و ما صحة تعريف اليقين بأنه العلم الحاصل عن استدلال وبالتالي لا يوصف الله باليقين
عرض للطباعة
و ما صحة تعريف اليقين بأنه العلم الحاصل عن استدلال وبالتالي لا يوصف الله باليقين
نعم هذا الكلام صحيح - فاليقين ليس من صفات الله ولا من أسمائه--إنما هو من صفات العباد -- اليقين منزلة من منازل عباد الله المتقين عبادة من عبادات القلب - [عبادة قلبية]- قال الحافظ ابن رجب قول ابن مسعود هذا فيقول: "واليقين: هو العلم الحاصل للقلب بعد النظر والاستدلال، فيوجب قوة التصديق حتى ينفي الريب ويوجب طمأنينة القلب بالإيمان وسكونه وارتياحه به، وقد جعله ابن مسعود الإيمان كله.. ولم يرد ابن مسعود أن ينفي الأعمال من الإيمان، إنما مراده: أن اليقين هو أصل الإيمان كله، فإذا أيقن القلب بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، انبعثت الجوارح كلها للاستعداد للقاء الله تعالى بالأعمال الصالحة فنشأ ذلك كله عن اليقين".------- ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -فاختنقته العبرة وبكى- ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر يقول عام أول: «سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ مَا أُوتِيَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ» (المستدرك على الصحيحين: [1944]) ----- اليقين يرتفع وينخفض ويقوى ويضعف، ويزيد وينقص لعلاقته بالإيمان كما تقدم، قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: "اليقين يقوى ويضعف".--------اليقين في اللغة: هو زوال الشك مع العلم وتحقيق الأمر. وتأكيد هذا المعنى ورد في السنة النبوية كما في الحديث الثابت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُلْقِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» (سنن أبي داود: [1024]). فجعل اليقين ضد الشك، فاليقين هو العلم المتحقق الذي لا يداخله تردد أو ضعف ثقة به. ---- اليقين ضد الشك، فاليقين هو العلم المتحقق الذي لا يداخله تردد أو ضعف ثقة به. اليقين هو الإيمان كله: أما من حيث المعنى الاصطلاحي لليقين، فإن من العلماء من يدقق في معنى اليقين ويذهب إلى أنه يطلق على معنيين: الأول: أصل الإيمان بأركانه وشروطه المعروفة. والثاني: منزلة رفيعة من منازل الإيمان لا ينالها إلا الكُمّل من المؤمنين. ولا يطلق على أحد بأنه موقن إلا إذا استقر في قلبه العلم والعمل مطمئنًا بذلك. -------------- قد جاء في السنة النبوية المطهرة ما يدل على أن اليقين هو الإيمان المنجي، كما في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ. فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ. وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلَى النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ» (سنن ابن ماجه: [4268]).
فائدة -
السؤال
ماهو اليقين ؟ وما هي صفات أهل اليقين ؟ وكيف يصل المسلم لليقين ؟
نص الجواب
الحمد لله
أولا :
قال ابن سعدي " اليقين : هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل " انتهى من "تفسير السعدي" ص(40).
وقال بعضهم " ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه كنسبة المرئي إلى العين فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلا وهذا نهاية الإيمان وهو مقام الإحسان " ينظر "مدارج السالكين"(2/399) .
فاليقين أرقى درجات الإيمان ، وأخص صفات أهل التقوى والإحسان ، قال تعالى (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة لقمان : 4-5
قال ابن القيم :
" اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم" انتهى من "مدارج السالكين" (2/397) .
واليقين على ثلاثة أوجه ، ذكرها أبو بكر الوراق : يقين خبر ، ويقين دلالة ، ويقين مشاهدة .
قال ابن القيم رحمه الله :
" يريد بيقين الخبر : سكون القلب إلى خبر المخبِر، وتَوَثُّقُة به .
وبيقين الدلالة : ما هو فوقه ، وهو أن يقيم له ، مع وثوقه بصدقه : الأدلة الدالة على ما أخبر به ، وهذا كعامة أخبار الإيمان والتوحيد والقرآن ، فإنه سبحانه مع كونه أصدق الصادقين ، يقيم لعباده الأدلة والأمثال والبراهين على صدق أخباره ، فيحصل لهم اليقين من الوجهين : من جهة الخبر ، ومن جهة الدليل .
