تابعوا معنا تفريغ محاضرات ساعة وساعة لشيخنا أبي إسحاق الحويني حفظه الله
سِلْسِلَة مُحَاضَرَات
سَاعَةً وَسَاعَة
فَضِيْلَة الْشَّيْخ
أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي
حَفِظَه الْلَّه
الْمُحَاضَرَة الْأَوَّلِي
إن الْحَمْد لِلَّه تَعَالَى نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْن بِه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوْذ بِاللَّه تَعَالَى مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا مَن يَهْدِى الْلَّه تَعَالَى فَلَا مُضِل لَه وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِى لَه وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَد أَن مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُوْلُه.
أَمَّا بَعــــــد.
فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِل بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار ، الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد.
فأهلاً ومرحباً بكم في هذا البرنامج الذي اخترت له عنوان (ساعةً وساعة).أي اجعلها ساعةً وساعة ولكن قبل أن أتكلم عن موضوع هذا البرنامج وعن طريقتي فيه:
تَوْضِيْح الْشَّيْخ حَفِظَه الْلَّه سَبَب عَدَم ظُهُوْرِه فِي قَنَاة ا الْرَّحْمَة مِن بِدَايَة ظُهُوْرِهَا: أود أن أتكلم عن شيءٍ أثار لغطاً في أول ظهور قناة الرحمة ذلك أنني لم أشارك في هذه القناة من بدايتها وظن بعض الناس أن هناك نوعاً من سوء التفاهم بيني وبين الشيخ محمد حسان جعلني أتأخر أو أتقاعص عن المشاركة في هذه القناة لكن ليس شيءٌ من هذا بفضل الله عز وجل والود بينا بحمد الله عز وجل ودٌ أكيد.
الْسَّبَب فِي تَأَخُّر ظُهُوْر الْشَّيْخ حَفِظَه الْلَّه فِي قَنَاة الْرَّحْمَة مِن بِدَايَتِهَا. ولكن الذي منعني هو ماذا أقول وما الذي أقدمه لأنني أحترم عقل من يسمعني وأتعب في تحضير المادة العلمية ولا أخرج إلا وعندي ما أقوله فما الذي يمكن أن أضيفه هذا عبءٌ جديد عليّ فمن خلال تجربتي في الدروس يستطيع المرء أن يشرح كتاباً ما أي كتاب كما كنت أفعل مثلاً في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري كنت أشرح هذا الكتاب في بلدي وفي القاهرة وفي المنصورة أشرح الكتاب الواحد في عدة بلاد طبعاً هو الكتاب مكرر بالنسبة لي لكنه جديدٌ بالنسبة لمن يسمعه الأمر بالنسبة للقنوات الفضائية مختلف لأن الإنسان وهو جالس ينتقل بسهولةٍ ويسر من قناة إلى قناة، فلابد إذا كنت سأقدم مثلا في قناة من القنوات موضوعاً ما، فلا بد أن يكون الموضوع مختلفًا في القناة الأخرى فعجزت في الحقيقة أن أجد من الوقت ما أهيئ مادةً علمية أخاطب بها من يسمعني ، وليس معنى أنني جلست على هذا الكرسي وواجهت الكاميرا أنني أفضل في عرض هذه المادة ممن يسمعني ـ لا أنا معتقد اعتقادًا جازمًا أن هناك الآن من يسمعني ممن هو أفضل مني ولو كان مكاني ربما كان عرضُه للمادة عرضا أفضل مني أيضًا, فاحترام عقل المشاهد هذه مسألة مهمة , فلابد من إعداد الدرس إعداداً جيداً وتعيين الموضوع الذي سيُتَحدث فيه فهذا الذي جعلني حتى قبل هذه اللحظة أتردد في أن أشارك مع المشايخ في إحياء هذه القناة. بل لما قررت أن آتي اليوم في قناة الرحمة كنت أيضاً في حيرة من أمري ماذا أقول وما الذي أقدمه حتى هداني الله تبارك وتعالى أمس فقط إلى:
فِكْرَة الْبَرْنَامَج وَمَصَدَّّرِهَا:فكرة هذا البرنامج ألا وهو ساعةٌ وساعة واستللت هذه التسمية من حديث حَنظلة الأسيدي والحديث في صحيح مسلم :"أَنَّه لَقِي أَبَا بَكْر رَضِي الْلَّه عَنْه فِي الْطَّرِيْق فَقَال لَه : نَافَق حَنْظَلَة. فَقَال لَه أَبُو بَكْر : وَمَا ذَاك . قَال : نَّكُوْن عِنْد الْنَّبِي _صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم_ يُحَدِّثُنَا عَن الْنَّار وَالْجَنَّة حَتَّى كَأَنَّا رَأْي عَيْن –يَعْنِي كَأَنَّنَا نَرَى الْجَنَّة بِأَعْيُنِنَا وَنَرَى الْنَّار بِأَعْيُنِنَا- فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى بُيُوَتِنَا وَعَافَسَنا الْأَزْوَاج وَالْنِّسَاء وَالْضَّيْعَات -أَي خَالَطْنَا الْأَوْلَاد وَخَالَّطْنا الْنِّسَاء- نَّسِيْنَا كَثِيْراً مِّمَّا سَمِعْنَاه مِن الْنَّبِي_ صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَقَال أَبُو بَكْر : وَإِنِّي لَأَجِد ذَلِك , فَذَهَبَا مْعاً إِلَى رَسُوْل الْلَّه _صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم _ فَقَال حَنْظَلَة: وَكَان كَاتِبا لِلْوَحْي نَافَق حَنْظَلَة , فَقَال الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم: مَه –أَي انْظُر مَا تَقُوْل- قَال:يَا رَسُوْل الْلَّه نَكُوْن مَعَك تَحَدَّثَنَا عَن الْجَنَّة وَالْنَّار كَأَنَّا رَأْي عَيْن، فَإِذَا عَافَسْنَا الْأَوْلاد وَالْزَّوْجَات وَالْضّيّيْعَات نَسِيَنَا كَثِيْراً مِّمَّا سَمِعْنَا , فَقَال : يَا حَنْظَلَة لَو تَدُوْمُوْن عَلَى مَا تَكُوْنُوْن عِنْدِي وَفِي الْذِّكْر لَصَافَحَتْكُم الْمَلَائِكَة عَلَى فُرُشَكُم وَفِي طُرِقَكُم وَلَكِن يَا حَنْظَلَة سَاعَةً وَسَاعَة ، سَاعَةً وَسَاعَة ، سَاعَةً وَسَاعَة"
الْفَهْم الْخَاطِئ عِنْد بَعْض الْنَّاس لِكَلَام الْنَّبِي_ صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم _وظنوا أن المراد بكلام النبي_ صلى الله عليه وسلم _ ( ساعةً وساعة) ساعة لقلبك(معناها الفرفشة والضحك) وساعة لربك (الحزن والبكاء) ساعة القلب على الحقيقة هي ساعة ذكر الرب تبارك وتعالى وأن القلب الذي يخلو من مهابة الله عز وجل كالبيت الخرب.
مِن الْمَفَاهِيْم الْخَاطِئَة: اعتقاد بعض الناس, أن القرآن لايُقرأ إلا علي ألموتي لكن في الفرح لابد من الإتيان بأناشيد و أغاني وإن كان مجتمع غير ملتزم يكون هناك نوع من الاختلاط والأغاني بكل أسف هذه المفاهيم المغلوطة تحتاج إلى جهود جبارة حتى تُصحح مرةً أخري.
مَاقُصِد بِبَرْنَامِج سَاعَةً وَسَاعَة: أنه برنامج لا يختص بالعلم الشرعي وحده، إنما ستجد فيه الحديث والتفسير واللغة والشعر وتجد فيه من الطرائف وتجد فيه من التجارب وتجد فيه من الأمثال فهو برنامج منوع قصدت به إحياء الذوق العام مرة أخرى,.
ظَاهِرَة الْتَّدَنّي فِي الْذَّوْق الْعَام فِي كُل الْمَجَالَات:تجد في جميع المجالات تدني في الذوق العام حتى في مجالات الفسق تجد أهل الفسق نفسهم يشتكون من تدني الذوق العام.
الْمُرَاد بِالْذَّوْق الْعَام: أنا أُعنيَ بالذوق فيما يتعلق بتذوق الشرع تذوق الدين لأنه من الغضن الكبير الفاحش أن يموت المرء ولم يستمتع بهذا الإسلام .
مِن الْتَّدَنّي فِي الْذَّوْق الْعَام الْتَّدَنّي فِي الْفُتْيَا.بكل أسف ، المنظومة نفسها كلها مختلة فيما يتعلق بالفتوى مثلاً حدث نوع من التدني في الذوق العام ، المذهب الذي أنكره كل العلماء لا أعلم أحدًا خالف فيه وهو (أنه لا يجوز أن يتتبع المرء رخص العلماء أو أن يأخذ بنوادر أهل العلم) –النوادر( الغلط).
وَكَلِمَة سُلَيْمَان بْن طَرْخَان الْتَّيْمِي: التي طارت كل مطار وتداولها الأئمة الكبار كالإمام أحمد وغيره من العلماء (إذا أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كُلُه) ليس المقصود بالرخصة الرخصة الشرعية التي قام عليها الدليل ، بل المقصود برخصة العالم أي أن العالم ترخص (أي أخطأ) أخذ بقول خفيف ليس عليه دليل .
تجد مثلا مسألة فيها ثلاثة أقوال عندما يأتي أي أحد متصدر للإفتاء يفتي أي أحد إذا لم يكن متحققاً بمذاهب أهل العلم ينظر على أخف الأقوال التي تناسب العوام ويفتي.
مثال ذلك:عندما سُئِل أحد المفتين أنه أحب امرأة وبينهما علاقة قال له عندنا حديث ضعيف يقول(مَن عَشِق فَعَف فَصَبْر فَمَات مَات شَهِيْداً) هذا ليس هذا حديثاً ضعيفاً فقط بل هو باطل وأنكره كل أهل العلم روي هذا الحديث ( سويد بن سعيد )متكلم فيه في حفظه وهو من مشائخ الإمام مسلم في الصحيح لكن مسلماً روى له صحيفة حفص بن ميسرة حتى لما ليم مسلم لماذا أخرج لسويد بن سعيد؟ قال: ومن أين كنت آتي بصحيفة حفص بن ميسرة يقصد أنه علا بسويد بن سعيد؟ لو أراد مسلم أن يروي صحيفة حفص بن ميسرة من غير طريق سويد ين سعيد لنزل درجة بدلاً أن يقول حدثنا سويد قال حدثنا حفص سيأتي بواحد ينزل درجتين يقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان قال حدثنا حفص إذاً أصبح بينه وبين حفص بين ميسرة اثنين ، .
فَالْإِمَام مُسْلِم يَقُوْل:والحديث معروفٌ عند الثقات من أهل العلم إنما علوت بسويد بن سعيد ومع ذلك لم يُكثِر له إنما انتقى من رواية سويد بن سعيد ما لم ينكرها أهل العلم عليه
يحيى بن معين: لما بلغه أن سويد بن سعيد روى هذا الحديث قال(لَو كَان لِي فَرَس وَرُمْح لَغَزَوْتُه)وَقِيْل لِيَحْيَى بْن مَعِيْن (إِن سُوَيْد بِن سَعِيْد يَقُوْل مَن بَدَّل دِيْنَه فَاقْتُلُوْه)قَال( يَنْبَغِي أَن يَبْدَأ بِسُوَيْد فَيُقْتَل) طبعًا هذا على سبيل التغليظ
كما قال شعبة لما أنكر على أبان بن أبي عياش وهو متروك الحديث قال( لِأَن أُشْرِب مِن بَوْل حِمَار حَتَّى أَرْوِي ظَمَأَي أَحِب إِلَي مِن أَن أَرْوِي عَن أَبَان ،) بل قال(لِأن أَزْنِي أَحَب إِلَي مِن أَرْوِي عَن أَبَان ). لا أحد يقول إن شعبة ممكن يقدم على الزنا لو خير بين أنه يروي عن أبان وإلا يزني لا لأن فيه نوع من المبالغة والتبشيع، .إذاً ندما أفتي وأقول أن هناك حديث ضعيف يقول مَن عَشِق فَعَف فَصَبْر فَمَات مَات شَهِيْداً) فهذا معناه أنني أقررت هذا السائل أنه يمشي في الحرام مع امرأة لا تحل له.فهذا قول خارج عن كل الأقوال، لا أحد يقول به.
مِن الْغَضَن الْفَاحِش:عندما يكون هناك عدة أقوال من الغضن الفاحش وهو مخالف لقانون العلم ألا أراعي الدليل ولا صحة الدليل في المسألة ، و أن أراعي العوام العامي بحجة كي لايكره العوام في الدين، فأخذ أضعف الأقوال وأفتي بها هذا لا يفعله إلا رقيق الدين، وهذا أنكره سائر أهل العلم .
__________________
رد: تابعوا معنا تفريغ محاضرات ساعة وساعة لشيخنا أبي إسحاق الحويني حفظه الله
مثال ذلك: يأتي أحدهم ويقول: أنصح الدعاة المتوجهين إلى الغرب ألا يشترطوا الولي في الزواج،لأن البنت في الغرب قبل أن تسلم عندها الحرية الكاملة في منتهى الفوضى تعمل ما تريد إذا أسلمت وأرادت أن تتزوج وقلت لها لا بد من الولي تكون قد عثرت عليها مع وجود قول أبي حنيفة بجواز الزواج بغير إذن الولي، إذا كان قول أبي حنيفة سيناسبهم نأخذ به ونعرض عن الأقوال الأخرى،.
وإذا كان في بلد أخرى قول مالك يناسب الأقوال يقول هذا المفتي لمجموعة ذاهبين إلى كوريا لا يحرمون عليهم لحوم الكلاب لأنه يس عندنا نص يحرم الكلاب والقوم يأكلون الكلاب،فعندما أذهب هذه البلد وأجدهم يرفضون الزواج بإذن الولي وهنا يأكلون الكلاب وهنا يأكلون الحمير أقوله لا تنهاهم عن هذا ولا تنهاهم عن هذا ولا تنهاهم عن هذا إذاً لم يعد الإسلام حاكماً إذاً الإسلام يمكن أن يترك بالجملة على جملة الناس وهذا من الغضن الفاحش اليوم سائر الأئمة يبطلون الزواج بغير إذن الولي فلا يجوز أن يقال يجوز الزواج بغير إذن الولي ، فهذا المذهب هو الذي جعل الزواج العرفي منتشر في الجامعات.
في آخر الإحصائيات التي قرأتها احدي وعشرون ألف طفل ليس لهم نسب يحاولون في المحاكم أن يثبتوا لهم العدد في تزايد منذ ثلاث أو أربع سنين كانوا اثني عشرة ألفاً.
لَا يَجُوْز إِسْقَاط وَلَايَة الْأَب مُطْلَقاً إِلَّا إِذَا ثَبَت بِالْدَّلِيل الْشَّرْعِي أَن هَذَا أَعْضَل الْبِنْت ، وَلَا يَجُوْز تَلَمُّس أَضْعَف الْأَقْوَال فِي كُل مَسْأَلَة.
إذاً حدث نوع من الفساد في الفتوى فساد في الذوق العام كذلك من يتصدر لتعليم الجماهير بدون علم ينبغي أن يعلم هذا المتكلم أنه لن تزول قدمه يوم القيامة حتى يسأل عن هذا الذي قاله، أقاله بعلم وكان متحققا به أم قاله عن غير علم فخروج مثل هؤلاء الذي يتكلمون بغير علم هو الذي أحدث فسادًا في الذوق العام.
