رد: صحيح نفحات شهر الله المحرم
حول قصةموسى عليه السلام
نحيا مع خطبة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
طوَّفَ فيها بقلوبنا حول قصة نجاة موسى عليه
السلام وقومه الذين هم على الحق
الحمد لله الذي أعزَّ أولياءه بنصره، وأذل أعداءه بخذله،
فنِعم المولى ونِعم النصير، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو
على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
البشير النذير والسراج المنير، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان
إلى يومالمصير، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
... أيها الإخوة المسلمون، اتّقوا الله تعالى حق التقوى،
واعتصموا بالإسلام فهو العروة الوثقى، واتّقوا عذاب النار؛
فإن أجسامكم على النار لا تقوى. عباد الله،
اذكروا أيام الله لعلّكم تذكّرون وتعتبرون،
اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلّكم تشكرون،
واذكروا أيام الله بخذل أعدائه ومَن والاهم لعلّكم تتقون،
واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده يوم القيام
لعلّكم توقنون .
أيهاالإخوة المسلمون، إن نصر الله لأوليائه في كل
زمان ومكان وأمة انتصارٌ للحق وذلٌّ للباطل، وأخذٌ
للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى يوم القيامة؛
لأن كل مؤمن يُسَرُّ بذلك؛ لأن فيه نصر دين الله عزَّ وجل،
وفي هذا الشهر - شهرالمحرم - كانت نجاة موسى -
عليه الصلاة والسلام - وقومه من فرعون وجنوده،
لقد أرسله الله تعالى إلى فرعون بالآيات البيّنات
والبرهان القاطع على نبوَّته، أرسله إلى فرعون الذي
تكبَّر على الملإ وقال: "أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى"
[النازعات: 24]،
فجاءه موسى بالآيات العظيمة ودعاه إلى توحيد
الله تعالى، إلى خالق السماوات والأرض رب
العالمين فقال فرعون مكابرًا ومنكرًا وجاحدًا:
"وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ"[الشعراء: 23]،
أنكرَالربَّ العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض،
وفي كل شيء له آية تدلّ على وجوده وربوبيّته
وعلمه وقدرته وحكمته، وأنه الرب الواحد الذي يجب
إفراده بالعبادة كما هو منفردٌ بالخلق والتدبير،
فأجابه موسى - عليه الصلاة السلام - قائلاً:
"رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ"
[الشعراء: 24]،
يعني: هذا رب العالمين وذلك أن في السماوات
والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيمان
واليقين،فردَّ فرعون مقالةَ موسى ساخرًا به
ومستهزئًا ومحتقرًا،
"قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ" [الشعراء: 25]،
يقول هذا سخرية واستهزاءً فأجاب موسى - صلى الله
عليه وسلم - مُذكِّرًا لهم أصلهم وأنهم مخلوقون
مربوبون وكما خُلقوا فهم صائرون إلى العدم
طريقة آبائهم الأولين فقال:
"رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ" [الشعراء: 26]،
وحينئذٍ بُهت فرعون فلم يستطع أن يُجيب ولكنّه
ادَّعى دعوى الكاذب المغبون فقال:
"إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ" [الشعراء: 27]،
وهكذا يكون رد الخائب الخاسر الذي ليس عنده
برهان أن يلجأ إلى الطعن وإلى اللجاج وإلى الغضب،
فطعن فرعون بالرسول وبِمَن أرسله
فأجابه موسى مُبيِّنًا مَن هو الأحق بوصف الجنون،
أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض
ومالك المشرق والمغرب أم هو المنكر لذلك ؟
فقال موسى:
"رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ"
[الشعراء: 28]،
ومَنْ الذي يملك المشرق والمغرب ؟ مَن الذي
يملك الأفاق سوى الملك الخلاق،
فلمّاعجز فرعون عن مقاومة الحق وأفحمه
موسى بالحجة والبرهان لجأ إلى ما يلجأ إليه
العاجزون المتكبّرون من الإرهاب والوعيد
فتوعَّد موسى بالاعتقال والسجن قائلاً:
"لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ"
[الشعراء: 29]،
وتأمّل لم يقل: لأسجننك، بل قال:
"لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ"
إشارة إلى أن لديه مساجين كثيرين؛ ليزيد في
إرهاب موسى حيث إن له من القوة والسلطان ما مكَّنه
من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم
على حدِّ تهديده،قال:
"لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ"
[الشعراء: 29]،
ومازال موسى يأتي بالآيات واضحة وضوح النهار
وفرعون يحاول بكل جهوده ودعاته أن يقضي
عليها بالرد والكتمان حتى قال لموسى عليه الصلاة والسلام:
"أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57)
فَلَنَأْتِيَنَّ كَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا
لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى"
[طه: 57-58]،
أي: مكانًا مستويً لا يحجب عن الرؤية فيه وادٍ ولا جبل،
فواعدهم موسى موعد الواثق بنصر الله وقال لهم:
"مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى"
[طه: 59]،
و"يَوْمُ الزِّينَةِ"هو: يوم العيد، و"أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى"
أي: في أول النهار؛ حتى لا يبغتهم الليل، فاجتمع
الناس وأتى فرعون بكل ما يستطيع من كيد ومكر
فقال لهم موسى:"وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ
بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى"
[طه: 61]،
فوقعت هذه الكلمة الواحدة الصادرة عن إيمان
ويقين بين الناس أشد من السلاح الفتّاك
فتنازعوا أمرهم بينهم وتفرّقت كلمتهم وصارت
العاقبة لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم،
وأعلن خصومُه من السحرة إيمانهم به
"فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ
الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ"
[الشعراء: 46-48]،
وقالوا لفرعون حين توعدهم:
"لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا
فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَاأَكْرَهْتَنَا
عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى"[طه: 72-73] .
ومازال فرعون ينابذ دعوة موسى - صلى الله
عليه وسلم - حتى استخفَّ
"قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ"
[الزخرف: 54]،
قال الله عزَّ وجل: "فَلَمَّا آَسَفُونَا" - أي: أغضبونا -
"انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ
سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآَخِرِينَ"[الزخرف: 55-56]،
وكان من قصة إغراقهم أن الله أوحى
"إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي" [طه: 77]،
ليلاً من مِصر فاهتمَّ لذلك فرعون اهتمامًا عظيمًا
فأرسل في جميع مدائن مِصر أن يُحشر الناس
للوصول إليه لأمر يريده الله عزَّ وجل، فاجتمع الناسُ
إليه فخرجَ بهم في أثر موسى وقومه ليقضي عليهم
حتى أدركهم عند البحر الأحمر،
"فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ"[الشعراء:61]،
البحر أمامنا فإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا
وسيأخذوننا،
فقال لهم موسى عليه السلام:
"كَلا" - أي:لستم مدركين -
"إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"[الشعراء: 62]،
هكذا الإيقان والإيمان وهكذا الثقة بوعد الله ونصره،
فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر
فضربه فانفلق - بإذن الله - اثني عشرطريقًا،
صار هذا الماء السيّال بينها ثابتًا كأطواد الجبال
فدخلَ موسى وقومه يمشون بين جبال الماء في طُرق
يابسةأَيْبَسها الله تعالى بلحظة آمنين، فلما تكاملوا
خارجين وتبعهم فرعون بجنوده داخلين أمرَ الله البحر
أن يعود إلى حاله فانطبق على فرعون وجنوده حتى
غرقوا عن آخرهم(ث1)
فلمَّا أدرك فرعون الغرقُ قال:
"آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ
وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [يونس:90]،
ولكن لم ينفعه الإيمانُ حينئذٍ فقيل له توبيخًا
"آَلآَنَ" - يعني:آلآنَ تؤمن -
"وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" [يونس: 91]،
قال الله عزَّ وجل: "فَأَخْرَجْنَاهُ مْ" - يعني: فرعون وقومه -
"مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)
وَنَعْمَةٍ كَانُوافِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَ ا
قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَابَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ
وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ"
[الدخان: 25-29]،
فأورث اللهُ بني إسرائيل أرضَ فرعون وقومه المجرمين؛
لأن بني إسرائيل حينذاك كانوا على الحق سائرين
ولِوحْي الله الذي أنزله على موسى متَّبعين،
فكانوا وارثين لأرض الله كما وعدَ اللهُ عزَّ وجل،
"إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"
[الأعراف: 138]،
"وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ
يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي
هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ"
[الأنبياء: 105-106] .
