لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
لا جديد في شبهات مبتدعة العصر:
الحمدلله وحده، والصلاة على نبيه وآله وصحبه وأتباعه... وبعد.
ما ألَّفه المبتدعة في هذا العصر ( بأنواعهم ) من الكتب المليئة بالاعتقادات الباطلة المناقضة لدعوة الرسل والمحشوَّة بشبهاتٍ وحججٍ ساقطة ؛ ظنُّوها أو أوهموا غيرهم من الجهلاء أنها حججاً دامغة وبراهين واضحة = كل تلك الحجج والأدلَّة ليست إلاَّ شبهات قديمة قد قالها الذين من قبلهم من المبتدعة الذين خرجوا في القرون الأولى ورُدَّ عليهم حينها بما يُدحض باطلهم .
ولعل أعظم الكتب وأهمها في الرد على بعض شبهات أهل الضلال = كتاب الله تعالى .
فالاستفادة من طريقة القرآن الكريم في الرد وإدحاض الشبهة قضية لابد لطالب العلم أن يوليها عناية تامة .
قال ابن القيم رحمه الله : (( في القرآن الكريم وفي السنة المطهَّرة الإرشاد إلى طريق المناظرة وتصحيحها ، وبيان العلل والفروق المؤثرة .
وإشارتهما إلى إبطال الدور والتسلسل بأوجز لفظ وأبينه .
وذكر ما تضمَّناه من التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين ، والأجوبة عن المعارضات .
وإلغاء ما يجب إلغاؤه من المعاني التي لاتأثير لها واعتبار ما يجب اعتباره .
وإبداء تناقض المبطلين في دعاويهم وحججهم .
وتقرير الحجج الصحيحة وإبطال الشبه الفاسدة ، وذكر النقض والفرق والمعارضة والمنع ...
وأمثال ذلك من كنوز القرآن التي ضل عنها أكثر المتأخرين فوضعوا لهم شريعة جدلية فيها حق وباطل )) . بدائع الفوائد ( 4/311 ـ 314 ) .
ومن المعلوم أنَّ المبتدعة والضلاَّل كما أنهم يتناسلون جيلاً بعد جيل ؛ فكذلك هم يتوارثون بدعهم وشبهاتهم جيلاً بعد جيل .
صحيح أنَّ هنا بدع محدثة ؛ لكنها ترجع في (( أصولها )) إلى أصول أهل البدع الأقدمين ، من كل مدارس البدع والضلال ؛ كالاعتزال والتجهم والرفض والخروج وغيرها .
ولو ألقيت نظرةً متفحصةً للشبهات التي أوردها بشر بن غياث المريسي الجهمي في كتاب الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في ردِّه ونقضه عليه في باب الصفات والأحاديث الدالة عليه ، ثم نظرت إلى شبهات المبتدعة العصرانيين = لما وجدت فارقاً كبيراً بين الشبه المريسيَّة وشبه هؤلاء ، اللهم إلاَّ في طريقة السبك والعبارة ، وبعض شبهٍ يسيرة زادها المحدثون عليه !
قال ابن القيِّم رحمه الله في الثناء على كتابي عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله - الرد على بشر المريسي العنيد و الرد على الجهمية - : (( وكتاباه من أجلِّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها ، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه ، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يوصي بهذين الكتابين أشد الوصيَّة ويعظِّمهما جدَّاً ، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما )) . اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/108) .
وكذلك بعض الشبه التي أوردها الفخر الرازي في كتبه وغيره ، وردَّها شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كثير من كتبه قد أوردها المبتدعة العصرانيون في كتبهم المليئة باعتراضات المتكلَّمين والمعظمين للعقل من المدرسة العقليَّة الغابرة .
وصدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة حين قال : (( وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس ، هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه ؛ مثل التأويلات التي ذكرها أبو بكر ابن فورك في ( كتاب التأويلات ) ، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ، ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء ، مثل أبي علي الجبَّائي وعبد الجبَّار الهمذاني وأبي الحسين البصري وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي حامد الغزالي وغيرهم ... )) . الفتوى الحمويَّة الكبرى (ص/14) .
وقد ردَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيميَّة نفسه في كتابه العظيم ، المسمَّى بنقض تأسيس الجهميَّة لبدعهم الكلاميَّة ، أو : بيان تلبيس الجهميَّة .