فيرتفعون من ذلك إلى الدرجة الثالثة ، وهي يقين المكاشفة ، بحيث يصير المخبَر به لقلوبهم ، كالمرئي لعيونهم ؛ فنسبة الإيمان بالغيب حينئذ إلى القلب : كنسبة المرئي إلى العين .
وهذا أعلى أنواع المكاشفة ، وهي التي أشار إليها عامر بن عبد قيس في قوله : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا . وليس هذا من كلام رسول الله ولا من قول علي كما يظنه من لا علم له بالمنقولات " انتهى من "مدارج السالكين" (2/400) .
ثانيا :
صفات أهل اليقين كثيرة ، وينتظم في صفاتهم جميع الصفات المؤدية إلى رضى الرحمن ، ولكن نذكر منها على سبيل المثال :
1- هوان مصائب الدنيا عليهم : ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم قْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا ، اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا" أَخْرَجَهُ الترمذي (3502) و"النَّسَائي" في عمل اليوم والليلة (402) عن ابن عمر رضي الله عنه .
وهوان المصيبة ، والتحلي بالصبر تجاهها : يتفاوت على حسب تفاوت اليقين في القلوب ، فأعظم الناس صبرا ، هو أعظمهم يقينا ، وكلما ترقى العبد في مراتب اليقين = ترقى في مراتب الصبر ، كما قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّك َ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) .
2- راحة النفس وطمأنينة القلب فيما يفوت من حظوظ الدنيا ، ثقة بموعود الله ، ورجاء العوض والخلف منه سبحانه .
3 – قوة توكلهم على الله واستشعار معيته لهم : قال صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد أحدقت بهم الأخطار " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا " .
قال سبحانه : ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (40) سورة التوبة .
وقال موسى ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
4- كثرة إنفاقهم في سبيل الله ليقينهم التام بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، وأن الرزق ليس بيد أحد من البشر وإنما هو بيد الله تعالى وحده ، قال سبحانه : ( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .
5- من سيماهم الخشوع والاستقامة :
قال الحسن البصري رحمه الله : "ما أيقن عبد بالجنة حق يقينها ، إلا خشع ووجل وذل واستقام واقتصر حتى يأتيه الموت" . ابن أبي الدنيا : اليقين 97.
6- من سيماهم : زهدهم في الدنيا وقصر أملهم فيها : فلا تتعلق نفس الموقن بها، ولا يتشبث بُحطامها، وإنما يكون زاهداً فيها؛ لأنه يعلم أنها ليست موطناً له، ولأنه يعلم أنها دار ابتلاء، وأنه فيها كالمسافر يحتاج إلى مثل زاد الراكب، ثم بعد ذلك يجتاز ويعبر إلى دار المقام، فهو بحاجة إلى أن يشمر إليها، وأن يعمل لها .
7- من سيماهم عظيم انتفاعهم بآيات الله الكونية والشرعية ، كما قال تعالى وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ .
إلى غير ذلك من أعمال البر والإحسان التي يزداد منها المؤمن بقدر يقينه .
ثالثا :
سبيل تحصيل اليقين يحتاج إلى مقامين :
مقام الرسوخ في العلم النافع ، بكثرة النظر والبحث فيه ، والنظر في شواهده ودلائله الصحيحة .
ثم بذل الوسع في فعل المأمور ، والمجاهدة والمصابرة عليه ، واجتناب المنهي عنه ، حتى تتزكى النفس ، وتتخلص من حظوظها ويسلم القلب ويصفو ويزداد الإيمان حتى يبلغ مرتبة اليقين .
وأعظم أبواب تحصيل اليقين : العناية بكلام رب العالمين ، تلاوة ، وتدبرا ، وعلما ، وعلما .
قال محمد رشيد رضا :
" وَاعْلَمْ أَنَّ قُوَّةَ الدِّينِ وَكَمَالَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ لَا يَحْصُلَانِ إِلَّا بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعِهِ، مَعَ التَّدَبُّرِ بِنِيَّةِ الِاهْتِدَاءِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ.
فَالْإِيمَانُ الْإِذْعَانِيُّ الصَّحِيحُ : يَزْدَادُ وَيَقْوَى وَيَنْمَى ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَرْكِ الْمَعَاصِي وَالْفَسَادِ = بِقَدْرِ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَيَنْقُصُ وَيَضْعُفُ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ مَنْ تَرَكَ تَدَبُّرَهُ، وَمَا آمَنَ أَكْثَرُ الْعَرَبِ إِلَّا بِسَمَاعِهِ وَفَهْمِهِ، وَلَا فَتَحُوا الْأَقْطَارَ، وَمَصَّرُوا الْأَمْصَارَ، وَاتَّسَعَ عُمْرَانُهُمْ، وَعَظُمَ سُلْطَانُهُمْ، إِلَّا بِتَأْثِيرِ هِدَايَتِه " انتهى من "تفسير المنار" (9/463) .
