سلسلة التعريف بالخزانات الخاصة بالمغرب: مكتبة محمد بن عزوز حكيم
مكتبة محمد بن عزوز حكيم بمدينة تطوان:
محمد ابن عزوز من مواليد 1924 بتطوان، وهو كبير مؤرخي المغرب، عمل مترجما رسميا للملكين الراحلين محمد الخامس ونجله الحسن الثاني، وصدر له أخيرا كتاب: أطلس مأساة الأندلس من سنة 1483 إلى سنة 1609 بمناسبة مرور 400 سنة على طرد آخر فوج من المسلمين الأندلسيين على غلافه صورة ملك غرناطة على رقبته سلسلة الإذلال.
بمناسبة توشيح المؤرخ المغربي (محمد ابن عزوز حكيم) بوسام الكفاءة الفكرية من قبل جلالة الملك محمد السادس، نظمت أخيرا جمعية تطاون أسمير ونادي الاتحاد حفلا تكريميا له ببيت الأمة منزل زعيم الوحدة عبد الخالق الطريس بزنقة القائد أحمد بتطوان. وقد تقدم بكلمات وشهادات تعرف به كمؤرخ وكاتب، مجموعة من أصدقاء وأحباب ورفقاء درب المحتفى به، ومنهم، الأساتذة ؛عبد السلام الشعشوع الرئيس المنتدب لجمعية تطاون أسمير ومصطفى عديلة رئيس شعبة الأدب الاسباني بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان وعلي الريسوني من شفشاون وعبد الإله نور من العرائش وحورية الخمليشي والكاتب المسرحي رضوان احدادو الذي عنون مداخلته الشاعرية الكثيفة ب" محمد ابن عزوز حكيم: سؤال الذات..وسؤال التتويج" وغيرهم، كما أبرزوا إسهاماته الغزيرة التي شرف بها المغرب والمغاربة من خلال دفاعه عن القضية الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية، إضافة إلى الحديث بكثافة عن نشر أبحاث ومؤلفات تاريخية متميزة. وقد اشتهر المحتفى به بكتاباته باللغة الاسبانية ، فكان أول كاتب مغربي ينشر كتابا باللغة الاسبانية بعنوان " رحلة في أندلسيا" وهو في سن الثامنة عشرة من عمره، كما
نشر أزيد من 190 كتاب باللغة الإسبانية، وذلك لاقتناعه بوجود علاقة وثيقة بين الثقافتين المغربية والإسبانية، وأصدر 65 كتابا آخر باللغة العربية. وللمؤرخ ابن عزوز حكيم كذلك أزيد من 35 مقالا نشره في العديد من الجرائد والمجلات والدوريات، كما تمكن بمجهوداته من تكوين أرشيف قديم حافظ واشتغل عليه من ناحية الترتيب والتوظيف وحتى الاستخدام بعيدا عن الانتهازية والذاتية كما تمت الاشارة من خلال الكلمات الواردة في هذا الحفل التكريمي الخاص به. وكان هذا الحفل التكريمي قد استهل بقراءة رسالتين توصلت بهما الجمعية المنظمة لهذا الحفل التكريمي، الأولى لمؤرخ إسباني صديق للمحتفى به ومن أكبر المدافعين عن قضية مغربية الصحراء،قرأها الأستاذ عبد السلام الشعشوع، وأخرى للكاتب والصحافي والدبلوماسي ووزير الإعلام السابق محمد العربي المساري، الذي اعتذر عن الحضور لالتزامه بنشاط ثقافي بالرباط، قرأها الأستاذ عبد العزيز السعود مسير هذا اللقاء، أبرز من خلالها الأعمال الغزيرة للمحتفى به ومساهمته في إبراز شمال المغرب في النضال الوطني واعتزازه بتوشيح ابن عزوز حكيم بوسام الكفاءة الفكرية من قبل جلالة الملك محمد السادس بوصفه كاتبا
ومؤرخا ساهم بشكل كبير في " تجلية الهوية المغربية والمركز المرموق لبلادنا في جوقة الأمم". ويجدر بالذكر أنه سبق للجمعية المغربية للصحافة أن قامت في مؤتمرها 24 الذي نظمته خلال الشهر الماضي بتطوان ومكناس تحت شعار " الوضع المتقدم للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي" بتكريم الأستاذ محمد ابن عزوز حكيم الذي يهتم تأريخا بالمنطقة الشمالية وبالعلاقات المغربية الاسبانية
دعا كبير المؤرخين المغاربة محمد ابن عزوز حكيم إلى إعادة كتابة تاريخ المغرب، وأعلن لأول مرة أنه حصل على حقائق تاريخية طال البحث عنها أزيد من 50 سنة تتعلق بالمأساة الأندلسية.
