التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهو دين الرسل جميعاً
قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فى رسالة كشف الشبهات - اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ التَّوحِيدَ هُوَ إِفْرَادُ الله سُبْحَانَهُ وتعالى بِالعِبادَةِ، وَهُوَ دِينُ الرُّسُلِ الَّذي أَرْسَلَهُمُ اللهُ بِهِ إِلى عِبَادِهِ.---
فال الشيخ صالح ال الشيخ فى شرحه على كلام الامام محمد بن عبد الوهاب - (التوحيد: هو إفراد الله سبحانه بالعبادة)التوحيد يعرّف بعدّة تعريفات:
أمّا من جهة اللغة: فهو جعل الشيء واحدًا، وحّد توحيدًا، يعني: جعله واحدًا.
فوحَّدَ المتوجّه إليه بالعبادة توحيدًا يعني: جعل المعبود بحق واحدًا، والتوحيد عرّفه الشيخ -رحمه الله- هنا بأنه: (إفراد الله سبحانه بالعبادة).
(إفراد الله) يعني: أن يكون التوجه بالعبادة لله وحده، هو فردٌ في ذلك، فلا يجعل من دون الله إلهًا، ولا يجعل مع الله -جل وعلا- إلهًا.
قال: (إفراد الله - سبحانه - بالعبادة) و(سبحان) تنزيه كما هو معلوم.(بالعبادة) هذه العبادة ما هي؟
العبادة في اللغة: خضوع وتذلل معه حب عن طواعية، ورَغَب ورَهَب وحسن ظن، وما أشبه ذلك من أعمال القلوب.
وأصلها الذُّلُّ:ذلّل الشيء بمعنى جعله متطامنًا، جعله ذليلاً، جعله غير وَعِرٍ، غير مستكبرٍ، فيكون هذا في الناس، ويكون في الطريق، ومنه سمي العبد الرقيق عبدًا؛ لأنه جعل ذليلاً غير متكبّر متطامنًا لسيّده، وقيل للطريق أيضاً: معبد، لأنه ذلل للسير؛ كما قال طرفة:
تباري عتاقًا ناجياتٍ وأتبعت = وظيفًا وظيفًا فوق مورٍ مُعبَّدِ
وقوله أيضًا في البعير:
إلى أن تحامتني العشيرة كلها = وأفردت إفراد البعير المعبَّدِ
إلى آخر شواهد هذه المادة.
أما العبادة في الشرع:
فالعلماء عرّفوها بعدّة تعريفات، نختار منها في هذا المقام ثلاثةً:
الأول: أن العبادة : (هي ما طُلِبَ فعله في الشرع ورُتِّب الثواب على ذلك) وهذا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في موضعٍ لما تكلم عن الوضوء، فإذا كان الشيء طلب فعله في الشرع ولم يكن مطلوباً قبل ذلك ورُتِّب على ذلك الفعل الثواب، فهذا الفعل عبادة.
التعريف الثاني: أيضاً كلِّي ذكره شيخ الإسلام أيضاً في أول رسالته (العبودية) هي أن العبادة: (اسم جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة).
وعرَّفه أيضاً طائفة من العلماء-ومنهم الأصوليون- بأن العبادة: (هي ما أمر به من غير اطّراد عرفيٍّ، ولا اقتضاء عقلي).
فنخلص من هذا:إلى أن العبادة شيء جاء بالشرع لم يكن قبل ذلك، ليس من جهة الفعل والحصول، ولكن من جهة كونه مأمورًا به لهؤلاء الناس المعيّنين.
فجاء الشرع بالأمر بأشياء كانت موجودة عند العرب؛ولكن كانوا يفعلونها من غير أمر خاص شرعي بذلك، وإنما ورثوها هكذا، فلما أمر بها الشرع ورتب عليها الثواب كانت مما يحبه الله ويرضاه، وكانت مأمورًا بها من غير اقتضاء عقلي لها، ولا اطّراد عرفي بها، وإنما كانت باطراد أمر الشارع بها، فخرجت عن مقتضى كونها جاءت عرفًا فقط.
