كثرة المشاركات تفوّت المقصود من الموعظة
من الجميل أن يتصيّد الإنسان أفكاره فيكتبها كما ذكر ابن الجوزي رحمه الله ذلك عن نفسه فألف كتابه المشهور والماتع (صيد الخاطر)، ولكن من المملّ أن يكثر منها في اليوم الواحد (عدّة مرّات) فينشر كلّ ما يصل إليه أو يجول بخاطره، ولو كان هذا من باب الدعوة إلى الله؛ فإنّ كثرة وقوع العين على الشيء يقلّل من شأنه في عين الناظر، وكذلك الواعظ فإنّه سواء كان ماثلًا أمام الناس بجسده أو بكتاباته (عدّة مرّات) كلّ يوم فإنّ أغلب الناس بعد مدّةٍ لن يلتفتوا إليه أو إلى ما يكتب، ولمثل هذا أشار ابن حزم رحمه الله في كتابه الرائع (الأخلاق والسير: ص100).
وفي (البخاري: 68) و (مسلم: 2821) عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يتخولنا بالموعظة في الأيّام كراهة السآمة علينا.
يتخولنا أي: يتعهّدنا بالموعظة. (لسان العرب: 182/5).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (فتح الباري: 238/1): والمعنى كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل ذلك كلّ يومٍ لئلا نمل.
وقال الإمام النووي رحمه الله (شرح مسلم: 160/17): وفي هذا الحديث: الاقتصاد في الموعظة؛ لئلا تملها القلوب فيفوت مقصودها.
وفي (صحيح الترغيب: 2585) أنّ عبيد بن عمير رضي الله عنه قال لعائشة رضي الله عنها حين عاتبته في قلّة زيارته لها، قال لها: (زرْ غِبًّا تزدد حبًّا).
غِبًّا (لسان العرب: 5/11): غبّ الرجل إذا جاء زائرًا يومًا بعد أيّام.
ولتكن النصيحة أو الموعظة غبًّا ليبقى السامع أو القارئ مشتاقًا لها، يسمعها بقلبه قبل أذنه.
أخوكم: ماهر أبو حمزة.
رد: كثرة المشاركات تفوّت المقصود من الموعظة
أحسن الله إليكم ونفع بكم.
رد: كثرة المشاركات تفوّت المقصود من الموعظة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
أحسن الله إليكم ونفع بكم.
وإليكم أحسن الله أبا مالك، وبارك فيكم.