وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ
بِقَلَم ربيع الأديب
كَثِيرٌ مِنَ الأغْبِيَاءِ السُّذّجِ عِنْدَمَا يَقُولُونَ فِيكَ كلاَماً قَبِيحاً أَنْتَ بَريءٌ مِنهُ بَرَآءة مَاء زَمْزَم من شَوائِبِ الأرضِ ..وَيَشْتُمُونَك َ وَيَصفُونَكَ بِأوْصَافٍ هُمْ أوْلَى بهَا مِنْكَ ..فَتُعْرِض عَنْهُم إعراضَكَ عنِ الْخَمْرِ والْمَيْسِرِ وَالأنْصَابِ والأزْلامِ وَمَا إلَى ذَلِكَ ... عَملاً بِقَوْلِ اللهِ جَلّ شَأنُهُ " وَأعْرِض عنِ الْجَاهِلِينَ " يَظُنُّونَكَ جَبانا رِعْدِيداً أوْ عَيِيّاً حَصِراً لاَ تَسْتَطِيعُ أن تبينَ عنْ نَفْسِكَ ، ولاَ أن تُجَلِّ عنْ ذَاتِكَ ..وَلَمْ يَدْرِ الأغْبيَاءُ أنَّ ذلِكَ الإِعْرَاضَ قِمّةٌ فِي الْعَقْلِ ورُسُوخٌ فِي الْفَهْمِ .. لاَ سيمَا إنْ كَانَ الرّادُّ مُبْطِلاً أَو الْمُتَقَوِّلُ فِيكَ جُوَيْهِلاً لاَ يَعْرِفُ مَا يَخْرُجُ منْ رأسِهِ ولاَ مَا يَصْدُرُ عَنْ قَلْبِهِ ، وأنتَ أعْرَضْتَ عنْهُ وبِاسْتِطَاعَتِ كَ أن تَكْتُبَ مَا يُبْكِي العَجُوزَ عنْ شَبَابِهَا والشّابةَ علَى أحْبَابها ، ولكِن أعْرَضْتَ عنهُ اقْتِداءً بالْكِتَابِ العَزيز : " وإذَا مَرّوا باللغْوِ مَرّوا كِراماً " وَ " إذَا خَاطَبَهم الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً "..وقدْ قَالَ الشّاعِرُ :
يَشْتُمُنِي عَبْدُ بَنِي مِسْمَعِ فَصُنْتُ عنهُ النّفْسَ وَالْعِـرْضَ
وَلَمْ أجِبْهُ لاحْتِقَارِي لَهُ وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عضَّ
هَلْ رأيْتَ -أَيُّهَا الْمُوفّقُ- إِنْسَاناً رَدّ عَلَى كَلْبٍ نَبَحَهُ أَوْ سَلُوقِي عَضّهُ ؟؟! هَذَا مِنَ الْمُسْتَحِيلاَ ت أرْشَدَكَ اللهُ ..
لِذَلِكَ أَقُولُ لَكَ أَخِي الْحَبيبَ امضِ قُدُماً وَلاَ تَلْتَفِتْ للأوْبَاشِ والأوْغادِ الّذينَ لاَ يَرْقُبونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ ولاَ ذِمّة..أهل الْحَسَدِ وَالحِقْدِ وَالإحَنِ ...وَتَذكّرْ دَائِماً الْجبالَ الشّوامِخَ منْ أمثَالِ أبِي بكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمانَ وَعَائِشَةَ وغيرِهِم -رَضيَ اللهُ عنهم أجمَعِينَ- الّذِينَ تَكَلّمَ فيهمُ السِّفَلَةُُ والسُّوقَةُ وَالرّوَيْبِضَة ُ وَالسّفَهاءُ وَالْخُبَثَاءُ.. .بلْ اقْتَدِ بِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَدْ أعْرضَ عَن الْمُشْرِكِينَ لَمّا قَالُوا عنه : مجْنُون ، سَاحِرٌ ، كَاهِن ، شَاعِر ، يُعَلّمُهُ بَشَر ، وَمَا إلَى ذَلِكَ منَ الألفَاظ التِي هُمْ - لعنهم اللهُ- أَوْلَى بِها مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ :
" يَا أيّهَا الّذينَ ءامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالّذينَ آذَوا مُوسَى فبَرّأهُ اللهُ مِمّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً " ...
