-
طارقوا الأبواب
أصبح من الواضح والمكشوف جداً ما تلعبه القنوات الفضائية التي تغوّلت الآن لتصبح مجموعات إعلامية ضخمة تشبه إلى حد بعيد ما نتصوره حين نسمع تعبير : (الجيوش الجرارة) أو (جحافل الجيوش) .
وهذا التعبير يصدق في الواقع كثيراً بعدما أضحى من الواضح جداً أن هذه المجموعات الإعلامية الضخمة ليست مجرد شركات ربحية أو مؤسسات ذات رسالة إعلامية فقط بل هي في حقيقة الأمر جيوش غازية أو هي نوع من متطور من الجيوش الاستعمارية .
فقد أدرك المستعمرون الجدد أنّ استعمار الأرض واستعباد البشر لا يمكن أن يستمر أو يستقر قبل أن يمهد له عن طريق استعمار العقول أو استعمار الفكر برمّته .
وكان من الطبيعي أنّ الرسل لا تنجح إلا إذا كانت تتحدث بألسنة قومها لذلك رأينا كيف تأسست هذه المجموعات الإعلامية (العربية) وتسارع نموّها مثل السرطان في سنوات معدودة لأنّه يُراد لها تحقيق هدف أو عدة أهداف سريعة قبل أن تبرز عوامل هنا وهناك تقطع على الغزاة غزوهم أو تشغلهم عنه .
أرجو أن لا يكترث القارئ المسلم بأسماء مالكي هذه المجموعات ، فوليد هنا أو صالح هناك هؤلاء ليسوا إلاّ أدوات ودمى في يد العدو الصليبي الحاقد الذي لن يهدأ له بال قبل أن يدق أطنابه في رمال الصحراء العربية .
إن المتابع البسيط لهذه القوات وما تعرضه يدرك بصورة واضحة أنّ هناك طعناً في القلب وحَسّاً للسُّوق وقطعاً للأعناق تمارسه هذ القنوات بحق الشعوب الإسلامية والعربية بالذات .
كل الوسائل الممكنة والمتاحة مُستخدمة في هذه الحرب القذرة .. الصورة بكل أبعادها والصوت بكلّ مستوياته واللغة بكلّ مفرداتها والضوء بكل درجاته ..
لقد تم تهشيم الجمجمة وكسر العظم والهدف كما نعرف أن يصبح المسلم لا شيء .
لم تتم مهاجمة الإسلام مباشرة بل عمد هؤلاء إلى تهديم البنية التحتية ونخر أساسات الإنسان العربي والتي كان ها دورفي الإحساس بالإسلام كرسالة وقيمة وفريضة .
الذائقة
خرّبوا الذّائقة ، نعم إياك أن تظن الذائقة نوعاً من الترف الفني والكلام الأدبي ، كلا ..فالذائقة العربية الأصيلة هي الّتي هزّت بالقرآن وجدان العربي الأول ..وهي التي حرّكت ضمائر الغافلين وأعادتهم لى طريق الله منذ فجر التاريخ وحتى ما قبل هذه الفترة ..
كان اللفظ القرآني يجد طريقه إلى القلوب لأنّ الذائقة الأصيلة تتعامل مع اللفظ العربي وتتناغم معه أياً كان قائله ولافظه ..
نعم الغناء والمعازف حرام بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم و بإجماع علماء المسلمين الذين يحترمون الدليل والبرهان ..
ولكن أين من يستمع غناء مغنٍّ بأبيات حسان أو جرير أو الفرزدق أو شوقي أو حافظ إبراهيم ونحوهم .. ممن سماعه لمثل شعبان عبدالرحيم وروبي ونانسي وراشد الماجد ونحوهم ممن نستغفر الله من العلم بهم فضلاً عن الاستماع لهم .
فهذا الغناء القديم مع تحريمه وغلبة مفسدته فإنّ منفعته المغلوبة أبقت على الذائقة كما هي ..
أما الغناء المعاصر الذي يعتمد العامية السوقية والإيقاع السريع والصورة المتحركة السريعة فهذا الفن الهابط قام بعملية إعدام بشعة بحق الذائقة والحس العربي فقطع صلة الإنسان باللغة العربية التي هي مفتاح القرآن ..
