تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
قال أبو يعلى في ( مسنده ) [رقم/5]: ( حدتنا موسى بن محمد بن حيان أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث أخبرنا عبد العزيز الأندراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه : أن عمر اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه فقال : ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ فقال : إن هذا أوردني الموارد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
5- [صحيح] الموقوف منه فقط: أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة [1/رقم/ 7/مع عجالة الراغب]، والبيهقي في الشعب [4/ رقم/ 4947]، والدارقطني في العلل [161/1]، وفي «الأفراد والغرائب» [1/ 33/أطرافه/الطبعة التدمرية]، والضياء في المختارة [1/ 76]، والخطيب في الفصل للوصل [1/ 201]، كلهم من طريق موسى بن محمد بن حيان عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر به موقوفًا ومرفوعًا ...
قال الهيثمي في المجمع [10/ 543]: «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن محمد بن حيان وقد وثقه ابن حبان».
وتعقبه المناوي في الفيض [5 /367 ] بقوله: « وأقول: ليس توثيقه بمتفق عليه؛ فقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه أبو زرعة ».
ولم يُعْجِب أبا الفيض الغماري هذا التعقب ! فقال في المداوي [5/342] يردُ على المناوي : « انظر هذا وتعجَّب من غفلة هذا الرجل !- يعني المناوي - ... » ثم ذكر أن موسى بن حيان قد توبع عليه.
والغماري مغرم بانتقاد المناوي في كل ما دق وجلَّ ! كما كان المناوي مغرم بتعقب السيوطي في كل صغير وكبير ! ولا يخفى ما يكون في هذا الانتقاد وذاك التعقب من التمحُّل في كثير من المواطن !
وتعقُّبُ المناوي الماضي في محله الذي خُلِقَ له ! وهو لم يُضَعِّف الحديث رأسًا ، أو لم يجزم بتفرد « موسى بن حيان » به حتى يروق للغماري سعيَه بتطلُّب التعجُّب من الناظر في كلامه !
نعم: موسى بن حيان وإن ذكره ابن حبان في « الثقات » ومشَّاه الخطيب، لكن ترك أبو زرعة الرازي حديثه!
غير أنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه غيره عن عبد الصمد به .. منهم:
1- عبد الرحمن بن زبَّان بن الحكم الطائي: عند ابن أبي الدنيا في الورع [رقم 92]، وفي الصمت [رقم 31/طبعة دار الكتاب العربي]، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل [1/ 201، 202]، والدارقطني في العلل [1/ 161]، وأبو بكر ابن النقور في الفوائد الحسان [رقم/13/طبعة أضواء السلف]، وغيرهم من طريق عبد الرحمن به نحوه …
وابن زبان هذا: ترجمه الخطيب في تاريخه [10/ 267]، والذهبي في تاريخه «وفيات: 249هـ »، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا !
وقد تصحف اسمه عند ابن النقور إلى « عبد الله » بدل: « عبد الرحمن » ! فظنه المعلق الفاضل عليه :« عبد الله بن محمد بن شاكر البغدادي المقرئ!» وشَرَع يترجم له ! ولم يفعل شيئًا !
وكذا قد تصحَّف اسم أبيه « زبَّان » – بالباء- عند ابن أبي الدنيا في الصمت « طبعة دار الكتاب العربي، وكذا في طبعة مؤسسة الكتب الثقافية [ص/37/رقم 13] » إلى : « زيَّان » بالياء ! ولم ينتبه له المحدث الحويني في تعليقه عليه !
2- ومحمد بن الحسين بن إشكاب: عند العسكري في تصحيفات المحدثين [1/ 295/طبعة المطبعة العربية الحديثة]، وابن السني في اليوم والليلة [رقم/ 7/مع عجالة الراغب]، وابن المقرئ في معجمه [ص/ رقم 823/طبعة الرشد]، وأبي نعيم للأصبهاني في تسمية الرواة عن سعيد بن منصور [رقم/25]، وغيرهم من طريق ابن إشكاب به نحوه ... وهو عند العسكري بالموقوف منه فقط. وعند الدارقطني إشارة !
وابن إشكاب هذا: ثقة حافظ مأمون من رجال التهذيب. فالإسناد ثابت إلى عبد الصمد بن عبد الوارث به ….