فَمَنْ نَحْنُ إذاً أمَامَ هَؤلاَءِ الْعَمالقَة الّذين أُوذُوا فِي سبيلِ دَعْوَتِهم وَمَبْدَئِهم الْحقِّ الْمَبْنِي علَى تَوحِيدِ اللهِ عَزّ وجلَّ وَإخْلاَصِهِ سُبْحَانَهُ ...
فَمَاذَا يَضِيرُكَ قَوْلُهُم : فُلاَنٌ تَكْفِيرِي ، فلاَنٌ قُطْبِي ، فُلانٌ خَارِجِي ..فُلانٌ إرْهَابِي ، فلانٌ رِجْعِي ، فلانٌ ظلاَمِي ، فُلانٌ حِزْبِي ، فُلانٌ حَرَكِي ...إلَى آخِر هَذِهِ المُصْطَلَحاتِ الّتِي لَقّنَتُهم إيّاها أمْريكاَ وَمَا جَاوَرهَا !! ...قَالَ كُثيّرُ عزّة :
يكَلِّفُهَا الْخِنْزِيرُ شَتْمِي وَمَابِها هَوَانِي وَلِكِنْ للْمَليكِ استذلَّتِ
وَحَسْبُنَا اللهُ ونِعْمَ الْوَكيلُ ....
وَقْفَةٌ :
في عصر الهِجاءِ المعروفِ بالنّقائضِ بين جرير والفرزدق عِمْلاَقَيْ الشِّعر في ذلك العصر ؛ حاول بشَّارُ بنُ برد في شبابه وكان يطلب الشهرة أن يتحرش بـ [جريربن عطية ] ويهجُوه طمعًا بأنْ يستفزَّه ليردّ عليهِ ، ويذكَره في شعرِه ؛ وهو يعلم علمَ يَقين أن مجرَّدَ ذكره في بداياته وهو شاب غَرَر في أشعار ( جرير ) كاف لتسيرَ باسمه الركبانُ ،ويشهره ذلك في الآفاق ، ويُذكر في منتدياتِ زمانِه على لسان الصَّغيرِ والكبيرِ ، ويخطّ اسمه في شعر (جرير ) بماء الذهب..
هذه الحيلة ُالخبيثةُ من بشّار لم تنطلِ على ( جرير الشاعرُ العملاقُ ) ولم يخرجه سِبابُ بشّار وهجائُه عن رزانَتِه بل استصغرَه واستحقرَه ولم يردَّ عليه ..
وكأنه تمثّلَ بقول القائل:
وعوراءُ الْكَلاَمِ صَمَمْتُ عَنْهَا وَإِنِّي إِنْ أَشَاءُ بِهَا سمَيِعُ
وكان بشَّارُ يتحسَّرُ عَلَى إِهْمالِ جريرٍ لِهِجَائه وعدمِ التفاتِه إليه ويقولُ [ لَوْ رَدَّ عَلَيّ جريرٌ لأصبحت أشعرَ العَالمين] .
في الحقيقة ربما يفسر بعضُ الناس هذا الفعل من[جرير ] بالكبر ..
وربما يفسره بعض الجهال المتعصبين لبشار بالعجز عن الرد عليه ، متناسين أن جريرَ أُسطورةٌ من أساطيرِ الشِّعرِ العربي ، وبشَّار لم يكن آنذاك إلا غلامًا يافعًا لا زالَ يحبُو على شاطيءِ بحورِ الشِّعرِ ، ويتدرب على صنعةِ الشعر ونظم القوافي..
وربما وربما...
