عرض للطباعة
روى ابن أبي الدنيا في "الزهد" (رقم/358) بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
جاء ملك الموت إلى نوح عليه السلام ، فقال : يا أطول النبيين عمرا ! كيف وجدت الدنيا ولذتها ؟ قال : " كرجل دخل بيتا له بابان ، فقام في وسط البيت هنيهة – القليل من الزمان - ، ثم خرج من الباب الآخر " انتهى .
ماصحة هذا الأثر؟
أخرجه ابن أبي الدنيا في الزهد (برقم: 358)، وفي ذم الدنيا (برقم: 229)، وفي العمر والشيب (برقم: 19) مختصرا، فقال: حدثنا محمد بن عاصم، أخبرني نافع أبو هرمز، عن أنس بن مالك، قال:
"جاء ملك الموت إلى نوح، فقال: يا أطول النبيين عمراً، كيف وجدت الدنيا ولذتها؟ قال: كرجل دخل بيتاً له بابان، فقام وسط البيت هنية، ثم خرج من الباب الآخر". اهـ.
وهذا إسناد موضوع، فيه نافع بن هرمز السلمي "ليس بثقة كذاب"، كذا قال يحيى بن معين، وقال البخاري: "منكر الحديث".
وقال ابن حبان: "كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه كأنه أنس آخر ولا أعلم له سماعا لا يجوز الاحتجاج به ولا كتابة حديثه الا على سبيل الاعتبار روى عن عطاء وابن عباس وعائشة نسخة موضوعة". اهـ.
وروي مرفوعا فيما ورد في كتاب المعمرون والوصايا (ص: 1)، لأبي حاتم سهل السجستاني، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق [62 : 281]، فقال:
ذكر ذلك بن أبي زياد علي ابن أبي عياش العبدي عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره مطولا وفيه زيادة.
قلتُ: وهو موضوع منكر، فيه إسماعيل بن زياد السكوني "متروك، كذبوه"، كذا قال ابن حجر، وأبان بن أبي عياش العبدي، قال عنه ابن حبان:
"كان من العباد يسهر الليل بالقيام ويطوى النهار بالصيام سمع من أنس أحاديث وجالس الحسن فكان يسمع من كلامه فإذا حدث به جعل كلام الحسن عن أنس مرفوعا وهو لا يعلم". اهـ.
قلتُ: هو بالفعل ورد هذا الخبر عن الحسن فيما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق [62 : 280]، من طريق:
عبد السلام بن أحمد القرشي، نا محمد بن إسماعيل بن محمد، نا محمد بن عبد الله الزاهد، نا موسى بن إبراهيم المروزي، نا صالح المزني، عن الحسن، قَالَ: فذكره مطولا وفيه زيادة.
وهذا مسلسل بالعلل إلى موسى بن إبراهيم المروزى "متروك"، كذا قال الدارقطني، وقال يحيى بن معين: "كذاب". اهـ.
وأخرجه ابن عساكر [62 : 281]، من طريق: أبي عوانة الإسفراييني، يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن الجنيد، يقول: سمعت أبا مسهر، يقول: فذكره.
وأخرجه أيضا (62/275)، من طريق: الدَّيْبُلِيِّ، قال: نا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ [وهو ابن عيينة]: يُقَالُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، قَالَ:
كَانَ لا يَلْبَسُ ثَوْبًا إِلا حَمِدَ اللَّهَ ، وَلا يَصْنَعُ شَيْئًا إِلا حَمِدَ اللَّهَ. قَالَ: وَقَالَ جِبْرِيلُ لِنُوحٍ : يَا أَطْوَلَ الأَنْبِيَاءِ عُمُرًا ، وَأَفْضَلَهُمْ شُكْرًا ، كَيْفَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا وَبَهْجَتَهَا ؟ قَالَ: كَدَارٍ لَهَا بَابَانِ أُدْخِلْتُ مِنَ الأَوَّلِ وَأُخْرِجْتُ مِنَ الآخَرِ". اهـ.
ونقله الكسائي (250- 350هـ) في قصص الأنبياء (ص: 74) عن كعب الأحبار، ونقله الصالحي في سبل الهدى والرشاد (1/314) عن النووي ناقلا عن وهب بن منبه أنه من إجابة سام بن نوح على عيسى عليه السلام.
والله أعلم.
جزاكم الله خيراً.
وجزاك الله خيرا.اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس