت بأنه (أنيس الفقهاء) ألفه (الفيومي) في الأصل لبيان ما في شرح الإمام الرافعي على الوجيز للغزالي في الفقه الشافعي من الغريب.
ولكنه رجع فأعاد النظر فيه ورتبه على حروف الهجاء، وزاد فيه ما يحتاجه المتفقهون من اللغة، فصر كتابا نفيسا في بابه على صغر حجمه.
وقد اقتنيت هذا الكتاب منذ زمن طويل، وكان أنيسا وجليسا ومرجعا لي في كثير من الأمور.
وقد أردت أن ألتقط من فوائده ما يتعلق بالأصول اللغوية وما ينحو هذا النحو من النفائس التي لا يستغني عنها طالب علم.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء الصراط.
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
= الزيادة من الثقة مقبولة
قال في مادة (ث ن ي):
(( يقال أثنيت عليه خيرا وبخير وأثنيت عليه شرا وبشر لأنه بمعنى وصفته هكذا نص عليه جماعة منهم صاحب المحكم وكذلك صاحب البارع وعزاه إلى الخليل ومنهم محمد بن القوطية وهو الحبر الذي ليس في منقوله غمز والبحر الذي ليس في منقوده لمز وكأن الشاعر عناه بقوله إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام وقد قيل فيه هو العالم التحرير ذو الإتقان والتحرير والحجة لمن بعده والبرهان الذي يوقف عنده وتبعه على ذلك من عرف بالعدالة واشتهر بالضبط وصحة المقالة وهو السرقسطي وابن القطاع واقتصر جماعة على قولهم أثنيت عليه بخير ولم ينفوا غيره ومن هذا اجترأ بعضهم فقال لا يستعمل إلا في الحسن وفيه نظر لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفيه عما عداه والزيادة من الثقة مقبولة ولو كان الثناء لا يستعمل إلا في الخير كان قول القائل أثنيت على زيد كافيا في المدح وكان قوله وله الثناء الحسن لا يفيد إلا التأكيد والتأسيس أولى فكان في قوله الحسن احتراز عن غير الحسن فإنه يستعمل في النوعين كما قال والخير في يديك والشر ليس إليك. وفي الصحيحين (مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال عليه الصلاة والسلام وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال عليه الصلاة والسلام وجبت وسئل عن قوله وجبت فقال هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار) الحديث وقد نقل النوعان في واقعتين تراخت إحداهما عن الأخرى من العدل الضابط عن العدل الضابط عن العرب الفصحاء عن أفصح العرب فكان أوثق من نقل أهل اللغة فإنهم قد يكتفون بالنقل عن واحد ولا يعرف حاله فإنه قد يعرض له ما يخرجه عن حيز الاعتدال من دهش وسكر وغير ذلك فإذا عرف حاله لم يحتج بقوله ويرجع قول من زعم أنه لا يستعمل في الشر إلى النفي وكأنه قال لم يسمع فلا يقال، والإثبات أولى، ولله در من قال وإن الحق سلطان مطاع وما لخلافه أبدا سبيل، وقال بعض المتأخرين إنما استعمل في الشر في الحديث للازدواج وهذا كلام من لا يعرف اصطلاح أهل العلم بهذه اللفظة)).
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
= لا يتمسك بما خالف ما ضبطه الأئمة
قال في مادة (ع ش ر):
(( والعامة تذكر العشر على معنى أنه جمع الأيام فيقولون العشر الأول والعشر الأخير وهو خطأ فإنه تغيير المسموع ولأن اللفظ العربي تناقلته الألسن اللكن وتلاعبت به أفواه النبط فحرفوا بعضه وبدلوه فلا يتمسك بما خالف ما ضبطه الأئمة الثقات ونطق به الكتاب العزيز والسنة الصحيحة ))
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
= الحديبية، والمنسوب، والمصغر:
قال في مادة ( ح د ب ):
(( قال في المحكم فيها التثقيل والتخفيف ولم أر التثقيل لغيره، وأهل الحجاز يخففون قال الطرطوشي في قوله تعالى {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} هو صلح الحديبية قال وهي بالتخفيف وقال أحمد بن يحيى لا يجوز فيها غيره وهذا هو المنقول عن الشافعي وقال السهيلي التخفيف أعرف عند أهل العربية، قال وقال أبو جعفر النحاس: سألت كل من لقيت ممن أثق بعلمه من أهل العربية عن الحديبية فلم يختلفوا علي في أنها مخففة ونقل البكري التخفيف عن الأصمعي أيضا وأشار بعضهم إلى أن التثقيل لم يسمع من فصيح ووجهه أن التثقيل لا يكون إلا في المنسوب نحو الإسكندرية فإنها منسوبة إلى الإسكندر، وأما الحديبية فلا يعقل فيها النسبة، وياء النسب في غير منسوب قليل، ومع قلته فموقوف على السماع، والقياس أن يكون أصلها حدباة بألف الإلحاق ببنات الأربعة فلما صغرت انقلبت الألف ياء وقيل حديبية ويشهد لصحة هذا قولهم لييلية بالتصغير ولم يرد لها مكبر فقدره الأئمة ليلاة؛ لأن المصغر فرع المكبر ويمتنع وجود فرع بدون أصله فقدر أصله ليجري على سنن الباب، ومثله مما سمع مصغرا دون مكبره قالوا في تصغير غلمة وصبية أغيلمة وأصيبية فقدروا أصله أغلمة وأصبية ولم ينطقوا به لما ذكرت فافهمه فلا محيد عنه وقد تكلمت العرب بأسماء مصغرة ولم يتكلموا بمكبرها ونقل الزجاجي عن ابن قتيبة أنها أربعون اسما ))
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
جزاك الله خيراً
وقد اقتنيت الكتاب قديماً واستفدت منه فوائد عظيمة.. نفع الله بكم
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
بارك اللهُ فيكم شيخنا المبارك ..