وفي النهاية يُجْمِعُ العقلاءُ على أنَّ فعلَ جريرٍ كان قمَّةَ الْعقلِ ، وكمالِه ورزانَتِهِ ،وهو في الحقيقةِ تصديقٌ لقولِ الشَّاعرِ:
لايَضرُّالبحرَ أمسَى زاخِرًا أنْ رمَى فيه غلامٌ بحجرْ
صَفْوَةُ الْقَوْلِ :
" وسأفيدُكَ فَائِدةً يَا أَخِي يّجلُّ نَفْعُها وتعْظُمُ عَائِدَتُهاَ ، ومَا أقُولُهَا إلاّ عن ودٍّ لكَ وشَفقَةٍ عَليْكَ ، فَإنَ البَلْوَى فِي مُعَاشَرَةِ أهْلِ زَمَانِكَ عَظيمةٌ ، فاستَعِن بِهَا عَلَى مَا يَلْقَاكَ منْ أذَاهم ، فَإنَّكَ لاَ تَخْلُ مِن قَليلِه وإنْ سَلِمتَ مِنْ كَثيرهِ ، وَذَلِكَ أنّكَ قَدْ تَرَى الوَاحِدَ بعْد الوَاحِدِ مِنْهُم يَتَكَالبُ علَى النّاسِ ويَتَسفّهُ على أعْرَاضِهم ويَنبح فيها نُبَاحَ الكَلْبِ ، فَيَهُمُّكَ منْ شَأنِهِ مَا يَهُمُّكَ ، ويَسُوؤُكَ منْهُ مَا يَسُوؤكَ أنْ لا يَكُونَ رَجُلاً فَاضِلاً يُرْجَى خَيْرُه ويُؤْمَنُ شَرُّهُ ، فَيَطُولُ فِي أمْرِه فِكْرُكَ ، ويَدُومُ بهِ شُغْلُ قَلْبِكَ ، فَأزِحْ هَذا العَارِضَ عَنْ نَفْسِكَ بَأنْ تَعُدّهُ عَلى الْحَقيقَةِ كَلْباً خِلْقَةً ، وزِدْ بِهِ في عَدَدِ الكِلابِ وَاحِداً ، ولَعَلَّكَ قَدْ مَرَرْتَ مَرّة من المِرارِ بِكَلْبٍ منَ الْكِلاَبِ يَنْبحُ وَيعْوِي وربّما كانَ أيضاً قَدْ يُسَاوِرُ [ يعني يُهاجِمُ] ويعقرُ ، فَلَمْ تُحَدِّث نَفْسَكَ فِي أمْرِهِ بأنْ يَعُودَ إنْسَاناً يَنْطِقُ ويُسَبِّح ، فلاَ تتأسّف لهُ ألاَ يَكُونَ دابّةً تُرْكَبُ أوْ شَاةً تُحْلَبُ ، فَاجْعَلْ أيْضاً هذا المُتَكَلِّبَ كلْباً مِثْلَهُ واسْتَرِح من شُغْلِهِ وارْبحْ مَؤُونَةَ الفِكْرِ فِيه ِ، وكَذَلِكَ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ منْزِلة منَ جَهْلِ حَقِّكَ وَكُفْرِ مَعْرُوفِكَ فاحْسِبْهُ حِمَاراً ، أوْ زِدْ في عدد العانةِ [أي قطيع الحُمر الوحشية ] واحِداً ، فَبِمِثْلِ هذا تَخْلُصُ من آفاتِ هذا الباب وغائِلته ، واللهُ المُسْتعانُ ". اهـ كتاب العُزلة للإمَامِ أبي سُليمان الخطّابي ((عليْهِ رَحْمَةُ اللهِ )) ص 67.
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
///أخي ربيع وفقكم الله تعالى...
واصل وصلكم الله بحبل منه لا ينقطع
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
أحسنت ، وحَسُنت نصيحتكم ، أبنتم فأبدعتم وأتقنتم ..
واصلوا كتابتكم ، لا أُخْمِد نور مدادكم ..
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
إخواني الأفاضل جزاكما الله خيرا وبارك في مسعاكما
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
أخي الأديب ربيع الأديب - وفقه الله - أبدعت !
فسلّم الله هذا اليراع الذي يفيض أدبًا و بيانًا و حكمة , و أدام الله خطه في الخير و للخير -كما هو الآن - .