وقد ساقه الإمام الألباني من هذا الطريق في الصحيحة [2/ 34] ثم قال: « فالحديث صحيح الإسناد…!».
وقبله قال ابن كثير : «إسناده جيد»! نقله عنه السيوطي في الجامع الكبير [2/527/2- مصورة المكتب]، كما في الصحيحة [34/2]، وعنه الهندي في كنز العمال [رقم/ 8890].
والتحقيق: أن المرفوع من الحديث منكر ولا بد! والموقوف منه صحيح ثابت.
والطريق المرفوع الماضي وإن كان ظاهره السلامة إلا أنه معلول !
وعبد الصمد بن عبد الوارث - وإن كان ثقة له أوهام – إلا أنه لم يضبطه عن الداروردي !
فقال الدارقطني عقب روايته في الأفراد: « تفرد به عبد الصمد بن عبد الوارث عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر…
قال ابن صاعد: كذا قال عبد الصمد، أدرج الحديث المسند بالموقوف، وفَصَلَه لنا عبد الله بن عمران العابِدي عن الدَّرَاوَرْدي عن زيد عن أبيه:" أن عمر اطلع على أبي بكر وهو يَدْلَع لسانه آخِذَه بيده، فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله قال: وهل أوردني الموارد إلا هذا "
قال ابن صاعد: هذا آخر الحديث، ثم ابتدأ آخَرُ في إِثْره: قال العابدي: ثنا الدَّرَاوَرْد عن زيد بن أسلم: أن رسول الله قال: «ما من عضو من الأعضاء إلا ويشتكي إلى الله عز وجل ما يلقى من اللسان على حِدَتِه » ».
وقال الدارقطني أيضا في « العلل » بعد أن ساق رواية عبد الصمد : « وهم فيه – يعني عبد الصمد - على الدراوردي! والصواب عنه – يعني عن الداروردي - عن زيد بن أسلم عن أبيه: " أن عمر اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه فقال: هذا أوردني الموارد " وقال الدراوردي: عن زيد بن أسلم أن رسول الله قال كل عضو يشكو …. ».
وقال الخطيب في « الفصل » بعد أن ساق كلام ابن صاعد الماضي، أعني قوله : « كذا قال عبد الصمد، أدرج الحديث المسند بالموقوف، وفَصَلَه لنا عبد الله بن عمران العابِدي….. ».
قال الخطيب: « أما المسند المذكور في هذا الحديث عن رسول الله : فإنما يرويه الدراوردي عن زيد بن أسلم عن رسول الله مرسلا لا ذكر فيه لأبي بكر ولا لعمر ولا أسلم !
وأما الموقوف: فهو كما ساقه عبد الصمد من أول حديثه الى آخر قول أبي بكر" هذا أوردني الموارد " ».
ثم قال الخطيب في ختام كلامه: « ليس في هذا الحديث إشكال يتخوف منه اختلاط كلام النبي بكلام أبي بكر الصديق، وأنما المشكل منه: أن عبد الصمد ابن عبدالوارث روى حديث أبي بكر واتبعه بكلام النبي من غير فاصلة ! فشبه بذلك أن أبا بكر هو الذي رواه إثر قوله، ونسقه في كلامه! ولو ذكر في أحاديث من وصل المرسل المقطوع بالمتصل المرفوع لكان لائقا بذلك الباب، والله الموفق لإدراك الصواب ».
تابع البقية: ....
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
قلتُ:فحاصل هذا: أن عبد الصمد أخطأ في هذا الحديث على الداروردي ! فأدرج ما أرسله زيد بن أسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم - من قوله: « ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان »، عقب قول أبي بكر الموقوف عليه: « هذا أوردني الموارد » ! ولم يفصل بين الموقوف والمرسل ! فأوهم أن المرفوع موصول من رواية أبي بكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم - !
واغتر بذلك من صحح أو جوَّد هذا الطريق من المتأخرين ! ومشوا على ظاهر ذلك الإدراج الخفي !
وقد خولف فيه عبد الصمد ! خالفه عبد الله بن عمران العابِدي – وهو صدوق صالح من رجال الترمذي – فرواه عن الدراوردي ففصَّله تفصيلا ، وميَّز الموقوف من قول أبي بكر، والمرسل عن زيد بن أسلم.
