المنتفعون وذوبان الشخصية وراء الاحتفال بعيد الحب
المنتفعون وذوبان الشخصية وراء الاحتفال بعيد الحب
الاحتفال بيوم الحب شجعه التجار والمنتفعون، حقيقة أثبتتها الاستطلاعات، و دلت عليها الدراسات التي أجريت سابقا في بعض البلاد، ونشر بعضها في موقع لها أون لاين، وفي جانب هذا التحقيق الروابط التي تنقلك للتوسع والوقوف على معرفة هذه الحقائق.
واليوم نقف على حقائق إضافية تؤكد فعلا أن من ينتفع بهذا الاحتفال هم أصحاب المحال التجارية، أو مصنعو الهدايا لهذه المناسبة.
ففي استطلاع لبعض أراء أصحاب المحلات في مصر، أكد جميعهم أن الركود يصيب المعارض والمحلات، وأن الذي ينشط البيع هو الاحتفال بهذه الأعياد، كعيد الحب أو عيد الأم، أو عيد الربيع أو شم النسيم، وبعض التجار لا يحتفل بها، ولكن يتمنى أن تزيد هذه الأعياد لتزيد حركة الشراء، وتنتعش جيوب التجار، ولو بالبدع أو المنكرات، فلماذا لا يستيقظ المسلمون لهذه الحقائق ولا يحتفلون بهذه الأعياد البدعية التي لم يشرعها الإسلام، بل هي مستمدة من تقليد بعض الدول الغربية، أو من ضعف أبناء وشباب العالم الإسلامي المفتون بثقافة الغرب، أو عدم الشعور بالانتماء، أو تعرض الشخصية المسلمة لمخططات تعمل على فقدان الهوية، ومحاولة ذوبانها في ثقافة القوى المتقدمة ماديا.
الحب ين التقليد والعقيدة
عيد الحب أو الـ"فالنتاين" مناسبة يتجمع عندها الكثير من الشباب المغرر بهم والذين لا يدرون عن دينهم شيئا، حتى أصبحت هذه المناسبة عندهم في الاحتفال أهم من الاحتفال بمناسباتهم الدينية، ولم تكن عندهم أي دراية بطبيعة هذا العيد أوجذوره، ورغم ذلك يقوم هؤلاء الشباب وغير الشباب ممن يحتفلون بتبادل الهدايا والورود مرتدين الملابس الحمراء على غرار المجتمعات الغربية التي تأخذ من هذا العيد تقليدا يجتمعون فيه على العلاقات الجنسية غير الشرعية، نرصد من خلال هذا التحقيق احتفال بعض المسلمين بما يسميه البعض عيد الحب وهل هو تقليد أم عقيدة وآراء أهل الاختصاص حول هذا الموضوع.
في البداية تقول سارة يوسف طالبة بإحدى الجامعات الخاصة: "أنا أحتفل بعيد الحب منذ خمس سنوات عندما كنت في المرحلة الثانوية من التعليم، واحتفالنا بالعيد من خلال الأصدقاء وغالبا ما يكون هذا الاحتفال بإحدى الكافيهات وسط الناس ". وأضافت، أن الاحتفال بعيد الحب مناسبة طيبة لكل الأصدقاء أن يعبر كل واحد منا عن مشاعره وينقي ما بداخلة تجاه الآخر، وإذا كان بعضنا يحمل مشاعر طيبة تجاه الأخر فليصارحه بهذه المشاعر في هذا اليوم دون مؤاخذة.
ولفتت، إلى أنها وباقي أصدقائها ينظرون لهذا العيد على أنه تقليد سنوي وفرصة يعبرون فيها عن مشاعرهم تجاه الآخرين، مشيرة إلى أن البعض يتخيل أن هذا العيد جعل للعشاق فقط، فهذا العيد جعل للمتحابين بشكل عام حتى وإن كانا صديقين أو صديقتين معا. وأنهت كلامها، بأنها كل عام في نفس هذا اليوم تجد منتقدين للعيد وفتاوى بعدم جواز الاحتفال به، متسائلة، هل الإسلام يحرم العلاقات القائمة على الحب بين المسلمين وبعضهم البعض؟
تقول شيماء نصر الدين (محامية): ندري أن الاحتفال بهذا العيد غير جائز شرعا ولكننا نفاجئ كل عام بأعداد المحتفلين، فعلى قدر أن بعضهم يعرف حرمة الاحتفال إلا أنه يمارس الطقوس الاحتفالية كل عام.
