المرأة الداعية وإدارة الذات

المرأة الداعية وإدارة الذات



فاطمة عبد الرءوف



لأنك قررت أن تعملي في أعظم مهنة عرفتها البشرية ألا وهي مهنة الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم الدعوة إلى الله وهداية الحيارى والتائهين إلى طريقه سبحانه وتعالى فلابد إذن أن تكوني صاحبة همة عالية حتى يتحقق حلمك لواقع تعيشيه وتضيئي الطريق لغيرك حتى يعايشه، هذه الهمة التي ستجعلك تديرين وتخططين وتنظمين لحياتك حتى تستطيعي القيام بتلك المهمة التي تتوقين لها.. باختصار أنت بحاجة لإدارة جيدة للذات والوقت والحياة من حولك وحتى يتسنى لك ذلك فأنت بحاجة لعدد من الأمور :

الإخلاص

إذا كان المسلم مطالب في حياته كلها بإخلاص نيته لله سبحانه وتعالى فأنت في أمس الحاجة لاستحضار النية في كل عمل حتى لو كان صغيرا وذلك لأمور :

الأول: أنك داعية بمعنى أن حياتك كلها لله ولابد أن تذكري نفسك بهذا الأمر في كل لحظة حتى لا تجدين نفسك وقد انحرف بك الطريق رويدا رويدا وتحولت العبادات لعادات بدلا من أن يكون العكس هو الأصل.

الثاني: أن الشيطان يتربص بك بطريقة مختلفة فهو ربما لا يوسوس لك لارتكاب المعاصي بالقدر الذي يدعوك فيه للإعجاب بعملك وجهدك وتفانيك في الوقت الذي قعد فيه الرجال فيصيبك في مقتل.

الثالث: أنك بحاجة للتيسير والبركة حتى تستطيعي تحقيق أهدافك وأعمالك الكثيرة التي يندهش الآخرون من كيفية اشتمال يومك عليها والتي لا يستطيع الآخرون تحقيق ولو نصفها فكيف تحدث البركة في الوقت والجهد وكيف يواتيك التوفيق دون إخلاص ودون استحضار للنية ودون دعاء ودون توكل.

إدارة الوقت

ليس هناك من هو أكثر منك حاجة لإدارة وقته الثمين فأنت تطمحين أن تكوني أمة كما كان إبراهيم صلوات ربي وسلامي عليه، أنت تطمحين كفرد أن تقومي بعمل يتجاوز حدودك كفرد ويكون خطوة قوية وعفية في نهضة أمتك لذلك أنت بحاجة لساعة كل يوم تحاسبين فيها نفسك وتراجعين يومك وترتبين فيها حياتك ووقتك وترتبين فيها أولوياتك ..وإلا ستجدين أنك تعملين وتعملين بشكل عشوائي لا يحقق الهدف .

ومن الأمور التي تعينك على إدارة وقتك:

ـ تخصيص دفتر لكتابة أهدافك عموما وأهدافك الدعوية ولا تعارض بينهما فجميع أهدافك العامة تصب في النهاية في خدمة الدعوة كإجادتك للإنجليزية أو تعلمك لبعض برامج الكمبيوتر أو تفوقك الدراسي أو حتى شرائك أثاث جديد لمنزلك بنية تقديم صورة مشرقة لحياة الداعيات.

ـ وضع كل هدف وفق لترتيب الأوليات ويقدم في هذا فرض العين على فرض الكفاية والهدف الذي يحقق نفع أكبر ويفيد شريحة أوسع ويقدم الهدف الذي يقدم نقلة نوعية عن غيره وهكذا أنت أدرى بظروفك وظروف المكان الذي تتحركين فيه.

ـ وضع مدى زمني لتحقيق الأهداف الجزئية، ووضع جدول زمني للأوقات المتاحة لتحقيق أهدافك على سبيل المثال تحديد وقت محدد لتلقي الاتصالات الهاتفية من المدعوات أو إجرائها مثلا من العصر للمغرب في غير هذه الأوقات يمكنك تشغيل جهاز الرد الآلي لأن هناك أمور أخرى مهمة تقومين بها.. بيتك وأولادك وطلبك للعلم و..و..

البيت والدعوة

أيتها الداعية الناجحة بيتك على رأس أولوياتك وأهدافك الدعوية والداعية التي تضيع بيتها فهي لما سواه أكثر ضياعا ولا يمكن أن تكون مخلصة إخلاصا حقيقيا وهي تهمل بيتها وزوجها وأطفالها وتسعى للدعوة في الخارج والأمر ليس صعبا إذا كان الإخلاص متوفرا والاستعانة قائمة وإدارة الوقت ناجحة .

ـ لابد أن يكون بيتك نظيفا طاهرا منظما فتحددين كل يوم ساعة للتنظيف والتطهير وساعة للتنظيم والترتيب وانظري لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها كانت النساء يرتدن بيتها يسألنها عن أمور الدين وكان بيتها جميلا ( أمر أكثر من مجرد النظافة) بما تيسر لها من أمور فها هي تضع ستائر جميلة تزين البيت ولكن هذه الستائر كان بها صور فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الصور ورفض أن يدخل البيت فما كان من أم المؤمنين أن قصتها بطريقة جعلت الصور غير واضحة أو محددة وجعلتها وسائد صغيرة أنيقة تصلح للاتكاء عليها فهي حريصة على زينة بيتها البسيط بالستائر وبالوسائد وأنت أيتها الداعية لابد أن تقول كل من تدخل بيتك يا لرائحة منزلها الزكية ويا للمساتها الجميلة حقا الدين يحول حياة صاحبه لجنة.

أما إن قالت الزائرات نحن أفضل حالا من هؤلاء الداعيات المهملات فأنت أصبحت سببا في تنفير الناس من الدين بدلا من جذبهم إليه .

ـ البيت لا يعني الأثاث والجدران بل يعني بالأساس البشر الذين يعيشون فيه أنت وأطفالك وزوجك وربما والد زوجك أو والدته وأنت مسئولة عن الجميع.

أبناؤك عنوان دعوتك ورسالة متحركة وسط الناس وهم مجال دعوتك الأول فلا تبخلي عليهم بأطيب الوقت وأعلى الجهد .

رضاء زوجك بوابتك الكبرى للجنة فاحرصي على أن تكون هذه البوابة مفتوحة على مصراعيها وبقدر إسعادك له بقدر ما سيتغاضى عن الهفوات ويمنحك مزيدًا من حرية الحركة والدعوة.

أقاربك وأقارب زوجك وأبنائهم مجالات خصبة للدعوة في مجالك الطبيعي بحكم الاحتكاك فلا تهملي هذا المجال.

وأخيرا تذكري أن الكمال لله وحده ولن تستطيعي مهما بذلت من جهد أن تصلي إليه فسددي وقاربي وسيري على الطريق بخطوات ثابتة وهادئة فإن خير الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.