التكامل بين النحو والبلاغة
مما لا شك فيه أن الدرس النحوي من ضروريات دراسة اللغة العربية بل وكل اللغات الأخرى وقد أنتج لنا الدرس اللغوى على مدار التاريخ مدارس مختلفة ومناهج متعددة تنبع من طبيعة المادة المدروسة أو تساق بدوافع أخرى من القناعات الفكرية والمذهبية المختلفة أحياناً ولكن الناظر إلى هذه المدارس لا يستطيع إلا أن يعترف للمنهج الذي يجمع بين النحو والبلاغة في الدرس اللغوي كوحدة متكاملة تساهم في إنتاج الطرافة والعمق في دراسة اللغة العربية مما يعد واحداً من أهم الأسباب التي تغري العقول بالإقبال على دراسة هذه اللغة الثرية المتجددة وقد ظهرت ملامح هذا المنهج عند الزمخشري في تفسيره للقرآن الكريم ـ بصرف النظر عن فكره المعتزلي في التفسير ـ ذلك التفسير المسمى بالكشاف فبلغ غاية الروعة والاتقان واعتبر بحق نواة لما أنجز من جاء بعده في هذا المجال ، ثم جاء عبد القاهر الجرجاني ليؤسس لعلم متكامل في هذا الفن وهو يؤصل لقضية الإعجاز القرآني فيما أسماه بقضية (النظم ) في كتابيه (دلائل الإعجاز ) و( أسرار البلاغة ) وهو يكثر في حديثه من التعبير بتوخي معاني النحو وأن الألفاظ لم توضع من أجل معناها في نفسها ولكن وضعت ليضم بعضها إلى بعض ليخرج من ذلك علم شريف ، ومثل هذا المنهج في الدراسة اللغوية كفيل بأن يقضي على الجفاف الذي يشكو منه البعض في دراسة اللغة ،وهو عامل مهم من عوامل فهم الدلالات التي تنتجها التراكيب اللغوية في سياقاتها المختلفة ، وقد نحا علم اللغة الحديث هذا المنحى في الدرس اللغوي ،ودونت أبحاث ورسائل في هذا الشأن ،ولكن الأمر حتى الآن لا يتعدى الدراسات الأكاديمية ،فلو وصل هذا المنهج ولو بصورة مبسطة في البداية إلى الدرس الوظيفي لكان لدراسة اللغة شأن آخر عند الناشئة ، ولكان لتذوقها النتائج المرجوة بإذن الله من وراء دراستها ..........فهل يتحقق ذلك ؟