الهجرة والصمود
عبدالغني أحمد ناجي
الْحَقُّ إِنْ يَمْكُرْ بِهِ الأَعْدَاءُ
يَنْأَى' عَنْ الصَّدِّ المَقِيْتِ مُيَمَّماً
فَالْحَقُّ فِي يُمْنَى' النَّبِيِّ وَصَحْبِهِ
قَدْ حَاوَلَ الشِّرْكُ الْعَنِيْدُ بِمَكَّة
أَنَّى' لَهُمْ أَنْ يُطْفِؤوا نُوْرَ الْهُدَى'
مِنْ ثَمَّ هَاجَرَ أَحْمَدٌ مِنْ مَكَّة
بِالْوَحْيِ كَانَتْ هِجْرَةٌ مَيْمُوْنَةٌ
فِي لَيْلَةٍ وَقَفَ الزَّمَانُ إِزَاءَهَا
وَقَفَ التَّآمُرُ عِنْدَ بَابِ مُحَمَّدٍ
لَكِنْ عِنَايَةُ رَبِّنَا فَوْقَ الْحِجَى'
فَيَمُرُّ خَيْرُ الْخَلْقِ يَرْمِي بِالْحَصَى'
بَيْضُ الْحَمَامَةِ كَالْجُنُوْدِ حِمَايَةً
يَرْتَدُّ مَنْ طَلَبُوا النَّبِيَّ تَحَيُّرَاً
مَعَهُ الصديْقُ الْحَقُّ خَيْرُ مُؤَازِرٌ
خَرَجَا مِنْ الْغَارِ الأَمِيْنِ لِيَثْرِبٍ
فَيَجِيْئُهَا وَالنُّوْرُ يَسْطَعُ حَوْلَهُ
كُلُّ الْقُلُوْبِ تَوَدُّهُ فِي يَثْرِبٍ
يَسْعَى' بِهَا وَسَطَ الْحَفَاوَةِ قَائِلاً
يَعْلُو النَّشِيْدُ مِنَ الْقُلُوْبِ بِأَنَّهُ
وَيَكُوْنُ أَوَّلُ مَا يُؤَسِّسُ مَسْجِدَاً
وَيُقِيْمُ أَعْدَلَ دَوْلَةٍ يَشْدُو بِهَا
لاَ فَرْقَ فِيْهَا بَيْنَ أَبْيَضَ ذِي غِنَىً
تَقْوَى' الْقُلُوْبِ أَسَاسُ كُلِّ تَمَيُّزٍ
أَعْطَتْ حُقُوْقَ النَّاسِ عَدْلاً شَامِلاً
أَرْسَتْ مَبَادِئَ لِلسَّعَادَةِ فِي الدُّنَا
إِنَّ الْمَسَيْرَ عَلَى' هُدَاهَا بَلْسَمٌ
صَلَّى' عَلَيْكَ اللَّهُ يَا خَيْرَ الْوَرَى'
وَيَنَالَهُ فِي دَرْبِهِ الإِيْذَاءُ
جِهَةً بِهَا الأَعْوَانُ وَالْحُلَفَاءُ
نُوْرٌ يِشِعُّ، وَمَالَهُ إِطْفَاءُ
إِطْفَاءَهُ مَنْ حَاوَلُوا جُهَلاَءُ
وَاللَّهُ لِلنُّوْرِ الْعَظِيْمِ يَشَاءُ؟!
وَالْقَصْدُ يَثْرِبُ عِنْدَهَا النُّصَرَاءُ
هِيَ لِلْحَنِيْفِ تَآزر وَفِدَاءُ
صُلْبَ الْخُطَا كَالسَّيْفِ فِيْهِ مَضَاءُ
وَالْقَصْدُ لِلدِّيْنِ الْحَنْيْفِ فَنَاءُ
فِهِيَ الْحِمَايَةُ إِنْ طَغَى' السُّفَهَاءُ
يَعْمَى' بِهِ الرُّصَّادُ وَالرُّقَبَاءُ
وَالْعَنْكَبُوْ تُ الدَّيْدَبَانُ وِقَاءُ
وَالْغَارُ فِيْهِ نَزِيْلُهُ اللأَّلاءُ
صِدِيْقُهُ، وَالْعَهْدُ مِنْهُ وَفَاءُ
فَهُنَاكَ فِي شَوْقٍ لَهُ الأُمَنَاءُ
نُوْرُ الرِّسَالَةِ بِالْهُدَى' وَضَّاءُ
نُوْرٌ يَشِعُّ وَتَحْتَهُ الْقَصْوَاءُ
مَأْمُوْرَةٌ، سَتَنِيخُ حَيْثُ تَشَاءُ
بَدْرٌ أَهَلَّ عَلَى' الْوَرَى'، وَضِيَاءُ
قَصْدُ الْمَجِيْءِ عِبَادَةٌ، وَبِنَاءُ
كُلُّ الْوجُوْدِ، أَسَاسُهَا السَّمْحَاءُ
أَوْ أَسْوَدٍ، كُلٌّ بِهَا نُظَرَاءُ
فَبِهَا يَسُوْدُ السُّودُ وَالْفُقَرَاءُ
مَا عَادَ يَنْفُرُ فِي الْقُلُوْبِ جََفاءُ
هِيَ لِلْخَلائِقِ فِي الشَّقَاءِ وِجَاءُ
فِيْهَا لأَِوْصَابِ الْحَيَاةِ دَوَاءُ
فَعَلَى' طَرِيْقِكَ يَهْنَأُ السُّعَدَاءُ