كلام علمي عن الردود من حيث هي والـمنهج فيها للشيخ عبدالله العنقري حفظه الله
ذكر الشيخ الدكتور عبدالله بن عبد العزيز العنقري حفظه الله في مقدمة شرحه كتاب المجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ( الرد على الرافضة) في دورة جامع شيخ الإسلام ابن تيمية كلام علمي عن الردود من حيث هي والـمنهج فيها قال فيه:
* الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: كَلَامٌ عِلْمِيٌّ عَنِ الرُّدُودِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَالْـمَنْهَجِ فِيهَا.
أَوَّلًا: مَتَى نَرُدُّ عَلَى الْـشُّبْهَةِ؟
اعْلَمْ أَنَّ مَنْهَجَ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الرَّدَّ عَلَى الشُّبْهَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الرَّدُّ عَلَيْهَا أَمْرًا لَابُدَّ مِنْهُ، وَذَلِكَ حِينَ تَنْتَشِرُ وَتَظْهَرُ فِي الْـعَامَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الرَّدُّ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ.
أَمَّا أَنْ تُسْتَثَارَ الشُّبْهَ ُوَأَنْ تُسْتَجْلَبُ سَوَاءً بِاسْمِ التَّثْقِيفِ أَوِ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا عِنْدَ الْـآخَرِ أَوْ تَحْتَ أَيِّ اسْمٍ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، وَهُوَ مِنَ الْـمُبْتَدَعَا تِ؛ إِذِ الرَّدُّ عَلَى الشُّبْهَةِ مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ الْـمَحْضَةِ.
وَذَلِكَ أَنَّ الشُّبَهَ إِذَا كَانَتْ مُنْدَثِرَةً مَدْحُورَةً فَإِنَّ الرَّدَّ عَلَيْهَا هُوَ الَّذِي يُشْهِرُهَا وَيُظْهِرُهَا، فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ فَإِنَّ الرَّدَّ عَلَيْهَا يَكُونُ بِتَرْكِهَا، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّكَ لَنْ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنَ السُّكُوتِ. وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَنْتَشِرِ الشُّبْهَةُ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَدْحُورَةً غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ فَقَالَ هُنَاكَ شُبْهَةٌ حَاصِلُهَا كَذَا وَكَذَا وَالرَّدُّ عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا، فَقَدْ نَشَرَهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ.
إِذَنْ فَالرَّدُّ عَلَى الشُّبَهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَدْ لَا يَسْتَوْعِبُ الرَّدَّ فَتَعْلَقُ الشُّبْهَةُ فِي قَلْبِهِ، فَمِنْ هُنَا صَارَ الرَّدُّ عَلَى الشُّبَهِ مِنْ بَابِ الضَّرُورَاتِ
ثَانِيًا: مَنِ الَّذِي يَرُدُّ؟
لَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ عَلَى الشُّبَهِ إِلَّا مَنْ كَانَ لَدَيْهِ قُدْرَةٌ عَلَى دَحْضِهَا وَدَحْرِهَا، أَمَّا إِنْ كَانَ عَاجِزًا أَوْ كَانَ ذَا بِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَإِنَّ رَدَّهُ عَلَيْهَا يُفَاقِمُ الْأَمْرَ وَيَجْعَلُهَا فِي مَظْهَرِ الْـقَوِيِّ الَّذِي لَا يُغْلَبُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مِثَالُ الضَّعِيفِ إِذَا خَرَجَ فِي مَيْدَانِ الْـقِتَالِ أَحَدٌ مِنَ الْـعَدُوِّ لِيُبَارِزَ فَلَا يُبَارِزُهُ إِلَّا قِرْنُهُ؛ أَيِ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ قَرِينٌ لَهُ.
أَمَّا مَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ إِمَّا لِصِغَرِ سِنٍّ أَوْ لِعَدَمِ تَجْرِبَةٍ، فَإِنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ لَا يُمَكِّنُهُ مِنَ الْـمُبَارَزَةِ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ لِعَدُوِّهِ ضَرَرٌ مَحْضٌ لَا شَكَّ فِيهِ؛ إِذِ النَّتِيجَةُ شِبْهُ مُؤَكَّدَةٍ أَنَّهُ سَيُغْلَبُ وَهَذَا بِالضَّبْطِ مَا يُقَالُ فِي الشُّبَهِ.