فقال: « ثنا الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب " اطلع على أبي بكر وهو مدلع لسانه، [فـ] أخذ بيده فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟ فقال: وهل أوردني الموارد إلا هذا؟ " » ثم قال عقب هذا: « أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم أن رسول الله قال: " ما من عضو من الأعضاء إلا وهو يشتكي إلى الله ما يلقى من اللسان على حدته " » هكذا أخرجه الخطيب في الفصل [1/ 208- 209]- واللفظ له - والدارقطني في العلل [1/ 161]، وفي الأفراد [1/ 33/أطرافه]، من طريق أبي محمد ابن صاعد عن العابدي به …
قال الخطيب: « وروى عبد الله بن عمران العابدي عن عبد العزيز الدراوردي الحديث الذي سقناه عن عبدالصمد بن عبد الوارث عن الدراوردي بطوله، إلا أنه فصل كلام أبي بكر الصديق من كلام رسول الله ، وأفرد لكل واحد منهما إسنادا ».
قلتُ: وهكذا رواه عبيد اللَّه بن عمر القواريري- الثقة الحافظ- عن الدراوردي فقال: عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أنه رأى أبا بكر وهو مدل لسانه، [فـ] أخذه بيده فقال: ما تصنع يا خليفة رسول اللَّه ؟! « فقال: وهل أوردني الموارد إلا هذا » ولم يذكر المرفوع من مرسل زيد بن أسلم ! أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على « الزهد » [رقم/581/طبعة دار ابن رجب] قال: حدثني عبيد الله بن عمر به …
وهذا إسناد جيد من هذا الوجه، وقد توبع عليه الدراوردي كما سيأتي.
وقد وهم المُحدِّث الحُويني في تعليقه على كتاب « الصمت / لابن أبي الدنيا » [ص/51] في هذا الموطن ! وظن أن عبيد الله القواريري يروي هذا الحديث الموقوف عن زيد بن أسلم ! فساق روايته في جملة من تابع الدراوردي عليه عن زيد بن أسلم ! وكذلك رأيته صنع في كتابه النافلة [رقم/16] !
وهي غفلة مكشوفة بلا ريب ! إنما يرويه القواريري عن الدراوردي عن زيد بن أسلم. فانتبه يا رعاك الله.
فإن قلتَ: قد توبع عبد الصمد بن عبد الوارث على الوجه الأول عن الدراوردي !
تابعه سعيد بن منصور ، وإسماعيل بن أبي أويس ، ويعقوب بن حميد ، قالوا : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر :« أنه اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه ، فقال : يا خليفة رسول الله ، ما تصنع ؟ قال : إن هذا أوردني الموارد ، وإني سمعت رسول الله يقول : « ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو اللسان إلى الله على حدته » ! وها قد صرَّح أبو بكر بسماعه من النبي !
قلنا: هذه متابعة باطلة ولو أوقد عليها مُوقِدٌ ألفَ سنة !
فقد أخرجها أبو نعيم في الرواة عن سعيد بن منصور [رقم/23]، من طريق أبي الفرج أحمد بن جعفر النسائي عن أحمد بن محمد بن الصلت عن الثلاثة به ...
أما شيخ أبي نعيم: فمخفِيُّ الحال!! غائب الأحوال ! قال البرقاني: «لا أعرف حاله!!»، كما في تاريخ الخطيب [72/4]، لكن نقل الذهبي في الميزان [87/1]، عن ابن الفرات الحافظ أنه قال: «ليس بثقة!!»
ولم يثبت هذا عن ابن الفرات إن شاء اللَّه . والذهبي قد نقله من تاريخ بغداد [72/4]، ولفظ الخطيب هناك: «حُدِّثت عن محمد بن العباس بن الفرات قال .... » وذكره.
وهذا منقطع لا تقوم به حجة في ثلب الرجل. والصواب التوقف في شأنه حتى يثبت التوثيق أو نقيضه.
وأما ابن الصلت: فما أدراك ما ابن الصلت؟! هو ذلك الساقط المنحط!! وقد كذَّبه الأئمة بخط عريض!! وماذا يُجْدي تحمس الكوثري دونه وهو المكشوف الأمر!!
