هل أخطأ مؤدب الرشيد في الجواب ؟

روى الخطيب البغدادي في تاريخه (13/345) :
عَن سلمة ، قَالَ : كان عند المهدي مؤدب يؤدب الرشيد ، فدعاه يوما المهدي ، وهو يستاك ، فقال : كيف تأمر من السواك ؟
فقال : استك يا أمير المؤمنين .
فقال المهدي : إنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم قَالَ : التمسوا لنا من هو أفهم من ذا.
فقالوا : رجل ، يقال له : علي بْن حمزة الكسائي ، من أهل الكوفة، قدم من البادية قريبا ، فكتب بإزعاجه من الكوفة، فساعة دخل عليه ، قَالَ : يا علي بْن حمزة .
قَالَ لبيك يا أمير المؤمنين .
قَالَ : كيف تأمر من السواك؟
قَالَ : سُك ، يا أمير المؤمنين .
قَالَ : أحسنت ، وأصبت .
وأمر له بعشرة آلاف درهم " .

بارك الله فيك يا شيخ ضيدان على هذه الفائدة.

الأصل في تحري الألفاظ قول الله تعالى موجهًا ومؤدبًا أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلّم: "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم". ذلك أن الصحابة كانوا يقولون "راعنا" أي ارعنا سمعك وانتبه لما نقول.
فلما سمعتها يهود فرحت بها لأن "راعنا" بلغتهم تعني "اسمع لاسمعت!"، أو هي من الرعونة، فكانوا يقولون كنا نسبه سرًّا فالآن نسبه علنًا. فيأتون النبي صلّى الله عليه وسلّم ويقولون له "راعنا" ويضحكون فيما بينهم عند ذلك.فأمر الله بتبديل اللفظ لكي لا تتذرع به يهود.
وقد قيل للعباس رضي الله عنه : "أنت أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلم" فقال: "هو أكبر وأنا ولدت قبله".

والظاهر -يا شيخ ضيدان- أن الحصول على الوظيفة كان يتقدمه امتحان شفوي! (ابتسامة)
لم ينجح هذا المؤدب في الامتحان لأنه اشتق فعل الأمر من "استاك"، فقبح مواجهة الخليفة به، ونجح شيخ العربية في زمانه لأنه اشتقه-على البداهة- من "ساك يسوك".
والله تعالى أعلم.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو بكر العروي

لم ينجح هذا المؤدب في الامتحان لأنه اشتق فعل الأمر من "استاك"، فقبح مواجهة الخليفة به، ونجح شيخ العربية في زمانه لأنه اشتقه-على البداهة- من "ساك يسوك".
والله تعالى أعلم.

---

أحسنت ، بارك الله فيك ونفع بعلمك .

بارك الله فيكم
1-ما الصحيح عربية في الأمر بالاستياك: استك أم سك؟وما ضبط السين على الثاني؟
2-ما وجه ترك التأدب في خطاب الأميربـ(استك)؟

وفيك بارك الله أخي الفاضل.
يجيبك الشيخ ضيدان إن شاء الله.

واضح أن كلا الجوابين صحيح - كما ذكر أخي الفاضل أبو بكر العروي - ، فالكسائي جاء بالأمر من " ساك " مثل " قال " وكان موفقًا إذ صادف ما كان يريده الأمير من استعمال محاسن اللفظ ، ومؤدب الرشيد لم يخطىء ، ولكنه لم يوفق إذ جاء بالأمر من " استاك " فثقل على سمع المهدي " استك " لما له من معنى آخر جعله يستهجن اللفظ ولم بعد يحتمل فيه مراجعة ، فالرجل أجاب وأحسن ؛ لأن الأمر من " استاك " : " استك " .
أما ضبط السين على الثاني فهو بالضم "سُك " .
والله أعلم .