هو محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الكبير المتعال القائل في كتابه العزيز: ((ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإنّ جندنا لهم الغالبون))[سورة الصافات: 171-173]، والقائل - جل جلاله -: ((وكان حقاً علينا نصر المؤمنين))[سورة الروم: 47
يقول الله تبارك وتعالى لنبيه في القرآن الكريم : " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " ( الكهف
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ " ( الجمعة : 2 )
والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وسيّد المرسلين، القائل:
(لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس)[رواه أحمد والشيخان]، وبعد
ما قيل فى حق القران قيل كذلك فى حق صاحب الشريعة نفسه , فقد اتهموه بالكذب على الرغم من تيقنهم من صدقة وأشتهاره به بينهم وقصة تلقينه بالامين لاتخفى على احد , وزعموه متهالكا" على اللهو , وزعموه ساحرا , الى اخر هذة الاتهامات ..
والأن دعونا ننظر فى صفحات الرسالة ومنهجه لنرى ابعاد هذا المنهج , ولنرى ان كان لهذة الاتهامات اى اساس من الصحة , وأما أذا اتضح لنا انها خير صحيحة , بل بالعكس أن الاخلاق الحسنة ظهرت فيه أكمل ظهور, كما شهد بذلك المخالفين ,فالمنطق والعدل يحتمان ان نعترف به نبيا ورسولا صلى الله عليه وسلم ..
وحتى أولئك الذين لم يؤمنوا برسالته اضطروا لأن يقولوا : "
يا محمد إننا لا نكذبك ولكننا نكفر بالذي أعطاك كتابا وأوحى إليك
وشخصية كل أنسان هى السمات التى تظهر عليه فى حياته وتتجلى فى اعماله , وهى المميزات التى يمتاز بها عن غيره وينفرد بها دون سواه, وهى الخلائق الذاتية التى تجعله فى اطار فريد يلفت النظر ويجذب القلوب ويسترعى الاسماع
..
ومحمد صلى الله عليه وسلم _ كما شهد بذلك الاعداء قبل الاصدقاء كان المثل السامى فى اخلاقه وتصرفاته وافعاله, وان هذة الصفات كانت من اهم العوامل فى سرعة استجابة الناس للدعوة المحمدية , التفوا حوله وانسوا له و واطمانوا لبقائه و وتغذوا بالحديث معه ,ومما قاله المستشرق ( سييل) فى مقدمة كتابة : ترجمة القرأن , فى الصفحة السادسة من النسخة المطبوعة عام 1805 قال: أنه كان حسن الوجه ذكيا , وكانت طريقته مرضية , وكان الاحسان الى المساكين شيمته , وكان يعامل الكل بالخلق الحسن و وكان شجاعا ضد الاعداء , وكان يعظم اسم الله تعظيما قويا , وكان يشدد على المفترين والذين يرمون البراءة , والزنا والقتلة واهل الفضول والطامعين وشهود الزور تشديدا بليغا , وكان كثير الوعظ والصبر والود والبر والاحسان وتعظيم الابوين , والكبار وتوفيرهم وتكريمهم , وكان عابدا مرتاحا فى الغاية ...
لقد ظهر بين القوم
لا كتاب لهم , ولا حكمة فيهم و فقد كانت العرب قبل ظهورمحمد صلى الله عليه وسلم
برسالته العامة قد انحدرت فى جاهليتها الى ساقه الامم ضلالا وجهلا لايفقهون من امر الحياة شيئا , ولايحسنون من العمل الا الحروب والغارات واعتداء كل قبيلة على ماجاورها لسلب أموالها وسبى نسائها, وكانت لهم عادات ذميمة وافعال منكرة ..
ولعل اصدق تصوير لحال العرب فى الجاهلية هو ذلك الذى قرره جعفر بن ابى طالب أمام النجاشى ملك الحبشة حينما ساله عن دين الاسلام والرسول محمحد صلى الله عليه وسلم قال جعفر: كنا قوما اهل جاهلية نعب الاصنام و ونأكل الميتة وناتى الفواحش ونقطع الارحام , ونسىء الجوار , وياكل القوى من الضعيف , كنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقة وامانته وعفافه فدعانا الى الله لنوحده ونعبده , ويخلع ما كنا نعبد نحن واباؤنا من دونه الحجارة والاوثان, وأمرنا بصدق الحديث واداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء , ونهانا عن الفواحش وقول الزور , واكل مال اليتيم , وقذف المحصنات, وامرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وامرنا بالصلاه والزكاة والصيام , وصدقناه وامنا به , واتبعناه على ما جاء به من الله , فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا , وحرمنا ما حرم علينا, وحللنا ما احل لنا , فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليرودونا الى عبادة الاوثان , وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث , فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا الى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا فى جوارك , ورجونا الا نظلم عندك ايها الملك
( أبن الاثير ص 61 ج 2)
فى هذا الجوه الخانق , والغيوم المكفرة و والضلالات والاباطيل والوثنيات , ارسل محمد صلى اله عليه وسلم وامر ان يبشر الناس بعبادة الله الواحد القهار , ويخرج هؤلاء الناس مماهم فيه الى حياة كريمة تتفق وكرامة الانسان ..