لهذا: الأقوال الثلاثة - هذه - في تعريف العبادة تلتقي ولا تختلف.
فإفراد الله سبحانه بالعبادة معناه: أن يفرد الله -جل وعلا- بكل ما أمر به الشرع من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيدخل في ذلك:
-أعمال القلوب، مثل الإخلاص، والرغب، والرهب، والخوف، والتوكل، والإنابة، والمحبة، والرجاء، والاستعاذة - استعاذة القلب - إلى آخره.
- ويدخل فيها أيضاً الأفعال الظاهرة، مثل: الدعاء وأنواعه، الاستعانة، والاستغاثة، والاستسقاء، والاستعاذة الظاهرة، إلى غير ذلك.
-ويدخل فيها الذبح، والنذر، والصلاة، والزكاة، والدعاء، والحج، والعمرة، والصلة - صلة الرحم - إلى غير ذلك.
فالعبادة اسم يعم هذا جميعًا، فكما أنه لا يصلي المصلي إلا لله، كذلك لا يستغيث إلا بالله فيما لا يقدر عليه المخلوق، وهكذا في نظائرها كما أوضِح ذلك مفصَّلاً في (كتاب التوحيد) وفي (ثلاثة الأصول).
قال: (وهو - يعني التوحيد - دين الرسل الذين أرسلهم الله به إلى عباده) (هو دين الرسل) يعني جميعًا؛ فالرسل جميعًا أرسلوا بالتوحيد، وهو إفراد الله بالعبادة، فلم ترسل الرسل - أصلاً - بالشرائع، لم ترسل الرسل أصلاً ببيان ما يجب من الأعمال مما هو دون التوحيد أو ما يحرم، إنما أرسلت لتوحيد الله جل وعلا؛ لأن توحيد الله -جل وعلا- هو العلة المطلوبة من خلق الجن والإنس، كما قال جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}يعني: إلا ليوحدوني، فالعلة المطلوبة من خلقهم أنهم يوحدون الله جل وعلا؛ لهذا أرسلت الرسل بذلك.
هذا التوحيد مفطور عليه العباد بالميثاق؛قال جل وعلا: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} وهذا الذي أُخذ عليهم هو التوحيد وهو الفطرة.
فأخذ على الناس جميعًا هذا الميثاق،وهو توحيد الله جل وعلا، ولكن هذا الميثاق خرجوا عليه، وهم في ظهور آبائهم أُخذ وعرفوا ذلك وشهدوا به، ثم خرجوا على هذا التوحيد، خرجوا على الفطرة، خرجوا وهم يوحدون الله جل وعلا، لكن تجتالهم الشياطين عن دينهم، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق على صحته: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه، كما تَخرج البهيمة جمعاء هل تحسُّون فيها من جدعاء؟)) يعني أن البهيمة تخرج سليمة، ثم بعد ذلك أهلها يقطعون شيئًا من أذنها أو شيئًا من بدنها، إلى آخره.
فالكمال يخرج المولود عليه من جهة التوحيد،يعني: على الفطرة، ثم تتغير هذه الفطرة.
معلوم أن ذلك الميثاق الأوللا يذكر، وأن دلائل إقامة الحجة بذلك الميثاق موجودة في الآفاق وفي الأنفس، والرسل جاءت لإقرار ذلك، ولجعل الناس يرجعون إلى هذا الأصل الذي ولدوا عليه، وهو توحيد الله -جل وعلا- ثم إضافة بعض الشرائع التي تختلف من رسول إلى رسول.
المقصود من ذلك:أن دين الرسل جميعًا هو التوحيد.
و(الرسل) جمع رسول، وهو من أوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه إلى قومٍ مخالفين له، أما إذا كانوا موافقين فيكون ذلك نبيًّا من الأنبياء كأنبياء بني إسرائيل ونحو ذلك.
