حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
بسم الله الرحمن الرحيم :
حضارة الجمال
هي الأندلس لما احجمت في حسنها و بهائها ، و انسل عقد الإسلام من عنقها ، فانحدر درها تباعا ، حتى فجعنا الدهر في آخر درة كانت سُلُوَّ المسلمين ، ما إن سقطت حتى تساقطت مدامعنا و آمالنا و امانينا ، فما البكا و النحيب بعد فقدها يجدي.
هي التي سقت التاريخ من نمير نَضْرتها و جمالها ، حتى صيَّرتها جِنانًا فينانة ، و بكل أصناف الحُلى مُزدانة ، فإذا أتيت تتلمس تاريخها و أصالتها و عراقتها ، سبتك زهورها المتفتقة ، و ورودها المونقة ، بنسيمها الفياح ، و شذاها السياح، فتبصر الطروس ، تشرق كالشموس ، و إذا أنت أطلت النظر في تاريخ منشئها و مولدها ، أحسست بأنها خريدة هيفاء حسناء، و شادن نجلاء غيداء ،قد كُسيتْ غِلالة تَشِفُّ عن مفاتنها ، حتى إذا رُمتها أبتْ ، و أحالت الوصال صدا و هجرا ، فهي تدنيك حتى إذا أمكنتَ منها ، ألفيتَ جانب الحياء منها يقصيك .
هي التي شُحذتْ جمالا من أقاصيها إلى أدانيها ، فجر ذيوله متبخترا في مغانيها ، و غدا من أسمى معانيها ،فقد جمع الغرناطي و الطليطلي و الجياني و الإشبيلي و القرطبي مورد واحد ، منه سقوا العذب الزلال ، هو مورد الحسن و الجمال ، فقد أجمع شعراؤها إجماعا لا ينقضه خلاف ، على أن الجمال هو الذي يستجيش لواعجَهم ، و يسثتير خوالجَهم ، فهو السر في بدائعِهم ، و مذكي قرائحَهم ، فهم في أرض الجمال نشأوا ، و بين أحضانه ترعرعوا ، و على وهاده وطئوا ، فكلفوا به كلفا ، و ازدادوا به شغفا ، فمن أصغر صورة ، و هي الوردة العطرة النضِرة ، إلى أكبرها ، وهي الجبال الشامخة الباذخة ، يبصرون الجمال متمثلا يدِبُّ على أديم الأرض ، فيهز القلب و يدغدغ شغافه ، فتسري خمرته إلى مكمن الأفكار ، فيصدر عن سني و بهي الأشعار ، و لعلي أدعم ما سطرته ، و في هذا القرطاس نمنمته ، بأمثلة تجلي بوضائتها الغِيم ، و بسناها حلكة الظُّلم ، فمن ذلك ما قاله ابن أبي رُكَب الجياني في محبرة :
وافتك من عُدد العلا زِنجية *****في حُلة من حِلية تتبخترُ
سوداء صفراء الحُلي كأنها ***** ليل تطرِّزُه نجومٌ تزهر[1]
و كذا ما أنشده أبو الحسن الوقَّشي ، و هو على شطِّ وادٍ :
شربنا على وادي القُصيِّر عشية ***** و قد ركضت فيه الجياد النواسم
على نرجس مثل الدنانير بُدِّدت ***** على بُسُط خز و البهار دراهم
و قد ضحكت للأقحوان مباسم ***** تقبلها من حسنهن المباسمُ
و رقَّ رداء للأصيل مدبَّج ******* فأنَّق فيه من يد الشمس راقم [2]
و قد قال الحافظ الأديب ابن الأبَّار البلنسي في روضٍ:
حديقة ياسمين لا ***** تهيم بغيرها الحُدقُ
إذا جفن الغمام بكى ***** تبسم ثغرها اليَقَقُ[3]
كأطراف الأهلة ســا ***** ل في أثنائها الشفق [4]
فهذه الأبيات تبين لنا ، أن كل صورة تناسقت ملامحها ، و انتظمت محاسنها ، فتجلت عن حسن و نَضارة ، إلا و للشاعر الأندلسي معها وقفة، علَّهُ يفصح عن ذاك الجمال في أبيات متناغمة متآلفة ، تنساب إلى القلب بلطافة و وداعة ، و إرهاف و انسياب، حريرية في رقتها و نعومتها ،تنم عن رغد عيش و سَعَة ، و بسط رزق و دَعَة.
نعم أخي ..، إنها أشعار تدل على مدى الرقي و الغنى الذي بلغ إليه المجتمع الأندلسي ، و تفصح عن جمال الروح الأندلسية ، و كلفها بروح الجمال ، حتى أضحت -و بحق- حضارة الجمال ، التي أنارت تاريخ الأمة الإسلامية رِدحا من الزمن ، و لكن فقدناها ، و لم يبق سوى التعلل بالذكريات و المآثر ، و أخبار و أحداث حوتْها الدفاتر، و الأسيرة لابد أن يفك إسارها ، و إن طال الزمان .
كتبه : نورالدين بن محمد الحميدي الإدريسي
______________________________ ____________________
[1] ( تحفة القادم ، ص: 35) لابن الأبار ، جمع و تعليق: إحسان عباس ، ط: دار الغرب الإسلامي ، سنة : 1986م .
[2] (المغرب في حلى المغرب ،1/157)لابن سعيد الغرناطي ، ط: دار الكتب العلمية ، سنة 1417هـ.
[3] اليقق : أي ناصع البياض.
[4] (المغرب في حلى المغرب ،2/251).
