اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي
بعيداً عن البيان الحسن،وحال الرقة التي أزت له = فإن هذا التوهم والتخييل بدعة ابتدعها الصوفية في أوائل القرن الثالث الهجري،لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم ولا عرفته صحابته ولا القرون المفضلة،ومن أراد وعظ النفس وتذكيرها ففي كلام الله وكلام نبيه غنية عن هذه التخييلات الصوفية وليدة المواعظ النصرانية..
كنتُ أرغب عن التحاور في حاشية هذا الموضوع؛ تخوفًا من إفساده بسيف الأخذ والرد! لكن عبارة المعترض تنتفخ منها الـمَساحِر! وتتفنَّج لها لغاديد أهل التغضُّب لأئمة المسلمين! وكيف لا وصاحبها يجعل من استحضار توبيخ النفس في مقام التقريع، والوقوف بها موقفَ أهل الذلة في ساحة الإدانة = من قبيل التخييلات الصوفية، التي هي وليدة المواعظ النصرانية!
ثم استولد من قيثارة اعتراضه نغمة أخرى؟ زاعمًا أن هذا الطراز من تقريع الذات في مقام الملام لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم ولا عرفته صحابته ولا القرون المفضلة! كذا يقول؟ كأنه وقف على فم القرون الأولى، واستقرأ رجالاتها من السلف الصالح، ثم اصطحب أنفاسهم في مناجاتهم لمولاهم، فلم يسمع لهذا الطراز في دعواتهم دبيبًا؟ ولا استرق سمعه ولو من ذَلاذِل توبيخهم لأنفسهم حظًا ولا نصيبًا!
والحقيقة: أن تلك دعوى هي أكبر من عمامة قائلها! وكلماتها تتنافر حروف مبناها عن استقامة ألفاظ معناها من جراء غوائل غوائلها!
ونحن نُوقِفُ المعترض وغيره من كلام السلف الصالح على ما أنكره، ونُوجِده من هذا الطراز ما يُقرُّ به المنصف ولا يدحره!
وقد كان يكفي المقْنِع عما ننهض به إليه في هذا المقام = تلك الآيات المنثورات، والأحاديث المأثورات، التي تموج معانيها باستحضار أهوال القبور، ومشاهد يوم القيامة، مع تصوير النفس في مقام مناقشة الحساب، كيما ينظر الخائف حاله بم يرجع إليه قبل موته؟ فيرعوي عن استزاف الموبقات، ويحجم عن استقطاب صنوف المهلكات، فضلا عن كون هذا الاعتراض يعدُ برهانًا على أن صاحبه ليس بالمستكثر من التَّجْوال في أحوال السلف المبثوثة في كتب الزهد والرقائق لمتقدمي أئمة المسلمين -ومنها أقيم الحجة عليه! - فحرم نفسه من لذة دونها مَذْقةٌ الشهد، ومن شربة هي العسل المحض! ثم أنكر على من ذاق فانتشى، وانتهض إلى التعرض لتباريح رهبان الليل وأسود الشَّرَى! ولو أنه ذاق لكان عرف، ومن أنهار مناجاة أهل الله اغترف، لكن الأمر كما قال الأوَّل:
ولو يذوق عاذلي صبابتي *** صَبَا معي .. لكنه ما ذاقها !
فترك المعترض أُولاها! فأمكنَ القارَة من راماها!
تابع البقية: ...