فالرسل الذين بعثوا إلى قومٍ مخالفين، هم على التوحيد، أَمروا بالتوحيد ودعوا إليه، قال جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
وفي سورة الأعراف في ذكر نوح عليه السلام، وذكر هود، وذكر صالح، وذكر شعيب، وذكر موسى عليهم السلام، كلهم يدعون إلى توحيد الله جل وعلا {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
إذا كان كذلك فإن الدعوة تكون إلى هذا الأصل، الدعوة تكون إلى (توحيد الله)؛ لأن به صلاح القلوب وصلاح الأعمال.
قال: (وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله به إلى عباده) (به) يعني بالتوحيد (إلى عباده) فما هو دين الرسل الذي أجمعوا عليه؟ اتفقوا عليه، كل واحد بعث به؟
هو توحيد الله جل وعلا، وهو إفراد الله سبحانه بالعبادة.
لهذا نعلم أن كل من عبد غير الله -جل وعلا- فهو مخالف لكل رسول، ومن عبد غير الله بأي نوع من أنواع العبادة فإنه لم يوحد، إنه مشرك وإنه مكذب لجميع المرسلين، قال جل وعلا: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} فمن لم يوحد الله -جل وعلا- فقد كذب بالمرسلين جميعاً؛ لأن الرسل جميعاً أَمروا بالتوحيد، فإذا أشرك المشرك فلا يحتج، يقول: أنا على دين مُوسى، أو على دين عيسى، نقول: هو مكذب لجميع الرسل، وخارج عن دين جميع الرسل.[شرح كشف الشبهات]
رد: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهو دين الرسل جميعاً
قال الشيخ صالح الفوزان على شرح كشف الشبهات
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ التَّوحِيدَ هُوَ إِفْرَادُ الله سُبْحَانَهُ وتعالى بِالعِبادَةِ (اعْلَمْ) فِعْلُ أَمْرٍ، مِن العِلْمِ يَعْنِي: تَعَلَّمْ مَا يَأْتِي واهْتَمَّ به وأَلْقِ بَالَكَ لِمَا يُلْقَى عَلَيْكَ، ولِمَا يُكْتَبُ لَكَ، فهذه كَلِمَةٌ يُؤْتَى بِهَا لأَِهَمِيَّةِ مَا يَأْتِي بعدَها:
-قَالَ تَعَالَى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}.
-وقَالَ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلمُؤْمِنِين َ وَالمُؤْمِنَاتِ }.
-وقَالَ تَعَالَى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
-وقَالَ تَعَالَى: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاَغُ المُبِينُ}.
فهذه كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ يُؤْتَى بِهَا للاهْتِمَامِ.
ثُمَّ قَالَ (رَحِمَكَ اللهُ) هذا دُعَاءٌ مِن الشَّيْخِ -رَحِمَهُ اللهُ- لِكُلِّ مَن قَرَأَ هذه الرِّسَالَةَ، وهَذَا مِن بَابِ التَّلطُّفِ لطَالِبِ العِلْمِ وتَحْسِينِ الكَلاَمِ له مِن أَجْلِ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى طَلَبِ العِلْمِ.