وحول أشكال الاحتفال تقول شيماء، نتبادل الورود والهدايا إذا كان هناك خطيبان، كما يكون فرصة بين المتحابين للتصريح بحب بعضهما البعض ومن ثم إعلان الخطبة.
وتضيف، بعض الفتيات تقوم بارتداء ملابس حمراء كرمز للحب، وبعضهن يكتفي بالتهنئة من خلال رسائل الجوال أو مكالمة هاتفية تعبر فيها عن حبها.
تقول سمية سعيد (مدرسة): "إنها تعتزل كافة أشكال الاحتفال بهذا اليوم لأنها مخالف للشرع وليس من الإسلام في شيء".
وأضافت، من الأشكال المرفوضة في الاحتفال بهذا اليوم احتضان مؤسسات الدولة لهذا اليوم، وكأنة أصبح عيدا فلم يبق غير أنها تحدده عيدا رسميا للدولة.
واستنكرت الاحتفالات التي يعلن عنها في هذا اليوم، مؤكدة أهمية أن يعلن المسلم البرأ من هذه الاحتفالات صراحة بين أصدقائه ومحبيه حتى يعود هؤلاء المحتفلون إلى رشدهم الذين أصبح عندهم الاحتفال عقيدة لا يزحزحها نصائح العلماء.
ويقول الدكتور سيد عرام العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر: "إن هذا المسمى عيدا للحب إنما من المستحدثات في الدين، ولم يرد به نص في الشرع وإنما نص الشرع على عيدين للأمة الفطر والأضحى كما جاء في سيرة الحبيب صلى الله علية وسلم".
وأضاف، أن هذا الاحتفال يأتي في باب خداع الناس خاصة وأنه لا يوجد دليل في الدين عليه.
وأشار أن المحتفلين بهذه المناسبة ينطبق عليهم الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها "من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد" أي مردود عليه وهذا الاحتفال من المستحدث في الدين والبدعة التي يجب محاربتها.
وأكدعلى حرمة الاحتفال بهذه المناسبة التي يرتكب فيها البعض مخالفات شرعية، فضلا أن الاحتفال بهذا اليوم تقليد لاحتفال النصارى والرومان قديما بهذا اليوم، فاسم فالنتاين قسيس يعظمه النصارى.
وأنهى كلامه متسائلا، كيف نقيم عيدا نخالف فيه شرع الله بدعوى الحب الذي حثنا الإسلام عليه ووضع ضوابط له، فإلاسلام من أكثر الأديان التي تحث الناس على التحابي لله وفي الله.
ذوبان الشخصية العربية:
ما يثير الاستهجان أن الفالنتين أو ما يعرف "عيد الحب" لم يعد حكراً على البلاد الأوروبية والغربية، فقد امتد إلى العالمين العربي والإسلامي وما إن يطل شهر فبراير برأسه حتى تجد العالم بأكمله يستعد لاستقبال يوم الحب بالورود الحمراء التي تتناثر في الطرقات، ومع الباعة المتجولين وبالهدايا التي لا يبتعد لونها أيضاً عن الأحمر، وبالملابس التي تزين واجهات المحلات التجارية ، حيث يجمعها اللون الأحمر غير آبهين بالروايات التي صاحبت هذا اليوم، فقط يلهثون وراء الحضارة الغربية ويقلدونها بكل تفاصيلها الغث منها قبل الثمين والتي لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع شريعتنا الإسلامية ومعتقداتنا الدينية.
ووفقاً لـ د. فضل أبو هين – أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى، ورئيس مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات- فإن انجرار الشباب العربي والإسلامي وراء تقليد الغرب في أعيادهم ومناسباتهم؛ إنما هو نتيجة ذوبان وضياع الشخصية العربية ومحاولتها إيجاد نمط آخر من الشخصية بالتوحد بالشخصية الأجنبية، لافتاً إلى أن الدين الإسلامي كان واضحاً وصريحاً في تحديد أعياد المسلمين فالرسول صلى الله عليه وسلم أكد على أن المسلم له عيدان هما "عيد الفطر وعيد الأضحى" وما دون ذلك يمثل انسلاخ الشخصية العربية عن جذورها الثقافية والدينية وتوحدها مع الشخصية الأجنبية وبريق الغرب ما يفسر رغبة الشباب العربي إلى الهجرة إلى الغرب الذي هو مطلبه ومطمحه.