أمّا فرعون فلما كان مرعبًا لبني إسرائيل قال
الله عزَّ وجل:
"فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً"
[يونس: 93]،
فأنجى الله بدنه حتى شاهده بنو إسرائيل طافيًا
على الماء فأيقنواأنه هلك ثم أنه هلكَ فيمن هلكَ
وأكلتْهُ الحيتان كما هي العادة،أمَّا ما يوجد في أهرام
مِصر اليوم فليس هو فرعون موسى .
أيها الناس، إن نجاة نبي الله موسى وقومه من
عدو الله فرعون وجنوده لَنِعْمَةٌ كبرى
تستوجب الشكر لله عزَّ وجل .
فاللهم إنا نشكرك على خذلان أعداء الله وعلى
انتصار أولياء الله؛ولهذا لـمَّا قدم النبي - صلى
الله عليه وسلم - المدينة وجدَ اليهود يصومون
اليوم العاشر من هذا الشهر - شهر المحرم -
فقال: «ما هذا؟»قالوا: يومٌ صالح نَجّى الله فيه
موسى وقومهمن عدوهم فصامَه موسى، فقال النبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«فأنا أحقّ بموسى منكم»
فصامَه وأمر بصيامه،
وسُئل عن فضل صيامه - أي: اليوم العاشر -
فقال: «أحتسبُ على الله أن يكفِّر السنة التي قبله»
اللهم وفّقنا لشكر نعمتك وحسن عبادتك وانصر
أولياءك على أعدائك يا رب العالمين . اللهم انصر
إخواننا المسلمين في - في كل بقاع الأرض - على
أعدائهم المجرمين، يا ذا الجلال والإكرام .
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ا.هـ
ث1انظر إلى هذا الأثر في هذه القصة العظيمة
في تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى في جـ3 ص 448
رد: صحيح نفحات شهر الله المحرم
بطلان قصةالحمامتين و العنكبوت على الغار
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عبد الله بن عثمان بن
عامربن عمر بن كعب بن سعد بنتيم بن مرة بن كعب بن
لؤي بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه_ وهو
وأبوه وأمه صحابة،رضي الله عنهم_ قال:
نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار
وهم علي رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو إن أحدهم
نظرتحت قدميه لأبصرنا.فقال:
(( ما أظنك يا أبا بكر باثنين علي الله ثالثهما))
أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: (ا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِيالْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ) ، رقم(4663)، و مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم(2381)
الشرح
قوله: (( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما))
أي: ما ظنك، هل أحد يقدر عليهما أو ينالهما بسوء؟
وهذه القصة كانت حينما هاجر النبي صلي الله عليه
وسلم من مكة إلى المدينة، وذلك إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لما جهر بالدعوة، ودعا الناس،
وتبعوه، وخاف المشركون، وقاموا ضد دعوته،وضايقوه،
أذوه بالقول وبالفعل، فأذن الله له بالهجرة من
مكة إلى المدينة ولم يصحبه إلاأبو بكر رضي الله
عنه، والدليل، والخادم، فهاجربأمر الله، وصحبه
آبو بكر رضي الله عنه.