(3) أي: اعْلَمْ هذه المَسْأَلَةَ العَظِيمَةَ واجْعَلْهَا في ذَاكِرَتِكَ واجْعَلْهَا في اهْتِمَامِكَ دَائِمًا وأَبَدًا، وهي (أَنَّ التَّوحِيدَ هو إِفْرَادُ اللهِ بالعِبَادَةِ) ولَيْسَ هو إِفْرَادَ اللهِ بالرُّبُوبِيَّة ِ، فإِنَّ هذا أَقَرَّ به المُشْرِكُونَ ولَمْ يَكُونُوا مُوحِّدِينَ؛ لأَِنَّهم لَمْ يُفْرِدُوا اللهَ بالعِبَادَةِ، فإِقْرَارُهم بِتَوْحيدِ الرُّبُوبيَّةِ ليس هو التَّوْحيدَ المَطْلُوبَ، وإنَّما تَوْحِيدُ الرُّبُوبيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، ولاَزِمٌ لَهُ فَمَنْ أَقَرَّ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ لَزِمَه أَنْ يُقِرَّ بِتَوْحِيدِ الأُلُوهيَّةِ، واللهُ تَعَالَى يَسْتَدِلُّ في القُرْآنِ في كَثِيرٍ مِن الآياتِ عَلَى تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ بتَوْحِيدِ الرُّبُوبيَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} فَقَوْلُهُ: {اعْبُدُوا رَبَّكُمْ}هذا هو تَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}هذا هو تَوْحيدُ الرُّبُوبيَّةِ وهو دَلِيلُ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، فاسْتَدَلَّ -سُبْحَانَه وتَعَالَى- عَلَيْهِم فيما أَنْكَرُوهُ مِن تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ بِمَا اعْتَرَفُوا به مِن تَوْحِيدِ الرُّبُوبيَّةِ لِيُلْزِمَهُم بذَلِكَ، حَيْثُ قَالَ لَهُم: كيف تَعْتَرِفُونَ أَنَّه هو الخَالِقُ الرَّازِقُ المُحْيي المُمِيتُ، وأَنَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ في ذلك، ثُمَّ تُشْرِكُونَ في عِبَادَتِهِ.
أَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ التَّوْحِيدَ هو الإِقْرَارُ بِأَنَّ اللهَ هو الخَالِقُ الرَّازِقُ المُحْيي المُمِيتُ... إلخ فَهُم غَالِطُونَ غَلَطًا فَاحِشًا، وَلَمْ يَأْتُوا بالتَّوْحِيدِ المَطْلُوبِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ، وعَلَى هذا المَنْهَجِ البَاطِلِ جَمِيعُ عَقَائِدِ المُتَكَلِّمِين َ الَّتِي تُدَرَّسُ الآنَ في كَثِيرٍ مِن المَدَارِسِ الإِسْلاَمِيَّة ِ.
وَقَصْدُ الشَّيْخِ -رَحِمَهُ اللهُ- بِهَذَا التَّعْرِيفِ هو الرَّدُّ عَلَى هؤُلاَءِ الَّذِينَ رَكَّزُوا عَلَى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ ، وتَرَكُوا تَوْحِيدَ الأُلُوهِيَّةِ، فهذه أَوَّلُ شُبْهَةٍ وهي: أَنَّهُم جَعَلُوا تَوْحيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هو التَّوْحِيدَ المَطْلُوبَ، وأَنَّ مَن أَفْرَدَ اللهَ بِهِ فهو المُوَحِّدُ، وأَلَّفُوا كُتُبَهُم فيه وبَنَوْا مَنْهَجَهُم عَلَيْهِ وصَرَفُوا هَمَّهُم إِلَى تَحْقِيقِهِ. فالرُّسُلُ كُلُّهُم مَا طَلَبُوا مِن النَّاسِ أَنْ يُقِرُّوا بِأَنَّ اللهَ هو الخَالِقُ الرَّازِقُ المُحْيي المُمِيتُ؛ لأَِنَّهُم مُعْتَرِفُونَ بِهَذَا وإِنَّما طَالَبُوا الأُمَمَ بِإِفْرَادِ اللهِ بالعِبَادَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} مَا قَالَ: أَنْ أَقِرُّوا بِأَنَّ اللهَ هو الرَّبُّ؛ لأَِنَّهُم مُقِرُّونَ بِهَذا، بَلْ قَالَ: {اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} أي: اتْرُكُوا الشِّرْكَ باللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وقَالَ تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنـَا فَاعْبُدُونِ} مَا قَالَ: أَنَّهُ لاَ رَبَّ سِوَايَ، وَلاَ خَالِقَ إِلاَّ أَنَا.