أَمْثَال هَؤُلَاء كَمَا قُلْت كَمَثَل رُفْقَة كَانُوْا فِي طَرِيْق سَيَمُوْتُوْن مِن الْعَطَش"وجدوا بئر ماء آسن المياه متغيرة رائحته وطعمه متغيرة ، فشربوا ثم شربوا ثم شربوا حتى فسدت أذواقهم إذا مروا بعين ماء عذب لا يحسون بطعم الماء العذب لفساد أذواقهم كي تعيد لهم الحس مرة أخرى بالماء العذب أنت محتاج إلى جهد .
فهذا هو الذي حدث بكل أسف ، في نوع من التدني في سائر المجالات، حتى في آداب العربية لو اليوم لو طلبت من أي ولد أو بنت يكتب موضوع إنشاء في أي موضوع من الموضوعات يعجز عن الكتابة، ممكن يشاهد على شاشات التليفزيون ما يحدث مثلا لإخواننا في غزة أو في أو في أي بلد من بلاد الإسلام في العراق أو في أفغانستان أو في أي بلد من المناطق الملتهبة اللي هي كلها ديار المسلمين سببه أنهم لم يتعلموا علوم العربية ، لم يقرءوا آداب العرب،.
وَالْعَرَب أُمَّة لَا نَظِيْر لَهَا، أَشْرَف جِنْس عَلَى وَجْه الْأَرْض الْجِنْس الْعَرَبِي"أنا لا أتكلم عن أفراد العرب،هناك ، أناس في أفراد العرب لو ماتوا على ما هم عليه لا يستحقون إلا النار أنا لا أتكلم عن أفراد، أنا أتكلم عن الجنس العربي، هذا أشرف جنس على وجه الأرض لغتهم أوسع اللغات وأشرفها أيضاً، خدموا اللغة لغتهم بما لا يتصور عشر معشاره في أي لغة أخرى، تقرأ أشعار العرب أمثال العرب، أمة كما قلت لا نظير لها لكنها غبنت بأبنائها لايعرفون يعبرون فيجب علي الآباء تعليم الأولاد حسن الكلام كما يأتي له بمدرس جغرافيا وتاريخ وانجليزي يعلمه يتكلم ، يعلمه كيف يكتب،.
أَسْلافُنَا كَانُوْا كَذَلِك، كَانُوْا يَبْحَثُوْن عَن أَطَايِب الْكَلَام:وكانوا يعلمون الأولاد الأمثال العربية،بدلاً أن يتكلم كلاماً كثيراً يقول مثل .الأمثال ممتعة، مثال ذلك: عندما يذهب لقضاء حاجة من الحاجات ولم تُقض فسألني سائل ماذا فعلت أرد عليه بمثل(رَجَعْت بِخُفّي حُنَيْن ،) هذا مثل مشهور عند العرب قصته، (خف حُنَيْن) رجل اسمه حُنين كانت له ناقة جيدة لكنه كان خفيف العقل، أراد لص سرقتها وهو يعرف أن صاحبها قليل العقل فجاء علي شجرة فعلق أحد خفيه وبعد مسافة علق الثانية حُنين أثناء رجوعه وهو راكب ناقته فوجد الخف الأول فقال هذه جميلة وجيدة وجديدة، لو أنني أجد الثانية فوجد الثانية فلما وجد الثانية نزل من علي ناقته ليأت بالأولي ففي هذه اللحظة كان ينتظر اللص الذي يريد أن يسرق الناقة فأخذها وفر بها فلما رجع حُنين للناقة لم يجدها ففي هذه الحالة خسر الناقة في مقابل الخف، .فهذا مثل (يُضْرِب لِكُل مَن رَام شَيْئاً فَرَجَع خَاسِراً،.)
فَدِرَاسَة الْأَمْثَال تُعَيِّن, عَلَى حُسْن الْتَّعْبِيْر: كان العرب قديمًا لاسيما من يتولى منصبًا عامًا، لابد أن يكون جيد العبارة، يستطيع التفاهم مؤدباً يختار الألفاظ المناسبة، لأنه رجل عامة حتى لا يستفز الناس ويستفز الجماهير، .
مثال ذلك: هارون الرشيد- كان يأتي بالعلماء كي يؤدبوا الأولاد، فمثلاً الأصمعي كان أحد الذين يؤدبون أولاد هارون الرشيد، حتى ذكروا في الكتب أن الرشيد كان يجعل عينًا على الأصمعي لأن العالم يمكن يتصور أنه يعلم ولي العهد أو النائب أو الذي سيصير خليفة فيما بعد، فمن الممكن أن يدخر عنده جميلا ويتبسط معه في الكلام ويخالف سبيل الأدب.ففي يوم من الأيام ابنا الرشيد اختصما من الذي يُلبِس الأصمعي نعله، فقام أحدهم كي يلبس الأصمعي فقام أخوه معترضاً أنه الذي سيلبسه فاقترحا كل واحد منهما يلبسه أحد النعلين فنقل الجاسوس هذا الموقف لهارون الرشيد, فذات مره كان الرشيد يجلس مع الأصمعي فقال : ((يَا أَصْمَعِي مِن أَعَز الْنَّاس، فَقَال: أَعَز الْنَّاس أَمِيْر الْمُؤْمِنِيْن، قَال: لَا بَل أَعَز الْنَّاس مَن اخْتَصَم وَلِيّا الْعَهْد أَن يَلَبساه الْنَّعْل)، فكان أحد هؤلاء المأمون الذي صار أمير المؤمنين بعد ذلك دخل عليه والد ومعه ابنه سنه تسع سنوات، فالمأمون يداعب الولد وكان المأمون يلبس خاتمًا، فقال المأمون لهذا الغلام: هل رأيت أجمل من هذا الخاتم؟ قال: نعم، والمأمون كان متكئاً فجلس، قال: ما هو يا غلام، قال: الأصبع الذي فيه, من الذي علم هذا الغلام هذا الرد علمه أباه.
ذكروا في ترجمة عمر بن عبد العزيز_ رحمه الله _أن في جماعة وفد كان قادمًا على عمر بن عبد العزيز فقدموا شابًا بالرغم إن كان فيه كهول وكان فيه ناس شيوخ فقدموا شابًا فكأن عمر استنكر عليهم أن يقدموا شابا مع وجود الكهول والشيوخ، فهذا الشاب عندما قال له عمر: يا بني أما وجدوا أكبر منك،:
فقال: يا أمير المؤمنين:
تَعْلَم فَلَيْس الْمَرْءُ يُوْلَد عَالِمْاً
وَلَيْس أَخُو عِلْمٍ كَمَن هُو جَاهِلُ
وَإِن كَبِيْر الْقَوْم لَا عَلْم عِنْدَه
صغيرٌ إِذَا الْتَفَّت عَلَيْه الْمَحَافِلُ
فقال: أفلح قوم ولوك أمرهم يا غلام.
التربية على أطايب الكلام لا يتأتى إلا إذا انغمس المرء في علوم العربية وفي آداب العرب وهي أمة فيما يتعلق بالآداب لا نظير لها في ذلك :إن شاء الله سنعرض في أثناء الحلقات لشيء من هذا، فهذا البرنامج ليس له موضوع ثابت،يمكن يكون مثلا تفسير آية، ممكن يكون فوائد من حديث من الأحاديث، ممكن يكون قراءة بعض الأشعار الرائعة من مثل ديوان الحماسة أو أشعار الهزليين،.
وفي الحقيقة كنت أعددت العدة أن أختار حديثًا من صحيح الإمام مسلم ألا وهو حديث معاوية بن الحكم السُلَمي -رضي الله عنه- وهو حديث جميل ورائع ورائق ربما أذكر الحديث في آخر هذه الحلقة إن استطعت أن أقف على بعض فوائده فعلت وإلا فإن أحيانا الله عز وجل والتقينا بكم مرة أخرى نقف على فوائد هذا الحديث
__________________
رد: تابعوا معنا تفريغ محاضرات ساعة وساعة لشيخنا أبي إسحاق الحويني حفظه الله
لكن أنا أسعف صاحبنا الذي طلب مني أن أذكر له أبيات أبي صخر الهُزَلي والقصة التي ذكرتها بخصوص ذلك،:
أبيات أبي صخر الهزلي" هي في شرح أشعار الهُزَليين لأبي سعيد السكري الحسن بن الحسين وهذا الكتاب مطبوع في ثلاثة مجلدات، حاول أن يستوفي كل ما نسب إلى الهُزَليين ومعروف قبيلة هزيل أنها من أشعر العرب والإمام الشافعي رحمه الله أول ما تعلم تعلم في قبيلة هزيل وحفظ عشرة الآف بيت من أشعار الهزليين حتى أن ابن هشام وغيره من الأئمة الكبار في النحو كانوا يقولون كلام الشافعي يحتج به في اللغة من فصاحته ولأنه كما قلت تربي في هزيل.
الْقِصَّة الَّتِي ذَكَرْتُهَا جَاءَت عَلَى لِسَان أَبِي مُحَمَّد عَبْد الْلَّه بْن بَرِّي رَحِمَه الْلَّه:وهو أحد العلماء الكبار من المصريين الذين شُهِدَ لهم بالتبحر والتقدم في علوم العربية حتى أنهم نسبوه إلى التغفيل أو إلى عدم الضبط في سائر العلوم إلا علوم العربية بسبب قصة هو ذكرها,وأنا التقطتها من كتاب لسان العرب لابن منظور ووقفت على هذه الحكاية بقصة فأنا كان وُلِدَ لي بنت وأحببت أن أسميها رميسة أو رميساء لكنني أحببت أن أنظر في هذه اللفظة هل تشتمل على معنى قبيح أم لا لأن الاسم لابد أن يشتمل على معنى جيد أو على الأقل إن لم يكن له معنى فلابد أن ينسب إلى اسم أو إلى شخصية شريفة فلا أسمي اسم البنت مثلا باسم امرأة اشتهرت بالفجور لكن أسميها باسم امرأة اشتهرت بالعفة ممكن أسمي مريم ممكن أسمي فاطمة ممكن أسمي خديجة أو عائشة أو ميمونة أو حفصة أو حبيبة أو زينب الاسم الكبير المشهور يكون اسم له عراقة واسم محترم , إن لم يكن هذا يبقى الشيء الآخر وهو أن يشتمل الاسم على معنى جميل فـأنا خشيت أن يكون رمس أو رميساء تشتمل على اسم قبيح فذهبت لمادة رمس في لسان العرب كي أعرف هل هذا الاسم يشتمل , على معنى قبيح أم لا فوجدت رمس( الأرماس) التي هي عبارة عن خشب يركب بعضه على بعض ويركب عليه في النهر أو على الماء الحقيقة لم يعجبني المعني وقلت أسميها أُمامة علي حفيدة النبي عليه الصلاة والسلام لكن لما قرأت في مادة رمس في لسان العرب وقفت على هذه القصة الرائقة الرائعة وقفت على الأبيات وهي التي دلتني على أن أذهب إلى شرح أشعار الهزليين لما عرفت أن أبا صخر الهزلي هو الذي قال هذه الأبيات،.أبو محمد عبد الله بن بري هو الذي يحكي هذه القصة قال: رأى أبي قبل أن يُرزَقَني أن في يده رمحاً طويلا وفي رأس الرمح قنديل وأخذ هذا الرمح وعلقه على صخرة في بيت المقدس، فذهب إلي بعض المعبرين قال له ستُرزق ولدًا يرفع ذكرك بعلم يتعلمه، ففي ذات يوم من الأيام بعدما بلغ سن خمسة عشر سنة ظافر الحداد وابن أبي حصينة وكلاهما كان مشهورًا بالأدب أتيا بريًا الذي هو أبو عبد الله بن بري الذي يحكي القصة وجلسوا يتجاذبون أطراف الحديث في الأدب فأنشد بري أبياتاً لأبي صخر الهُزَلي يقول، أنا لما نظرت في شرح أشعار الهزليين وجدتها تقريبا في حدود واحد وثلاثين بيتا ،:
يقول في جملة هذه الأبيات:
أما والذي أبكى وأضحك والذي
أمات وأحيا والذي أمره الأمرُ
لقد تركتني أغبط الوحش أن أرى
أليفين منها لا يروعُمها الزجر
إذا ذُكِرت ارتاح قلبي لذِكرها
كما انتفض العصفُورُ بلله القطرُ
تكاد يدي تندى إذا مالامستها
وتنبت في أطرافها الورق الخُضرُ
وصلتكِ حتى قِيلَ لا يعرف القِلا
وزُرتُكِ حتى قِيلَ ليس له صبرُ
فيا حبَها زدني هويً في كل ليلةٍ
ويا سلوة الأيام موعِدُكِ الحشرُ
عجبت لسعي( الناس) بيني وبينها فلما انقضى ما بيننا سكن (الشرُ )
إلى آخر الأبيات لكنني حرفت في آخر بيت أبدلت الدهر. في الشطر الأول بالناس وفي الشطر الثاني من البيت أبدلت الدهر بالشر:
أبي صخر الهزلي يقول :عجبت لسعي (الدهر) بيني وبينها فلما انقضي ما بيننا سكن(الدهر )فيه ذم للدهر أو عتاب للدهر وقد نهانا نبينا صلى_ الله عليه وسلم_ أن نذم الدهر قال(لَا يَقُوْلَن أَحَدُكُم يَا خَيْبَة الْدَّهْر فَإِن الْلَّه هُو الْدَّهْر)
ولا يجوز شرعا أن يعتب أحد على الدهر ولا يذكر الدهر لا بذم ولا بسوء فلذلك حرصت على أن أضع كلمة مكان كلمة مع الاحتفاظ بوزن البيت :
عندما قرأ بري والد عبد الله الإمام هذا البيت قرأه هكذا :
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها
وتنبت في أطرافها الورق الخضرِ
هو قرأها الورق(الخضرِ )بكسر الراء فضحكا منه للحنه ، فلما ضحكا منه نادي ابنه قال يا بني إني أنتظر تفسير منامي، أنا أريدك أن تتعلم علمًا لعل الله أن يرفع ذكري بك فقال ابنه أي العلوم تريد، قال تعلم النحو حتى تعلمني فكان هذا الابن يذهب إلى بكر بن السراح وهو محمد بن عبد المالك يتعلم منه النحو ثم يرجع فيعلم أباه
هذه كانت القصة التي ذكرتها وأنا أحيل الأخ الذي طلب مني هذه الأبيات إلى شرح أشعار الهزليين وسيجد فيها شيئاً رائعًا لاسيما أشعار أبي ذؤيب الهزلي صاحب القصيدة المشهورة التي يقول فيها:
وتجلُدي للشامتين أريهمُ
أني لريب الدهر لا أتضعضعُ،.
قصيدة في غاية الروعة .. .. فنستمتع كثيرًا بالنظر في أشعار الهزليين وسيكون لنا بإذن الله تبارك وتعالى بعض الوقفات في شرح ديوان الحماسة لأبي تمام سنختار منها بعض المقطوعات الرائعة وكذلك من أشعار أبي الطيب المتني أو أشعار البارودي متنبي العصر الحديث ومجدد شباب الشعر العربي في هذا العصر.
أما الأبيات التي يشير الأخ إليها أنا كنت ذكرتها منذ حوالي ستة أشهر تقريبا أو أكثر من ذلك بقليل عندما كنت أتكلم عن الدنيا وعن فتنة الدنيا وأن الذي ينغمس في الدنيا يشقى بها ولا يسعد.
هذه الأبيات مؤلمة وصدعت قلبي أول ما قرأتها وأنا التقطتها من بعد كتابات ومقالات الإمام الكبير العلم سيد العربية في هذا الزمان الشيخ محمود محمد شاكر_ رحمه الله تعالى_وهذا الرجل ما أخذ حظه من التوقير في بلادنا له الأيادي البيضاء على العربية ونسأل الله عز وجل أن يكافئه في قبره وأن يكافئ أخاه محدث مصر الأكبر الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر وأن يكافئ الوالد الشيخ محمد شاكر وكيل الجامع الأزهر في زمانه ومؤسس القضاء الشرعي في السودان رحمة الله عليهم جميعًا ،.