ولم يقل للناس عندما ظهرت قوته ان رسالته جديدة فى اصلها, بل صرح فى اقوال كثيرة انه قد سبقه رجال غيره اصطفاهم الله لمثلها , ولم يدع ان الدين الذى بعث به هو دين خاص له لم ينزل على أحد قبله , بل قرر انه دين الله الذى بعث به سائر الرسل لهدايه الناس , ولذلك امر ان يجهر بهذة الاية ( قل ما كنت بدعا من الرسل ولا ادرى ما يفعل بى ولابكم , انما اتيع ما يوحى الى وما انا الا نذير مبين ( الاحقاف : 9 )
وحد بين الاجناس والعناصر والالوان, فدعا الى اخوة بشرية عامة لاتفاضل فيها لأحد على احد الا بالتقوى والعمل الصالح ..
حارب جميع العصبيات وابطلها , وحل المشكلات وجميع العقد النفسية وازالها ووضع مكانها حب الخير والتعاون والرحمة والبر والشفقة , وكان قلبه يخفق كلما راى دليلا من دلائل الخير فى الانسان للأنسان , وهو فى هذا يقول : ليس منا من دعا الى عصبية , وليس منا من قاتل على عصبية , وليس منا من مات على عصبية, صدقت يارسول الله يا محمد صلى الله عليك وسلم ..
الحرية التامة فى نشر دعوته , فقد امره الله فى نشر دعوته ان ياخذ بها او يدعوها , أذا لايصح ان يكره على الايمان برسالته, أو ان يسيطر على أى انسان وانما عليه البلاغ فحسب , ذلك ان الايمان لا يبنى الا على الاطمئنان القلبى والاقتناع العقلى : قال تعالى ( ما على الرسول الا البلاغ , والله يعلم ما تبدون وما تكتمون)الاية :
أنسانيته التى تجاوزت كل تخوم الذات وحودها , تراها فى احاديثه ومواقفه, وترى الانسان الحانى الذى لا تفلت من قلبه شاردة من امال الناس والامهم الا لباها ورعاها واعطاها من ذات نفسه كل اهتمام وتأييد ...
أختلف ابو ذرة الغفارى وعبد زنجى ( بلال ابن رباح) رضى الله عنهما فى حضرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم , فاحتد ابوذرة على سيدنا بلال وقال له : يا ابن السوداء , فغضب النبى وقال , طف الصاغ , طف الصاغ , اى تجاوز الامر حده , ليس لابن بيضاء ابن السوداء فضل الا بالتقوى والعمل الصالح , اى معيار التفاضل هى الصفات النفسية والزايا الروحية , لا الالوان الجلدية , فما كان من ابى ذرة الى ان وضع خده على الارض وقال لسيدنا بلال : قم فطاء على خدى , وحلف ,اشهد الناس , فما كان جواب سيدنا بلال ان قال هذة الراس تسجد لله فكيف اطاء قدمى على وجهك وراسك يا غفارى رحم الله الصحابة والتابعين ..
يساله يوما أعرابى فى بداوة جافة : يا محمد , هل هذا المال مال الله ام مال ابيك , ويبتدره عمر بن الخطاب رضى الله عنه بيسفه يرد ان يجهز عليه فيرده النى محمد صلى الله عليه وسلم قائلا: يا عمر ان لصاحب الحق مقالا ..
ياتيه رجل من الاعراب ليبايعه يوم الفتح الرهيب و وهو فى قمة السلطان فتاخذ الاعرابى الرهبة بين يديه فيرتعد : فيعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بساطة اخاذة ترد الطمانينة الى قلب الاعرابى : هون عليك , لست بملك, انما انا أبن امراة كانت تأكل القديد بمكة ...