وقد عركنا أُذُنَ كل مَنْ تعصَّب لهذا الكذاب الأشر في كتابنا: «المحارب الكفيل بتقويم أسنَّة التنكيل». وراجع ترجمته في « تاريخ بغداد »، و« تنكيل المعلمي».
ولسنا نشك في كون تلك المتابعة : هي أنسوجة مزركشة مما عملتْه يداه !
وقد كان ابن الصلت بارعًا جدًا في نسْج الأكاذيب على ألسنة ثقات الرواة والنَّقَلة ! عامله الله بما يستحق.
تابع البقية: ....
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
والحديث: لا يثبت منه إلا الموقوف على أبي بكر وحسب.
وقد توبع الداروردي على هذا الوجه الموقوف عن زيد بن أسلم، تابعه جماعة منهم :
1- مالك بن أنس - الجبل الراسخ- : وروايته في كتابه الموطأ [رقم/ 1788/رواية يحيى الليثي]، و[2/رقم/ 2078 /رواية أبي مصعب الزهري] وعنه ابن وهب في الجامع [1/رقم/ 308/طبعة ابن الجوزي]، وأبو نعيم في الحلية [33/1]، والبيهقي في الشعب [4/ رقم 4990]، والخطيب في الفصل للوصل [1/ 204]، وغيرهم.
2- ومحمد بن عجلان - وهو ثقة له أوهام- : عند ابن أبي شيبة [رقم/26500]، و[رقم/37047]، وفي الأدب [رقم/222 ]، وابن أبي عاصم في الزهد [رقم/ 81]، وغيرهما.
3- وأسامة بن زيد بن أسلم: عند ابن أبي عاصم في الزهد [رقم 22]، وعنه أبو نعيم في الحلية [17/9]، والعسكري في تصحيفات المحدثين [ص 294]، .
4- والقاسم بن عبد اللَّه بن عمر - وهو واهٍ - عند ابن وهب في الجامع [2/رقم/ 412].
5- وهشام بن سعد المدني – ضعيف إلا في زيد بن أسلم - : عند البلاذري في أنساب الأشراف [10/17/طبعة دار الفكر]، والخطيب في الفصل للوصل [1/206]، وأبي عبيد في « غريب الحديث » ومن طريقه الخطيب أيضًا [1/207]، وغيرهم من طريق هشام به نحوه …
[تنبيه] قال الخطيب في «الفصل للوصل» بعد أن ذكر رواية مالك وغيره لهذا الخبر عن زيد بن أسلم: « وخالف الجميع هشام بن سعد! فرواه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب عن أبي بكر الصديق... » !
ومراده بالمخالفة: هي قول هشام « عن زيد عن أبيه عن عمر »، والآخرون يروونه عن « زيد عن أبيه أن عمر ...»، فيكون هشامًا قد جوَّده عن أبيه عن عمر، ويكون غيره قد أرسله عن زيد عن أبيه !
وهو خلاف غير مؤثِّر على التحقيق.
والظاهر عندي: أن أسلم قد سمعه من عمر، فتارة كان يذكر ما يدل على سماعه، وتارة كان يسوق الخبر ولا ينشط لإقامة ما يدل على سماعه له من عمر.
وهشام بن سعد: وإن كان جماعة قد تكلموا فيه، إلا أنه أثبت الناس فى زيد بن أسلم، كما يقول أبو داود.
ولو رجَّحنا رواية مالك ومن تابعه على رواية هشام عن زيد، فالأثر موصول عندنا –أيضًا - إن شاء الله، فهو وإن كان صورته صورة المرسل : « زيد بن أسلم عن أبيه : أن عمر اطلع على أبي بكر ...» لكنه محمول على الاتصال؛ لكونه من رواية أسلم مولى عمر، وهو مَنْ هو في معرفته وخبرته بأحوال عمر.
وبمثل هذا: أجاب الحافظ عن الحديث الذي يرويه هشام بن عروة – عند البخاري [رقم/3683 ]- عن أبيه قال: « توفيت خديجة قبل مخرج النبي إلى المدينة بثلاث سنين فلبث، سنتين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة وهي بنت ست سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين ».