لم يستطع الغرب أن يغطوا القرآن ويغلفوه لكنهم استطاعوا تغليف العقل والروح العربية بغطاء الفن الهابط الذي لا لون له ولا رائحة ولا طعم ولا حجم ولا وزن إلا حجم أرداف وأكتاف الساقطات .
القيمة
إحساس المسلم بأنّ لديه شيء يتميز به عن غيره وأنّ هذا الشيء ثمين يستحق المحافظة عليه وبذل الغالي والرخيص من أجله هذا أيضاً كان مطعناً من مطاعن الغول الإعلامي الضخم .
أصبحت دائماً تسمع ليل نهار : ليس لدينا ما نخاف عليه ، نحن لا نتميز بشيء ، الحديث عن الخصوصية حديث فارغ ، كل العالم مثلنا لديهم ما لدينا ومع هذا ليس عندهم رهاب الخوف من الآخر .. إلى آخر هذه النغمة التي أفقدت المسلم أيضاً حجراً أساساً آخر ..
الاعتزاز والفخر بالإسلام والعزة به أصبح عيباً وعاراً ..
الإسلام مثله مثل غيره من الأديان .. هذه هي رسالة الحوار الإعلامية ..
والنتيجة : إذا كان ليس لدي شيء يميزني ولا شيء أخاف عليه فلماذا أخشى الاختلاط بالآخر بكل مستوياته ؟!
هذا ما حصل فأصبح المسلم مع الكافر على قيد واحد ..
وساعد على هذا للأسف الشديد الدعوات لمؤتمرات الحوار بين الأديان والجوقة المطبلة لها من لابسي المشالح والعمائم ..
فضاعت بذلك قيمة مهمة من قيم المسلم .. وتم إذابتها في نفسه وذهنه ومِن ثم دمه لتخرج مع باقي فضلاته الضارة ..
المروءة :
هذه الصفة العربية التي تجر معها صفات أخرى كالغيرة والأنفة والحمية ..
كان لهذه الصفات دور كبير في حماية الدعوة والقيام بها منذ فجر الإسلام الأوّل .
لقد جاء الإسلام بتأكيد هذه الصفات وتثبيتها وتهذيبها من شوائب الجاهلية ، فهي مكونات أساسية في المعدن العربي الأصيل ، المعدن الّذي شعر من أوّل يوم بصدق الرسالة المحمدية التي توافقت معه وتكاملت ..
بعض الصحابة كان إسلامهم نتيجة القناعة .. وبعضهم كان إسلامه في البدء نتيجة الحمية والأنفة ..
وبعضها استدل بحسن ما جاء به الإسلام على صدق النّبيّ صلى الله عليه وسلم ..
وهذا يعني أنّ ميزان الفطرة كان به حياة .. وتمييز الحسن من القبيح نتيجة طبعية لحياة الفطرة ..
لكنّ هذه الصفات الحميدة يقوم الغول الإعلامي ليل نهار بتحطيمها وتكسيرها بعرض المشاهد العارية والأجساد المتلاصقة ..
قتل الغيرة .. ووأد الحمية والأنفة .. هو ما حصل عبر برامج تعرض قبول الأخ بغراميات أخته .. وقيام الأب بتسهيل لقاءات ابنته مع صديقها ..بل الحمل سفاحاً أصبح مشهداً مألوفاً في الواقع الإعلامي يُتحدث عنه بغير الخطاب القرآني الذي قال عنه {إنّه كان فاحشة وساء سبيلاُ } ..
والذي يتابع يعلم أنّ المجموعات الإعلامية العربية الكبرى تتولى من أول يوم وجدت فيه حمل معاول الهدم من الأساس واجتثاث النبت من الجذور .. لإيجاد جيل من المسلمين لا غيرة عنده ولا حمية ولا خصوصية ولا قيمة ولا يميزه شيء عن أي بهيمة ترعى ليل نهار لإشباع بطنها وفرجها..
الكلام لم ينتهي
كل ما سبق واقع معروف وليس فيه جديد .. كما أنه ليس صلب الموضوع ..