يَقُوْل هَذَا الْرَّجُل الَّذِي ابْتُلِي بِامْرَأَتِه .يقول كان لامرأته طموحات فذهب في أسفار طويلة ركب ناقته و عاش في الهاجرة يلتحف السماء ويفترش الغبراء و بعد هذه الرحلة الطويلة نحيلاً هزيلاً وقد لفحته الشمس وغيرت من شكله رجع هزيلاً راكباً ناقته الهزيلة من كثرة السفر فلما دق الباب و فتحت له الزوجة وكان اسمها أميمة عندما رأته لأول وهلة أنكرته ودار بينهما حوارٌ صاغه هذا المكلوم بأعذب عبارة:
يقول في ترجمة هذا الموقف :
رأت نِضو أسفارٍ أميمةُ شاحبًا
على نِضو أسفارٍ فجُنَ جنوُنُها
وقالت من أي الناسِ أنتَ ومن
تكُن فإنك راع صِرمَةٍ لا تُزينها
فقلت لها ليس الشُحوبِ على
الفتى بعارٍ ولا خيرِ الرجالِ سمينُها
عليكِ براعي ثلةٍ مُسلَحِبةٍ
يروحُ عليه مخضٌها وحقينُها
سمين الضواحي لم تؤرقهُ ليلةً
وأنعمَ أبكارُ الهمومِ وعونُها.
فهذا كلام قوي لكنه مشتمل على معان كبيرة وعلى تفجع أكبر يقول:لما فتحت أميمة الباب
رأت نِضو أسفارٍ أميمةُ شاحبًا
على نِضو أسفارٍ فجُنَ جنوُنُها
(النضو )( المهزول،) النضو الأول يقصد نفسه يقول عندما فتحت أميمة الباب رأت رجلا مهزولاً يركب بعيرًا مهزولاً وهذا من كثرة الأسفار، (وقالت من أي الناسِ أنتَ ومن تكُن)قال لاتعرفينني أنا من خرجت أحقق لك رغباتك وبعدما غيرت الشمس لوني وجلدي تقولين من أنت ومن تكن( فإنك راع صِرمَةٍ لا تَزينها ) لو أنت جلست في المحافل لاتشرف من تمثل من الناس ،.
فقلت لها ليس الشُحوبِ على
الفتى بعارٍ ولا خيرِ الرجالِ سمينُها
الرجل ليس بشكله ولا بحجمه ولا بلونه ، إنما الذي يميز الرجل القوة المستكنة فيه، وهذه القوة المستكنة قلما تحرك امرأة إلا إذا كانت عاقلة ، القوة المستكنة في الرجال هي العقل والحلم ولا يكون رجلا إلا إذا كان هكذا، عندما يتلبس الرجل بصفات الرجولة يطلقون عليه لفظة الفارس، أي يُنظر إليه، يندر أن تجد امرأة عاقلة تبحث عن شكل إنما يميز بالقوة المستكنة يميز بعقله وهذا رأس مال الرجل الحقيقي.
بِخِلَاف الْمَرْأَة، الْمَرْأَة زِيْنَة فِي نَفْسِهَا زِيْنَة خَلَقَهَا الْلَّه عَز وَجَل زِيْنَة فَالزِّيَنَة إِذَا كَانَت تُهْمِل الْزِّيْنَة تَفْقِد كَثِيْرا مِن رَأْس مَالِهَا،.
يقول لها فقلت لها ليس الشُحوبِ على الفتى **بعارٍ ولا خيرِ الرجالِ سمينُها إذا كنت تبحثين عن الرجل السمين فعليك
عليكِ براعي ثلةٍ مُسلَحِبةٍ
يروحُ عليه مخضٌها وحقينُها
(عليكِ براعي ثلةٍ )، (والثلة هي مجموعة من الإبل أو المجموعة من الغنم أو المجموعة من البهائم من البقر) أي مجموعة،( مسلحبة )تبرك ودرعها ملآن باللبن(يروحُ عليه مخضٌها وحقينُها.) يصب اللبن الرايب على اللبن الحليب فعمل هؤلاء الناس أن يأتوا له باللبن وهو فقط يشرب اللبن ولاعمل له .
__________________
رد: تابعوا معنا تفريغ محاضرات ساعة وساعة لشيخنا أبي إسحاق الحويني حفظه الله
سمين الضواحي لم تؤرقهُ ليلةً
وأنعمَ أبكارُ الهمومِ وعونُها.
(سمين الضواحي )-عضلات – (لم تؤرقهُ ليلةً ،)إنسان رأسه فارغة من أي شيء همه الأكل والشرب فقط الناس الذين يعرفون لماذا خلقوا هؤلاء يموتون كل يوم عندما يجدوا الفساد ويجدوا المناكير وتغيير الديانات وتبديل الشرائع وهو لا يستطيع فعل شيء هذا يموت كل يوم إنما هذا لا يشغل نفسه فقط إلا بشرب الحليب.
( وأنعمَ أبكارُ الهمومِ وعونُها) بخلافي أنا،( أبكارُ الهمومِ) الهم البكر أي لم يُصَب أحدٌ قبلك به، إنما (العوان )ما أصبت به وغيري كأنما قال لها أنا واجهت في رحلتي من الشقاء ما لم يواجهه أحد قبلي ووجدت من الشقاء ما وجده غيري، أي أصيب بمحنتين جسيمتين محنة اختص هو بها ومحنة شارك الناس فيها أو شاركه الناس فيها، فهذا رجل متفجع حزين لكنه أبلغ في العبارة واستطاع أن يدافع عن نفسه وأن يبين للمرأة أنها لا تستحقه.
هذه أشعار من أشعار العرب ترفع من الذوق العام، أنا حريص على أن أنقل كثيرًا من آداب العرب في هذا البرنامج مع عنايتي التامة وهي الأولى عندي بجذب الناس إلى الاستمتاع بدين الله تبارك وتعالى الوقوف على الدليل هو الذي يجلب لك التيسير وليس التيسير أن آتي بأخف الأقوال حتى وإن لم يكن عليها دليل إنما التيسير أن تلزم دين الله سبحانه وتعالى. إذا لم تكن قادراً علي قول الحق فالسكوت أشرف لك، نحن لم نأتي هنا كي نعطي الناس مايريدونه لا إذا لم نستطع أن نقدم دينًا صحيحًا قائمًا على ساق الدليل الراجح فسكوتنا أولى،.لا تكتب بكفكك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه، ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾(ق:18)وهذا هو الذي كان يجعل أسلافنا يتهيبون الفتوى كان يسأل الإمام مسألة فيكلها إلى غيره يخشى على نفسه،.
رُفِعت إلى مالك ستٌ وثلاثون مسألة فأجاب عن ستٍ منها وقال في ثلاثين منها لا أدري، وهذا مالك الذي عقدت عليه الخناصر وكان كلمة إجماع، .
قال له رجل( يَا أَبَا عَبْد الْلَّه مِثْلُك يَقُوْل لَا أَدْرِي فِي ثَلَاثِيْن مَسْأَلَة، قَال نَعَم وَأَبْلَغ مِن وَرَائِك أَنَّنِي لَا أَدْرِي، ).
ليس كما قلت مهمتنا أن نوافق أهواء الناس، إنما مهمتنا أن نرجع الناس إلى دين الله عز وجل وإلى الأدلة الراجحة، عندما أقول القول
لابد أن أنصب الدليل عليه حتى لو خالفني الناس، إذا كان قول الحق سيكون مانعًا أن أخاطب الناس فالسكوت حينها عبادة لكن لا يجوز أبدًا أن أوافق أهواء الناس و الذي يريد أن يتحقق من هذا المعنى ويعرف كيف كان سلفنا يتهيبون الفتوى وما قيل منهم ومن الصحابة قبلهم وتعلموه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فليطالع مقدمة سنن الإمام أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي فإنها مقدمة رائعة ممتعة، وربما يكون لنا فيها مجالس أيضا في هذا البرنامج نقرأ بعض هذه المقدمة ونلقي عليها شيئا من الشرح والبيان والتوضيح.
وَالْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْرِي الْحَق عَلَى لِسَانِي وَأَسْأَل الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعُكُم بِمَا أَقُوْل إِنَّه وَلِي ذَلِك وَالْقَادِر عَلَيْه، وَآَخِر دَعْوَانَا أَن الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن وَالْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه.
انْتَهَى الْدَّرْس الْأَوَّل
__________________
رد: تابعوا معنا تفريغ محاضرات ساعة وساعة لشيخنا أبي إسحاق الحويني حفظه الله
الْمُحَاضَرَة الْثَّانِيَة
أخرج الإمام مسلم وغيره من حديث معاوية بن الحكم السُلَمي_ رضي الله عنه: قال: بَيْنَمَا كُنْت أُصَلِّي مَع رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- إِذ عَطَس رَجُل مِن الْقَوْم فَقُلْت: لَه يَرْحَمُك الْلَّه، فَنَظَرُوْا إِلَي فَقُلْت: مَا لَكُم تَنْظُرُوْن إِلَي؟ قَال: فَجَعَلُوْا يَضْرِبُوْن أَفْخَاذَهُم بِأَيْدِيْهِم يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَت، قَال: فَلَمَّا قَضَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- صَلَاتَه بِأَبِي هُو وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّماً قَبْلَه وَلَا بَعْدَه أَحْسَن تَعْلِيْماً مِنْه فَوَ اللَّه مَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَكِن قَال: إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يَصْلُح فِيْهَا مِن كَلَام الْنَّاس شَيْء إِنَّمَا هِي التَّكْبِيْر وَالْذِّكْر وَقِرَاءَة الْقُرْآَن أَو قَال وَالتَّسْبِيْح وَقِرَاءَة الْقُرْآَن، قُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه إِنِّي حَدِيْث عَهْد بِجَاهِلِيَّة وَإِن مِنَّا رِجَالْا يَتَكَهَّنُون أَو يَأْتُوْن الْكُهَّان، قَال: فَلَا تَأْتِهِم قَال: وَمِنَّا رِجَال يَتَطَيَّرُون، قَال: ذَلِك شَيْء يَجِدُوْنَه فِي صُدُوْرِهِم فَلَا يَصُدَّنَّهُم، أَو قَال: فَلَا يَصُدَّنَّكُم قَال: وَمِنَّا رِجَال يَخُطُّون، قَال: كَان نَبِي مِن الْأَنْبِيَاء يَخُط فَمَن وَافَق خَطَّه فَذَاك، قَال: وَكَانَت لِي جَارِيَة تَرْعَى لِي غَنَما قِبَل أُحُد وَالْجَوَّانِيَ ّة، فَأُتِي الْذِّئْب فَعُدِى عَلَيْهَا فَذَهَب بِشَاة مِن غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُل أَسِيْف مِن بَنِي آَدَم آَسَف كَمَا يَأْسَفُون لَكِنَّنِي صَكَكْتُهَا أَي_ لَطَمَهَا عَلَى وَجْهَا،_ قَال: فَعَظَّم ذَلِك رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- فَقُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه أَفَلَا أُعْتِقُهَا، فَقَال إِإتْنِي بِهَا، فَجَاءَت فَقَال: يَا جَارِيَة أَيْن الْلَّه؟ قَالَت: فِي الْسَّمَاء قَال: مِن أَنَا؟ قَالَت: أَنْت رَسُوْل الْلَّه قَال: فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة.
هَذَا الْحَدِيْث اشْتَمَل عَلَى جُمَل مِن الْعِلْم :1-خلُقُهُ -صلى الله عليه وآله وسلم- في التربية والتعليم هذا موقف خالف فيه معاوية بن الحكم السنة أو خالف الجادة فيه وهو أنه تكلم في الصلاة قال: (بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَع رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- ذَات مَرَّة إِذ عَطَس رَجُل مِن الْقَوْم)
مَا يُقَال لِلْعَاطِس وَمَالا يُقَال:ومعروف أن العاطس يشمت إذا عطس الرجل فيقول: (الحمد لله )يقولها بصوت مرتفع حتى يُسمِع من معه ولا يقولها في نفسه فإن رجلين عطسا أحدهما عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فحمد الله فشمته النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: الحمد لله فيقول( يهديكم الله ويصلح بالكم )ولا يقول كما درج بعض الناس( غفر الله لي ولكم) هذا لا أعرفه في شيء من الروايات الصحيحة فعطس الرجل الآخر عند النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يشمته النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم استفسر هذا الرجل فقال: يا رسول الله شمت هذا ولم تشمتني قال: هذا حمد لله وأنت لم تحمده وأيضا في حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-( أَن أَبُو مُوْسَى الْأَشْعَرِي كَان مُتَزَوِّجَاً بِامْرَأَتَيْن فَبَيْنَمَا أَبُو مُوْسَى عِنْد الْمَرْأَة الْأُخْرَى إِذ عَطَسَت فَحَمِدْت الْلَّه -عَز وَجَل- فَشَمَّتَهَا أَبُو مُوْسَى فَعَطَس وَلَدِهَا وُلِد الْمَرْأَة الْأُخْرَى عِنْد هَذِه الْمَرْأَة فَلَم يَحْمَد الْلَّه -عَز وَجَل- فَلَم يُشَمِّتْه فَلَمَّا ذَهَب الْوَلَد إِلَى أُمِّه فَقَال: إِنَّهَا عَطَسَت فَشَمَّتَهَا وَعَطَسْت فَلَم يُشَمِّتْنِي فَلَمَّا ذَهَب أَبُو مُوْسَى إِلَى امْرَأَتِه قَالَت: مَا بَالُك شَمَّتْها وَلَم تُشْمِت وَلَدَي قَال: إِنَّهَا حًمْدُت الْلَّه -عَز وَجَل- وَوَلَدَك لَم يَحْمَد الْلَّه تَعَالَى فَقَالَت لَه الْمَرْأَة: أَحْسَنْت)
فَالسُّنَّة الْجَارِيَة أَن الرَّجُل إِذَا عَطَس يُشَمَّت لَكِن لَيْس فِي الصَّلَاة :الذي حدث أن رجلاً من القوم عطس فشمته معاوية بن الحكم السلمي وهو يصلي، فنظر إليه الناس النظر الشذر -أي بطرف العين- فلما رآهم ينظرون إليه واصل الكلام قال: " وَاثُكْل أُمِّيَاه " ( ثكلتني أمي)" مَابَالِكُم تَنْظُرُوْن إِلَي فَجَعَلُوْا يَضْرِبُوْن أَفْخَاذَهُم بِأَيْدِيْهِم " ففهم أنهم يصمتوه فسكت.
س:مَا الَّذِي جَعَل مُعَاوِيَة ابْن أَبِي الْحَكَم السُّلَمِي يَتَكَلَّم وَمَعْلُوْم أَن الصَّلَاة لَا يَصْلُح فِيْهَا شَيْء مِن كَلَام الْنَّاس؟
ذلك أن الكلام كان مباحًا في أول الإسلام كما في حديث عبد الله بن مسعود وهو في الصحيحين ولكن في رواية أبي داود (أَن عَبْد الْلَّه بْن مَسْعُوْد كَان هَاجَر الْهِجْرَة الْأُوْلَى إِلَى الْحَبَشَة مَع لَفِيْف مَن الْمُسْلِمِيْن فَبَلَغ الْمُسْلِمِيْن فِي الْحَبَشَة أَن قُرَيْشاً آَمَنْت وَأَن إِرْهَاق قُرَيْش لِلْمُسْلِمِيْن قَد خَف فَأَغْرَاهُم ذَلِك بِالْرُّجُوْع فَكَانُوْا وَهُم عَلَى مَقْرُبَة مِن مَكَّة عَلِمُوْا أَن قُرَيْشاً أَشَد مَا تَكُوْن عَلَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- وَعَلَى أَصْحَابِه، لِمَا خَرَج بْن مَسْعُوْد كَانُوْا يُلْقُوْن الْسَّلَام عَلَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- وَيَرُد عَلَيْهِم الْسَّلَام إِشَارَة فَلَمَّا رَجَع مِن الْحَبَشَة وَجَد الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يُصَلِّي فَأَلْقَى عَلَيْه الْسَّلَام فَلَم يُرِد الْسَّلَام عَلَيْه فَوَجَد فِي نَفْسِه وَجْداً شَدِيْداً وَظَن أَن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- غَاضِب مِنْه فَلَمَّا قَضَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- صَلَاتَه قَال: يَابْن مَسْعُوْد إِن الْلَّه يُحْدِث مِن أَمْرِه مَا يَشَاء وَمِمَّا أَحْدَث أَلَا تَكَلَّمُوْا فِي الصَّلَاة)و قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن مسعود(إن في الصلاة لشغلاً.)