وأخبر حكيم الذي كان يتحدث أول أمس السبت في محاضرة نظمها مركز الدراسات والأبحاث بمؤسسة خالد الحسن بالرباط حول: مأساة الموريسكيين بمناسبة مرور 400 سنة على طرد الموريسكيين من بلدهم الأصلي الأندلس، أنه حصل عبر صفقة مع نحاث إسبان على ما بين 60 و70 صكا سريا للغاية لم ينشر منها أي شيء، وهي صكوك تكذب كل ما كتب عن مأساة الأندلس، وهي وثائق كان الفاتيكان حريصا على سريتها، وكانت مدفونة بأوامر من جميع البابوات، بل منهم من قال إنها يجب أن تمحى بالمرة لأنها تدين الكنيسة التي كان على رأسها ست أو سبع بابوات.
وعلق ابن عزوز حكيم بالقول: إن كل من قرأ هذه الوثائق يجد نفسه أمام مؤامرة من الفاتيكان ضد إمارة المؤمنين بالأندلس.
ولم يخف ابن عزوز أنه سلم للإسبان وثائق تهم تاريخهم مقابل الحصول على وثائق الفاتيكان التي تخص تاريخ المغرب من صكوك بابوية والملف السري جدا، هذه الوثائق لم يصدق حكيم ما قرأه فيها ووصفه بالشيء الرهيب، لأن مأساة الأندلسيين كانت نكبة أساسها الخيانة، وتحكي عن الخونة الذين كانوا يحيطون بالملك ابن الأحمر الذي تم اتهامه في كتب التاريخ بأنه باع غرناطة.
وقال المؤرخ المغربي وهو يسرد تفاصيل عديدة عن مأساة الأنلدس التي اعتبر حضارتها أرقى حضارة عرفتها البشرية، إنه يرفض تسمية الموريسكيين، ويفضل تسمية الأندلسيين، لأنها الاسم الحقيقي والمناسب للمتحدرين من الأندلس المطرودين إلى المغرب وعائلته منهم.
وسرد ابن عزوز بعض التفاصيل عن الهجرات الخمس التي تعرض لها الأندلسيون إلى المغرب، وكانت أولاها من ألميرية سنة 1483 حيث توجه جل المهاجرين إلى الشاون شمال المغرب، والهجرة الثانية سنة 1493 والثالثة سنة 1502 والهجرة الرابعة سنة 1591 أما الخامسة فكانت ما بين 1609 و 1610 وكل هجرة تحمل بين ثناياها صنوف التعذيب النفسي والمادي الذي تعرض له المسلمون الأندلوسيون اضطر معها البعض إلى التظاهر بالتنصر.
وعلى هامش المحاضرة اطلع الحاضرون على جزء من الأبحاث العديدة للمؤرخ ابن عزوز محمد حكيم التي بلغت 300 لمؤرخ يعتبر أهم أرشيف مغربي يتوفر على حوالي مليون وثيقة.
بن عزوز حكيم: كتب التاريخ المغربي لا تتضمن إلا 20 في المائة من الحقائق
. وأكد أن الأمر يتعلق بوثائق سرية، حصل عليها بوسائل خاصة، وهي عبارة عن صكوك بابوية، تكشف بأن الكنيسة الكاتوليكية، هي التي كانت تقف وراء اضطهاد مسلمي الأندلس، وعلق قائلا "عندما قرأت الصكوك تساءلت هل هؤلاء بابوات أو شياطين". وأشار إلى أنه عكس ما يروج في بعض الكتب من أن ملك غرناطة ابن الأحمر هو الذي سلم المدينة للمسيحيين، فإنه في الواقع تعرض لخيانة من بعض مقربيه. وشكك بن عزوز حكيم فيما ورد في عدد من كتب التاريخ، حول مأساة مسلمي الأندلس، وقال إن معظمها يعتمد على مصادر مسيحية: برتغالية وإسبانية.