لتقرأ سيرة المهتدين الأوائل إلى الإسلام وسينفطر كل قلب لمنظر المعاملة الوحشية للرجال والنساء الأبرياء . فقد مزقوا بقسوة سمية تلك المرأة البريئة كل ممزق بالطعن النافذ بالحراب . أما ياسر ( زوجها ) فقد جعلوه عبرة وشدوا ساقيه إلى ناقتين وسيقت الدابتين في اتجاهين معاكسين
أما خباب بن الأرت فجعلوه يرقد على سرير من الجمرات المحترقة وجثم الطغاة عديمو الرحمة بأرجلهم بوحشية فوق صدره حتى لا يتحرك مما جعل الشحم تحت جلده ينصهر
.
وخباب بن عَديّ الذي قتلوه بطريقة وحشية ومثلوا بجسده وانتهكوا حرمته ومزقوه إربا إربا .
وحينما كان يُسأل في وسط هذا التعذيب إن كان يرجو لو أن محمدا كان مكانه وهو آمن في بيته بين أهله كان يصرخ معلنا أنه مستعد عن طيب خاطر أن يفتدي محمدا بنفسه وأهله وأبنائه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه من وخزة الشوكة حتى لا يشاكها
مرت عليه جنازة فوقف صلى الله عليه وسلم خشوع ! فقال اصحابه : أنها جنازة يهودى , فاجابهم . سبحان الله , اليست نفسا ..
يدخل مكة ظافرا صلى الله عليه وسلم , ويقفوه امامه صاغرين جميع الذين شنوا عليه الحرب والبغضاء , ومثلوا بعمه أسد الله سيدنا حمزةرضى الله عنه , وقد مضغوا كبده بوحشية ضارية : فيقول لهم : ما تظنون انى فاعل بكم؟ فيقولون فى ذلة وضعف : اخ كريم ابن اخ كريم : فيرد عليهم صلى الله عليه وسلم : اذهبوا فانتم الطلقاء ...
يقول المستشرق ( ثوماس كارليل ) فى حق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : من العار أن يصغى انسان متمدن من ابناء هذا الجيل الى وهم القائلين ان دين الاسلام كذب؟ وان محمد صلى الله عليه سلم لم يكن على حق , لقد ان لنا أن نحارب هذة الادعاءات السخيفة المخجلة, فالرسالة التى دعا اليها هذا النبى ظلت سرجا منيرا اربعة عشر قرنا من الزمان لملاين كثيرة من الناس فهل من المعقول ان تكوم هذة الرسالة التى عاشت عليها هذه الملاين وماتت أكذوبة كاذبة او خذيعة مخادع , ولو كان الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الزواج الكبير لاصبحت الحياة سخفا وعبثا وكان الاجدر بها الأ توجد , وهل رايتم رجلا كاذبا يستطيع أن يخلق دينا يتعهده بالنشر بهذة الصورة ؟؟
وقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً " ( النساء : 56 )
أن الرجل الكاذب لا يستطيع ان يبنى بيتا من الطوب لجهله بخصائص مواد البناء و واذا بناه فما ذلك الذى يبنيه الا كومه من أخلاط هذه المواد فما بالك بالذى يبنى بيتا دعائمه هذة القرون العديدة وتسكنه هذة الملاين الكثيرة من الناس ؟ الا فليعلم الناس أن التعاليم كأوراق ( البنكنوت) فالصادقة منها تتداول بين الناس ولا تثير اقل شبهة , والزائفة منها تخدع بعض الناس مرة او مرتين و ثم يفتضح امرها وتعرف أنها زائفة فتمزق شر ممزق ..
لو كان امر الدعوة الاسلامية الى محمد صلى الله عليه وسلم لجاء الى قومه من اول الامر بدين عربى خالص ياخذ شريعته من عادات الامه العربية وتقاليدها دون أن يلجاء الى اهل الكتاب يزكى شريعتهم , ويفق بينهم وبين قومه المشركين الامر الذى يباعد بينه وبينهم بما يشير فيهم عن دواعى العصبية ونوازغ الغيرة والحمية , أذ كانوا يرون انهم سادة الجزيرة , ولس لأهل الكتاب فى محيط شان, ولا لوجودهم حساب عندهم .