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
ماشاء الله .. موضوع رائع .. وفيه رسالة للمجتهدين بأن لايلتفتوا للمشككين والمعارضين ..
جزاك الله كل خير على هذه الكلمات الطيبة ..،،،
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
محبة الفضيلة شكرا باركَ الله فيكِ
الأخ صالح الطريف شاكر لك جزاكَ الله خيرا
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
اخي استفزني ماقرأت هنا
فخطر لي انني امتلك كتاب النقائض فباشرت بقراءته
شكرا لك
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
الأخ صالح العوكلي أسعدني مرورك وكلامك لله درّك وبارك الله فيك
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
بارك الله فيك موضع رائع ووممتع جمع بين صدق النصح وبلاغته .
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
شكراً جزاكما الله خيرا وبارك فيكما
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
شكراً جزاكما الله خيرا وبارك فيكما
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
اللهم أطعم من أطعمنا واسق من سقانا
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
بارك الله فيكم و سددكم و جعلكم من الراشدين.
نعمت النصيحة.
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
نسأل الله العافية من قلة الحياء بل من فقد الحياء.................. .
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
بارك الله فيكما وجزاكما خيرا ووفقنا الله لما فيه رضاه ...
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
وإذا ابتليت بشخص لا خلاق له... فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
أحسن الله إليك يا أديب الأدب
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
اقتباس:
إلَى آخِر هَذِهِ المُصْطَلَحاتِ الّتِي لَقّنَتُهم إيّاها أمْريكاَ وَمَا جَاوَرهَا !!
قال الله رب العالمين : { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }
رد: وَمنْ ذَا يَعَضُّ الْكَلْبَ إنْ عَضَّ !!!
وافق ما قرأت لك في هذه السطور ، ما اختلج في صدري يوما وكدت أثور ، لولا ان تداركني الله باتمام نعمة العقل ، فتركت الجاهل بكلامه يخور ، وقلت : خليلي رفقا ونهج الساليكنا وعقد الأخوة بين المومنينا
والتماس عذر ورعي سياق وتحقيق مناط شأن الراسخينا
وتأديب شيخ لفضول قول جاء في الذكرنورا مبينا
ارتداد قصص ونسيان حوت عظة وما أدراك للواعظينا
تعليم أدب وصبر وصمت ومن صمت كان من الناجينا
خليلي إن الناس معادن ولكل شان عند العارفينا
فالتصريح لقوم زين والتعريض لبعض كان مشينا
حفظ مقام النفوس ادب وأدب منه حفظها للمومنينا
يقول المرء قولا فما يدري أنجا أم كان من الهالكينا
وتخصيص حال من عموم قول أكان يزري بالمخصصينا
اخليلي أتراني جفوت او كنت من المرائينا
غير أن من صراع الكلام ما يطلق الكلام مع الجامحينا
وقد يشرك المرء أخاه أمرا من باب حسن الظن بالمومنينا
وقد ينبذ امرءا باللسان عراء فعسى ان تنبت عليه يقطينا
ومن فضل الله علينا أن نرى عيوبا لنا في وجوه الصالحينا
فإن يكن لغوا او استهزاء فإعراض ولا تكن مع القاعدينا
وإن يك سوءا فتأديب أو نحوه فنصح الناصحينا
وإن يك هجرا فتفصيح أو لحنا فتصويب اللاحنينا
وإن يك كذبا فعليه كذبه و إن يك صدقا فالجنة تأوينــا
ذي اصول في الوحيين جاءت وبعضها تقعيد المقعدينا
يا واعظي إن من سنن الهادي صحبة الفتيان وتعليم الشادينا
فيا فتى ويا غلام ويا عمير وعقلت مجة في الصحاح روينا
إذا ما الفسائل لم تعهد صغارا فلا نزدري يوما ما غرست أيدينا
وإذا ما الفروع لم تأخذ تشذيبا فلا نجزعن إذا ما عود منها يؤذينا
فذي أبيات من اختلاج صدر يحليها حسن الظن زينا
ولي من نائح الطلح اقتباس لشوقي أمير الشاعرينا
لكن مصر وإن أغضت على مقة عين من الخلد بالكافور تسقينا