فالحاصل مما مضى أنَّ الإهتمام بكتب الردود على شبهات المبتدعة بألوانهم ، والتحذير منهم ؛ والتي ألَّفها أئمة السلف وأتباعهم من الأئمة مهم جداً في ردِّ الشبه المستحدثة ، قبل الشروع في الرد ابتداءاً .
ثم إنَّ ردود أئمة السلف على المبتدعة الأقدمين أقوى وأخصر ؛ فيستفاد منها إن لم يقتصر عليها حسب الحاجة .
ولعل من أعظم من فصَّل في هذه الأصول وفنَّدها بالذكر والبيان الشيخ الإمام ابن قيم الجوزية نور ضريحه = في كتابه العظيم (الصواعق المرسلة ) .
وسيأتي ذكر بعض الأصول التي يفرِّع عليها كل مبتدع بدعته في كل عصر .
وبمعرفة ذلك الأصل ونقضه يملك الداعية وطالب العلم حجة ومكنة في الرد عليهم ارتجالاً قبل نسف التفاصل المتفرعة عن ذانك الأصل .
============
فاصلة :
مثال في الاستفادة من طريقة القرآن الكريم للرد على بعض الشبهات العصرانية .
من الأمثلة : أن الله لما حرَّم الرِّبا في كتابه قال المشركون : { إنما البيع مثل الربا } فردَّ عليهم بقوله : { وأحل الله البيع وحرَّم الربا } [ البقرة : 275 ] .
وبيان الجواب عن شبهتهم من وجوه :
الوجه الأول : أنهم كانوا يعلمون الفرق بين البيع والربا ، ولكنَّ هذه المعارضة منهم مغالطة بالمسلَّمات ، فكان الوضوح الظاهر لوهاء حجَّتهم ومغالطتهم مغنياً عن استهلاك الوقت بالمناظرة في المسلَّمات ،كحجَّة الكافر لإبراهيم ، كماتقدم .
الوجه الثاني : أن يُبيَّن تحريمه من كل وجهٍ مطلقاً ، وأنَّ الله حرَّمه عليهم ، وأغلق بابه بجميع صوره ألبته ، لئلاَّ يحتجَّ محتجُّ بحجَّة أخرى غير تلك الحجة الهالكة ، من الحيل والشبه التي قد تستحدث مستقبلاً ، فالتحريم المطلق يقطع الجدال .
الوجه الثالث : أنَّ تلك المعارضة كانت معارضة بالرأي والقياس ؛ فأجيب بأن لا قياس مع النص ، وهي كحجَّة إبليس اللعين في الاحتجاج بالرأي - وقد تقدَّمت - .
ومما يماثل هذه الشبهة ما سمعته بنفسي من بعض منحرفي الاعتقاد والمعظِّمين لدين القبوريين ؛ من القول بمشروعية الطواف بالأصنام أوالقبب المبنيَّة على القبور والأضرحة والسجود لها ؛ استدلالاً واحتجاجاً بمشروعيَّة الطواف بالكعبة والسجود لها وهي حجارة ، وادِّعاء المساواة بين الصورتين ، والزعم بعدم وجود فرق بينهما .
والجواب عن هذه الشبه من وجوه :
الوجه الأول : أنه كقوله تعالى : { وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا } فحيث إنَّ الطواف بالكعبة مشروع من قبل الله فكذلك الطواف أو السجود لغيره منهي عنه من قِبَلِه ، ولله أن يحرِّم ما شاء ويحلَّ ما شاء ، فعليك التسليم ، وإيَّاك والاعتراض بالقياس على النص ، فإنك إنما تعترض على تشريع الله وحكمه وأمره برأيك وقياسك ، ونعوذ بالله من الزيغ .
ويشابهه اعتراض السفهاء ( وهم اليهود ومن تبعهم ) على الرسول والمؤمنين معه حين أمرهم الله أن يتوجَّهوا بالقبلة إلى الكعبة في صلاتهم بدلاً من بيت المقدس ؛ كما قال تعالى : { سيقول السفهاء من الناس ما ولاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلاَّ لنعلم من يتَّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرةً إلاَّ على الذين هدى الله ... الآيات } [ البقرة : 142 ـ 150 ] .
