مالي أرى الأقلام قد جفت، أين أنتم يا شيوخنا الأفاضل.
عرض للطباعة
مالي أرى الأقلام قد جفت، أين أنتم يا شيوخنا الأفاضل.
دراجة تكسر يدي!
ذات صباح جمعة، تاقت نفسي لقيادة دراجة جارنا؛ فأعطانيها بكل حب وود، لكن والدي الكريم -رعاه الله-:حذّرني، لكني أصررت، فقال لي: ستكسر يدك! أيضاً، لا زلت في جموحي (وما ألج جموح الصغار!)
امتطيت الدراجة الهوائية (وكانت كبيرة على عمري، حتى أني أصعد إليها عبر وصلة توصلني بها!) وكنت في فرح وانتشاء، لا يعلمه إلا صغير السن!
ذهبت في حاجة أهلي (وأظن، كان شراء لبن ماعز) ولم تكسر يدي أو تنكسر -والحمد لله-!
وعند رجوعي، صعدت على مرتفع؛ لكي أتمكن من الركوب والقيادة، ومضيت أسابق الريح، وفي منعطف حاد (ولم أكن قبل أعرف خطر المنعطفات!) انحرفت دراجتي المستعارة، عن جادة الطريق، فكاد وجهي أن يرتطم في جدار عشوائي، فحرفت رأسي، واتقيت الجدار بيدي الصغيرتين، لم تثبت الدراجة (لأنها دراجة!) فانزلقت، وكدت أن أسقط الأرض على وجهي البريء أخرى؛ فاتقيتها بيدي أخرى (وهنا، كانت يد واحدة) فلم تقو الضعيفة النحيلة، قوة الهوي؛ فانكسرت كسراً، سمعت صوته بأذني المرهفة، وأحسسته بقلبي المتعب!
قمت على الفور، ويدي اليمنى آخذة باليسرى (وهكذا يكون التعاضد لا التحاسد!) وأنا أكرر -دون شعور-: يدّي انكسرت!
تركت الدراجة الجانية، ملقية على قارعة الطريق، ولا أدري، هل قادها أحد، أو عاد لها صاحبها، فلم أعد أفكر فيها، بل كان همي المهم، هو: كيف أقابل والدي الذي حذرني من كسر يدي؟ بل كيف أقابل والدتي المسكينة، التي لا تحتمل هاته المواقف (وهكذا هن النساء!)
لما وصلت، تركتْ يدي العاضدي أختها، فتدنت وتلوت، من وسط الساعد، كأنما هو الرسغ!
صاحت المسكينة، وانهمرت أعينها بالدموع الغوالي (وما أغلى دمع الأم، وأنا جد حريص، أن لا تبكي أمي)
سمعت صياح والدي نحوي، وتبكيته لي، وتشنيعه علي، أن لا أسمع نصحه، وأظنني سمعته يقول (الذي ما يسمع كبيره، كبيره الشيطان!)
لبست الحنونة.. جلبابها وخمارها، (وهذا هو لبسها، ولبس بناتها، ولبس غالب البلاد -والحمد لله-) وأخذتني إلى مسجد، حفظت فيه القرآن، وأنا دون البلوغ، وكثيراً من المتون العلمية -والحمد لله-.
ذهب بي صهري، مع أستاذ لي، إلى المشفى، ورجعت الفاضلة، وقلبها معي، ولا أعلم، كيف كانت ساعة فراقي؟! إلا أني أوقن، أنها لم تذق السعادة والراحة، فالله يكافؤها خيراً، ويكفيها ضيراً-!
وأجدني قد رهقت، من تذكار تيك الساعة؛ فوضعت قلمي، حذراً من نزف كلْمي!
الدرس المستفاد:
-براءة الصغير، لا تنئيه عن نتاج تصرفه الخاطئ.
-بر الوالدين، نجاة وسلامة، وعصيانهما، عطب وندامة.
-دواء الكبار، مضر بالصغار.