ولماسمع المشركون بخروجه من مكة، جعلوا
لمن جاءبه مائتي بعير، ولمن جاء بأبي بكر
مائة بعير،وصار الناس يطلبون الرجلين في
الجبال، وفي الأودية وفي المغارات، وفي كل مكان،
حتى وقفوا علي الغار الذي فيه النبي صلي الله عليه
وسلم وأبو بكر، وهو غار ثور الذي اختفيا فيه
ثلاث ليال، حتى يبرد عنهما الطلب،فقال آبو بكر
رضي الله عنه: يا رسول الله لو نظرأحدهم إلى
قدميه لأبصرنا، لأننا في الغار تحته،
فقال: (( ما ظنك باثنين الله ثالثهما))
وفي كتاب الله أنه قال:
(ِلا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )(التوبة: من الآية40)،
فيكون قال الأمرين كلاهما، أي: قال:((ما ظنك باثنين
الله ثالثهما)) وقال(لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).
فقوله: " ما ظنك باثنين الله ثالثهما"يعني: هل أحد
يقدر عليهما بأذية أو غير ذلك؟
والجواب: لا أحد يقدر، لأنه لا مانع لما أعطى الله
ولا معطي لما منع، ولا مذل لمن أعز ولا معز
لمن أذل:"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ
تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ
مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
آل عمران:26.
وفي هذه القصة: دليل علي كمال توكل النبي صلى
الله عليه وسلم علي ربه، وأنه معتمد عليه،ومفوض
إليه أمره، وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث
في باب اليقين والتوكل.
وفيه دليل علي أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة،
فمايوجد في بعض التواريخ، أن العنكبوت نسجت
علي باب الغار، وأنه نبت فيه شجرة، وأنه كان
علي غصنها حمامة، وأن المشركين لما جاءواإلي
الغار قالوا هذا ليس فيه أحد، فهذه الحمامةعلي
غصن شجرة علي بابه، وهذه العنكبوت قد عششت
علي بابه، كل هذا لا صحة له،
لأن الذي منع المشركين من رؤية النبي صلى
الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر ليست أمورًا
حسية_ تكون لها ولغيرها_ بل هي أمور معنوية،
وآية من آيات الله عز وجل،حجب الله أبصار
المشركين عن رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام،
وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه،أما لو كان أمور
حسية، مثل العنكبوت التي نسجت،والحمامة،
والشجرة، فكلها أمور حسية،كل يختفي بها عن غيره،
لكن الأمر آية من آيات الله عز وجل، فالحاصل أن
ما يذكر في كتب التاريخفي هذا لا صحة له، بل الحق
الذي لا شك فيه،أن الله _ تعالى _ أعمى أعين المشركين
عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه_ رضي
الله عنه_ في الغار. والله الموفق.
رياض الصالحين /شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين / المجلد الأول /7- باب اليقين والتوكل
هنا
*.*.*.*.*.*.*
قال الشيخ الألباني رحمه الله في المجلد الثالث من
السلسلة الضعيفة حديث رقم 1128
ليلة الغار أمر الله عز وجل شجرة فخرجت في
وجه النبي صلى الله عليه وسلم تستره وإن الله عز
وجل لبعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت
وجه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الله حمامتين
وحشيتين فأقبلتا تدفان (وفي نسخة ترفان ) حتى
وقعتا بين العنكبوت وبين الشجرة فأقبل فتيان
قريش من كل بطن رجل معهم عصيهم وقسيهم
وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه
وسلم على قدر مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك
المدلج انظروا هذا الحجر ثم لاأدري أين وضع رجله
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الفتيان
إنك لمتخطر منذ الليلة أثره حتى إذا أصبحنا قال
انظروا في الغار فاستقدم القوم حتى إذا كانوا
على خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات فرجع
قالوا ما ردك أن تنظر في الغار قال رأيت حمامتين
وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحدفسمعها
النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز وجل قد
درأ عنهما بهما فسمت عليهما فأحرزهما الله
تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون .
( منكر )
*.*.*.*.*
عدم ثبوت قصة نسج العنكبوت والحمامتين حديثيًّا
انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار
فدخلا فيه فجاءت العنكبوت فنسجت على باب
الغار ، وجاءت قريش يطلبون النبي صلى الله
عليه وسلم وكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج
العنكبوت قالوا : لم يدخله أحد ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا يصلي
وأبو بكر يرتقب، فقال أبو بكر رضي الله عنه
للنبي صلى الله عليه وسلم فداك أبي وأمي
هؤلاء قومك يطلبونك أما والله ما على نفسي أبكي
ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره فقال النبي صلى
الله عليه وسلم { لاتحزن إن الله معنا } .... إسناده ضعيف السلسلة الضعيفة ج3/ 1129
...وأمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان
(وفي نسخة : ترفان) حتى وقعا بين العنكبوت وبين الشجرة ....إلخ القصة .