فقال في الفتح [7/224] : « قوله "عن أبيه" هذا صورته مرسل، لكنه لما كان من رواية عروة مع كثرة خبرته بأحوال عائشة يحمل على أنه حمله عنها».
وقد اختلف على هشام بن سعد في إسناده!! فرواه عنه شعيب بن حرب، وأبو نعيم الملائي على الوجه الماضي.
وخالفهما ابن وهب! فرواه عن هشام فقال: عن زيد بن أسلم عن عمر عن أبي بكر به ... وأسقط منه والد زيد!! هكذا رواه ابن وهب في الجامع [1/رقم/ 307].
وتابع هشامًا على هذا الوجه الثاني: يحيى بن عبد اللَّه بن سالم وعبد اللَّه بن عمر العمري عند ابن وهب أيضًا [1/رقم/ 307]- واختلف فيه على العمري كما سيأتي في كلام ابن النقور.
وتابعهم أيضًا على هذا الوجه: داود بن قيس كما ذكره الدارقطني في العلل [161/1] - واختلف عليه كما سيأتي في كلام ابن النقور.
وتابعهم أيضًا: سعير بن الخمس ... ذكره الدارقطني أيضًا.
ثم جاء سفيان الثوري وخالف الجميع!! واختلف عليه فيه ! فرواه عنه ابن المبارك ووكيع ومحمد بن كثير، وأبو داود الحفري، وابن مهدي كلهم قالوا: عن الثوري عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي بكر الصديق به ...!! وأسقط منه عمر!!
هكذا أخرجه ابن المبارك في الزهد [رقم 369]، وابن أبي عاصم في الزهد [رقم 91،02]، وأبو داود في الزهد [رقم/ 30]، وأحمد في الزهد [رقم 563/طبعة دار ابن رجب]، ووكيع في الزهد [رقم/ 281]، وعنه الخرائطي في مكارم الأخلاق [رقم/ 201/المنتقى منه للسِّلَفي /طبعة دار الفكر]، والخطيب في الفصل للوصل [1/205،207]، وغيرهم.
وخالفهم جميعًا: قبيصة بن عقبة! فرواه عن الثوري فقال: «عن زيد بن أسلم عن أبيه أن أبا بكر جعل يلوي لسانه أو يحرك لسانه ويقول هذا أوردني الموارد » ! وأسقط من « أسلم » والد زيد !
هكذا أخرجه هناد في الزهد [2/رقم/1093 ]، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل [1/206]، قال: حدثنا قبيصة به ...
قلتُ: ورواية الجماعة عن الثوري أصح.
وقد غلط المعلق على « الزهد لهناد / طبعة دار الخلفاء للكتاب الإسلامي]، وأقحم في إسناد هناد قوله : « عن أبيه » بين زيد بن أسلم وأبي بكر ! وأشار بالهامش إلى أن تلك الزيادة لم ترد في المخطوط الذي بين يديه ! ولكنه زادها لاتفاق أصحاب الثوري عليها !
وهذا تجاوز منه للحدود! وتعدٍّ على الأصول بالزيادة فيها على المعهود !
تابع البقية: ....
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
ولم ينهض الثوري بإسناد هذا الخبر عن زيد بن أسلم !
وقول من رواه عن زيد بن أسلم على الوجه الأول- بزيادة عمر فيه - هو الأصح.
فقال الدارقطني في علله [161/1]: بعد أن ذكر رواية الثوري: « ويقال: إن هذا وهم من الثوري .... والصحيح من ذلك ما قاله ابن عجلان وهشام بن سعد ومن تابعهما.....». يعني: في روايته عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر به …
وقال أبو بكر ابن النقور في الجزء الأول من الفوائد الحسان [1/133]، كما في الصحيحة [رقم/ 535]: «.... وقيل: إن هذا وهم من الثوري .... ». وقبل ذلك رواه من طريق الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر باللفظ المتقدم -أول التخريج- به مرفوعًا ثم قال: « واختلف عن زيد - يعني ابن أسلم- فرواه هشام بن سعد ومحمد بن عجلان وداود بن قيس وعبد اللَّه بن عمر العمري كرواية عبد العزيز التي رويناها .... » .