صلب الموضوع هو أنّ هذه القنوات مثل السلاح الصامت الملقى على الأرض أو مثل الدبابات التي لا تسير إلا بقائد ..
لا تفعل فعلها إلاّ بمن يشغلها ويوجّهها ..
لقد عاشت هذه القنوات في بلاد المسلمين ردحاً من الوقت غريبة منبوذة شاذة .. حتّى تبرع مجموعة من الدعاة الإعلاميين بإدخالها بيوت لا أقول المسلمين بل بيوت الصالحين ..
مكثت هذه القنوات دهراً مرابطة أمام أبواب كثير من البيوت الصالحة ، وكان الموقف منها موقف الريبة والخوف ،حتى جاء كل منها بشيخ مشهور ممن يبحث عن حصة من الجمهور وأغرته وسولت له ببعض العسل فقام مشكوراً منها بطرق أبواب البيوت المطمئنة واستأذن لتلك القنوات فأُذن له ولها تحت عهد الأمان والثقة به ..
وما إن دار الزمان دورته حتّى أصبحت تلك القنوات الداعرة هي المكون الأساس في كل جاهز تلفاز في بيت مسلم ..
طارقوا الأبواب هؤلاء هم محل ثقة كثير من الناس ، نعم .
لكن على كل من يسارع بالنكير أن يسأل نفسه : ماذا كسبت الأمة من وجود شيخ - مهما كان محله من العلم والدين – في قناة تبث العري والتنصير وتقوم بمهمة سلخ الهوية الإسلامية ؟
دعنا نسمي الأشياء باسمها : قناة مثل الإم بي سي : هل يمكن أن يقال ببجواز وجودها في بيت مسلم مقابل ساعة أو اثنتين يقدمها شيخ يتكلم عادة في مواضيع لا تتعارض مع أصل رسالة القناة ؟
يقول البعض إنّ ظهور الشيخ في القناة لا يعني أنه يجيز إدخالها البيوت وإنما هو يطل منها على جمهور لا يوجد إلا فيها .
أقول : هذه حجة مهترئة : ليصرّح الشيخ بعبارة واضحة صريحة في مقدمة برنامجة أنّ وجوده في هذه القناة لا يني أنه يجيز وجودها في بيوت المسلمين وأنّ ظهوره فيها إنّما هو لمقابلة جمهور يصر على امتلاك هذه القناة الفاجرة .
يقيس البعض وجود الدعاة في هذه القنوات بوجود الدعاة في أماكن اللهو والعصاة ووجود النبي صلى الله عليه وسلم في أسواق الجاهلية للدعوة وغيرها .
أقول : وهذه أيضاً كتلك ، لأنّ تلك الأماكن في الأساس محايدة لا رسالة لها ، بدليل أنّه يمكن أن تقول فيها ما يعارض أصلها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف فيها ليقول ما يشاء.
أمّا هذه القنوات فهي مؤسسات ذات رسالة وهدف معروف ، أرجو أن لا يوجد من يجادل فيه .. بدليل أنّ كثيراً منها لا يسمح إلاّ ببرامج لا تتعارض مع أصل وجوده ، حتى الدعاية مدفوعة الثمن التي تروج لمبادئ شرعية لا مكان لها ، ولو كانت لمجرد الربح لقبلت ببيع بعض الدقائق لصالح برامج شرعية مهما كان موضوعها .
بل الأصح قياس هذه القنوات حتى المتأسلمة منها بمسجد الضرار الذي ما بُني إلا محادة لله ولرسوله وإرصاداً للمؤمنين ، فمقاطعة هذه القنوات هو القول الصحيح مهما قيل عن مصلحة الظهور فيها .
ربما كان لهم العذر قبل أن توجد قنوات إسلامية التأسيس والتوجه ، لكن الآن امتلأ الفضاء بعشرات القنوات الإسلامية التي تحتاج إلى الدعم من قبل هذه الشخصيات الدعوية الإعلامية لو كانت حقاً تريد الله ورسوله لا الشهرة والصيت .
والعجب أنّهم لا يظهرون إلا نادراً في القنوات إسلامية ، وهذا غريب حتى مع افتراض صحة اجتهادهم في تلك فكان المفروض أن يكون للقنوات الإسلامية نصيب الأسد أن تُترك للمغمورين وغير المشاهير مما يسبب هجر الناس لكثير منها ومن برامجها .