بَلْ قَالَ -سُبْحَانَهُ- {أنَّه لاَ إِلَهَ إلاَّ أَنـَا} أي: لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ أَنَا.
هذا الَّذي بَعَثَ بِهِ اللهُ الرُّسُلَ، مَا بَعَثَ الرُّسُلَ لتَقْرِيرِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبيَّةِ؛ لأَِنَّ هذا مَوْجُودٌ، لَكِنَّهُ لاَ يَكْفِي بَلْ بَعَثَهُم لِتَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ الَّذي هو إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بالعِبَادَةِ، وهو دِينُ الرُّسُلِ كُلِّهِم مِن أَوَّلِهِم إِلَى آخِرِهِم.
رد: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهو دين الرسل جميعاً
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله على شرح كشف الشبهات
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ التَّوحِيدَ هُوَ إِفْرَادُ الله سُبْحَانَهُ وتعالى بِالعِبادَةِ - عَرَّفَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى التَّوحيدَ بقولِهِ: (التَّوحيدُ هوَ: إفْرادُ اللهِ عزَّ وجلَّ بالعبادةِ)، أيْ: أنْ تَعْبُدَ اللهَ وحْدَهُ ولا تُشْرِكَ بهِ شيئًا، بلْ تُفْرِدَهُ وحْدَهُ بالعبادةِ مَحبَّةً وتَعْظِيمًا، ورَغبةً ورَهبةً.
ومرادُ الشَّيخِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى التَّوحيدُ الَّذي بُعِثَت الرُّسلُ لتَحْقِيقِهِ؛ لأنَّهُ هوَ الَّذي حَصَلَ الإِخْلالُ بهِ والخِلافُ بينَ الرُّسلِ وأُمَمِهم.
وهناكَ تَعريفٌ أَعَمُّ للتَّوحيدِ، وهوَ: إفرادُ اللهِ سُبحانَهُ وتعالى بما يَخْتَصُّ بهِ(7)، وأنواعُهُ ثلاثةٌ:
الأوَّلُ: توحيدُ الرُّبوبيَّةِ، وهوَ: إفرادُ اللهِ تعالى بالخَلْقِ والمُلْكِ والتَّدبيرِ(8):
- قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [ الزُّمَرُ: 62 ].
-وقالَ تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}[ فاطرٌ: 3 ].
- وقالَ تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [ المُلْكُ: 1 ].
- وقالَ تعالى: {أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ} [ الأعْرافُ: 54 ].
الثَّاني: توحيدُ الألوهيَّةِ، وهوَ: إفرادُ اللهِ تعالى بالعبادةِ بأنْ لا يَتَّخِذَ الإنسانُ معَ اللهِ أحَدًا يَعْبُدُهُ كما يَعْبُدُ اللهَ، أوْ يَتَقَرَّبُ إليهِ كما يَتَقَرَّبُ إلى اللهِ تعالى.
الثَّالثُ: توحيدُ الأسماءِ والصِّفاتِ، وهوَ: إفرادُ اللهِ سُبحانَهُ وتعالى بأسمائِهِ وصِفاتِهِ الوارِدةِ في كِتابِهِ وسُنَّةِ رسولِهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذلكَ بإثْباتِ ما أَثْبَتَهُ، ونفْيِ ما نَفَاهُ، مِنْ غيرِ تَحْرِيفٍ ولا تعْطيلٍ، ومِنْ غيرِ تَكْييفٍ ولا تَمْثِيلٍ.
(8) مُرَادُ الشيخِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى هنا تَوحيدُ الألوهيَّةِ، فهوَ دِينُ الرُّسلِ، فَكُلُّهم أُرْسِلُوا بِهذا الأصلِ الَّذي هوَ التَّوحيدُ، كما قالَ اللهُ تعالى: {وَلقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [ النَّحلُ: 36 ]، وقالَ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [ الأنبياءُ: 25 ].
