بسم الله الرحمن الرحيمقال الشاعر:
يا للرجالِ لحادثِ الأزمانِ * ولنسوةٍ من آلِ ابِي سفيانِ
يريد (من آلِ أبي)
وقول الآخر:
أبوهم أبي والأمهاتُ امَّهاتُنا * فأنعمْ ومتعني بقيس بن جحدرِ
يريد (الأمهاتُ أُمَّهاتُنا)
وقول أبي زبيد الطائي:
وأيقنَ اكْدَرُ إذ صاروا ثمانيَةً * أنْ قد تفردَ أهلُ البيتِ بالثمنِ
يريد (أكدر) على وزن أحمر، وهو هنا اسم كلبٍ
وقال آخر:
قلتُ لشيطاني وشيطاناتيوقول الآخر:لا تقربوني وانا في الصلاةِ
*هويّ جندِ ابْليسٍ المرِّيدِ*
يريد (جند إبليس)
وقد ذكر هذه الشواهد وغيرَها ابنُ عصفور في (ضرائر الشعر)، ثم ذكر أن هذا الحذف واقع في النثر أيضًا، بل جاء نظيره في التنزيل العزيز، وعليه قراءة ابن كثير: فففإنها لحدى الكبرققق بحذف الهمزة من (إحدى)، ولو كان فيها نقل، لكسر اللام، فكان يقول: (لِحدى).
وقد عقد ابنُ جنِّي في خصائصه بابًا في حذف الهمزة، وذكر أنّ ذلك الضرب كثير، ومن أشهر مثله في المنثور قولهم: (ويلُمِّه)، إذ كان أصله (ويلٌ لأمِّه)، فحذف التنوين، ثم حذفت إحدى اللامين على خلاف في ذلك، ثم حذفتِ الهمزة حذفًا على غير قياس.
=====================
وبعد
فقد دار نقاش بين إخواننا الأفاضل في هذا المنتدى حول قول الناظم-رحمه الله-:
إذ هو من كلِّ الأوامر أعظم ** وهو نوعان أيا من يفهم
أيقرأ (الأوامرْ أعظم) أم (الأوامرَ اعْظمُ)!
فقال بعضٌ: إنّ التسكين أخفُّ من النقل في هذا، بل إنّ هذا النقلَ غير جائزٍ، لأن القاعدة في النقل أن يكون إلى ساكنٍ لا إلى متحرك.
ومثل هذا يقال في قوله:
*والبحر تلقى فيه سبعة ابْحرِ*
وقولِ الحريريّ:
*واجلده في الخمر اربعين جلده*
ومما سبق يتبين أنّ لنا في البيت الأول وجهين:
(الأوامرْ أعظمُ) على الإسكان، أو (الأوامرِ اعْظمُ) على الحذف دون نقل.
وكذلك الشأن في البيتيت الآخرين، يقرآن: (سبعةُ ابْحرِ) و(الخمرِ ارْبعينَ) بالحذف في كليهما.
والله أعلم.