وفي الصحيحين أيضًا من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال( كُنَّا نَتَكَلَّم فِي الصَّلَاة نُكَلِّم بَعْضُنَا بَعْضا فِي الصَّلَاة وَنَذْكُر حَاجَاتِنَا فِي الصَّلَاة أَيْضا فَلَمَّا نَزَل قَوْلُه تَعَالَى:﴿{وَقُو مُوْا لِلَّه قَانِتِيْن﴾أُمِ ْنَا بِالْسُّكُوْت وَّنُهِيْنَا عَن الْكَلَام)
قَد يَسْتَشْكِل عَلَي بَعْض الْنَّاس حَدِيْث (زَيْد بْن أَرْقَم )إِذَا ضَمَّه إِلَى حَدِيْث( ابْن مَسْعُوْد) لِأَن حَدِيْث ابْن مَسْعُوْد لِمَا رَجَع مَن الْحَبَشَة إِلَى مَكَّة وَقَوْلُه تَعَالَى:﴿ وَقُوْمُوْا لِلَّه قَانِتِيْن﴾فِي سُوْرَة الْبَقَرَة وَهِي مَدَنِيَّة بِالِاتِّفَاق، فَكَيْف يَسْتَقِيْم هَذَا مَع ذَاك أَن يَكُوْن الْأَمْر بِالْسُّكُوْت نَزَل فِي الْمَدِيْنَة وَأَن يَكُوْن الْأَمْر بِالْسُّكُوْت نَزَل فِي مَكَّة؟.
الْعُلَمَاء لَهُم فِي ذَلِك كَلَام مَن أَقْرَبَه:1- أن الكلامَ حُرِمَ بمكة ثم أُذِنَ فيه ثم حُرِمَ مرةً أخرى، وهذا وجه قويٌ من وجوه الجمع.وشبيه بهذا مثلا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-( كُنْت نَهَيْتُكُم عَن زِيَارَة الْقُبُوْر فَزُوْرُوْهَا)فكنت نهيتكم هذا يدل على إباحة متقدمة كان مباحًا فنهاهم ثم أباحه .
2-أو أن زيد بن أرقم وهو من الأنصار وإسلامه متأخر عن إسلام ابن مسعود لا يكون عنده علمٌ بتحريم الكلام،.
فَالْحَاصِل أَن الْكَلَام كَان مُبَاحا قَبْل ذَلِك، وَإِذَا كَان الْأَمْر مُبَاحا ثُم حُرِّم وَكَان الْعَهْد قَرِيْبا مِن الْمُحْتَمَل أَن يَنْسَى الْإِنْسَان.
مثلاً : الأيام الأولى في رمضان أوقات الإنسان يمكن أن يأكل ويشرب بخلاف ما إذا كان في منتصف الشهر أو كان في النصف الأخير من الشهر وقد تعود على الصيام .
فمعاوية _رضي الله عنه_ لما عطس الرجل وشمته و نظر إليه القوم فاستغرب ولم يفطن إلى أن الكلام محرم فتكلم أيضًا في الصلاة" فَجَعَلُوْا يَضْرِبُوْن أَفْخَاذِهِم بِأَيْدِيْهِم يُصَمِّتُونَنِي " يَقُوْل: فَلَمَّا قَضَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- صَلَاتَه بِأَبِي هُو وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّما قَبْلَه وَلَا بَعْدَه أَحْسَن تَعْلِيْما مِنْه فَوَاللَّه مَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَكِن قَال: إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يَصْلُح فِيْهَا مِن كَلَام الْنَّاس شَيْء إِنَّمَا هِي التَّكْبِيْر وَالْذِّكْر وَقِرَاءَة الْقُرْآَن )
نَصِيْحَة الْشَّيْخ _حَفِظَه الْلَّه_ لِلْمُتَصَدِّيْ ن لِلْدَّعْوَة:أرجو أن يتعلم من يتصدى لتعليم الناس من تعليم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الإنسان إذا كان معلمًا ينبغي أول ما يعتقد أن يكون المخالف جاهلاً بالحكم لا معاندًا وهناك فرق بين الاثنين الجاهل يُعَلم ولا تثريب عليه إنما إذا ثبت أنه عامد فذلك له حكم آخر.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان في كل أمره كذلك كان رفيقًا رقيقًا رحيمًا في كل أمره -عليه الصلاة والسلام- وقد قال الله عز وجل له﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾(آل عمران:159).
و في حديث أبي هريرة وفي حديث أنس رضي الله عنهما في الحديث المشهور: (أَن رَجُلَا دَخَل الْمَسْجِد فَقَال:" الْلَّهُم ارْحَمْنِي وَمُحَمَّداً وَلَا تَرْحَم أَحَدا مَعَنَا فَقَال عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام: لَقَد تَحَجَّرْت وَاسِعَا"_تحجرت _أي(ضيقت ما وسعه الله لأن رحمة الله عز وجل كما قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" خَلَق الْلَّه الْرَّحْمَة مِائَة جُزْء فَأَنْزَل جُزْءاً وَاحِداً يَتَرَاحَم الخَلَائِق مِن هَذَا الْجُزْء الْإِنْس وَالْجِن وَالْطَّيْر وَالْدَّوَاب حَتَّى أَن الْدَّابَّة لَتُرْفَع حَافِرَهَا عَن وَلِيَدُهَا خَشْيَة أَن تُصِيْبَه، وَادَّخَر تِسْعا وَتِسْعِيْن جُزْء لِعِبَادِه يَوْم الْقِيَامَة"كون الرحمة مائة جزء يحجرها أو يجعلها للنبي -صلى الله عليه وسلم- وله فقد حجر واسعًا جدًا، فلم يلبث أن بال في المسجد فهموا به ,فقال -عليه الصلاة والسلام( لَا تُزْرِمُوه وَأَرِيْقُوْا عَلَى بَوْلِه ذَنُوْباً مِن مَاء)_ لا تزرموه_ أي لا تقطعوا عليه بوله.
وَانْظُر إِلَي الْحِكْمَة الْأَعْرَابِي مُنْذ قَلِيْل يَقُوْل"الْلَّه م ارْحَمْنِي وَمُحَمَّداً": الذي يقول هذا الكلام يمكن أن يدري حكم التبول في المسجد؟ لا بعدما حجر هذه الرحمة الواسعة وقصرها عليه وعلى النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم البول حكم جزء لا يُعرف إلا من قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الرجل ما فعل هذا إلا جاهلاً بالحكم،.
وقد ظهر هذا في حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو يعلى وغيره (أَن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- اسْتَدْعَى الْرَّجُل فَقَال لَه: مَا حَمَلَك عَلَى أَن بُلْت فِي مَسْجِدِنَا؟ أَلَسْت بِرَجُل مُسْلِم، قَال وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَق مَا ظَنَنْتُه وَهَذِه الْصَّعَدَات إِلَّا شَيْئا وَاحِدا)_الصعدات_ الأرض المنبسطة، لم يتصور الرجل أنه بمجرد أن تبني جدران حول مكان ما وتقول هذا مسجد أنه صارت له أحكامٌ بخلاف الأرض، يقول ( ما ظننته) أي ما ظننت هذا المسجد وهذه البقعة من الأرض- وهذه الصعدات إلا شيئًا واحدًا.
قَدْر الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- أَن هَذَا الْأَعْرَابِي أُتِي مِن مَكَان بَعِيْد وَجَاء لِيَتَعَلَّم فَهُو يَعْذِرُه وَالْأَعْرَاب كَان يَغْلِب عَلَيْهِم فَعَل مِثْل هَذَا.
بل في حديث خزيمة بن ثابت الأنصاري ما هو أبلغ من هذا وذلك (أَن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- اشْتَرَى قُعُوْدا مِن رَجُل أَعْرَابِي وَاتُّفِق مَعَه عَلَى ثَمَن الْبَعِيْر،_ أَعْطَاه ظَهْرِه ،يَرْكَب الْبَعِير يَعْنِي، إِلَى الْمَدِيْنَة ثُم يَنْقُدُه ثَمَنَه_ فَجَاء رَجُل مِن الْمُسْلِمِيْن وَلَا يَدْرِي أَن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- اشْتَرَى الْجَمَل فَعَرَض عَلَى الْأَعْرَابِي أَن يَشْتَرِي الْجُمَّل فَقَال بِكَم فَقَال بِكَذَا وَأَعْطَى ثَمَنا أَعْلَى مِن الثَّمَن الَّذِي قَدَّرَه رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- وَاتَّفَق مَع الْأَعْرَابِي عَلَيْه فَجَاء الْأَعْرَابِي إِلَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- قَال إِمَّا أَن تُشْتَرَي هَذَا الْجَمَل وَإِمَّا أَن أَبِيْعَه لِهَذَا الْمُشْتَرِي، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- يَا أَعْرَابِي أَوَلَم تَبِعَنِي الْجُمَّل؟ قَال: مَا بِعْتُك شَيْئا، قَال يَا أَعْرَابِي بَل بِعْتَنِي، قَال مَا بِعْتُك شَيْئا, وَجَعَل الْصَّحَابَة يَلُوْذُوْن بِرَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-،عندما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- بل بعتني يا أعرابي، يقول ما بعتك شيئًا هذا تكذيب للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وَالْصَّحَابَة يَقُوْلُوْن لَه وَيْحَك إِن رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- مَا كَان لَيَقُوْل إِلَّا حَقا، فَيَقُوْل الْأَعْرَابِي هَلُم شَهِيْدا يَشْهَد أَنَّنِي بِعْتُك، فَانْبَرَى خُزَيْمَة بْن ثَابِت الْأَنْصَارِي وَقَال أَشْهَد أَنَّك بِعْتَه الْجمَّل، فَقَال الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- بِم تَشْهَد يَا خُزَيْمَة ؟ قَال بِتَصْدِيْقِك _أَي وَأَنَّك لَا تَكْذِب،_ فَجَعَل الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- شَهَادَة خُزَيْمَة بِشَهَادَة رَجُلَيْن،)
مَامَنَع الْصَّحَابَة أَن يَقُوْلُوْا مِثْل خُزَيْمَة:إنما خشي الصحابة أن يقول الواحد منهم مثلما قال خزيمة فينزل القرآن بتكذيبه أو بعتابه، لكن هذا من توفيق الله وتسديده للعبد.
مثل عُكاشة بن محصن الأسدي لما النبي -عليه الصلاة والسلام- "قَال إِن سَبْعِيْن مِن أُمَّتِي يَدْخُلُوْن الْجَنَّة بِغَيْر حِسَاب، قَال عُكَّاشَة بْن مِحْصَن الْأَسَدِي: يَا رَسُوْل الْلَّه اجْعَلْنِي مِنْهُم، قَال: أَنْت مِنْهُم، فَقَال آَخَر وَأَنَا يَا رَسُوْل الْلَّه ادْعُو الْلَّه أَن يَجْعَلَنِي مِنْهُم، قَال: سَبَقَك بِهَا عُكَّاشَة. "والأعراب لهم مواقف كثيرة من مثل هذا يغلب عليهم الجهل أتى من باديته ليتعلم عند النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو لا يدري شيئًا،.
