توجيهات مفيدة لمدرسي حلق القرآن الكريم

توجيهات مفيدة لمدرسي حلق القرآن الكريم
أحمد بن صالح العطيوي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين..أما بعد:
أثناء مشاركتي في إحدى حلقات التحفيظ جالت في نفسي بعض الانطباعات والخواطر والتنبيهات للإخوة المشرفين على إدارة الحلق، والتي ممكن أن تدفع بعجلة الحفظ والمراجعة إلى الأمام.
أحببت أن أجعلها بين أيديهم على نقاط مدونة حتى يمكن الاستفادة منها لاحقاً، أسأل الله بمنه وكرمه أن يرزقنا وإياهم السداد في القول والعمل وهي كما يلي:
أولاً: كم يكون المرء في سعادة غامرة وشرف عظيم وهو يشارك إخوانه في تحفيظ كتاب الله - عز وجل - وتعليمه للصغار والكبار، إنها لحظات لا تقدّر بكنوز الدنيا، إنها لحظة بناء لأجيال قادمة تربت على مائدة القرآن، ونهلت من معينه الصافي.
ثانياً: توجيهات مهمة:
القدر الذي يُعطاه الطالب على قسمين إما حفظ وإما مراجعة، ولكلٍ شأن وطريقةٍ، تختلف باختلاف قدرات الطالب.
أما بالنسبة للحفظ لا بد أن يكون الطالب قُرأ له الجُزء الذي خُصص له قراءة صحيحة خاليةً من الأخطاء واللحن، فيكون ذلك إما مع الأستاذ في الحلقة، أو يكون مع المسجل، أو جهاز الكمبيوتر في البيت، وهما خير سند للمدرس في الحلقة، وإن كان مع الوالدين فهو أكمل وأفضل.
* مميزات القراءة للجزء المحفوظ:
1- رفع الصوت بالآية من قبل المدرس، ثم يعقبه الطالب رافعاً صوته بها، ثم يكرر المدرس والطالب المقطع حتى يرى المدرس أن الطالب قرأ قراءة مسترسلة للآية، وإن أمكن المحاكاة فحسن.
2- تقطيع الآية والوقوف عند معنى حسن، ويكون هذا القدر المقطوع حسب مهارات الطالب، فقد يكون الطالب ذو مهارة عالية لا يحتاج إلى تقطيع، وقد يكون الطالب غير ذلك.
3- الترتيل ورفع الصوت بالآية على درجة من الأهمية حيث أن الطالب يسمع الآية مرتلة مجودة فيقرأُها كذلك.
أضف على ذلك أن سبك العبارة وجودة النظم يساعد على حفظ الآية والقرآن الكريم كذلك كما هو معلوم، فما إن يبتدئ بمطلع الآية حتى ينتهي بآخرها، والصوت العالي يطرق الآذان فتتلقاه الأذن ويعيه القلب، ويبقى ما شاء الله أن يبقى ثم يبدأ الطالب بالتكرار والضبط أكثر فأكثر.
4- حسن الأداء ومراعاة الوقوف والابتداء مهم جداً حيث أن السمع يتلقاه فيحسّن الأداء، ويقف عند وقوفه، ويبتدئ عند ابتدائه.
هي طريقة قريبة من طريقة التلقين لكن بمستوى أعلى خاصة لمن كان ما بين سن العاشرة فما فوق هذه الطريقة التي تعتبر -في ظني- مثالية، لكن قد تتخلف بعض المميزات، وذلك بسبب كثرة الطلاب وضيق الوقت، لكن ما يجب على المدرس هو أن يسدد ويقارب.
5- توضيح معاني المفردات يساعد على الحفظ؛ لأنه قد يتعذر على الطالب أن يحفظ شيئاً لا يفهمه؛ لأن الفهم مرحلة أولية من مراحل الحفظ.
6- الاقتصار على القليل مع الضبط أفضل من الكثير الذي فيه ضعف.
7- بعض الطلاّب الذين لم يفتح الله عليهم بالحفظ، ولم يوفّقوا لذلك، فينبغي إن يُصرف عنه إلى التلاوة نظر، ويكون بذلك لم يعدم الفائدة.