وهذا النَّوعُ هوَ الَّذي ضَلَّ فِيهِ المُشْرِكونَ(9) الَّذين قاتَلَهم النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، واسْتَبَاحَ دِماءَهُم وأمْوالَهم وأَرْضَهم ودِيارَهم، وسَبَى نِساءَهم وذُرِّيَّتَهم.
ومَنْ أَخَلَّ بِهذا التَّوحيدِ فهوَ مُشْرِكٌ كافِرٌ، وإنْ أَقَرَّ بِتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ والأسماءِ والصِّفاتِ.
فإفرادُ اللهِ وحْدَهُ بِالعبادةِ هوَ دِينُ الرُّسلِ الَّذين أَرْسَلَهم اللهُ بهِ إلى عِبادِهِ كما قالَ الشَّيخُ رَحِمَهُ اللهُ، فَها هوَ أوَّلُ الرُّسلِ نوحٌ عليهِ السَّلامُ يَقولُ كما حَكَى اللهُ عنهُ(10):
- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ} [هود: 25، 26 ].
- وقالَ تعالى:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [ هودٌ: 50].
- وقالَ تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [هودٌ: 61].
- وقالَ تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [ هودٌ: 84 ].
رد: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهو دين الرسل جميعاً
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله على شرح كشف الشبهات
الثَّاني: توحيدُ الألوهيَّةِ، وهوَ: إفرادُ اللهِ تعالى بالعبادةِ بأنْ لا يَتَّخِذَ الإنسانُ معَ اللهِ أحَدًا يَعْبُدُهُ كما يَعْبُدُ اللهَ، أوْ يَتَقَرَّبُ إليهِ كما يَتَقَرَّبُ إلى اللهِ تعالى.
تَوحيدُ الألوهيَّةِ، فهوَ دِينُ الرُّسلِ، فَكُلُّهم أُرْسِلُوا بِهذا الأصلِ الَّذي هوَ التَّوحيدُ، كما قالَ اللهُ تعالى: {وَلقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [ النَّحلُ: 36 ]، وقالَ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [ الأنبياءُ: 25 ].
وهذا النَّوعُ هوَ الَّذي ضَلَّ فِيهِ المُشْرِكونَ الَّذين قاتَلَهم النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، واسْتَبَاحَ دِماءَهُم وأمْوالَهم وأَرْضَهم ودِيارَهم، وسَبَى نِساءَهم وذُرِّيَّتَهم.
ومَنْ أَخَلَّ بِهذا التَّوحيدِ فهوَ مُشْرِكٌ كافِرٌ، وإنْ أَقَرَّ بِتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ والأسماءِ والصِّفاتِ.
و قال في شرحه على الاصول الثلاثة
( حقيقة التوحيد وأنه الإخلاص لله عز وجل من غير ميل إلى الشرك، فمن لم يخلص لله لم يكن موحدا، ومن جعل عبادته لغير الله لم يكن موحدا )
المقصود من هذا ان توحيد الالوهية هو الاصل الذي بعثبت به جميع الرسل و ان من اخل بذلك فهو مشرك كافر كما قال الشيخ .
اذن الجاهل الذي يعبد غير الله لم ياتي بالاصل الذي بعثت به الرسل و هو مشرك و ليس بموحد لانه لم يوحد الله بعبادته
و من يخالف في هذا يلزمه تسمية من يشرك بالله موحد ؟ و الا تناقض و تهافت قوله
و المقرر عند الجميع ان التوحيد هو افراد الله بالعبادة . و لا توحيد مع عبادة غير الله عز وجل
و هذا امر مجمع عليه بل هو معلوم بالاضطرار من دين الرسل .
و من يسمي من يعبد غير الله بالموحد و يمتنع من تسميته بحقيقة حاله ( مشرك ) لعبادته لغير الله عز وجل . فقد نقض ما قرره ابتداء من تعريفه للتوحيد . بل هو يخالف في تعريف التوحيد و بما يتحقق و يكون فعند اهل السنة بلا خلاف كما قال المجدد رحمه الله في كشف الشبهات
( لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلما)
بيان ذلك ان الجاهل الذي يعبد غير الله هو جاهل لا خلاف في ذلك و ليست الخصومة في كونه جاهل .
