أمثلةٌ للفوضوية عند بعض طلبة العلم ، وإنما أَخُص طلبة العلم لأنهم قُدْوَةُ الناس ، الفوضوية أنواع :
فوضويةٌ في أداء الفرائض : فمن الفوضوية إعتياد بعض الناس أن تفوته ركعةٌ أو ركعتان ، بل إن بعض الناس أصبح فوات فرض أو فرضين له عادةٌ مُسْتَدِيْمَة ، بل إن بعضهم لا يتوضأ إلا قُبَيْل الإقامة ، هذا من الجهل ، هذا لا يليق بآحاد الناس فضلاً عن صالحي الناس ، فضلاً عن طلبة العلم يعني قُصُور واضح ، لو أن الإنسان فَتَحَ إرشيفهُ اليومي يَسْتَحي من ربه .
فوضوية في النوم : من أعظم الأسباب في ضياع الأوقات هذا الأمر ، ضياعٌ للأوقات ، وتَراكمٌ في الأشغال ، وسَقَمٌ في الأبدان ، وتأخرٌ عن خيرٍ عظيم يفوته ، بعض طلبة العلم تارةً تراه نائمًا وقت الضحى ، وتارةً بعد الظهر ، وتارةً بعد العصر ، وتارةً بعد المغرب ، تتعجب تجد في كُلِ أرضٍ له نبتةٌ عفنة ، ضياع أوقات ، تراكم أشغال ، إهمال لِمَصالح ، لا مُبَالاَة بالأضرار . وأنا أنصح نفسي وإياكم : كُنْ في المُحافظة على وقتك أبخل من البخيل في إمساك ماله ، وكُنْ في تعليم العلم أكرم من الكريم في بذل ماله .
فوضوية في قضاء الحوائج : قضاء الحوائج عند بعض الناس يجعله حجر عثرة ، ويجعله عقبةً كَؤود ، أيها الأكارم ، يا طلبة العلم ، فينا من هو أكثر أشغالاً من كثيرٍ منا ومع هذا يتوفر له أوقات أكثر من أقلنا أشغالاً ، إذاً المسألة ليست كثرة فحسب ، المسألة في الترتيب ، في إجتناب أمر الفوضوية .
فوضوية في الزيارات : بعض الفُضلاء لا يترك أصحابًا له يراهم يوميًا ، بل والعجب أنه يراه في المَدْرَسَة ، أو في مكان عمله ، ويراه بعد العصر ، ويجتمعون في الليل ، بل أن بعضهم يقول : نجتمع في اليوم ثلاث مرات في الغالب . عجبًا ثلاث مرات في اليوم تجتمعون ! أنا أسألك : ماذا سيترتب على هذا الإجتماع ؟ لا أسألك عما سيكون فيه ، لكن أليس لهم بيوت ؟ إن كانوا متزوجين أليس لهم زوجات وأولاد ؟ إن كانوا غير متزوجين أليس لهم أُمهات وأباء ؟ أليس لهم إخوة وأخوات ؟ أين حُقوق البيت ؟ أين حُقوق الوالدين ؟ ثم يقول بعضهم : لم أُوَفَق في طلب العلم .
فوضوية في صلة الأرحام : طالب العلم أولى الناس بأن يكون واصلاً لرحمه حتى ولو قطعوه ، العجب أننا نقرأ فضل صلة الرحم ، ونقرأ تعظيم شأن قطيعة الرحم ووالله لو لم يكن في تعظيم شأن قطيعة الرحم إلا ما قاله الله - تبارك وتعالى - في سورة محمد (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ، يكفي أنه قرن قطيعة الرحم بالفساد في الأرض ، قد يقول بعض الناس : أنا أذهب إلى شخص من رحمي وقرابتي وهو يقطعني ؟ يُقال : ذهابك له قُرْبَةٌ إلى الرحمن ، ومعصيةٌ للشيطان ، وتأليف لقلوب القرابة والإخوان .
فوضوية في المواعيد : مدح الله أنبياءه - إذا مدح الله نبيًا بِخَصْلَة فهي لجميع الأنبياء ، وإذا نَزَهَ الله نبيًا عن خَصْلَة فهي لجميع الأنبياء - (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ) ، صِدْقُ الوعد ، كانوا في الجاهلية كما ذكر الذهبي في كتاب ((تجريد أسماء الصحابة)) يقول : كان الرجل فينا - أي في الجاهلية - يُحب أن يموت عَطَشًا ولا أن يكون مِخْلاَفًا للوعد . إخلاف الوعد مذموم شرعًا ، وعقلاً ، وطَبْعًا .
فوضوية في الترويح عن النفوس : بعض طلبة العلم يجعل أصل وقته الترويح والعلم عَرَض ، وكان الأصل أن يعكس فيجعل أصل وقته الجد والطلب والترويح عَرَض ، ديننا فيه ترويح ، فيه فسحة لكن المُصيبة أن بعض الناس يجعل وقته في الأصل للترويح ، والعَرَض والقِلَة للجدية والإهتمام بالعلم ولا شك أن هذا من التناقض .
فوضوية في طلب العلم : وأخرتها لأهميتها ، وأُمورها كثيرة ، وشُعَبُها كثيرة :
الفوضوية في حضور الدروس : ولها صورٌ كثيرة من صورها أن بعض الناس إذا لم يفهم شيئًا في أول درسٍ يحضره أصابه إحباط ، وترك الدرس ولم يحضر .
من الفوضوية أيضًا : كثرة التنقل من درسٍ إلى آخر بلا ظابطٍ مُعين بل بعشوائية وطمعًا في التحصيل والتعجل في التحصيل بدون ظوابط فيما يتطلبه الدرس من تحضيرٍ مُسبق ، ومن مُراجعةٍ مُلْحَقَة .
أيضًا من الفوضوية : أن بعض طلبة العلم يُحاكي بعض أصحابه فإذا حضر صاحبه الدرس حضر معه ، وإن غاب صاحبه عن الدرس غاب معه .
أيضًا من الفوضوية : يجعل بعضهم الدرس عَرَضًا والأشغال والترويح أصلاً فإذا قلت له : اليوم درس . قال : عندي رحلة ، عندي مُخَيَم ، عندي زيارة .
أيضًا من الفوضوية : كثرة التغيب والتساهل في الحضور ، يحضر خمسة دروس ثم يتعامل بالربا في الغياب فيغب عشرة ، ثم يحضر درسين فيغيب أربعة .
من شريط للشيخ / عبدالعزيز بن محمد السدحان - حفظه الله -
بعنوان
طالب العلم والفوضوية
مع بعض التصرف