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب-----فمن أهم المؤشرات الدالة على وجود اليقين: الثبات على الحق مع اختلاف الزمان والمكان بما في ذلك وقوع الفتن التي يُزين فيها الباطل، ويُشوه فيها الحق وأهله، وتقوم فيها سوق الشبهات والأباطيل، ويُضعف أهل الحق والصادعون به.
موضوع ذى صلة -
أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، فلا نثبت له شيئا من الأسماء أو الصفات إلا ما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس من أسمائه تعالى المفكر، ولا من صفاته التفكر.
قال السفاريني رحمه الله : " قال سيدنا الإمام أحمد رضي الله عنه : لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث . قال شيخ الإسلام ابن تيمية روَّح الله روحه : مذهب السلف أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل " انتهى من "لوامع الأنوار البهية" .
والله سبحانه موصوف بالعلم،ومن أسمائه العالم والعليم، فهو عالم بما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
ولا يجوز نسبة الفكر إلى الله ولو على سبيل الإخبار، وهو أوسع من باب الأسماء والصفات- لأن الفكر يتضمن ما ينزه الله عنه، من إعمال العقل، والنظر، ومقايسة الأمور .
فالفكر درجة ومرحلة من مراحل وصول العلم إلى النفس، وكل هذا شأن المخلوق الضعيف، أما الله تعالى فعالم بكل شيء، ولا يغيب عنه شيء، وعلمه لا يكون عن استحضار ، أو نظر ، كعلم المخلوق، قال تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) سبأ/3 .
قال أبو البقاء الكفوي في بيان منزلة الفكر من العلم :" وَاعْلَم أَن أول مَرَاتِب وُصُول الْعلم إِلَى النَّفس : الشُّعُور، ثمَّ الْإِدْرَاك، ثمَّ الْحِفْظ: وَهُوَ استحكام الْمَعْقُول فِي الْعقل، ثمَّ التَّذَكُّر: وَهُوَ محاولة النَّفس استرجاع مَا زَالَ من المعلومات، ثمَّ الذّكر: وَهُوَ رُجُوع الصُّورَة الْمَطْلُوبَة إِلَى الذِّهْن، ثمَّ الْفَهم: وَهُوَ التَّعَلُّق غَالِبا بِلَفْظ من مخاطبك، ثمَّ الْفِقْه: وَهُوَ الْعلم بغرض الْمُخَاطب من خطابه، ثمَّ الدِّرَايَة: وَهُوَ الْمعرفَة الْحَاصِلَة بعد تردد مُقَدمَات، ثمَّ الْيَقِين: وَهُوَ أَن تعلم الشَّيْء وَلَا تتخيل خِلَافه، ثمَّ الذِّهْن: وَهُوَ قُوَّة استعدادها لكسب الْعُلُوم غير الْحَاصِلَة، ثمَّ الْفِكر: وَهُوَ الِانْتِقَال من المطالب إِلَى المبادئ ، ورجوعها من المبادئ إِلَى المطالب، ثمَّ الحدس: وَهُوَ الَّذِي يتَمَيَّز بِهِ عمل الْفِكر، ثمَّ الذكاء: وَهُوَ قُوَّة الحدس، ثمَّ الفطنة: وَهِي التنبه للشَّيْء الَّذِي يقْصد مَعْرفَته، ثمَّ الْكيس: وَهُوَ استنباط الأنفع، ثمَّ الرَّأْي: وَهُوَ استحضار الْمُقدمَات وإجالة الخاطر فِيهَا، ثمَّ التبين: وَهُوَ علم يحصل بعد الالتباس، ثمَّ الاستبصار: وَهُوَ الْعلم بعد التَّأَمُّل، ثمَّ الْإِحَاطَة: وَهِي الْعلم بالشَّيْء من جَمِيع وجوهه، ثمَّ الظَّن: وَهُوَ أَخذ طرفِي الشَّك بِصفة الرجحان، ثمَّ الْعقل: وَهُوَ جَوْهَر تدْرك بِهِ الغائبات بالوسائط والمحسوسات بِالْمُشَاهَدَة ِ" انتهى من "الكليات" .
