يا عيدُ عُدتَّ وقد عاثت أعادِينا*****في روضِ أفئدةٍ كانت تُصافِينا
فقلتُ ما قاله مَن قال محزُونا*****((أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيبِ لقيانا تجافينا))قد كان جمَّعَنا وُدٌّ وفَرَّحَنَا*****د راً فحَلَّ بنا خَطْبٌ وقَرَّحَنَا
فانقضَّ حاسدُنا غدراً وجَرَّحَنَا*****((ألا وقد حان صبحُ البَينِ صبَّحَنَا
حَينٌ فقام بنا للحَينِ ناعينا))ما زالَ حبُّهُمُ بعدَ ارتحالِهِمُ*****ف القلبِ مسكنُهُ لو طالَ بُعدُهُمُ
يا ليت شعري وقد شدوا رحالَهُمُ*****((من مبلِغُ الملبسينا بانتزاحهُمُ
حُزناً مع الدَّهرِ لا يَبلى ويُبلينا))
لسنا نعاتبُ مهما نانبنا الزَّمَنَا*****ول نقولُ وإن حلَّ البلاءُ بنا
كما يقولُ محبٌّ في الهوى سُجِنَا*****((أنَّ الزَّمَانَ الذي ما زال يضحِكُنَا
أنساً بقربهمُ قد عاد يبكينا))
واحسرتاه عليهم ما دَرَوا وَوَعَوا*****وفار وا روضةً فيها الودادَ رَعَوا
فما الذي يبتغي من في الجفاء سعَوا*****((غِيظَ العِدا مِن تَسَاقِينَا الهوى فَدَعَوا
بأنْ نَغَصَّ فقالَ الدَّهرُ آمِينَا))
كانت تزينُ بلقياكُمْ مجالسُنَا*****وفي فنونِ الهوَى يحلُو تدارُسُنَا
وكم تُعُجِّبَ دَهراً مِن تجانُسِنَا*****((فانحلَّ مَا كان مَعقُوداً بأنفسِنَا
وانبَتَّ ما كان موصولاً بأيدينا))بالأمسِ كان صفاءُ الوَصلِ يُغرِقُنَا*****في بحرِهِ وبحسنِ القولِ يصدُقُنَا
وما نرى في الهوى هماً يؤرِّقُنا*****((وقد نكونُ وما يُخشَى تفرُّقُنَا
فاليومَ نحنُ وما يُرجَى تلاقينَا))
يا هاجرِيَّ ألا رِفقاً بصاحِبِكُمْ*****م كنتُ أحسبني يوماً مفارِقَكُمْ
وما أنا منكرٌ لؤماً أيادِيَكُمْ*****((يا ليت شعري ولم نعتب أعادِيَكُمْ
هل نال حظاً من العتبى أعادِينَا))
لم نتَّخِذْ مِنزلاً مُذْ ناءَ منزلُكُمْ*****وما رأينا خليلاً ثَمَّ يعدِلُكُمْ
لِذا نقولُ - وما نرضى تحوُّلَكُمْ-:*****((لم نعتقدْ بعدكم إلا الوَفَاءَ لَكُمْ
رأياً ولم نتقلَّدْ غيرَهُ دِينا))
بالله لا تقتلوا ذا القلبَ من كَمَدٍ*****أو تسلبوا منه عيشَ الوصلِ في رَغدٍ
فوالذي خلقَ الإنسانَ في كَبَدٍ*****((ما حقنا أن تقروا عين ذي حسدٍ
بنا ولا أن تسروا كاشحاً فينا))
نعم الوصالُ وصالٌ لا يناقِضُهُ*****قطع ، وما في الورى شيءٌ يعارضُهُ
وما يقول ذوو الأحقادِ نرفضُهُ*****((كُنَّا نُرَى اليأسَ تُسلينا عوارضُهُ
وقد يئسنا فما لليأسِ يغرينا))
بِنْتم فما صُرِفَت عنكم مدائحُنَا*****ولن تقصِّرَ ما عشنا نصائحُنا
وكم سينشدُ وقتَ البينِ صادحُنا*****((بِنْتُمْ وَبِنَّا فما ابتلت جوانحُنا
شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا))ما كيدُ حاسدِنا واللهِ ضائرُنا*****وفي ظواهرِنَا تبدو سرائرُنا
وإنَّنا حينما تصفو مشاعرُنا*****((نكادُ حين تناجيكُمْ ضمائرُنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا))حلَّت بقلبِ محبٍّ حُرقةٌ وبَدَتْ*****في وجهِ مَن نفسُهُ للهاجرين فَدَتْ
وفي قصائدنا الأحزانُ قد نُشِدَتْ*****((حالت لفقدكُمُ أيامُنا فغَدَتْ
سُوداً وكانت بكم بِيضاً لَيَالينا))
وما نَسِينَا زَمَاناً من تعكُّفِنا*****في حبِّكُمْ ورحيقاً من ترَشُّفِنَا
فهل ذَكَرتُمْ عُهُوداً مِنْ تزلُّفِنا*****((إذ جَانبُ العيشِ طَلقٌ من تألُّفِنا
ومَربَعُ اللَّهوِ صافٍ من تصافينا))
تغدو المودَّةُ بالتذكارِ باقيةً*****فَهَلْ ذكرتُمْ طيورَ الحبِّ شَادِيةً
في روضِنا ومغانيْ الودِّ زَاهِيةً*****((وإذ هَصَرنَا فنونَ الوصلِ دَانيةً
قطافُها فجنينا منه ما شِينَا))إن كان يرضيكُمُ دينُ النَّوَى حَكَمَا*****فما نَرى لجراحٍ منكُمُ ألَمَا
لكنْ نقولُ وقد أضنى الهَوَى سَقَمَا*****((لِيُسْقَ عَهدُكُمُ عهدُ السُّرُورِ فَمَا
كنتُمْ لأرواحِنَا إلا رياحينا))لولا الملامَةُ أو واشٍ يُعَيِّرُنَا***** كان غيرُكُمُ خِلاً يُصَيِّرُنَا
لكنْ لنا في الهوى عَهْدٌ يُسَيِّرُنَا*****((لا تحسبوا نأيَكُمْ عنَّا يغيِّرُنَا
أنْ طالما غيَّرَ النَّأيُ المحبينا))
لا تجعلوا للنَّوَى حَدّاً ولا أجَلاً*****فسوفَ نَضربُ في حُسْنِ الوَفَا مثَلاً
وإنْ أتانا الهوَى مِن باعِثٍ أمَلاً*****((واللهِ مَا طَلَبَتْ أهوَاؤُنَا بَدَلاً
منكُمْ ولا انصَرَفَت عنكُمْ أمَانِينا))
نأى وما ناءَ في يومٍ بطالِبِهِ*****يا ليتنا قد سرينا في ركائِبِهِ
وليتنا ما حُرِمْنَا مِن سَحَائِبِهِ*****((يا ساريَ البَرقِ غادِ القَصرَ واسقِ بِهِ
مَن كان صِرفَ الهوَى والودّ يسقِينا))إنَّا بعثنا الهوى عيناً يخبِّرُنَا*****وق صبرنا وما يغني تصبُّرُنَا
فارحلْ إليه فقد أضنى تفكُّرُنا*****((واسألْ هنالك هل عنَّى تذكُّرُنا
إلفاً تذكُّرُهُ أمسى يُعَنِّينا))إنَّ الوفاءَ لهُمْ أضحى سَجِيَّتَنَا***** يا زهورَ الوفا كوني هديَّتَنا
لمن سرى وأبَى –زُهداً- معِيَّتَنَا*****((ويا نسيمَ الصَّبا بلِّغْ تحيَّتَنَا
من لو على البُعدِ حَيَّا كان يُحيِينا))
خذوا سلامي بأصفى الحبِّ يبلُغُكُمْ*****وذ فؤادي بكلِّ الخيرِ يذكُرُكُمْ
وقد نقولُ إذا ما الشِّعرُ طابَ لكُمْ*****((إنْ كان قد عزَّ في الدُّنيا اللِّقاءُ بكُمْ
في موقِفِ الحَشرِ نلقاكُم ويكفينا))
بقلم الشاعر أحمد بن عباس المساح المعمري
في يوم الثلاثاء 2/2/1425هـ