من المسؤول عنه؟ انفلات الشباب الأخلاقي

من المسؤول عنه؟ انفلات الشباب الأخلاقي

تحقيق: نشوة صالح






ما الذي يدفع بشباب الأمة العربية والإسلامية نحو الانفلات الأخلاقي؟ وكيف نعود بشبابنا إلى القيم الخلقية التي استمدتها الأمة العربية من إسلامها وعاداتها وتقاليدها؟ وما هي الآليات التي يمكن أن تتبع لحماية شبابنا من الانحراف الخلقي؟

تلك الأسئلة طرحتها «الوعي الإسلامي» على عدد من الشباب والفتيات ومتخصصين في مختلف المجالات، التربوية والاجتماعية والنفسية والقانونية والدينية، وقد أجمعوا كلهم على ضرورة حماية شباب الأمة من الجوانب غير الأخلاقية التي تحاول الدول الأجنبية بثها في نفوس أبنائنا، والتفاصيل في تلك السطور:


كان أول من التقيناه محمد أغا (طالب ثانوي)، قال إن أصدقاء السوء يلعبون دورا كبيرا في جنوح بعض الشباب المراهق نحو الانفلات الأخلاقي، لافتا إلى أنه كشاب يبتعد تلقائيا عن زمرة الشباب الذين لا يهمهم مستقبلهم ويتجهون إلى معاكسة الفتيات. وترى سماء أحمد (طالبة جامعية) أن غياب رقابة الأسرة عن الأبناء يلعب دورا مهما في تفشي الجوانب غير الأخلاقية في نفوس الأبناء، موضحة أن رقابة الأهل إذا كانت قوية سيعلم الشاب أو الفتاة أن هناك حسابا في حالة ارتكاب أي خطأ أخلاقي.

يقول محمود مؤمن (طالب جامعي) إن الانفلات الأخلاقي بين شباب الجامعات حدث ولا حرج، مستغربا أن الشاب الملتزم في هذا العصر مع شديد الأسف ينظر إليه على أنه عقلية رجعية، موضحا أن عصر الفضائيات ساهم في تفشي فساد الأخلاق بين الشباب.

ويرى فاضل عبدالرحمن (طالب جامعي) أن هناك الكثير من الشباب الملتزم والحمد لله في المجتمعات العربية، لكن المشكلة أن الشاب غير الملتزم بالأخلاق يسعى دائما لإفساد أخلاقيات الشباب الملتزمين بشتى الطرق، إما عن طريق جر الشباب للتعرف على الفتيات أو الإدمان أو إلى مشاهدة مواقع إباحية.

من جانبه، يقول رئيس حقوق الإنسان الإسلامية العالمية ورئيس المدرسة الأكاديمية العالمية المحامي مبارك المطوع، إن هناك الكثير من الشباب المسلم الملتزم والمحافظ على دينه ولله الحمد، لكن في المقابل هناك شباب بالفعل انحرف عن السلوكيات الإيجابية، وانخرط في سلوكيات غير أخلاقية متنوعة يصعب حصرها.

وأشار المطوع إلى أن القانون في حد ذاته ليس عقبة في التزام الشباب بالأخلاق من عدمه، لأن القوانين موجودة وتجرم أي فعل يرتكبه الشاب، لكن المشكلة الأساسية تكمن في الانحراف الخلقي واتباع الشباب الهوى.

وأوضح المطوع أنه، كصاحب مدرسة، يطالب بضرورة عودة الجوانب التربوية في المدارس بحيث تساهم المناهج في تغذية عقول الشباب تربويا، مؤكدا أن العلم وحده لا يكفي، ولهذا يجب أن يتسلح شباب الأمة بالعلم والأخلاق في آن واحد.

ويؤكد الخبير في العلوم الاجتماعية د. محمد العجمي أن من أسباب تفشي الأخلاق السلبية في الأبناء زيادة معدلات الطلاق في المجتمعات العربية؛ نظرا لأن الأبناء الذين يعانون من انفصال الأب عن الأم يستسهلون السير في الطرق غير المستقيمة، مما يدفع بهم نحو الانفلات الأخلاقي بكل أنواعه، ملمحا إلى أن هذه الشريحة من الأبناء لا تدمر نفسها خلقيا فقط، بل تساهم في تدمير كل الشباب من حولها.