قلتُ: ففهم الإمام في الصحيحة [رقم 535] أن هؤلاء المذكورين جميعهم قد تابعوا الدراوردي على لفظه المرفوع!! فقال - يرحمه اللَّه-: « قلتُ: فالحديث صحيح الإسناد على شرط البخاري!! فإن الدراوردي ثقة!! وإن كان من أفراد مسلم، فقد تابعه الجماعة الذين ذكرهم ابن النقور!!...».
قلت: وهذا ما كان أصلاً!! ولن يكون!! ولو كان الإمام - يرحمه اللَّه- تتبع طرق هؤلاء المذكورين - وقد مضت- لأدرك أن هؤلاء ما وافقوا الدراوردي على رفعه البتة بذلك اللفظ المعهود!!
بل ما وافقوه إلا في إسناده عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر به موقوفًا بلفظ: «هذا الذي أوردني الموارد ....»، وهذا هو الذي لا يُفهم من كلام ابن النقور سواه؟!
أما سائره المرفوع فمرسل ليس فيه خير!!
ثم قال الإمام: « .... فالحديث عن زيد بن أسلم صحيح مشهور ..»
قلتُ: نعم ولكن موقوفًا عن أبيه عن عمر عن أبي بكر كما مضى شرحه ...
وأما المرفوع: فهو من مرسل زيد بن أسلم ، كما بيَّن ذلك عبد الله بن عمران العابدي في روايته عن الدراودي عن زيد بن أسلم كما مضى.
وقد جزم الحافظ البزار في مسنده «المعلَّل» [1/161/البحر الزخار] بكون الوجه المرفوع منكرًا؛ فلهذا لم يُسْنده في كتابه وإنما علَّقه ... كذا قال.
وقد وجدت للموقوف عن أبي بكر : طريقًا آخر يرويه النضر بن إسماعيل عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : « رأيت أبا بكر آخذا بطرف لسانه وهو يقول : هذا أوردني الموارد ». أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت [رقم/19 ]، ومن طريقه زين الدين ابن الشماع الحلبي في «ثَبَتِ شيوخه/الأول منه»، وأحمد في العلل [2/132،269/رواية عبد الله ]، ومن طريقه العقيلي في الضعفاء [4/290]، من طرق عن النضر بن إسماعيل به ...
قلتُ: وهذا إسناد منكر ! والنضر هذا قد ضعفوه وتكلموا فيه ! وانفرد العجلي بتوثيقه ! ولم يلتفت أحد إلى هذا التوثيق ! ثم وجدتُ بعضهم قد مشَّاه أيضًا !
والصواب أنه شيخ ضعيف، ولا يحتمل لمثل هذا النضر التفرد عن مثل إسماعيل بن أبي خالد أصلا !
وقد أنكر عليه الإمام أحمد هذه الرواية من هذا الطريق !
فقال عبد الله بن أحمد قال في العلل [3 /297]، ومن طريقه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [8/474]، و العقيلي في الضعفاء [4/290] : « سألت أبي عن النضر بن إسماعيل أبي المغيرة القاص؟ قال:لم يكن يحفظ الإسناد، روى عنه إسماعيل حديثا منكرا عن قيس " رأيت أبا بكر أخذ بلسانه " ونحن نروي عنه، وإنما هذا حديث زيد بن أسلم ».
وهذا النص: نقله البخاري في تاريخه [8/90]، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [9/26]، عن الإمام أحمد، في ترجمة « النضر بن إسماعيل القاص».
وقد رأيتُ صاحب « الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات» قد ذكر رواية النضر هذه [ص/339-340]، وتكلم عليها بكلام حسن يشرح فيه عبارة الإمام أحمد الماضية .
ومن كلامه هناك: « فقول الإمام أحمد : " روى حديثاً منكراً " ، بعد قوله " لم يكن يحفظ الإسناد " ؛ يدل على أن النكارة هاهنا متعلقة بالإسناد ، لا بالمتن .
ثم قوله : " إنما هذا حديث زيد بن أسلم " ، يشير إلى أن أبا المغيرة القاص دخل عليه حديث في حديث ، وأن الحديث هو كما يرويه زيد بن أسلم ، لا كما قال أبو المغيرة هذا ، وعليه ؛ فلا اعتبار بإسناد أبي المغيرة هذا؛ لأنه إسناد خطأ منكر ، لا علاقة له بهذا المتن...» راجع كلامه.