قال البخاري على راويها :منكر مجهول ، قال الحافظ ابن
كثير في البداية والنهاية 3/182 هذا حديث غريب جدا.
سُئل الشيخ العثيمين رحمه الله في لقاء الباب المفتوح عدد229
هل عش العنكبوت والحمامتين وارد يوم اختفى
الرسول صلى الله عليه وسلم في غار ثور؟
رد: صحيح نفحات شهر الله المحرم
سُئل الشيخ العثيمين رحمه الله في لقاء الباب
المفتوح عدد229
هل عش العنكبوت والحمامتين وارد يوم اختفى
الرسول صلى الله عليه وسلم في غار ثور؟
الجواب
لا يذكر المؤرخون: أن النبي صلى الله عليه
وسلم حين اختفى في غار ثور عششت عليه
العنكبوت ووقعت الحمامة على غصن شجرة
وهذا كذب لا صحة له،ولا فيه آية للرسول عليه
الصلاة والسلام ينقل، أي إنسان تعشش العنكبوت
وتكون حوله حمامة إذا رآه من يراه يقول:
ما في أحد، لكن الرسول عليه الصلاةوالسلام
أعمى الله أبصارهم عنه ولهذا قال أبو بكر :
[ يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا]
لأنه لا يوجد مانع، فالعنكبوت والحمامة
لا صحة لذكرهما عند اختفاء النبي صلى
الله عليه وسلم في غار ثور، ولهذا يحترم
كثير من الناس العنكبوت، يقول: لا تقتلها؛
لأنها عششت على النبي صلى الله عليه
وسلم، فإذا كان الوزغ يُقتل؛ لأنه كان
ينفخ في النار على إبراهيم فهذه تكرم
فنقول: لا، العنكبوت تقتل إذا آذت مثل
غيرها، وهي تؤذي بعض الأحيان تعشش
على الكتب وعلى الجدارفتقتل، بل في حديث
لكنه ضعيف الأمر بقتل العنكبوت.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضًا
أودأن أنبه على أنه يوجد في بعض الكتب
أن العنكبوت ضربت على باب الغار نسيجاً
من العش، وهذا لا صحة له ، ليس هناك
نسيج من العنكبوت وليس هناك حمامة على
شجرة على باب الغار ، إنما هي حماية
الله ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه
: (لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا)...
ولكن الله أعمى أبصارهم فلم يرواأحداً
في هذا الغار وانصرفوا عنه.
وقال:لهذا لاشك أن السيرة تحتاج إلى
تحقيق وتحرير ليتبين الضعيف منها من
القوي ... لكن في السيرة ماهو ثابت
في البخاري وهذا يعتمد.
يتبع
رد: صحيح نفحات شهر الله المحرم
ما يُسن في شهر الله المحرم ؟
يُسن في هذا الشهر الحرام؛ الإكثار من الصيام وتحري صوم يوم عاشوراء خاصة .ويلزم تجنب الظلم بالذنوب والآثام.. ....
قال الإمام مسلم في صحيحه :
حدثني قتيبة بن سعيد ٍ ، قال : حدثنا أبو عَوَانَة ، عن أبي بِشْرٍ ، عن حُميد بن عبد الرحمن الحِمْيَريِّ ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
"أفضلُ الصيام بعدَ رمضانَ شَهرُ اللهِ المحَرَّمُ وأفضَلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليلِ "
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 38 ) ـ باب : فضل صوم المحرم / حديث رقم : 202 ـ ( 1163 ) / ص : 280 .
رد: صحيح نفحات شهر الله المحرم
جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ
رد: صحيح نفحات شهر الله المحرم