بل الخصومة في كونه موحد او مشرك .
فالذي يسميه مشرك يحكي حاله بلا فلسفة و لا اجتهاد فالرجل يعبد غير الله حقيقة . و التوحيد عنده هو افراد الله بالعبادة
و الذي يمتنع عن تسميته بالمشرك يمتنع عن تسميته بحقيقة حاله و فعله .
و يكفينا في هذا المقام ان نطالبه بجواب لسؤال واحد ؟
سلمنا ان الرجل الذي يعبد غير الله جاهل . فهل تسميه موحد و هو يعبد غير الله ؟ ام ماذا ؟
رد: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهو دين الرسل جميعاً
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
المقصود من هذا ان توحيد الالوهية هو الاصل الذي بعثبت به جميع الرسل و ان من اخل بذلك فهو مشرك كافر كما قال الشيخ .
اذن الجاهل الذي يعبد غير الله لم ياتي بالاصل الذي بعثت به الرسل و هو مشرك و ليس بموحدلانه لم يوحد الله بعبادته
و من يخالف في هذا يلزمه تسمية من يشرك بالله موحد ؟ و الا تناقض و تهافت قوله
و المقرر عند الجميع ان التوحيد هو افراد الله بالعبادة . و لا توحيد مع عبادة غير الله عز وجل
و هذا امر مجمع عليه بل هو معلوم بالاضطرار من دين الرسل .
و من يسمي من يعبد غير الله بالموحد و يمتنع من تسميته بحقيقة حاله ( مشرك ) لعبادته لغير الله عز وجل . فقد نقض ما قرره ابتداء من تعريفه للتوحيد . بل هو يخالف في تعريف التوحيد و بما يتحقق و يكون فعند اهل السنة بلا خلاف كما قال المجدد رحمه الله في كشف الشبهات
( لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلما)
بيان ذلك ان الجاهل الذي يعبد غير الله هو جاهل لا خلاف في ذلك و ليست الخصومة في كونه جاهل .
بل الخصومةفي كونه موحد او مشرك .
فالذي يسميه مشرك يحكي حاله بلا فلسفة و لا اجتهاد فالرجل يعبد غير الله حقيقة . و التوحيد عنده هو افراد الله بالعبادة
و الذي يمتنع عن تسميته بالمشرك يمتنع عن تسميته بحقيقة حاله و فعله .
نعم بارك الله فيك أخى الفاضل الطيبونى - نعم هذا رد قاطع يُبَيِّن خطأ المغرورين ويبطل حجة المبطلين - فلا يتم مقام التوحيد الا بتحقيق النفى والاثبات بتحقيق التوحيد ونفى الشرك و المولاة والمعاداة - ثم لابد مع ذلك من البغض والاعتزال للداعى والمدعو - والعابد والمعبود مع الكفر بهم كما ذكر الله ذلك -قال تعالى -قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ -------------------------
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
اذن الجاهل الذي يعبد غير الله لم ياتي بالاصل الذي بعثت به الرسل و هو مشرك و ليس بموحد لانه لم يوحد الله بعبادته
- نعم بارك الله فيك
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في المجموع (16/575):
(( فَمَنْ عَبَدَ مَعَهُ غَيْرَهُ فَمَا عَبَدَهُ إلَهًا وَاحِدًا وَمَنْ أَشْرَكَ بِهِ فَمَا عَبَدَهُ. وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا إلَهًا وَاحِدًا.