فَإِنَّ الرَّدَّ عَلَيْهَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ يَجْعَلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَيْدِيهِمْ دَحْضَهَا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِلرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ الْـحَمِيَّةُ وَالْـغَيْرَةُ وَالْـحَمَاسَةُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا رَدَّ رَدًّا ضَعِيفًا تَسَبَّبَ رَدُّهُ فِي انْتِشَارِ الشُّبْهَةِ وَظُهُورِهَا بِمَظْهَرِ الْـقَوِيِّ الَّذِي لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنَ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ مَفْسَدَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا.
ثَالِثًا: مَا الْـهَدَفُ مِنَ الرَّدِّ؟
كُلُّ ذِي بَصِيرَةٍ حِينَ يُقْدِمُ عَلَى بَابٍ مِنَ الْـعِلْمِ فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ هَدَفٌ وَاضِحٌ، وَالرَّدُّ عَلَى هَذِهِ الشُّبَهِ لَهُ أَهْدَافٌ شَرِيفَةٌ نَذْكُرُ مِنْهَا ثَلَاثَةً فَقَطْ:
أَوَّلُ هَذِهِ الْأَهْدَافِ: الدِّفَاعُ عَنِ الْـحَقِّ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الشُّبَهِ يُلْقُونَهَا لِيُدْحِضُوا الْـحَقَّ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَجَادَلُوا بِالْـبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْـحَقَّ﴾ ([1]). فَهَذَا غَرَضُهُمْ، فَيُرَدُّ عَلَى شُبَهِهِمْ دِفَاعًا عَنِ الْـحَقِّ.
الْـهَدَفُ الثَّانِي: النَّصِيحَةُ لِلْأُمَّةِ أَنْ تَضِلَّ وَتَنْتَشِرَ فِيهَا الْأَبَاطِيلُ، وَأَهْلُ الْـعِلْمِ فِي حَالٍ مِنَ الْـفُرْجَةِ لَا يُزِيلُونَ هَذَا الْـمُنْكَرَ الْـعَظِيمَ، فَيَجِبُ أَنْ تَنْبَعِثَ الْـهِمَّةُ لِلرَّدِّ لِهَذَا الْـغَرَضِ وَلِهَذَا الْـهَدَفِ، وَهُوَ النُّصْحُ لِلْأُمَّةِ حَتَّى لَا يَضِلَّ أَحَدٌ بِسَبَبِ أَنَّ الشُّبَهَ تُلْقَى وَلَا يُوجَدُ مَنْ يَرُدَّ عَلَى أَهْلِهَا.
الْـهَدَفُ الثَّالِثُ: إِقَامَةُ الْـحُجَّةِ عَلَى الْـمُبْطِلِ صَاحِبِ الشُّبْهَةِ، وَقَطْعُ مَعْذِرَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الشُّبَهِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ، فَإِذَا رُدَّ عَلَى شُبَهِهِمْ وَدُحِضَتْ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا انْقَطَعَتْ مَعْذِرَتُهُمْ، فَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الشُّبَهِ مَنْ يَكُونُ جَاهِلًا جَهْلًا حَقِيقِيًّا وَيَكُونُ قَدْ تَبَنَّى الشُّبْهَةَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ هُوَ الصَّوَابُ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ نِيَّتُهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ الرَّدُّ الَّذِي يَنْبَغِي، فَإِنَّهُ بِلَا شَكٍّ يَرْعَوِي وَيَنْزَجِرُ، وَهَذَا هَدَفٌ، أَمَّا إِنْ كَانَ مُعَانِدًا فَيَكْفِي أَنْ تُقَامَ عَلَيْهِ الْـحُجَّةُ وَأَنْ تُقْطَعَ مَعْذِرَتُهُمْ أَمَامَ النَّاسِ.
هَذِهِ هِيَ الْأَهْدَافُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي الذِّهْنِ.
([1]) سورة غافر: 5.
رد: كلام علمي عن الردود من حيث هي والـمنهج فيها للشيخ عبدالله العنقري حفظه الله
رد: كلام علمي عن الردود من حيث هي والـمنهج فيها للشيخ عبدالله العنقري حفظه الله
رد: كلام علمي عن الردود من حيث هي والـمنهج فيها للشيخ عبدالله العنقري حفظه الله
رد: كلام علمي عن الردود من حيث هي والـمنهج فيها للشيخ عبدالله العنقري حفظه الله