الوجه الثاني : أنَّ هذا قياس فاسد ومغالطة واضحة ؛ فإنَّ المسلمين لا يتوجَّهون إلى الكعبة بالسجود وعليها بالطواف إلاَّ امتثالاً لأمر الله ؛ ويعلمون يقيناً أنها حجارة لا تضرُّ ولا تنفع ؛ ولولا أنَّ الله ورسوله أمرا بذلك لما فعلوه ؛ وكما قال عمر بن الخطَّاب عند استلامه للحجر الأسود بها : (( والله إني لأعلم أنَّك حجر لا تضرُّ ولاتنفع ، ولولا أنَّي رأيت النبي يقبِّلك ما قبَّلْتُك )) . أخرجه الستة وأحمد إلاَّ الترمذي .
بخلاف هؤلاء المعظِّمين للحجارة والأضرحة والأصنام من المشركين وكثير من جهلة المنتسبين إلى الإسلام في أرجاء شتَّى ؛ فإنهم إنما يعتقدون فيها النفع والضرَّ استقلالاً ، ويرجون رحمتها ويخافون عذابها ، ولها هيبة وإجلال ظاهر في قلوبهم وجوارحهم ،كما لوكانت إلـهاً ؛ ولذا تراهم على تماثيلها عاكفين وبحجارتها متمسِّحين وبترابها متبرِّكين متعفِّرين ، وأمور جليلة الوصف ؛ بل هذا حال كثير من جهلة المسلمين حين يتمسَّحون بأركان الكعبة كلِّها وثيابها وحجارتها وبمقام إبراهيم ، بل وبأبواب المسجد وبسطه ، يعتقدون بركتها ونفعها... هذه حالهم المشاهدة بالعيان وما خفي أعظم !
أما الموحِّدون من أتباع السلف فإنَّهم لايعتقدون ذا الاعتقاد ، لافي الكعبة ولا في غيرها ، ولا يسجدون للكعبة ولا يطوَّفون بها إلاَّ لأمر الله ورسوله .
ولا يعظِّمون منها أومن غيرها إلاَّ بنصِّ الشرع الصحيح الصريح ، ويعلمون أنها لا تضرُّ ولا تنفع استقلالاً كنحو ما قاله عمر في الحجر الأسود ؛ بل يرجون الثواب من الله وحده لا شريك له ...
فأين المشابهة بين الفريقين ؟!
إنَّه المغالطة والدجل !
جزى الله الأخوة جميعًا كثيرا جزيلاً...
جزى الله الأخوة الأكارم خيراً وبارك فيهم ونفع بي وبهم.
واعتذر إليهم عن التأخر في الرد.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حماد
الكثير من مبتدعة العصر هم امتداد لمن سبقهم، ونلحظ أيضاً في كلام المستشرقين ومن نحا نحوهم من أهل الانحراف ولعاً شديداً بالفرق المخالفة البائدة، وعلى رأس تلك الفرق " المعتزلة "، فقد لحقهم ثناء وإطراء، مع أنهم من أكثر الفرق المنسوبة إلى الإسلام تكفيراً لمخالفيهم بل ولأنفسهم، فضلا عن منهجهم المخالف لأصول الشريعة.
جزاك الله خيراً على الإفادة..
وأمَّا اهتمام المستشرقين -كثيرٌ منهم- بكتب أهل الباطل وفرقهم، والرافضة والصوفية بطبقاتهم على الخصوص، ثم اهتمام (سياسيي الغرب الصليبيين) =بهم أمرٌ معلومٌ مشهودٌ لا ريب فيه؛ إذ هم يرومون بذلك هدم الإسلام من الداخل -ظنُّوا-!
ومن أمثل ما يستدلُّ به اجتهادهم في نشر ما يخدمهم في هذا الشأن دون غيره، كنشرهم لبعض كتب ابن عربي المضمَّنة للزندقة والكفر.
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
/// التأنِّي ورد الفعل الأوَّلي تجاه الشُّبهات الفاتنات:
/// ورود الشُّبهة على قلب أوسمع الرَّاسخين في الإيمان والاعتقاد تمنعهم من العجلة في الافتنان بها، مهما كان قوَّة زخرفتها وتلوِّنها.
فيتمسَّك بالمحكم الذي قد رسخ في قلبه، ممَّا قد دلَّت عليه تواتر الأدلَّة وتظافرها، بل إجماع السَّلف وأتباعهم عليه.
إذ مِن أولى الرَّاسخات اعتقاد أنَّ الحق لا يخرج عمَّا كان عليه الأوائل -إن ثبَت أنَّه كذلك-، كما في بيت الشَّاعر (النَّاظم):
وكلُّ خيرٍ في اتِّباع مَن سَلَف /// /// /// وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خلف
ومن اللَّطائف أنَّ البيت عينه من خواتيم منظومة الجوهرة الأشعريَّة؟! التي يردِّد أصحابها قضية (أسلم - وأحكم - وأعلم)!