لقد تكون لدي مثل اليقين أن هذه القنوات رغم شدة وضراوة كفرها وفجورها لم تُعدّ فقط للعابثين من المسلمين .. بل كان من أهدافها القوية غزو البيوت المسلمة الصالحة التي تنتج الجيل الصالح , وهذا يدل على خطورتها وقوة وعمق أهدافها .. والدليل هو توظيف طارقي الأبواب - من الذين وثقت فيهم الأمة للأسف – ليدخلوا البيوت الصالحة وهذا ما حدث .
كان يمكن لتلك القنوات أن تكتفي بجمهور عريض لاهث خلف الشهوة واللهو .. لكنّها لم تكتف بهم بل جرَت وبكل قوة خلف البيوت الصالحة .. وتنازلت عن كثير من كبريائها وكرهها للدين وسمحت للّحى أن تظهر على شاشاتها من أجل كسب وصيد أثمن بكثير وهو التواجد في بيوت الأسر الصالحة ..
والآن تلفّت حولك وانظر كم هي نسبة من ليس في بيته مجموعات الإم بي سي والإي آر تي وروتانا وغيرها .. كثير .
وتأمل وفكّر بعقلك لا بعاطفتك كم هم الذين يحتجون بطارقي الأبواب ويتحججون بهم في تسويغ إدخال هذه القنوات إلى بيوتهم ؟
-
رد: طارقوا الأبواب
بعد التحية أخي الكريم
أولآ : موضوعك جدآ جميل وصفاء فكرك
ولاكن لدي تعقيب على بعض الأمور وأتمنى أن تتأكد بأننا وفي نهاية المطاف متفقون
أن ماقلتة فعلا صحيح ولاكن اين تكمن المشكلة ؟؟
هل بمن يغزوننا فكريا أم بأنفسنا
قد المحت لمحآ جميلا حين قلت - وليد وصالح
نعم لوكنت مكانهم ماذا ستفعل ( أنا ضد البشع الذي يقومون به )
ولو رجعنا الى التاريخ لوجدنا بأن العيب من الشعوب
ولو كنا مكان الغرب ونريد السيطرة على العالم وخططنا خطط أستراتيجية بمعرفة نقاط الضعف عند أعدائنا ولو كان بدينهم
لفعلنا مثلهم
أما كنا سنفعل مثلهم
نحن نرى بأننا على صواب وهم يرون بأنهم على صواب ( بلأديان فقط)
من ضيع هيبة الأسلام اليس ألمسلمون
الموضوع متشعب ويحتاج الى محاسبة النفس قبل أصدار الأحكام على الأخرين
وكما أنهم يملكون السلاح الذي يحاربونا به فيجب علينا تملك سلاح الصد
وهو سلاح العلم والتفقه والوعي
كما اشرت بحديثك
وأرفق أمنيتي بأمنيتك
الوعي سلاحنا
وشكرآ لك على موضوعك الذي يتغافل عنه كثير من الناس
-
رد: طارقوا الأبواب
الأخ الحسني جزاك الله خيراً
في الغرب يسمى الإعلام السلطة الرابعة ، أي أنه في مصاف السلطة التشريعية و القضائية و التنفيذية !!!
و لهذا فسر بعض السلف شهادة الزور بأنها حضور أعياد الكفار ، " وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا " [الفرقان/72]
قال النسفي في تفسيره :
أى الكذب يعنى ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يقربونها تنزها عن مخالطة الشر وأهله إذ مشاهدة الباطل شركة فيه وكذلك النظارة إلى ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه فى الآثام لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا وسبب وجود الزيادة فيه
و على ذكر أعياد الكفار و أنها لا يجوز حضورها و لا التشبه بهم فيها ، فإن بعض الذين يخرجون في القنوات لم تعد أعياد الكفار عندهم حراماً !!! و أفتوا بجواز عيد الميلاد من عقر القناة
-
رد: طارقوا الأبواب
كلمة لهذا حذفت ما قبلها و نسيت أن أحذفها فلينتبه لذلك