ولذلك الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يشدد على الصحابة ما لا يشدد على الأعراب، كما قال أنس رضي الله عنه "كُنَّا نُهِيْنَا أَن نَسْأَل رَسُوْل -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- شَيْئا فَكَان يُعْجِبُنَا أَن يَأْتِي الْرَّجُل الْعَاقِل مِن الْبَادِيَة يسْأَل وَنَحْن نَسْمَع؛_ إِنَّمَا نُهُوْا خَشْيَة أَن يَسْأَل الْوَاحِد مِنْهُم أَكْثَر مِن سُؤَال فَيَنْزِل حُكْم بِالْتَّشْدِيْد،_ فَكَان الْنَّبِي -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- يَقُوْل لَهُم ذَرُوْنِي مَا تَرَكْتُكُم إِنَّمَا أَهْلَك الَّذِيْن كَانُوْا مِن قَبْلِكُم كَثْرَة سُؤَالِهِم وَاخْتِلافُهُم عَلَى أَنْبِيَائِهِم"
أيضًا من رفقه -صلى الله عليه وآله وسلم- الحديث الذي رواه مسلم من حديث المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- قال: أَتَيْت أَنَا وَصَاحِبَان لِي قَد ذَهَبَت أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِن الْجَهْد -مِن الْجَوْع و الْمَشَقَّة- فَعَرَضْنَا أَنْفُسِنَا عَلَى أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- فَلَيْس هُنَاك أَحَد يَقْبَلُنَا –وهذا بسبب فقد ما يواسون به الصحابة وإلا ما كان الواحد منهم يتردد في أن يواسي أخاه، كانوا من أشد الناس بذلاً رضي الله عنهم أجمعين، الملاذ الأخير لهم دائمًا هو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قَال: فَذَهَبْنَا إِلَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- فَإِذَا ثَلَاثَة أَعْنُز، قَال: احْتَلَبُوا هَذَا الْلَّبَن بَيْنَنَا -يَبْقَى هُم الْمِقْدَاد وَصَاحِبَان لَه وَرَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يُّبْقُوْا أَرْبَعَة- فَكَانُوْا يَحْتَلِبُون الْلَّبِن يَقْسِمُوْنَه عَلَى أَرْبَعَة أَوَان كُل وَاحِد يَشْرَب نَصِيْبَه وَالْرَّسُوْل -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- بَعْدَمَا يَرْجِع يُسَلِّم سَلَاما لَا يُوْقَظ نَائِما وَيَسْمَع الْيَقْظَان ثُم يَأْتِي الْمَسْجِد فَيُصَلِّي ثُم يَأْتِي نَصِيْبَه مِن الْلَّبَن فَيَشْرَبُه، قَال الْمِقْدَاد: فَجَاءَنِي الْشَّيْطَان يَوْما، فَقَال إِن مُحَمَّدا يَأْتِي الْأَنْصَار فَيُتْحِفُوْنَه وَمَا بِه حَاجَة إِلَى هَذِه الْجُرْعَة، قُم فَاشْرَبِهَا، قَال: فَقُمْت فَشَرِبْتُهَا، فَلَمَّا أَن وَغَلَت فِي بَطْنِي وَعَلِمْت أَنَّه لَا سَبِيِل إِلَيْهَا نَدَّمَنِي الْشَّيْطَان وَقَال: وَيْحَك مَاذَا فَعَلْت؟ أَشَرِبْت شَرَاب مُحَمَّد الْآَن يَجِيْء فَيَكْشِف إِنَاءَه فَلَا يَجِد الْلَّبِن فَيَدْعُو عَلَيْك فَتَذْهَب دُنْيَاك وَآَخِرَتُك، لِمَا قَرْع هَذَا الْخَاطِر عَقَل الْمِقْدَاد قَال: عَلَي شَمْلَة إِن غَطَّيْت بِهَا رَأْسِي بَدَى قَدَمَاي وَإِن غُطِّيَت بِهَا قَدَمَي بَدَى رَأْسِي وَجَعَل لَا يَجِيْئُنِي الْنَّوْم أَمَّا صَاحِبَي فَنَامَا لِأَنَّهُمَا لَم يَفْعَلَا مَا فَعَلَت، قَال: فَجَاء رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- عَلَى عَادَتِه فَسَلَّم سَلَاما يَسْمَع الْيَقْظَان وَلَا يُوْقِظ الْنَّائِم فَصَلَّى ثُم جَاء فَكَشَف إِنَاءَه فَلَم يَجِد شَيْئا فَرَفَع بَصَرَه إِلَى الْسَّمَاء فَقُلْت: الْآَن أَهْلَك، فَسَمِعْتُه يَقُوْل الْلَّهُم أَطْعِم وَاسْق مَن سَقَانِي، قَال: فَشَدَّدْت الْشَّمْلَة عَلَي وَأَخَذْت شِفْرَة -أَي سِكِّيْنا- وَذَهَب إِلَى هَذِه الْأَعْنُز لَأَذْبَح وَاحِدَة مِنْهَا لِرَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- قَال: فَلَمَّا أَتَيْت الْأَعْنُز إِذَا هُن حُفَّل كُلُّهُن - الْدِّرْع مَلْآن بِاللَّبَن عَلَى غَيْر الْعَادَة- قَال: فَأَتَيْت بِإِنَاء مَا يَطْمَع آَل مُحَمَّد أَن يَحْتَلِبُوا فِيْه - وَاسِع وَعَمِيْق- قَال: فَحَلَبْت حَتَّى عَلَت رَغْوَة الْلَّيِّن فَجِئْت رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- فَقُلْت: اشْرَب يَا رَسُوْل الْلَّه، فَقَال: أَشَرِبْتُم شَرَابَكُم –انْظُر إِلَي الْرِّفْق، لِأَنَّه لَمَّا كَشَف الْإِنَاء الَّذِي يَخُصُّه لَم يَجِد لَبَنا ظَن أَن آَنِيَة أَصْحَابِه كَانَت كَذَلِك لَيْس فِيْهَا لَبَن لِأَن الْنَّبِي -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- مَا ظَن أَن يَشْرَب أَحَد نَصِيْبَه مِن الْلَّبَن إِنَّمَا ظَن أَنَّهُم لَم يَشْرَبُوْا وَلِذَلِك لَمَّا قَال: "اشْرَب يَا رَسُوْل الْلَّه، فَقَال: أَشَرِبْتُم شَرَابَكُم الْلَّيْلَة؟ لَم يُرِد عَلَيْه وَلَم يَقُل شَرِبْنَا إِنَّمَا قَال اشْرَب يَا رَسُوْل الْلَّه، قَال: فَشَرِب الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- ثُم أَعْطَانِي الْإِنَاء فَأَعْطَيْتَه إِيَّاه وَقُلْت: اشْرَب يَا رَسُوْل الْلَّه، فَشَرِب، قُلْت :اشْرَب فَشَرِب، فَلَمَّا عَلِمَت أَنَّه رُوِي ضَحِكْت حَتَّى أُلْقِيَت -حَتَّى سَقَط مِن كَثْرَة الْضَّحِك سَقَط عَلَى الْأَرْض- فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- إِحْدَى سَوْءَاتُك يَا مِقْدَاد_ أَي أَنْت فَعَلْت شَيْئا،_ قُلْت: وَاللَّه يَا رَسُوْل الْلَّه كَان مِن أَمْرِي كَذَا وَكَذَا وَكَذَا "
فَبِم عَقَّب الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- عَلَى هَذَا قَال:"إِنَّمَا هَذِه رَحْمَة مِّن الْلَّه هَلَّا آَذَنَتْنَا فَأَيْقَظَنَا صَاحِبَيْنَا فَأَصَابَا مِنْهَا مَا أَصَبْنَا، فَقَال لَه الْمِقْدَاد: وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَق لَإِن أَصَبْتُهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَك مَا أُبَالِي مَن أَصَابَهَا–وجه الدلالة: الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يعلق على فعل المقداد .
وَمَا عَاتَب الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- أَحَدا عَلَى دُنْيَا قَط، لَا عَاتَب فَضْلَا عَن أَن يُنْتَقَد أَو أَن يَضْرِب عَلَى دُنْيَا .
كما قالت عائشة -رضي الله عنها-" مَا ضَرَب رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- بِيَدِه أَحَداً قَط إِلَّا أَن تُنْتَهَك مَحَارِم الْلَّه عَز وَجَل"كان في كل حياته مع أصحابه كذلك كان رفيقًا رحيمًا.
الْإِنْسَان الْمُتَصَدِّر لِلْتَّعْلِيْم عَلَى وَجْه الْخُصُوْص لَابُد أَن يَتَدَثَّر بِالْعِلْم وَالْحِلْم،:
أولا أن يكون علي علم : لأنه لو كان جاهلاً لأنكر ما هو معلوم ويحدث فساداً كبيراً ولذلك العلماء يشترطون في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون عالمًا على الأقل بالمسألة التي يتصدى لها سواء كان آمرًا أو ناهيًا.
لِأَن هُنَاك بَعْض الْنَّاس يُنْكَر فِي غَيْر مَحَل الْإِنْكَار:كمن يعتقد أن المرور بين يدي المصلين في صلاة الجماعة يقطع الصلاة فهذا غير صحيح ولكن يجوز للمرء في صلاة الجماعة أن يمر بين صفوف المصلين الذي يقول له قف الإمام لأن الإمام سترة للمصلين فإذا أراد رجلاً أن يمر أمام الإمام الإمام يمنعه
ثانيًا أن يكون حليمًا،: عدم الحلمالذي يقع من كثير من الشباب سبب مشاكل كثيرة ويؤخر الدعوة في أماكنها سنين طويلة، ولكننا نتعلم من النبي –عليه_ الصلاة والسلام- كيف يعالج المرء أخطاء الناس، معالجة ابن الحكم السلمي.
حُكْم الْكَلَام فِي الصَّلَاة:
عامداً: بطلت صلاته ولو كان لمصلحة الصلاة.
ناسيًا : الجماهير: لا تبطل صلاته .
يقول معاوية بن الحكم: بأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه فوالله ما كهرني أي( قهرني )الكاف ممكن توضع مكان القاف مثل السين ممكن توضع مكان الصاد (اهدنا السراط المستقيم) و﴿إهدنا الصراط المستقيم﴾ ما كهرني ولا سبني ولا ضربني ولكن قال :" إِن الصَّلَاة لَا يَصْلُح فِيْهَا شَيْء مِن كَلَام الْنَّاس إِنَّمَا هُو الْذِّكْر وَالتَّسْبِيْح وَقِرَاءَة الْقُرْآَن"
دَع تَثْرِيْب الْنَّاس وَتَصَدَّى لِلْحَق. الْوَقْت الَّذِي سْتَنَفِقِه فِي الْمُهَاتَرَات بَيْنَك وَبَيْن الْنَّاس أَنْت تَحْتَاجُه فَي عَرَض الْحَق الَّذِي عِنْدَك .وتعلم من قصة موسى عليه السلام مع فرعون ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾
وَجْه الْدَلَالَة:فانظر إلى الفرق بين كلام موسى عليه السلام وبين كلام فرعون ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴾ أهل العلم يسمون من يفعل هذا في باب المناظرات وعرض الحق يسمونها حيدة أنه حاد عن الطريق لما قال موسى عليه السلام : ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾كان ينبغي لفرعون أن يثبت عكس ذلك، ولكن ليس عنده جواب فحاد عن الجواب، ﴿قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ﴾لم يحد موسي عن الطريق ولم يجادله فيما قاله لأن موسى عليه السلام عنده حق يريد أن يعرضه أي خروج مع هذا الحائد عن الطريق فيه أخذ من وقت عرض الحق وإنما استمر في عرض ما عنده من الحق ﴿ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ فرعون لم يأت بحجة استمر موسى عليه السلام في عرض الحق الذي عنده ﴿ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ *قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾ حينذٍ سكت موسى عليه السلام ولم يواصل الكلام طالما إنه هدد بالسجن انتقلنا إلى شيء آخر﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ فطالما أنه هدد بالسجن , انتهي الحوار ,.
لا يتكلم المرء إلا إذا علم أن كلامه يبلغ الحق الذي يعرضه , مثلما حدث مع إبراهيم عليه السلام أيضا مع النمروذ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾ هذا الرجل الذي حاج إبراهيم في ربه ما الذي جرأه أن يحاج إبراهيم في ربه ﴿أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ ﴾
وَهَذِه عَادَة الْلِّئَام إِذَا أَنْعَم الْلَّه _عَز وَجَل_ عَلَى لَئِيْم بِنِعْمَة يَسْتَطِيْل بِهَا وَيَنْسَى مَن أَسْبَغ عَلَيْه الْنِّعْمَة .مثل قارون عندما وعظه قومه ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ أي ماعندي من مال بذكائي وتدبيري وحساباتي الدقيقة
يقول أهل التفسير: أنه قال آت برجلين يحكم عليهما الاثنين بالإعدام ثم وهما, علي وشك تنفيذ الحكم عليهما , قال اعدموا هذا واتركوا هذا . فهذا الذي عفا عنه وهبه الحياة هو يقول هذا،.المجادلات الكثيرة تضيع القضية , فانتقل إبراهيم -عليه السلام- إلى جواب مفحم { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾
لِذَلِك كُل مَن يتّصُدي لِعَرْض الْحَق لَابُد أَن يَكُوْن عِنْدَه بدائل : وهذه كانت طريقة ابن حزم في المناظرات ولذلك استطاع وحده أن ينشر مذهبه على حساب كل علماء المالكية في الأندلس وظل ابن حزم لا يستطيع أحد الوقوف له في الأندلس حتى صارت الأندلس ظاهرية إلا ما ندر مع أنها كانت مالكية إلي أن جاء (أبو الوليد الباجي) من رحلته من المشرق التي ظل فيها سبع سنوات وبدأ يناظر ابن حزم وقوى قلوب المالكية في الدخول على ابن حزم، كان له طريقة معينة في المناظرة يحاصر الخصم ويهدم له الأدلة دليلاً دليلاً.
مُوْسَى عَلَيْه الْسَّلَام لَم يُضَيِّع وَقْتاً فِي عِرْض الْحَق الَّذِي عِنْدَه.اليوم مع أي مخالف إذا لم تستعمل معه الحلم جيش عليك الجيوش الحلم يكسر حتى المعاند، الإنسان عندنا ينشر سنة في بلد ينبغي أن يكون رفيقًا لا يرفع راية التحدي لاسيما إذا كان ضعيفًا في البلد وهو الذي يحمل راية الحق وأهل البلد مبتدعة بحكم تطاول البدعة فيهم وأن الناس يعلمون الناس من عشرات السنين مقلدين و أراد أن يحرك هذا الجبل كيف يحركه واحدة.
نحن كانت لنا أخطاء في مطلع الدعوة قديمًا وما كنا نعرف هذا لأنه لم يكن عندنا شيوخٌ يعلموننا حكمة الدعوة،نحن شباب السنة غريبة في بلادنا بلاد الأرياف بالذات الطرق الصوفية هي اللي كانت مكتسحة بلاد الأرياف على وجه الخصوص والموالد والمشاهد والقبور والقباب كل هذه كان موجودًا, وعندما كنا في المرحلة الابتدائية والإعدادية كنا نذهب مع آبائنا إلى هذه الموالد و كنا نفعل مثلما يفعلون ما عندنا و الذي كان يأتي مثلاً في البلد كان قطب من أقطاب الصوفية كان يعظهم ثم يقومون يذكرون بطريقة الذكر المعروف و يتمايلون يمنة ويسرة ساعة ساعتين وكان فيه بعض الناس المشاهير في بلد بجانب بلدنا هو من كان يعلم الناس وكلما أتينا بشيء جديد جديدة يقولون أأنتم أعلم من فلان لا يستطيع أحد إيقافه إلي أن ,ذهبنا إلى القاهرة حضرنا دروس المشايخ فتقت ألسنتنا بذكر الله عز وجل أول مرة نعرف كتب الصحاح ونعرف أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- زادت المسألة لما عرفنا علم الحديث وأن هناك صحيح وضعيف من الأحاديث صحيح ووجدنا بعض الواعظين الذين كنا نصلي خلفهم تقريبًا كل أحاديثه ضعيفة أو موضوعة أنه لدرجة خيل لي أنه يحضر خطبة الجمعة من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ الألباني رحمة الله عليه أو أنه يفتح كتب موضوعات ويأخذ منها الأحاديث طبعًا ما علمت أنه أخذ كل هذه الأحاديث من كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي إلا في مرحلة متأخرة لما درست للحافظ العراقي وعرفت أن له ثلاث تخريجات على كتاب إحياء علوم الدين عرفت أن هذا الواعظ رحمة الله عليه كان يأخذ أحاديثه من هذا الكتاب بل جل مادته في الوعظ كانت من هذا الكتاب. لما عرفنا هذه المسألة وبحماس الشباب الذي جانب حكمة الشيوخ ذهبنا في بلادنا ننذر ونعلم الناس السنة فاصطدمنا بالجبل الأشم ألا وهو العادات والتقاليد التي نشأ الناس عليها فزرعنا العداوة في نفوس الناس بهذه الشدة وهذه الحماسة التي تلبسنا بها حرصًا على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن عندنا تعمد إهانة الناس حتى أنهم كانوا يسبوننا.وأنا أذكر من جملة ما وقعنا فيه من الأخطاء إجبار الناس على صلاة سنة المغرب الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول (صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب لِمَن شَاء).لم ندرس أصول فقه ولم نكن نعرف دلالة كلمة لمن شاء خالص لكن الذي فهمناه (صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب) إذا لازم نصلي نصلي قبل المغرب أنا كنت الإمام وكان فتى صغير في سادس ابتدائي المؤذن درج الناس بعد الآذان مباشرة تُقام الصلاة , ونريد تغيير هذا الأمر ونقيم السنة ولم نعرف اتفقت أنا والصبي قلت له وأنت تؤذن بمجرد الانتهاء من الآذان سأكون متوجهاً للقبلة وأكبر وأدخل في الصلاة طبعًا أنا الإمام ,وأصلي في مكان الإمام كي لا أعطي فرصة لأحد يصلي وأنت كمان تصلي كي نجبر الناس على الصلاة هل واقفنا الناس لا لم يوافقوننا بل كنا نصلي وهم يقدوحون فينا أننا صغار السن, ونحن الأمر بالنسبة لنا سنة ولازم من تطبيقها حتى ولو أوذينا الأنبياء أوذوا والعلماء أوذوا ونحن علي دربهم سائرون سنؤذي وكنا نتجمل كل مايفعل بنا أننا سنأخذ أجر لم نعرف نحملهم علي صلاة سنة المغرب إلا بشيء في غاية الغرابة ولم نعرف هذا الكلام وأنا في السنة الثانية من الجامعة لما ذهبنا نحضر دروس الشيخ المطيعي رحمة الله عليه وبدأنا ,نتعلم من حكمة الشيخ المطيعي رحمة الله عليه بدأنا نفهم معنى الدعوة فاشتريت زجاجة عطر ورد كانت بثلاثين قرش ورد فلما رجعت البلد بدأت أعطر الناس اللذين كانوا في المسجد وتعود الناس علي هذا الأمر وكان كلما توفرت معي نقود اشتريت بها عطر وأعطيها لهم , صلوا سنة المغرب وانصاعوا لنا وانتهت كثير من المشاكل بزجاجة العطر.
