مأْلـُكة مُحب / الباحث: عدنان أبوشعر
أيها المجبول بالأحاسيس الإنسانية، يا من سبقتـُك إلى الوجود بأربع، وتجاوزْتَني بإدراكك وعلمك وفهمك مئات السنين.
(منذر)، هكذا أراد والدنا سعيد أن يكون اسمك.. و(مظلوم) اسم آثرتَ نفسك به وأنت في سن البراعم.
وتكرُّ الأيام غنيّة بمدرسة والدنا وحنان أمنا زينب، ويكبر منذر متدثراً بعباءة الصمت، مبتعداً عن ألق الأضواء، مختفياً في المكتبة الظاهريّة، ملتهماًً ذخائرها، سابحاً في ملكوت عطاءاتها؛ حتى صارت الظاهرية عنوانه، وأسفارها الصفراء خلاّنه. وبات يختلف إلى بيوتات أهل العلم فغدا وكأنه قطعةٌ من نسيج علم الشيخ عبد القادر الأرناؤوط عالم الشام في علم الحديث، وركنٌ من أركان مدرسة الدكتور الجبل أبي هاشم عز الدين البدوي النجار، ومشعلٌ من مشاعل علم الأستاذ راتب النفـّاخ، وأحد أبناء الأستاذ حسين أسد، وأليف المؤرخ محمد محمد شُرّاب والأستاذ زهير شاويش؛ عينُ الصّقر كما أسماه ذات مرّة.
وتغيب شمس سعيد، ويأكلك الحزن، ويعتصرك الأسى لأن عينيه لم تكتحل بولادة أعمال أنفقت عشرين من زهرات شبابك في صياغة ذهب حروفها.
حبيبي
لم تكن مظلوماً، ولا سبيل لظلم أن ينالك بعد الآن.
تعال إلينا فأنت شمس عائلتنا بعد سعيد، وأكاد أجزم أن روحه قد هبّت من تحت أطباق رمسه لتسعدَ بجهدك في تقديم العربية بلبوس قريب حين ابتدأتَ بكتابك (الغزالي والسنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث)(1) واضعاً طرائق ردّ الأخبار أو قبولها بشكل علمي، ثم حلـّقَتْ معك في آفاق اللغة وطرائق تطويع الكلام بطريقة شاعرية وهي تحتضن كتابك (معجم محمود محمد شاكر)(2)، لتمخر عُباب بحرك الموسوم(عيون الأخبار)(3) فيكتمل المشهد مصاغاً واقعاً ملموساً.(4)
تعال إلى أمك وإخوتك: هند وأميمة وخولة وهدى وعدنان ومأمون وياسر وأسامة و إيمان وهبة؛ أحد عشر قلباً محضتك الحب لتكللّ رأسك بالغار.
عدنان أبوشعر
الهوامش:
1- طبعته دار البشائر سنة 2003 م، ونشره المكتب الإسلامي سنة 2009 م بزيادات.
2- طبعته دار البشائر سنة 2003 م، وأعاد طباعته بزيادات كثيرة هامة المكتب الإسلامي سنة 2007 م.
3- طبعه المكتب الإسلامي سنة 2007 م، وقلت لي: إن في الكتاب أوهاماً كثيرة وأخطاء مردها تصحيف النظر وسوء قراءة لبعض النصوص ستُدارك في الطبعات التالية إن شاء الله.
4- ابتدأ أخي الأديب منذر أبوشعر بالكتابة إلى الأطفال، فنشر (قصر النبيل عصمت/ رحلة الغرائب والعجائب) في مجلة سمير العدد 2002- 2008، سنة 1994 م. ثم (سيد العالم) مجلة سمير العدد 2045- 2055، سنة 1995م، وتتحدث كلتاهما عن آفاق العلم، والفرق بين أن يكون العلم أنانياً أو شاملاً لخير المجموع.
ثم نشر (جزيرة الوحش الكاسر) في مجلة سمير العدد 2081- 2089، سنة 1996م، مشيراً إلى خطر التعصب المذهبي، داعياً إلى التسامح والخير والأمل.
ثم نشر(زائرون من كوكب أكسوفان) في مجلة سمير العدد 2095 -2103، سنة 1996م. وهي عن محبة الآخرين من خلال فكرة الصحون الطائرة وعوالم الفضاء غير المحدودة.
ثم نشر (مذكرات لميس) في مجلة خالد العدد 4، سنة 1997م. وتتحدث عن كيفيّة التعامل مع غيرة الأطفال.
ثم نشر قصة (توبة) في مجلة علاء الدين العدد 183، سنة 1997م. وهي دعوة إلى صدق الحديث.
ونشر (أبجديات المعرفة) في مجلة خالد، العدد 3 – 6، سنة 1997-1998م. وهي نقاط موجزة في فضاءات المعرفة الإنسانية.
وله أعمال أخرى في القصة القصيرة لم تسعفني الذاكرة في استحضار طبعاتها: (ضحكة الموت)، و(شبح الثمار) و(قصة حصان اسمه هلهل).. وغيرها.