وطالب د. العجمي بضرورة تماسك الأسر بشتى الطرق، وأن يفكر الآباء والأمهات الذين يعيشون حياة مزعزعة في مصير الأبناء قبل أن يفكروا في الانفصال. ولفت إلى أن غياب دور مؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي عن حل مشاكل الشباب، أصبح من الأسباب المؤدية إلى انتشار الجوانب غير الأخلاقية للشباب العربي، مشيرا إلى أن تلك المؤسسات كان ينبغي عليها أن تكثف جهودها لمناقشة قضايا الشباب، خصوصا في عصر طغيان تكنولوجيا المعلومات التي يستخدمها كثير من شبابنا في الجوانب غير الأخلاقية.

وطالب د. العجمي بتوحيد جهود كل الجهات والمؤسسات المعنية بحماية الشباب في مجتمعات العالم العربي. ويرى أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون أن الشباب العربي يعاني الإحباط، موضحا أن المجتمعات الفقيرة في عالمنا العربي تعاني كثيرا من جملة مشاكل، مما يدفع الشباب الذي لا يستطيع الزواج أن ينحرف خلقيا ويبحث عن شهوته الجنسية بكل الطرق، لافتا إلى أن الكبت الجنسي يدفع الشباب والفتيات نحو الانحراف الخلقي بشتى طرقه.

ويرى د. البارون أن المجتمعات الخليجية الميسورة ماديا يعاني شبابها كذلك من جملة مشاكل تدفع بهم نحو الانحراف الخلقي، حيث إن حياة الرفاهية يتم استغلالها بصورة سلبية عندما تغيب القيم النبيلة، مشددا على أهمية أن تهتم الأسرة العربية بشكل عام بتصحيح أخلاقيات شبابها، موضحا أن الأم يمكن أن تراقب أولادها ولكن بصورة غير مباشرة، لأن هذا العصر من الصعب فيه أن يشعر الأبناء بأنهم ملاحقون من ذويهم.

أما الخبير التربوي د. عادل البحيري فقال إن دور المدرسة يجب أن يساهم في تحصين الشباب والفتيات بالقيم الأخلاقية، لأنه ما الفائدة من التعليم بلا أخلاق، مشيرا إلى أن المدرس ينبغي أن يكون قدوة أمام تلاميذه، موضحا أن المدرس الذي يدخن سيجارة أمام تلاميذه أثناء شرح الدروس فهو بذلك يعطي الضوء الأخضر للتلاميذ كي يتجهوا نحو التدخين، مطالبا بضرورة تعديل مناهج اللغة العربية والتربية الدينية في العالم العربي، مع ضرورة إدخال مناهج جديدة تساهم في دعم القيم الخلقية الإيجابية في نفوس الأبناء، وأن يعي الأبناء جيدا العواقب الوخيمة للفساد الأخلاقي من خلال عرض تجارب واقعية لهم.

ويرى الداعية الإسلامي الشيخ صالح الغانم أن غياب الوازع الديني يلعب دورا عظيما في الفساد الأخلاقي، مطالبا الآباء والأمهات بضرورة تربية أطفالهم على القيم الإسلامية، لأن الطفل كالعجينة اللينة في يد والديه، موضحا أن الإسلام اهتم كثيرا بالأخلاق، ولنذكر هنا أن الله تعالى قال لرسوله " صلى الله عليه وسلم" : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4)، وقال الرسول " صلى الله عليه وسلم" : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

وأضاف الغانم أن الدول الأجنبية المعادية للإسلام تسعى بشتى الطرق إلى أن تهدم القيم الإسلامية في نفوس شبابنا المسلم، وتحاول تلك الدول نشر جوانبها السلوكية غير الأخلاقية في أوساط شبابنا المسلم عن طريق نشر الرذائل والفواحش عبر وسائل إعلامها أو عبر المواقع المختلفة، سائلا الله عزوجل أن يحفظ شباب الأمة من خبث الماكرين الساعين لتفتيت قيم شبابنا.

محمد أغا: أصدقاء السوء يلعبون دورا كبيرا في إفساد أخلاق الشباب

سماء أحمد: غياب الرقابة الأسرية من أسباب فساد أخلاق الشباب

محمود مؤمن: البعض ينظر إلى الشباب الملتزم على أنه عقلية رجعية


مبارك المطوع: القوانين موجودة لردع الشباب ولكن المشكلة في اتباع الهوى

د. محمد العجمي: زيادة معدلات الطلاق تساهم في تدمير الشباب خلقيا