حال النمرين عند فقدان القدوة

بسم الله،

منذ سنوات شاهدت فيلما وثائقيا عن نمرين صغيرين وُلِدا في حديقة للحيوانات أو ماتت أمهم في البراري فحملا إلى الحديقة، لا أذكر بالضبط.

لكن أراد مدير البرنامج أن يستوحشهما من جديد، فعمل برنامجا لإعادة تكييفهم مع حياة البراري و المكان الذي اختير لهذا الغرض كانت قارة إفريقيا و ليس قارة آسيا.

و قد استفدت من مشاهدة الشريط الوثائقي عبرا كثيرة.

في البداية أراد أن يعلمهما الصيد، فكان يتركهما جائعين بين الدجاج و انتهى بهم الأمر أن هجما على الدجاج بعد تردد كبير.

و بعدها أراد أن يرتقي بهما، فاختار لهما النعامة كصيد، لكن المدهش في الأمر أن النمرين أصابهما الرعب منها. فرفضا الهجوم، ثم بدأ يجرهما بالسلاسل تجاه النعامات و كانا يبديان مقاومة شديدة من شدة الخوف، الأمر مدهش، نمر ترتعد فرائسه من نعامة.

فأراد أن يكسر لديهما حاجز الخوف، فألقى إليهما فخذ نعامة ميتة و بعد تردد أكلا منها. في النهاية زال الخوف من النعامة بعد أن فهما أنها تؤكل.

بعدها أحضر مجموعة من الغزلان في مساحة كبيرة نوعا ما، و ترك النمرين بينها للقيام بعملية الصيد، و كم كانت خيبة أمله كبيرة حينما اتضح أن النمرين قتلا عددا هائلا من الغزلان لغير ضرورة، فالنمر يقتل عادة فريسة واحدة و يكتفي بها، بل على العكس اتضح أن قتلهم لفرائسهم كان من باب المتعة و اللعب.

لا أتذكر بالضبط كيف تغلب على هذا السلوك ـ لأن الشريط مرت عليه سنوات ـ لكن في النهاية ضبط حالهم و وضع في عنقهم ربطة مع مرسل لاسلكي و تركهما في البراري، و لا أدري هل عاشا أم لا.

لكن أعجبني تعليقه على سلوكهم الغريب حينما قال: الأصل أن النمر يتعلم سلوك الصيد من أمه!

و بسبب فقدانهم لأمهم ضاع منهم هذا السلوك. انتهى.

قلت في نفسي: ما أشبه سلوك البشر بالحيوانات.

النمر حينما فقد القدوة أصبح يخاف من النعامة و إذا استعمل قوته خرّب..

بارك الله فيكم و أحسنتم.

اقتباس:

---

النمر حينما فقد القدوة أصبح يخاف من النعامة و إذا استعمل قوته خرّب..

---

اقتباس:

---

الأصل أن النمر يتعلم سلوك الصيد من أمه!

---

و فيك بارك أختي الكريمة ،،

ممتاز , نفع الله بك أخي الموفق بإذن الله .
هل نقول أن الشجاعة و الإقدام تكتسب ؟!

بارك الله فيكم موضوع متميز أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

لهذا فالشرع مبني على أخذ اللاحق العلم من السابق. حتى نصل إلى القدوة والأسوة الحسنة نبي الله صلى الله عليه وسلم : فالمناسك في الحج أمرنا أن نأخذها عنه، والصلاة كما رأوه يصلي والأخلاق كان قرآنا يمشي على الأرض...وهكذا قدوة عملية، وإلا فسد التفسير النظري لكل آية وحديث.

لهذا نقول : بفهم السلف الصالح، ونتحدث عن عمل السلف الصالح، وقدوة السلف الصالح...الخ

اقتباس:

---

هل نقول أن الشجاعة و الإقدام تكتسب ؟!

---

بالتاكيد جزء كبير منها كسبي والشجاعة ليست عدم الشعور بالخوف ، بل هي القدرة على مقاومة الخوف والتصرف بأسلوب صحيح في المواقف.
وهذا يكتسب من المجتمع ككل ، ومن الأسرة ، ويكتسب من القدوة الحية مثل العلماء الأحياء أو قدوة تاريخية مثل القراءة في السير.
والله تعالى أعلم

يعني أن النمر يكتسب ( وحشيَّته ) من أمِّهِ؟
و أن سلوكات هؤلاء و هؤلاء تتشابه؟
:) :)

بارك الله فيكم جميعا على حسن التجاوب و التعليق ،،

سبحان الله، يا لفرحتي، لقد وجدت مقتطفات من الشريط..

رون وَ جولي هما أخ و أخت و قد أخذ تقريبا من المدرب ثلاث سنوات لتعلميهم الصيد.

في المقطع الأول قال المعلق و هو المدرب: بعد أن تذوقا لحم النعامة حصلت لهم الشجاعة على صيدها، أو كما قال.

في المقطع الثاني قال: بقي على النمرين أن يتعلما الكثير عن الفرق بين حديقة الحيوانات و حياة البراري الحقيقية و أنا أتعلم معهما أيضا. الجواميس بإمكانها أن تقتل النمر، إذا أصابته بنطحة في مقتل!

تذكرت مثلا شعبي عندنا في الجزائر "لضحك مع والديه أ بكى" بمعنى أن والديه ذللوه فلم يعودوه على الحياة القاسية خارج البيت.

من الطرائف أن النمرين أصابهما الغرور حتى ظنا نفسيهما يقدران على الجواميس، لكن الجواميس لقنتهم درسا.
عندما وجدا الحمار الوحشي الميت، لم يجرؤا على أكله.. لأنهما مازال يخشيان ما يكبرهما حجما.

في المقطع الثالث: ذكر المهمة الصعبة المسندة إليه، وهي لعب دور الأم، فالنمران بلغا سنتين و نصف و لما يتعلما قتل الفريسة، فالتحدي صعب، لكن كما قال المدرب: أنا أؤمن بقدراتهما، و أظنهما سينجحان في المهمة.

و نرى أيضا كيف هجما على هذا القنفذ الكبير، في الجزائر نسميه بـ "الدربان" لا أدري ما تسميته بالعربية الفصحى، على كل، لم يفهما أن أشواكه تنطلق مثل السهام.

بالنسبة للطباع فمنها ما هو جبلي (طبيعي) و منها ما هو مكتسب. و قد قيل قديما: غلب الطبع على التطبع.

على كل حال، لكل إنسان طباع معينة، لكنها تحتاج إلى صقل، و هنا يأتي دور التربية.

لكن الإيمان بالله يكسب صاحبه الشجاعة، و تفسيره بسيط، إذا علمت أن وراءك من يدفع عنك الأذى و ينتقم ممن يعتدي عليك و يحميك من كل أحد إذا لجأت إليه، حينها ستجرؤ على مواجهة كل أحد ما دمت تعتقد أن ذاك القوي من ورائك، و المؤمن يعلم أن القوي العزيز من ورائه..