السؤال
ماحكم قول الله يعرف ؟
نص الجواب
الحمد لله
أولا :
أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، لا نتجاوز فيها القرآن والحديث ، ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد ،
وقد وصف الله سبحانه نفسه بالعلم ، ولم يصف نفسه بالمعرفة ، فنصفه بالعلم ، ولا نصفه بالمعرفة ، قال المرداوي رحمه الله في "التحبير" (1/ 237): " لا يوصف سبحانه وتعالى بأنه عارف؛ لأن المعرفة قد تكون علماً مستحدثاً، والله تعالى محيط علمه بجميع الأشياء على حقائقها على ما هي عليه ، وهو صفة من صفاته ، وهو قديم ، وحكي إجماعاً. قال ابن حمدان في " نهاية المبتدئين " : " علم الله تعالى لا يسمى معرفة، حكاه القاضي إجماعاً " .
وانظر: "الشرح الكبير لمختصر الأصول" (ص 61) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الله لا يوصف بأنه عارف ؛ لأن المعرفة انكشاف بعد لبس وعلم مستحدث ، فلو قلنا إن الله عارف ، لأوهم أن الأمور تخفى عليه ثم يعرفها، أو لا يعلم بعض الشيء ويحدث له العلم بعد ذلك " انتهى .
ثانيا :
باب الإخبار عن الله تعالى أوسع من باب الأسماء والصفات ، قال ابن القيم رحمه الله : " ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى ، أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ؛ كالشيء ، والموجود ، والقائم بنفسه ، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا "
انتهى من "بدائع الفوائد " (1/161).
والإخبار عنه سبحانه يكون بحسب الحاجة ، وما يقتضيه المقام . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأَمَّا الْإِخْبَارُ عَنْهُ فَهُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ؛ فَإِذَا احْتِيجَ فِي تَفْهِيمِ الْغَيْرِ الْمُرَادَ ، إِلَى أَنْ يُتَرْجَمَ أَسْمَاؤُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، أَوْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمٍ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا " .
انتهى من "الجواب الصحيح" (5/ 8) .
وعلى ذلك :
فلا يظهر لنا حرج في أن نخبر عن الله سبحانه بأنه : يدري ، أو يعرف ؛ وإن كان الله جل جلاله لا يسمى بـ"الداري" ، أو "العارف"
روى أحمد (21438) عَنْ أَبِي ذَرٍّ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟ ) ،قَالَ: لَا ، قَالَ: "( لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي ، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا ) ، وحسنه محققو المسند .
وروى ابن أبي شيبة (19356) عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَوْفٍ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ : " كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنِ النَّاسِ فَقَالَ: أُصِيبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وآخَرُونَ لَا أَعْرِفُهُمْ . فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُهُمْ " وصححه الألباني في "الصحيحة" (6/ 788) .
وقال الشيخ صالح آل الشيخ :
" ودراية الله جل وعلا بـ ( فيم ينتطح الكبشان أو العنزان ) يعني : علمه سبحانه وتعالى بذلك . ومعلوم أن باب الإخبار أوسع من باب الوصف ، فإن لفظ أو صفة ( الدراية ) لا يوصف الله جل وعلا بها، لكن يطلق على الله جل وعلا من جهة الإخبار أنه سبحانه وتعالى يدري بهذا الشيء، لأنها من فروع العلم .
فهناك صفات لها جنس ، فالعلم جنس تحته صفات ، فجنس ما هو ثابت ، يجوز إطلاقه على الله جل وعلا من جهة الخبر " انتهى من "كتب صالح آل الشيخ" (36 /7) .
ثالثا :
أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( تَعَرَّفْ إِلَى الله فِي الرَّخَاءِ ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ) رواه أحمد (2803) وصححه محققو المسند .
فهذه معرفة خاصة ، ليست هي المعرفة التي هي بمعنى العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يعني قم بحق الله عزّ وجل في حال الرخاء ، وفي حال الصحة ، وفي حال الغنى ؛ يَعرِفكَ في الشّدةِ، إذا زالت عنك الصحة ، وزال عنك الغنى ، واشتدت حاجتك : عرفك بما سبق لك ، أو بما سبق فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزّ وجل " .
انتهى من "شرح الأربعين النووية" (ص 202) .