/// فيستمسك الرَّاسخ في الإيمان بمدلول وصيَّة الرحمن المضمَّن في خبره: ((والرَّاسخون في العِلم يقولون: (آمنَّا به كلٌّ من عند ربِّنا) وما يتذكر إلَّا أولو الألباب)).
/// ولئن أخبر الله بموقف أولئك الرَّاسخين فيما قد يعرض في شيءٍ من آيات كتابه فقال: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ وأُخر متشابهات)، أيات كتابه السَّالمة من التناقض والخطأ والقصور في الإهام وغير ذلك من آفات الخطاب البشري = فكيف بتخليطات ووساوس فاسدي الأفكار من البشر، وزبالة المقالات التي تطفح الفينة والأخرى، من أناسٍ منطلق تفكيرهم الشك، والشك في كلِّ شيءٍ! وتوهُّم التناقض في كلِّ شيءٍ.
/// إنَّ الحذر من الانخداع -بَلْهَ التأثُّر بها- أولى، والرُّجوع للحصن الحصين، والخندق المنيع لصدِّ هذه الشُّبهات أحرى.
والتأثُّر بهذه الشُّبهات حتى يسري الشَّكُّ في القلوب هو اتبِّاعٌ لمنهج الزَّائغة قلوبهم الذين (يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)، وشرُّ النَّاس من تشرَّف للفتنة، ومن أعظم أبواب الفتن فتن الشُّبهات.
/// بل الفتن كلُّ الفتن هذا شأنها وحالها أنَّها: (إذا أقبلت شبَّهَت وإذا أدْبَرَت بيَّنَت).
/// وقد قال أبوعبدالله البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وقال ابن عيينة عن خَلَف بن حَوْشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلُوا بهذه الأبيات عند الفتن:
قال امرؤ القيس:
الحرب أول ما تكون فتيَّةً /// /// /// تسْعَى بزِينتها لكلِّ جَهُولِ
حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضِرامها /// /// /// ولَّت عجوزًا غير ذات حليلِ
شمطاء يُنْكَر لونها وتغيَّرت /// /// /// مكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ
/// إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله.
سبكناهُ ونحسبهُ لُجينًا /// /// /// فأبدى الكير عن خبث الحديد
/// وللحديث بقيَّة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان البخاري
/// إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله...
وتأمَّل فعل النَّبيِّ (ص)، كم كان الوحي يستأنيه، وكم كان يُسْألُ المسائل وتطرح عليه الشبهات فينتظر علم الله ووحيه، وهو (ص) من هو في مقامه.
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
/// ومن أنواع الشُّبُهات القديمة الهزيلة: ردُّ الحقِّ أوالتهويش عليه باستصغار واحتقار الدَّاعي إليه.
أوأتباعه وتلاميذه.
أوالنَّظَر إلى ماضيه وتتبُّع أخطائه وهفواته.
أوالامتنان بشيءٍ عليه.
أو نحو ذلك ممَّا قد يصرف عقل الذَّاهل عن أصل الشُّبة وقوَّة حُجَّة الرَّادِّ عليها إلى بنيَّات الطَّريق.
/// وانظر إلى شبهة (فرعون المسكين): ((قال ألم نربِّك فينا وليدًا ولبثتَ فينا من عمرك سنين /// وفعلت فعلتك التي فعلتَ وأنت من الكافرين)).
/// وقد أعجبتني كلمةٌ سمعتها من سنين من أحد الدعاة هداه الله وثبتنا على الحق، حيث ذكر الآية الآنف ذكرها، فقال: (وأنت ما فعلتَ شيئًا يا أبا الفعائل؟!).
/// فرعون الذي أمر -عن سابق إصرار وتعمُّد!- بقتل أبناء بني إسرائيل، وسخَّر رجالهم، يعتب على موسى أن قتل رجلًا خطأً؟!
/// انظروا إلى جواب موسى عليه السَّلام له: ((فعلتها إذًا وأنا من الضَّالين /// ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربِّي حُكمًا وجعلني من المرسلين /// وتلك نعمة تمنُّها عليَّ أنْ عبَّدَّت بني إسرائيل؟!)).