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
شكرا يا حميدي ،،
غير أني لا أطيق هده الكلمات و نحوها إلا مكفكفا عيني عن الدموع ،،
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
اقتباس:
شكرا يا حميدي ،،
غير أني لا أطيق هده الكلمات و نحوها إلا مكفكفا عيني عن الدموع ،،
شكر الله لك أخي الفاضل الطيب..، فأخوك -أيضا- ممن عانى لوعة الفراق، و كابد حرقة الأشواق، و لما برَّح به الحنين، و كاد الأسى أن يودي بقلبه الحزين، عالج ما يخامر الفؤاد، من أسقام و أدواء البعاد، بقصيدة سطرتها يمناه، بعد أن سقتها (من قطرها) عيناه، فلم يرتض إلا الدمع حبرا، عساه أن يثلج صدرا، و يبرد حرا، و قد نبزتها بـ(رقم الطرس، برثاء بلاد الأندلس) ، و سترى النور قريبا بإذن الله تعالى..،
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
أسعدنا الله يا حبيبي !
قال الأندلسي :
يا راتعين وراء البحر في دعـة *** لهم بأوطانـهم عـزٌّ و سلطانُ
هل عندكم نبأ من أرض أندلس *** فقد سرى بحديث القوم ركبانُ
و يقول الجزائري " أنا " :
يا راتعين وراء البحر حيهلا *** فتلك غرناطةٌ صاحت و جيَّانُ
يا مرحبا بكُمُ فالنصر عاد لنا *** و تلك أندلسٌ : عُرس و إيمانُ
( من أثر لوعة الفراق ) ،،
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
صبراً صبراً
إن شاء الله تعود
وهذه من بشائر الخير
http://www.alandilus.com/vb/showthread.php?t=207
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا * إنّ السـبيلَ إلى مناجاتها درسـا
وهبْ لها من عزيز النصر ما التمست * فلم يزل منك عز النصر ملتمسا
وفي بلنسيةٍ منها وقرطبةٍ * ما ينسف النفسَ أو ينزف النفسا
مدائنٌ حلّها الإشــراك مبتسما * جذلان وارتحل الإيمانُ مبتئسا
اللهم أعد لنا الأندلس وانفعنا بعلوم من كان فيها ...
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
اقتباس:
أسعدنا الله يا حبيبي !
اللهم استجب ..،
اقتباس:
قال الأندلسي :
يا راتعين وراء البحر في دعـة *** لهم بأوطانـهم عـزٌّ و سلطانُ
هل عندكم نبأ من أرض أندلس *** فقد سرى بحديث القوم ركبانُ
و يقول المغربي موطنا و الأندلسي هوى و روحا:
هُبُّوا لنجدتها و استرجعوا مجدها *** فبلادُ أندلسٍ للعزِّ عُنوانُ
في رَبْعها كان الإسلام مُنتشيا *** و اليوم أضحى تعتريه أحزان
اقتباس:
و يقول الجزائري " أنا " :
يا راتعين وراء البحر حيهلا *** فتلك غرناطةٌ صاحت و جيَّانُ
يا مرحبا بكُمُ فالنصر عاد لنا *** و تلك أندلسٌ : عُرس و إيمانُ
للهِ درُّ أبي محمد -طُـرَّا- *** بالخير بشَّرنا، فالقلبُ جذلانُ
دوَّى الأذانُ بمسجدِ الحمْـرا*** كـأنُّه بدُنُوِّ النصرِ إيـذانُ
فطِبْ بذا يا طيِّبـًا غدًا سَتَقَــرُّ أنفُسٌ بدخولـها و أجفـانُ
"يا مرحبا بكُمُ فالنصر عاد لنا *** و تلك أندلسٌ : عُرس و إيمانُ" (ابتسامة)
عذرا إن قصُرتُ عن رُتَب الحسن و الإجادة، فأخوك ليس بالمبرَّز في حبْكِ القصيد،و لست ممن يقوله فيجيد، و إن كنت نظمته و لَمَّا يطُرَّ شاربي، و يشتدَّ في العلوم جانبي، و لكنها عوالج طفيلي بثَّها، فاقبل عنه سمينها و غَثَّها،عساها تخفف الوقع، و تلمُّ الصدع، و تكفكف الدمع، و إن كنت أرى أن بينها و بين ذلك حجاب، لكن لابأس بطرق الباب، و الله الملهم للرشد و الصواب.
و تقبل تحياتي ،،
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
اقتباس:
دوَّى "الأذانُ بمسجدِ" الحمْـرا*** كـأنُّه بدُنُوِّ النصرِ إيـذانُ
هذا البيت به كسر في صدره، و تصحيحه:
دوَّى الأذانُ يعيدُ مجْد غرناطةٍ *** كـأنُّه بدُنُوِّ النصرِ إيـذانُ
رد: حضارة الجمال (( بلاد الأندلس ))
رضي الله عنك يا حميديُّ !
يقول ربنا تعالى :" إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم " ، و هذا وعد متحقق يقينا من غير شك ، فنسأل ربنا الرحيم أن يثبتنا على السنة و ينصرنا على القوم المشركين ،،،
و يحزنني أني لمَّا تكلمت بكلام نحو هذا - في منتدانا الكريم - لم يعجب أحدَ المشاركين فجعل يحاول قطع الأمل ، و هيهات فرجائي بالله كبير كبير ، و كل عائق أمام النصر فصغير صغير ،،
غير أن النصر لا يكون إلا بالعلم و التقوى ...جعلني ربي و إياكم من المتقين ... آمين ،
محبكم صاحب الروح الأندلسية : أبو محمد الطيب بن محمد الجزائري