فَإِذَا لَمْ يَعْبُدُهُ فِي الْحَالِ اللَّازِمَةِ لَهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَالٌ أُخْرَى يَعْبُدُهُ فِيهَا فَمَا عَبَدَهُ.)) -------------------------
فال شيخ الاسلام ((وَمَنْ لَمْ يَعْبُدِ اللَّهَ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ هَالِكٌ، وَاللَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فَيُعْبَدَ مَعَهُ غَيْرُهُ،
فَكَيْفَ بِمَنْ عَطَّلَ عِبَادَتَهُ فَلَمْ يَعْبُدْهُ الْبَتَّةَ كَفِرْعَوْنَ وَأَمْثَالِهِ؟)) --------------------------------قال شيخ الاسلام ابن تيمية في المجموع (7/263):
((فَمَنْ عَبَدَهُ وَعَبَدَ مَعَهُ إلَهًا آخَرَ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَمَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ بَلْ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَالْإِسْلَامُ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ وَهُوَ الْخُضُوعُ لَهُ وَالْعُبُودِيَّ ةُ لَهُ))-----------------قال شيخ الاسلام بن تيمية في المجموع(16/573):
((وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} . سَمَّاهُ إيمَانًا مَعَ التَّقْيِيدِ وَإِلَّا فَالْمُشْرِكُ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَقَدْ قَالَ {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} . فَهَذَا مَعَ التَّقْيِيدِ. وَمَعَ الْإِطْلَاقِ فَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَالْبِشَارَةُ بِالْخَيْرِ.
وَقَوْلُهُ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} نَفْيُ الْعِبَادَةِ مُطْلَقًا لَيْسَ هُوَ نَفْيٌ لِمَا قَدْ يُسَمَّى عِبَادَةً مَعَ التَّقْيِيدِ. وَالْمُشْرِكُ إذَا كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيَعْبُدُ غَيْرَهُ فَيُقَالُ: إنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ وَغَيْرَهُ أَوْ يَعْبُدُهُ مُشْرِكًا بِهِ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَعْبُدُ مُطْلَقًا.)) ----------------------------------------قال شيخ الاسلام ابن تيمية في المجموع (16/574):
((وَالْمُشْرِكُ إذَا كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيَعْبُدُ غَيْرَهُ فَيُقَالُ: إنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ وَغَيْرَهُ أَوْ يَعْبُدُهُ مُشْرِكًا بِهِ. لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَعْبُدُ مُطْلَقًا.))----------------------------قال شيخ الاسلام ابن تيمية في المجموع (16/574):
((فَمَنْ عَبَدَ إلَهَيْنِ لَمْ يَكُنْ عَابِدًا لِإِلَهِهِ وَإِلَهِ آبَائِهِ. وَإِنَّمَا يَعْبُدُ إلَهَهُ مَنْ عَبَدَ إلَهًا وَاحِدًا. وَلَوْ كَانَ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَعَبَدَ مَعَهُ غَيْرَهُ عَابِدًا لَهُ لَكَانَتْ عِبَادَتُهُ نَوْعَيْنِ:
(1) عِبَادَةَ إشْرَاكٍ
(2) وَعِبَادَةَ إخْلَاصٍ. ))--------------------------------------------قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله - (( كل من الكبر والشرك ضد الإسلام والإسلام ضد الشرك والكبر )) مجموع الفتاوى ج 10 ص 14 -------------------------------------------قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله -
((ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده فلابد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا، وليس في بني آدم قسم ثالث. بل إما موحد ، أو مشرك ، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل : النصارى ومن أشبههم من الضلال ، المنتسبين إلى الإسلام)) مجموع الفتاوى ج 14 ص 28-------------------------
و قال أيضا (( فكل من لم يعبد الله مخلصا له الدين ، فلا بد أن يكون مشركا عابدا لغير الله . وهو في الحقيقة : عابد للشيطان . فكل واحد من بني آدم إما عابد للرحمن ، وإما عابد للشيطان)) مجموع الفتاوى ج 14ص 284 ------------ وقال شيخ الاسلام ((فمن استكبر عن عبادة الله لم يكن مسلما، ومن عبد مع الله غيره لم يكن مسلما)) كتاب النبوات ص 127 -