ولو زدتَ في بيان مكانة الكتاب ، والتعريف به ؛ فالمستقرئ لك يعلم مكانةَ الكتاب لديكم ؛ فمقاييس ابن فارس ، ومصباح الفيومي ؛ كفرسي رهان لأبي مالك .
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
على قلة اطلاعي
فإن أعظم ما وقفت عليه على الإطلاق "معجم المقاييس" لابن فارس، والله أعلم.
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف بن محمد
على قلة اطلاعي
فإن أعظم ما وقفت عليه على الإطلاق "معجم المقاييس" لابن فارس، والله أعلم.
وفقك الله، إن كنت تقصد في علم الاشتقاق فهذا صحيح لا نزاع فيه.
وإن كنت تقصد في المعجمات عموما فهذا غير صحيح، ولا أظنك تقصده.
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
ظنكم صحيح كالعادة، أقصد الاشتقاق، أما في المعجمات عموما فكيف يكون أعظمها على الإطلاق ؟!
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
وفقك الله يا شيخنا الفاضل، هذا ظاهر الكلام، وأنا ظاهري في هذا (ابتسامة).
لا سيما ولم يسبق لعلم الاشتقاق ذكر، فتأمل!
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
صحيح، وأنا من شدة ولوعي بمعجم ابن فارس - وقد ذكره الأخ الفاضل مهند م6 -، أطلقت العبارة، وأنت شيخنا لو استفصلت مني، لقلت لكم أعني أنه الأعظم على الإطلاق من جهة الاشتقاق ..
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
قال في مادة (ن ص ي):
(الأمور النقلية إنما تثبت بالسماع لا بالاستدلال).
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
ومن هذا الباب أيضا قوله في مادة ( د ر ك ) :
(( فالوجه الأخذ بالأصول القياسية حتى يصح سماع وقد قالوا الخارج عن القياس لا يقاس عليه لأنه غير مؤصل في بابه ))
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
وقال في ( ك ذ ب ):
(( ومن هنا يقال عند احتمال الكذب "ليس الأمر كذلك" ونحوه، فإنه يحتمل أنه تعمد الكذب أو غلط أو لبس فأخرج الباطل في صورة الحق، ولهذا يقول الفقهاء: "لا نسلم" ولكنهم يشيرون إلى المطالبة بالدليل تارة، وإلى الخطإ في النقل تارة، وإلى التوقف تارة، فإذا أغلظوا في الرد قالوا "ليس كذلك" و"ليس بصحيح" )).
قلت: رحم الله هذا الإغلاظ ! فكيف لو رؤي الإغلاظ في زماننا؟
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
وقال في (و س ط ):
(( ولا عبرة بما فشا على ألسنة العوام مخالفا لما نقله أئمة اللغة؛ فقد قال أبو سليمان الخطابي وجماعة: إن لفظ الحديث تناقلته أيدي العجم حتى فشا فيه اللحن، وتلعبت به الألسن اللكن، حتى حرفوا بعضه عن مواضعه، وما هذه سبيله فلا يحتج بألفاظه المخالفة؛ لأن المحدثين لم ينقلوا الحديث لضبط ألفاظه حتى يحتج بها، بل لمعانيه، ولهذا أجازوا نقل الحديث بالمعنى، ولهذا قد تختلف ألفاظ الحديث الواحد اختلافا كثيرا )).
قلت: هذا المنهج مخالف لمنهج الفيومي في الاحتجاج بالحديث كما سبق.
ومسألة الاحتجاج بالحديث النبوي قد قتلت بحثا، وصنفت فيها المصنفات المفردة.
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
ويضاف لما سبق في قبول زيادة الثقة:
- ما قاله في مادة ( ح ت ف ): (( ونقل العدل مقبول ))
- وما قاله في ( ر ك ض ): (( ولا وجه للمنع بعد نقل العدل ))
- وما قاله في ( ش ب ب ): (( لثبوت النقل به والإثبات مقدم على النفي ))
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
وقال في مادة ( ق ص د ) :
(( فدل كلامهم على أن جمع المصدر موقوف على السماع، فإن سمع الجمع عللوا باختلاف الأنواع، وإن لم يسمع عللوا بأنه مصدر، أي باق على مصدريته )).
قلت: هذه فائدة عظيمة جدا لم ينتبه لها كثير من المعاصرين، فإنهم يحتجون بما يذكره بعض أهل العلم من الاعتلال على أن هذا الأمر أو ذاك مقيس عندهم.
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
وقال في ( و د ع ):
(( فقد رويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونقلت من طريق القراء، فكيف يكون إماتة، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذه سبيله فيجوز القول بقلة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة )).
قلت: الإماتة المقصودة في كلام أهل العلم هي (ترك الاستعمال) ومعلوم أن (ترك الاستعمال) من بعض العرب لا ينافي استعماله بقلة عند غيرهم، وكذلك فترك الاستعمال في وقت من الأوقات لا ينافي وجود هذا الاستعمال قبل ذلك الوقت، فيبدو أن الفيومي لم يتبين مقصدهم بكلمة (الإماتة)
والله أعلم.
رد: فوائد ونفائس في أصول اللغة ... من المصباح المنير للفيومي
بارك اللهُ فيك أبا مالك ..
بانتظار الفوائد الأخرى !