وأضاف د. أبو هين أن انجذاب الشباب العربي إلى تلك المناسبات والاهتمام بها يدلل على افتقارهم للاستقرار الأسري والاجتماعي وحضن الأسرة الذي يجب أن يستوعبهم ويحتويهم بكل تناقضاتهم.
ويشير د. نسيم ياسين أمين سر رابطة علماء فلسطين إلى أن إقبال الشباب المسلم على الاحتفال بما يسمى عيد الحب إنما هوتقليد رآه بعض الهوائيين حسناً، ويلبي شهواتهم ورغباتهم؛ نظراً لبعدهم عن الدين.
وأضاف أنهم لو كانوا ملتزمين بدينهم لما فعلوا مثل هذه الاحتفالات، ولكانوا أكثراً التزاماً بأمر الله وبأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي بيّن أن ليس للمسلمين إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، وما دونه ليس بعيد، ولا يجوز أن نتخذه عيداً؛ لأن العيد شيء من الدين، وأشار أن تلك الأعياد مبتدعة.
ولو بحثنا عن أصلها لوجدنا أنها جاءت من النصارى الضالين الذين ابتدعوا أعياد الميلاد وابتدعوا من قبلها عبادة المسيح، وأشار إلى أنها منبوذة في قول لا بارك الله في أمة كثرت أعيادها.
مشدداً أن كثرة الأعياد ليس من الدين في شيء، وإنما هي دلالة عن انحراف عن الدين.
وأضاف أنها مجرد رغبات شهوانية هوائية عند كثير من الناس الذين يقلدون النصارى.
واستكمل أن تقليد النصارى من الأمور المحرمة، وإنما تصل إلى الشرك التي ينبغي على المسلمين تجنبه.
ونصح د. ياسين من يقوموا بتلك الاحتفالات وتقليد الغرب تقليداً أعمى أن يتجهوا إلى دينهم وقراءته قراءة واعية صحيحة؛ حتى يمكنهم التعامل مع الواقع والتمسك بكل ما يؤيده الدين والابتعاد عن كل ما يعارضه ويحاربه الدين عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
الهدية وإسعاد النساء:
ورداً عمن يقول أنه في هذا اليوم يهدي زوجته أو أخته أو صديقه! فيؤكد د. ياسين أنه ليس بالضرورة أن يهديه في مثل هذا اليوم، فأيام العام أمامه جميعها.
مشيراً إلى أن من يحب أحداً أمه أو أخته أو زوجته أو صديقه لا يحبهم فقط في يوم واحد من العام، ومن ثمَّ يكن لهم البغضاء والكره، متسائلاً عن قيمة تلك الهدية في ذلك اليوم أمام الهجران أو الانحراف أو البغض الذي يحدث على مدار العام، ويجيب "بالطبع لا تساوي شيئاً ولن تزيل تلك المشاعر"، داعياً إلى الالتزام بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهدي الإسلام وأن نعتبر كل أيام العام بالنسبة لأمهاتنا وأزواجنا وبيوتنا أياما طيبة، وأن ندخر فيها وقتاً للتعامل مع أهلنا بخير وحب ومودة ولا نغضبهم عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
عيد الحب اعترض عليه النصارى:
مالا يعرفه الكثير أن عيد الحب الذي يحتفل به بعض دول العالم كل عام بما فيها بعض الدول العربية والإسلامية ثار عليه رجال الدين النصراني في العهد الروماني، واعتبروا أن من مضاره مفسدة للشباب والشابات ولأخلاقياتهم، وتم بالفعل إبطاله في إيطاليا؛ لأنهم يعتبرونها مدينة مقدسة، وبعض الدول بعد قرون عديدة عاودوا الاحتفال به دون أي اعتبار لقيمنا وديننا.
