-
الزواج بالزانية
السؤال:
♦ الملخص:
فتاة قامت بمقدمات الزنا مع شابٍّ وتابت، لكنها تشك في وقوعها في الزنا، ولها مجموعة من الأسئلة حيال أحكام الزواج للزانية.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لديَّ مجموعة من الأسئلة التي أرجو من حضراتكم توضيحها لي؛ كي أطرد الوساوس التي تعتريني، وتجعلني لا أكتحل بنوم، وخائفة طوال الوقت.
بادئ ذي بدء كنت على علاقة بشابٍّ وقمنا بمقدمات الزنا، ثم تبتُ إلى الله تعالى، ووددت أن أبدأ حياة جديدة في طُهر، لكن وسواسًا اعتراني، فشككتُ أنه من الممكن أن نكون قد وقعنا في الزنا، رغم أنني متأكدة أني لم أشعر بشيء، وقد قرأت أن الشك لا اعتبار له، وأن الأصل العدم، فهل أتبع هذه القاعدة؟ وماذا لو كان حدث، فهل سيحاسبني ربي على ذلك؟
ثم إنني بدأت في البحث عن حكم زواج الزانية التائبة بعفيف، ووجدت رأيًا يقول بالجواز؛ لأن التوبة تجُبُّ ما قبلها، ووجدت رأيًا يُحرِّمه استدلالًا بآية سورة النور: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴾ [النور: 3]، وأن الزانية لا يحلُّ لها أن تنكح عفيفًا أو مَن زنى بها، إنما تنكح زانيًا آخر، فهل هناك خلاف في هذا الأمر؟ وما الصحيح فيه؟ لأن هذا الاختلاف أصابني بالخوف والتردد في أمر الزواج، ولا سيما أنني علمتُ أن من يعقد عقد نكاح مَحرَّم يَكْفُر؛ لأن عقد الزواج دليل الاستحلال؛ أي: استحلال الفَرْجِ، فهل هذا صحيح؟ ومتى يكون عقد النكاح الباطل زنًا وليس كفرًا؟ فقد وجدت أن المذاهب الأربعة قالوا بالقتل حدًّا لا رِدَّة، وهل إذا أنا تزوجت بعفيف أكون كافرة، حتى ولو اعتقدتُ حرمته؟ وقد علمت أن مجموعة من الصحابة أجازوا زواج الزانية بعفيف، وأن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت بأن الزاني إذا تزوج مَن زنى بها، فإنهما زانيان إذا اجتمعا، فلو كان كفرًا، لكان الحكم عليهما بالكفر، فهل هذا أيضًا دليل عن عدم كفر مَن عقَدتْ نكاحًا حرامًا، إلا إذا اعتقدت أن ذلك النكاح مباح؟ أنا تائهة في تلك الوساوس، ولا أدري ما الصحيح، وما الذي يجب أن أعتقده، وأدعو الله أن يُزيلَ ذلك اللبس من قلبي، أنتظر منكم الإجابة التي ستوضح وتزيل اللبس؛ لأني متأكدة أن هذا الوسواس من قلة معرفتي لمجموعة من الأشياء في هذا المجال، شكرًا جزيلًا.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية، فإن التوبة واجبة عليك مما وقعتِ فيه، سواء كان زنًا أم لا، والله عز وجل يقبل توبتكِ، ما دامت توبة نصوحًا، حتى ولو كان الذنب قد وصل إلى حدِّ الزنا.
ثانيًا: ما دمتِ لستِ متأكدة من وقوع الزنا، فالأصل عدم وقوعه، وتُبنى أحكام الدنيا من زواج وغيره على هذا الأصل، فلكِ أن تتزوجي بعفيف.
ثم لو كان الزنا قد وقع فعليًّا، مع عدم تيقُّنكِ من ذلك، فإن الله تعالى في الآخرة يحاسبكِ على هذه الخطيئة، إلا أن تتوبي منها توبة نصوحًا؛ بأن تندمي على ما وقع منكِ، وتعزمي على عدم العودة إلى هذا الذنب مرة أخرى.
فإنكِ إن تُبتِ إلى الله تعالى هذه التوبة النصوح، ثم أكثرتِ من الأعمال الصالحة؛ كصلاة الليل، وقراءة القرآن، وذكر الله، والاستغفار، فإن الله تعالى يقبل توبتكِ، ويبدل سيئاتكِ حسنات؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71].
وعليكِ أن تصرفي هاجس الكفر عن ذهنكِ؛ لأن الكفر لا يدخل في مثل هذه المسائل.
هذا، وأسأل الله تعالى لنا جميعًا الهداية والتوفيق.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6s5ehXGeI