كما شكك بن عزوز في كتب التاريخ المغربي، وقال إن " 80 في المائة من الحقائق التاريخية تبقى غائبة في هذه الكتب"، مشيرا إلى أنه لم يتم العثور على الوثائق والحجج لتصحيح التاريخ المغربي الذي شابته كثير من الشوائب. وقدم بنعزوز مثالا على هذه الشوائب بكتاب "الاستقصاء في تاريخ المغرب الأقصى"، الذي ألفه المكي الناصري، وقال عنه "هذا الكتاب الذي يعتبره المغاربة كأنه قرآن في مجال التاريخ لجأ صاحبه إلى جمع ما نشر قبله ولم يأت بشيء جديد" وأضاف "مثلا في تناوله لموضوع المغتصب من تراب المغرب، نجده لم يعتمد على أي مصدر عربي أو مغربي سابق، بل لجأ إلى مصدرين أجنبيين، الأول كتاب ل"كاستيانو مانويل"، وهو راهب إسباني، وقام باعتماد ترجمة غير دقيقة لمضامينه. والثاني، هو الكاتب البرتغالي كورنيغا، والذي تناول الهجمات البرتغالية على المغرب.
وقال بن عزوز إن الوثائق التاريخية بينت أن الملكة إيزابيل، وزوجها فيرناندو، منحا امتيازات عقارية، ورشاوى، إلى شخصين من مقربي الملك ابن الأحمر، هما أبو القاسم المليح، ويوسف بن قميسة، وعرض بنعزوز نص الاتفاق الذي ينص على منح تلك الامتيازات.
وكانت مملكة غرناطة، قد استسلمت بموجب معاهدة علنية أبرمت في 25 نونبر 1491 بين الملك ابن الأحمر، وإيزابيل ملكة قشتالة، على أساس أن تحتفظ غرناطة التي كان يقطنها مليون ونصف نسمة، بكيانها ومؤسساتها الإسلامية، وأن يتمتع سكانها بجميع حقوقهم الدينية والدنيوية تحت نفوذ الدولة المسيحية. لكن لم يمر على المعاهدة سوى 88يوما، يقول بن عزوز، حتى طردت الملكة إيزابيل جميع يهود غرناطة، وبعدها قررت طرد جميع المسلمين من المدينة سنة 1502، وأمرت بهدم المساجد وإرغام المسلمين على اعتناق المسيحية أو التعرض للتنكيل.
وتحدث بنعزوز عن الهجرات الخمسة التي قام بها مسلمو الأندلس إلى المغرب ما بين 1483 و1609، فرارا من البطش المسيحي، الأولى كانت سنة 1483، أي قبل سقوط غرناطة، حيث استقر مسلمو الأندلس بنواحي الريف، وغمارة، والهبط وجبالة. وفي مدينة شفشاون، احتضنهم الأمير مولاي علي بن راشد، و أحدثوا فيها حومتي الخرازين، وريف الصبانين. والهجرة الثانية كانت سنة 1493 إثر سقوط غرناطة، وكان ضمنها آخر ملوك المدينة، ابن الأحمر، الذي استقر في البداية في منطقة غساسة، ثم انتقل إلى فاس التي عاش بها إلى أن توفي. سنة 1534. وفي هذه المرحلة استوطنت المئات من القبائل الأندلسية في الريف،غمارة، الهبط، وجبالة. والهجرة الثالثة جرت بعد قرار الملكة إيزابيل طرد مسلمي الأندلس سنة 1502. والهجرة الرابعة وقعت سنة 1571 على إثر ثورة منطقة البشرات بغرناطة، حيث لجأت كثير من الأسر إلى شمال المغرب وبه أنشأت حومة الطرانكات بتطوان، وحومة السوق بشفشاون. أما الهجرة الخامسة والأخيرة فكانت ما بين سنتي 1609 و1610، حيث كان الملك فيليبي الثالث قد أصدر مراسيم لطرد بقية مسلمي إسبانيا.
يذكر أن بن عزوز حكيم الذي يجيد اللغة الإسبانية إجادة تامة ، سبق أن اشتغل مع إدارة الحماية الإسبانية ومكنه ذلك من الإطلاع على أسرار كثيرة خلال الوجود الإسباني في المغرب ، كما أن بحوزته وثائق نفيسة استطاع اقتناءها بمختلف الوسائل ، ويقال أن المغرب اعتمد على جزء منها في دعم حقه التاريخي في الصحراء التي ظلت إسبانيا تحتلها لغاية 1975.
علمت التجديد أن جهات عليا عرضت على المؤرخ المغربي محمد الحكيم ابن عزوز، المقيم حاليا بتطوان، مبلغ مليار سنيتم لشراء مكتبته الخاصة، التي تضم وثائق تاريخية نادرة ومخطوطات، ومعلوم أن بن عزوز من أبرز المختصين في التاريخ المغربي الحديث، وسبق له أن اشتغل في الديوان الملكي في بداية الاستقلال.
***منقول***