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب ---------------------------------
قال الشيخ صالح ال الشيخ (فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم) والمعرفة ترادف العلم في حق المخلوق في أكثر المواضع، أما في حق الله جل وعلا فإن الله جل وعلا يُوصف بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة، وذلك لأن العلم قد لا يسبقه جهل، بينما المعرفة يسبقها جهل؛ عرف الشيء بعد أن كان جاهلا به، لكن العلم قد لا يسبقه جهل به، ولهذا يوصف الله جل وعلا بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة.
السائل: جاء في حديث ابن عباس: «تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة». وُصف الله بأنه ذو معرفة، وأنه يَعرف.
الجواب : وهذا فيه نظر لأنه المتقرر في القواعد في الأسماء والصفات؛ أن باب الأفعال أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء، وباب الأخبار أوسع من باب الأفعال وباب الصفات وباب الأسماء، فقد يطلق ويضاف إلى جل وعلا فعل ولا يضاف إليه الصفة، كما أنه قد يوصف الله جل وعلا بشيء ولا يشتق له من الصفة اسما، ولهذا يدخل في هذا كثير مما جاء، مثل ما وَصف الله جل وعلا به نفسه في قوله ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾[الأنفال:30], يستهزئون والله يستهزئ بهم، إن الله لا يمل حتى تملوا، ونحو ذلك مما جاء مقيدا بالفعل، ولم يذكر صفة للاسم، فهذا يقال فيه أنه يطلق مقيدا، ويمكن أن يحمل عليه حديث ابن عباس هذا (تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)، نقول إن الله جل وعلا يعرف في الشدة من تعرف إليه في الرخاء، على نحو تلك القاعدة، كما يقال إن الله جل وعلا يمكر بمن مكر به, يستهزئ بمن استهزأ به، يخادع من خدعه, ولا يقال إن الله جل وعلا ذو مكر، وذو استهزاء، وذو مخادعة هكذا مطلقا بالصفة، وإنما كما هي القاعدة أن باب الأفعال أوسع من باب الصفات. أ.هـ ---------
قال الشيخ صالح ال الشيخ
المعرفة ترادف العلم في حق المخلوق في أكثر المواضع، أما في حق الله جل وعلا فإن الله جل وعلا يُوصف بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة، وذلك لأن العلم قد لا يسبقه جهل، بينما المعرفة يسبقها جهل؛ عرف الشيء بعد أن كان جاهلا به، لكن العلم قد لا يسبقه جهل به، ولهذا يوصف الله جل وعلا بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة. أيضا يقال إن التعبير بالعلم أوجه في المواضع التي يُحتاج فيها إلى التعبير بالمعرفة وذلك لأن المعرفة أكثر ما جاءت في القرآن مذمومة لأنه يتبع المعرفة الإنكار، أما العلم فأوتي به في القرآن ممدوحا، قال جل وعلا الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ?[الأنعام:20]، فهنا وصفهم بالمعرفة ثم بين أن معرفتهم تلك لم تنفعهم، وقال جل وعلا يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا [النحل:83]، لكن العلم أُثني عليه في القرآن، وأما المعرفة فربما بل أكثر المواضع فيها نوع ذم لها، لكن هذا ليس على إطلاقه، لأنه قد جاء في صحيح مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى في بعض طرق حديث ابن عباس الذي فيه إرسال معاذ إلى اليمن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:«فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يعرفوا الله فإن هم عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات»إلى آخره، فصارت المعرفة هنا بمعنى العلم بالتوحيد كما في الروايات الأخر، لكن التعبير بالمعرفة كما استعمله الشيخ رحمه الله تعالى هنا صحيح، وذلك لأنه قد ورد الاستعمال به، وإن كان أكثر ما جاء استعمال لفظ المعرفة في كونه مذموما.
(شرح ثلاثة الأصول للشيخ صالح آل الشيخ)
لماذا لا تتفاعل مع الموضوع- ظننت فى البداية أنَّ ذلك عن غير قصد - اما الان تبين لى عكس ذلك - هل لك معَرِّف إسم آخر سابق تتجنب بسببه الحوار - أظن ذلك--هذا آخر تفاعل على أسئلتَك بارك الله فيك وجزاك الله - سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك -( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا
جزاكم الله خيرا
وهذا بغير قصد وليست لي خبرة في المشاركة في المنتديات ولا أكتب إلا هنا لكي استفيد ولعلي افيد
وليس لي معرف آخر أتجنب شيئا بسببه