/// قال العلاَّمة الأمين رحمه الله في الأضواء: "يعني: أنعمنا عليك بتربيتنا إيَّاك صغيرًا وإحساننا إليك، تتقلَّب في نعمتنا، فكفرت نعمتنا وقابلت إحساننا بالإساءة لقتلك نفسًا مِنَّا... ردَّ موسى على فرعون امتنانه عليه بالتربية بقوله: ((وتلك نِعْمةٌ تمنُّها على أنْ عبَّدَّت بنى إسرائيل)) يعني: تعبيدك لقومي وإهانتك لهم لا يعتبر معه إحسانك إليَّ؛ لأني رجلٌ واحد منهم!".
/// قال الشيخ ابن سِعدي رحمه الله: "اعتراض فرعون على موسى اعتراض جاهلٍ أو متجاهلٍ؛ فإنَّه جعل المانع من كونه رسولًا أنْ جَرَى منه القتل، فبيَّن له موسى أنَّ قتلَه كان على وجه الضَّلال والخطأ الذي لم يقصد نفس القتل، وأنَّ فضل الله تعالى غير ممنوعٍ منه أحدٌ، فلم منعتم ما منحني الله من الحكم والرِّسالة".
/// قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: "ولهذا لا يذكر الكفار حُجَّةً صحيحة تقدح فى صدق الرسل؛ إنما يعتمدون على مخالفة أهوائهم، كقولهم لنوح: ((أنؤمن لك واتبعك الأرذلون)).
ومعلوم أنَّ اتِّباع الأرذلين له لا يقدح فى صِدقه؛ لكن كرهوا مشاركة أولئك.
كما طلب المشركون من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إبعاد الضُّعفاء -كسعد بن أبى وقاص وإبن مسعود وخباب بن الارت وعمار بن ياسر وبلال ونحوهم-، وكان ذلك بمكة قبل أن يكون فى الصَّحابة أهل الصُّفَّة، فأنزل الله تبارك وتعالى: ((ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين /// وكذلك فتنَّا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بَيْنِنا أليس الله بأعلم بالشاكرين)).
ومثل قول فرعون: ((أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون)).
وقول فرعون: ((ألم نُرَبِّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين /// وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين)).
ومثل قول مشركى العرب: ((إنْ نتَّبع الهُدَى معك نتخطَّف من أرضنا))، قال الله تعالى: ((أو لم نمكِّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كُلِّ شيءٍ رزقًا من لدُنَّا)).
ومثل قول قوم شعيب له: ((أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء)).
ومثل قول عامَّة المشركين: ((إنَّا وجدنا آباءنا على أُمَّةٍ وإنَّا على آثارهم مقتدون)).
وهذه الأمور وأمثالها ليست حُججًا تقدح فى صدق الرُسل، بل تبين أنَّها تخالف إرادتهم وأهوائهم وعاداتهم، فلذلك لم يتبعوهم".
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
السلام عليكم
فضيلة الشيخ.. لم أفهم العبارة في الاقتباس فأرجو منك فضلا لا أمرا ايضاحها :
اقتباس:
فاللعين الأول لما حكَّم العقل على من لا يُحْكم عليه بالعقل لزمه أن يجري حكم الخالق في الخلق ، أو حكم الخلق في الخالق ، والأول غلو ، والثاني تقصير .
هل المقصود بحكم الخالق في الخلق ما عليه الجبرية من نفي أرادة العبد ، وإثبات إرادة الرب ، والزعم أن المخلوق مجبور لا إرادة له..؟؟
جزاك الله خير على هذا المبحث الرائع
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
غفر الله لك شيخنا عدنان ونفع بك..
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
شكر الله لكم يا شيخ عدنان..على موضوعكم القيّم
وليتك تحذف "من" من قولك:لعل من أهم الكتب في الرد عليهم:كتاب الله
بل الحق أن أهم الكتب في ذلك :كتاب الله تعالى..دون أي احتراز أو توقف..
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
الشَّيخَ الفاضلَ / أبا عـاصِمٍ البُخاريَّ
/
جزاكَ اللهُ خير الجزاءِ على هذا الموضوعِ النافعِ الماتعِ ..
/
أسألُ اللهَ أن يكتبَ لك به الأجرَ
وأن يحطَّ عنك به الوزر .
/
محبُّكم في الله
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
بارك الله فيكم .
ثَم كتاب لا يحضرني الآن اسمه ألفه أحد الحنابلة رحمهم الله في جدل القرآن موجود بالشاملة . فمن يأتينا بها ؟ وأجره على الله تعالى .
رد: لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
لعلك تقصد استخراج الجدل من القرآن الكريم.