لكني وجدتُ الدارقطني : قد قال في علله [1/161]: «...ورُوِيَ هذا الحديث عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر ولا علة له ! تفرد به النضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاص عن إسماعيل بن أبي خالد عنه ».
والتحقيق: ما قاله الإمام أحمد، وما يحتمل هذا للنضر بن إسماعيل أصلا ! وقد كان الدارقطني حسن القول فيه ! قال عنه: « كوفي صالح» كما في سؤالات البرقاني له [رقم/520]. وهذا الذي دعاه إلا أنه يقول عن خبر النضر هنا : « لا علة له » ! وقد عرفتَ أنه معلول حتى النخاع !
[تنبيه] قد تحرَّف « النضر بن إسماعيل » عند ابن أبي الدنيا في الصمت « طبعة دار الكتاب العربي، وطبعة مؤسسة الكتب الثقافية » إلى « النضر بن أبي إسماعيل » ! فانتبه أيها المسترشد. وباللَّه التوفيق.
انتهى بحروفه من: ( رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى ) [رقم/5].
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم أبو المظفر ، و نفع بعلمك .
و أظن أن زيادة ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
أصلها من حديث حذيفة بن اليمان ، كما في الزهد لابن أبي عاصم (110) بلفظ : عن حذيفة ، قال : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرب اللسان ، فقال : " أين أنت من الاستغفار ؟ "
قلت : هذا إسناد ضعيف ، فيه أبو إسحاق السبيعي ثقة إلا أنه مدلس و قد عنعن ، و أبي المغيرة لا يعرف ، و قد وثقه ابن حبان ، الا أن أسمه قد اختلف في اسمه اختلافا كبيرا ، عرف ذلك من نظر الى الطرق الأخرى للحديث .
و الله أعلم .
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
أجدت وأتقنت كعادتك جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
لو تسمح لي بإضافة بسيطة وهي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المظَفَّر السِّنَّاري
فإن قلتَ: قد توبع عبد الصمد بن عبد الوارث على الوجه الأول عن الدراوردي !
تابعه سعيد بن منصور ، وإسماعيل بن أبي أويس ، ويعقوب بن حميد ، قالوا : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ،...
و لو قال أحد-فرضا- أن حديث أبي نعيم عن محمد بن عيسى البروجردي أبو عبد الله مؤدب الخليفة ، حدثنا عمير بن مرداس ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده أسلم ، عن عمر الحديث
والذي ذكره بعد حديث ابن الصلت هو لنفس المتن وهو مرفوع وفيه متابعة لعبد العزيز
فسنقول له سنده أيضا ضعيف جدا ولا يصلح متابعا
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المظَفَّر السِّنَّاري
وقد وجدت للموقوف عن أبي بكر : طريقًا آخر يرويه النضر بن إسماعيل عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : « رأيت أبا بكر......
وطريق أخرى أشد منها ضعفا
رواها الدينوري في المجالسة
قال:
حدثنا أحمد نا زكريا بن يحيى الناقد نا فضيل بن عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن يمان يقول كان سفيان الثوري رحمه الله إذا جلسنا معه كأنه على مقلاة من خوف الله تبارك وتعالى فإنما نسمعه يذكر الموت الموت النار النار فقيل له يوماً في ذلك فقال بلغني عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال :........فذكر الحديث و في آخره وأبو بكر الصديق رضي الله عنه يجبذ لسانه ويبكي ويقول هذا الذي أوردني الموارد فإذا كان الأنبياء صلوات الله عليهم والصحابة رضي الله عنهم خائفين من هول ذلك اليوم فكيف بنا الذي قد أتعبنا الحفظة من كثرة ذنوبنا "
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد السكندرى
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم أبو المظفر ، و نفع بعلمك .
وجزاك يا شيخ أحمد.
وقد كنا أهديناك هذا الكتاب على ذلك الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=55426
رد: تضعييف حديث: ( ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو ذرب اللسان ).
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن بن شيخنا
أجدت وأتقنت كعادتك جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
"
أحسن الله إليك يا شيخ عبد الرحمن.