حتى فالنتين الذي يعتقد الكثير أنه من أنصار الحب تؤكد الحقائق التاريخية أنه مات من أجل الدفاع عن النصرانية لا الدفاع عن الحب على يد الإمبراطور الروماني الوثني بعدما حاول إقناعه بترك النصرانية واعتناق الوثنية، وعندما دخل الرومان في النصرانية احتفلوا بيوم إعدامه الموافق للرابع عشر من فبراير و الذي يوافق عيد الوثنيين الذي يقدمون فيه القرابين، لأوثانهم وبدأ هذا العيد ينحو في اتجاهات أخرى بعدما بدأ البعض في بيع الأزهار الحمراء في هذا اليوم ثم كتابة العبارات الغرامية على البطاقات وبيعها، والمتأمل في تطور هذا العيد من عيد نصراني وثني، إلى عيد للحب يجده تطور على يد تجار الزهور الحمراء، والبطاقات الغرامية لينتشر في أنحاء العالم، وينشر معه مفاسده وسلبياته و أساطيره المزعومة خاصة في مجتمع بدأت شخصيته في الذوبان، وأصبح مجرد تابع لذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي يدرك أنه سيأتي يوم يصبح المسلمون فيه مجرد تابعين (لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)
سميرة دراج أخصائية نفسية بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة قالت:"إن كثيرا من المشاكل النفسية لدى النساء مشاكل بسبب العاطفة لعدم التوازن والفهم الصحيح لمعاني الحب في الحياة العملية، وما يحصل في ذلك اليوم من طقوس لا تمت لديننا و لقيمنا وعادتنا وتقاليدنا بأي صلة مبهرة من الخارج خاوية من الداخل، ولكنها أفقدتنا توازننا العاطفي و أصبحت ظاهرة تهدد هويتنا الإسلامية ونفسية مجتمعاتنا، وجعلتنا متناسيين أن ديننا دين الحب و مبني على الحب ويدعونا للحب في كل وقت.
فهو الدين الذي يدعو للسلام والتسامح والتعاضد على مر الأيام والأعوام فلم يجعل يوما للحب، بل الحب في الإسلام في كل يوم ولحظة، وهو الدين الذي دلنا على تكريس معنى الحب بين الناس ألم يقل رسول الله عليه الصلاة والسلام:"تهادوا تحابوا ألم يقل عليه الصلاة والسلام (إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه) فأيامنا كلها أيام حب نجدد فيها كل مشاعر الحب عندما تتبدد أو يصيبها الخمول ونسعى دائماً لنشر الحب فيما بيننا،فليس عندنا يوم محدد أو وقت معين حتى نكبت الحب طوال السنة ونفجره في ذلك اليوم.
والأكثر أن الإسلام جعل الرابط بين الناس والأحباء المودة والرحمة والتي هي أقوى في معناها من الحب، فالقلوب تتغير والحب يتبدل، أما المودة والرحمة متى وجدت أصبحت المودة خصلة والرحمة عادة من العادات لا يتخلى عنها (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )..
كذلك أولى الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة جل اهتمامه، وجعل الرابط بينهما ميثاقا غليظا حتى لا يقدم عليه الرجل أو المرأة إلا بعد قناعته بالطرف الآخر ورغبته في أن يشاركه حياته بكل حب وتقدير للحياة الزوجية الكريمة، والتي فيها يتبادلا مشاعر الحب بخصوصية مما يزيدها جمالا وروعة.له
وأضافت فوزية علاجي من الناحية الاجتماعية عيد الحب يسبب الكثير من المشكلات لدى الأسر، فكثير من الأزواج لا يعترفون بعيد الحب ولا يعتبرونه ذا أهمية، بينما تصر الزوجات على الاحتفال به، وتعتبر عدم تقديم هدية من زوجها في هذا اليوم أو عدم تعبيره عن الحب دليل على إهماله أو عدم حبه لها، كذلك هذا اليوم يولد لدى النساء نوع من الغيرة من الأخريات اللاتي يحتفلن به! و تبدأ المقارنة بين زوجها وبين الآخرين. أيضا وجدت أن من مكامن الخلاف لدى بعض الأسر الخلاف على حله أو تحريمه والذي يكون مثار جدل لدى الكثير.
وقالت علاجي: أليس من الواجب علينا مراعاة مشاعر النساء الغير متزوجات واللاتي لم يكتب لهن نصيب في الحب والزواج، لماذا نشعر جزء من مجتمعنا بالنقص والحرمان لمجرد أننا نتبع أهواءنا يكفي أننا سنكون سببا في تبادل كلمات الحب والهدايا في إطار غير شرعي.
وأعتقد أن من الواجب علينا توضيح حقيقة هذا العيد خاصة للمراهقين والشباب المنجرف وراء التقليد، وتذكيرهم بمخاطر الانقياد وراء غير المسلمين وتقليدهم تقليدا أعمى فيما لا يتناسب معنا، ومع تقاليدنا و مع ديننا،وهي فرصة لتوعيتهم بأهمية الحفاظ على هويتهم و تدريبهم على التفكير باستقلالية والتمييز بين الخير والشر وبين التقليد النافع والتقليد الهادم.
منقول