لو كان امر الدعوة الاسلامية من عمل رسول الله (محمد صلى الله عليه وسلم ) وتدبيرة كما يزعم بها هؤلاء الافاقون عباد الصليب
أكان يلقى قومه من اول دعوته بهذا الموقف الحاد الذى جعل شقة الخلاف بينه وبينهم على هذا الوضع الذى ثارت به ثائرة قريش , والذى استقبل به المسلمون فى ضعفهم وقلة عددهم ما استقبلوا به من بلاء واضطهاد حتى أخرجوا من ديارهم ,وفارقو اهلهم واوطانهم فرار بدينهم وطلبا للنجاة من الهلاك المحيط بهم , أكان من الحكمة والتدبير أن تخل الدعوة الاسلامية على قريش هذا المدخل الذى تواجه فيه باطلهم مواجهه صريحة متحدية فاضحة لهذا الباطل , مسفهه لتلك العقول التى تقيم وجودها عليه وتتغذى منه , ثم هذة الدعوة بعد أن تدفع الباطل وتهزمة هزيمة منكرة فاضحة تعود الى مهادنته وملاطفته, وتلقى هؤلاء المبطلين بعد ان تخلوا عن باطلهم فتردهم اليه وتقيم لهم شريعة منه؟ أذلك مما يقبلة عقل ويسوغة منطق, واذن ففيم كان هذا الصراع المرير بين رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقومه, ولماذا كان هذا الاصرار الراسخ منه موقفه منهم ومن معبوداتهم وعاداتهم حتى تقطعت بينه وبينهم الارحام وتمزق الشمل ..
لو كانت الدعوة الاسلامية من عمل ( محمد) صلى الله عليه وسلم لكان له من تلك الانتصارات التى حققتها الدعوة و والتى وضعت الجزيرة العربية كلها بين يديه, لكن له من ذلك عائدة تعود عليه, شان كل مغامر او فاتح او زعيم او ملك و ولكن له من ذلك السلطان المتمكن فى مظاهره المادية لكها, فيعسش عيش الملوك والقياصرة ويحف به النعيم و تحتشد له الحشد والحزم و ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن كذلك و عاش اخر ايامه فى هذة الدنيا عيش الكفاف و فما شبع من طعام قط , ودرعه مرهون عند يهودى .
ولم يكن رسول الله ينام على فراش وثير وإنما كان فراشه حصيرا مصنوعا من ألياف النخل بعد يوم شاق طويل . وقضى معظم ليله في الصلاة
كان يركب الحمار عريا ليس عليه شى, ويحصف النعل,ويرقع القميص ويلبس الصوف ويقول : من رغب عن سنتى فليس منى .
كان لاياكل وحده و كان يأكل مع خادمه.
كان اذا تغذى لم يتعش , واذا تعش لم يتغذى
كان لا يجد من الدقل ( أردأ التمر) ما يملأ بطنه .
وكان طعامه يقتصر على ( الأسودان ) التمر والماء . وكان أهل بيته يبيتون جوعى ليال عديدة متعاقبة لأنه ليس ثمة طعام يأكلونه في تلك الليالي
كان يشد صلبه بالحجر من الغرث ( الجوع)
كان اذا جاء ه مال لم يبته ولم يقبله, أى لم يمسكه الى اليل اوالظهر بل يفرقه فى وقته .
وطاعة لأمر ربه في القرآن الكريم : " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً " ( المزمل : 1 - 4 )
كان اخف الناس صلاة على الناس , واطول الناس صلاة لنفسه.
((قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له))[سورة الأنعام: 162]، ((قل أغير الله أبغي رباً وهو ربُّ كل شيء)[سورة الأنعام: 164] ((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير))[سورة الملك: 14]
كان لا يانف ولا يستكبر ان يمشى مع الارامل والمسكين والعبد حتى يقضى له حاجته ..
كان يجلس مع الفقراء ويمشى خلف الجنائز .
وكان كل ما يملكه يوم وفاته هو بضع دراهم ، قسم منها قضى به دين له وأعطى الباقي لبعض الفقراء الذين جاءوا إلى بيته يطلبون إحسانا
خصص رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من مسجده بالمدينة المنورة لإقامة الفقراء والمساكين الذين لا مأوى لهم
أما البيت الذي طالما انتشر منه النور إلى العالم فكان معتما لأنه لم يكن في المصباح زيتا
كان يجلس على الارض وياكل على الارض , ويجيب دعوة الملوك من خبز الشعير .
كان لايدعوه احد الا قال : لبيك
أفهذا العزوف عن الدنيا و وذلك التعفف عن الجاه والسلطان فيها يكون من انسان قام بالدعوة لحسابه , وبدل لها اعز ما عنده وأغلى ما يملك وضحى فى سبيل ذلك بالاحباب والاعزاء من اهله ؟؟
اذلك يكون الا اذا وقع لحساب المبداء او العقيدة , وفى سبيل الحق الذى قامت عليه السموات والارض ؟
ما تشهد سيرته العطره و وكما سجل التاريخ أن يكون فى مقدمة هذا الركب الكريم من انبياء الله ورسله الكرام صلى الله عليه جميعا .
أفيحسب فى المخادعين والكذابين والمضلين من يرد كل هذه النيا التى وضعت بين يدي؟ وماذا يبغى المخاتل بختله والكذاب بكبه وامنافق بنفاقه؟وماذا يريد هؤلاء الا ان يفيدوا مالا او يحصلوا ثراء , ولقد عرفت الدنيا كيف كان طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكيف كان لباسه وكيف كان ماواه وفراشة ..
ثم كان أن حسم الامر جميعه فيما فرض على ورثته من بعده الا يرثوا شيئا من مخلفاته _ وان ترك وراءه ما يورث_ فقال صلى الله عليه وسلم ك نحن معشر الانبياء لانورث ما تركناه فهو صدقة , وهنا برهن على انه ليس لاهله وانما هو للمسلمين , حياته لهم وموته لهم و وكفاحة وجهاده من اجلهم , دون هدف ذاتى او منفعة خاصة .
فلمن كان هذا الجهاد الذى جاهده, وهذا النصر الذى وجد و وهذا الاذى الذى احتمل و أنه لله وفى سبيل الله , والحق الذى بين يديه, وفى سبيل أعلاء كلمة التوحيد , وفى سبيل الامانه التى حملته السماء اياها وكلفته اداءها الى الناس جميعا .
ولو لم يكن ( محمد) صلى الله عليه وسلم نبيا, افما كان من حقه على الانسانية كانسان ان يكرم وان يمجد و وان تكون سيرته فى مسمع الحياة وبصرها اية للمتوسمين, ودرسا للدارسين و وقدوة للمقتدين, لهذه المعانى الكريمة التى اشتملت عليها , ولهذه المثل العليا التى عاش بها, ولهذا السمو الروحى الذى حلق فيه..
فاى خير فى الدنيا , واى صلاح يرجى اذا كان حظ العاميلن المخاصين الشرفاء الاطهار ان يلقوا من الناس انكارا وجحودا وان يكون فى الناس من يلفق له الاكاذيب ويزيف عليهم الاباطيل ومع هذا فان الخير هو حيث كان , وان الكلمة الطيبة لاتسقط ابدا, انها كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء .
وقد اوفى الله سبحانه وتعالى ( محمد) اجره واجزل له العطاء و واعطاه مالم يعطيه من العالمين وهو القران الكريم وشفاعة رسول عن الحوض يوم الحشر العظيم يوم لا تملك نفسا لنفسا شيئا والامر يومئذن لله ..
ولقد مكن دعوته فى الحياة , وجمع قلوب الملاين من الناس على حبه والولاء له جيلا بعد جيل الى ان يرث الله الارض ومن عليها ..
قال الله تعالى
:
" فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران : 20]
ونحمد الله سبحانه وتعالى على عونه وتوفيقه الى ان جعلنى اخر هذا الكتاب الكريم الذى بين يدى القارى المسلم الغيور على اسلامه وعلى شرف رسوله محمد صلى الله عليه وسلم و ومهما فعلنا ووجاهدنا , وكتبنا لن نعطى الخالق حقه ابدا سبحانه , وجل علاه وتقدست اسمائه فهو نعم المولى ونعم المصير , وكذلك هذة الكلمات التى كتبتها سلفا فى اخر كتابى ما هو الا تعبير بسيط لى حبى لى رسولى وقائدى ومعلمى وشفيعى محمد صلى الله عليه وسلم , فمهما بزلنا الغالى والنفيس يارسول الله لن نوفيك حقك , ولن نستطيع ابدا ان نحصى جهادك فى نشر الدعوه الى دين الله واخراج العباد الى عبادة رب العباد و فلقد قمت بى التضحية بى الغالى والنفيس فى سبيل اعلاء كلمة الله , ونصرة دين الله , وتبراءة الانبياء من التهم التى الصقها بها هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى , فالف صلاه وسلام عليك يا حبيبى يا محمد يا رسول الله صلى الله عليك وسلم و وعلى اهلك وعلى اصحابك اجمعين ..
اما بى النسبة الى هؤلاء عبادة الصليب واحفاد القردة والخنازير فنقول لهم ان موعدكم الصبح اليس الصبح بقريب
واخر دعونا ان الحمد لله ربا العالمين
ونحمد الله على نعمة الاسلام
وكفى بها نعمة
كتبه الفقير الى الله
خالد كروم