لَيْس هُنَاك حَمَّل أَثْقَل مِن الْبِر مِن بِرِّك فَقَد أَوْثَقَك وَمَن جَفَاك فَقَد أَطْلَقَك.إذا أردت أن تسترق إنسان أحسن إليه لو كان ذا معدن أصيل سيظل يشكرك على هذا الإحسان طوال العمر حتى لو أدى الإحسان ووفاك حقك عشرات المرات لا يزال يذكر جميلك هذا الإنسان الفاضل الإنسان المتربي الإنسان الذي عنده أصل .
الإنسان اللئيم تظل تحسن إليه إذا أسأت مرة واحدة يضيع مابدر منك من إحسان دائماً مع اللئيم تبتدئ من أول السطر .
نَصِيْحَة لِلْشَّبَاب:خذ حماس الشباب مع حكمة الشيوخ المبنية على التجربة والنظر في الأدلة وأدلة استعمال التجربة يدخل في حكم الشرع .
ولعلكم تذكرون قصة معراج النبي -عليه الصلاة والسلام- "لَمَا فَرَض الْلَّه عَز وَجَل عَلَى هَذِه الْأُمَّة خَمْسِيْن صَلَاة فَمَر الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- عَلَى مُوْسَى عَلَيْه الْسَّلام فَقَال مَاذَا أَعْطَاك رَبُّك؟ قَال فَرَض عَلَي خَمْسِيْن صَلَاة، قَال ارْجِع إِلَى رَبِّك فَسَلْه الْتَّخْفِيف فَإِن أُمَّتَك لَا تَقْدِر إِنِّي عَالَجْت بَنِي إِسْرَائِيْل أَشَد الْمُعَالَجَة وَإِن أُمَّتَك لَن تَقْدِر" فكانت هذه النصيحة مبناها على التجربة إني عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ولا يزال المرء ينظر في تجارب الأمم وفي تجارب أهل العلم فيستعمل هذه التجارب مع الناس,لأن داء الناس واحد كل أمراض الناس واحدة إنما هي جديدة على كل جيل أنظر للتاريخ يقول فيه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقول: (وَاسْتَدَل عَلَى مَا لَم يَكُن بِمَا كَان فَإِن الْأُمُور اشْتِبَاه.) ماحدث اليوم حدث أمس وسيحدث غداً هو هو .
أبو ذر -رضي الله عنه-" لِمَا سَأَلَه عَبْد الْلَّه بْن الْصَّامِت وَسَمِع أَبَا ذَر يَرْوِي عَن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَأْمُر بِقَتْل الْكِلَاب فَاقْتُلُوْا مِنْهَا كُل أَسْوَد بَهِيْم، ، فَقَال عَبْد الْلَّه بْن الْصَّامِت: مَا بَال الْأَحْمَر مِن الْأَبْيَض مِن الْأُسُوُد، قَال يَاابْن أَخِي سَأَلْت رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَال: الْكَلَب الْأَسْوَد شَيْطَان".رواه مسلم.
خذ من هذا الجنس كثيرًا جدًا. يقول كثير من الصحابة يُسأل السؤال يقول سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- كما سألتني، فالتاريخ متكرر، استدل على ما لم يكن بما كان
مانَحْتاجُه مَن الْشَبَاب: إذاً نحتاج من الشباب فتوة الشباب وحماس الشباب وحكمة الشيوخ المبنية على التجربة المبنية على الحلم و وأفضل من يُنظر في سيرته هو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يعنف معاوية ولم يقل له كيف تكلمت وكيف خالفت قدر أن يكون تكلم ناسيًا, لأن الكلام كان مباحًا فلربما نسي المرء على جار العادة قديمًا إنما اشتغل بتعليمه قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها من كلام الناس شيء إنما هي الذكر والتسبيح وقراءة القرآن .وللحديث بقية إن شاء الله تبارك وتعالى.
وَالْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْرِي الْحَق عَلَى لِسَانِي وَأَسْأَل الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعُكُم بِمَا أَقُوْل إِنَّه وَلِي ذَلِك وَالْقَادِر عَلَيْه، وَآَخِر دَعْوَانَا أَن الْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن وَالْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه.
__________________
هنا المواد المفرغة في موقع الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله
http://alheweny.org/aws/catplay.php?catsmktba=228
رد: تابعوا معنا تفريغ محاضرات ساعة وساعة لشيخنا أبي إسحاق الحويني حفظه الله
الْمُحَاضَرَة الثَّالِثَة
أخرج الإمام مسلم وغيره من حديث معاوية بن الحكم السُلَمي_ رضي الله عنه: قال: بَيْنَمَا كُنْت أُصَلِّي مَع رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- إِذ عَطَس رَجُل مِن الْقَوْم فَقُلْت: لَه يَرْحَمُك الْلَّه، فَنَظَرُوْا إِلَي فَقُلْت: مَا لَكُم تَنْظُرُوْن إِلَي؟ قَال: فَجَعَلُوْا يَضْرِبُوْن أَفْخَاذَهُم بِأَيْدِيْهِم يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَت، قَال: فَلَمَّا قَضَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- صَلَاتَه بِأَبِي هُو وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّماً قَبْلَه وَلَا بَعْدَه أَحْسَن تَعْلِيْماً مِنْه فَوَ اللَّه مَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَكِن قَال: إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يَصْلُح فِيْهَا مِن كَلَام الْنَّاس شَيْء إِنَّمَا هِي التَّكْبِيْر وَالْذِّكْر وَقِرَاءَة الْقُرْآَن أَو قَال وَالتَّسْبِيْح وَقِرَاءَة الْقُرْآَن، قُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه إِنِّي حَدِيْث عَهْد بِجَاهِلِيَّة وَإِن مِنَّا رِجَالْا يَتَكَهَّنُون أَو يَأْتُوْن الْكُهَّان، قَال: فَلَا تَأْتِهِم قَال: وَمِنَّا رِجَال يَتَطَيَّرُون، قَال: ذَلِك شَيْء يَجِدُوْنَه فِي صُدُوْرِهِم فَلَا يَصُدَّنَّهُم، أَو قَال: فَلَا يَصُدَّنَّكُم قَال: وَمِنَّا رِجَال يَخُطُّون، قَال: كَان نَبِي مِن الْأَنْبِيَاء يَخُط فَمَن وَافَق خَطَّه فَذَاك، قَال: وَكَانَت لِي جَارِيَة تَرْعَى لِي غَنَما قِبَل أُحُد وَالْجَوَّانِيَ ّة، فَأُتِي الْذِّئْب فَعُدِى عَلَيْهَا فَذَهَب بِشَاة مِن غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُل أَسِيْف مِن بَنِي آَدَم آَسَف كَمَا يَأْسَفُون لَكِنَّنِي صَكَكْتُهَا أَي_ لَطَمَهَا عَلَى وَجْهَا،_ قَال: فَعَظَّم ذَلِك رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- فَقُلْت: يَا رَسُوْل الْلَّه أَفَلَا أُعْتِقُهَا، فَقَال إِإتْنِي بِهَا، فَجَاءَت فَقَال: يَا جَارِيَة أَيْن الْلَّه؟ قَالَت: فِي الْسَّمَاء قَال: مِن أَنَا؟ قَالَت: أَنْت رَسُوْل الْلَّه قَال: فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة."
هَذَا الْحَدِيْث الْجَلِيْل اشْتَمَل عَلَى عِدَّة فِقْرَات:الفقرة الأولى تكلمنا عنها في المرة الماضية وهي تتمثل في حسن تعليمه -صلى الله عليه وآله وسلم- وأن أفضل صفة يسترق المرء بها قلوب الناس أن يترفق بهم وألا يعاتبهم فإن العتاب كثيرًا مايفسد الود وأفضل الناس أعذرُهم للناس. وهذه كانت سيرة نبينا -عليه الصلاة والسلام- كان قليل العتاب لا يعاتب إلا فيما يخص أمر الدين ولا يعذر إلا بهذا الأمر أيضًا، :كما قالت عائشة -رضي الله عنه-( ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده شيئًا قط إلا أن تُنتَهك محارم الله -عز وجل-) وكان -عليه الصلاة والسلام- كثير الإغضاء ولا يواجه أحدًا بما يكره لذلك خطف قلوب الناس ودخل الناس في دين الله أفواجًا لما رمقوا حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم- وقد امتدحه الله -عز وجل- بهذه الصفة تحديدًا فقال عز من قائل: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ثم قال معاويةُ بن الحكم -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- "يَا رَسُوْل الْلَّه إِنِّي حَدِيْث عَهْد بِجَاهِلِيَّة."
الْمُرَاد بِالْجَاهِلِيَّ ة:والجاهلية هي فترة ما قبل الإسلام وقد تكون الجاهلية صفة وليست فترة زمنية قد يرتكب المرء أخلاقًا من أخلاق الجاهلية، كما قال -صلى الله عليه وسلم- وهو يذكر بعض صفات الجاهلية مثل صك الوجه عند المصيبة -اللطم - والطعن في الأنساب والدعاء بدعوى الجاهلية بالويل والثبور وعظائم الأمور. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر لما عير رجلاً بأمه قال له: "إِنَّك امْرُؤ فِيْك جَاهِلِيَّة."
الْمُرَاد بِالْجَاهِلِيَّ ة كَفَتْرَة:فالجاهلية كفترة هي التي سبقت الإسلام لكثرة جهالتهم ومخالفتهم لأمر الله -عز وجل- لأن أهل الجاهلية قديمًا كان عندهم بقايا من دين إبراهيم عليه السلام ولذلك ليس كل من مات في الجاهلية معذورًا وليس كل من مات في الجاهلية مات في فترة بل هناك من أهل لجاهلية من يُعذب ولا يقال لم يأتهم رسول وإلا على أي أساس كان أهل الجاهلية يحجون، هذا من دين إبراهيم عليه السلام.
عمر ابن لُحْيي: الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- (إني رأيته يجر قُصْبَهُ في النار -يجر أمعاءه في النار- فَإِنَّه أَوَّل مَن بَدَّل دِيَن إِبْرَاهِيْم -عَلَيْه الْسَّلَام- وَأَوَّل مَن بَحَر الْبَحِيرَة ووثَيب الثَّوَائِب، وَهُو الَّذِي ذَهَب إِلَى الْشَّام فَوَجَد الْنَّصَارَى يَعْبُدُوْن تَمَاثِيْل فِي الْكَنَائِس فَأَعْجَبَه ذَلِك فَنَقَل هَذِه الْأَصْنَام وَهَذِه الْتَّمَاثِيْل إِلَى الْكَعْبَة، وَهُو الَّذِي بَدَل دَيْن إِبْرَاهِيْم كَمَا قَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام-،.
سَبَب تَسْمِيَة زَيْد بْن عَمْرِو بْن نُفَيْل بِمُحْيِي الْمَوْؤُدَة:والد سعيد بن زيد -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة وكان يسمى بمحيي الموءودة هذا الرجل الفاضل الذي يُبعث يوم القيامة أمة وحده كما قال -عليه الصلاة والسلام- كان يقول:"وَاللَّه يَا مَعْشَر الْعَرَب مَا أَعْلَم أَحَداً عَلَى دِيَن إِبْرَاهِيْم غَيْرِي"_ وَكَان إِذَا رَأَى الْرَّجُل يُرِيْد أَن يَأُد ابْنَتَه يَقُوْل لَه: لَا تأْدَهَا وَلَا تَدْفِنُهَا حَيَّة وَلَكِن ادْفَعْهَا إِلَي فَيَأْخُذُهَا فَيُرَبِّيهَا فَإِذَا شَبَّت عَن الْطَّوْق وَكَبُرَت خَيْر وَالِدُهَا بَيْن أَن يَرُدَّهَا إِلَيْه وَبَيْن أَن يُزَوِّجُهَا"ولذلك كانوا يسمونه محيي الموؤدة.فالعرب كان فيهم بقايا دين إبراهيم عليه السلام وكما قلت ليس كلهم معذورًا ولا يُعدُ من أهل الفترة على ما هو معروف أن أهل الفترة يُعذرون ويُمتحنون في عرسات القيامة كما في غير ما حديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-وبالجملة فالجاهلية كفترة زمنية هذه سبقت الإسلام.
أَمَّا الْجَاهِلِيَّة كَخُلْق فَهَذَا مَوْجُوْد فِي أُمَّة الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم -.فمعاوية بن الحكم -رضي الله عنه- يقول للنبي -صلى الله عليه وسلم-" إِنِّي حَدِيْث عَهْد بِجَاهِلِيَّة -يَقْصِد الْفَتْرَة الْزَّمَنِيَّة- وَإِن مِنَّا رِجَالْا يَأْتُوْن الْكُهَّان، قَال: فَلَا تَأْتِهِم، قَال: وَمِنَّا رِجَال يَتَطَيَّرُون، قَال: ذَلِك شَيْء يَجِدُوْنَه فِي صُدُوْرِهِم فَلَا يَصُدَّنَّهُم، قَال: وَمِنَّا رِجَال يَخُطُّون، قَال: كَان نَبِي مَن الْأَنْبِيَاء يَخُط فَمَن وَافَق خَطَّه فَذَاك"
تنَوِّع إِجَابَة الْنَّبِي _صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم_ فِي الْنَّهْي وَدَلَالَتُه:فانظر إلي تنوع إجابته -صلى الله عليه وآله وسلم- فقد نهى عن هذه الثلاثة لكن تنوعت إجابته في النهي فمنه نهي جازم صريح واضح ومنه نهي خفيف ومنه نهي عن طريق الإيماء والإشارة، وهذا التفاوت يدل على خطورة المسألة، إذا كانت المسألة شديدة فالنهي فيها صريح واضح، إذا كانت المسألة محتملة فالنهي فيها خفيف حتى وصل إلى آخر هذه المناهي التي جاءت عن طريق الإشارة.
الْنَّهْي الْصَّرِيْح الْجَازِم:أول شيء ذكره معاويةُ -رضي الله عنه- قال:"وَإِن مِنَّا رِجَالْا يَأْتُوْن الْكُهَّان، قَال: فَلَا تَأْتِهِم" هذا هو النهي الصريح الجازم الواضح.
الكاهن :هو الذي يدعي معرفة الغيبيات وما يكون في المستقبل وهذا من جملة علم الغيب فكأن هذا الكاهن ينازع الله سبحانه وتعالى معرفة الغيب ولأن الكهان يتلقفون ما يلقيه الجني من بعض كلام الحق فيقع تغريرٌ شديدٌ عند الخلق بهذه الكلمة التي يخطفها الجني.
وَقَد عَلِمْنَا مِن الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- كَيْف يَعْرِف الْكُهَّان بَعْض الْغَيْبِيَّات الَّتِي هِي مِن جُمْلَة الْحَق.