أما بالنسبة للمراجعة:
بناءً على ما سبق ذكره في مميزات الحفظ للآية الواحدة يُفترض أن الطالب لا يحتاج إلا أن يربط بين مطلع الآيات ذهنياً، وكلما كان الحفظ أضبط، وقصر العهد بالمحفوظ كلما سهلت عملية المراجعة.
وهناك أمور في المراجعة يمكن الإشارة إليها، وهي كما يلي:
1- الحفظ حفظان: حفظ للآية وضبطها، وحفظ للآية والتي تليها، فإن كان بينهما رابط في معنى أو قصة فيشير إليه المدرس، وقد يربط الذهن أكثر من آية لسبب أو مناسبة، أو قد يقسّم الوجه لأقسام متناسبة، ويحتاج الطالب لهذا كثيراً في السور التي تحمل آيات قصيرة، وفيها طول مثل صورة الصافات.
2- لا أرى للطالب أن يقطع كما كبيراً في الحفظ دون أن يراجع، وهذا من الأخطاء الشائعة في حلق التحفيظ حيث أن الطالب يسمّع ويحفظ الوجه ثم يبدأ بالذي يليه حتى يمر على الجزأين والثلاث دون مراجعة.
3- عند المراجعة ينبغي على الطالب أن يقرأ على المدرس الوجه الذي يراجعه قراءة الواعي المدرك لما يقول لا هذاً سريعا مسقطاً للحروف والكلمات، وإن استطاع أن يأتي بقراءة مجودة فهو أحسن.
4- تأتي على الطالب مواضع ضعف في الحفظ ينبغي للمدرس أن ينبه على ذلك، ويجعل الطالب يكرر مواضع الضعف، وإن احتاج لفتح المصحف، وتكرار القراءة نظر فحسن.
5- حفظ مواضع الخطأ ومحاولة عدم الوقوع فيها مرة أخرى، وإن استطاع أن يعيد من أول الوجه إلى موضع الخطأ فحسن.
6- يُراعا عامل الوقت فمن كثر محفوظة احتاج إلى وقت أكبر، فلا يسمح المدرس بضياع، وإن كان يسيراً.
7- العامل النفسي ورفع المعنويات له أهمية كبيرة، فينبه المدرس الطالب عند شردان الذهن أثناء المراجعة، ولا يجعله يبتعد كثيراً عنه، وقد يقع الطالب في بعض الأحيان في خصومة مع زملاءه حين تشتد المنافسة، فينبغي للمدرس ألا يفرط في الثناء ولا التثريب.
8- مراجعة الطالب تعتمد على ضبط الطالب للمحفوظ السابق كماً وكيفاً، أقصد بذلك كلما قوي الضبط كلما زيد في كمية المراجعة.
ولست أرى العجلة في المراجعة مع حفظ ضعيف فلا يراجع الطالب إلا ما ضبطه حفظاً، وكثير من الطلاب الذين يأتون للتسميع ثم يُكتشف أنه لا يحسن قراءة بعض المواضع، وهو ينظر إلى المصحف.
ملاحظة:
1- الغياب الكثير للطلاّب يعتبر مشكلة للإدارة وللحلقة؛ لأن كثرة الغياب يقطع على المدرس متابعة الطالب، ويُضعف صلة الطالب بالحلقة، ومن كان ُمكثر للغياب على قسمين:
- إما أنه ليس من أهل الحلق أصلاً لكن دعته نفسه للخير فاستجاب لذلك، وقد تضعف نفسه فيبتعد كثيراً، ويطيل الغياب، فهذا ينبغي أن يُتلطف معه، ويُدعى بالتي هي أحسن، ويرغب في الحلق، ويشجع على ذلك.
- وإما أنه من أهل الحلق لكنه مفرط، وهذا هو الأغلب فهذا لا ينبغي التساهل معه؛ لأنه سوف يأخذ وقت الحلقة بدون فائدة، وغيره أولى منه.
هذا والله أسأل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
ـــــــــــــــ ــ
بتصرف يسير