قال الشيخ صالح الفوزان فى شرح لمعة الاعتقاد
(وقال عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه – كلاماً معناه، قف حيث وقف القوم)
الشرح:
مثل كلام ابن مسعود، قف حيث وقف فلا تقل شيئاً لم يقله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ولا قاله تلاميذهم من التابعين وأتباع التابعين لا يجوز لك أن تحدثه، وأن تقول به، فإذا وقفوا، فقف معهم.
المتن:
(فإنهم عن علم وقفوا)
الشرح:
فإنهم عن علم وقفوا لا عن جهل، بل عن علم، رأوا أن هذا لا يجوز الدخول فيه.
المتن:
(وببصر نافذ كفوا)
الشرح:
(وببصر نافذ كفوا)، المراد بالبصر هنا بصر العلم,الذي هو بمعنى البصيرة، فهم رأوا أن هذا الشيء الذي توقفوا فيه وكفوا عنه، رأوا أنه لا خير فيه فتركوه، فأنت عليك أن تترك ما تركوه ,ولا تحدث عبارات من عندك ,أو ألفاظاً من عندك , أو فهماً من عندك ,لا تحدث شيئاً لم يقولوه.
المتن:
(وهم على كشفها كانوا أقوى)
الشرح:
هم عندهم القدرة العلمية، لكنهم وقفوا عن هذا الشيء؛ لأنهم يرون أنه لا خير فيه ,فلا يجوز الدخول فيه ,فأنت قف معهم.
المتن:
(وبالفضل لو كان فيها أحرى)
الشرح:
لو كان في هذه الأشياء التي سكتوا عنها فضل لدخلوا فيها فهم أحرى بالفضل، ولو كان فيها خير لسبقونا إليه فدل على أن الدخول فيها ليس من الفضل، وإنما هو من الجهل والضلال.
المتن:
(فلئن قلتم: حدث بعدهم ,فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم)
الشرح:
هذا جواب عن اعتراض ,قد يرد على كلامه رحمه الله ,إن قلتم: إنه قد حدث بعدهم أشياء ,فنحن نحدث ألفاظاً ,ونحدث عبارات لم يقولوا بها؛ لأنها لم تحصل في وقتهم،
فنقول: لا نجاة إلا باتباعهم، فإذا أردت أن ترد على هذه المحدثات ,فرد عليها بعلم السلف وفهم السلف.
المتن:
(فلئن قلتم: حدث بعدهم ,فما أحدثه إلا من خالف هديهم ,ورغب عن سنتهم،ولقد وصفوا منه ما يشفي ,وتكلموا منه بما يكفي)
الشرح:
هم لم يقصروا رحمهم الله ,لم يقصروا في أمور دينهم ,ولا سيما في أمور العقيدة؛الأسماء والصفات ما قصروا في هذا ولا تكاسلوا، بل بينوا ووضحوا وسكتوا عن أشياء لا يجوز البحث فيها،فتكلم أنت بكلامهم ,وانقل كلامهم ,ولا تتصرف فيه، وما سكتوا عنه اسكت عنه ,لا تدخل فيه، إذا عرض لك شيءولم تجد فيه كلاما للسلف ,فاعلم أنهم سكتوا عنهووقفوا عنه ,فقف أنت عنه ,ولا تدخل فيه.
المتن:
(فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر)
الشرح:
(ما فوقهم): ما زاد على هديهم (محسر) يعني غالي ,محسر هو الغالي المتجاوز للحد.
(وما دونهم مقصر) الذي تكاسل عن اتباعهم وعن علمهم، فالذين خالفوا السلف بين أمرين: إما غالي وإما جافي , الأول محسر ,يعني: غالي ومتجاوز للحد ,والذي قصر دونهم، هذا مقصر ,لم يلحق بهم، وكلا الأمرين مذموم، والسلامة في السير معهم ,لا التقدم عليهم ,ولا التأخر عنهم، فسر معهم في منهجهم.
المتن:
(وقد قصر عنهم قوم فجفوا)
الشرح: قصر عنهم قوم فجفوا ,هذا هو الجفاء والكسل.
المتن:
(وتجاوزهم آخرون فغلوا)
الشرح:
هذا شرح للعبارة: ما فوقهم محسر وما دونهم مقصر. فالمقصر هذا جفا ,والمحسر هذا غلا.
المتن:
(وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم)
الشرح:
يعني: فيما بين المحسر والمقصر، فالسلف بين المحسر وهو الغالي ,وبين المقصر وهو الجافي ,وهم على هدى مستقيم , هدى بين ضلالتين ,وحق بين باطلين، هذه طريقة السلف - رحمهم الله -بين الغالي والجافي، ودين الله بين الغالي والجافي ,دين الاعتدال والاستقامة،وهو الذي أمرنا الله أن نسأله أن يهدينا إياه في قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم } , المعتدل بين الغالي والجافي.