كما في حديث ابن عباس عن رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال -هذا الرجل وكان رجلا من الأنصار-:" كنا جُلُوْساً عِنْد رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَوْما إِذ اسْتَنَار نَجَّم فِي الْسَّمَاء فَقَال عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام لِهَؤُلَاء الْجُلُوْس: مَاذَا كُنْتُم تَقُوْلُوْن إِذَا رَأَيْتُم نَجْما هَكَذَا فِي الْسَّمَاء، قَال: كُنَّا نَقُوُل وُلِد الْلَّيْلَة عَظِيْم أَو مَات عَظِيْم، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام-: إِنَّه لَا يُرْمِي بِهَا أَحَد لِمَوْت عَظِيْم وَلَا لِحَيَاتِه وَلَكِن رَبُّنَا تَبَارَك وَتَعَالَى إِذَا قَضَى أَمْراً فِي الْسَّمَاء سَبَّح حَمَلَة الْعَرْش الَّذِيْن يَلُوْن الْعَرْش فَيَسْبَح الَّذِيْن يَلُوْن حَمَلَة الْعَرْش وَلَا يَزَال هَذَا الْتَّسْبِيح يَسْرِي حَتَّى يَصِل إِلَى أَهْل هَذِه الْسَّمَاء الْدُّنْيَا ثُم يَقُوْلُوْن -أَي الَّذِيْن يَلُوْن حَمَلَة الْعَرْش-: مَاذَا قَال الْلَّه -عَز وَجَل- فَيَقُوْلُوْن: قَضَى كَذَا وَكَذَا، فَيَنْتَشِر الْخَبَر مِن عِنْد حَمَلَة الْعَرْش إِلَى الَّذِيْن يَلُوْنَهُم إِلَى الَّذِيْن يَلُوْنَهُم حَتَّى يَصِل قَضَاء الْلَّه عَز وَجَل إِلَى الَّذِيْن فِي الْسَّمَاء الْدُّنْيَا"
في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند الإمام البخاري رحمه الله بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف يخطف الجني الكلمة من الحق.
فأخبرنا -عليه الصلاة والسلام- أن الجن يركب بعضها بعضًا ولا يزال يركب بعضُها بعضًا حتى يصل إلى السماء الدنيا -باب من أبواب السماء الدنيا-﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ (سبأ :23) فيقضي الله -عز وجل- قضاءه بالحق أن فلانًا يموت مثلاً ويموت بصفة كذا بصفة معينة إما أن يموت تحت سيارة أو أن يموت مترديًا من على جبل أو أن يموت بحجر طائش أو رصاصة طائشة يموت بأي وسيلة من الوسائل فأعلى جني في هذه السلسلة- يلتقطُ هذا الخبر أن فلانًا يتردى من على جبل أو يموت تحت عجلات القطار أو عجلات سيارة مثلاً فيخطف هذا الخبر الحق ويلقيه لمن تحته ومن تحته يلقيه لمن تحته ولا يزال الجن يُلقي بعضهم إلى بعض حتى يصل الخبر إلى أول واحد أو هو الذي يحمل كل هذا الجن هو المتطاول إلى السماء فيرسل الله -عز وجل- الشهاب الثاقب﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ (الصافات:10) الشهاب الثاقب يثقب هذا الجني وهذا وهذا لكن الجني الأخير الذي أخذ الخبر يهرب بهذا الخبر فيلقيه على أفواه الكهنة والسحرة فيرسل هذا الكاهن أو هذا الساحر إلي فلان يقول له لا تخرج اليوم.لأنك إن خرجت دهمتك سيارة في الطريق الفلاني ويمكن أن يخبره لون السيارة و كذا ماركتها ولكن أغلب الناس لا يصدقونه لمعرفتهم أنه لا يعلم الغيب إلا الله وينطلق لشأنه وإذا بهذا الرجل تدهمه سيارة بنفس اللون وفي نفس الطريق الذي حدده الكاهن فيقع في رُوُعُ الناس أنه صادق.
يقول -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث عائشة -رضي الله عنه- قالت: "يَا رَسُوْل الْلَّه إِن الْكُهَّان يُخْبِرُوْنَنَا بِالْشَّيْء يَكُوْن حَقا، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- تِلْك الْكَلِمَة مِن الْحَق. "وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِم_" تِلْك الْكَلِمَة مِن الْجِن يَخْطَفُهَا "-يَعْنِي الْجِّنِّي-" ثُم يَخْلِّطُونَهَا بِمِائَة كَذَبَة."وفي حديث رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم قال:"وَلَكِنَّهُم يَقْذِفُوْن فِيْهَا وَيْزِيدُوْن"وهذا في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري.فالكاهن, قال للرجل (لا تخرج )فإنك إن خرجت تموت، عاند فخرج. هذه هي الكلمة من الحق،فالكاهن يخلطها بمائة كلمة، يأتي في المرة القادمة وهو كذاب ليس عنده شيء من الحق، يقول له: لا تخرج، إنك إن خرجت أصبت بكذا وكذا فإذا أراد أن يخرج قالوا له أولا تذكر يوم قال لفلان: لاتخرج، فخرج فمات، فما يؤمنك أن يكون محقًا في هذه المرة كما كان محقًا في المرة التي كانت قبل ذلك فيتهيب الخروج.
أَكْثَر مِن يُعْطُوْن آَذَانِهِم لِلْكَهَنَة أَصْحَاب الْأَمْوَال وَأَصْحَاب الْمَنَاصِب:ولذلك كثير من الناس في هذه الأمة يعطون آذانهم للكهنة وأكثر من يتعاطى ذلك أصحاب الأموال وأصحاب المناصب. أصحاب الأموال ورأس المال جبان. وكثير من أصحاب الأموال علاقته بالدين واهية فهو يلجأ إلى أمثال هؤلاء، ويصدقهم بلا مثنوية وبلا معارضة وكذلك أصحاب المناصب الكبيرة.
والحديث المعروف حديث صهيب الرومي في صحيح مسلم وهو حديث الساحر والراهب، في سنن الإمام الترمذي في مطلع هذه الحديث قال: "كَان مَلِك مِمَّن كَان قَبْلَكُم كَان لَه كَاهِن يَكْهَن لَه " والكاهن هو الساحر كما في حديث مسلم في حديث حماد بن سلمة.
أما في سنن الترمذي حديث معمر بن راشد عن ثابت بن أسلم البوناني هذا الملك كان له كاهن يكهن له أي كان له ساحر يسحر له فهؤلاء الكهنة الذين يدعون معرفة الكوائن المستقبلية يأخذون كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "الْكَلِمَة مِن الْحَق ثُم يَخْلِّطُونَهَا بِمِائَة كَذَبَة" لتدخلهم في علم الغيب .
أَنْوَاع الْغَيْب:
1- إما أن يكون غيبًا مطلقًا:وهذا لا يعلمه إلا الله ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ (النمل :65)
2- إما أن يكون غيباً نسبياً :كهذه الكلمة من الغيب التي يخطفها الجني.
مثال ذلك : قضى الله -عز وجل- أن فلانًا سيموت هذا القضاء ابتداءً لا يعرفه ملك مقرب لا يعرفه إلا الله فإذا جاء أجل فلان أعلم الله -عز وجل- الملك الموكل بهذا أن فلانًا سيموت لم يعد غيبًا مطلقًا إنما صار غيبًا نسبيًا بالنسبة لبعض الملائكة غير الموكلين بمثل هذا الأمر وهو غيب بالنسبة لبني آدم الذين لا يعرفون شيئًا منه أيضًا فالخبر إذا نزل إلى السماء الدنيا تمهيدًا لنزوله إلى الأرض حتى يُقضى أمر الله تبارك وتعالى صار غيبًا نسبيًا هنا الجن عندما يخطفون الكلمة من هذا الغيب النسبي فهو غيب كامل بالنسبة لبني آدم وبالنسبة للذي سينزل به البلاء سواء كان موتًا أو كان مصيبة أو نحو ذلك فإذا أخبر الكاهن بشيء من هذا فيقع في رُوعِ الناس أنه يعلم الغيب .
فكلما أراد أن يسافر أتى الكاهن أسافر أم لا ؟ فيبتزه هذا الكاهن ويدعي معرفة علم الغيب وهو لا يعرفه على الحقيقة أي الغيب النسبي لا يعرفه على الحقيقة ولكن يوهم هذا السائل أنه يعرف يقول له افعل كذا ولا تفعل كذا وإذا وقع به كأن يقول مثلا لا لا سافر الطريق أمان فإذا سافر فوقعت مصيبة لهذا المسافر يقول نعم إنك خالفت أنا قلت لك كذا وكذا ولكنك لم تسمع ثم يبدأ يفتري ويبدأ يزيد إذا وقع في صدور الناس مثل هذا أشركوا بالله تبارك وتعالى.
كَيْف حَسَم الْنَّبِي _صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَمَر الْكُهَّان ؟ولذلك حسم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الأمر فقال (فلا تأتهم)
طُرُق الْكَهَنَة فِي تَثْبِيْت مَا يَقُوْلُوْن وَمَا يَدُل عَلَي ذَلِك:ثم إن الكهنة لهم طرق في تثبيت ما يقولون ويرتكبون ما يسمى بالسجع والسجع هو النثر المقفى الكلام إما أن يكون شعراً وإما أن يكون نثرًا، الشعر له وزن وله قافية، النثر إذا كان النثر مقفيً فيقال عنه سجع تكون نهاية كل فِقرة على نفس حرف الفقرة التي تليها الكهنة كانوا يسجعون يفعلون ذلك مَايَدُل عَلَي ذَلِك:كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في الصحيحين" أَن امْرَأَتَيْن مِن هُذَيْل اقْتَتَلَتَا فَرَمَت إِحْدَاهُن الْأُخْرَى بِحَجَر فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- فِي الْجَنِيْن غُرَّة"_ أمة أو وليدة_ وقضى بدية المرأة على عاقلتها"
فقال: حَملُ ابن النابغة يا رسول الله كيف أغرم -وهو يعترض على دية الجنين- من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يُطل)هذا هو السجع كل فقرة تنتهي بحرف اللام (كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل )(استهل) أي_ استهل صارخاً_ أي أنه حتى لم يصرخ لأنه مات في بطن أمه فمثل ذلك( يُطل) أي أهدر دمه.
وجه الدلالة: يقول حَملُ ابن النابغة لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا صرخ فمثل هذا المفروض نهدر دمه ولا دية له. فقال -عليه الصلاة والسلام-( إِنَّمَا هَذَا مِن إِخْوَان الْكُهَّان) ذمًا لسجعه الذي سجعه.
وفي حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- في صحيح مسلم في هذه القضية قال -عليه الصلاة والسلام-( أَسَجْعٌ كَسَجْع الْأَعْرَاب) وفي بعض الروايات قال(أَسَجْعٌ كَسَجْع الْأَعْرَاب الكاهن يستخدم السجع في هذه المسألة.
مَايَدُل عَلَي فَرّاسَة عُمَر بْن الْخَطَّاب _رَضِي الْلَّه عَنْه_:مثلما روى الإمام البخاري رحمه الله في كتاب مناقب الأنصار من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "مَا كَان عُمَر يَقُوْل لِشَيْء أَظُنُّه كَذَا إِلَّا كَان كَمَا ظَن، وَإِنَّه مُر بِه يَوْما رَجُل جَمِيْل فَقَال عُمَر: إِن ظَنّي لْخْطأ إِلَّم يَكُن هَذَا الْرَّجُل عَلَى دِيَن قَوْمِه أَو كَان كَاهِنا لَهُم فِي الْجَاهِلِيَّة".هذا من فراسة عمر -رضي الله عنه- مر به رجل فقال هذا الرجل إما أنه على دين قومه، أو أنه كان كاهنًا لقومه في الجاهلية. (فلما مر به الرجل)_ وهذا الرجل هو سواد بن قارب -رضي الله عنه-" فَقَال لَه عُمَر مَا دَار بِظَنِّه قَال لَه أَنْت رَجُل مِن اثْنَيْن إِمَّا أَن تَكُوْن عَلَى دِيَن قَوْمَك -يَعْنِي كَافِرا- أَو أَن تَكُوْن كَاهِنا لَهُم بِالْجَاهِلِيَّ ة، فَقَال الْرَّجُل مَا رَأَيْت كَالْيَوْم أسْتُقْبِل بِه -أي بهذا القول- رجلٌ مسلم، فقال له عمر: ناشدتك الله لما أخبرتني -أي قل الحقيقة - قَال: كُنْت كَاهِنا لَهُم فِي الْجَاهِلِيَّة - صدق ظن عمر رضي الله عنهقَال: حَدَّثَنِي بِأَغْرَب شَيْء جَاءَتْك بِه جِنِّيَّتُك، فَقَال: جَاءَتْنِي جَنِيَّتِي يَوْما وَهِي مَذْعُوْرَة_يعني كانت مذعورة ذعراً لم أره عليها قبل ذلك_فقالت،: ألم تر إلى الجن وإبلاسها وإفلاسها بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها)فهذا كله سجع–(القلاص)_ هي الإبل (الحِلس)_المكان الذي تبرك فيه الإبل-(فقال عمرُ صدقت)
ثم ذكر عبد الله بن عمر كلامًا نسبه إلى عمر ولكن حقق العلماء أن هذا الكلام من تتمة كلام سواد بن قارب رضي الله عنه:"قَال كُنْت يَوْما عِنْدَهُم فَأَتَى رَجُل بِعِجْل فَذَبَحَه فَسَمِعْت صَوْتا مِن دَاخِل هَذَا الْعِجْل كَأَعْلَى مَا أَنْت سَامِع قَال: يَا جَلِيْح أَمْر نَجِيْح رَجُل فَصِيْح يَقُوْل لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه،) (يَا جَلِيْح أَمْر نَجِيْح رَجُل فَصِيْح) كُل هَذَا سَجْع ،(قَال فَقُلْت وَالْلَّه لَا أَقُوْم حَتَّى أَعْلَم الْخَبَر قَال فَرَدَّد الْصَّوْت مَرَّة أُخْرَى قَال: يَا جَلِيْح أَمْر نَجِيْح رَجُل فَصِيْح يَقُوْل لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه،فَلَم نَنْشَب حَتَّى قِيَل هَذَا نَبِي "_يعني كان هذا في بدو مبعث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
فَالسَّجّع صِفَة مِن صِفَات الْكُهَّان :ولذلك كان الكهنة قديمًا يفصلون بين الشعراء الكاهن فالكاهن يستخدم السجع والشعر له وزن وروي وقافية و هذا أيضًا أتي في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم في صحيحه في قصة إسلامه -رضي الله عنه-" لما نزل أبو ذر مع أخيه أُنيس وأمه ونزلوا جميعًا مكة قال أبو ذر فنافر أُنيس رجلاً آخر عن صرمتنا ومثلها -الصرمة الناقة- أنيس أخو أبي ذر لما دخل مكة وجد رجلاً شاعرًا كأن هذا الشاعر يتحدى يقول من يباريني في الشعر وكان أنيس رجلاً شاعرًا مُجيدًا فتحاكما إلى كاهن من الكهان وعملوا كجائزة لمن يكسب يأخذ ناقة الآخر هذا معنى (فنافر أُنيس رجلاً آخر على صرمتنا ومثلها) أي تراهن مع الرجل الآخر من يكسب يأخذ ناقة الرجل الآخر قال:" فَحَكَم الْكَاهِن لَأَنْيَس أَنَّه أَشْعَر الْرَّجُلَيْن فَأَخَذ أُنَيْس صِرْمَة هَذَا الْرَّجُل الْآَخَر وَجَاء بِصِرْمَتِه وَمِثْلُهَا _" أي بصِرمة الرجل الآخر,فالكهنة كانوا يحكمون بين الشعراء لخبرتهم بالألفاظ هذا من صفات الكهنة .
أَفْضَل الْكَلِم عَلَى الْإِطْلَاق دُعَاء الْنَّبِي _صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم :كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكره السجع في الدعاء الإنسان إذا دعا لا يتكلف في الكلام تجد مثلاً في دعاء الأئمة في المساجد بالذات في رمضان في الليلة الختامية لاسيما في الحرم أو في غيره يتكلفون السجع في الدعاء وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه. خير الدعاء ما خرج من القلب وأكثر الناس لا يستطيعون تكلف السجع لأنه يحتاج إلى ملكة ويحتاج إلى مُعجم لغوي فالذي يتأنق في دعائه يشغله اختيار الألفاظ عن استجماع القلب في الدعاء لكن الكلام إذا خرج هكذا بلا تكلف يكون سجعاً يعني غير متكلف فهذا لا بأس به وقد خرج كثير من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- مسجوعًا ليس هو سجع التكلف لذلك أي إنسان يريد أن يدعو فليتخير من دعاء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لأنه أفضل الكلم على الإطلاق أنت مهما تأنقت واخترت أجود الكلام فإنك لن تبلغ لفظ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وحتى لو سلمنا جدلاً أنك بلغت ذلك فهناك مزية لدعاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه لايدعو الله -عز وجل- إلا بأحب الكلام إليه تبارك وتعالى فأنت إذا التزمت دعاءه -عليه الصلاة والسلام- فقد التزمت أحب الكلام إلى الله تبارك وتعالى.
حُكْم حُلْوَان الْكَاهِن وَأَجْر الْكَهَانَة وَالْدَّلِيل عَلَي ذَلِك :الكهان لأنهم يرتكبون كل هذا فحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- حلوان الكاهن وحرم أجر الكهانة. حديث أبي مسعود ألبدري في الصحيحين"نَهَى رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- عَن حُلْوَان الْكَاهِن" وهذا فيه إجماع من العلماء أن حلوان الكاهن حرام.
مَايَدُل عَلَي وَرِع أَبُو بَكْر_ رَضِي الْلَّه عَنْه_ وَمَتِين دِيَانَتُه وأبو بكر -رضي الله عنه- فعل شيئًا هو معفوٌ عنه إذا لم يكن للمرء به علم, ولكن أبو بكر أبو بكر ليس له نظير في ورعه ومتين ديانته .
1-روى البخاري في صحيحه في كتاب مناقب الأنصار من حديث عائشة -رضي الله عنه- قالت: "كَان غُلَام لِأَبِي بَكْر وَكَان أَبُو بَكْر يَأْكُل مِن خَرَاجِه._يعني كان أبو بكر -رضي الله عنه- يفرض مبلغًا معلومًا على هذا العبد فهذا الغلام كان يأتي لأبي بكر بخراجه أي المبلغ المعلوم الذي كان يأخذه أبو بكر منه في اليوم وفي يوم من الأيام جاء هذا الغلام إلي أبي بكر بطعام فأكله أبو بكر على عادته"فَقَال لَه الْغُلَام أَوَتَدْرِي هَذَا الَّذِي أَكَلَتْه مِن أَيْن هُو؟ قَال لَه لَا، فَقَال كُنْت تَكَهَّنْت لِإِنْسَان فِي الْجَاهِلِيَّة وَخَدَعْتُه"_أي أن الغلام تكهن لرجل في الجاهلية وخدعه , فهذا الغلام لقي هذا الرجل في هذا اليوم فأعطاه أجرة كهانته فقال لأبي بكر فهذا الذي أكلته من هذه الكهانة التي كانت في الجاهلية، قالت " فَوَضَع أَبُو بَكْر أُصْبُعَه فِي فَمِه حَتَّى اسْتَقَاء كُل مَا أَكَلَه،"حتى قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى( لا أعلم أحدًا استقاء من طعام حرام غير أبي بكر -رضي الله عنه- )
2-وقد وقع هذا لأبي بكر أيضًا في غيرما مناسبة منها مارواه عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح:"أَن الْنُّعَيْمَان بْن عَمْرِو وَكَان أَحَد أَصْحَاب الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- وَكَانَت فِيْه دُعَابَة نَزَلُوْا عِنْد قَوْم فَكَان يَقُوْل يَكُوْن كَذَا وَكَذَا فَكَانُوْا يُعْطُوْنَه عَلَى مَا يَقُوْل فَلَمَّا رَأَى أَبُو بَكْر ذَلِك قَال أَلَا أُرَانِي آَكُل مِن كَهَانَة الْنُّعَيْمَان مُنْذ الْيَوْم أَو قَال سَائِر الْيَوْم فَوَضَع أُصْبُعَه فِي حَلْقِه وَاسْتِقَاء مَا أَكَل "
3-وكذلك حدث في مرة أخرى كما في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- وهو حديث أو هي واقعة صحيحة" أَن الْنُّعَيْمَان أَيَضا أَو هُو رَجُل آَخَر بِخِلَاف الْنُّعَيْمَان نَزَّل عَلَى امْرَأَة مِن الْعَرَب وَقَال لَهَا تَلِدِيْن ذِكْرا ثُم سَجْع لَهَا أَسَجَاعَا"_أيضاً استخدم السجع الذي كنا نتكلم عنه منذ قليل _"فَأَعْطَتْه الْمَرْأَة شَيْئاً فِي مُقَابِل هَذَا الْسَّجْع فَأَكَل مِنْه أَبُو بَكْر -رَضِي الْلَّه عَنْه- فَلَمَّا عَلِم مَا قَالَه الْنُّعَيْمَان أَو غَيْرِه اسْتَقَاء كُل مَا أَكَل"
الْحُكْم إِذَا أَكَل الْمَرْء طَعَاما حرَاما أَو بِه شُبْهَة وَهُو لَايَدْرِي:إذا أكل المرء طعامًا حرامًا وهو لا يدري أو أكل طعامًا فيه شبهة وهو لا يدري فليس عليه أن يستقيء من هذا بل مضى ذلك وهو معفو عنه ولكن قانون الورع يختلف عن قانون الجواز والذي هو أساسه الحلال والحرام، لا قانون الورع هذا يكون فوق قانون الجواز، وما يكون جائزًا عند الذين يقفون عند الجواز ولا حرج عليهم في ذلك لا يكون كذلك عند أهل الورع.
حُكْم الْكَاهِن وَالْكَهَانَة: باختصار الكهانة حرام والكاهن مرتكب لحرام كبير باتفاق العلماء وإذا عُلم أن هذا رجل يتكهن فينبغي لمن له سلطان عليه أن يمنعه من ذلك فإلم ينتهي أنزل به العقوبة الموجعة,لذلك الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما قال له معاوية -رضي الله عنه- "وَإِن مِنَّا رِجَالْا يَأْتُوْن الْكُهَّان، قَال فَلَا تَأْتِهِم،"حسم المادة بهذا النهي الجازم للمسألة.بخلاف المسألة الثانية لما"قَال لَه يَا رَسُوْل الْلَّه وَمِنَّا رِجَال يَتَطَيَّرُون " انظر كيف أجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- ووازن بين هذه الإجابة وبين الإجابة عن مسألة الكُهان، "قَال وَمِنَّا رِجَال يَتَطَيَّرُون قَال ذَاك شَيْء يَجِدُوْنَه فِي صُدُوْرِهِم فَلَا يَصُدَّنَّهُم. "
أصل الطيرة: منسوبة إلى الطير وكان العرب يراقبون السانح والبارح كانت هذه صفات للطير يريد الذهاب لمشوار معين فعندما يخرج من البيت ينظر إلى أي طائر فإذا طار الطائر يمينًا يستبشر وهو مايسمي (بالسانح)وإذا طار يساراُ يتشاءم وهو مايسمي (بالبارح)
مَا هُو فِقْه الطَّيَرَان يَمِيْناً أَو شِمَالَا مَا هُو الْعَلَم الْكَامِن تَحْت هَذِه الْنَّظَرِيَّة؟الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال ليس شيء من هذا حقيقي إنما هذا شيء يجدونه في صدورهم أي لا حقيقة له فإذا رأيت شيئًا من هذا فلا يصدنك ما تجده في صدرك أن تتمم حاجتك (فنهى عن ذلك نهيًا رفيقًا)
أَشَد مايَتَطَّيّر بِه أَهْل الْجَاهِلِيَّة وَمَايَدّل عَلَي ذَلِك:كان أهل الجاهلية يتطيرون أشد ما يكون التطير في ثلاثة أشياء كانوا يتطيرون بالمرأة ويتطيرون بالدار ويتطيرون بالفرس.
الدليل: وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- كما عند أحمد وغيره بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" إِن الطِّيَرَة تَكُوْن فِي الْمَرْأَة وَالْفَرَس وَالْدََّار" فِي رِوَايَة أَحْمَد "أَن رَجُلَيْن سَمْعا هَذَا الْكَلَام مِن أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- فَجَاءَا إِلَى عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- فَقَالَا إِنَّا سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَة يَقُوْل: قَال رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- إِن الطِّيَرَة تَكُوْن فِي الْمَرْأَة وَالْفَرَس وَالْدَّار." قال أبو حسان الأعرج راوي هذا الحديث"فَلَمَّا سَمِعَت عَائِشَة ذَلِك غَضِبْت حَتَّى طَارَت شُقَّة مِنْهَا فِي الْأَرْض وَشُقّة فِي الْسَّمَاء"_ يعني كأنما انفلقت فلقتين من الغضب والغيظ لما سمعت هذا، فطارت فِلقةٌ في السماء وفِلقةٌ في الأرض وقالت :" وَالْلَّه مَا قَال رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- هَذَا إِنَّمَا كَان يَقُوْل: كَان أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَقُوْلُوْن إِن الطِّيَرَة فِي الْمَرْأَة وَالْفَرَس وَالْدَّار""
بَعْض الَّذِيْن يَطْعَنُون عَلَى أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- تمْسِكُوْا بِمِثْل هَذَا الْحَدِيْث وَبِغَيْرِه: مما أنكرته عائشة -رضي الله عنها- على أبي هريرة ويقولون أن أبا هريرة لم يكن يحفظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وكذبوا، فإن أبا هريرة حافظ الصحابة بلا مدافع وقد شهد له بذلك جمع من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كابن عمر وكطلحة بن عبيد الله وكزيد ثابت -رضي الله عنه-
وَهُنَاك دَلَائِل كَثِيْرَة عَلَى حِفْظ أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- وَأَنَّه لَم يَكُن يَهِم فِي الْحَدِيْث بَل كَان ثَبْتاً فِي نَقْلِه عَن الْنَّبِي -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام - ومنه حديث البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-" قَال سَأَلْت الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَوْما فَقُلْت لَه مَن أَسْعَد الْنَّاس بِسعَادَيَتك، فَقَال يَا أبَي هُرَيْرَة مَا ظَنَنْت أَن يَسْأَلُنِي عَن هَذَا الْحَدِيْث أَحَد قَبْلَك لَما أَعْلَمَه مِن حِرْصِك عَلَى الْحَدِيْث أَسْعَد الْنَّاس بِشَفَاعَتِي مَن قَال لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه خَالِصا مِن نَفْسِه."
وروى الإمام النسائي في كتاب العلم من السنن الكبرى بسند حسن عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وهو أحد كتاب الوحي وهو الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفرضهم زيد أي أعلمهم بالفرائض، قال:" زَيْد وَجَاءَه رَجُل يَسْأَلُه مَسْأَلَة فَقَال لَه زَيْد عَلَيْك بِأَبِي هُرَيْرَة فَقَال لَه الْرَّجُل لَمَّا قَص عَلَيْه زَيْد الْوَاقِعَة الْتَّالِيَة قَال : بَيْنَمَا أَنَا جَالِس أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَة وَرَجُل آَخَر مِن الْأَنْصَار إِذ قُلْنَا لِيَدْع أَحَدُنَا وَلْيُؤْمِن الْآَخَرَان،_ يَعْنِي كُل وَاحِد مِن الثَّلَاثَة يَدْعُو الْآَخَرَان يُؤْمِنَان عَلَى دُعَاءَه،_ قَال زَيْد: فَدَعَوْت وَأَمِن صَاحِبَاي، وَدَعَا صَاحِبُنْا وَأَمِنَت وَأَبُو هُرَيْرَة، فَلَمَّا جَاء دَوْر الْدُّعَاء عَلَى أَبِي هُرَيْرَة خَرَج عَلَيْنَا رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم- فَسَكَتْنَا، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام-: مَاذَا كُنْتُم تَصْنَعُوْن ؟ قُلْنَا يَا رَسُوْل الْلَّه: قُلْنَا لِيَدْعُو أَحَدُنَا وَلْيُؤْمِن الْآَخَرَان، فَقَال الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- لِيَدْعُو أَحَدُكُم فَكَان الدَّوْر عَلَى أَبِي هُرَيْرَة، فَقَال أَبُو هُرَيْرَة الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك مَا سَأَلَك صَاحِبَاي. _ كَذَلِك اخْتَصَر أَبُو هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- دُعَاء صَاحِبَيْه فِي هَذَا الْكَلِمَة ، قَال:" الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك مَا سَأَلَك صَاحِبَاي وَأَسْأَلُك عِلْماً لَا يَنْسَى، فَأَمِن رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- وَأَمِن الْرَّجُلَان، فَقَال زَيْد وَنَحْن يَا رَسُوْل الْلَّه نَسْأَل الْلَّه عِلْما لَا يَنْسَى، فَقَال -عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام- سَبَقَكُمَا بِهَا هَذَا الْغُلَام الْدَّوْسِي"
وهذا مما يدل دلالة صريحة على أن هذا مم اختص به أبو هريرة -رضي الله عنه- وإلا لو كان الأمر مبذولاً وليس من خصائص أبي هريرة -رضي الله عنه- لأمن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على دعاء زيد،.
وَهُنَاك أَحَادِيْث كَثِيْرَة مَشْهُوْرَة تَدُل عَلَى حِفْظ أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- وَأَن هَذَا كَان خِصِّيْصَة لَه دُوْن غَيْرِه مِن سَائِر الْأَصْحَاب.
حتى أن عائشة -رضي الله عنها- كما في مستدرك الحاكم بسند جيد "لمَّا أَنْكَرْت عَلَى أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي الْلَّه عَنْه- بَعْض مَا يَحْدُث فَقَال لَهَا يَا أُم إِنَّه كَان يَشْغَلُك عَن رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- الْمُشْط وَالْمِرْآة، وَأَنَا كُنْت أَدُوْر مَع الْنَّبِي -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- عَلَى مِلْء بَطْنِي"
الْشَّاهِد مِن الْحَدِيْث:يعني لم يكن له شاغل في الدنيا إلا أن يرمق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينقل صفته، ينقل انفعاله، ينقل كلامه، ينقل سكوته، ينقل كل شيء ، كان كأنه الكاميرا المسجلة للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
فبين عذره حتى أنه قال أيضًا:" إِن إِخْوَانَنَا مِن الْمُهَاجِرِيْن كَان تَشْغَلُهُم تِجَارَاتِهِم وَإِخْوَانِنَا مِن الْأَنْصَار كَانَت تَشْغَلُهُم زُرَاعَاتِهُم أَمَّا أَنَا فَكُنْت امْرَء مِسْكِيْناً مُلْصَقاً بِرَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- أَمْشِي مَعَه عَلَى مِلْء بَطْنِي"
حتى أن ابن عمر في واقعة له مع أبي هريرة فيما يتعلق بكلب الزرع وغيره شهد لأبي هريرة بأنه كان يحضر إذا غاب الصحابة وكان يحفظ إذا نسي الصحابة.أنا أقول هذا الكلام لأن هذا الباب ذلت فيه أقدام رجال من الفضلاء سواء من المتقدمين أو من المعاصرين إذ ظنوا أن لعائشة -رضي الله عنها- مذهبًا يخالف مذهب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتوا بمثل هذه الواقعة وغيرها في الاعتراض على أبي هريرة وغيره وهذا أمر لا بد لي من وقفة معه لأبين هل عائشة -رضي الله عنها- كانت تنكر أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بظاهر القرآن وأنه كان مذهبًا لها أم لا؟ وهل العلماء سلموا لهذا الكلام أم أن لهم في ذلك كلام وتأويلات؟ هذا ما سنتناوله إن شاء الله تعالى في المرة القادمة إن جمعني الله بكم مرة أخرى
وَاللَّه تَبَارَك وَتَعَالَى أَسْأَل أَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم وَمَا سَمِعْتُمُوْه مِنِّي زَاداً إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّاً إِلَى يُمن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْلٍ كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد.
انْتَهَي الْدَّرْس الْثَّالِث